الفصل الثاني والعشرون.

4.3K 176 41
                                    

#الفصل_الثاني_والعشرون.
#أحكام_القلوب.
"سبحان اللّٰه والحمد للّٰه ولا إله إلا اللّٰه واللّٰه أكبر ولا حول ولا قوة إلا باللّٰه العلي العظيم" 🧡🦋
رمشت بأهدابها تمنع قطرات دموعها الندية من الهبوط، تبكي إلتعاج قلبها حبًا لشخص يفتقر للمشاعر تجاهها.
نظرت من نافذة القطار السريع، يسابق الحياة تاركًا ذكرياتها من ألم وحب، تترك وطنًا لم يكن يومًا لها.
قررت الرحيل، دعست حنينها له وشوقها، كما يدعس القطار قضبانه الحديدية.
النقطة الفاصلة لحكايتها التي تدفع فيها من طاقتها وحبها هي حلم، بل كابوس مؤلم ولكنه الحقيقة الأكثر إيلامًا.
كأنها إشارة، للهرب بما تبقى من قلبها.
_ هو أنت رجعت تحبها؟!
أجابها بنصل بارد أصاب قلبها ففتك به.
_ أو لسه بحبها أساسًا.
_ أنت عاوز تقول أي يا مصطفى؟
حديثها مضطرب، لا تصدق للآن ما يقوله، تعلم حبه لجاكلين، ولكنه.. لكنه منذ سنوات ولت، وهو لا ينشغل بالماضي، أي نسيها ونسى حبه، أو دعسه كخرقة بالية.
_ اتفقنا إننا هنتجوز يا حنين، كفاية بعد لحد كدا، أنا لسه بحبها وهي كمان بتـ....
_ بس بس...
وضعت كفيها على أذنيها حتى لا تسمع أو ترى كيف يستحل دماء حبها له، يلوث مشاعرها النافرة بعشقه.
حبها كشجرة إجتث جذورها توًا بلا شفقة، جز أصولها جزًا.
أتحبه بعدما قال وفعل؟
قلبها يخبرها بأنها ستفعل، أما عقلها يوسوس لها بأن تنتقم، وإن انتقمت، لن ترجع حنين مرةً أخرى.
_ طب وأنا يا مصطفى؟
رغمًا عنه تأثر بسؤالها، رأت هذا بعينيه جليًا، ولكنه أخفاها ببراعة وهتف يذكرها بوضعهما، وكيف تزوجا.
_ أنتِ أكيد فاكرة ظروف جوازنا، وأنا مش مجبر أكمل معاكِ.
لا لا، لم يكن هذا مصطفى مطلقًا، شخصًا آخر، لا تعرفه.
كيف لرجل كان كل ما تملك، كل ما يتبقى لها من السعادة، حبيب، وأب وأخ، وبلحظة تكتشف أنها أمام شخص آخر، كأنها تلتقي به ولأول مرة، في موقف أسوأ ما يكون.
تقدمت منه جاكلين والتفت كفها حول ذراعه لتأخذه بعيدًا عنها، بينما هي تصرخ وتصرخ ويرتج جسدها إنفعالًا...
لفظت من تذكرها الكابوس الذي خاضته الليلة الماضية على ارتجاج القطار وهو يبطىء من حركته متأهبًا للوقوف بالمحطة، كحياتها محطات، تترك واحدة لتستقبلها الأخرى، كل محطة بأوجاعها.
وطأت أرض الصعيد، حيث صديقتها العزيزة، نورسين.
___________________________________
طوقتها نورسين بشوق، فقد التقت بصحبتها بعد طول غياب، صديقة كانت لها الداعم الأول رغم كأبتها التي تصيبها بالجنون ولكنها مستمع جيد، ذات أفكار جهنمية.
_ الواطي، جايب حبيبته تعيش معاكم! قليل الأصل، دا أنتِ الوحيدة اللي وافقتِ عليه المعفن.
