تبعثرتُ في أحضانكِ القِماط

509 13 3
                                    


تبعثرتُ في أحضانكِ القِماط

تأليف
حسين عبد الحسن محسن

فُسِخَت خُطوبة مَن وَضعا إصبعيهما في خاتَم واحد .
قَدَمَيْن كأنهما مِقَصّ ،
يتجولان في تفصيل آثارهما تحت ظِلال الفِرْجار ، على إيقاع أجراس المرياع .
تنهيدات إسرافيلية تتبرعم في جنازة إله مجهول مِن الحضارة المينوسية .
المكان مُزْدَحِم بشجرة السَّلَّة .
تسعة أشخاص ذوي ملامح برونزية ،
وبِقُبَّعات زرقاء وأحذية عريضة مصنوعة مِن الحجر الجيري ، مغلَّفة بلصائق مهترئة ، لمحتهم في مُتْحَف برلين .
توقَّفَت عَرَبة مِن الطِّراز الآشوري ، منقوش عليها صورة شيدو لاموسو .
صهيل لا يعلم أين مسقط رأسه ، خرج عن مساره المعتاد كَشِهاب رمادي النَّزْف في فضاء القرابين .
كنتُ مختبئًا خلف الأوفريس الأصفر أُراقب تحركات خادم الرَّب ، وفجأة شعرتُ باسترخاء غريب ، أبصرتُ يدًا مِن دُخان سجائري تُداعب بعض الأعشاب التي تنفر مِن رائحتها القِطَط .
يخيَّل إلي انني سأشرب نَخْب ما بين المَصْل وكأس سقراط .
كلّ ثعلب يضلّ طريقه يتّجه صوبي آملًا أن يقطع Van Gogh كلتا أُذُنيه مِن أصلهما .
لا شيء غير الفَزَع والرصاص الخشبي يتهامسان لتصفية الحساب مع مضيعة وقت لا يركن إليه سوى الهواتزين ، بِثِقة يتفاقم معها الحُكاك .
لا أسمع غير سعالهم يتبختر في أثناء تنقيبهم عن الفساتين مكشوفة الأكتاف ، المفتولة كَحِبال الصاري حَوْلَ برج بابل .
هَمْهَم أحد الشّحّاذين وكان متوتِّرًا إلى أقصى حدّ بيد أن ذاكرته كانت تستجيب له بشكل مذهل ، رفع يداه الشبيهتان بِمِغْرَفة مثقَّبة إلى السماء .
سالَ لُعاب مقاومة الهواء ؛ رِيش الطاووس يزيِّن الهبوط الاضطراري ، تسريحة ذيل الحصان تعمل جنبًا إلى جنب مع حَبْل التسلُّق .
ما زالت العَرَبة في مكانها تلقي الطُّعْم إلى خنفساء جالوت .
لصوص الآثار يختبئون في الأجراس العملاقة ، يجعلون أصابعهم في آذانهم المقطوعة قديمًا .
تلك النظرات اللازوردية السائحة ، رُمِيَت كطعام للكلاب .
الحصان الأشقر الذي تمازجت رموزه مع أُغنية جوبيتر في كلّ أُمسية ترتادها زهرة أعواد الثقاب .
في ليلة شتويّة ذات شجرة عيد ميلاد هجينة ، وَقَعَ بصري على ساعة جدارية كئيبة ، دوران عقاربها تساعد العنكبوت على نَسْج بيته .
بدأ الثلج يتساقط على قُبَّعة الصياد اليوناني ؛ الفزّاعات والمَعَاطِف وَحَجَر الصَّوَّان الذي تدلَّت مِن دُقاقه زهرة الجرس ،
والبهلواني الذي يسير بحذر شديد على الحَبْل الملامس للأرض .
تسعة أشخاص بِصُحْبة قِطّ فرعوني يتحدثون مع الجماجم المُطَحْلَبة ؛
عابِرٌ منهم على حافّة جحيم دانتي أَلمَّ به إعتام عدسة العين ، أَقْسَمَ انه رأى قوس قزح انْدَلَعَ مِن ألسنة النيران . تمدُّد الزمن ، هل هذا ما يبتغون ؟ الماضي ولا شيء آخَر حين تغمض عينيك .
آلة الزمن لا تحبِّذ النَّحْت على القبور التي لم يتكيّف أصحابها معها .
آه أيتها الروح المستنقعية المسكونة المُخبَّأة في زُجاجة عِطْر متعفِّنة ، يا أسرى الحرب منذ أوّل عاصفة انسابت مِن شرايين القيثارة .
الفرق بيني وبينكم انني أنا النَّصّ والكاتب والممثِّل والجمهور ، أنا المسرح والمسرحية كاملة .
