الفصل ٢٧

11.1K 130 527
                                    




..٢٧..
أهـلاً رِفَـاق ..
الفصّـل السّـابع والعشرُون ..
قراءة مُـمتعه ..
سبحـآن الله وبحمـده ، سبحـآن الله العظيـم ..



نفس عميييييييييق وطوييييييييّل ، وبسم الله🖤"


" وهذا الفصل اللي تطالبون فيه ، طويييل بالحيل بالحييييل وإحتمال من أسبوع الى اسبوعين وأحذفه ، إحتمال فقط

نقطه ثانيه وهي ان الفصل لو فتحت الروايه وكان مُختلف عليكم بعدين فـ لاتستغربون لأنه قيّد التعديل ، وإحتمال مايتغير شي وحتى لو غيرت بيكون تغييرات بسيطه"


" الشي الاخير ، بنسوي إسترجاع سريع للأحداث السابقه ، وقفنا عند الجازي كانت طايحه بالمستشفى وتعدت مرحلة الخطر ، وطبعًا قفلتنا كانت إن ياسر دخل عليها بالغرفه وصالح كان بالدور اللي تحت مع عاليّه ونوف تحركت يدها اليُمنى واخو حصه قرر يخطب الجازي ، والبقيّه على حالهم الساكن"

 


آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 



{سريت ولا على صبري ملامّ وخاطري قد طاب
  على الله خطوتي لو الدوافع تِرهق أقداميّ }





تقدم لداخل الغُرفه بنفس الخطوات وبملامح صلبه ، حدق بالكنب الجانبي وكيف ان عاليّه حولته لمكان نوم بأغراضها وجهزته لها بكُل أريحيه!

جالت عيُونه بالارجاء كاملة بإستكشاف صغير وبديهي وثُم توقفت عليها ، وبسكون توجه لسريرها كاسر كل القواعد وكل عهوده مع ذاته تجاهلها ، عيونه تعلقت بملامح وجهها الشاحبه ، تأمل عيونها المُغمضه ، أنفها الشامخ كشموخ ذاتها ، ووجهها ذابل جداً ، والإرهاق واضح وضُوح الشمس عليها

اقترب اكثر حتى صار بجانبها تماماً ، ثُم إمتدت كفه تبعد خصلات شعرها الأسود القاتم عن وجهها لورا أذنها بجُرئة غير مُباليّة وهو يبحث بملامحها عن أيّ جُرح مُمكن يكون موجود فيها لكن مافيه شي ، ومُجرد أبعد يده حتى شافها تعقد حواجبها بخفه مُنزعجه وفهم إنها شبه نايّمة ، وبنبره رجوليه هتف بوضوح لأجل تستيقظ وتبعده عن أي فعل قادم بيفعلّه:الجّـــازي؟

هالصُوت الرجولي القريب من أذنها ، وهالجهور المعروف لمسامعها ، هالبحه المُعتاده على سماعها بالماضي كانت سبب قوي لأجل ترغم نفسها على الصحوّة ، فـ صوّته أنتشلها من عالم الأحلام للواقع!

وبثواني معدوده إرتعشت أهدابها تنفتح وتُعلن أن طريحة الفراش بدت تصحى ، وأن عقلها بدأ يستوعب الحال من حوّله تدريجيًا

أرمشت عدة مرات ببُطئ ثقيل بمحاولة منها لأجل تتوازن وتستعيد نفسها الغائبه ، وبصعوبه شافت هيئة ضخمه تناظرها ، وحاولت تستوعب هويته وتميّـز ملامحه ، لكّـن صعُب عليها الأمر لتعب عيُونها وتشوشّ نظرها

لكن عيُونه ، كانت الشي الوحيد الواضح ، عيُونه العسلية ، مُرعبه جداً ، عيُون بارده ، عيُون تخص مُجرم بقلب بارد ، تدل على عُنف صاحبها ، ومدى تأثيره على من حوله وأولّهم هيّ!

متأكده بإنها ماتجهل صاحبها ، لكن كيف يصير عندها فجأه؟ هذا حلّم؟ أو كل الي عاشته هيّ كان حُلم وأنها مازالت بفرنسّا؟

وبصعُوبه همست بنبره مُهتزه وضعيفه محاوله إنها تُثبت صحة هلوسات بصرها:يــاسّــر !!

بلغة فرنسيّة طلقه هتف بصوته الأجش الرجولي:

" الحمدُلله على سلامتكِ ، تلميذتي الصغيره! "

إنتبه لملامحها المُنشده ، وركز بمحاولاتها في الإستيعاب ، ناظر بعيونها وهي تفترس ملامحه بصعُوبه بالغّه ، تتأرجح بين تصديق وتكذيّب لتواجّده قدّامها!

وبعد نصف دقيقه تقريبًا ، حس إنها ببدايات الفهم والإدراك التام ، فـ أردف بذات النبره:جيت لأجل اسأل سؤال واحد ، وإجابته وحده ".

ركز بعيونها المُتشتته ، وتبعثرها الواضح تحت هيبة تواجده أمامها بتناقض لكل الي عاشته ، كيف جاء ياسر؟ كيف يوقف قدامها بهالثقه؟ كيف يتكلم بالراحه هذي؟

"وش سبب طيحتك؟؟"

مازالت مُتعبه ومتخدره تمامًا ، وذاكرتها بطيئة جداً في التذكر ورغم كذا هو يسأل؟ ناظرت لأرجاء الغرفه تبحث عن دليل يُرشدها ، وفطنت مكانها بسهوله ، لأنها اعتادت على هالمناظر الكلاسيكيه المتكرره ، لكّـن وش سبب تواجدها بالمستشفى؟؟

ليّه هي هينا؟ وش صار لها؟ وش سبب تعبها؟

هالتساؤلات الطبيعيه الواضحه من عيونها ، وهالأضطراب المتوتر ، كانت كفيله لأجل تجعلّه يفهم حالتها ليردف بهدؤ:انتي بالمستشفى ، تعبانه من فتره وجيتي هينا بعد ماجاتك حراره ، وتعبتي زياده ، وبعدها جاتك جلطه قلبيّه خفيفه وانا اسألك الحين ، وش صار لك عشان تنجلطين؟؟

أفوّاج من الذكريات عصفّت بدماغها ، وبدت الصوره تتضح والأجابات تُنيرها ، بدت تتذكر صوت مها الباكي المُرتعش وكلماتها عن نوف ، وثُم صرخات امها الخايّفه ونداء منصُور ، وبعدها أصوات متداخله والطبيبه تناديها وأوجاع حارقه كانت تعيّشها بهذيّك اللحظه!

شهقّت بعلو صوتها وبطريقه غير متوقعه استقامت جالسه وكفوفها ترتعش ، فـ تراجع ياسر للخلف لأنها كانت بتصدّم فيه ، وبدأت شكوكه تتزايد لطريقة تبعثرها

لكن وبشكل سريع ، صابها دوران مفاجئ وخمول حادّ ، ورجعت تطيح على فراشها بإستسلام مُجبره عليه وملامحها إنشدّت بألم وتشتت واضح!

أردف ياسر بذات النبره البارده والغير مُهتمه لحالتها المُتعبه:لا تتحركين كثير ولا بتنكسرين ، وجاوبيني على سؤالي الحين لأن ماعندي وقت ، وش سبب هالي صار لك ؟

رغم تعبها الشديد ، الا إن الجازي المُشتعله بداخلها بدأت تزيد بلهبها ، وأسلوبه في أمرها بدأ يُغيضها ، وبنبره رغم ضعفها الا انها حاده وشرسه هتفت:وانت ليه تبي تعرف؟ وبعدين لاتدق ميّانه وتجلس تناظر كذا وتسولف تراك ماتحّل لي

إرتفع حاجبه الأيسر بخفّه ، وكأن إجابتها ما أرضته ولا أعطته مطلبّه ، ولأجل يُثبت لها إن وضعها مايسمح لها بالتطاول ، أقترب أكثر  وهو شبّه منحني ، وهتف بنبره شديدة البرُوده بثقلها:تعبانه وفوق كذا قاعده تعاندين؟ تدرين ماهو وقتك ، واتركي العناد وعطيني جوابي يالجازي

كانت تدري إنه ماهو وقتها صدق ، وكانت مُتعبة بشده وبطريقه عنيفه ، لكن صدمتها بتواجده تتركها تتصرف بلاوعيّ ، ناظرته بحدّه ، وبغضب مُنهك هتفت بنفسيّه سيئة ماتتحمّل أي جدال ثقيل:يااسر اططلع براا قبل يجي واحد من اهلي ، والله لو يمسكونك مايفكك منهم الا ملك المُوت

أغتاضت أكثر من ابتسامته الجانبيّه المُستخفه ، ومادامت لحظات الا وأختفت ، وبذات الحده راقبته يبتعد عنها ويوقف بملامح تتصلب بشكل مُخيف ، صحيح هذا هو ياسر الي تعرفه بهالملامح ، هذا هُو رعُبها الحقيقي ، بلعت ريقها وبدأت تخاف صدقاً من شكلّه وبهالمكان الساكن والشبّه مُظلم ، سمعته يهمّس بصوته الرجُوليّ ذاته:ماجيّت العب معك ، سألتك سؤال ولا جاوبتي ، ماودي اغير أسلوبي وانتِ طايحه كذا ، لأجل هذا جاوبيني يالجازي ، أحد تعرض لك من جماعتنا عشان تطيحين هالطيحه ولا؟

" ليش ماقدرت تعرف هالشي مثل ماعرفت باقي السوالف؟"

" جاوبي "

" شكل أديل هالمره تأخرت في نقل النميّمه عني لدرجة تجي أنت بكبرك "

إحتدت نظرته وتسلطت عليها بإنذار مُحذر لها وصريح ، ولكن نبرة صوته مازالت ذاتها النبره الجامدّه وهو يُردف:الجواب؟

" لاّ ".

واخيرًا جات منها إجابه كافيّه لأجل تُريحه وتعطيه مُراده اللي ماقدر يوصل له عن طريق أديل الغايّبه ، وعندها أستعد للمغادره ولكن بدال يطلع فـ تجوّل بالغرف لحظات وهو يتلّمس بعض الأماكن بطريقه غريبه ودقيقة ، والجازي مُلتزمه للصمت تراقبه بتعب وتراقب نهاية أفعاله!

وبعد لحظات هتف بسؤال وهو معطيها ظهره ومازال يبعث باللي في يده بالقُرب من نافذة الغرفه:بتطلعين من هالغرفه لمكان ثاني؟

" اظن إن توني صاحية وما أعرف الغيب أستاذ ياسر؟"

حرك حاجبه بفهم ، وألتفت اخيرًا ناوي يطلع بعد ماخلّص مُهمته اللي كان ملزّم ما أحد يسويها غيره دام سوناي وأديل غايبات ، وصعب يوافق زياد يسويها ، أقترب من الطاولة القريبه منها ، واخذ قارورة المويه الموجوده وفتحها ، ثم مدّها لها مُردف بسكون:صوتك مبحوح واكيد عطشانه ، اشربي مويه بس على خفيف

أخذتها منه بصمت وهي صدق بتنهار من العطش والتعب المُهلك بكل جسدها ، ومجرد تحرك طالع من الغُرفه حتى إرتفع صوتها اللي أوقف خُطاه:شغل الانوار معك قبل تطلّع

أبتسم بسُخريه لمخاوفها ، وبنبره لاذعه بالفرنسيّه:

‏" lâche ".

عضت شفتها والأنوار تشتغل بضربّه من كفه ، والباب يُفتح بعدها ، ويطلع بهدؤ وثقة إستغربتها هيّ للحظه !!

لتبدأ التساؤلات ، بِـ وين اهليّ ؟ ""

امّا هُو ، فـ كان هالمره ساكن بتعامله معها ومتجاهل لأسلوبها الجديد والحاد بالتكلّم ، يعذرها بعُذر مرضها الحالي ، والعذر الجديد اللي إكتشفه وهو توقعها بإنه طلقّها وهالشي واضح منرفزها لسبب مجهُول؟ ، لكن هل تظن إنه بيطلقها وبيجي لعندها بهالجُرئة؟ هو صحيح مُمكن يسويها ومع كذا يُستحال يدخل عليها وهي بدون ستر!







." بالأسفّل ".


بخجّل غير مُعتاده عليه قامت بعجّله وهي تاخذ أغراضها ، وبالتأكيد مافكرت تترك الأكل ، لكنها خجله من إكتشافها لتواجده بالقُرب منها ، هي تعرف إنه جلس معهم ، لكن ماتوقعت تشُوفه ، والواضح ينتظرها أو هي تتّوهم؟

أبعدت عن المكان مُتوجهه للمصاعد ، وضغطت على الزر وداخلها رغبه للألتفات والنظر له ، لكن تخاف ينتبه لها وتتفشلّ

دخلت بسرعه بعد إنفتاح المصعد وأنغلق خلفها ، وهُنا تنفست براحه من إنفراج الهمّ ، وبثوانِ كان الباب يُفتح من جديد لتتحرك مُغادره ، لكن خطواتها تجّمدت ، وحدقت بصدمه في الواقف أمامها بطوُله الفارع ونظراته الصقيعيه!

فتحت فمها بشهقه قصيره ، وتراجعت للخلف بعدم تصديق للكائن الواقف قدامها ، بينما هوّ ناظر لها بسكُونه الشارد مُكتشف هويّتها ، وتجاهلها بتقدمه ناحية المصعد المُقابل لها ودخله ، ولحظتها تحركت عاليه بسُرعه خوف من قدُوم صالح ، ومن الإختلاء معه بمكان واحد ، ومازال بنظرها مُرعب بنظراته الحاده ، ومازالت تخاف منه للحد الكبيّر!

كانت شبه راكضه وهي تتوجه لعند الجازي ، وبعد ما دخلت للغُرفه حتى أغلقت الباب بعُنف دون شعُور ، فـ وصلها الصوت الحاد غاضب ينهّرها:

" وجع وكسّر ان شاءالله ، راسي مصددع ".

شهقت الواقفه بعلو صوتها وشدّته ، وبسرعه تقدمت لداخل وبصوت عالي وغير مُصدق صرخت:الججازي؟ ارححبي ارحبي ، يمممه الججازي انتي بخيّر؟ متى صحيتيّ؟

" بخير قبل تجين "

نزلت عيونها للأطعمه بيّن كفوف عاليه ، وكمّلت بسُخريه مقصوده ماتتركها رُغم مرضها:صحيّت يومنتس تطفحين بالعيشه بأخر هالليّل

أنطلقت ضحكتها السعيده لعودة هالبنت لهم ، وبذات السعاده هتفت وهي تنحني مُقبله الجازي بحُب:الحممدالله على السلامه ياعييووووني ، وعسى العيّشه عافيه لي ولتس ، الا تبيّن منها؟

صدت عنها بأنقلاب وجهها من شعُور الغثيان ، وبشهيّه مسدوده ومُتعبه:لا لا مابي ، مصدعه وفيني غثيان ، ونادي وحده من الممرضات تشيل هالعلَه عني بدال البربره

ناظرت عاليه للمُغذي ، ورجعت تناظر لها بغيض زاد بداخلها:على هالبجاحه وقلة الذُوق ، خليتس تتعفنين بهالمُغذي

عقدت حواجبها بضيق ، وصداعها إشتد عليها بوجّع ، وبدأت اهدابها تنسدل غصب عنها لتُظلم عليها ، وهي تحاول تفتحها وتهمسّ بوعيّد:هيّن يابنت سعُوود

ابتسمت بشماته ، وجلست بعد مانزلت الاكل على الطاوله ، وبأرتخاء شديد هتفت:اييه ، يعورك شي؟

" انكتمي ، وربي لا يرجع لي حيلي اني لأكون دافنتس بأرض الله ".

" الخلا بس ، حتى وهي مجلوطه لسانها كل ماله يطُول ".

تجاهلتها الجازي هالمّره ، وشعُور العجز يُغضبها ، لتُفكر بـ من ترك هالعاليّه معها؟ هذا تعذيّب قهريّ لها بحالتها المريضه ، ماراح تسامحهم لحركتهم وهم يحطون لها إنسانه ماتقدّر المريض بنظرها!

لحظات حتى فتحت عيونها وإلتفتت بأعجوبه ناحية عاليّه القافزه بعُنف وكأنها تذكرت شيء ، وبسرعه قربت منها وجلست على السرير مُردفه بصوت مشدود:ايييي تذكرتت ، الجججازي تدرين وانا جايه من تحت شفتت ياسر! تخيلي ياسر حقنا؟ يمه لايكون جاي من عندك؟

" تتوهميّن ، وش يجيب ياسر لهنا؟ "

" والله انه هو ، أعرفه وأميّزه بين الف رجال ، حتى عيونه ناظرتني وقسم بالله نفسها ، يمه نذر خفت يطلع مسدسه ويرميني بهالخلا الفاضي ، كنت بطيح في دمي ويجي اخوتس ينفجع فيني ياويلي صدق"

إرتفع حاجبها ، وأردفت بتجاهل لدرامية عاليه:من اخوي؟

" صالح ، هو مرافق معنا وشوفيه بأستراحة الرجال ، ووالله اني راحمتّه راقد في البرد ، وعلى كراسي تحللّ العظام وتكسرها ".

أبتسمت بشماته ، وهمّست ومشاعر كُره غريبه تخالط روحها بدُون فهم:احسن خليّه يتجمد ، وماعليتس هالصخر يذبح الناس بس مايذبحه شي

رفعت حاجبها ، وضربتها بعتب ماتعرف سببّه:اعوذو بالله منتس ، خووش اخت والله ، شنو هالحقد؟

طالعتها بصمّت ، وهزت أكتافها دلالة الجهل ، فـ غيبوبتها أدخلتها في غياهيب الماضي ، وأغرقتها بحبّر السواد ، لتتردد عليها أشنع الذكريّات ، وأكثرها مراره وحُرقه ، إستيقظت ، وفتحت عيُونها بروحها الشرسه والمُتجدده بنيّران الكُره!

إستيقظت ، لـ تُوقظ الساحره الساخطه داخلها ، وتُحرق الجليّد بلهب نيرانها ، وتشهد الذوبان القاسيّ بدُون يرف لها جِفن! تحس بقسوة حاده تغمرها من الداخل ، ودها تعذب الكل بهاللحظات لسبب تجهلّه!

غمزت عاليّه بعينها اليُسرى للجازي ، وبصوت ضاحك قاطعت سرحانها:الا والله اني داريه ان ياسر كان هينا ، بس الله اعلّم وش يبي؟ هذا وهو ماطلقتس للحيّن يعني جيّته فيها إنّا ، ولا جابّه الشوق على وجهه ابوعيُوون؟ مسوي ثقيل وهو عندتس والله ان تضيييع علوومه

إتسعت عيُون الاخرى بدهشه كبيّره ، وهتفت بصوت مبهُوت:ماطلقني؟






آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 





.." منّزل ابوسيّاف ~ تحديدًا بغرفة مشاعل "..




بجسّد مذعُور كانت ترتعش في سريرها ، والأفكار السوداء ماتركتها ولا أعتقتها ، حالتّها مُزريه وضعيفه بهالجسد المُتعب والقلب الخايف!

فتحت عيُونها الحمراء ، ليّتضح مدى مُعاناتها نفسيًا ، ومدى عُمق صراعاتها الطويّله ، الكوابيّس تُلازمها ، وخبّر جلطة الجازيّ زاد الطيّن بلّة ، ثم تجي بنت خالتهم ، وتقتلها بأنياب حاده ، وتزيد ظلامها وجُنونها بدُون يردعها أحد!

رجعت لمحاولات النُوم ، ورجعت للغرق بذكرى الإختطاف ، وتواجدها بمنزل المُشعوذه ، الليّ خطفت عقلها بأفعالها المُرعبه ، وأفلقت قلبها رُعب وهلع ، تركتها تشوف مناظر بشعه مُخيفه ، وجعلتها جثةً تطيح على الارض دُون حراك من الصدمه لوقت داهمتهم قُوات الأمن الخاصه ، وباشرت لإخراجها بسُرعه من المكان المُقزز والقبض على العجُووز المجنونه ، لكن بعد وش؟ بعد مافقدت عقلها ونفسها

إنتفضت أكثر ، وجلست بسرعه وجسدها يتعّرق وهي تتوهم وجود كائنات من حولها يصورها لها عقلها الباطني ، بدت تفرك عيونها لأجل تختفي الأوهام وبنفس الوقت كانت تحاول تردع كلمات بنت خالتها ، وعدم التفكير فيها ، لكن الكلمات والصوت نفسّه يرجع يصرخ داخلها ، ويزيدها وجع وخوف من القادم ، ومِن إكتشاف السر!

ويّن الجازي؟ الوقت مايسمح لها بالنُوم والغيبوبه ، لازم تكون مُتيقظه معها ، ولازم تحميّها وتُخرس الألسنه المُحدثه عنها!

مسحت على وجهها عدة مرات مُرتجفه ، ثم وقفت بعدم ثبات وهيّ تحاول تستقيم ، وبعدها إتجهت لباب الغُرفه ، وفتحته ببطئ ، وإندهشت بأنه مفتوح بدون قفل!

رمت نظراتها على ياسمين النائمه والليّ أكيّد نست تقفل الباب ، وببُطئ غادرت الغرفه بتجاهل لها ، وهيّ اليوم خُذلت منها ، وماراح تسامحها!

نزلت خطوات الدرج وهي تتمسك في الدرابزين لأجل ماتطيح من إنتفاض أقدامها ، وفي دقيقتين كانت توصل للدرجة الأخيره ، وترفع عيونها بتحديق للمكان من حولها ، واللي شبّه بدت تنساه!

بحثت عن المطبخ بنظراتها السريعه والعابثه ، ومُجرد عثرت عليه حتى توجهت له وملامحها تُوحي بتخبط شنيع في مشاعرها وتفكيرها ويتضح إضطرابها النفسي بشدّه!

أشعلت أنوّاره وهي تأنّ بوجع نفسي ، وتتقدم للداخل بثبات تبحث عن مُبتغى معروف ، تبحث عن أداة حاده تُنهيها ، وتعيد محاولة الإنتحار للمره الغير معلُومه!

هالمحاوله بتنجح ، الكُل نايم وغير مُنتبه لها ، وسهل جدًا إنها تنهي مُعاناتها بسكُون ، لكن وبشكل غريب كانت الأدوات الحاده مخفيّه تمامًا!

بحثت بجنون عن سكيّن ، شوّكة ، اي شي حاد! ومع كذا فالمطبّخ خالي بشكل غريب من كل الأدوات اللي مُمكن تأذيها!!

كيف كذا؟ ، كيف يختفي كل شي؟ كيف مطبخ بدون سكين او شوكة او اي أداة؟

شدت شعرها بقهر مهزوز ، والتفتت للثلاجه وهي تتذكر بإن أكيد داخلها علاجات ، ومُجرد فتحتها حتى شافت علبه وحيده في الباب وإلتقطتها بسُرعه وهي تفتحها ، لكن وبشكل صادم كانت فارغه!

طاحت العلبه من يديها مُصدره صوت إصطدامها بالأرض ، وبدت عيونها تتجول حولها بتوّهان وتخبط موجوع حتى طاحت على شخص واقف بطوله عند الباب ، وبعنف شهقت مرعوبه وهي تنتفض وتنكمش على نفسها ساقطه بالأرض ، بينما هو اقترب اكثر لها ، وهتف بجهور يُهديها:مشّاعل ياخوتس بسم الله عليتس ، هذا انا سياف

كانت تنتفض بشكل ملحوظ وبصراخ متقطع وباكي:ابعدد عني تكففى ، ابععد عني الله يخييك ابعدد لاتقرببب

انتفض جسده بألم لها وبصوت عالي يهزها:انا سياف انا اخوتس يامشااعل

تقطعت أنفاسها وهي تلتفت ناحية الصوت بعيون مُنتفضه وطاحت عدستها على "سيّاف" الجايّ من العدّم!

حدقت فيه وهو يقترب لها ، حتى إحتضن كتوفها وشدّها ناحيّته مُردف بذات الهمّس الرجُولي:وش صايبتس ياعيون سيّاف عشان تنزلين لهينا؟؟ تشكيّن من شي؟

هزت راسها برفض مُضطرب وهي ترجع للسكون ، وهتفت بهمس مُتبعثر وغير مُتزن:كنت ابي اطلع برا ، برا هناك ، لان الغُرفه تكتم عليّ

إبتسم لها ولكذبتها بوجع لأنه كان فاهم نيّتها للأسف ، حالتها وهي تبعثر الدروج بملامح مجنونه ماخُفيّت عليه وهو يراقبها!

يحمد الله إنهم كانوّ فطينين أكثر وتفاهمو مع موضوع الأدوات الحاده والأدوية واللي أخفوّها من كل أنحاء البيت ، وبخفه سحب غُترته وأرخاها على كتفه ، ثم قبض على كفّها يحتضنها بين كفّه مُردف بطاعه مُحبه:ابشّري ، كم عندي مشاعل انا؟ تعالي نجلس بالحُوش لان حتى انا خاطري اجلس برا شوّي

سحبها معه وهو مافهم مغزى كلماتها وهي تترجاه يبعد وتوقع إنها تبيه يتركها وتعرف إنه اخوها لكنها كانت تقصد شي مُختلف ، بينما هي حدقت فيه تتبعه ببرود شنيع ، وصرخات البُكاء تزيد داخلها ، وتناقض فكريّ ومشاعري يغزوها بهاللحظه وبعد فشلّها






آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 






.." ظُهر يوم جديد ~ تحديدًا بالمستشفى ".




بالغُرفه اللي يتوسطها السرير المُرتخيه عليه صغيرتهم ، وبينمّا الأغلب متوزع بأماكن جلوسه ، والشمس تُنير المكان من النافذه المتوسطه ، وهُنا جدال حادّ يدور بينهم بدون توقف بعد وقت من نحيب ام صالح ونُوره بمجرد شافوّ الجازي صاحية وبخير!

أردفت بتعب وهي ماتطيّق حرف واحد منهم بحالتها الحاليه:بطلع ، وغصب عنكم بطلع ، وبدون اخذ شوركم حتى

زفر بحراره فرغم محاولاته لأصلاح الأوضاع إلا إنها رافضه ، وتكلّمه لدرجة تغضبه ، لكن هوّ يتمالك أعصابه مع إنهيار صبره الداخلي ، وبهدؤ هتف يُداريها:الجازي اعقلي يابوي ، تطلعين وانتي تعبانه؟ تبين تموتين انتي ؟؟

مالت براسها ناحيّته ، وناظرت له بملامحها الشرسه والمُتعبه وبأسلوب تعرف أنه وقح ومُستفز ردت:اي ابي اموووت ، اموووت واروح لعند ربي وارتاح ، بدوون اشوف وجيهكم ولا المّح زُوولكم ولا اسمع اصواتكم ، ومالكم دخل فيني ، بطلع بدون أذن احد وإن ماكان بالطيب بيكُون بالغصب

هالمّره رد بصرخه عاليّه من قلب خايّف لكّن غاضب من إسلوب صغيرته وعِنادها:ولاحرف ، وطلعه قُلنا مافيه ، انتيّ ليه تحبين العناد؟؟ وش فيه عقلتس متنح؟ مالتس الا يوم طالعه من المُوت ، تبين تعودين له؟ اهجدي لين تعطينا الدكتوره موافقه ، وقتها اطلعي طلعت روح عدوتس

إنعقدت حواحبها بإنزعاج من صُوته المُرتفع واللي يزيّد خُمولها وتعبها من نبرته ، وتعترف بأنها مُتعبه ، لكّن رغبتها في إغضابهم تزيد اكثر فـ اكثر ، وبنبره مُتهكمه ومُغتاضه:ماراح اننتظظرها ، وبطططلع

وقف بطوله الفارع ، مُسبب لقلبها الخُوف ، خوف من ضربه لها ، او صُراخه العالي ، او كلمّاته السامّه ، هي ماتخافه سابقًا ، لكن تخافه الان ، تخاف تبطّش يده على وجعها النفسيّ والجسدي ، تخاف تخذلها عينها وتذرف دمُوع الضُعف ، تخاف  تجهش ببُكاء يتيم ، تخاف تنفجر لرُكام روحها بعد شوفة ياسر ، بعد تواجده قريب منها ومُحادثته لها ، إنهارت رُوحها من كلامّه وسؤاله وسبب وجوده عندها!

ناظرت ناحية أبوها بعيُون غائمه تنتظر افعاله ، لكنه خالف توقعاتها وهو يقرب بخطوات هادئه ويجلس برفق قريب منها على السرير ، مُردف بنبره هادئه رغم حدتها وعيونه تُراقب حالها المُسود:لاحول ولا قوة الا بالله ، انتِ وش فيتس تحبين تغضبيني؟ وش هالعناد اللي راكب راستس؟

تأمل ملامحها المُندهشه من تصرفه الهادي ، فـ أنحنى يُقبل جبينها بحنيّه وهو حتى الان ما أشبّع ذاته منها ولا من فرحة سلامتها ، واكمل كلامه بذات النبره:بتطلعين بس مهوب الحين ، اصبري شوي يابُوي وابشري باللي يطلعتس لوين ماتبين بس انتي اصبري وريحي الحين

إنتهت جُملته ولحظتها إهتز جواله برنين متعالي قبل تتكلم ، وإستقام جالس يطلّعه وأول ماعرف المتصل هتف وهو يوقف مستعد للمغادره:اتصال مهم ، بطلع اكلّم وبعوّد لكم ان شاءالله

غادر تحت صمت الجازي ودهشتها من تغيره ، ومرت لحظات متوسطه من الهدؤ وتبادل النظرات قبل يُفتح الباب من جديّد ويدخل صالح وهو يُلقي السلام ، رفعت رأسها له لتلتقط أنظارها شعره المبلول بالمويّه وهو يُجففه بمنشفه صغيره ، استغربت حاله كذا ، لكن فضلّت الصمت ، فكان الهُتاف الضاحك من نصيب نُوره:نعيمًا ، يا انك تحب الشقى

هتفت امه بعدها بعدم رضا:لو انك يامك رايحن للبيت تتروش وتبدل ازين لك من حمامات المستشفى ومكيفاتها

ابتسم لهم ونقل انظاره للجازي الصامته مُردف:لاجل عين تكرم مدينه ، قلنا مانضيع الوقت لجلستكم في خفايف تنحلّ يالغاليه

دخل طلال وراه وسكر الباب مردف:جفف راسك لايصكك الصداع من هالمكيفات ، وخل العين والمدينه لاهلها

"الا ماقلتم لي كيف نومة الكراسي البارده؟ عساها تكسر الضلوع بس؟"

" ضلوع العدو ان شاءالله ، وش هالكلام يالجازي؟"

أبتسمت بسُخريه لاذعه ، وناظرت بأمها:وش قلت؟ قاعده اسأل

حسّت بتقدم الجسد الكبير ناحيتها ، ومالتّ ببطئ للأمام ، وهيّ تُصعق من انحنائه لها ، ثُم تقبيله لجبينها بدفء عميق طال الزمن عليه وهو يُشير لأمه تتركها تقول اللي تبيّ ، لعلها تفرغ قهرها الداخلي!

" أي بالله انها تكسر الظهر ، بس مادام الصدر مرتاح ان أهله طيبين وبخير ، وش يهمّ وجع الجسد؟"

رفعت حاجبها الأيمن بحده غاضبه بفهم إنها المقصوده بكلمة " الأهل" ، وببرود رجعت بظهرها مُستلقيه بشكل نصفي ، وهمست بكُره عميق يتغلغلها:أي اكيد ، مهوب انت كنت متعود عليها من زمان؟ معرووف أن لك خبره كبيره بنومة المستشفيات مع المرحومّة

دُهش منها ، وصُدم من ضربتها الحارقه بحروفها ، هل تذكره بماضي زوجته؟ هل تنوي نحّت جروحه؟ لكنه يعذرها ويُحاول يعطيها كُل الصلاحيات ، ومع كذا فهوّ مايضمن ذاته اذا دخلت " أسيل " بالحكايه!

وقف بعد ما ألتمس صدها الحاد ، وماكانت أفعاله الا لحظيه من عُمق فرحته بسلامتها! من أول ماصحّى ومزاجه ممتاز ، لكن أخته أبدعت بتكدير خاطره ، وتعكير مزاجه!

بينما حصه والليّ ما وصلّها شيّ من كلامهم الهامّس ، أردفت وهي تقرب للجازيّ تعدل جلوسها لأجل ترتاح:جفف شعرك قدامي هالحيين ياصالح ، يقطر ماء والبرد بيضرب فيك

" المهم يجماعه ، متى قالو إنهم بينقلونها لجناحها؟ ماكأنكم طوّلتم؟"

إلتفتت الجازي لطلال ، وأردفت برفعة حاجب:مابي الجناح ، ابي اطلع من المستشفى

ابتسم وهتف بمُحايله لعوبه:بتطلعين ، بس اول شي نحطتس بجناح خاص ، بعدها يجونتس الاهل يتحمدون لتس لان هالغرفه ماتوسعهم ، ثُم تعطينا الدكتوره متى تطلعين ، وتطلعين!

الجازي بنبره مُصطنعه للأنبهار وبتقليد لطريقة نطقه لأخر كلمه:واطلع! والله!

ضجّ بضحكته العميّقه لسُخريتها ، وأرخى ظهره لورا وهو جالس على الكنّبه ، وبإبتسامته نفسها هتف:اي والله ياعيّن طلال




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   

~~~~~~~~~~~~~~






.." بمكّان مُختلف ~ منّزل طارق ~ بغرفة مناف ".






" للحيّن تحت المراقبه والتعقب؟؟ "

" نعم ، للحيّن تحت مراقبه شديده ، ينتظرون رجوع صحتك ، مالهم نيه يتركونك ، ولايقدرون على القتل ".

" غير يبطون والله ، عفسوني الله يعفسهم ، زين ابقى انت على وضعك كذا حتى اعطيك أمر ولايصير تغيير ابد"

" تبشر ، كل شي في أمانتي لاتشيل همّ"

" فمان الله"

أغلق الخط ، ليُقاطعه دخول اخته ، وبخفه مُرتبكه ادخّل الجوال بجيب ثوبه بدون تنتبه ، ورجّع بكل غيّظ يمّثل دُور المتفاجئ البريئ ، مُردف بحُب صادق:سهاميّ؟

" ياعيونها ، اسمع منافّ ياقلبيّ انا بروح ازور اخت صديقتي بالمستشفى ، وماراح اطوّل وابيك تقعد مع طارق بالسياره اوكي؟"

" اوك ".

" زين تجهز لاجل نطلع الحيّن ".

هتفت بأخر جمله ، ليُردف هوّ:لبسي زين

ناظرت لثوبّه المُرتب والنظيف ، ثُم هزت راسها برضا:خلاص لاتغيره ، اطلع عند طارق لين اجيّ

إختفت مُغادره وعيونه تتبّعها بتأنيب ضميره ، لحالها المُوجع لقلبه ، وتشتتهّا الواضح بعد خبر زواجها من طارق! تمنّى من أعماقه يجلس معها ، يقُولها إنّه بخيّر ، وإنّه رجل كامل ، وإنه وراها دايّم!

دخل طارق هالمّره ، وأردف مسكر الباب وراه بإنفعال:وراك انت تناظر كذا؟ ماهوب كاشفنا غيرك وتراها من امس تفكر وتشكك وتتأمل ، تحس انك بعقلك بس ماهيّ قادره تصدق او تستوعب فأعقل ترى كل هالمشاكل عشانها اول شيّ فـ لاتخربها

ناظره بدّهشه من إنفعاله ، وهتف بتهدئه:زين انت صلّ على النبيّ ، وماراح يصير الا الخير ان شاءالله

زفر بهمّ عميق وأخبار اليوم كانت مُضايقه لروحه ، وأردف وهوّ يمسح على راسه بأنفجار ساكن:المهم ترى بنجتمع مع الفريق بعد اسبوع وزياده تقريبًا ، لازم نكون جاهزيّن ، والكذبه على سهام بتكون إننا رايحين لموعدك ، بعد لزوم اعطيها الكذبات حبّه حبّه لين تتعافى

" اي تكفى ياطارق ، مابيها ابد تدري اني طيّب وكنت العب عليها ، والله ماتسامحني عمر كامل!"

" ماعليك ، بكل شهر موعد او اثنين ، وبكل موعد بنقول انك تتحسن ، وانت لزوم تمثل وضع انك نص ونص في انك ترجع لعافيتك وبتزين الامور وبنبدا البدايه من هالوقت ، لزوم نمسكهم ونرتاح ونريّح الخلق منهم ، الله يصيبهم مابقى احد عايش مرتاح من بعدهم ، الله لايوقفهم"

همّس بتحذير:اشش نفداك ، لاتفضحنا وقصر حسّك!

حرك عيونه حوّله ، وأردف بتجهم وهو يتراجع لاجل يطلع:طيب تعال ننتظرها تحت






آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~   



.." بعد عدّة ساعات تقريبًا "..

.


تجلس على السرير الابيض بالجنّاح الخاص ، بعد نقلها من غرف العنايّه وماحوّلها غصبًا عنها ، بطلب من ابوّها ، والحيّن هي مُستلقيه بعد خروج البنّات من عندها وخالاتها معّهم ، حتى سوسّن جات معّهم لأن كان عندها موعد ضروري للمستشفى ومرت على السريع بطلب من أمها ، وجات بذبول روحها ، وبتقدمها بالحمل لأخر شهورها ، فعلاً زوجة شهيد ، او هيّ تحس بهالشيّ وتتوهم ان بعيونها حُزن وفخر ، وبكل جديه فهيّ تفتقد سوسن القديمه! الروح الخفيفه فيها تغيرت وذبلت ، سوسن بعد بسّام أختفت ، فـ هل مولودها القادم يغيّر شي فيّها؟

تأملت الغرفه المليّانه ورد وحلاّ ، والجوال على اذنها تتكلم بإبتسامه جانبيّه ، وبصُوت ضاحك:على البركه طلاق اختس ، خرجت من الشّر وسلّمت منه

" الله يبارك فيتس ، والله يا اننا نبارك لبعضنا من يوم طلقها ، لو ابوي سامعنا حذفنا ورا الشمس ، تخيلي حتى امي اول ماقال لها سيّاف ، قامت تزغرط! "

إرتفعت ضحكتها اكثر ، واختلطت بصوت سعالها الحاد بسبب مرضها ، وبنبره مستساعه كمّلت بعد اخذها لأنفاسها:وينها شعولّ الحين؟

" نايمه ، والله يومني شفتها تبكي وتضحك بالخبر ، وانا ادعي لتس ، وسياف يقول حبي لي خشمها وراسها ، تستاهل بنتّ مطلق من يحطها تاج راسه ، ياهنيّ اهلها وربعها فيّها ".

زادت ابتسامتها ، وبنبره مُحبه:هذي مشاعل مهب اي احد ، لو طيحتي بالنار ثمّن راحتها ماترددت دقيقه والحمدالله فكّها ربي من الحقير سلمان ، وهذي قرصته عشان لايدخل بأمور اكببر منه

" اي والله جعله للمرض ، المهم الحين انتي وش اخبارتس؟ عسى ماجاتس اعراض جانبيّه؟"

" لا الحمدالله ، جت خفيفه من الله ، بس تحذيرات شديده انيّ ما انفعل ابدّ ، والباقيّ سهالات ".

" الله يتمم لتس العافيه يارب ".

" امين ، المهم اذا قامّت شعيّل دقي علي ضروريّ ".

" تمام ، بس لاتتأملين كثير ، من البارح مانامت ، ولها ايام كذا ، تقعد قايمه وقت طويل ، وتنام بعدها ليوم كامل!"

تضايقت الجازيّ بشكل عميّق من هالكلام ، والدال على ان مشاعل تغرق اكثر فأكثر بمرضها ، وبصوت تعبّان وثقيّل بثقُولة هموم صاحبه:بدّور لها دكتوره صاحيّه ، بس خل اطلع

بعد جمل التوصيّه ، أنّهت المُكالمه مع ياسمين ورفعت أنظارها ، ناحية نُوره المردفه بإبتسامه: ترى بتجيّ ضيفه جديده

" منّ بعد؟"

" تذكرين يوم اراسلتس وانا بماليزيّا؟ كنت بعزيمه لصديق عبدالله صح؟ ، المهم ان رفيقه ذا عنده اخت من الرضاعه واخو ، وهالاخت اتواصل معها اسمها سهام ، طيببه وتهبل بالحيّل ، وقبل فتره نقلت مع اخوانها للمملكه يسكنون فيها وبالتحديد هيّنا بالرياض ، راسلتني قبل نص ساعه تقريبًا وتقول انها بتجيّ لو الوقت مناسب ، قلت حياتس الله "

" من قايل لها انيّ بالمستشفى؟"

" انا ، كانت تراسلني وعرفت ، وحلفت علي الا تجيّ وربي انها عسسل وبتحبينها"

هزّت راسها بصمّت ، ونُوره تكمل كلامها:تدرين عندها اخو الظاهر بعمر سالم ، او فواز مدري والله ، المهم ان عنده ارتجاجّ بالمخ بسبب حادث ، قسم بالله تقطّع القلب يالجازي ، وتخيلي خالتها اللي تصير اخت امها ، ماترحمه ولاترحمها ، ترميهم بالكلام بدون ترحم انهم ايتام ، ذاك اليوم كنت ببكي! ماتضايقت من كلامها علي كثر ماكان لاجل سهام!

" تكلمت عليتس؟ منهيّ بنته؟"

" اقولتس سالفه ، تروحين تمسكين طرفها وتدقين فيه؟ برافو عليتس ، هذي خالتهم ، ماعرف عنها شيّ ، بس انها ترفع الضغط"

" ماعليه نربيّها لو كتب لنا الله جمّعه ، ونعلّمها كيف نرفع الضغط بالتحديث الجديد ".

" ياحبتس للمشاكل ، ماعلينا ، الا الحين تبين تاكلين شي انتي؟"

هتفت الجازي وهيّ تفصل عنها الأسلاك بخفّه:لا ، بس طلعي لي لبس من الشنط المليّانه ذي ، بتجهز لضيفتس الجديده ".

ابتسمت لأختها ، وقربت وهيّ تساعدها بالوقوف بصعوبه بعد دوخة الجازي ، وبالمره الثالثه قدرت تتوازن اخيرًا ، فأردفت:ماودتس ترتاحين شوي؟ اخاف تدوخين بالحمام

أخذت نفس عميق وأزفرته ، وبهدؤها ذاته هتفت:لا خلاص راحت ، جهزي اللي قلت لتس عنه وماعليتس مني

هزت راسها وهتفت وهي تتوجه لأغراض الجازي:ترى حتى البنات بيرجعون يبون يقابلون سهام لاتقولين اني ماعلمتس










بأصابع يدها ، دقّت الباب بخفه وهيّ تسمي بالله ،  وبلحظات معدوده أنفتح ونُوره الواقفه خلفّه كانت ترحب فيها حتى دخولها ، وتقبلها بسلام حار

تحمدت لها بسلامة أختها وهيّ تماشيها حتى تقدمت للداخل ، وعيُونها تتنقل وتتعلق بالجالسه على السرير ، بشعرّها المرفوع بدّقه للأعلى على طريقة " ذيل الحصان " ، وبملامح رُغم تعبها ، لكنّها تصرخ جمال!

تُوقن ، إنها ماشافت ذيل حصان أجمل من هاللي عليّها ، ولا شمُوخ مثل طريقة رفعتهّا له ، ماتعرف هل تتأمل جلستها المُستقيمه ، أو ملامح وجهها ، أو شعرها ، إحتارت أيّهم أجمل؟ أيّهم مُختلف اكثر؟

تكويّنه غريبه تجلس قدامها ، نموذج بشري أقوّى خصاله هو المظهر الحّاد ، وبشّده!

رفعت صوتّها بحلّف على الجازيّ قبل توّقف ، وبنبّره مُحبه أردفت:أنتي اللي تقومين مع تعبتس؟ ليه وش فيني لأجل ما أنزل وأسلم عليتس؟ والحمدالله على السلامه ياقلبي

أبتسمّت لها الجّازي بعذوبه ، وأردفت بصُوت أكمل الصوّره الفنيّه عند سهام:الله يرفع قدرتس ، ويسلمتس من الشّر




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 




.." منزل أبوعزام  "..






كانت مها تستعد للخرُوج ، ومازال تأنيب الضمير ينهش صدرها ، هي تعرف أن مرض نُوف له أثر كبير في نفس الجازي ، وتعرف مقدار ألم صديقتها ولومها لذاتها ، لأنها ببساطه أكبر سبب بحادث نوف ، بسبب تهوّر ماجاب لهم الا المصايب ، غضبها العارم لتوقف دراسة نوف كان بسبب تأنيب ضمير ممزوج بأخوّتها ، كأنها تحاول إنّكار إن مرض نوف بيوقف حياتها كذا ، تشوفها كيف تحاول إدخال نوف بالاجواء بينهم ، تحاول تشعرّها انها طبيعيه ، لاينقصها شي ، حتى إعاقتها!

مع كل هذا ، جات هيّ ترميّ على مسامع الجازي خبر مثل كذا؟ وبدون مقدمات؟ شدت على عيونها من مجرد التفكير وبدت تشتم نفسها بهمس غاضب من أفكارها المُظلمه ، وتخيلاتها تتفاقم بأسئله مُوجعه ، بـ وش مُمكن تسوي لو ظهّر على الجازي أعراض جانبيّه بسبب "الجلطه"؟

قاطعها صوته يسأل:جاهزه نمشي؟ "

" أي ، بس بشوف نُوف "

" امي عندها خليها ، وهالحيين استعجلي وراي شغل وأنتِ بتقعدين تدورين فيني"

أبتسمت له بسكون ، وأغلقت عبايّتها بأحكام ، ولبست نقابها بشكل سريع ، وهيّ تتبعه للخارج راكبين سيارته ، ثُم طلبت منهُ يروح لأحد " محلات الورد " وماكان منه الا الايجاب


.

" اذا محد من البنات بينزلتس على طريقهم للبيت ، فأنا بجي أخذتس لاخلصتي دقي علي "

" بشوف ، ويمكن تجي ياسمين ونرجع مع بعض ، الباب بالباب "


" ياسمين ماعليها شر إرجعي معها اذا بيرجعكم سواقهم بس تنتبهين لعمرتس ، وياويلتس لو دريت إن السواق يرجعتس لحالتس ولا ينزلتس أخر وحده! تحذري"

أبتسمت لكلمته الأخيره ، وأردفت بطاعه:هاابشرر

نزلت وباقة ورد حمراء بين كفها ، وأكياس أنيقه لأحد محلات الحلى بالكفّ الثاني بينما سيارة عزام غادرت ، وبتردد قصير وقفت خطواتها وعيونها تجُول حولها ، وتلتقط وجيّه تعرفها ، أخوان الجازي ، أخوالها وممكن بعض عمانها ، بس ليّه كلهم هيّنا؟ متفرقين بأماكن جلوسهم لأجل مايجذبون الانظار ومع كذا عرفتهم للتشابه اللي بينهم ولمعرفتها السابقه لهم

حسّت بتوتر وخيم جدًا ، كأنها محطة أنظارهم  ، رغم أنه ما انتبه لها الا شخص واحد ، كان يقربّ منها تارك الحديث مع أبوه!

حست بقبضة يد على كتفها ، وإرتعشت بخفه وهي تُدير جسدها ناحية الواقف خلفها ، وتسمع همسه الهادي بصوت أنثى:أنتي مها؟؟

ناظرت لها بسرعه ، وأردفت بشك:أي مها ، من أنتي؟

أشارت للباب الواسع مُردفه:عاليه بنت عم الجازي ، تعالي معي نروح لها!

أبتسمت براحه رغم إستغرابها من كيف عرفتها؟ لكن مشتّ معها وبهدؤ ذويّق هتفت:ارحبي والله ياعاليه ، شخبارتس؟ العذر والسموحه ماحصل لنا نتعارف عدل اول ما ألتقينا! مير اني اعرفتس من الجازي

أبتسمت لها عاليّه بأعجاب لسلامها ، مع ان عاليه ماكانت تفكر تخاطبها حتى! لكن هالصديقه تمتلك ذوق عام عاليّ لأجل ماتنسى السلام ، وبنبرتها الهادئه أردفت مُجيبه:البقى والله ومعذوره ، محد كان بعقله وقتها ، وطيبه وبخير واسأل عنتس؟

تعارف سريع كان محور الحديث بينهم وأنتهى بوقوفهم قدام الباب ، لتفتحه عاليه ، وتتقدم بعدها مها بسرعه ، مُردفه بعلو صوتها واللي بدا يختنق:الجازي!

كانت الجازي مستعده لهالنبره ولليّ بعدها ، لأجل كذا أردفت مبدئيًا بسكون تُريحها:لبيه؟تعالي يامها

تقدمت مها بخُطى سريعه والدموع تغشي عيونها ، غير مُنتبهه للجلوس وهويتهم ، وماحست بنفسها إلا بين أحضان الجازي ، ويبدا لسانها يطلق العديد من الإعتذارات العميقه المخلوطه بخنقّة البكا ، والكثير من اللّعنات والشتائم بذاتها ، والجازي ماكان منها الا إبتسامه شاحبه ، تخللّها الخذلان والخيبه لأنها ليلة البارحه عرفت أن اللي سمعته كان كذب ، وأن نُوف للحيّن مُقعده!

مسحت على شعر مها بنعومه شارده ، ليصلها صوت وحده من " خالات أمها " مُردفه:وهذي اللي صابتس الله يصيبها؟ محراك الشر


رفعت أنظارها الحاده لها ، وأردفت بنبره شديده: لاتدعيين! وشي مالتس علم فيه لاتتحاكين عنه

عتبت حصه عليها:عيب يامتس!

ماكان منها رد ، غير نظرات تحدق فيها بخالاتها ، لتقف أكبرهم بعد دقايق هاتفه بصدق شعورها المُحب والخايف رغم سلاطة لسانها:يلا حنا نترخص ، عبدالرحمن برا وخارجه من الشر يابنت حصه ، الله يشفيتس ويحفظتس لاهلتس يارب

وكان لأخواتها نفس الكلام بتفاوت ، وتُجيبهم حصه وبنتها بذات المشاعر ، لأن الحب بينهم حقيقي ، لكن سوء الطباع يفسده!

كانت سهّام ، تتأمل الوضع بدهشه ، أقل مايُقال عنها غريبه ، حواراتهم وانقلاب مشاعرهم وتصرفاتهم عجيب ، الخالات يرمون كلام على الجازيّ ، وترد عليهم ، وفجأه يتراضون! وش هالتكويّنه العجيبه بهالعائله؟

أعتدلت مها جالسه بعد خروجهم ، لتبقى مُلتصقه بالجازي بكل صمت ، ويمر وقتهم الساكن بصمت الثنتيّن ، ومع محاولات البنات لتزيين الجو ، بس ماكان منهم الا صمتٌ وهمُوم!

يتشاركون بالوجع نفسه ، وبشعور الحنين ذاته ، وبالعجز نفسه ، وبشعور التشتت والضياع ، ومحاولة التمزق لإرضاء الأطراف كلها ، فـ حزنهم واحد ، وهمّهم مُشترك ، وصعُوبتهم بالبُوح مُتقاسمه!









وبعد حواليّ الساعه او الساعتيّن طلع الكل ، وبقّت هيّ ونُوره وأمهم النايمه واللي رفضت رفض قاطع مُغادرة المكان لأن قلبها ماقوّى يفارق بنتها للحظّه

رفعت عيُونها لنُوره الشارده ، وزاد إستغرابها من حالها المُنهك ، والليّ ماكان لأول مره ، لأن الجازي لها فتره وهيّ ملاحظه وضع اختها الغريب والمهموم ، لكّن حالتها ماتسمّح لها بالتفكير والتحقيق والتفسير ، خاصه وان صوت ضعيف يصرخ داخلها ، بأن المصايب تتكاثر بشكل جنونيّ!

ماهيّ حمل للكثير ، تحتاج وقت تستجمع فيّه نفسها اولاً ، ثم تلتفت للباقي ، تجاهلت السؤال وتركته يتصارع داخلها مردفه:وين جوالي يانُوره؟

" معيّ ، تبيّنه؟ "

تحركت نُوره بعد إيجاب الجازي ، وإلتقطت الجوال من شنطتها ، وناوّلته للجازي ، وبدورها أخذته وجُملة نُوره الاخيره تستقر بذهنها:يدق من امس ، ماوقف اتصال ، ولارديت عليه وكُنت بعطيّه أديل بس البنت مختفيه!

اومأت براسها بشكل خفيف ، وهمست بسكُون غير مُهتم:معتس ولا مع اديل ، عادي كلكم واحد

أرتخت نُوره لان اختها ماعصبت ، وأردفت بهمس مُشابه:انزين أديل مختفيه بس ماشوفتس تحاتينها؟

" مهيب ورعه اراكض وراها ، يمكن عندها اشغال! أعرفها ماتغيب الا بعلُوم كايّده وبتجيّ بعدها ".

إنتفضت بجزع مردفه:اعوذو بالله من علومكم الكايده ، الله لايجيب طاري الشر!

قبل تُجيب ، إهتز جوالها بإتصال من نفس الرقم ، وإندهشت الجازي من أن الرقم خارج البلاد! لكن ردّت بتردد وباللُغه الإنجليزيه:نعّـم؟


بيّنما نُوره ، راقبت الجازي بفضُول ، لمعرفة هوية المُتصل بإلحاح ، ورويدًا رويدًا ومع مرور الدقايّق بدت تندهش ، وترتعب ، وتنتفض بخوف لأنقلاب ملامح اختّها ، ولسواد عيونها الحاد ، ولأشتداد حِدة صوتها ، وتغييّر مستوى نبرتها ، لترتفّع وتنخفض ، وبثواني بدأ صوتها يهتز بصُراخ غاضب وهي ترميّ كلماتها الفرنسيّه بلهيب واعد ، وهديّر غاضب ، وتهديّد صادق يغلبّه الرُعب والخُوف!

لتختم مُكالمتها بصرخه بشّعه إخترقت جُدران الغُرفه وهي ترميّ الجوال بعنجهية على الأرضية القاسيه ، وصُراخها المُنفعل يرتفع من جديد بشتائم كثيّره وبجنون رسميّ أعمى عيونها عن الواقع!

بكّت نُوره ، وأصابع يدها تضغط على زر الاستدعاء بدون توقف وهي تُحاول تنادي أختها ، بس بدون فايده لأن الجازي غادرت الواقع رسميًا!

ناظرت لأمها ، وأردفت برجفة باكيّه:يُمه بتذبح عمرها ، تكفين يُممه قلبها مايتحمل!

بينما حصه اللي قامت بإرتعاب على صرخات بنتها ، كانت أقدامها عاجزه عن الحركه ، وعيونها المصدومه مُتعلقه بكُتلة الجنون قدامها وهي عاجزه عن التصرف!

داهمهم الطاقّم الطبيّ بوقت قياسيّ وقبض أفرادّه على الجازي بشّده مُثبته وهي تحاول نزع الأبر والإنفلات منهم بمقاومه لكن عجزت وبدت إجرائات التهدئه ، ومحاولات إيقاف هالجنون المُرعب!





." قبل دقائق ".

.

" مرحبًا ياصغيره ، كيف الحال؟"

تجمدت أطرافها من الصوت المُقابل ، وشخصت عيونها بصدمه غير مستوعبه ، بينما الأخرى هتفت:أين أنتِ؟ هلاّ تكلمتِ؟ إشتقتُ لسماع صوتكِ يا أنسه!

لكن لاجواب ، فـ هتفت بصوت قاسيّ وبقلّب صارم وبكلمات مُباشره ومُـحذره بشّدة:حسنا لا بأس بصمتك ، ولأتكلم مباشرة وبصراحه ، لقد وصلتّهم أخبارك بدقّه كبيره هذه المّره ، فـ إحذري من غضبنا ، لم أتصل للهوّ واللعب ، فـ أنا أحمل لكِ رساله من آيسُو ، أو بالأحرى نصيحه تُفيدك إن عملتِ بِها يا يفيّــت !!

تصلبت ملامحها بخشونه ، وإحتدت عيونها السوداء من حُروف إسم " آيسُو " المكروهه لقلبّـها ، إسمٌ بشع بذكرياتّـه وماضيّـه ، وبأوجاعه المُـعذبه لها ، تأملت الفراغ بسوداويّه عظيمه وهي في حالة صدمه من إتصالهم وتهديدهم ، لتبتسم الثانيّة بذات البُـرود المرعب وأذانها تسمع لأنفاس الخائفه ، ثم تهمس بمُـتعه:

" إهدئي ، لا ننويّ قتلك بسُرعه ، مشوارك طويـل أنسه يفيت ، اوه عذراً ، أم هل اقول أنسه والينا ؟ يليّق بكِ أكثر!"

نطقت أخر كلمة بخُبث وهي ترفع حاجبها ، فصرخت اخيرًا الصامتة بلهجة قاسيّة وشديدة التهديد:إياكِ والإكمال ، إياكِ! ستندميّن ، ستندميّن جداً ، أقسم أن تغيبِي للعالم الأخر وللأبد !!

ضحكت صاحبة الشعر الأشعث ، وقبضت كفوفها على السُور أمامها ، وبذات النبره المُتلاعبه على أوتار الجازي ردت:حسناً حسناً ، لن أكمل كلامي ، إهدئي يفيّت "

نزلت بعيونها لساعتها ورفعتها بذات اللحظه ، مُكملة بهدؤ:لا أملك الوقت الكافي للعب معّك ، رغم إشتياقي للأيام السابقه ، لكّن آيسُو ترسل لك سلامهـا الحار ، وتحذرك من عالّم ذاك الأحمق وتبلغك الأنذار الأول في أن تتراجعي عن فكرة مُشاركة تلك المعلومات معهم ، إياكِ والدخول معهم بعد الان ، وإلا أنتِ أول من سيّندم!

وبعيُون رماديه تشتعل بخُبث كمّلت أخر جُملة لها تُجنن فيها عقل الجازي:يفيّـت ، فرنسّا قد إشتاقت لكّ ، والأمور تغيّرت هُناك كثيراً ، فـ ألقيّ عليها السّلام فقد إشتقنا !!

إسوّدت ملامح الجازي بشراسه أعمّق وهي تتوق لأخذ حقها منهم ، ولكسر ملامح القسوة ، وبعيون سوداء تُظلم كسّواد ماضيها أردفت بذات الهمس القاسيّ رغم رجفته وخوفه:بلغيّها السّلام ، لاعودة لي بعد الان ، فـ الحّرب إنقضت ، ولا تعوديّ مجدداً أراميّـس! "


" لم تنتهيّ أنسه! رأيتِ مالا يجب أن تريّه ، وشهدتِ على أمور عِده والان تحاولين خيانة عهدنا؟ ، هل تظنين أن خلاصك سهلٌ؟ يالكِ من ساذجه"

" لا تتصليّ مُجددًا ".

" وصلت الرسالة ، وداعاً أنسّة يفيت ، ولأذكرك أنهُ رُبما تصل الخسارة الى أحبّتك أيضًا"

رجعت للصُراخ المرعوب والغاضب وهي تشتمّهم ، وذاكرتها تهجّم عليها بذكريات عاصفه ، وصوت أراميس يُعذب مسامعها ، وتدخلّها بموجه غاضبه ثائره ، وشرارة عالمها بدأت بالضجيّج!



غمضت عيُونها بهلوسات ضايعه بين حقيقة وخيّال وإبرة المُهدئ بدت تجريّ بمفعولها ، لتُرديها جسد نائم ، وتُوقف إرتعاشات اطرافها ، وتحركات لِسانها!




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 






.." بعد مرور وقت طويل ~ الساعه ٢:٤٤ص  "..



توقفت السيّاره السوداء بمواقف المستشفى ، وفُتحت الأبواب بشكّل واسع وهمّ ينزلون مِن السياره بسرعه قياسيه ، ثم ييرتفع من وراهم صوت إغلاق الأبواب بوقت واحد

تحركت بجانبها وكفوفها تُعدل "أحزمة" بِنطالها ، وهي تُردف بنبره سريعه:إن كان مابيّن يدينا من معلومات صحيحّه ، فنحن الرابحون هذه المره!

" لاتتأملي كثيرًا ، إنّ كُنا أذكياء ، فـ هم أشّد إنتباهًا مِنّا ، وأشّد تركيزًا ".

مسحت بأطراف اصابعها على شعرها ، وبهمس هاديّ وهي تتبعها لدخُول المصعد:حسنًا ، المُهم الان ، ماذا حصل ليفيّت؟ لِماذا طلبتنا بهذا الشكل؟ لستُ مُطمئنه

"لاتقُوليّ يفيت"

" لاأستطيع كبّح نفسي ، إسمها صعب ولا أحبه ، إن يفيت جميل ، لِما لا اقوله؟"

إنفتح المصعد ، وغادرت أولاً بهمس:أغلقي الموضوع

تحركت ناحية الغُرفه المطلوبه ، ودخلت أديل اولاً بعد طرقها للباب وبعدها سوناي ، وأتجهت أنظار الشخص الوحيد الموجود لهم ، لتهتف بسؤال سريع:ماذا حصل؟

نُوره بتوتر جاوبت وهي اللي أرسلت لهم بجوال أختها بضرورة انهم يجون:وصل لها إتصال ، وبدأت تتحدث بغضب وتصرخ وبعدها أجهشت بالبُكاء ، ثم أعطتها الطبيبه إبرة مهدئه ومازالت نائمه.

ارتفعت حواجب أديل بأندهاش شديد ، وتبادلت النظرات مع سُوناي بشك راود نُفوسهم!

ثم هتفت سوناي:وأين الهاتف الان؟

رفعته من فوق الطاوله ، لتلتقطه أصابع كفّ أديل وتكتشف ان شاشة الحمايه انكسرت بشكل نصفي ، أزالتها بخفه ، وفتحت قفل الجهاز وهيّ تتجه تحديدًا للمكالمات الصادره ، وتشوف ذات الرقم يُنير الشاشه بوضوح ، وبدون تردد كانت تتصل فيه ، ليصلها بعد عدة ثواني صوت أنثوي ضاحك:يفيّت! ماذا حصل لك لتتصلي؟ أم انك اشتقتِ لصوتي؟

" من أنتِ؟؟ "

عقدت حواجبها بإستغراب:أووه! هذا ليس صوت عزيزتي يفيت ، لكن من يُحادثني الان؟ ألم تتعلمي أداب الخصوصيه؟ ليس من حقك العبث بهاتف غيرك ياصغيرتي

قطعت أديل الإتصال بعد إلتماسها عُمق الخباثه بصوت هالبّنت وماهو من صالحهم الكلام مع أمثالها بدون حذر شديد! نقلت أنظارها لنُورة مُردفه:مُنذ متى وهي نائمه؟؟

" مرّ الكثير من الوقت ".

ارتفعت همهمات الجازي لحظتها ، وبدت بفتح عيونها بصعوبه ، وثم حدقت على يُمناها وكانت الطاوله الطبيه موجوده ، وإنارة الغرفه مُنخفضه وهالشي أظلم المكان وإستصعبت الرؤيه ، مالت أنظارها لليسار ، وحدقت بالشعر الأحمر بإنطماس ملامح وجهه ، وبهاللحظه إرتجف كيانها برُعب تجدد داخلها وهي تستذكر الإتصال اللي ماغاب حتى عن كوابيسها بلحظة نومها ، وبدون شعور قفزت بصُراخ مجنون وهي تلتقط أداه حاده من الطاوله الطبيه ، وتهجم على صاحبة الشعر الأحمر تحت صُراخهم الجماعيّ والمصدوم!

إنطلقت سوناي تشعل الأنوار ، بينما أديل تقاوم هجوم الجازي عليها وتهتف بصُراخ:ماذا يححصل! ، إهددئي أنا أدييييل! إهدئي إهدئي!!

صاحت بتقطع أحبالها الشوكيه ، وبجنون مرعوب كانت تُردد بهذيان:إبتعدو عنيّ ، إبتعدو عني ، لايُمكنكم لمسي لايُمكنكم!! ياربب لااا يارببب

تقدمت سُوناي بقوة وهي تبعد الجازي عن أديل بطريقه قاسيه وعنيفه ، وفُتح الباب بدخول مجموعه من الممرضات من جديد بسرعه ، وبقوة رُفعت الجازي من فوق الأرض ونزلوها على السرير بصعوبه وهي تحاول التحررّ منهم بُبكاء عالي ، تحاول التحررّ بعقل يظنهم قتله يحاولون إغتصاب روحها وجسدها ، لكنهم بالحقيقه ينووّن مساعدتها!

ماكانت بوعيّها وهي تصرخ بجنون باكي وتردد كلمات فرنسيّه ، ماكانت بكامل عقلها وهي تظن إنها الان بمهاجع فرنسا ومستودعاتها وبين الذئاب البشريه!

لكن بمُجرد حُقنت بالإبرة المهدئه ، حتى بدت لحظه ورا لحظه تستعيد نفسها ، وتتوازن رُغم صُداعها الشديد ، ورغم رعبها الكبير! حدقت بالمكان حولها وهي تحس الدنيا تدور ، وتحدق بالوجيه المُتعبه وهي تراقبها!

وبأنين التفتت لكف نوره الحنون وهو يمسح على شعرها ودموعها تنزل وبصعوبه ابتلعت ريقها بتعب ، وهمست بهذيان:وش فيكم؟

" مافيه شي ، انتي بخير؟"

هزت راسها ببُطئ وهي تهدي نفسها اكثر ، ورغم الضجيج الصارخ بعقلها بسبب مكالمة اليوم الا انها كانت تحاول تجاوب على أسئلة الممرضه المُتعددة ،  ومجرد طلع الكل ، حتى همست بعطش:ابي مويه

تحركت نوره بسرعه تفتح المويه لاختها وتناولها إياها ، بينما اديل خذت انفاس عميقه تملئ داخلها ، وهالمره تحس بالخطر ، ماترتاح لحادثه اليوم ولا لثوران الجازي الان ، فيّه من يكشف عن أنيابه ، فيّه من يرفع الأسلحة ناحيتهم ، فيّه من يستهدفهم بنوايا سيئه وخطيره!

بدت أجراس الخطر تهز المكان بقرعها العنيف ورنينها الحاد ، والان بدأ يُخالجها شعور الخوف والرهبه! فـ سوناي ماراح تكون جدار حماية فعّال لوحدها! وش المُمكن تسويّه الان؟ على أيّ اساس تبدا بمُخططها! كيف تغمض عيونها براحة بالليّل! صعوبة وضعهم وخطورته يُقلقها!

" لاتنظري هكذا! إنك تفسدين الوضع وتنشرين الرُعب"

ناظرت أديل بعيون سوناي ، لتُردف بهمس خافت:أشعر بالخطر ، رائحتهم بدأت تنتشر بالارجاء وبشده ، إن إحتد الأمر لن نقدر على السيطره!

" اووف! ادييل لاتُبالغي ، لم نتأكد بعد من الأمر!"

قاطع همسهم صوت الجازي ، فأردفت أديل بطلب رقيق:هل تسمحين لنا بدقائق للحديث؟؟

وقفت نوره بعجله وهي تبتسم:طبعًا ، كنت أنتظركم للمغادره!

" دام البهيمه حيه ، استراحت الضماير وهجت لأشغالها!"

عقدت حواحبها بدهشه وردت بتهكم:وش هالكلام؟ وبسم الله تو كنتِ مو بعقلتس ، وش ذا اللسان؟

" مدري ، بس اشوف مالكم أثر وانتي اخر حبه بتطير"

" ياقلبي ، والله امي ماراحت الا عشان تسوي العشا للعيال لهم كم يوم ماياكلون مثل الخلق ، وانا بروح ابدل واشوف الوضع وبرجع لتس وابي اخليكم على راحتكم ، والباقين توهم طالعين من عندتس اول الليل ، وان كان قصدتس خوالي ولا عمي سعود ترى جاوو وراحوا عشان الحريم كانو تارسين المكان! "

" روحي روحي لرجلتس عبيّدوه اللي حتى سلام مجامله مافكر فيها!"

ابتسمت بخفه وهي تسمع عتبها المُبطن ، تعرف مدى حُب أختها لعبدالله ، ومدى زعلها الحاليّ منه ، فـ هو الوحيد من بين شباب العائله " المحارم للجازي " اللي ماسمعته ولاشافته يجيّ!

لكن وبدون تجاوب غادرتهم بشحوبها ذاته بنسيان تُبلغ اختها عن عبدالله ، وركبت سيارة اخوها طلال راجعه لبيت ابوها بدون تقول له شي عن حالة الجازي اليوم فـ هي أتفقت مع أمها وزياد ولد سعود بالصمت بطلب منه ، والان بروحتها للبيت فـ كأن الاقدار ترميّها بعيد عن انظار زوجها ، لأجل تطيح بمُصيبتها خلف الظلام!





بينما الجازي واللي كان كلامها مع نوره مُجرد مجامله تطمنها ، ومجرد غادرت حتى رجعت تدّمع بصمت عاجز وتحدق بهم وهدؤها القائم يقسى على روحها ، وبدون تردد همست بضجيج أثار داخلها بشدّه:لقد عادوا ، تطلب مني العوده ، سوف يأخذوننيّ قسرًا وسيقتلونني بعذابهم ، لن أموت لكن سأقتل ، بأي ذنب يحصل كُل هذا لي؟

قاطعتها حدة سوناي الغاضبه :اوهووو! لم أتدرب سنين طويله عند سايلان ليتم اختطافك بسهوله ، إنكم تتوترون دون فائدة

إرتفعت ضحكتها الساخره بحراره باكيه وعيونها تتعلق بالواقفه قدامها بكل هالثقه:حقاً! هل نحن نلعبُ مع أطفال بالعاشره من عُمرهم ياسُوناي؟ لاتغتري بقوتك ، أن أرادو قتلك لن تغيب شمسٌ الا بفقدانك!








آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 





."بزاوية مُختلفه ، وبعد مرور ساعتين وقُبيل اذان الفجر بلحظات".




يلهث بشده ويحاول يلتقط أنفاسه بصعُوبه ، يبيّ يهرب للبعيد ، يتمنّى النجاة من هيجان هالمجنُون ، ويطلب الموت إن كان مُمكن! حالته صعبه ، وغضب هذا الذئب ماينتهي ولا يقل ، مازال يلكّمه بقسوة لاترحمّ ، أسبوع كامل إنقلب فيه حاله ، فـ بعد ما كان هُو من يُعذب غيره ويكسر عظامهم ويسحقهم ، أصبح هالحيّن ضحية يتم تعذيبها بدُون تردد أو رحمه بالضرب وبالأدوات المُتعدده وحتى بالتعذيب الكهربائي ، ولكنه ماصرّح لهم بشيّ وماعطاهم مُرادهم!

هوّ مايقدر يجاوبهم على اسئلتهم لأنه يخاف! مرعُوب من كبائره ، مرعوبٌ من أصحاب الشأن الجالسين بثقلّهم على أكتافه ، سنين طويله عاشها تحت سطوتّهم وتدريبهم ، نجح مُدربه بزرع خوف عميق وبشده داخل نفسّه ، ليهابهم بعيد وقريب ، ولا يتجرأ بيوم على خيانتهّم داخليًا وخارجيًا !!

أما الواقف قدامه ، فـ رفع قبضته القاسيه ، ولكّم خده بها بكُل عُنف يقطع سرحانه ، ويميل رأس هالمُقيد للجانب الأيمن فاقد وعيّه والدماء تسيل منّه ، إنتصب واقف بعد ماشافه طاح ومشى بعيد عنه ، وهو يُشير لهم بفتح الباب ويتم الأمر بطاعه

وإهتز جواله لحظتها بأتصال ، فرفعه مُتأمل للرقم ، ورفع حاجبه بحده ، وظنونّه بدت تتراقص لليقين!

ردّ بسكُون ثليجي وهو يمشي بممّرات المكان وكفه يمسح على لحيته ، ووصله صوتها الأنثوي يُنادي فأردف بسؤال:ماذا حصل؟

" هُناك من إتصل بالجازي وهددّها كثيرًا ، ويتكلمُ معها بإسم يفيت! "

" أنثى أم ذكر؟ "

" أنثى ، وتُدعى أراميّس وتُهدد بإسم ايسوّ ".

إحتدت عيونه العسليه وزادت بروده مرعبه ، وهالأسم بدأ يُحفز دوافع القتل داخله بسبب حديث الجازي الدائم عنه ، مُشعل نيران الحرب ، ولطخات دِماء قاتله!

وبسُرعه بديهيه أغلق الخطّ بوجه المُتصله ، وعاوّد الاتصال برقم ثانيّ وحالته ماتبشر بالخير ابدًا

" سأرسل إليك رقمًا ، أريد ان تُعطيني مكانه بالتحديد ، أحتاجه بشكل سريع ".

قطع الاتصال مُجددًا بدون ينتظر جواب ، ثُم طلب من أديل إرسال الرقم ، وحوّله للشخص المطلوب ، وتمّر دقائق طويله ومازال واقف بمُنتصف الممّر بأنتظار للموقع ، لكن رسالة متوقعه وصلته مُوقفه التوقعات ومُغضبه له

" أعتذر ياسيديّ ، لكن الرقم غير موجود ولايُمكن الوصول إليه ".








آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 




.." بعد مُرور ثمانية أيام "..



" يمه نفداتس وش عجلتّه ؟ ست شهُوور ماتكفيكم؟ تراها وااجد بس اني عاذركم ، واكثر من كذا ماقدر ازييد "

ارتفع صوتها بذكر الله ، وسخطت عليّه بأنظارها الصقريّه ، مُردفه بعدم تقبّل:شايف وضعنا انتّ؟ هذا وقت عرس؟ انت ليه ماتنفتح نفسك الا بوقت غلط؟ اعقل يامي لاتخليني احذف العرس لخمس سنين قدام!

ارتفع حاجبه بدهشه ، وأستقام جالس برفض لكلمات امه:اللي يشوفتس لبى خشمتس يقول اني بحط عرسي بكره! ، انا اعلمتس واشاوورتس عشان تقولين لهم يخلصون امورهم بدرري من الحين

زفرت بهمّ من اصراره ، وقلبت " سبحتها " بين اصابع كفّها بتفكيّر وتقليب للأمر ، ثُم عادت تناظر لعيُونه المليئه بأصرار حازم ، فتحتّار بأمرها ، وتعجز عن إتخاذ القرار!

" بسأل خالاتك وابوك ، ونشوف بعدها  ".

" ذا عرسي انا ، مانيب ماخذ شور الجماعه كلها ، مادام انتي راضيه وابُوي راضي ، مالي دخل بالباقي ، من حضر حيّاه الله ومن راح الله يحفظه "

قاطعهم دخُولها الساكن ، ألقت السلام بنبرتها الهادئه والغارقه بشرُود عميق أصبح يُلازمها ، ويميّل حالها للصمت والعزلة ، الكل لاحظ التغيّر ، والكل لاحظ نفسيّتها المُنهكه والمُتدمره ، واكثرهم فهمًا " حمد " هو اول المنتبهييّن لحالها ، وأشار لهم على وضعها ، لان الخُوف بعيونها ماخُفي عليه.

بيّنما هي ، كانت بالحقيقة مُدمره ، رُوحها ضايّعه بين حُطام الجُدران ، وتكسرات حواجز الامان! مُتحفزه للحظة النهايه ، ولـ لحظة العوده لأيام الماضيّ الشنيّع! جُروحها تنزف ، وعلاماتهم مازالت تتصارخ على اجزاء جسدها لتشوهه ببشاعه! اثار افعالهم النفسيّه والجسديه مُلتصقه فيها للان!

حروقهم ، سمُومهم ، وأسلحتهم ، ونارّهم مازالت تتوسّم جسدها ، وتسكنُه بأريحيه تُعذب هشاشة ماداخل أضلعها المُنكسره!

فـ هل ينتظرها المزيد؟

ارتخت تجلس جنب أمها ، وتُحدق بملامحهم الجاده ، والمُوجهه لها ، وبأستغراب متوجس سألت:وش فيكم؟ صاير شيّ؟

صمت هوّ يتأملها ، صمت يستذّكر كلمات حمد عنّها ، يبحث عن الحُزن والشرود والخوف المُبهم!
وماكان صعب عليه الامر ، لانها بضُعفها ماحاولت تُلملم شُتاتها وتُخفيه ، فعقلها مشغُول بأمور اكبر!

اردفت امها بغمُوض غير مقصُود:اخوتس يبي يحط عرسه بعد ست شهُور !!

بثوانِ معدوده إرتفعت حدقتها الحاده ناحيته ، وطاحت عيُونها بمُنتصف عسلية عيُونه ، ومازالت مصعوقه مِن ماسمعته!

" عرس شنو؟ من بيعرس؟ "

" انا متملّك ، وابي عرسي بعد ست شهُور ولا تكون ثلاث احسن ".

تُحدق به بشّده ، لعله يكذب! لعلّه يمزح! تبحث عن إبتسامه مُتلاعبه ، او نظرات خبيثه ضاحكه! لكنّه جاد بأمره!

" كيف يعني؟ "

نطقت كلماتها ، وهي تُوضح لهم انها بضياع شديد غير مُصدق ، فـ من متى وهي معهم؟ مرّ الكثير من يُوم رجعتها !! مرت شهور على مكُوثها بينهم! ماقال لها احد !! مالمّح لها احد! ليه مُصرين انهم يثبتون بدماغها فكرة انها غريبة عنهم ويتركونها تزيّد يوم عن يوم ، مُسببّه لها شعُور الوحده المُوحش!

مسحت حصه على وجهها ، لتُردف بنبره ليّنه مُعتذره:ايي ياميّ ، نسيت اقولتس وسهيّت عن هالعلّم ، اخوتس عبدالعزيز متمّلك ، وماحددنا عرسه وهالحين جاي يبي يحطه عقب ست شهور

إختنقت ، حسّت بخيانه ، وبشعور النبّذ ، وأنها غريبه عنّهم ، ماهيّ أخت له ، ولا بِنت لهّم! مُجرد شبح زائر يُنتظر رحيله ، ضيافته ثقيله ، وتقبله صعب ، وجلُوسه معهم مُزعج ومُضايق!

بيّنما هُو يناظر لها ببجاحه ، ماكأنه هو اللي جالسها طويلاً ، يهمّس لها بأخوته العظيمه ان زوجته من اختيارها ، وانها اول العارفين بِها ، وأنها هي بتبخره بالعُود الفخمّ بيُوم خُطبته ، وترافقه بتجهيزاته ، وبتحبّ زوجته المُختاره ، بتقُول لها عنه وتصل بينهم بالسّر من باب الفُكاهه! بتبارك له بعقد قرانه ، وبتصدح صرخاتها الفرّحه بالمكان لأجله!

واليُوم طعنّها ، وأدماها بخنجر صلب ، زُجاجه شفافه كانت تُغلف بُقعة بقلبها المُحطم ، زُجاجه لمّاعه تخص عزيز ، حاوطته بجزء من قلبها ، كانت تحس بأنه مازال قريب ، مازال حبيّب وأخ! كانت  تحافظ على حُب عزيز ، ذكرى عزيز ، وأخوّة عزيز!

لكن الأن ، كُسرت ، حُطمت ، ونُهشت بقسوة!

قاومت ذاك الوجع ، وعبرة البُكاء اليتيم ، حاولت تبتسم في وجهه ، بشحوب لونها وبهُوته ، همست بنبره شفافه أوجعته:احسبي كم لي شهر بهالبيت ، ماهان لنفسّ فيكم يقول لي حرف عن هالطاري؟ الله اعلم من متملك بعد مادرينا عنّه ومن له ورع ومن اعرس؟ بس تصدقين؟ والله انكم مشكورين على معاملة الجدار هذي

خُرست حصه ، وخُرس هوّ ، وتحركت هيّ واقفه ، ناويه تطلع ، بخطوات ثقيله ، وقد اوجعهّا فعلّهم ، وتصرفهم اللامُبالي! وهلّ اذا اخذتها أراميس عنوةً ، بيكُون يوم سعدهم وراحتهم؟

وقفّ بعد خُروجها ، وناظر لأمه بعيُون غايّمه من هُموم ثقيله بشدتّها:علميّهم يُمه بالموعد ، وابُوي راضي قد علّمته بس جيت اشوفتس واسمّع رايتس ، ست شهور طويله ، ومالها داعي لو اني مختصرها بكمّ اسبوع ازيّن

" انقلع وراك ، شايف الخلق فارغين عشان تنكبهم بكمّ اسبوع؟ رح بس رح لاختك خذ مابخاطرها تراها زعلت وزعلها كايّد عليك هالمّره ".

إبتسم بخفه ، وغادر المكان بهيئته الساكنه ، وأتجه للخارج وهُو يعرف انها برا ، اغلق الباب وعيونه تُحدق فيها ، تقف على أطراف الدّرج ، وأحرقت الفراغ تتأمله بعيّون شاردّه!

اقترب اكثر ، حتى صار خلفها ، واحتضن كتوفها مُنحني يُقبل خدها المُحمر مِن إنفعالها المكتُوم ، ليشعر بحركتها السريعه ناحيته ، ويهمّس بصوت رجوليّ عذب:

" مهوب انا اللي اخترتها ، امي قالت بخطبها وخطبتها ، وانا عشان ما اكسر بخاطرها وافقت ، عشان ألهيهم من طواريتس ، كنت ابي امي تنشغل بعرسي وملكتي وخطبتي عشان ماتطيّح بهموم وتفكير ، وحرام عليّ ان ماكان قصديّ اوجعتس والله ماقصدت شي وهذاني حلفت بالله ، صدقيني وسامحي أخيّتس".

يُواسيها الان ، ويحاول ترميّم ماكُسر داخل أضلعها ، ماحُطم بقسوة تحت أنظاره ، يفهمها ويفهم الى أيّ حدّ كانت الحقيقه مُرة لروحها المُشتته ، بس لو تعرف ان زوجته ماكانت اختياره؟ كان يهرب عن عالم حُزنه بموافقته للخطُوبه ، يُسلي روحه ويُلهيها عن ظُلمة الحياة بغيابها ، يعرف أن قلبّه ماسامحها بالمعنى الصادق ، لكنّه الان يُوقن وبشّده انها تستحق إعتذار منه ، لأنه وعدها ونقض عهده ووعده!

امّا الجازي ، كانت ضحكات السُخريه المُره بداخلها ، لكن رغبتها الميّته ماساعدتها على حتى ابتسامه! تسخر من لعبة الاقدار ، يطلب السمّاح! لكنّ هل نسى طلبها هيّ؟ طلبته السمّاح والرضى بعيونها المكسُوره ، بمحاولتها للتقرب منّه، ومحاولاتها لأجل تجلس معه جلسة مُصارحه ، لكن هو كان مايّهتم ، ويتجاهل بقسّوة تعذّره عليها بألم!

مالت برأسها ناحية كتّفه ، وزادت ظُلمة ملامحها ، وهمست بشّدة جافّه:مالعنتكم ، اعرس وأنجب وطلّق على راحتك ، مالي دخل فيّكم!

نفضت كفوفه من فوقها برعشات واضحه ، ونزلت الدرجات متجّهه لسُوناي بعيد عنّهم! بعيد عن اهلها الغريبيّن ، عن مكان لاتنتميّ له! وبهاللحظه تحديداً ، تمنّت من اعماقها تسافر لفرنسا ، وترجّع لبيت سعُود بفرنسا ، بأخر العالم بعيد عنهم ، ذاك المكّان هُو الافضل لها!

راقبها تبتعد وداخله كان قد اغتاظ منها ومن تصرُفها الفظ بنظره ، وبصوت هامس هتف لروحه بكلمات لا يُعرف صدقها من كذبها:الشرهه على من يداري خاطرتس ويليّن قلبه عشانتس!






فتحت الباب الغير مُقفل ، ولفّح وجهها نسمات هواء بارده كانت من جهاز التكييّف ، توقفت لثواني تتلقى ضربات البرُوده بإنتعاش راضي ، ثُم وصلها هُتاف أديل:اوه اهلاً . كُنت سأتصل بك ، لكن من الجيد أنكِ أتيتِ!

" لِماذا؟ "

رفعت الملفّات الحمراء بخفّه ، لتُردف بهمّس رقيق:أُرسلت لك هذه الملفّات ، يجب أن توقعيها سريعًا

إرتفع حاجبها الأيمن بإستغراب مُتمكن ، وبمحاوله لدفّن غضبها وحُزنها تقدمت لهم وجلست بسكُون على الطاوله ، وأمامها الاوراق مُتبعثره ، إلتقطت الاقرب لها تُحدق بمكنُونها المجهول ، لتهمس بعد شوفتها ومعرفتها لشعارهم وختمّهم:من أحضرها؟ زياد؟

" اجل ".

" لن أوقعها ، أجمعيها وأدخليها بالملف "

رفعت أنظارها بدهشه تُقاطع حديثها:ماذا تقُولين؟ لايمكنك رفضها ورفض توقيعها ، سيغضب سعُود حقاً!

" لم يُجبره أحدٌ ليُسلمني إدارة شركته ، ومادامت في قبضتي أنا من يُقرر"

إنقلبت ملامحها لضيق عميق ، وبدت تجمع الأوراق وتُردف بكلمات دقيقه تُحاول فيها:جبانه ، ودومًا جبانه ، لن تتغيري بهذا الهرب ، ومشروعك لن ينجح مادمتِ معقده هكذا

" أديييل! "

" ماذا هُناك؟ هل أزعجك حديثي؟ ضايقتك الحقيقه؟ أنظري إلي وأنصتي ، أنتي تخسرين هكذا ، إن لم توافقي على هذه الشراكه المؤقته ، وإن لم تقبلي بشركتهم المُهندسه ، مشروعك لن ينجح وفشلك الذريع سيبدأ منذ لحظة رفضك! لايُمكنني تصديقك وتصديق أفعالك الحمقاء! إنك ترفضين فرصة ذهبيه حقًا ".

أحرقتها بنظراتها الحاده والساخطه بغضب ، وبضيق عميق من كُل ماحوّلها صرخت:انكتميي خلاصص ، ماناقصني الا انتتي وهالشرككات والعقود ، ومالتس دخخل في شييي ففكينا من الحنّه

إنتهت من كلماتها الصارخه ، وإنحنت تسحب الملفات بشده ، وهمسها الحار يرتفع بغضب ضجت فيه جوارحها:هين ياسعود هييّن ، تحسب انك بتغصبني كذا! حركات الاوامر ماتمشي معي

غادرتهم بأعاصير غضبها الموجع بشّده ، إجتمعت أوجاعها  لاجل تُشكل سلسلة حارقةً تلتف حول عُنقها ، أراميس للحيّن تُمارس تهديد عنيف يُدمر نفسيتها ، ويقتُلها من جهة ثانيّه واقع عزيز ، وخُطبته الصادمّه ، وهالحيّن يجي سعود يطمح لتفجيرها بحِمم بركانها الغاضب!

بعد دخولها البيت ووصولها لـ " شماعة العبايات " خذت عبايتها تلبسها بسُرعه ، وتُغادر بعدها بدون تردد ، وهيَ تعدل نقابها وتتحرك بشكل سريع بيّن جوانب البيّت ، وبعد تنقلات سريعه كانت واقفه بمُنتصف بيت عمّها سعُود ، ولُهاثها المُتعب واضح بسبب ركضها وغضبها ، دقت الباب فوصلها صوت رانسي ، فـ اردفت:افتحي الباب هذي انا

إنفتح الباب على إتساعه ، وابتسمت رانسي لها بحُب مُتسع:اهلاً وسهلاً عزيزتي ، تفضلي للداخل

" وين عمي؟"

قبل تجاوّب رانسيّ ارتفع الصوت الرجولي من الداخل:هينا بالصاله ، تعالي يامحراك الشر

تقدمت لداخل البيت وهيّ تنزل نقابها وطرحتها تتدلّى على كتوفها ، وصوتها الغاضب يتعالى برد عليّه:انا محراك الشر ولا انت ومخّك؟ الحين بهالحركه مقصدك هو انك تقهرني وتجبرني ولا شنو؟

يجلس بأرتخاء " متربّع " بالجلسه الارضيه ، وبين كفُوفه فنجّال القهوه ، وصغيرته عاليّه تجلس على يميّنه ، ويُقابلهم " زياد ، ومحمد ".

حدقت عاليه بأبوها المُبتسم وثغره يّتسع ، ويُردف وهو يرفع فنجاله:تعالي تقهوي ، وعقبها لكل حادث حديث

اقتحمت المكان بأخر جملته ، وتقدمت بذات الاضطراب الحار ، وهي ترميّ بالاوراق قدامه وتتبعثر:هذي عقودك ، واوراقك وملفاتك ، مانيب موقعه على حرف منّها ، ولاهم بصايرين معي في شراكه ، ولادرب يجمعني معهم! فكني من حنتك وطلباتك المستحيله قبل يصير شي مايرضيك ياعممي!

إرتفع حاجبه الايسر وتحركت عيونه بنظرات تخترقها وتُحلل تبعثرها الشنيع! ، واردف بعدها بذات السكُون العاتب:اسلوبتس يتعدل مع عمتس قبل الف وجهتس بكف هذا واحد ، ثاني شي لاتوقعين ولا تشاركين ولا توافقين ، فكة منتس ومن شروطتس الصعبه يالمعقده ، ومشروعتس خسران خسران وقولي سعود ماقاله ، وهالحين فارقيني برا البيت لين تتعدلين وتصيرين بنت سنعه تعرف الاحترام!

حينها انفجرت بغضب عارم:ماهوب خاسر ولا فاشل ، وبتشوف بعينك كيف بينجح ويدعس على مشاريععك ، والله يهني سعيد بسعيده ، تقابل انت وربعك بهالبيت المنقبر ، الشرهه على اللي بيدخله مهب علييك

قفز زياد يمسك ذراعها قبل تطلع ، ويُردف برجاء:طالبتس ماتروحين يالجازيّ ، والله ان قد تجلسين وتتراضين مع ابوي هالحيين

ناظرت له بشّده مُلتهبه ، وصرخت بفحيح ومؤشراتها الحيّويه بدأت بالاضطراب:فكنني انتت الثانيي فكننني ومانييب مراضيته ولامراضيه غيره ، اللي يزعل من نفسسه يرضى من نفسسه ، فكنني قبل الثمك بكف

" والله ما افكتس ، قد دخلتي البيت ومانتييب طالعه الا ومروقه ، اجلسي وصلي على النبي ياخوتس"

" تبين نصيحة اخو يحبتس؟ اجلسي دام زياد اللي طلبتس ، تراه مايطلب اي احد كذا بهالنبّره اللي تقل ان جلستس بتنزل علينا المطر ، بس وايراته فصلت الحين فأستغليها ".

ناظر زيّاد في اخوه محمد ، ليُردف بنبره نافيّه:تعقب ، ما اطلبها الا لانها تستاهل من يحب راسها ويرجاها

" لا والله اللي يكّلم الكبير بأسلوبها ، مايستاهل الا ضرب يرد عقلّه له!"

رجعت بذات الغضب ترد على عمها:انت اللي يبيلك ردة عقل مهب انا ، لاتددق بالكلامم

" مادقيت يالملسونه ، هذاني صريح معتس".

" يبه اضربها ورّد لها عقلها عشان نصدق انك صريح".

سعُود بنظرات حاده يرمق محمد بها:الا انت اللي بتنضرب لو ماانكتمت

ضجّ بضحكته ، واردف بغمزة للجازي:شفتي ابوي مايرضى احد يقهرتس بالكلام؟ بس مسموح لنفسه يتهاوش معتس وغيره لا ، ياعيني على العم الحنون بس انه زعلان

قبل تتكلم الجازي ، كانت رانسي تحتضن كتوفها برقتها ، وتهمّس بصوت مسموع ومُراعي:الجازي حبيبتي ، اجلسي الحين ولاتنفعلين ، مالك الا كمّ يوم من طلعتي من المستشفى ، لاتتعبين نفسك واجلسي تقهوي معنا وروقيّ اعصابك!

سحبت ذراعها من قبضة زياد وهي ترتخي على رانسي بخفه ، وكان تنفسها بتسارع ملحوظ ، واقتربت بجسد ثقيل بمساندة رانسي ، ورمت نفسها على الارض جالسه تحت انظارهم ، لتُحدق في سعود الموجوع قلبه بعد شوفته لحالها المُرهق:ماجلست الا عشان اخذ نفس ، ولا طردتك قبل شوي بتندم عليها ، وماعادني بداخله باب بيتك حتى بعزاك

" يالعووبه ، تفاولين على ابووي! اصبري خل نتأكد ان املاكه بأسمنا ، ثم بكيفتس معه ".

عاليه بضحكه مكتومه همست له بميلان جسدها للامام:محميّد ، تراك تدور للشر والنارين شابه وبتحرقك!

عض محمد شفته وهو يشوف بسّمة الجازي وغضب ابوه ، ثُم هتف بصوتّه العذب المُنعش لهم:اذكرو الله ، افلا بذكر الله تطمئن القلوب؟ صلو على الحبيب مُحمد ، اطردو الشيطان وادحروه هالحين! وسالفة الشركات خلوني اتخرج واشيل همها عنكم ، والله لأديرها لكم زيّ الفُل!

" عشان تفلسنا وتجيب لنا قضايا الديون؟ خلص ثانويتك وفكنا منها ثم فكّر بالشركات ، ماتدري تموت ولاتحيّا وقتها ".

" بحيّا وبدفنتس انتي وعيالتس ، عسى عمري طويل واحط حيلي بيدي عليكم واحد واحد ".

رانسي بغضب:انتت وياها عسى ماشر؟ كُل حديثكم عن الموت! يكفي ثرثره!"

قاطعتهم الجازي بوقوفها المُترنح ، وسحبت نقابها الطايح بثقل ، وبسرعه اردفت بحلّف على رانسي قبل تحركها للوقوف:والله ماتقُومين ، خلاص انا طالعه اساسًا للمستشفى ماراح انتظر ولا عندي وقت

" وش تبين فيه يومنتس تروحين له؟"

" امور واجد ، ماتهمّك ".

" وش هالامور علميني بها ، وتهمني غصب عنتس "

" عندي موعد ، وبشوف زوجة خالي ، ماشفتها من زمان! اي اوامر ثانيه استاذ سعود؟"

وقف هو الاخر ، واردف بنبرة أمر حازمه:اركبي سيارتي ، وانا بروح ابدّل واجيتس

غادرت الصاله مُردفه بأستفزاز تحت انظارهم المتعوّده لإنقلاب الاوضاع من غضب لسكون لإستفزاز وخوف! لانهم سعُود والجازيّ ، اذا ماحضرّ تناقض المشاعر بوجودهم مايكُونون همّ!

" لاتتعب نفسك ، الله مغنينا عنك ، انت بس اهتمّ بعقد الشركه وخلني بحالي!"





آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 


.." بمكان مُختلف "..



وقفّت بإستقامه ، وبنبره راجيّه هتفت:تكفى ياخالد اترك هالقسوه اللي ماقسيتها وانا امّه! ولدي مات ، وبأمر الله مات ، شوق مالها دخل في موّته ، وش فيك قاسي لدرجة تبي تزوجها بهالشهرين عشانها قالت مابيه؟ وش بيقول زوجها لو قلت له عن الموعد؟ ماعاد يبونها وبيقطونها علي؟ تخيل يعايرها بها بعدين؟ ترضى تكون ضيم لاختك؟

" امّه؟ انتي لانها رفيقتس سامحتيها ، ومالتس دخل فيني وفي امور اهلي"

ناظرت له بعتّب لكلماته ، مايحق له ينكرها بعد ما اشركها بسلسلة اهله! بتتدخل بالقرارات لانها زُوجته وتفهم قهره وغضبه ، تفهم ان هالحزن اللي يعيشه يتحكم فيّه ، وانّـه بيندم مستقبلاً بعد مايشُوف سواد افعاله!

هتفت له بنبره مُوجوعه حد النُخاع:اي امّه ، امه اللي حملت فيه تسع شهور ورضعته وربّته ، انكر اني امه بعد ان كانك تقدر! وشوق ماهو لانها رفيقتي ، بس لاني شفتها تذوب قدام عيني ، كنت مقهوره منها وكارهتها وحاقده عليها ، كنت ابكي ولدي ، الا واشوف اننا بنبكي شوق معه! يومني شفتها تضحك واوراق مرضها بيدها هزت قلبي ، تضحك ياخالد وهي تقرا اوراقها ، اوراق تبصم انها مريضة اكتئاب حاد ، كانت مقهوره ، بس مهوب عشان مرضها ، الا عشانها تبي اكثر ، كانت تقول ليه ماجاها مرض يهد حيلها ويذبحها ، ليه ماصابها السرطان ، ولا ورم يدمر عمرها ويذبح روحها ، عشانها رفيقتي سامحتها؟ ولا عشاني بكيتها مع ولدي! لاتصير حسره لاختك! مالها سند غيركم ، واذا مالقت منكم عوّن بشدتها ، ماعاد هي بعازتها بالرخا ياخالد!

كفوفه ترتعش بعُنف ، ليظهر بملامحه كُتمان صعب ، وغضب ذريع يُحفز خلاياه ، ناظر لها واقفه بذات الطول ، واردف بصوت عالي:خلصناا ، خلصناا ، لاعاد اسمع حسها على لساننك صار شي مايعججبك! تمرض تموت وتندفن لاتجيبييين طارييها ، تقولين انها اختي؟ اختي بالدم بس النفس عايفتّها ، عايفتها يومنّها تفعل فعولها ، وبزوجّها غصب وبتفارق عينيّ ، وهذا هي طييبه وبخيبر وماعليها خخلاف وبتتزوج قريب وتفكنا مننها ، انا وش علي مننها دامها طيّبه؟

ناظرت له بجمُود ، لتردف بصقيع وهيّ تستعد لاجل تطلع من المجّلس اللي ضاق فيهم:عليك منها ، انك اخوها ، والاخو مايرضى الوجيعه لأخته!

وبعدها غادرت واغلقت باب المجلس وراها بغضب من زوجها ، واتسعت عيونها بصدمه ، وبشّده كانت تحدق بالدموع الغزيره قدامها ، والوجه الاحمر بملامح الوجع القاسي! همست بصعُوبه مصعوقه:شوق!

اطلقت شهقه عنيفه ، تُرجف صدرها بالوجع وصُراخه يتردد بعقلها ، بكلماته القاسيه تضرب موقع مجروح بشّده ، فتحت فمها ، تحاول تتكلم ، تشرح لزوجة اخوها وام ضحيتها الى أي حد هي موجوعه ، متأسفه ، نادّمه ، ومذبوحه!

لكن شهقات البكاء كانت اقسّى ، كانت اكثر مراره ، توجّع صدرها منها ، وتصارخت جراحها بالألم ، رفعت عيونها المغشيه للخارج من خلف زوجته ، ويناظر بصدمه كاسحه في وجهها ، وعبراتها تنصبّ بسمعّه وتصمّه!

تصنّم واقف أمام انهيارها ، ووصله صوتها بطريقه مُبكيه ، تُحاول نطق كلماتها بصعوبه ، فتقدّمت الاخرى لها:لاتقولين شي ، هديّ هديّ تكفيّن!

تراجعت بسرعه ، وجسدها ينتفض بعنف ، وهربت لغرفتها بركض ، مُغلقه الباب بعنف باكي ، وانهارت على سريرها ، وصُور ذاك الصغير الميّت ماليّه المكان من حوّلها ، تفاقم ذنبها ، تزايد وجعها ، وخُنقت روحها للمره المليُون

هل باليد طلبّ السماح من الموتى؟ هل بالأمكان نسيّان كل ماهو مُوجع من العيّار الثقيل؟ تحتاج تفقد الذاكره ، تغرق بعالم النسيّان لا التناسيّ!

عالم ذنّب إقترفته خطأ ، ذنب لايُمكن إصلاحه! لانه ذنبٌ لاعودة منّه ولا مخرج!

رفعت هاتفها بجنون تفكيرها ، وجنون حواسها ، وجنون عقلها وغيابه ، وجنون بُكائها روحيًا وجسديًا ، دخلت للـ " واتس أب " ، تحديدًا رقمّه المكتوب بأسمّه ، وارسلت له بأنهيارها الذاتيّ وغشاوة نظرها:

" موافقه ، زواجنا بعد ثلاث شهور ماعندي مشكله".

وصلها الرد بعد دقيقه بالتمام:ركزي ، اقولك بعد ست شهور مهب ثلاث!

" انا ابي ثلاث ، عندك مانع؟"

دقيقه سريعه مرّت ، حتى وصلها الرد:لا والله ، وتمّ ثلاث ثلاث ، لان الست اصلاً واجد ، لو نختصرها بشهر وش رايتس؟"

كانت بتوافق ، وبجنون تبيّ الهرب بأقرب فُرصه ، لكّن انتهاء شحن بطاريّتها كان رادع لها ، فحذفت جوالها للبعيد ،  وانحنّت ساجده على سريرها تنتحب ، بأنين الوجع المُنهك!

بيّنما الطرف الاخر ، كان متوقع انها تتلاعب فيه ، او ان فيها شيّ تركها توافق! إتصل فيها بعد شوفته انها ماردت رغم إستلامها للرساله ، لكن الجوال كان مُغلق ،  عقد حواجبه وهو يُحرك سيارته ، بتفكير مُنشغل!




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 


" وليه تأخرين مواعيدتس يالتسلبه؟"

" كيفي ، انا التعبانه ولا انت؟ اروح متى مابغيت واقعد على مزاجي ".

ناظرها بحدّه ، ليُردف بغضب عارم وبصوت حاول مايرتفع:شوفي يالجازي ، ياتعدلين هاللسان ، يا اقصه لتس ، تراني معطيتس وجه اكثر من اللازم!

عقدت حواجبها بضيق مُردفه:صاير حساسّ!

ماردّ ، وتحرك للمُمرضه المتوجهه لهم واللي اردفت بالانجليزيه:تحتاج للبُخار ، أُجلت مواعيدها كثيرًا ومن الواضح انها مكتومه!

هزّ رأسه بموافقه ، والتفت وراه يأشر لها بحزّم:تعالي للغرفه اللي على اليمين ، بتعطيتس بخار وانا بروح للدكتوره وارجّع لتس!

تأففت بضيق يتزايد ، وبصوت مُتقطع بسبب حقيقه كتمتها:انت نشبه ياعمي نشببه!

ماسمعت منّه إجابه وهو يُوليّها ظهره ويُغادر ، واضطرت هيّ تلحق الممرضه للغرفه ، وكانت خاليّه الا من أنثى جالسه بسريرها وتستعد للخروج

كشرت بغضب ، ورفعت نفسها تتربع على السرير ، وتهتف بغضب اكبر للمرضه:مالتس دخل بجلستي ، عطيني البخار قبل افجر فيتس!

كانت تفهمها ولاتفهمها ، لكن عرفت انها غاضبه ورافضه طلب تعديل " جلوسها " ، هزت راسها بتجاوب مُعتاد على هالتصرفات الخاليّه من الذوق والادب!

ومُجرد ما انتهت من تركيب الجهاز ، اردفت بعمليّه:اذا خلّص انتي دقي جرس هادا وانا يجي شيل

هزت راسها بصمّت ، ورفعت انظارها لسعود ، واللي دخل بعد تأكده من عدم تواجد احد ، ناظر لها واردف:انسدحي!

" احد يحط بخار وينسدح؟"

" لاتنسدحين مره ، بس ارتخي على ظهرتس بدال تتعبين زياده من هالجلوس!"

" زين ماعلينا ، وش قالت لك الدكتوره؟"

نظر لها بحدّه ، وهتف بنبره قارصه وشديّده:والله ماعاد اخلي مواعيدتس معتس ، ولا مع هالاديل ، مامنكم منفعه ، اجل عندتس مواعيد طول الثمّان ايام وكل يومين موعد ، ولارحتي لها؟؟ انتي تبين تطيحين علينا مره ثانيه؟

" لا طبعًا ، بس انت مصدق هالمواعيد بيجي منها منفعه؟ اذا انت نسيت مواعيدنا بفرنسا وخسايرنا بدون سنّع تراني مانسيّت ، خلاص فيني قلب خلني اطيح واقوم لين اموت ، واترك عنك كذب هالمستشفيات!"

إبتسم بسُخريه حاده ، وبصوته الأجش المُمتلئ بإستهزاء عميق هتف:برافوو ، والله لو دريت كان سألتس من زمان! فهيمة زمانتس صراحه ، انتتي ماخلصتي الجامعه ولا افلحيتي بإدارة الاعمال الا بالموت ، تبين تطبين وتتفلسفين بالطب؟ اذا عرفتي لنفستس تكلمي عنها يالجازيّ

كشرت بوجهه لصراحته ، وارخت راسها للخلف ، وغمضت عيونها بأرهاق شديّد ، ولاجل تغيّر الموضوع ، همست بأمر إستصعب كُتمانه:طيب بسألك سؤال

ناظر لها للحظات ، ثمّ هتف بشكّ:اسألي؟

" ليه ماطلقنيّ ياسر؟"

رفع حاجبه الايّمن من سؤالها المُباشر ، وسبب معرفتها للامر ، وبنبره مقصوده هتف:وانتي وش يعرفتس؟ تنبشين في شي من وراي؟

اهتزت بضحكه خفيفه ، ومازالت على حالها:لا ياعين الجازي ، عاليه قالت ليّ!

" وش عرّفها هالسكنيّه؟"

لم تُجب ، فأكمل كلامه بهدؤ ساكن يُفسر لها:ياسر بالسعوديه ، بس عنّده اشغال واجد ماقدر يسحبّ نفسه منّها

ابتسمت بسُخريه لكذبة عمها ، اللي جاها بالمستشفى ماكان عنّده اشغال؟ ماقدر يسحب نفسه لاجل يطلقها ، لكنّه قدر يحضر شخصيًا عندها بغرفتها!

اكمّل سعود بعد رؤيته لصمتها:بيطلقتس قريب وبالسر ، ومثل ماقلنا يالجازي ، زواجكم على ورق بالسر بدينا فيه وننهيّه بالسر ، وابي ننسّاه وماكأنه صارر! ولو اني نادم بالحيل! بس حالتس ذاك الوقت اجبرتني ، ماكان فيني حيل ارجع فيتس للسعوديه جثه ميّته! واحطتس بيد ابوتس بهالحاله!


إرتعشت كفوفها برعب الماضي ومأساته ، مُمكن تكون ماتتذكر كيف حالها لأنها كانت شبه عاقله بوعيّ شخص كامل! ولأنها كانت تحت تأثيرهم الكبير ، ومازالت تتلوّى بعذاب ذكرياتها ، لكنها تتذكر مشاعرها لحظتها ، ورعبها ووجعها اللامنسيّ! تذكر دخوله الغريب لحياتها وعالمها ، ومقدرته المُدهشه في إقتلاعها من جنون عقلها المُهلك!

همّست بوجع شفّاف وضُعف صارخ بوضوحه لعمّها المتوجّع لحالها والقريب لقلبها رغم عدم معرفته للسبب الحقيقي لحالتها بالسابق لكنه يفهم الوضع الخارجي:دام تبي ننسى هالزواج ، ابيك تنسى هذيك الايام وتنسى طواريها ، ترى بس التفكير بيجلط قلبي ، مافيني حيّل لأكثر من كذا ياعمّي

رُغم حُرقته الداخليه ، ورغم كل صرخه كتمها ، وكل كلمه كان بينطق فيها معاتبها ، يؤنبها ويطالبها بالتقويّ والنسيان ، ويذكرها بأنها تحت حمايّه مُشدده بعد الله ، إلا انّه هتف بوعد:ابششريّ ياعيّن سعُوود




