الغزو والتخليص...

18 1 0
                                    

في 25 سبتمبر وصل الفايكنغ بالقرب من أشبيلية مبحرين في نهر الوادي الكبير، وأقاموا قاعدة لهم في جزيرة إسلا مينر. انطلقت قوة من المسلمين في 29 سبتمبر لمواجهة الفايكنغ، لكنهم هزموا. وبعد ذلك بأيام قليلة، أغاروا على إشبيلية بعد حصار قصير وقتال عنيف. يروي ابن عذاري[1] عن ذلك فيقول:

فخرج المجوس في نحو ثمانين مركبا، كأنما ملأت البحر طيرا جونا؛ كما ملأت القلوب شجوا وشجونا. فحلوا بأشبونة؛ ثم أقبلوا إلى قادس، إلى شذونة؛ ثم قدموا على إشبيلية؛ فاحتلوها احتلالا، ونازلوها نزالا، إلى أن دخلوها قسرا، واستأصلوا أهلها قتلا وأسرا. فبقوا فيها سبعة أيام، يسقون أهلها كأس الحمام




موسى بن موسى, أحد قادة الجيش الذي حارب الفايكنغ

لما وصل خبر سقوط إشبيلية على يد الفايكنغ إلى الأمير عبد الرحمن، والذي كان قد خرج في جيشه، أرسل قوة بقيادة عيسى بن شهيد الحاجب. كما أرسل الأمير عبد الرحمن إلى عمّال المناطق المجاورة يستنفرهم لنصرة عيسى بن شهيد. فاجتمعت القوات في قرطبة وسارت حتى عسكروا في تلة بالقرب من إشبيلية. وانضمّت إلى الجيش قوة من بني قسي بقيادة موسى بن موسى قادمة من الثغر الأعلى (بالرغم من العداء الذي كان بين موسى والأمير عبد الرحمن)، وقد لعبت هذه القوة دورا حاسما في القتال.

اقتتل المسلمون والفايكنغ لبضعة أيام بين كرّ وفرّ، حتى حقق المسلمون نصرا حاسما في الحادي عشر أو السابع عشر من نوفمبر. وبحسب المؤرخين المسلمين، قتل ما بين خمسمائة وألف من الفايكنغ ودمرت ثلاثون من سفنهم. عرض الفايكنغ على المسلمين مقايضة الغنائم التي نهبوها والأسرى الذين أخذوهم مقابل اللباس والطعام وتأمين طريق عودتهم في نهر الوادي الكبير. يقول ابن عذاري:[1]

وجه الأمير عبد الرحمن قواده؛ فدافعهم ودافعوه؛ ونصبت المجانيق عليهم، وتوافت الأمداد من قرطبة إليهم. فانهزم المجوس وقتل منهم نحو من خمسمائة علج؛ وأصيبت لهم أربعة مراكب بما فيها؛ فأمر ابن رستم بإحراقها وبيع ما فيها من الفيء. ثم كانت الوقعة عليهم بقربة طلياطة يوم الثلاثاء لخمس بقين من صفر من السنة، قتل فيها منهم خلق كثير، وأحرق من مراكبهم ثلاثون مركبا. وعلق من المجوس بإشبيلية عدد كثير، ورفع منهم في جذوع النخل التي كانت بها. وركب سائرهم مراكبهم، وساروا إلى لبلة؛ ثم توجهوا منها إلى الأشنونة؛ فانقطع خبرهم.


وكانت معركة طلياطة، في 25 صفر 230ه‍، الموافق 11 نوفمبر 844، التي يذكرها ابن عذاري بمثابة المعركة الحاسمة. التقت سفن الفايكنغ مع باقي الأسطول عند الساحل. لاحقت سفن المسلمين الأسطول المثخن حتى غادر شبه الجزيرة الإيبرية بعد غارة قصيرة على منطقة الغرب.

يتبع....

حرب الفايكنغ ضد المسلمين في الاندلسWhere stories live. Discover now