صاحت بها حنين بنزق:
_ طيب بلاش تقولي معفن طيب.
الحبيب حبيبًا وإن كثرت مغالطه.
لن تتحمل فكرة أن يدعو أحدهم عليه، أو يسبه.
هكذا هو الحب، إن أصبحت غبيًا فجأة فادرك أنك وقعت في فخاخ أحدهم.
_ أمال جاية ليه لما أنتِ بتحبيه وبتدافعي عنه؟
لامتها نورسين ببعض القسوة، لم يكن شرًا، أو إشعال النار بقلبها تجاهه أكثر، ولكنها أمام حزن صديقتها وألمها من رجل تتحول.
_ كدا يا نور؟ وأنا أقول مش هلاقي حد غيرك يوجهني.
زفرت نورسين بتعب، يؤلمها كون صديقتها تائهة بدروب حياتها، تفقد النور لتنتهج سبيلها الصحيح.
_ هسيبك دلوقتي ترتاحي يا حنين، وتراجعي نفسك أنتِ عايزة أي.
تمددت حنين على الفراش دون أن تخلع حتى ملابسها التي سافرت بها، أسندت رأسها على الوسادة مشخصة أبصارها للسقف.
ما فعلته صحيح، بل الأصح، لن تهدر كرامتها مرة أخرى، لن تعيش مذللة طوع تملكه وأنانية مشاعره.
إذًا لِمَ لا يتركها وشأنها، تتلوى بوجع حبها.
بعضنا حبه كالنار يهشم صاحبه، وسكب الماء عليه يزيده إشتعالًا.
أوقدت أصابعها العشرة حبًا وحنانًا ولكنه أطفئ روحها بالمقابل.
أترى ارتاح الآن من همها؟
نعم ارتاح، اتعتقدين بغبائك أنه يبكي أطلالك!
حالما يعرف بهروبك سيهرع بالزواج من جاكلين، حبيبته، كمصاص دماء اشتم رائحة الدماء.
___________________________________
مزعت صدره ونزعت قلبه بيديها العاريتين، ملطخة بدماء تنبض بحبها، تقبض عليه ببُعدها غير مبالية بدمائه التي تسري.
هكذا الصورة الواضحة المتكاملة للوصف عندما فارقته.
ولكن أبى كبريائه بأن يعترف لنفسه بلسانه، ويأخذ خطوة لإعادتها.
"هدى"
وأي هدى بعدها وقد ضل السبيل، وتفرق وثاق القلوب!
قهقه بصخب وهو يرتشف الشاي الساخن دفعة واحدة، أحرقه لسانه، ولكنه لم يحس به، فجمر فراقها أوعر.
_ هو أي الحظ دا يا ربي، أحنا يابن الحلال مش هيعدي علينا يوم نبتسم فيه ومنعيطش آخره؟
شاركه مصطفى الضحك بمرارة وتهكم، من وقت ما علم بهروبها وهو في حالة تيه.
بحث بكل مكان عنها، أهلها إن كان لها أهل، أصدقائها ومن تعرفه، كمن انشقت الأرض وابتلعتها.
_ هنعمل أي وأحنا حالنا زي المطلقين كدا؟
كان هذا قول زلطا الذي انضم لهما منذ قليل، صامتًا على غير العادة.
طرف إليه مصطفى بحيرة من أمره وسأله باهتمام:
_ وأنت مالك أنت كمان؟
_ واخد على قفايا كتير من الدنيا يسطا واللّٰه.
"شقاء الرجل امرأة يحبها."
اردف زلطا بعد صمت:
_ ما تيجو نعتزل النسوان.
قهقه حمودة قائلًا:
_ النسوان بتاعتي تلزمني يا عم، أعتزل مين بس!
ركن زلطا صدغه لكفه وقال بقلة حيلة، فالألم يقبع على قلوبهم كصخور من نار:
_ هنعمل أي يا كبير؟
رد مصطفى بثقل، كأن الصخور تشكلت على لسانه:
_ أنا هقوم أروح الورشة اشتغل.
بينما قال حمودة بعزم:
_ لا شغل أي؟ أنا مش هقعد أندب حظي واستنى لما خواجة ياخدها.
نهض بعنف غاضب عن المقعد ورحل بعصبية واضحة، غضب قادرًا على ترك الحارة رفاتًا.
هتف زلطا بجزع:
_ ألحق حمودة يسطا مصطفى.
وقف مصطفى بجسد هزيل مضمني، رغم قوته الجسدية التي يتحلى بها، ولكنه الآن لا يملك شيئًا بدونها.
_ سيبه، على الأقل واحد فينا هيعرف يرجع راحته ليه.
أي راحة يقصد؟
تفوه بكلمات غريبة، ولكنها من أعماقه، فقد راحته بها، الغرفة أضحت حارقة كالجمر، ملبدة بالشوك، لا يهنأ بها لثوان حتى تلاحقه أطيافها، ضحكاتها ومكرها.
هذا الفراش شهد على أقسى ليلة مر بها، عندما استفزته بفستانها الأحمر القصير، وهو ينجذب لها دون هوادة.
يجر من عنقه لها، بلا أي نية مسبقة، فقط يراها يجن بها، اعتقدها رغبة وستزول، مجرد أن يقترب ستزول حتمًا، ولكنه لن يقربها أبدًا.
ولم تزل رغبته بها، يقاسي بقربها وبعدها.
النار والماء سواءً!
حبيبك.. تجد راحتك في حبه، رغم كل الصعوبات والعراقل، قربه جنة وإن كان جحيمًا يتلظى.
تبدو معضلة قوية قصتهما، معادلة صعب الوصول فيها لناتج صحيح، قد يكسر قلب أحدهما.
تجاهل بكاء والدتها الصامت وترجيها له بأن يعود بابنتها.
نيرة التي تلومه وتحمله ذنب هروب حنين منه.
تمسكت نيرة بكم قميصه تستوقفه قائلة ببكاء:
_ رجعلنا حنين يا مصطفى، لو أنت هتقدر تعيش من غيرها أحنا مش هنعرف.
يبدو أن الجميع يعترف بمكانتها وتعني لهم الكثير، إلا هو أدرك مؤخرًا.
فهي مؤنسة لياليه الموحشة، رفيقة الدرب المتعرقل، من تتقاسمه رغيف العيش بثناء، ببسمة راضية.
أين هي؟
فقط لو يعلم، لأ..
لا..
لأقحم رأسها اليابس في صدره.
وكسر عظامها بأضلعه القاسية.
لعنفها بضمها لقلبه حتى هشم جسدها الذي يشبه الزجاج الأبيض.
وعلى سبيل العقاب، لاختطفها من العالم لأحضانه حتى تفقد أنفاسها في عنقه.
_ هترجع يا نيرة، قبل بكرة بالليل هتلاقي حنين قدامك.
__________________________________
حمد اللّٰه بأنها أصبحت بخير، فقد نبضات قلبه في الساعات الفائتة، وخاصة وأنها معلقة بين الحياة واللاحياة.
فكرة رحيلها من عالم يضمهما _رغم كل الفراق الذي كتب عليهما_  تؤدي بقلبه وتجعله صعيدًا زلقًا.
ركض تجاه الطبيب الذي خرج لتوه من غرفة العمليات الجراحية.
سأله بلهفة بلا حتى أن يلتقط نفسه:
_ أخبارها أي يا دكتور؟ طمني عليها، أكيد مفيش خطر صح؟
هدأه الطبيب مبتسمًا بعملية:
_ متقلقش يا أستاذ الآنسة سُلاف بخير، هي خسرت دم كتير وتم تعويضها، والرصاصة مجتش في منطقة حيوية والحمد للّٰه.
تمتم سامر بالحمد خلفه بإمتنان خالص.
