الـنـهـايـة

1.3K 111 43
                                    

فتح مهران عينيه مرة واحدة, كأن وعيه عاد إليه فجأة، نظر حوله فعرف أن الظلام هو ما يحيط به، لكنه كان يرى جيدا، يرى العتمة في كل شيء بلون يميل للأحمر الباهت.
وجد نفسه في غرفة فقيرة امتلأت أركانها بكتب كثيرة وأوراق لم يتبين نوعها.

هنا أحس بقيد على يديه، كل يد عليها كلّابة حديدية تخرج منها سلسلة عريضة تربطه للحائط بحلقة معدنية.

شعر بالسخرية من غباء من قيدوه، بالتأكيد لم يعرفوا حجم قوته بعد . . جذب يده ليكسر القيد ففشل، حاول بقوة أكبر وهو ينظر ليده اليمنى، فوجد هالة متغيرة الشكل تحيط بالقيد .

في الظلام رأى طلاسم كتبت على القيد تخرج إضاءة زرقاء منها، انفتح باب الغرفة ودخل شاب يحمل قنديلا مضاء بيده فتبدد الظلام، وعادمهران يرى ما حوله، نظر لقيده فوجد الهالة المحيطة بها كما هي لكن الطلاسم كتبت باللون الأحمر.

"سمعت صوت القيود تتحرك فعرفت أنك أفقت"

نظر له مهران بوجه بارد يتأمل ملامحه، هو نفسه الذي قبّل الناس يده وهم ينادون اسمه، "إسماعيل الحلاج" . . لن ينسى هذا الاسم الذي كان السبب في هزيمته بعدما عاد من القبر.

إسماعيل يقف أمامه بشاربه المنمق ولحيته الصغيرة وقد خلع عمامته فظهر شعر قليل في رأسه، نطق مهران بهدوء قائلا:

"كيف طبقت الصرع بدون تلبيس يديك بعد كتابة الطلاسم عليها"

لم يتخل إسماعيل عن ابتسامته وهو يجلس متربعا على الأرض أمام مهران، ويضع القنديل بجانبه قائلا:

"وتعرف أيضا تلبيس الكف والصرع به . . . جيد جدا، يمكنني أن أجيبك عن أسئلتك لو أجبتني أنا أيضا عما يدور بخلدي، اتفقنا؟"

لأول مرة يشعر مهران بقوة نفسية تخرج من شخص أمامه، برغم أنه رأى في المحروسة العديد ممن يمتلكون خدمات الجان أو يستخدمون السحر؛ إلا أن هذا الشاب، كان تأثيره عليه يشبه الوقوف أمام عدو يحترم قوته ويهابها.

"اتفقنا"

قالها مهران فاختفت ابتسامة إسماعيل وقال:

"هناك طرق مختلفة لإحداث الصرع، تلبيس الكف بالطلاسم إحداها فقط، والطريقة التي تعلمتها تمكنني من تلبيس كفي بمجرد القراءة عليه .. قل لي لم لا يوجد قرين لك؟"

"لم أتوقع أن يكون هذا هو سؤالك الأول، تخيلت أنك تريد معرفة كيف لم أمت"

"وأنا توقعت أن تسأل عن قيدك، لا عن طريقة تلبيس اليد"

ابتسم مهران ابتسامة صفراء وهو يقول:

"يبدو أن من هم مثلنا لا يندهشون كثيرا، ليس لي قرين لأني ولدت .. هكذا، والآن أخبرني عن استخدامك لهذه الطلاسم على قيدي، لم وضعتها؟"

"لأنني استعلمت عنك فلم أجد قرينا لأعرف أي شيء منه، و"يوسف العطار" غرس خنجره فيك فلم تتأثر كأنك لست من البشر، وفي نفس الوقت لست من الجان, وحتى لو كنت جنيا تحول لبشر ويعيش بيننا لمت من فورك, لذلك استخدمت قيدا يمكن أن يعيق البشر وطلسمته بطلاسم تعيق الجان عن الإفلات منه, أي إنني استخدمت طريقة لإضعاف البشر والجان.. وأرى أنني نجحت"

العائد  للكاتب : حسن الجنديWhere stories live. Discover now