الفصل الرابع

6.1K 179 4
                                    

بعد مرور سبعة أعوام .. 
تململت في سريرها بإنزعاج بسبب ذلك الصوت الذي يعكر مزاجها كل صباح، نهضت من مكانها و أنهت رنين هذا المنبه المزعج، تنهدت بتعب ثم اتجهت الى الحمام و غسلت وجهها و رتبت شعرها ثم خرجت و اتجهت الي المطبخ لتعد لها بعض القهوة و جلست علي إحدى المقاعد به لتحتسي قهوتها الساخنه وهي تقرأ إحدى الجرائد وبعد لحظات أحست بيد توضع علي كتفها فابتسمت بهدوء والتفتت لها، أردفت:
- ماما فاطمة .. صباح الخير
- صباح النور يا حبيبتي .. صاحيه بدري ليه ده أنتِ نايمه متأخر
- أعمل إيه ما انتِ عارفه أن عندي شغل كتير
- ربنا يقويكي يا حبيبتي .. هو فين بابا جمال صحيت الصبح ملقتهوش جمبي
- خرج يتمشي شوية .. انتِ عارفه أنه بيحب يخرج بدري كده يستمتع بأول النهار
ضحكت المرأة المسنه بحب وقالت:
- طول الاربعين سنه اللي عيشتهم معاه وهو متعود يعمل كده .. بس ولا مره قالي تعالي اتمشي معايا الصبح بدري
- يمكن عشان مش عايز يزعجك في عز نومك
- اقنعتيني يا ستي
ضحكت براء ثم نهضت من مكانها وقالت:
- تحبي احضرلك إيه على الفطار النهاردة
نظرت لها فاطمه بحب و قد تكونت بعض الدموع في عيونها لتلاحظها براء فاقتربت منها بسرعه ومسحت دموعها وقالت بقلق:
- مالك في ايه؟! ليه الدموع دي
- دي دموع الفرحه يا بنتي .. مكنتش أعرف أن ربنا بيحبنا اوي كده علشان بعتك لينا .. من سبع سنين للنهارده و أنا بحمد ربنا كل ما أبص في وشك كل يوم الصبح .. بحس أد إيه ربنا عوضني بيكي عن كل حاجه في الدنيا .. أنا مكنش مكتوبلي إني أخلف بس برضو ربنا رزقني بإحساس الامومه و كمان أداني زوج عظيم و..
قاطعتها براء لتقول:
- و أب عظيم كمان .. عمري ما هنسي اليوم اللي اتجمعت معاكم فيه
- حبيبتي ربنا ما يحرمنا منك .. سيبيني بقى أنا اللي أحضر الفطار النهاردة .. ارتاحي
أبتسمت لها براء و جلست على إحدى الكراسي في المطبخ وسرحت بذاكرتها قبل سبع سنوات لتعود الى اليوم التي تركت فيه الملجأ
قبل سبع سنوات ..
خرجت براء من الملجأ بعد أن ودعت جميع أخواتها وسط دموعهم الغزيرة، وقبل أن تخرج من باب الدار ركضت حنين نحوها لترتمي في أحضانها ببكاء وقالت:
- بالله عليكي ما تمشي .. خليكي معايا
- غصب عني .. لو عليا مش عايزه اسيبك ابدأ .. خلي بالك من نفسك و مهما حصل في الدنيا مصيرنا نتجمع تاني .. خليكي فاكره ده
نظرت لها حنين بدموع ثم أبتعدت عنها براء وخرجت إلى الشارع و ظلت تجوله بعدم تركيز وقالت في نفسها:
- أنا أسفه إني كدبت عليك يا كريم .. بس أنا قررت إني أبعد و أقلب صفحة يامن من حياتي لأني مش هستحمل وجع تاني .. يارب أنا عارفه أنك مش هتسيبني لوحدي أنا مليش غيرك
ترقرقت الدموع في عيونها مع اخر جملة لتتساقط علي وجنتيها الشاحبه مسحت دموعها بسرعه حتي لا يلاحظها أحد و نظرت أمامها لتجد أنها قد وصلت إلى محطة القطار، دلفت إلى المحطة و أخرجت كل ما تمتلكه من نقود من حقيبتها الصغيرة المصنوعة من الصوف و التي قد صنعتها بيدها و وجدت أنها تمتلك بعض النقود فقط و التي تكفي لشراء تذكرة إلي مدينة الإسكندرية وبعض اللقيمات حتي تتناولها، فكرت للحظات ثم عزمت أمرها واشترت التذكرة وصعدت إلى القطار مودعه تلك المدينه بذكرياتها المؤلمه ..

أقدار بلا رحمةOnde as histórias ganham vida. Descobre agora