الفصل الثاني : مرض التسرع

123K 3.6K 665
                                    

الوظيفه الصباحية لم تعد تكفي لإيجار شقتي وعلاج أمي، مما دفعني إلى ترك الشقة، والعودة إلى السكن مع والداي.. كما أنني أصبحت أزاول العمل ليوم كامل، وازداد غيابي عن المنزل، كما أصبحت معتادة على العودة في أوقات متأخرة وقد حل الظلام.. لكن هذا أصاب والداي بالقلق..

لم أكن مثالية من قبل أبدا، ولن أكون ، كنت مهملة لكل شيء، ولا زلت.. ورغم أن وفاة أخي قد غيرتني للأفضل، إلا أنني لن أصل للمثالية أبدا..

ا----------------------

11 من يونيو 2018 .. بعد أكثر من شهر منذ دفن أخي

الساعة 9:43 مساء :-

كنت في هذا الوقت عائدة من العمل، وقد أوقفت سيارة الأجرة كالعادة في بدايات الحي، وواصلت طريقي مشيا.. هذا عندما لمحت ظلين يتجهان نحوي .. ركزت نظري لاحظت ان أحدهما شاب و الآخر امراة !!

"إنها هي" همست مركزة نظري فيهما، وبالكاد تساعدني أضواء المنازل الضعيفة لتميزهما، تلك التي أتت للإبلاغ بأمر وفاة أخي، ومعها ذلك الشاب الذي كان معها سابقا حينما دخلت عليهم إلى غرفة الاستقبال و هما يتحدثان مع أبي..

"مالذي أتى بها؟؟" تمتمت باغتياض متذكرة أسلوبها في التعامل معي، متقدمة بضع خطوات مدعية عدم الاكتراث..

لكن جسدا ما وقف حائلا بيتي وبين العبور، كانت تلك الشقراء، توقفني عن المرور.. ومن ثم تحدثت بطريقة أخافتني !!

"أنت.. يا صغيرة.. أريد الحديث معك" قالت بعد أن نادت، كي تلفت نظري، حيث كنت أتجنب النظر في وجهها..

التفت نحوها، مرتبكة، ومشيرة نحو نفسي بغباء "معي أنا!" تساءلت..

"وهل هناك صغيرة هنا غيرك؟" سألت ساخرة، وقد اتخذ حاجباها منحنى دالا على الكبر..

"تفضلي" نطقت جازة على أسناني، مربعة ذراعاي بنفاذ صبر..

الصمت عم لثوان، صمت حاد لدرجة أن صوت الرياح وحفيف العشب قد بان، كدت أن أنطق لولا أن الشقراء قالت "لدي عرض عمل لك"

تبلدت لثوان من تغير نبرتها المفاجئ، من قمة الجدية إلى قمة المرح، كلاهما مستفز.. لكنني انتبهت "عمل؟" قلت بنبرة حادة مستغربة..

"لكن، أنا أعمل بالفعل" أكملت بنبرة متسائلة، حاكة جبهتي بخنصري..

"أعلم .." قالت، ثم صمتت وكأنها ستكمل الحديث ولكنها.. سكتت =_=

"سارة" نطق الشاب الواقف جوارها، ذو شعر أسود قصير وبشرة قمحية، وقامة متوسطة.. ناداها لتلتفت نحوه مطلقة "هم" دالة على الاجابة..

"خمسة عشر دقيقة" قال بشكل ظريف، مشيرا إلى ساعته التي يرتديها في يده اليمنى.. لتشير له برأسها إيجابا وتلتفت نحوي قائلة ببساطة "سوف تأتين معي وستباشرين العمل من الغد"

عَـشِـقْـتُ مُـجـرِمَـاًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن