|3| قطرة مطر.

305 26 2
                                    

" جدتي ليونا آسفٌ جداً، أرجوك سامحيني لن أعيدها." قلتها برجاء أحاول أن أفلت من بين يديها، يا إلهي لماذا أقعُ مع العنيفات دائماً." يا لك من كاذب! في المرة السابقة أخبرتني أنك ستزورني بعد أسبوع ولم تأتِ هل تظنني خرفة فقط لأنني أسكن في هذا المكان أنتَ مخطئ، مخطئٌ جداً يا بلايث." قالت تشدُ يدها على أذني لأتأوه بألم ، ساعدني يا إلهي.

" أرجوك جدتي ليونا، إنها المرة الأخيرة أعدك فقط أتركي أذني المسكينة." تركت أذني بعد أن نظرت نحوي بنظراتٍ مُشككة. " سأسامحك هذه المرة فقط لأنه لا مزاج لديّ للعبث مع الأطفال." أطفال! ما الذي أوقع نفسي فيه في كل مرة. "جدتي ليونا أرجوكِ اغفري لي، أعدكِ أنني سأزورك باستمرار ولن أتوقف، أرجوك." لم تنظر نحوي حتى !

" ماذا أفعل إذا كان السيد بالون لا يأبه بشيء ولا يرضى أن يسمح لي بأخذ إجازة حتى." قلتها كاذباً ولكنها نظرت بطرف عينيها نحوي تزّمُ شفتيها بلا تصديق وتعود لحياكة قطعة ما من الصوف ذات اللون الأحمر الجذاب بشدة للأنظار، كالدماء تماماً.

" حسناً، بما أنكِ لا تريدين الحديث معي سأذهبُ للجدة أوليفيا، فهي على كل تستقبلني في كل مرة بالحلوى اللذيذة والكثير من القبلات، لا بالتوبيخ واقتلاع الآذان من أمكانها!" قلتُ بينما أقف. " أجلسْ مكانك وإلا قطعتُ قدميك." ألم أخبركم أنني لا أقع إلا مع العنيفات.

" سأجلسُ إن حدثتني فقط عن تتمة قصة حبك للجد هاك التي تركتها في المرة السابقة ناقصة." أشعرُ بالحماس بمجرد التفكير بالأمر، فأكثر ما أحبه هو الاستماع لقصص الحب من أفواه العجائز، وأكثر ما أحبه هي قصص جدتي ليونا. " حسناً، حسناً، إجلس أيها الجشع سأخبرك ." قالت تشيرُ حيثُ قدميها وعلى الفور فهمتُ ما تريد فجلستُ أمام كرسيها المتحرك أضعُ رأسي على حجرها .

" بدأ كل شيء عندما انتقل ذاك الشاب الخجول إلى مدرستي الثانوية، كنتُ حينها من أكثر الطلاب شهرة، فمن لا يعرف المشجعة المثيرة ليونا، ذات الشعر الأسود الحالك والعينان اللوزيتان والجسد الممشوق كالعارضات، كنتُ حديث الجميع أنا وفرقة المشجعات خاصتي، بطريقة أو بأخرى كنتُ ألفتُ الانظار، لكن هاك كان مناقضاً لي في كل شيء." شعرتُ بها تضع أدوات حياكتها على الطاولة الزجاجية بجانبها .

" كان لطيفاً، يضعُ نظاراتٍ سميكة، يرتدي ملابس واسعة بالكاد تظهرُ جسده النحيل منها، طويلاً وبشعرٍ أشقر جميل وعينان بلون العشب الأخضر، كان مختلفاً تماماً عن رجل أحلامي، ولم يكن لأحدٍ أن يتوقع أنني سأقعُ في حب شخصٍ كهذا." كان تمررُ يديها المرتجفتين على فروة رأسي بلطفٍ كعادتها، وأستطيع الشعور بالسعادة من نبرة صوتها المهتزة.

" في أول مرةٍ تقابلنا كان يحملُ بين يديه ما يزيد عن عشرة كتب، ما عدا حقيبته الممتلئة بها، يترنح قليلاً في مشيته نحو خزانته المدرسية، أشفقتُ على حاله فأخبرته أنني سأساعده ولكنه رفض متحججاً أن خزانته قريبة، وبعد إصراري وافق، بالطبع كنتُ متأخرة عن الحصة كعادتي بسبب تمريناتي التي تنتهي والمنر الذي يحوي خزائننا كان فارغاً إلا من طالبٍ يمرُ بين لحظةٍ وأخرى. وبالفعل كانت خزانته قريبة وللحظ لا تبعد كثيراً عن خزانتي، عندما انتهى من وضع أشياءه صافحتهُ معرفةً عن نفسي، تردد قليلاً ولكنه صافحني على أي حال يخبرني بأسمه ويذهب كل منا إلى صفه." في كل مرةٍ تتغيرُ تفاصيل حكايتها بسبب الزهايمر الذي تعاني منه ولكنها لم ولن تنسى هذا اللقاء، في كل مرة كانت تخبرني به بشكل أو بآخر ولكنه يبقى نفسه بدون تغيير.

كاتريكوس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن