٥:٥١/مسْرَح لَوح الشِّطرنْج

29 5 4
                                    





حسنًا ..

وَالدتِي تحبُّ لُعبة الشَّطرنْج وتلعبُها فِي جهَاز الكمبيوتر

إن لَم تَستطِع الفَوز وتقدَّمت بخُطوةٍ خَاطِئة نَحو العدُو فهِي تضغَط علَى زرّ التَّراجِع مِن خيارَات اللّعبَة وتغيِّر مِن مسَار إتَّجاه جنُودِها

هذَا غِش!

لَم أُحِب إسْترَاتيجِية لُعبة الشَّطرنج يومًا

لطالمَا كرِهت قَوانِينها

لكِن هَا أنَا ذا أتخيَّل نفسِي كَإحدَى تلْك التَّماثِيل الصَّغِيرة فِي رُقعة الشِّطرنج

أن أكُون تمْثَال الملِك أو الوزِير أو الحِصَان أو الفِيل أو أن أكُون قلعَة مَلكِية لكِن مهجُورة

أو أن أكون قِطعَة مِن أولِئك الجُنود قُصَار القَامة

لاعِبَان لكُلٍ مُنهما مجمُوعة قطَع عددُها ستَّة عشَر فَوق رُقعَة مربَّعة الشَّكل مُكوَّنة مِن أربعَة وستُّون مُربعًا

الفِئة العُمرِية للعبة غَير مُحدَّدة

ولاَ يُهِم إن كُنت ستلعَب مِن أجْل قتْل المَلل أو للمرَح والإستِمتَاع أو مِن أجْل إظَهار مهَاراتِك

غَير مُهِم إن كُنت مُحترِف أم غَير ذلِك لكِن تذكَّر أنَّها لُعبة عقلِية إسْتراتِيجية

أي تَحتاج إلَى التَّركِيز فقَط والقلِيل مِن التَّفكِير والذّكاء

هُنالِك العدِيد مِن الألوَاح مُتعدِّدة الألوَان لكِن أبرزَها

بِاللونين الأبيَض والأسْود

أو البنِّي الدَّاكِن والفَاتِح

لنتجَاهل القَواعِد واللعبة بِأكملِها

أنَا فقَط أقُوم بضَرْب المثَال لكُم

تخيَّل أن تكُون كتِلْك التَّماثِيل فقَط كالصَّنم

هَامِد كمَا الجمَاد

ويتُم التحّكُم بِك مِن قِبَل البشَر

تكُون كَالخادِم أو عبدًا لهُم أو حتَّى أسْوأ مِن ذلِك

واقِفًا فِي لَوح مِن لاَئِحة البشَر العُنصِرية

تُحاوِل ترمِيم ذَاتِك فِي عَالم مُشبّع بِالقذارَة والقاذُورات

ثُم بغتَةً! تُصنَّف مِن المقبُوحِين

وهُم فِي ذلِك مذْمومِين وملُومِين

وبعْض مِن حُكَّام الدُّول التِي تدمِّر شعبَها وتُحرِّمهم مِن أبسَط حُقوقهِم

تشعُر وكأنَّك ترِيد إفْراغ مقذُوفات القُمامة بأجمعِها فوقهِم

نعِيش فِي إنتصَاف أسوَأ مجمُوعة بشرِية وُجِدت علَى الإطْلاق

أولئِك النَّوعِية مِن البشَر مُتواجِدون فِي جمِيع عصُور التّارِيخ

مُستحِيلي الإنقِرَاض

يُعانون مِن ضُعف الإدْراك وغلاظَة الذِّهن وفظَاعة الفِطْنة

وفصَاحة الغضَب أثنَاء الهجُوم

وسلاطَة اللّسان حِين لحظَة الإهتيَاج

نعِيش فِي رُقعة بِبُقعتَين مُتضادَّين

المَعنى والمُرادِف لهَا

المُتضادة والعكْسِية

لهذَا أنَا فِي الإنتصَاف

العلْم مفِيد لكِن لاَ بَأس بعدَم حشْو الكثِير مِن المعلُومات فِي عقْلِك

سيتعطَّل عقلُك عَن الحفْظ إن كُنت بطِيء الإستِيعَاب

أحيانًا الجَهل نِعمة

ستتَأذى إن علِمت أنَّك كُنت مخطِئًا طَوال الوقْت لكِن إن كُنت الوحِيد المُحِق فِي فرِيقك فهذَا أحيانًا يُعطِيك طبْع الغرُور

أو أن تكُون المُحِق بطرِيقةٍ وَاقعِية لكنَّك مُحَاط بمجمُوعة يتَّصِفون بِالحمَاقة فتشعُر بعدَم الإنْتمَاء

وتتَساءل لِمَا أنَت تتسكَّع معهُم؟

أن تكُون صرِيحًا لدرجَة جرْح مشَاعِر الآخرِين أو أن تُجامِل بِمُبالغَة حَد القرَف؟

الثِّقة المُفرطَة أم عدَم اليقِين؟

الغِيرة الزّائِدة لدرجَة الحرمَان أم التذلُّل؟

إندفَاع شغَف الحُب أم برُودة الشَّناءة؟

التعرُّف علَى المُستقبَل أم نبْش المَاضِي؟

الإسْتحوَاذ أم الإسْتهتَار؟

الإسْتِلطَاف أم الإستِنفَار؟

فِي المُنتصَف

إذًا ..

الإعتِدَال ورجَاحة العقْل

الرَّصانة والرّزانَة

المُواسَاة والإتِّفاقِية

لكِن لاَ تَستطِيع إصْلاح العَالم بِأجمعِه







▫️◽️◻️

قَوس قُزح رمَادِي .Where stories live. Discover now