_ ممكن أدخلها يا دكتور اطمن عليها.
تحرك الطبيب وهو يقول بجدية وعملية:
_ مش هينفع دلوقتي يا أستاذ سامر..
ركض سامر خلفه بإلحاح:
_ هطمن عليها بس يا دكتور وهطلع.
تنهد الطبيب بقلة صبر وقال بنبرة بها بعض الحدة:
_ لو سمحت يا فندم، مش هينفع دخولك ليها فـ الوقت دا، ساعتين بالكتير وتقدر تدخل.
تقدمت منه والدتها فريدة التي كانت تصلي وتدعو لها.
سألته بلهفة قلقة على ابنتها التي كانت ستفقدها للأبد، لن تسامح أخيها أبدًا وتدعو أن يسامحها اللّٰه عن الخطأ الذي كادت أن ترتكبه بحق لاران.
_ سُلاف عاملة أي يا بني؟ الدكتور قالك أي؟
طمأنها سامر وهو بأشد الحاجة لهذا الإطمئنان:
_ بخير يا مدام فريدة، تعدت مرحلة الخطر الحمد للّٰه.
ابتلت عينيها من السعادة ورددت الحمد، أخيرًا زالت غصة قلبها واطمئن على حبيبتها.
___________________________________
كل الذين خسرتهم كانوا فرصة للفوز بك.
تأففت بضيق فالشقة تشبه إحدى حاويات الزبالة، وهذا جزاء أن تترك رجلًا في شقة بمفرده، ثيابه ملقاة في كل ركن بلا نظام، المطبخ كما حدث به قصف جوي، الأواني بكل مكان، المعالق اختفت، لا شيء بقى على حاله.
ما إن استدارت حتى اصتدمت بصدره الصلب، فامسك بمرفقيها وأبعدها ببطء عنه.
ارتبكت من كم المشاعر التي اغتالتها بهذه اللحظة النادرة، بللت شفتيها بلسانها وأحكمت ضربات قلبها لتقول بحدة موبخة:
_ أي اللي حاصل فـ الشقة دا؟
عقد ذراعيه لصدره وأجاب ببرود، طريقة جديدة يسلكها معها:
_ عاوزاها تبقى أزاي وأنا قاعد لوحدي! اخلصي يلا نضفي كل دا واعمليلي الغدا.
كادت أن تصرخ بوجهه ولكنه تركها ببساطة وتوجه للغرفة.
أغاظها بشدة، فهذا ليس بأسامة أبدًا، بل رجل آخر بارد يصر على استفزازها.
_ أنا مليش دخل بكل المهزلة دي يا أستاذ، اتصرف أنت، مش أنت المسؤول عن كل القرف دا.
تجاهلها وخلع قميصه ويليه بنطاله، فشهقت بسمة وهي تلكمه على كتفه بقوة:
_ أنت بتعمل أي؟
_ بقلع هدومي.
تخصرت بنفاذ صبر.
_ قدامي؟
في خضم غضبها ومشاكلته نسيت أنه يبدل ثيابه، أرادت فقط أن تفرغ غضبها به.
قال يغيظها وكم يروقه رؤيتها تستشيط غضبًا، وهذا يخلق الحديث بينهما:
_ واللّٰه أنتِ اللي واقفة وبتتحججي بحجج فارغة.
صدرت منها شهقة ذهول وجحظت عيناها.
_ أنت أنت...
وضع أصبعه على شفتيها وهمس بخشونة:
_ طلعيلي هدوم جديدة ألبسها لحد ما أخد دوش.
كادت أن تعترض فحذرها بسبابته:
_ إياكِ تنطقي بأي حرف إعتراض وإلا واللّٰه أخليكِ تدخلي تحميني.
التمعت عيناه بعبث وغمز لها قبل أن يتحرك من جانبها يدندن بأغنية قديمة يحبها.
أخرجت ثيابًا نظيفة له وجمعت الثياب المتسخة ووضعتها بالغسالة، ولملمت الأواني وغسلتها، وشرعت في تحضير الطعام له وبين كل لحظة وأخرى تتأفف، حقًا يستفزها بشخصيته الغريبة عليها.
لم القسوة؟ ألم يكن حنونًا معها، يبثها الأمان والحب، وها هو يشاكسها بإستفزاز.
"عصبية أرى، ولكن لو ترون لعلمتم كم تبقى جميلة بعنادها، فاتنة عندما تغضب، خطرة عندما تُستفز، لترون كم أحبها برعدها وبرقها، بعاصفتها ونسيمها، أعشق كل فصولها المتقلبة."
لمت شعرها الطويل بإيشارب صغير يغطي جزءًا صغيرًا من شعرها وتحرر الباقي منه بفوضوية محببة، عنيد مثلها لا يقيده شيء، كما أن حبه لها لا يقيده عادات أو كرامة، معضلات وظلمات؛ سيحبها للنهاية.
مسحت كفيها بعبائتها البيتية منهكة بالعمل والعرق يتصبب من جبينها من نار الموقد، انحصرت عبائتها عليها والعرق بللها، كانت غافلة عن نظراته التي تلتهمها بجوع دون تشبع وخيلاته تأخذ منحنى آخر، منحرف.
اقترب منها بقلب خافق وطوق جسدها من الخلف بغتة فصرخت بسمة قبل أن يتخشب جسدها بين يديه التي تحركت لتلامس خصرها بخفة وأنفاسه الخشنة الساخنة تلفح صفحة وجهها وعنقها.
_ أسامة.
همست بها بضعف وتركت تقليب الإناء.
يؤلمها، لم يدرِ ما يفعل بها كلما يقترب، يتلوى قلبها بجنبات صدرها، يؤلمها كونه يعافر ويتعب لأجلها، لأجل قربها وهي تنفر وتبتعد.
تتعذب لأنها تريد قربه ولا تقدر، معقلة بين القرب والبعد.
"القلب للقلب كالبنيان يسند بعضها بعضًا."
تأوه بألم وابتعد عنها عندما طال تخشبها، أيرجوها لتقترب؟
كم يمقت البعد وحروفه!
أسدل ذراعيه عن خصرها وأحست بالهواء يرفرف بجسدها من إبتعاده التدريجي، وقبل أن يستدير كانت مدت كفيها وأمسكت بمرفقيه تقربه إليها دون أن تستدير له، فاقترب بطواعية، قلبه وشوقه يجرانه لها، فاستندت بظهرها على صدره وضمت ذراعيه حول خصرها بقوة.
تسللت الدموع بعينيها كلص ماهر، لم تقوَ على الكلام، فقط إلتجأت لصدره الحاني.
وهو كان بحاجة لها، بحاجة لاحتضانها كأنه سيحترق إن لم يفعل.
___________________________________
"لن تدرك قيمة شخص لديك إلا إذا تعرضت لفقده."
قبل شعرها بحنان وتمسك بكفيها يفركهما بحنان، همس عندما رفرفت بجفونها ورفعتهم:
_ الحمد للّٰه على سلامتك يا حبيبتي.
ابتمست له وكأن الشمس أشرقت أخيرًا بعد ليلة شتوية قارصة، فابتسم بفرحة وقال بعشق:
_ كنت حاسس إني هموت فـ الساعات اللي فاتت يا سُلاف، قلبي مش هيتحمل بُعد تاني.
"قلبي مل الفراق يا حبيبي أيامي."
لثم باطن كفها برقة وهمس:
_ اتكلمي يا سُلاف طمنيني عليكِ، قولي أي حاجة.
كلمة منها قد تشفي عليل قلبه المضمني بها، تزيل ألمه القابع على صدره.
_ تعالى نتجوز يا سامر..
قطب جبينه، تحدثت فعلًا أم ظن ذلك؟
أكملت بنبرة مبحوحة تضغط على كفه المتشبثة بكفها:
_ أنا كنت هموت يا سامر، مش عاوزة أموت قبل ما أكون مراتك..
ضحك بسعادة وطمأنها، هذا مراده من الأساس، كان يفكر جديًا بالتقدم لها بشكل رسمي بعدما يشتد عودها قليلًا.
لم يكن ليأجل أمرهما أكثر من ذلك.
_ واللّٰه لو عليا فأنا مستعد دلوقتي حالًا.
غمزها بعبث فقرصت كفه ليتأوه بألم ضاحك فشاركته الضحك بسعادة.
_ كفاية يا سامر مش قادرة أضحك.
_ بحبك يا روح سامر.
___________________________________
_ هربانة! نورسين أنتِ غبية رايدة أخليها إهنه وهي هربانة من جوزها؟ أنتِ اتجنيتي عاد.
لم يفهمها أبدًا، ستبقى لنهاية عمرها مميزة بغبائها.
= وطي صوتك يا ياسين أحسن تسمعنا، وبعدين هي ما هربتش هي سابته.
ضغط على شفتيه غيظًا.
سيكسر رأسها الغليظ هذا ويرتاح منها.
_  يا حبيبتي من غير ما تقوله، يبقى اسمها هربت.
حملت منتصر الصغير ع كتفها تهدهدهه بحنان وتربت على ظهره، فقالت بعصبية، كل ما يهمها صديقتها الآن، وتراه متعصبًا لرجل آخر متحاملًا على صديقتها.
= دي صحبتي يا ياسين وأنا مش هتخلى عنها أبدًا.
_ بس أنتِ كدا بتغلطي يا نورسين، بدل ما تهديها وتخليها ترجع لجوزها.
ردت بعناد أكبر، وكأنها مشكلتها.
= كدا يا ياسين هو أنا مليش خاطر عندك وبعدين دي صحبتي.
خشى من بكائها وحزنها، وأيضًا لم يرد أن ينام ليلته على الأريكة القاسية.
_ أنتِ وصحباتك ع رأسي وفـ عيوني كمان.
لكزته بجانبه بغضب وغيرة لتقول بنبرة حاولت أن تكون خفيضة حتى لا تزعج طفلها:
_ ملكش دعوة بصحباتي، حطني أنا بس بعيونك.
ضحك على جنانها، لتضع منتصر بين ذراعيه تقول بنزق:
_ خد ابنك دا أنا زهقت.
___________________________________
طرقات عنيفة على باب الشقة، كأقتحام أفراد الشرطة.
صاحت من الداخل بصوت مرتفع.
_ حاضر جاية.
ابتسمت بفرحة، فها هو حمودة لم يقدر على بُعدها وجائها ركضًا، ستتدلل عليه قليلًا، بل كثيرًا حتى لا يفعلها مرة أخرى، ولكن قلبها سيغلبها ككل مرة وتعود معه وله، فهو حبيب عمرها، وإن كان قصيرًا، فهو كافئ بكل لحظة أحبته فيها.
عدلت من حجابها أمام المرآة وبللت شفتيها وتأكدت من هندمة ثيابها.
فتحت الباب الذي كان الطارق على وشك كسره.
_ صباح الفل يا ست البنات.
ارتج جسدها وابتعدت خطوتين للخلف مرددة:
_ خواجة!
استوووووب.
مساء الورد أو صباح الورد، الوقت اللي هتقرأوا فيه البارت.
ممكن تتفاعلوا عشان أحبكم؟
أنا بحبكم أساسًا من غير حاجة. ❤️
وآه عايزة أشكر الجميلة "حنان مسعودي" عشان توقعها كان صحيح بإن حنين هتروح لنورسين.
رأيكم وتوقعاتكم.
دمتم بخير سُكراتي. ❤️
#أحكام_القلوب.
#مُنى_عيد.

رواية أحكام القلوب. بقلم مُنى عيد محمد. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن