الفصل الرابع

ابدأ من البداية
                                    

صرخ والده بوجهه:
-قلتلك متلعبش في حوار الشغل معايا، انت اللي قررت تشتغل قتال قتله و بداري عليك و انا ساكت، لكن أني العب بأوراق و البسك قضيه ده مستحيل يا علي.
-ضحك بسخريه و قال بهدوء:
-خليها قضية بسيطه يعني كأن فلوس ضاعت من حد و رفع القضية عليا انها كانت معايا .
-علي...امشي اطلع برا
-تمام هطلع، خاف على نفسك بقا لإن علي الدمياطي مش اللي يتطرد يا سليمان.
قالها و هو يستنسخه في حديثه من بضع دقائق، و قبل أن يضع يده على زناد الباب؛ قال سليمان:
-استنى يا علي، اقعد .
تراجع للخلف و نظر له بِحدة:
-تمام! و بعدين!
-هعملك اللي انت عاوزه.
-و هتخليلي منة محمود هي المحامية بتاعتي.
في إحدى مكاتب الموظفين و المتدربين جلست روزا بجانب صديقتها المقربه قائله بمرح:
-شوفي الابراج النهارده نزلت اي!
نظرت لها بإهتمام:
-اي؟
-انك هتقابلي رجل حياتك النهارده .
-رجل حياتي ازاي؟
-اللي هيغيرلك حياتك.
-هيغيرها للحلو ولا الوحش.
--الابراج دايماً بتسيب جزء مجهول للشخص، و يا تصدقيها يا متصدقيهاش.

اخذت بأنظارها تجاه أخر؛ لتهرب نظراتها من كثرة التفكير، أعادت نظراتها لعملها و ليست لصديقتها، إبتسمت روزا قائلة:
-المهم انتي كويسه النهارده؟
-انا ممكن أبان كويسه لكن أنا مش كويسه يا روزا، اللي جابني الشغل اني انسى، لكن كل خطوه بتفكرني بذكرى معاه، أبويا ده أحسن و أطيب راجل في الدنيا.

جاء أحدهم مقاطعاً لحديثهم الحزين:
-استاذ سليمان عاوزك في مكتبه يا منة.
-نظرت لروزا بتعجب:
-عاوزني في اي؟
-معرفش روحي شوفي.
-قالت بهمس لروزا:
-مبرتحش للراجل ده.

ذهبت بصمت لغرفته، و كعادتها ظلت ثواني تستنشق الهواء، ثم دقت باب الغرفه بهدوء، و عندما سمعت أمرٍ بدخولها، دخلت و رأت علي يجلس أمامه لكن بشكل مهذب، اردفت بإبتسامه:
-حضرتك طلبتني!
-اه يا منة اتفضلي اقعدي.
جلست بالمقعد الذي امام علي و هو ينظر لها أيضاً بشكل مهذب مع إبتسامه دقيقه:
-بصي يا منة استاذ علي طلبك مخصوص تكوني المحامية بتاعته.
--تمام معنديش مشكله اي هي القضيه؟ هي اكيد بسيطه لاني لسه متدربه لكن ماشي!

نظر علي بإبتسامه لها :
-واحد بيتهمني اني سرقت فلوسه.
-و انت سرقتها؟
صمت قليلاً ثم قال:
-نتكلم في الموضوع ده بعدين مش وقته هنا.
اعطاها سليمان الملف الأن و أخذت تنظر فيه، لكن لا وجود لمعلومات كافية لها، فأردفت بسخريه:
- انت بتسخر مني يا استاذ علي؟ و عاوز تخليني افشل من اول قضيه ليا؟
ضحكاته الرجوليه تصنتت لها كضجيج في قلبها، بعد ضحكاته نظر لها بإبتسامه قائلاً:
-متقلقيش يا استاذة منه، انا قولت مش هتكلم غير بوجود المحاميه بتاعتي.
-بحسب ان الملف ده فيه كل المعلومات.
قال بنبرة جادة:
-خلينا نقعد في كافيتريا اللي جمب الشركه نشرب قهوه و نتكلم عن الموضوع ده! ولا تحبي اي!
--تمام.
خرجوا سوياً ليدخلوا للمصعد:
-متأكد اننا ممكن نلاقي حل لمشكلتك انتي كمان.
-متشغلش نفسك يا استاذ علي مشاكلي هحلها لوحدي.
-حاسس انك محتاجه حد جمبك.
-ياريت متحسش خالص عشان نعرف نكمل القضيه دي على خير.
-متحجبتيش ليه لحد دلوقتي؟
-قلتلك يا استاذ علي خليك في حالك عشان نبقا كويسين سوا.
-تمام بس انا هقعد ادردش معاكي عن نفسي و حياتي و انتي كمان لازم تبادليني ده.
صرخت بوجهه بعد نفاذ صبر:
-مين قالك اصلا انك هتتكلم عن حياتك او انا هتكلم عن حياتي، انا هعرف بس كام ساعه من حياتك و هي وقت سرقة الفلوس المنيله دي مش اكتر.
-لم يكترث لصراخها و غضبها، هو يبتسم بالبرود و الهدوء، قال لها و هو يضع إحدى يديه في جيوبه:
-ما تكلميني انتي كمان عن كام ساعه في حياتك .
تأفأت بوضوح و ملل، فتح باب المصعد فخرجت بسرعه كأنها تريد الهواء النقي، ذهبت أمامه للكافيتريا، و جلست بإحدى المقاعد و هو جلس أمامها بشكل مهذب و هذه ليست بعادته، أردف بإبتسامه:
-احكيلي بقا..
-احكيلك اي؟ انت اللي تحكيلي
-توعديني اما احكيلك هتحكيلي اي مضايقك!
شعرت بأنها تريد التحدث بالفعل، كمان أنه شخص نضج و يفهم، هكذا أصبح أمامها، تشاورت عقلها بأنه من الممكن يقدم لها نصيحه، هي بذلك الوقت تحتاج لكلمات تجعلها ترفع رأسها لأعلى، لكن مازالت الشمس تحرق أعينها البنيه، نظرت له بإبتسامه خفيفه:
-سيبني انا احكيلك الاول، انت عارف اسمي انا منة، عليا طار و ناس عاوزين يقتلوني في البلد بتاعتي، جيت هنا و عايشه مع صاحبتي روزالين، ممعيش فلوس تكفيني أاجر بيت حتى، عمي كان هنا بس مينفعش اقعد عنده المهم انهم قتلوا بابا امبارح، انا في مشاكل كتير اوي اوي، بقيت فاقده الامل اني اعيش اصلاً، بعد ما كانت حياتي جميله و سهله دلوقتي بقت حاجه تانيه، طول عمري أتمنى إني أبص للشمس و عيني متحرقنيش، كل مره ببصلها في اقل من ثانيه أبص في الأرض تاني كأني ضعيفه، انا فعلاً ضعيفه يا أستاذ علي.
-اقولك الحقيقه يا منه؟ الانسان عشان يوصل لدرجات انه يبص للشمس و متحرقهوش لازم يكافح في حاجات كتير، و علشان توصلي للشمس لازم تغفليها، يعني لنعتبر الشمس دي حياتك و غفلي حياتك.
-ازاي اغفلها؟
-اسرقي، انهبي، اخطفي، اقتلي، مشاكلك عمرها ما هتتحل و الدنيا هتفضل تحرقك طول ما انتي ضعيفه.

اتسعت عيناها صدمةً لحديثه الجرئ ...
هل هو هذا عشقها الوهمي؟ام قاتل والدها؟ ام صاحب تدمير حياتها؟ أم من يجعلها تسرق و تنهب و تخطف و تقتل؟
يتبع...
لمريم عبدالرحمن

عشقت رجل وهميحيث تعيش القصص. اكتشف الآن