الفصل الثالث

Start from the beginning
                                    

كان علي جالسًا في الحديقة لا يتحدث مع أحد حيث قاطع والده و والدته بعد أن اخفيا عنه نبأ مرض حازم و دخوله المستشفي كما أنها منعاه من الذهاب لزيارته لذلك ابتعد عنهما و أصبح لا يخاطبهما حتي أنه كان يرفض تناول الطعام معهما. ربما الكثير لا يعمل العلاقة التي تربط كلًا من حازم و علي و لكن لم يسبق أن تعامل حازم مع علي كونه ابن للذين يعملون لدي والده. كان حازم صديق مقرب لعلي ربما هو الوحيد الذي كان يتعامل معه علي طبيعته لم يسبق أنه جعله يشعر بالعجز أو بالاعاقة التي يعاني منها طوال حياته، كان حازم حريصًا علي معاملته بشكل طبيعي، حتي أنه كان يأخذه معه في بعض الجولات التي يقوم بها، كان يدافع عنه إذا قام احد بالتنمر عليه، كان لا يسمح لأحد بتخطي الحدود مع صديقه، كان لا يتعامل معه معاملة السيد مع الخادم، كان يعرف انه يتحدث مع إنسان طبيعي ربما ما جعله مختلف عن الباقية هي الظروف التي نشأ بها و لكن يجب علينا ألا نجعل الفرد يشعر بمدي حجم اختلاف تلك الظروف. إذ نظرت حولك بالطبع ستجد ظروف الأشخاص تختلف عن بعضها البعض و لكن ما يجعلنا لا نشعر بمدي ثقلها ربما المحيطين بنا. يقال ان ما يجعل الشخص ينسي مشاكله هو عدم تذكيره بها و لكن ما يحدث مع علي كان العكس ربما لم تقال صراحة و لكنه كان يشعر بعجزه في كل مرة كانت رانيا تشمئز من التعامل معه و في كل مرة كانت تمنع ابنتها من التعامل معه بل كانت تجعلها تخشاه في معظم الأحيان، كام يشعر بعجزه في كل مرة يخبئه والداه عن أعين الناس و يمنعاه من الخروج، يشعر أنه لم يعش حياته مثل الباقية لذلك كان لا أحد يفهمه سوي حازم. دخلت سيدة علي علي لتدعوه لتناول الطعام معهما و لكنه رفض كعادته لتحزن و تقترب منه جالسة بجانبه و تتحدث معه
سيدة:- و بعدين يا علي يابني هتفضل مقاطعنا كده و مبتاكلش معانا؟!!
علي:- مش عاوز أكل ولا عاوز أشوف حد و لا عاوز حد يتكلم معايا نهائي
سيدة:- عشان خاطري يابني متوجعش قلبي كفاية وجع قلبي علي حازم بيه مش هتبقي أنت و الظروف عليا
علي:- و أنتي ليه طول عمرك كنتي بتيجي مع الظروف عليا يا ماما؟!! ليه علي طول انتي و بابا محسسني أني أقل من الناس، ليه علي طول حابسني في كومة مش عاوزني اطلع منها و الوحيد اللي كان بيطلعني منها و بيهون عليا كل الظروف دي مرمي دلوقتي بين الحياة و الموت و برضه ماقلتليش، أنتنتوا مش بس مانعني أني أعيش زي البني أدمين الطبيعيين إنتوا كمان مانعني أحس زيهم، مانعني ازعل زيهم، أنا لما بزعل بحس أني بزعل عشان الظروف اللي علي طول بتفكروني بيها مش عشان أنا شخص طبيعي لازم يزعل و يفرح عشان دي سنة الحياة، حتي حق الزعل علي صاحب عمري جردتوه مني لما خبيتوا عليا و ماتقوليليش خايفة علي زعلي عشان إنتوا اصلًا مضايقني و إنتوا كش حاسين، علي ماتخرجش، علي لما حد ييجي خليك في الأوضة ماتطلعش، علي استني أنا هاجي أاكلك، علي ماتعملش، علي ماتسوييش. الوحيد اللي مكانش محسسني بعجزي هو حازم، الوحيد اللي وراني أني لازم اتغلب علي الظروف و اعيش كان حازم، الوحيد اللي كان مبيخافش من عيون الناس و هو ماشي معايا كان حازم، إنما أنتي يا ماما لو بصيتي أنتي و أنتي ماشية معايا بتبقي علي طول خايفة و قلقانة، خايفة من بصات الناس و قلقانة من كلامهم. أنا لو المفروض كنت أحس أني طبيعي فالمفروض أنكم إنتوا اللي كنتوا تحسسوني بكده بش إنتوا أول ناس بتحسسني أني مش طبيعي، إنتوا اللي المفروض تقولولي متهتمش بكلام الناس و تخلوا حياتي متقفش بتتصرفوا تصرفات تكسرني. أنا عايش حياتي مكسور يا ماما و لو حازم ربنا خده مني هتبقي حياتي انتهت، هبقي جسد من غير روح، عشان الروح اللي تعيش مكسورة يبقي الموت أهون عليها.
سيدة:- كل ده يا علي؟! كل ده شايله في قلبك و ساكت يابني. ليه متكلمتش معايا جول الفترة اللي فاتت يا حبيبي؟
علي:- عشان أنا ماكنتشعاوز اتكلم يا ماما، كنت عاوزك تحسي بيا من نفسك مش تستنيني اما أجي اتكلم و اشكي، مش بيقولوا محدش هيحس بيك قد والدتك! أنتي بقي إزاي محستيش بيا طول الفترة اللي فاتت معقول مخطرش في بالك للحظة! للدرجادي كنت عارف اخبي؟! من فضلك ياما سيبيني دلوقتي عشان أنا معنديش طاقة اتكلم أكتر من كده سيبيني الله يكرمك و يا ريت لو حد اكلمكم أو عرفتوا أي حاجة عن حازم متبخلوش عليا تقولولي عشان محدش هيكلمني من نفسه يقلي حاجة. روحي يلا كلي بالهنا و الشفا عليكم.
أدار علي وجهه للجانب الأخر لتحزن والدته و تشعر بتشذرم قلبها بعدما أفصح ابنها عما في قلبه فعلي لم تكن تتخيل يومًا أنها ستكون بسبب في الم ابنها يوم ما كانت تعمل علي حمايته و أبعاد أي ألم عنه و لكن ما لم تخشبه أنها سبب هذا الألم الذي يشعر به. خرجت سيدة و جلست مع زوجها الذي كان ينتظرها هي و علي يتناولوا الطعام معًا و لكنه لم يندهش عندما وجدها آتية بمفردها لتجلس بدون حديث ليبادر الأخر
عزيز:- برضه مش عاوز ياكل؟!
سيدة ببكاء:- يا ريت كان الموضوع أنه بس مش عاوز ياكل يا عزيز، الواد طلع شايل في قلبه كتير و معبي و ساكت. تخيل بعد كل ده عرفت أني السبب في اللي هو فيه، أني السبب في كسرته و عدم ثقته في نفسه. ثقته في حازم و تعلقه بيه متولدش من فراغ لاء ده حازم طلع هو اللي كان مالي الفراغ ده و مافيش حاجة هتعرف تملي الفراغ ده غير ان حازم يقوم بالسلامة.
عزيز:- أن شاء الله يا سيدة ربنا ينتعه بالسلامة علي الأقل عشان خاطر بنته لسة صغيرة يا عيني حرام تكبر من أبوها. يلا بسمالله
سيدة:- مش قادرة يا عزيز كل أنت ياخويا بالهنا و الشفا أنا لما اجوع هاكل
عزيز بضيق:- لاء و علي ايه أنا مش هاكل لوحدي أنا قايم اشوف شغلي.
رحل عزيز تاركًا سيدة تفكر في حديث ابنها و الألم الذي يحمله في قلبه تجاه عائلته و اخذت تدعو ربها ليقف بجانب ابنها و ذلك الماثل في المستشفي.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _

حب محرم Where stories live. Discover now