اجمعوا العظام الرميم قبل أن تبدأ الحفلة وارقصوا على جُثَث الألقاب وثبِّتوا الأوتاد حَوْلَ القبور وارجعوا إلى الوراء حيث مَصَبّ شمس بِمَعْزِل عن الشرق والغرب .
استعرضوا هفواتكم مع التُّراث لاستقطاب الكثير مِن السُّيَّاح ؛ أنا هنا أنتظر تيريسياس بفارغ الصبر .
سَبْعَ سُنْبُلَات خُضْر في ذاكرة الطفولة ( فقدان الذاكرة التفارقي )
تسلَّلنا مع أنصاف الآلهة نقلِّد تأنيب الأُمّ في ساعة متأخرة مِن الليل ؛ ولأننا سُذَّج كَقِصَص الحُبّ ، رمينا نافذة صديقتنا رنيم بِحَجَر الهبهاب ، لَوَّحَت لنا بِنَزْعة جارفة لِلَّعِب تحت ظِلال تمثال رودس .                                                                                           قفزَت مِن قوقعة التحنيط مُطلِقة نداء استغاثة على هيئة نظرية الصُّدْفة .
تمسَّكَت بأجنحة فراشة ، اعتقدَت انها ترمز إلى كلّ ما هو مجهول ، حبوب اللقاح متشبثة بها أيضًا ، حَلَّقَت فوق الحدائق المعلَّقة بِمحاذاة نافورة عِملاقة ، يتدفَّق مِن ذؤابتها الغِراء .
تبعها الجِسْر ذو القوارب الشبيهة بِوَرَق اللَّعب خطوة خطوة ، هناك لَمَّا بانَ لها مهرج في قبضته صولجان مُرَصَّع بأُسطورة الخَلْق .
وكما يَمصّ الطفل إبهامه ، مَصَّ الرحيق المتطاير شفتاها ، حدَّقَ تثاؤب خفيّ في وجنتيها ، تهيُّج لا معنى له ؛  حَطَّ زاغ مقنَّع مَحْزون على شجرة Kauri يترقَّب عودة رفيقته منذ أكثر مِن هجرة .
كنتُ أعلم ان الآثار الواضحة لا تخلِّف آثارًا ، ثُمَّ أشارت بسبابتها إلى نجم الإلية .
سارت بمحاذاة عَرَبة الموتى متحسِّرة ...
عينان مهجورتان ، لا أحداث لهما ، معلَّقتان على شباك التذاكر .
ارتجال الأُوْبِرا لفكّ اللعنة .
قوسان لا يجيدان التعبير رغم النُّدُوب العميقة للإصابة .                                       كيركي والتلاعب بالمحتوم ،                                                                               ثماني عشرة قَدَمًا تحوّلن إلى سُلَّم بين الفحمي والزمردي في حفلة تَذْكاريّة تضجّ بالعُواء ؛ هي الوحيدة التي كانت تطفو فوق نهر السين ، أيتها اللوحة النادرة للطور الأول مِن التصوير العظيم لأجنحة إيكاروس الشاحبة الساطعة .
حَقِيبة يد فارغة ، نُسِيَت على مِشْجَب مغطّى بأعشاش الحباك المقنَّع ، أربعة خيول تطوف حَوْلَهَا .
بدأ الحِوار بينها وبين عَجْزها ، انها خجولة جِدًّا ، لا تُخرِج رأسها مِن نافذة الغيوم ولا مِن شفّافيّة بعض المتاهات ، لا يمكنها أن تعي انها غير واعية ، كم هي جميلة وخائفة ، عندما يجتمع الجمال والخوف يَحتلِم الرِّثاء :
هَيَّا قُلْ ، أين طائر القيثارة ؟
لقد اشتريتُ مِعْطَفًا مِن المَحَلّ الثالث ،
وراء المُنْعَطَف الكبير ، على اليمين ،
قُرْبَ مخازن البارود ، نعم انه مُتنسِّر قليلًا ولكن لا بأس به لحضور بعض المناسبات .
عودي أدراجكِ ، لقد حَلَّ الخريف ، ولكن أين طائر القيثارة ؟
أنا هنا مع تيريسياس ، ننتظر بفارغ الصبر ...

9 مارس 2022




  

🎉 لقد انتهيت من قراءة تبعثرتُ في أحضانكِ القِماط 🎉
تبعثرتُ في أحضانكِ القِماطحيث تعيش القصص. اكتشف الآن