الفصل السادس عشر..

464 21 5
                                    

كان اوس ما يزال جالسا جوار جسد اناليا الغارق في ملكوت اخر، وهو يطالعها بحدقتين تشع حبا وحزنا وقلقا، يكاد لا يصدق ان شيء كهذا قد حل بجميلته العزيزة...

تلمس جانب خدها برفق وهو يرميها بنظرات تقطر حنانا وعشقا، ثم همس وهو يضع راسه فوق وسادتها، بحيث اصبح وجهه قبيلة وجهها بينما بقيى جسده قابعا على الارض، بنبرة خافتة مغلفة بحزن شديد :

" عالمي اسود كعتمة ليلة موحشة غاب قمرها عنها، قلبي يكاد يتوقف حزنا وقلقا، اشعر انني طفلا تائها، افتحي عيناكي يا جميلتي، ارجوكي افتحيهما، افتحيهما وجعلي النور يغمر عالمي المظلم مجددا كي تعود لقلبي الحياة، فانتي شمسي وقمري، وانا دون عيناكي بلا نور او دفء..... "

خرج نشيجا متالما من جوفه حين انهى كلماته، فاغمض عيناه بقوة وكانه يمنع تساقط عبراته باستماتة, وجسده يرتجف بعنف، فتلك الراقدة على السرير تمثل له العالم باسره، ولا عالم له من دونها.....

دلفت والدته من الشرفة في ذالك الحين، فوجدته على تلك الحالة، يغمض عيناه بقوة وجسده يرتجف، فتقربت منه ببطء ووضعت كفها فوق كتفه برفق، وقالت بعدها بنبرة حنونة :

" لا باس يا عزيزي ستكون بخير.. "

فتح حدقتيه المحمرتين لشدة كتمه لدموعه، ثم رفع نظراته القلقة نحوها وهو يسءلها بنبرة متلجلجة شجنة :

" وان لم تكن ؟؟ "

مسحت على راسه بذات حنانها ثم قالت بتشجيع :

" بل ستكون.. اناليا قوية وان كانت تحبك كما تفعل انت.. فستكن بخير لاجل حبكما.... "

غمر الامل قلبه التائه مجددا حين سمع جملة والدته، مما جعله يستقيم واقفا وهو يمسح وجهه بتعب، ثم قبل جبين اناليا وفعل المثل مع والدته وهو يهمس بتمني :

" اتمنى ان يحدث هذا يا امي.. "

__________

كانت غزل تتقدم نحو جناح الاميرة وهي تبتسم بضفر، بينما ترمق كوب العصير بمكر، فهذا الكوب الصغير وبفضل تعويذتها الخبيثة، قد اصبح يحمل بين طياته نبء الموت لتلك الملكة اللعينة التي قد كان لها يد في مقتل قمر، سواءا بشكل او غيره....

اخفت ابتسامتها سريعا ما ان اصبحت امام باب الجناح، ثم عاودت رسم ابتسامة أخرى فوق ثغرها، ابتسامة مختلفة عن سابقتها تماما، ابتسامة قد تبدو للاخرين لطيفة وطيبة، لكنها عكس ذالك حقا، ابتسامة ماكرة وشريرة تحمل بين طياتها كره شديد وقسوة لا تنتهي، ثم قالت بلطف مزيف للخادمة الواقفة امام باب الجناح :

" هذا الطعام من اجل الملكة الام.. "

ابتسمت لها الخادمة هي الأخرى ثم قالت وهي تاخذ الصينية من يدها :

" سادخله لها.. "

__________

دلفت جواهر عليهن الجناح بوجه ممتقع يغزوه القلق والتوتر، مما جعلهن يشعرن بالقلق ايضا، فجواهر المسؤولة عليهن لم تكن يوما هكذا، بل دوما ما كانت صارمة قوية لا يعلو تعبيرا فوق وجهها سوى تعابير حادة صارمة او باردة، لكنها اليوم على غير المعتاد قد كانت تبدو قلقة بشكل غريب.....

مملكة الهوىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن