الفصل الثاني والأربعون

4.9K 224 37
                                    

الفصل الثاني والأربعون
تائهة في سرايا صفوان
...............................
ليلة الحناء ، استيقظ إبراهيم صباحًا يتطلع حوله بنعاس قليلًا ليجد نفسه في غرفة أخرى غير غرفته ، لم يأخذ الموضوع سوى ثواني ليعلم ما حدث ولما يوجد بفيلا القرية الخاصة بوليد .
سرعان ما نفض الغطاء عنه ووقف ثم ارتدا قدمه الصناعية سريعًا متوجهًا للخارج بعد أن لمح الساعة وعلم انه بوقت مبكر ، خرج من الغرفة قاصدًا الغرفة التي مكثت بها قمر ليلة أمس ، ثم دق الباب بخفوت .
لم يجد إجابة ففتح الباب وتسلل لداخل بهدوء دون أحداث جلبة ، كان قد تعود على تلك الفعلة منذ أن كانوا بالولايات المتحدة ، حيث كان يستيقظ مبكرًا ويذهب لها يُمني عينها برؤيتها ، أو يذهب لها قبل النوم يشبع احتياجه لها طوال النهار برؤيتها .
اقترب من السرير الخاص بها ليجدها تفترش جزءًا منه وشعرها الأسود خلفها ويقع جزءًا منه على وجهها يداريه فمدّ يده وأزاح تلك الخصلات لتداعب أنفاسها اصابعه ، فتنهد بخفوت وضجر ، كم من الوقت سينتظر بعد ليستيقظ بمجرد أن يفتح عينيه يهاجمه طيفها وهي تنام بجوارها كالملاك .
دنى منها طابعًا قبلة على أحدى وجنتيها ثم دثرها جيدًا بالغطاء وتسحب للخارج ، أغلق الباب ثم استدار لينفزع بمكانه وهو يرى والدته تقف خلفه بقليل تعقد ساعديها حول صدرها مردفه بنظرات حارقة :
_بتعمل ايه عندك يا ابراهيم ......
ابتلع ريقه باضطراب ثم هتف محاولًا رسم البراءة على وجهه :
_ آآآ ..آآ ابشوفها يعني..... مستغطية ولا لاء ..ا اا اصلها بترفس الغطاء وهي نايمة ... ، والجو ساقعه اوي
رفعت حاجبها بمكر ، وقالت :
_ وانت عرفت اذاي انها بترفس الغطاء يا حبيبي ..!
حمحم باضطراب ولم يستطيع الرد ،فاقتربت والدته منه ودفعته لغرفته هاتفه بنزق :
_ طب على اوضتك عدل بقى ،.. تاخد شاور وتظبط نفسك ومشوفش وشك انهارده خالص ..، على بكرا ساعة الفرح ابقى ورينا طلتك البهية ..، غير كدا ملحمكش ...
قبل ان تغلق الباب ،طالعها مردفًا :
_ على فكرا انتِ امي انا ،المفروض تسلكيلي الطريق عشان اشوفها ..
_ اتلهي مكانك وانجز في ليلتك دي يا هيما عشان تبقى فل ان شاء الله ...
ثم أغلقت الباب بحدة ، مما دفع إبراهيم ان يتحدث مبرطمًا بـ :
_ يا رتني كنت طلعت بسرعة امبارح ..، كان لازم اقعد احب فيها لحد ما ست الكل جات وقالتلي جايه معاكوا ..!
جلس على السرير ثم احنى ظهره ، ورفع مقدمة قدم بنطاله لبعد الركبة ، ثم نزع القدم الصناعية التي ارتدها قبل أن يخرج .
نظر الى قدمه المبتورة وتنهد بحزن ، وكأن ثقل ما يجثو فوق قلبه محطمًا جزءًا من سعادتهِ .
وضعها جانبًا ثم وقف وهو يحمل اتزان جسده كله على قدمه الأخرى ،وبدأ بالقفز حتى باب المرحاض ليستند عليه وصدره يعلو ويهبط من النهيج لهذا العمل الذي يعد شاق عليه بقدمه المبتورة تلك .
.................................................
وضعت أحدى العاملات حقائب زاهية أمام الباب ، بعد أن ارغمها والدها على المغادرة أمس بعد ما فعلته .
كان ممدوح يجلس على أحد الأرائك يشاهدها وهي تذهب بقلب حزين ، فهي ابنته رغم كل شيء ، لكنها قد ظلمت تلك الفتاة بليالي عرسها ،لهذا لتتحمل ما أصدره من فرمان بمغادرتها فور طلوع الشمس .
قبل أن تغادر زاهية ويخفيها أبواب القصر الداخلية ،طالعت والدها بعيون حزينة تود أن تذهب تحتضنه قبل أن تغادر الى انه اشاح بوجهه بعيدًا عنه ،تعبيرًا منه على قمة غضبة الشديد مما فعلة .
لهذا حملت حالها وتقدمت مندفعة للخارج تستلقى أحد السيارات ،ثم انتقلت بها خارج بوابة القصر الكبيرة متوجهًا بها نحو كفر الشيخ .
في الداخل عند بداية السلم من أعلى وخلف أحد العمدان كانت ريم تتخفى خلفه وهي تشاهد عمتها تخرج من القصر بأعين شامتة قليلًا فلطالما حدثتها بالكره عن والدتها .
أخرجت هاتفها من جيب بنطالها ، ثم هاتفة آمنة تخبرها بأن زاهية قد رحلت .
انت في الأسفل ، فقد امسك ممدوح هاتفه وقام بمهاتفة إبراهيم ،..:
_ ايوا يا بني ...، عمتك مشيت يا هيما ..، ارجع انت وقمر بقى ،... ما تكسرش فرحة البنت في ليلتها يا بني ..
_ خلاص يا جدو ملهاش لزو..اا
قاطعه الجد بحدة هاتفًا :
_ ايه الـ ملهاش لزوم يا ابني ...، خلاص قولتلك عمتك مشيت ، رجع البنت تقضي ليلة حنتها مع ريم يا هيما ..، بقى كدا تاخد امك وانتَ عارف ان ريم ملهاش غير آمنة ..! ، ينفع تاخد امها في ليلتها كدا ...، طب مش عشان خاطر ريم .. أحبر خاطر الغلبان مراتك لا معاها أم ولا أخت .. ولا اي حد غير بنت خالها .. ،وحقها تفرح يا بني زي باقي البنات .... دا لو بتحبها بصحيح ويهمك فرحتها ...!
حاصره الجد بكلماتهِ الحكيمة والمنتقاة بعناية ،لذلك تلقائيًا رد هاتفًا بلهفة :
_ أكيد طبعًا تهمني ....، ااا .. خلاص يا جدي هجبها حاضر ..
...........................................
كانت تحضر نفسها لتكون مع ابنة عمتها مبكرًا في تلك الليلة الهامة حيث أنها انتظرت حتى ذهب وليد لتصعد الى جناحهم ؛لترتدي ثيابها استعدادًا للخروج .
وقفت في غرفة الملابس تنزع ثيابها الواحدة تلو الأخرى بعد ان اخرجت الملابس التي سترتديها للخروج ، وكانت عبارة عن فستان من اللون الأزرق بدت فيه كزهرة زرقاء بوجهًا مليء بدموية والحيوية .
شعرت بأحدًا معها في الغرفة فالتفت سريعًا ولصدق شعرت ببعض الخوف ،الى ان خوفها هذا تبخر عندما وجدت وليد يقف مستندًا على الباب يطالع أدق تفاصيلها بهذا الفستان .
تنهدت وهي تضع يدها على صدرها براحة مردفه :
_ وليد خضتني ...! ، انتِ مش كنت مشيت ...
اعتدل في وقفته واقترب منه قائلًا :
_ رجعت عشان اديكي حاجه مهمة نسيت ادهالك امبارح ....
طالعته حتى توقف أمام أحد الادراج وفتحها ليسحب منها شيء ما لم تستطيع رؤية ماهيته ، أغلق الدرج واقترب منها ويده خلف ظهره ،ثم أردف :
_ اديري يا زهرتي ..
عقدت حاجبيها مستغربة واشرأبت بعنقها في محاولة لترى ما خلف يده هاتفه :
_ لاء قول الأول ...
_ تؤتؤ .. يلا اديري ...
_ يا وليـ...
_ ما تحوليش يلا ..
ادارت جسدها لتقف أمام المرآة فطالعته ببعض من التوجس وهي ترها يقترب منها وما إن همّ برفع يده فقامت بوضع يدها على خلف رقبتها واستدارت قائلة بتذمر:
_ انتَ هتديني بالقفا يا وليد...
لحظات ظل ينظر لها بها ،ثم انفجر ضاحكًا على تفكيرها الطفولي ، حتى هدأ ليقول وهو يرغمها على الاستدارة :
_ لا يا حبيبي مش هديكي بالقفا ... هديكي دي ...
لف حول عنقها سريعًا سلسال ذهبي اللون نُقشت حروف اسمها بالعربية في أخره متدليًا حول منتصف صدرها بطريقة جذابة رفعت يدها تتلمس أطراف السلسال خصوصًا حروف اسمها بشغف وفرحة ، ثم استدارت لتكون بمواجهته محتضنه اياه بسعادة قائلة :
_الله يا وليد ..! ،جميل اوي .. شكرًا يا حبيبي ربنا يخليك ....
ربت على ظهرها بحنان ثم ابتعد هاتفًا :
_ ماتشكرنيش يا حبيبي ،دا حقك عليا طول ما ربما كرمني وموسع عليه هجبلك كل الـ نفسك في من غير ما تقولي ...
طالعته بامتنان كثيرًا ، فرفع يدها مربتًا على وجهها بعاطفة ثم قال :
_ يلا كملي لبسك عقبال ما انزل اجيب ملف من المكتب تحت عشان كنت هنساه ...
أومأت موافقة ، فقبْل جبينها بحب مردفًا :
_ ما تتأخريش ..
_حاضر ...
ابتعد وليد وخرج من الغرفة هابطًا للأسفل ، فجذبت زهرة قماشتها البيضاء فينا تسمى -البندانة- وقامت بوضعها حول شعرها بعد أن جمعته بها ، ثم أخذت طرحة باللون الابيض المائل لسكري به نقوش من الورود الزرقاء ثم لفته حول راسها بطريقة عصرية حيث قسمت الطرحة لقسمين ليس متساوين تمامًا حيث ظهر واحد اطول من الأخر قليلًا ، وقامت بوضع دبوس حول عنقها وأخذت احد النصفين والقته خلف عنقها والاخر تركته كما هو ، ابتعدت عن المرآة واقتربت من الخزانة التي تحوي أحذيتها وجذبت خذاء هاف بوط باللون الاوف ويت ثم قامت بارتدائه بعد أن ارتدت شرابًا اسود طفولي مرسوم عليه عين وشاربي قطة .
انتهت من وضع بعض اللمسات النسائية على بشرتها ثم خرجت من الغرفة واقتربت من التلفاز المضاء لتغلقه ثم اغلقت نور الغرفة وخرجت من جناحهم هابطه للأسفل بوجهًا مشرق سعيد .
استوقفتها على السُلم نادين تُطالعها بنظراتً حاقدة وهي تقول باحتقار :
_ انتِ ياااا ...
اكفهرت ملامح زهرة تلقائيًا وهي تقف تلتفت اليها قائلة بازدراء وثقة بنفسها :
_ زهرة ..، اسمي زهرة يا ماما ...، انجزي عايزه تقولي ايه عشان مش فضيالك ....
احتقن وجهها بسبب وقاحتها لتهتف حاقدة :
_ وليد الـ انتِ ماشيه فرحانه بيه دا عشان واقف في ضهرك صدقيني هاخدو منك .. وبكره تقولي ديانا قالت ...
طالعتها زهرة باحتقار هاتفه بنبرة كظمت غيظها فيها بصعوبة :
_ سوري مش سمعاكي من الـ DJ
ثم تركتها وهمت بنزل لتمسك ديانا ذراعها ،فابتعدت زهرة سريعًا تسحب ذراعها من بين يدها لكن لم يهم الأخرى لتهتف بنبرة واثقة :
_ بقولك بكرا هيبقى بتاعي انا ... وانتِ مش هتكوني غير براااا ....، لولا لظروف اصلًا كان زمانوا متجوزني انا .. مش انتِ يا بنت الشوفير ..
حاولت على قدر الامكان اخفاء غضبها أمام خصمها ، وهتفت ساخرة :
_ طب سلامات يا ظروف ..، ابقى اشربي حلبة يا عسل ... ' ثم احتدت نبرتها وانكمشت ملامحها بشراسة مردفه تتابع ' ،وليد دا انتِ لو وقفتي قدامه .. عريانه ... ولا كأنوا شايفك .... هواا بالظبط كدا .. فوفري مجهوداتك العظيمة عشان مضطرش اوريكي بنت الشوفير هتعمل ايه ... !
ضحكت بسخرية قبل أن تجيب بتهكم :
_ مش هتبقى موجودة عشان تعمل اصلًا ..، كلها اسبوعين يا زوزو وبالكتير خالص واحد كمان ... ومعتش هيشوفك تاني ابدًا ... مش هيبقى في غيري انا وبس ... وبس .. يا زوزوو ...
لثاني مرة تحاول كتم غيظها حتى لم ترى لمعة الانتصار بأعين ديانا ، وهمت بأن ترد لكن قاطعها هتاف وليد باسمها وهو يخرج من غرفة المكتب فقامت بإمساك يد ديانا بعنف ، لتقوم الأخرى بنزع يدها من عليها فألقت زهرة ثقل جسدها للخلف لتقع ولكن كانت تُمسك بالدرابزين لكن التوت قدمها فأصدرت صريخ عالي وهي تتأوه متألمة .
أما هذا الواقف بعيدًا فقد جزع قلبه عندما رأى ديانا تُلقى جسد زهرة بعيدًا عنها لتقع الى أن تعلقت بالدرابزين كي لا تتدحرج على السلم كالكرة فلم يدري بنفس وهو يلقى الملف والهاتف من يده على المقعد متوجهًا لها سريعًا هاتفًا اسمها بلهفة شديدة قائلًا :
_ زهرة .. زهرة .. حبيبتي مالك ..
جلس بجوارها على السُلم ثم أمسك قدمها يفردها ونزع حذائها فصرخت زهرة باكية بألم :
_ آآآهه براحة يا وليد ..
طالعها وهو يومئ بنعم قلقًا ، وهمّ أن يتحسس قدمها موضع الآلم الا انه لاحظ وقوف ديانا بتوتر قليلًا فنظر لها والشر يلمع بين حدقتيه مردفًا :
_ انتِ الـ زقتيهااا ..
وضعت ديانا يدها حول فمها وهي تهز رأسها رافضه واردفت :
_ لاء يا ولـ..!
قاطعها وهو يهدر بها بعنف وحدة :
_ اخرسي خااالص ...
ثم طالع زهرة مردفًا بهدوء يسبق العاصفة :
_هي الـ وقعتك يا زهرة ...
رفعت زهرة ناظره لديانا بخبث ومكر رئته بوضوح في أم عينيها ، ثم نظرت لوليد راسمه على وجهها الألم قائلة :
_ بصراحه يا وليد ...... لاء انا الـ وقعت ....
طالع ديانا وكأنه يخبرهُ أن الله رحمها من بين يده ، ثم نظر لزهرة ومدّ يده لقدمها يتحسسها براحة قائلًا :
_ انهي حتى بتوجعك .. طب تعالي اطلعك لفوق ..
كاد أن يحملها فقالت بسرعة :
_ لاء لاء ..، وديني العربية بس وأنا هدلكها لحد ما تفوق ...
_ طب تعالي اديك المستشفى عشان لو فيها حاجه ما تفضلش توجعك ...
اومأت قائلة :
_ لا يا وليد ملهاش لازمة ...
استندت على يده ثم حاولت الوقوف ،فوقف سريعًا حاملًا ايها بين ذراعيه ثم دنى على أذنه قائلًا :
_ ألف سلامة عليكي يا روحي انشالله الـ ورايا يا رب ...
ضحكت زهرة بصوت عالي ثم هبط بها السُلم فقامت زهرة بالنظر خلف وليد لتلك التي غلت الدماء وبها ، فابتسمت لها زهرة باستفزاز خبيث ثم غمزت لها بمكر لتعلم ديانا أن تلك الحركة لم تكن سوى اصطناعه من زهرة لتريها مدى لهفة وليد عليها وحبه لها .
اخذ وليد الملف والهاتف الخاص به وهو مازال يحمل زهرة ثم توجه بها للخارج حتى اختفوا عن أعين ديانا .
قبضت ديانا على يدها بغضب وهي تهتف :
_ والله ما تستهلي الشفقة الـ كنت بحس بيها نحيتك وانا بحطلك الدواء .. انتِ تستهلي سم مش ضمور بس .. !
في الخارج ساعدها وليد في الجلوس بالمقعد المجاور لسائق ، ثم اسرع يستقل المقعد هو .
جلس بالسيارة ثم استعد للقيادة ولكنه هتف :
_ لسا بتوجعك ...
أومأت ،مردفه :
_ شويا ..، هدلكها وتبقى كويسة ...
ورغم انها كانت تصطنع وقوعها لتري ديانا لهفة وليد عليها الا ان الوقعة تلك أوجعتها .
انتبهت لقول وليد وهو يشير لفخذه :
_ طب لفي جسمك وهاتي رجلك على رجلي ....
اومأت رافضة بسرعة وهي تقول :
_ لا لا طبعًا ..، شويا وهتبقى كويسة ...
هز رأسه بيأس ،ثم مط جسده قليلًا ساحبًا قدمي زهرة التي على ملامحها الاعترا وهتفت وهي تجذب قدمها لها :
_ وليد .. بتعمل ايه مينفعش كدا ...
وضع قدميها على قدمه ثم نزع حذائها الأخر ووضعهُ بجوار الاخرى على الارضية ، حاولت زهرة جذب قدميها وهي تعترض من تلك الوضعية هاتفه :
_ وليد سيبـ... آآ
قاطعها ويده تمتد لقدمها التي تؤلمها تدلكها برفق ،وهو يقول وقد بدأ في القيادة :
_ شششش يا زهرة ...
جلست بأريحية الى حدًا ما وهتفت مازحة وهي تتذكر هذا الفيديو الذي اخذ شهرة واسعة لمدة يومين على وسائل التواصل الاجتماعي ..:
_طب شغلنا روبي بقى ،بتاعت علم علامة جوا قلبي ..، وانتَ قول هوباااا ...
قهقه عاليًا وهو يهتف بين ضحكاته :
_ عايز وليد صفوان يقول هوباا يا زهرة ..!
نظرت له قليلًا تطلع له وهو يضحك مرتديًا قميص من اللون الأبيض الناصع وبنطال جينز من اللون الأسود وحذاء أسود اللون ،ويزين معصمه ساعة روليكس سوداء اللون .
هتفت هامسة :
_ صحيح الجمدان دا اذاي يقول هوباااا ..!
خرجوا من ابواب القصر لتبدأ سيارات الحراسة بالذهاب خلفهم الواحدة تلوا الأخرى ،وفور أن وجدتهم زهرة حاولت سحب قدميها بإحراج وهي تقول :
_ وليد، الحراس..!
امسك قدمها بحدة وهو يقول :
_ العربية متفيمه يا زهرة محدش هيوشفك ابدًا .. وبعدين لو ... فعادي انتِ مراتي ورجلك وجعاكي عادي ..
ابتسمت له بحب ، ثم اعتدلت بجلستها وما لبثت ان هتفت مازحة :
_ طب ما تشغلنا هوبااا بقى ..!
.............................................
_ افردي بوزك بقى عشان مازعلكيش قولتلك نص ساعة وهروحك خلاص ..!
طالعته بحنق ثم اضاءت الهاتف ووضعته نصب عينيه لتقول بحنق غاضب :
_ أحمد .. شوف الساعه كام ...! ، أنا اقول هاجي اربعه .. now 6
تنهد بضيق كاظمًا غيظه ، ثم تحدث بلامبالاة :
_ بصي يا بيبي ،كلمة كمان يبقى مش هروحك غير على الساعة تمانية ، فا لو عايزه تروحي بسرعة اقعدي ساكته .....، او ما تسكتيش واروحك تمانيه ...دا احب ما على قلبي اصلًا ......
جذت على اسنانها مصدرة صوت مغتاظ فقال أحمد ببرود :
_ سنانك يا وحَش ..
وكزته في ذراعه فتأوه بصوت مصطنع وطالعها مردفًا بخبث غامزًا لها :
_ لاء حسبي ...، انا مش أدك ...
اشاحت وجهها بعيدًا خجلة ، ثم ظلت تتابع الطريق حتى قاطعه وقوف السيارة في أحد المناطق الهادئة ، فطالعته باستغراب مردفه :
_ واقف ليه أحمد ..!
اعتدل بجسده ليكون قبالتها ثم لامس أرنبة انفه دليلًا على توتره ، من ثم حمحم قائلًا :
_ عايز اتكلم معاكِ في حاجتين ...
انصتت له باهتمام وهي تهتف :
_ قول أحمد ....
_ بصي أول حاجه ..، هي إن عايز اخد موافقتك .... هاا موافقتك ، اننا نعمل فرحنا اخر الشهر دا ..، يعني بعد اسبوعين ... ها .. ! ، قولتي ايه يا ليدا ..!
زاغت أعينها باضطراب ، فمدّ يده ممسكّا كفها قائلًا :
_ أنا عايزك معايا يا ليدا ..، وكل حاجه خلاص يعتبر بعد الـ عملناه انهارده تكون جهزت ،ونبيل يكون خرج من المستشفى كمان ، ..... وانا عارف نفسيتوا بتيجي على الأفراح اووي...
نظرت له بتردد قليلًا ، هذا الرجل الذي يملئ الحنان والدفء مقلتيه ، أمان لم تشعر به مع سواه ، هل تضطرب من تلك الهواجس التي صنعتها لنفسها عن قسوته ، أم تظل خائفة أن يتطبع بطبائع من يتعامل معهم أو أن يظهر وحشيته التي يضطر أن يكون عليها مع السجناء ... !
اخرجها من شرودها صوته الحانِ وهو يقول:
_ قولي يا ليدا ..، ايه الـ مخوفك ...، ليه عيونك بتقول انك مش واثقة فيا ... !
هتفت سريعًا بلهفة :
_ نو أحمد ..، أنا واثق فيك طبعًا ...، بس خاف من شغلك ...
تلك المعضلة التي تقف في طريقة ..! ، قبض بيده على عجلة القيادة هاتفًا بلمحة ألم :
_ حظك يا بنت الصياد ..! ، بس أوعدك ان طول منا على وش الدنيا مش هسمح لحاجه تصيبك أبدًا ... ها قولتي ايه بقى ..!
تلك اللمعة التي بعينيه هي من تأثرها دائمًا ، لهذا وجدت نفسها تومئ بنعم دون الحديث فانفرجت ملامحه بسعادة جمّة ، ثم مال مقبًلا كفها وأردف واعدًا :
_ أوعدك يا ليدا اني طول منا عايش لأخلي الفرحة ما تبعدش عنك ابدًا .. دا وعد مني ..
ابتسمت بسعادة يتوغلها الحياء ،وقبل أن تسأله عن الامر الثاني الذي يردها به ،على رنين هاتفه فطالعه بعدم اكتراث ، ثم ما لبث ان تحولت ملامحه للقسوة وهو يجيب بكلماتً مبهمة :
_ هاا ..، الامانة وصلت ..!
_ ...............
_عشر دقايق وهكون عندك ..
ثم أغلق الهاتف ، ووضعه أعلى التابلوه وبدأ بتشغيل السيارة ، فتسألت بقلق :
_ في هاجه أهمـ..حمد ..!
حاول قدر الإمكان أن يكون عاديًا غير متأثر بتلك المكالمة ، وهو يقول:
_ لا يا روحي ..،مكالمة شغل مستعجل ..، يلا اديكِ بتقولي الحمدلله ... هخلص منوا ..
أومأت هاتفه بعجلة :
_ لا لا ... مش قولت كدا .. خالص ...!
أبتسم بحنان وهو يضغط برفق على يدها الصغيرة التي جعل أصابعه الكبيرة تتخل أصابعها .
بعد قليل توقفت السيارة أمام قصر الساعي حيث احتفال النسوة بليلة الحناء ، فتحت ماتيلدا الباب وهبطت من السيارة وقبل أن تغلق الباب نادها أحمد ، فانحنت له ليقول :
_ خدي بالك من نفسك ..، ومن فونك عشان لو رنيت عليكِ ومردتيش هاجي امسر الفرح على دماغك ...
كانت كلماتها مازحة حازمة ، مما جعل ماتيلدا تبتسم ضاحكة وهي تهتف :
_ اوك أحمد ..، سلام بيبي ..
أشارت له بسلام فرفع يده مودعًا ، لتستدير متوجه اتجاه القصر ، ظل يتابعها حتى اختفت بين الابواب الحديدية ، وما لبث أن توحشت عيناه وقام بالضغط على عجلة القيادة بحدة وباليد الأخر أدار المفتاح لتعمل السيارة ثم انطلق به نحو وجهته الهامة والتي يرتب لها منذ يومين .
................................................
_ اتحرك يا مسجون وبلاش عوأ ،لشلفط وشك ...
تحدث بها العسكري بغلظة وهو يمسك ذراع أحدهم والذي يبدو من عينيه ان كان نائمًا ، سب هذا الرجل بصوت منخفض ثم هتف بنبرة هادئة مصطنعة :
_ براحة يا شويش ..، مصحيني من النوم وأنا سهران طول الليل وتقولي اتحرك .. طب سبني اشطف وشي طيب ..
طالعه العسكري بازدراء متحدثًا بخشونة ونبرة متهكمة ساخرة :
_ سهران ليه يا خويا ...، بتحب ولا بتحب ..، انتَ فاكرة سجن ابوك يلااا ... انجر قدامي ...
دفعه العسكري ليصيح الرجل بسخرية :
_ طب براحة متزوقش طااا ... اديني مشين اما نشوف اخرتهاا
ظل هذا الرجل مع العسكري يمشيان بين طرقات السجن ،حتى وصل به العسكري لغرفة بعيدة عن الارجاء قليلًا ، ثم فتح العسكري الباب دافعًا اياه بحدة لداخل مردفًا بغلظة :
_ خشش ...
وقع الرجل ارضًا بسبب حدو دفعته ، فسبه من بين أسنانه سبه بذيئة ، اعتدل الرجل واقفًا ليجد أحد الرجال جالس على الكرسي المقابل للمكتب ، يبدو على ملامحه الأجرام الى حدًا ما .
دار الرجل حول الغرفة ليرى أنه لا يوجد سواهم ، فتوجه نحو المقعد المقابل للرجل الأخر وهتف :
_ خير يا زوء ..، شكلك عايزني انا ...
طالعه الماكث امامه باهتمام مردفًا :
_ انت سمير أحمد عادل ..!
أومأ سمير مردفًا وهو يمرر اصابعه بين زوايا شفتيه هاتفًا :
_ ولو مش سمير ابقى سمير يا باشا ...، بس اهه محسوبك سمير أحمد عادل ... أأمورني يا باشا ... خير
وضع الماكث أمامه قدمًا على الاخر بتعالي ليظهر لسمير انه أعلى منه ، ثم نطق متحدثًا بنبرة واثقة :
_ عيل بتلاته جنية هيجي ويقول ان هو كان راكب معاك التاكسي الـ مسكوك متلبس فيه بالمخدرات و ..آآ
قاطعه سمير بشراسة مردفًا :
_ المخدرات دي مش تبعي يا باشا ..، وليد صفوان وسراج الجارحي هما الـ حطوهالي بـ..آآآ
قاطعه الأخر مردفًا :
_عارف الكلام دا كلوا ...،المهم انك هتخرج برائة من هنا في ظرف أسبوع واحد ....
تسأل سمير بريبة وظهرت السخرية في حديثه :
_ ايوا يا بباشا بس دا كلوا مش ببلاش ... الـ صحيح متعرفناش ...!
التوى فم الماكث أمامه بخبث مردفًا :
_ ضاحي ...واحد حبيبك هو الـ جابني هنا عشان أهىج بس أكيد في مقابل ... زي منتا عارف مفيش حاجه لله وللوطن كدا ..!!!
.........................................
أجاد الحج ممدوح الساعي في أحياء تلك الليلة النسائية ليظل جميع حاضريها يتذكرها مدى حياتهُ ،فلا يوجد أغلى من حفيديه هذان بجوار زينة ومؤمن أولاد زاهية ، لكن إبراهيم وريم لهم معزة خاصة بقلبه ، فهم أول وثاني من رأت عينيه من أحفاده .
كان الاحتفال داخل باحة القصر وايضًا الحديقة مزينة ،لكن لم يتواجد بها سوى بعض الفتيات التي استغللن الموقع المتميز والجمال الخلاب ، في تصوير انفسهم .
أقاموا الحفل داخل القصر نظرًا لبرودة الجو والمطر الخفيف الذي هطل بعد العشاء ، لهذا كان ممدوح مصرًا أن يُقام داخل القصر .
تزينت قمر بفستان بنفسجي اللون ومانت متشبثة بهذا اللون بشدة بعد أن علمت انه خاص فقط بالملكات في بعض العصور الزمنية حيث كان غير مسموح لأحدًا من عامة أو علية القوم بارتداء هذا اللون لأنه خاص بزوجات الملوك فقط .
ورغم بساطته حيث كان حرير يضيق من على الصدر يهبط باتساع حتى أعلى ركبتيها بقليل مظهرًا رشاقة قدميها الوردية ، ومرصع بفصوص بيضاء اللون متناثرة بعشوائية على الصدر ووضعت أحمر شفاه لكن من اللون البنفسجي الهادئ كان ملائمًا على بشرتها بشدة ، وقامت ماتيلدا برسم عينها بقلم الايلاينر ووضعت كحل على خط جفنها العلوي من الداخل ، أظهر عينيها بطريقة جذابة جدًا ملفتة للأنظار .
أما ريم فقد تغنجت بفستان أبيض اللون ضيق ينساب بنعومة على جسدها حتى الركبة ، واسع ومفتوح الشيء من عند منطقة الصدر مظهرًا عنقها بالكامل خصوصًا بعد أن قامت بقص شعرها الى كتفها بطريقة عصرية ،وقد زين عنقها ومنطقة ما أعلى الصدر ببعض النقاط السوداء يطلقون عليها حسنة .
كانت الفتاة الخاصة برسم الحناء قد انتهت من العروسين ، فقامت ريم تجذب قمر من على مقعدها بعد أن ارتفع صوت أحد الأغاني عاليًا ، وقامت قمر بجذب زهرة وماتيلدا التان كانوا يجاورها فوقفوا معها ليتمايل أربعتهم بفرحة هاتفين مع الأغنية بأعين مغتبطة سعيدة .
.............................................
في أحد الكافيهات الكبيرة ، حجز الشباب جميع الطاولات في الخارج حيث الهواء المنعش ، لهم فقط ، دلف عليهم أحمد وهو يدفع كرسي اخاها نبيل الذي لم يتماثل لشفاء تمامًا لكنه كاد يبكي إن لم يخرجه أحمد الليلة من المشفى ليذهب الى هذه الجلسة .
كان رأسه ملفوفة بشاش ابيض عليها لازق طبي ويده اليسرى وقدمه اليسرى مجبرتين ،هتف بهم صائحًا بمرح :
_ اهلًا اصحااابي الوطيين ...
اقترب الجميع منه وليد وسامي وإبراهيم وفتحي وكان جمال معهم ايضًا بحكم وصداقته التي قوة مع فتحي ، وثلاث شوبان من أقارب فتحي وزوج زاهية الذي يحترمه إبراهيم ويحبه ،ناهيك عن أفعال زاهية .
سلموا جميعًا عليه داعين لهم بإتمام شفاءه على خير ، حيث هتف وليد بعد أن قبل رأسه بحنان اخوي :
_ اجمد يا بطل ..، قداها واقدود يالا ...
تحدث نبيل بنبرة شبابية :
_ اسد يا عم في ايه ..! ، بس اقولك على فيها ..، انا هفضل كدا ومش هقوم لحد ما تدخل عليا في ايدك لفة كدا فيه حتت بنوته صاروخ تقولي بنتي اهي وهجوزهالك ...، هتلاقيني نطيت من على السرير اخودها ....
ضربه وليد على جانب عنقه برفق قائلًا :
_ بنت مين الـ تتجوزها يا بأف انت ... !
احتضنه فتحي بحذر من اصابته ، مردفًا بمزاح :
_ يا باشا اقوم انتَ بس ،وانا هجوزك بتي...
أومأ نبيل هاتفًا بمرح :
_ لا يا عم ، هو انا ناقص لدغه ...! ، وبعدين انت لسا بدري عليك ،انما وليد اتجوز خلاص، وانا قاعد مستنيه اهو
اشتعل رأس وليد غيظًا ، وهمّ بالاقتراب لضربه ، فأمسكه فتحي وهو يقهقه عاليًا ،وأردف مخاولًا ان يوقف ضحكاته :
_ عيل وغلط معلش ....، وبعدين مع معاه حق يا عم ...
هتف وليد وهو يصطك بأسنانه قائلًا :
_ يا ابن الـ **** انت وهو ...
هتف إبراهيم قائلًا لوليد وهو يتقدم من نبيل :
_ إباحيااتك يااا عم الناس ...
احتضن إبراهيم يد نبيل اليُمنى هتفًا بنبرة بمزاح :
_ القاعده من غيرك ميتم يا باشا ...
هتف نبيل بعتاب مصطنع :
_ منتا كنت ناوي تتجوز من غير ما ابقى موجود يا وااااطي ...
وكزه أحمد في كتفه برفق هاتفًا وهو يجذّ على اسنانه :
_ لسان أهلك يا حبيبي ...
انكمشت ملامح نبيل مردفًا بحنق :
_ وانت مال الست الوالدة يا عم ... اسحب الا يا هيما من الصبح وهو عمال يتعامل جامد ،مع اني قايلوا ميت مرة ما بحبش العنف ...
قهقهوا جميعًا على مزحته، فهتف سامي بصوت عالي:
_يا اخي كنت فين من بدري، والله لسا بقول مش هيفرفش القاعده غير بلبل...
رفع نبيل يدهُ الغير مصابه، ثم اعدل ياقة قميصه مردفًا:
_اديني منيت عليكوا جيت، رغم ان ورايا مواعيد مهمة...، زق يا هيما يلاا
ضحكوا على مزحته، وتقمصه لدور الرجل الهام، فتوجه إبراهيم أخذًا يدي الكرسي ثم دفعه للأمام ليكن بمنتصفهم .
هتف نبيل بعد ان جلس مستريحًا :
_ انزل بالمنيو بقى ... عايز حاجه حلوة ترم عضمي الـ اتفشفش دا ....
جلسوا جميعًا حول بعضهم في حلقة دائرية فتقدم النادل يأخذ مطالبهم مرة أخرى ، لهت نبيل :
_ وحياة ابوك يا شيخ ،... عايزين DJهنااا ، وتشغلنا حسن شاكوكش وبيكاا ..، عندنا عارسين عايزين نوجب معاهم ، قبل ما يتجوزوا ويتنكد عليهم ...
ثم نظر لفتحي وإبراهيم عامزًا :
_ ابقى عدوا الجمايل بقى ... بقولكوا ايه ... مين يعرف يطبل هناا ..
رفع أحد الشباب من اقارب فتحي قائلًا بحماس :
_ انا يا باشااا ..
هتف نبيل مازحًا :
_ طب سخن يا بني ...
وقف الشاب وقام بإدارة الكرسي للخلف ليجلس عليه من الخلف ، وبدا بالطرق على الطاولة والتي من حسن حظهم كانت تصدر صوت رائع ، هتف نبيل بصوت شبابي لأحد الأغاني الشعبية القديمة :
_ قاصدت الباب ونازل
على دخلة الجيراان
واخدة عملتلي عامل على ارض
وعلى الحيطان ،وأنا ماشي واخد بالي
وعملت فيها عبيط ،مضمنش الـ يجرالي
يمكن يطلع عرفيت ...
طالع نبيل وليد، مُتراقصًا بحاجبيهِ وهو يُكمل:
ياااا زهرااا يا ام الحسن والحسين
يكفيناا شاار العين .. يكفيناا الشر العين ... بس يا شباب حافظها لحد كدا بس ...
هتف بها نبيل بعد ان انهى ما يحفظه من هذا المهرجان ليضحكوا جميعًا عليه ، فهتف بحماس :
_ اغنيلكوا يا منجد المرتبه اعـ....آآ
قاطعه جميعهم رافضين بسرعة فضحك نبيل هذه المرة بصوت عالي ، ثم قال ببراءة :
_ على فكرا انا كنت هقولك عروستتا حلوة مؤدبة ..،هي مش مؤدبة برضوا يا هيما .. ولا ايه يا تتح ..!
هتف فتحي بحنق مصطنع :
_ يالا اتلم عشان ما اقومش اشلفط وشك ..
اصطنع نبيل التفكير ثم نظر لشاب الذي طرق على الطاولة وقال :
_أنزل بدي يا ابني .. ،أنا حبيتك وجرحتيني
أنا صنتك لكن خنتيني انتِ اكيد مش بتحبـ..اا
وقف إبراهيم وقام بإلقاء علبة المناديل عليه هاتفًا بغيظ :
_ اكتم يلا لأحسن اقوم اشلفط وش أمك دا بقى بجد ...
عادت ضحكاتهم ثانية من قلوبهم ، عدا هذا الجالس على أطراف الجلسة ،يطالع نبيل بقلبً مرتجف ، ما إذا كان هؤلاء الاوغاد نجحوا في قتله ماذا كان سيفعل لولا ، فنبيل ليس اخوه فحسب ، بل ان في بعض الأوقات يأتي له يجش عما يجثو فوق صدره بين احضانه ، بالتأكيد لنهار عالمه واختفى الضوء من حياته للأبد .
توحشت عينها مع قبضة يده عندما تذكر ما حدث منذ ساعات طوال بعد أن أوصل ماتيلدا
"عودة بالوقت للوراء "
توقفت سيارته مع إحداث صرير عالي أثر احتكاك عجلات السيارة في الأرض الأسفلتية بقوة ، جذب مفتاحه من السيارة على عجالة وهو يفتح الباب بقوة هابطًا من السيارة ثم توجه نحو اليسار بخطوات وطيدة حتى وقف أمام باب من الصاج مغلق بإحكام ، رفع يده بثبات يدق الباب فأصدر صوت مزعج الغاية ، لكن ثواني وقام أحدهم بفتح الباب مشهرًا سلاحه بوجه أحمد ، فوضع أحمد يده على فوهة السلاح مردفًا بهدوء وهو يتخطاه لداخل :
_ اهدى دا أنا ...
تقدم أحمد من الداخل ، حتى استقر في غرفة بها سبعة رجال ، ثلاثة مثبتين على الأرض ومقيدون وأربعة اشخاص يقفون تحمل ملامحهم الأجرام مع بعض العلامات التي توضح للأعمى حتى ..!
تقدم أحمد منهم ثم مط جسده وهو يثني رقبته يمينًا ويسارًا محدثًا صوت طرقعة عظامه ، اقترب من المقيدين أرضًا ،وهتف بثبات ونبرة محذرة إن كذب أحدهم :
_ هسأل تلات اسألة وعايز عليهم إجابة بدون تفكير حتى .... مين الـ كان بيسوق العربية ... ومن غير كدب عشان مش بحبه والله ..
سريعًا أشار اثنين منهم لواحد مقيد بينهم ، هاتفين :
_ دا يا بيه
_ هو دا يا باشا ..، والله العظـ...آآ
قاطعه أحمد رافضًا بسخرية :
_ لا لا .. حلفان مش عايز ..، أنا مصدقك من غير حلفان ...
أشار احمد بقدمه محتقرًا هذا الماكث أمامه والذي اشاروا عليه بأنه السائق ، وهتف :
_ السؤال ليك يلا .. ، قولي مين الـ قالك على العملية دي ومن غير حلفان برضوا ...، المخزن دا بتاع واحد حبيبي يعني بتاعي ...، وبرا محفور تلات قبور ليكوا ، الـ هيكدب هيترمي فيه فورًا ....
رفع الرجل عيناها لأحمد بتردد واضطراب ، فرفع أحمد يده مردفًا بتحذير :
_ واااحد .....، اتنين تلاتـ..آآ
_ واحد ...، هو .. هو الـ قالي على العملية دي ..، و ..و هو الـ جاب كل المعلومات ..، حتى ... حتى الرجالة دي ... مش ... مش رجالتي هو الـ.. باعتهم واسمـ...آآآهه
هم بقول اسم من كلفه بتلك المهمة ، لكن ثواني معدودة قام أحد الرجال على الطرفين بإنزال جسده للأسفل حتى لامس الأرض ثم رفع قدمه للأعلى مخرجًا من طرف حذائه سلاح مدبب اخترق عنقه من الخلف ليظهر مخترقًا عنقه فسال الدم من رقبته بعد ان تأوه بضعف ثم خر صريعًا أمام أقدام أحمد الذي الى الآن لم يستوعب ما حدث أبدًا .
اقترب أحمد سريعًا منْ منّ وقع يجس نضبه الا انه تأكد بأنه مات في الحال ، بينما اقترب كل رجلين من الأخرين يقيدون حركتهم قبل أن يقتلوا أنفسهم ايضًا .
طالعهم أحمد بأعين امتزج بهم الشر الشديد ، ثم اقترب لمن قتله وقام بلكمه في أنفه سريعًا مرة وراء الأخرة حتى تحول وجهه لكتلة من الدم والكدمات الشديدة ، وكان أحمد يصرخ بـ :
_ انطق يا ابن الكلب مين الـ قالكوا تمتوا اخويااااا ... ، انطق يا **** يا ابن الـ***** .. انطق يلااااا ...
امسكه أحمد من تلابيب قميصه ، فهتف الأخر بعد ان بثق بعض الدماء من فمه مردفًا باستفزاز شديد :
_ فكني يا باشا نتعامل راحل لراجل ....، ولا انتَ...آآ
قاطعه أحمد عندما انهى كلمته بنبرة ساخرة ،فقال وهو يشير لمن يمسكوه :
_ سبهوولي ... وفكوا ايدوا ..، وانا هوريه .. أنا ايه ..!
بالفعل استمع الاثنين لحديثه وقاموا بحل وثاقه ، فأحنى الرجل جسده بوجه ثم على حين غرة قام بإمساك السلسال الذي بعنقه وفتح خرزة به وقد لاحظه أحمد لكن بعد فوات الأوان حيث رفع رأسه لأعلى وهو يضع تلك الخرزة على فمه ليهبط منها مسحوق أبيض سام مميت ، حاول أحمد جذب تلك السلسلة منه قبل أن يتجرع هذا المسحوق لكن لم يستطيع حيث تهدلت أقدام الرجل ووقع على الارض وحسده يرتعش ثم لحظات وخرج من فمه مادة بيضاء مع ارتفاع بؤبؤ عينيه لأعلى ثم ارتج جسده بعنف حتى خمد ملقيًا رأسه على أحد الجوانب فاقدًا للحياة .
جذّ أحمد على أسنانه بغيظ وهو يكتم صراخه داخله وقد تأكد انه مات بالفعل ، لعن نفسه مئات المرات للإنصات لحديثه المستفز ليقع بفخه بسهولة .
نظر أحمد يمينًا ويسارًا وهو يقول بغضب :
_ عايز لازق ...
اقترب أحد الرجال سريعًا وأخذ شريط لاصق ومده لأحمد فانتشله بغضب جمّ وتقدم من الرجل الذي ترتعد فرائصه بخوف شديد وقد استطاع أحمد معرفة خوفه فلمعت عيناه بالخبث وهو يضع قطعة من الاصق على فمه ثم هتف لمن يقيده :
_ سيبوه ..، انا مش عايز اعرف مين الـ قال يقتلوه ... هعرف بنفسي خلاص ...
ثم جذبه من تلابيب قميصه وهو يتلوى بين يده رافضًا الذهاب معه ، خرج به من الغرفة وفي طريقة قام بسحب الأداة الضخمة الـ -كوريك- ثم على حين غرة قام بإلقائه في حفرة من الحفر عميقة بعض الشيء يصعب الخروج منها وقام أحمد بسحب التراب بتلك الأداة ليقع عليه في الحفرة والرجل يحاول عبثًا الخروج والنجاة بحياته ، حاول فك الرباط كي ينزع الاصق ويقول من أمرهم بفعل ذلك لكنه لم يستطيع .
اصبح التراب يغطي منتصفه مما أعاق حركته فوقف منتظرًا نهاية حياته بين عينيه يبكي بنحيب مقطوع .
قارب التراب على الوصع لوجه بعد أن غطى عنقه ، فتوقف أحمد مردفًا بخبث :
_ هااا ..، هتقول بزوق ولا نكمل ...
حاول هز رأسه بالموافقة لكن لم يستطيع ، فقام أحمد بالقفز في الحفرة والتي كانت قريبة جدًا من الأرض بعد أن تم ردم معظمها ، ثم اقترب منه وقام بجذب الاصق بعنف ، فصرخ متأوهًا بألم جمّ وارتفع صوت نحيبه وهو يبكي .
زفر أحمد بضيق ثم ربت على خده بحدة مردفًا :
_ اخلاااااص ...
ارتجف قلبه بخوف شديد ، وهمس بارتعاد :
_ سسـ..سـيد مُختار ...
انفرجت ملامح أحمد بصدمة شديدة هاتفًا :
_ مين ..!!!
_ هـ...هو .. هو الـ طلب نعم كدا ..بس .. بس مش مباشر .. من مساعده رياض على ..، هو ..هو الـ... الـ ادانا الأوامر ... مباشر ...
قبض أحمد على فكيه هاتفًا :
_ مين الـ بيديهم الأوامر دي ...!! ، انطق ...
_ معرفش ....، معرفش يا بيه والله ،احنا عبد المأمور بس .... بيطلب واحنا نفذ ......
اشتدت لهجته وهو يقول :
_ دي العملية الـ كام تعملوها ...!
زاغت عينها باضطراب ، فضغط على فكيه اكثر ليصدر تأوه متألم ، وقال سريعًا :
_ الـ سابعه ...
بصق أحمد عليه باحتقار قائلًا :
_ يا ولاد الكلب .... ، قول يلا ...
ثم أخرج هاتفه يعبث على شاشته مخرجًا أحد الصور ثم وضعها نصب عينيه وقال بحدة :
_ شوفت الراجل دا قبل كدا في أي حتى ....
دقق النظر في الصورة ، ثم سرعان ما نطق قائلًا بلهفة :
_ ايوا يا بيه ..، العملية الـ قبل دي ...، كان موجود ، لانها كانت كبيرة ..، خطف بنات مش مجرد قتل وخلاص .. فكنا وخدين الاوامر منه هو ورياض برضوا يا باشا كان موجود ...
هتف أحمد بنبرة هامسة لكن حادة عنيفة :
_ يا ولاد الـ ***** دا انتوا مطلعتوش مشايخ بس ..! ، لاء رجال أعمال كمان ..!!!!!
"عودة للوقت الحالي"
وقف أحمد قائلًا وهو يجذب مفاتيحه وهاتفه :
_ساعه كدا يا شباب وراجعلكوا ...
هتف فتحي بقلق :
_ اي في حاجه ..!
اومأ قائلًا :
_ لا يا عريس ما تقلقش ... ساعه ومش هغيب ...
هتف إبراهيم :
_ لو في حاجه رنلنا بس ...
_ حاضر ان شاء الله ...
وقف وليد مقتربًا منه قائلًا :
_ تعالى عايزك ...
توجهوا سويًا نحو الخارج ، ووقفوا بالقرب من سيارة أحمد فهتف وليد متسألًا :
_ مالك مش متظبط كدا ليه ..!
_ ما تقلقش يا وليد..، مفيش حاجـ..اا
قاطعه وليد مردفًا :
_ لاء فيه ..، الموضوع ليه علاقه بحادثة نبيل صح ..!
_ امم حاجه زي كدا ..
_ حادثته ليها علاقة بشغلك ..!!
لم يتحدث فتفهم وليد انه ربما يتابع مهمة جديدة ويبدو انها شديدة السرية فقال وهو يربت على ذراعه بمساندة :
_ ربنا معاك يا وحش ..، انتَ عارف طريقي لو احتاجتلي .. مش هتأخر عليك طبعًا ...
همّ وليد بالاستدارة ليرحل لكن توقف على حديث أحمد وهو يقول :
_ وليد .. انتَ ليه استاقلت من الشرطة ..!
التفت له وليد وعلى ثغره تعلوا ابتسامة مظلمة بعض الشيء ، ثم هتف :
_ دا كان اسلم قرار اخدته يا أحمد يمكن لحد الآن مش مقتنع بيه بس مقتنع انوا الصح ...
ثم ربت على كتفه وتابع :
_ هيجي يوم وتتخلى عن حاجه بتحبها عشان تقدر تعيش من غير كره لأنوا ساعات بيطغى على اي احساس تاني وبيتملكك بأنانية ومش بيهمد غير بعد ما تنتقم من الـ بتكره دا ..
هتف أحمد مازحًا :
_ عندك تار ولا ايه با ابن عمي ..!
ابتسم وليد مردفًا :
_ لا تار ولا حاجه ..، يلا روح شوف وراك ايه وارجع نكمل سهرتنا ...
ودعه وليد فاستقل الأخر سيارته ورحل مبتعدًا عن المحيط متوجهًا نحو منزل اللواء دياب لخبره عما توصل له من معلوماتً هامة ستطيح بتوقعاتهم التي وضعوها ارضًا .
..........................................
في أحد مناطق مصر الجديدة هتف دياب الماكث يتابع أحد ملفات تلك القضية الخطيرة ،استمع لشجار ابنائه فصاح بغضب :
_ ما تتلم يا ابن الكلب منك ليه مش عارف اشتغل ....، شوفي عيالك يا منيرة .. الله
فتحت منيرة الباب ودلفت هاتفه بنيرة مغتاظة :
_اوم شوف عيالك يا ديااب انا خلاص طهقت منهم ،بيتخانقوا على الزفت البلايستيشن ... اقسم بالله هروح اكسره على دماغهم .... ودماغك انت كمان عشان انتَ الـ جبت الزفت دا هنااا ...
أمسك دياب سلاحه الناري ثم وقف مقتربًا منها بسرعة ، وهتف بنزق :
_ أنا مش عارف ماقتلتكيش من أول يوم ليه ..، كانت جوازة مهببه ... في واحدة محترمة تقول لجوزها كدااا ...
أدركت فداحة خطاءه ، فهي عندما تغضب لا تعلم ما تقوله وتلك المشكلة كادت تتسبب في طلاقها يومًا ما .
ابتلعت ريقها هاتفه باضطراب :
_ سوري يا دبدوبي ... زلة لسان والله معلش .. يا رب يتكسر على دماغي أنا يا حبيبي ...
هذا السان اللعين يستطيع أن ينسيه حتى اسمه ، كاد أن يتحدث لولا انه قاطعه صوت صراخ ابنه الكبير عبدالرحمن ، فألقى سلاحه على المكتب وهو يهتف متوجهًا لهم :
_ مخلافالي شوية معاتيه يا منيرة الله يسامحك ...
_ ما نجيب بنوته كمان لو عايز ...
عاد إليها راكضًا بلهفة ثم قال :
_ بجد يا منيرة ينفع ..، يعني السن دا ممكن ربنا يكرمنا ببنت ...
ضحكت هاتفه بنبرة ساخرة :
_ بنت ايه ... امشي يا راجل عيالك الاتنين في
الجامعة ... لما صحابهم يسألوهم مش بتيجوا ليه يقولهم اصل ماما حامل واحنا بنساعدها في شغل البيت ....
اكفهرت ملامح دياب فلطالما تمنى أن يرزقه الله ببنت لكن لم يحدث ، حيث انه بعد انجاب ابنه الأصغر مازن حملت منيرة ثلاث مرات ولم يكتمل حملها والى الآن لم تحمل قط .
همّ بأن يتوسل لها كي ينجبوا مرة أخرى ويذهبوا لمتابعة طبيب الا أن صوت رنين الجرس قاطعه فطالع ساعة يده باستغراب من تأخر الوقت فالوقت قد قارب على العاشرة ولا يأتي ضيوف بهذا الوقت .
هتف دياب بجدية :
_ ادخلي يا منيرة ..، وسكتي ولاد الكلب الـ جوا دول عشان ما بيتهمش في التخشيبة ...
_ طب مين يجي دلوقتي دا ..
_ هشوف اهو .. ادخلي بس ..
خرجت من غرفة المكتب ثم توجهت نحو أحد الطرق التي تؤدي الى الغرف الداخلية ومنها تستطيع رؤية من طرق دون أن يراها .
توجه دياب ليفتح الباب ،وجد أحمد أمامه فعقد حاجبيه باستغراب هاتفًا :
_ أحمد ..!! تعالى يا بني اتفضل ...
ثم أفسح له الطريق ليدلف لداخل ، فتقدم أحمد مردفًا بحرج :
_ معلش يا سيادة اللواء جيت من غير معاد بس الموضوع ما يتأجلش ...
_ ادخل يا بني انت صاحب بيت ... وبعدين موضوع ايه دا .. قلقتني ..!!! ، تعالى
توجه أحمد معه نحو غرفة مكتبة فدلف أحمد ورائه ثم أغلق الباب خلفه ، توجه على أحد المقاعد الخاصة بالمكتب وجلس عليها ،بعد ان جلس دياب على مقعده خلف المكتب ، ثم اقترب بجسده للأمام هاتفًا :
_ ايه يا بني في ايه ..!
أخذ احمد نفسًا طويلًا ثم زفره بتمهل وبدأ يقص عليه مردفًا :
_ أنا عارف إن حادثة نبيل حضرتك وكلت واحد يتابعها ويعرف اي الـ حصل ، بس دا اخويا وأنت مقدرش أقعد اتفرج كدا وانت ساكـ..آآ
قاطعه دياب مردفًا بحزم :
_اوعى تكون عملت حاجه من نفسك يا أحمد ...
_دا اخويا يا سيادة اللواء مينفعش أفضل قاعد حاطط ايدي على خدي مستني لحد ما واحد ربنا ينتعه بالسلامة ويجيب نتايج التحقيق الـ احتمال وارد تكون مغلوطة وملاهاش أساس من الصحة ، فعشان كدا اتصرفت أنا ووصلت لمعلومات مهمة جدًا ... وسعت الدايرة بتاعت المشتبه فيهم في مصر ، بس في نفس الوقت كل التوقعات الـ حطناها ملاهاش لازمة ...
ظهر الأندهاش جليًا على وجهه دياب ، فهتف :
_ وضحلي أكتر يا أحمد ...
_ يا فندم خطف البنات دا والقضية الـ مسكنها ليها ناس كتير في مصر من ضمنهم رجل الأعمال سيد مُختار ...
وثب دياب وقفًا بصدمة وهو يقول :
_ سيد مُختاار مين دا يا أحمد ... الراجل الـ بيطلع كل سنة أفواج للحج والعمرة ..!! ، انت اتهبلت يا ابني ....
_ لاء يا سيادة اللواء .. سيد ورياض دراعه اليمين ليهم يد في الموضوع دا .... وكمان يعرفوا عبدول وناصر ودا من مصدر موثوق على فكرا .. والمصدر في الحفظ والصون ...
جلس دياب على مقعده وهتف بنبرة مهتمة :
_احكيلي كل حاجه تعرفها يا أحمد .. دا الموضوع طلع اكتر ما كنا فاكرين ...
...............................................
أوصلها للمنزل بعد أن شعرت بحاجتها للنوم فهاتفتها لتخبره بأنها سترحل فاخبره أن تنتظر وسيقلها هو .
همّت بفتح الباب ، فعادت مجددًا وهي تقول :
_ يعني مش هتطلع معايا يا وليد ...
زم شفتاه بأسف مردفًا :
_ معلش يا حبيبي ، ساعة وتلاقيني عندك مش هتأخر ...
أشاحت وجهها بعيدًا وفتحت السيارة مردفه :
_ طيب براحتك ..
ثم هبطت من السيارة وقبل أن تغلق الباب نادها هاتفًا باسمها فاستدارت ؛ليقول :
_ مش هتأخر وارجع القيكي صاحية ... تمام ..!
_ لاء هطلع انام .. وما تتكلمش معايا تاني ...
ثم تركته ودلف لداخل فزم شفتاه بتأفف مردفًا بتريقه :
_ وما تتكلمش معايا تاني ...
هبط من سيارته صافقًا الباب بحدة ثم توجه لداخل ملقيًا مفتاح السيارة للحارس الذي تلقفهُ بسرعة تحت هتاف وليد الجاد :
_ دخل العربية الجراچ ...
وتوجه نحو الداخل سيرًا حتى وصل لبوابة القصر الداخلية فأخرج مفاتيحه ليفتح الباب ، ثم دلف .
تقدم من الداخل فوجد والدته تجلس وتجاورها زهرة التي التمعت أعينها بالخبث حالما وجدته يدلف ورائها ، اقترب منهم فهتفت منال متسألة :
_ اتأخرت ليه يا ابني ،دا زهرة قالتلي جاي ورايا علطول ..!
رفع حاجبيه باندهاش قليلًا سريعًا ما أخفاه وهو يطالعها بتوعد بينما هي اكتفت بنظرة قطة وديعة تحمل البراءة ، توجه نحو والدته وهو يهتف :
_ معلش يا ماما عقبال ما ركنت العربية ...
ثم احنى ظهره متلقفًا يدها مقبلًا اياها بحنان مردفًا :
_ ايه الـ مصحيكي لحد دلوقتي يا ست الكل ...
جلس جوارها فربتت على كتفه بحنان وحركت هاتفها بيدها وهي تقول :
_ مستنيه اطمن على أختك يا حبيبي ....
تذكر أن سراج وسُمية تحركوا من بعد صلاة المغرب من مدينة الغردقة عائدين الى هنا ،فأردف متسألًا :
_ راجعين طيران ولا بالعربية ...
_ لا يا حبيبي بالعربية ، رنيت عليها من شويا قالتلي فاضل ساعة وتكون هنا ...
هتفت زهرة بخفوت :
_ يرجعوا بالسلامة ان شاء الله ...
التفت منال لزهرة هاتفه :
_ اومي يا بنتي حضري ليكي ولجوزك لقمة تاكلوها ..
التمعت عيناها بالخبث وهو يقول ممسدًا على بطنه :
_ ايه يا زهرة عشان جعان جدًا ... يلا
شكت من نبرته تلك انه لا ينوي خيرًا ،لكن لوجود منال اضطرت للقيام وتحركت نحو الأمام لكن من اتجاهه فتحرك معتدلًا بصورة سريعة عندما اقتربت منه فابتعدت فزعة وهي تشهق عاليًا بخضة ، فقال ببراءة :
_ ايه يا بنتي مالك سرعتيني ..!
بينما منال فهتفت مستنكرة :
_ ايه يا بنتي ،خدي بالك ...
طالعته بشر ثم وكزته بقدمه بحدة فكتم تأوه في جوفه حتى لا تنتبه له والدته ، واتجهت زهرة سريعًا نحو الخارج ذاهبة للمطبخ .
كاد أن يقف ليذهب ورائه بحجة واهية ، لكن صوت رنين هاتفه جعله يعتدل مخرجًا اياه من جيب بنطاله ليجد أن المتصل هو أحد الرجال المدسوسين بين حراس فيلا عزيز العدوي .
وقف مجيبًا بسرعة وهو يبتعد عن والدته بخطوات سريعة ، حتى وقف في الخارج مردفًا :
_ ها يا مرعي ايه الـ حصل عندك ...
_ والله يا باشا في عربية أسعاف لسا داخله الفيلا دلوقتي بعد ما لقوا عزيز مرمي قدام الفيلا ومكنش حد اتعرف عليه لسا ، بس في وحده من الخدم اتعرفت عليه ، ولسا من شويه لقينا عربية اسعاف داخله ،معرفش مين الـ طلبها ..!
_ امممم ،وليلة الـ فاتت دي قضاها فين ..!
_ كان في غرف الخدم تحت عشان مكنش حد يعرفوا ، لحد الصبح وفي وخده من الخدم زي ما بقول لحضرتك اتعرفت عليه ..!
ارتاب في الأمر قليلًا ، فهتف بشك :
_ هما يعني جاين يطلبوا الأسعاف دلوقتي ..! ،مطلبوش من بدري ليه ..! ، ما شفتش اي حركه غريبة طيب او حد حاول يدخل الفيلا يا مرعي ..!
_ لا يا فندم والله ..
أغلق وليد معه وقد ملئ الشك عقله ، فهو قد أظهر عزيز الآن كي يستطيع الإمساك بياسر والقضاء عليه لكن بتلك الطريقة يبدو انه من الصعب ، طالع هاتفه يرى الساعة ثم التمعت عينها بمكر ، فقط باقي القليل على عزيز وسينتهي امره للأبد .
..............................................
بفيلا عزيز العدوي ،دلف اثنين من الممرضين نخو الغرفة الماكث بها يحملونه على السرير النقال ثم تقدموا به للخارج ، صعد واحد من الأثنين اولًا لسيارة الاسعاف وهو يحمل أحد جوانب السرير ليضعه بمكانه الصحيح ، وبعد أن تأكدوا من موضعه المريح والصحيح اتجه الممرض الأخر ليمكث بالسيارة لكن من الأمام بجوار مقعد السائق ، فاتجه الممرض الذي بداخل ليغلق الباب ثم عاد ليجلس بجوار جسد عزيز .
بدأت السيارة بالتحرك وارتفع صوت جرسها العالي في الأرجاء بتلك الساعة التي تعدّ متأخرة ليلًا .
خرجت السيارة من محيط فيلا عزيز ، وهي تتقدم نحو الطريق الرأيسي ليتجه نحو المشفى التابعة لها
داخل كابينة السيارة ، رفع الممرض يدهُ لينزع الماسك الذي يضعه على وجهه ثم طالع عزيز النائم مردفًا بنبرة متألمة :
_ أذيك يا عزيز بيه ...، ولا يا بابا ..!! ، تعرف .! ، موحشتنيش خالص ...، لأن زي ما انت عارف وجودك زي عدمه يا باشا ، كنت بدور عليك عشان اسمي بس ، عشان لنا خد يسأل عليك مبقاش عارف ارد ...، وليد الـ عمل فيك كدا صح ..!! ، هيقتلك بنفس الطريقة الـ قتلت بيها ابوه ..!!!
ضحك بتهكم مردفًا :
_ لا يا عم ما تستغربش اني عارف ..! ، أنا عارف كل حاجه يا عزيز بيه ...، اصل اقولك على حاجه ..!
اقترب من أذنه هاتفًا بكره :
_ سمعت كلامك مع سيد مُختار ليلتها ..! ، مش هو الـ جابلك السم ..! ، وهو الـ قالك ان مفيش اوامر جات بقتله لسا، بس كنت مخطط تقتله برضوا..!!!
عاد بظهره للخلف ثم وضع يده على وجهه دلالة لأنه يفكر ثم همس بحزن مصطنع :
_ يا ترى وليد باشا المبجل هيعمل ايه لما يعرف ان جدو وابوه كان كل شغلهم شماال ..!!!

....................................
..........................
.................
..........
....
..
.

كل سنة وانتم طيبين وبخير🤍
يا ريت تصويت على الفصل دا جامد شويا، بدل ما انتوا ميتين كداا
امال لما ندخل في رمضان هتعملواا ايههه🥺🙊

تائهة فِي سَرَايَا صَفْوَان  © -مُكتملة- حيث تعيش القصص. اكتشف الآن