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 



.." مكان مُختلف ، تحديدًا بيّت مطلق "..



فكّها يرتجف بعُنف ، بشفتيّن مُتشققه ، ووجه شاحب ، ودموع تنهمّر بعُنف كبيير ، والرعب دبّ بقلبها كاملاً ، سالبّ منها حِس الإدراك والإستيعاب!

جنُون الخوف إستحلّها ، وإنهيار تامّ تسلّط بروحها المُحطمه ، واليأس يتجذر داخلها بعجز يقتلها ملاييّن المرات!

تُحدق بالصور الفاحشه ، بالصور المُقززه ، تُحدق بعارّهم ، بسواد وجهها المظلوم! تُحدق بلطخّه تنتظر الإرتسام على جبينها المُنحني ، لطخه تُمرغ رؤوس الجميع بتُراب الارض!

الصوت الظاهر من التسجيل الصوتي ، يشتغل دون توقف ، ليُلهب سمعها ويُفقدها السيطره!

" حبيبي نوره! وش رايك في هالتحفه الفنيه؟ تسلم يديني على قد ماتعبت عليها ، والحين ياحُبي هذا دورك انتي ، ياتتطلقين من زوجك وترضيّن فيني ، يا تنزل هالصور بكُل موقع اجتماعي ، وارسلها بالخاص على كل شخص يعرفك ، واوعدك حبيبي ما انسى احد الا وارسل له ، وببدا بزوجك الواطي وباخوانك وابوك ، وتذكري انتي اللي اجبرتيني على كذا بصدكّ عنيّ ، اسفه حُبي بس مااقدر اتركك لاحد غيري ، احبك ".

قفزت كالملدوغه وتوجهت للحمام راكضه ، وبدون إنذار كانت تُفرغ كُل مابجوفها بدموع غزيره ، فـ إمتحاتها هالمره صعب ، هالبلاء المبليّه فيه أكبر من طاقتها الصغيره!

هالمّره من بيكون المُنقذ لها؟ من هو مُسنادها؟

عبدالله؟ هل تترك زوجها المُحب يكرهها ويتقزز منّها؟ تدمّره بحقيقة ماتعيّشه زوجته؟ صحيح مالها ذنب ، لكن الفكره بمُجملها مُقرفه!

تروح لابوها؟ تكّرر كسُوره؟ تظلّم الدنيا عليّه؟ تطيح من عيّنه؟ كيف بتنطق له الحقيقه؟ كيف تشرح له الحاصل؟ كيف تقتله بلسانها وبحقيقه مُره كانت مخفيّة؟

اخوانها؟ تروح لجهنّم الحاره بأقدامها الحافيّة؟
تخجّل منهم ، وتخاف غضبهم وثورّتهم ، وحادثه أختها المؤلمه بالماضي ماتترك عقلها يُفكر بشكل سليّم!

تعرف بمقدار إستحالة اخبارها لأمها ، مهما كانت قويّه ، لكنها كبيره بالسنّ ، ماتملك مقدره على تدميرها اكثر!

ولو تشارك البنات بتتبُعات جريمتهم؟ ، لكنها أخذت عهد ماتشكيّ لهم ، ولاتذكرّهم بهالطاري ، لأنهم خذلوها مرّه!

خيارها الاخير ، الجازي ، هالمُتمرده المجنونه ، ماراح تأذيها بالقدر الكبير ، لكنّها ياتُقتل ، او تَقتل مريم! وهالشيّ مُصيبه بحدّ ذاتها!

بعد تبديلها لملابسها المبلوله دون شعور منها ، وعقلها غارق بتفاصيل وجيّعتها ، مالت على مخدتها الكبيره بجناحها بمنزل ابوها ، وبرقّة شخصيتها كانت تفقّد الوعي بأنهيار بكائها وأنين الوجع!

تخاف عليّهم هُم ، بينما نفسها تعلّم إلى أيّ حد تكرهها ولاتخاف عليها ، تكره ذاتها الضعيفه ، تكرهه إنهيارها السريّع!

بأي ذنب تسوّد وجييههم؟ تقتل الحياه بعيونهم؟ وتتفاقم عندهم الاوجاع بسببّها ، بأي واديّ طاحت هيّ مع مريّم؟ بأي قاع غرقت فيه أوجاعها؟








بيّنما بالخارج ، كانت أديل تدور حول نفسها بغضب عارم ، وبأخر لحظه اتصلت "على سعود" وانصدمت ان الجازي معه ، هل تعبت اعصابها وبالاخير طالعين هالاثنين مع بعضهم؟

بلسان سليّط عُمي من الغضب شتمتهم وهي تغلق الجوال ، وتقرر العوده لغرفتها ، لكّن صوت الأنين من غُرفة نوره ، تركها تتراجع بتردد ، وتتقدم ناحية الباب وهي تدقّه بخفّه رغم انه شبه مفتوح ، وما وصلها رد!

فتحته اكثر بخفّه ، ومالت بجسدها للأمام ، ومُجرد رؤيتها ان نوره نايّمه ، تراجعت للخلف بظنون أنها تتحلم مثل الجازي؟ وغادرت الغُرفه تاركة نيّران الجريمه تندلّع ببُطئ ، ورنين الهاتف يتعالى بتهديّد واعد!

" هل نُورة بالداخل؟"

إلتفتت بسُرعه للخلف وهيّ تتأكد من حجابها ، لتُردف مُجيبه على فهد:نعم ، إنها نائمه

تحولت نظراته الشاكّه لسكُون ، بعد توقعه إن اخته فيها شي لأجل تدخل أديل عليها ، وقبل تُغادره أردف بذات الجهور:لحظه

قلبّت عيونها بتثاقل للحديث معّه ، لأنها بمعنى الكلمه ماتتحمله من بين الجميع! شهدت على كسّره في مجاديف الجازي بدون رحمه ، لايتركها تنام مرتاحه ولا تقوم مرتاحه ، وبأتفّه فُرصه يُطلق سمومه عليها!

وبنبره حاده مليّئه بكُر عميق ردّت:ماذا هُناك؟

تجاهل نبرتّها ، لأنه يحتاجها الان ، وهتف بذات السكون:لديّ سؤال لك

صدمتّه بردها وهي تُوليه ظهرها:وأنا لا أملكُ إجابه لأسئلتك!

إرتفعت حواجبه بدهشه بعد دخولها لغرفتها وإغلاقها الباب في وجهه ، وتحرك للدرج بذات الذهُول ، هل الجازي تتنّسخ قدامه بشكل مُختلف؟

دخل للصاله يتجاهل فعلّة أديل ، ورفع صُوته بالسلام ، فأردفت حصه بعد ردّها عليه:تراك داخل صالة بيتك مهب مجالس رجال ، قصرّ حسك

ضحك بإستغراب من حال الكُل بهاليوم؟ وتقدم ناحيتها جالس بجانبها بعد تقبيّله لرأسها ورأس ابوه ، وهتف بعد إلتقاطه للفنجّال والدلّه:اييه ، قالكم عزيز عن قرارّه؟

" قال قال وليته ماقاله ".

" افاا ، لييه يمّه؟ تراهم طولوّ ومرّ وقت بدون سنّع ، الرجال كبيّر وعند شركته وبيّته ، وش عاد يخليّه بدون عرس كذا؟؟"

" ماقلنا شيّ ، ادري من حقّه يعرس بالوقت اللي يبيه ، وادري اننا طوّلنا ، بس يومنّه يمد لسّانه قدام اخته ويقهرها هذا اللي مايرضيني"

إرتفعت حواجبه بأستغراب ، وحوّل نظراته لأبوه الجالس بإرتخاء يتقهوّى ، ثُم رجع لأمه هاتف بسؤال:من اللي قهرها؟ الجّازي؟

" وهو فيه غيرها تحبون قهرها وغبنتّها؟"

أبتسم ببرود ، وأردف بنبره مقصوده:هي اللي تجيب لعمّرها القهر والغبّنه ، ولا لو انها عاقله ماسوّت سواياها وخربت على نفسها

لتُقاطعه بغضب كبيّر من هالسيّره ، ومن هاللوم ، وهالذنب المُثقل على روح صغيرتها ، غضب من قسوتهّم ، وعدم سماحّهم لها ، غضب منّ تعلقهّم بنُقطه ماتمّ حلّها ، رُغم كل ماصابّهم ، الا ان تجلدّهم بالغضب والبرود والقسوة مازال مُستمر!

" اقطع واخس ، هالسيّره مانيب حالفه ماعاد تنفتح وراسيّ يشم الهوا؟ باب وسكرنّاه ماتعرف تنساه؟ "

مالّ على كتفها يقبلّه بأعتذار ، وبتغييّر للموضوع أردّف:طيب وهذا هو عزيز قدرتيّ عليه ، ماودتس تحاولين في صالح؟ ولا ناصر؟ حتى حمّد ماعاده بصغيّر

" ورا ماتعرس انت؟ لايكون شايف نفسّك صغير؟"

" لا انا بقعدّ عازب ، قد قلت لتس من يومني بالثانوي"

" الساعه الطيّبه ، مير بتخسرنا فلوس ووقت وتتعبنا على عرسك ، خلك كذا تنفعني بهالبيت وتخدمني"

هالمّره إرتفعت ضحكة أبُوه ، وهو يشهّد على حصه تفجر غيّضها وغضبها فيّ فهد ، بيّنما هو مابيّده الا تقليّب السوالف لعلّه يحفظ ماء وجهه:لاحول ولاقوة الا بالله ، زيّن يمه وهالمره بقولتس علمّ جديد بس مهب تفجرين فيني؟ فجريّ براعيّه

" وش فيّه بعد؟ غرّد يافهد ".

" ابشريّ ، سمّعت ، سمعّت بس ماتأكدت ، انّ جديّ مبارك يبي الجازي ترُوح معه للمزرعه؟"

هذي المّره ، كانت النظره الحاده مُتجهه لمطلق من زوجتّه ، لتُردف بتأكيد:يقوله صادق؟

صمّت ، وعيونه تعلقت بفنجّاله ، لأن كلام فهد صحيح ، ومبّارك طلّب الجازي ، مايصعب عليه يفهم السببّ ، فـ أبوه ينوي لأمر مُعيّن ، ومابيدّه يرد طلبه!

لكن صغيّرته العنيده والمُتعبه ، هل بتوافق بسهوله ويُسر؟ فـ هوّ يصعُب عليه يجبرها بحالتها ، وحاله الان مثل منّ طاحح بيّن ناريّن ، وكلها مُلتهبه بتنّافس شديّد!

" اي صادق ، ابوي يبيها هالاسبوعين الاخيره من هالشهر ، يرجع لعادتّه الأوّله ، ويمكنّه يبي يصالحها ويتراضون ، بقُول لها وهي تشُوف"

انصدم من إجابتها الحاده بنبره ماتزال مُشتعله بالغضب:لاتقول لها حرف واحد ، ولاهيّب رايحه مكان الا ورجلي على رجلها ، البنت توّها ماوقفت على رجُولها من طيحتها ، تبي تحذفها على عميّ يقهرها؟ شايفيني باييعه بنتي؟ ماهيب رايحه ، وهويّا اختك تقعد مع جدها مثل ماجالسته السنين اللي غابتّها الجازي

توتر فهد من إشتحان الجوّ بينهم ومن إحتراق الكُتلتين بغضب وبسببه ، وبمحاولة تهدئه هتف:صلّو على النبيّ ، وش فيكم شبيتوها كذا؟ ماتدرون يمكّن الجازي توافق ، تخبرينها يُمه تحب تروح

" تحبه قبل ، بس هالحين ماعاد بّه شي على حاله ، ولا به قلب على قلب بنيتي يحنّ ويخاف ، كلّن لاهيّ  بنفسه وكلّن يبي يفرغ قهره فيها وعيني تشوف"

" اقطعي الشر يام صالح ، بقول لها العلم وهي تختار ، وابوي مهب ماشي للديره الا بعد العشاء اللي بنسويّه لسعود وللجازي ، واخواني حالفين من يوم رجعتها يذبحون الذبايح ، وهالحين على طيحتها حلفو همّ واخوانتس بعد ، يعني مثل ماقلت لكم قبل يومين ، العشاء لسعود واهله ، وللجازي ، بنسكت كلنّا هاليومين ، واذا جاء وقت هالعلم تكلّمنا ، ولاتحاولين تشيشين راسها"

اردفت بغيض كبيّر:وش شايفني يوم اشيّش راسها؟ لايكون طبينتي؟ انا قلت لك حتى لو توافق انا رافضه

قاطعهم فهد بضحكه لكلمة امه ، وبإبتسامه وهو يرفع جواله بسرعه ويتظاهر بأنه يتصل بأحد:هذانيّ بدق عليها تجيّ قدام عيونكم ، بنقول لها وهيّ تختار



آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 



.." بغُرفة نُوف ~ الساعه ٧:٠٠م "..




كانت دمُوعها تنهمر بدُون توقف ، وهيّ تشهد على قُدرتها الطبيعيه في تحريك يدّها ، بعد سنين طويّله ، وشهُور وأيام! بعد كُل هالفتره العصيّه ، تحرك أحد اجزاء جسدها بشكل طبيعي جدًا!

رفعت يدها تمسح دموعها ، ماهو لأنها تبيّ تمسحها ، بكُثر ماكانت رغبتها في تذكير ذاتها إنها قادره تمسح دموعها كُل ماطاحت ، ومخدتها ماعاد بتتبللّ ، ودموعها ما عاد بتجفّ على خدها ، وأهلها ماعاد بيقدرون يشوفون دموعها ويمسحونها لها!

تملك يد تقوم بهالمهمه! المُهمه الصعبه والمُوجعه لها لكنّ متى تستيقظ بقيّة الاعضاء؟ متى رجعة نُوف السابقه؟ متى يا الله؟

تحركت بؤبؤة عينها ناحيّة الباب ، واذنها تلتقط أصوات اقدام ، ولأنها أعتادت على هالوضع وحفظت وقع الاقدام ، كانت تدري انها مهّا ، وترافقها حصه

وماكان إحساسها كاذب ، بحيّث إنفتح الباب وحصه تدخل بصوت يرتفع بترحيب وتهليّل ، وضحكات مها وراها

إبتسمت لها بحُب ، وبعد ماسلّمت عليها بوديّه ، جلست على السرير ، لتُردف بنبره مليئه بسعاده عارمّه:جعل هاليّد للعافيه الدايّمه ، انفدا اللي تحركت وعقبال اشوفتس واقفه على رجليتس تراكضين

إنقلبت نظراتها لوجع كاسح ، لتصُمت بأمل ميّت وروح مُستسلمه لإعاقه بيطُول موعد رحيلها عن هالجسد!

همسّت لهمّ بصعوبه نُطق:الجازي ، كيفها؟

" ابشرتس انها طيّبه وبخيّر ، حتى انها قالت بجيّكم اليوم ، وبتجيب مشّاعل معها بعد"

إتسعت عيونهم بصدمه ، وكيف تجي مشاعل؟ وكان الرد من نصيب حصه المصدومه:ومشاعل كيف تجيبونها؟ البنت جالسه بغرفتها بالمووت ، كيف بتطلع برا البيّت؟

" الباب في الباب ، والجازي تعرف لها ، تقول عزلتها كذا ماتساعدها في شيّ ، ياكثر حبي لها ، شوفوها من رجعت وهي على ساق وقدم ، تسوي اللي عجزنا نسويّه"

" تكفر عن ذنوبها وتحسب انها بترممّ المكسور كذا"

" اقطعي ياحصوص ، اقطعي سوالفتس وحقدتس ، وترى مانتيب رايحه اذا جات ، بنجلس كلنا مع بعض ، وبتتركون دق الكلام على جنب"

" يصير خير "

قُطع الكلام ، ونوف تتأمل فيهم بصمت ، وتحديدًا في تحركاتهم ، تحريكهم لأذرعهم ، إلتفاتتّهم بالرأس ، تحرك اقدامهم ، طريقة جلوسهم ، وكأنها نسّت كيف كانت تتحرك بالماضيّ!

داخلها رغبه تتضاعف مع مرور الوقت ، رغبة التحرك! تناقض عجيب يضرب بحواسها وتفكيرها ، رغبتها بالحركه يُقابلها شعور اليأس من التحرك!

كأنها تتمنّى أمر بشّده ، وهو بالواقع مُستحيل ورُغم عدم إستحالته ، ورغم قُدرة الله اذا شاء ، لكَن داخلها يأس ، والأمل يُقتل مع حالتها ومع ألسنة الناس ، تدمرت بشكل حرفيّ!

" الا ماقلت لكم العلم الجديد؟"

إنتشلتهم من الصمت والشرود ، وجذبت إنتباههم ، لتردف مها:وشهو؟ عسى خير؟

" مدري هو خير ولا ، بس شفتي اخوي الهيس ، قرر يتزوج"

هتفت مها بعد معرفتها بهوية اخوها من اللقب:ماشاءالله ومن بياخذ؟ يعني في بالكم احد؟

" اي انتي"

بحلقت فيها بصدمه شديده ، وبصرخه عاليه كالملدوغه:يازفت عن الملااغه

ضجّت حصه بضحكتها ، واردفت بتقطع:شفيتس؟ ماشوف صار زواج بينتس وبين سلطان ، بس كتاب ماله مقر يجلس فييه؟

" شتخربطين انتي؟ كلي تبن انتي وهيسك ، وعساه يعرس باليهود مالي شغل فيه "

رفعت حواجبها بدهشه:شفيتس عصبتي؟ لايكون في سلطان شي؟ ولابينكم شي؟

ماوصلها رد ، فأكملت تُفجر قنبلتها:يبي الجازي

إحترقت من نظراتهم المبهوته ، لتهز اكتافها بإثبات:والله اني صادقه ، قاله لي بيوم طيحتها بالمستشفى ، وكنت احسبه يمزح بس ابد واضح انه صاملّ وحاولت اقوله انها مستحيل توافق عليه بس ماعطاني وجه

مها بتعقيدة حواجبها ، وتأثير الدهشه بدا يقلّ ، وبنبره حاده ماهي من عادتها:ولييه تحاولين ترديّنه؟ وش فيها الجازي يومنه مايخطبها؟

" مافيها شيّ ، بس ماتناسبه ولا يناسبها".

" وش يعرفتس انتي؟ وشولهّ تقطعين نصيبها؟ اذا انتي زعلانه عليها لاتخلين هالشيّ يعمي عينتس ترى لو ان احد من اخوانها قال انه يبيتس ، بتقول اطيّب من اخترت ، وبتخطبتس له وترفع قدرتس ، ماهو تتفلسف يناسب ومايناسب"

إحتدت حصه بشخصيتها سريعة الغضب ، وبإنفعال حاد من انفجار مها فيها ، ومن تغيرها عليها:خيير ان شاءالله؟ وش فيتس قبيتي وقلبتي علي؟ كيفي اخووي مابيه ياخذها ، ماسبيتها ولا شيي ، قلت ماراح توافق! وكذبيني بعد؟ تدرين انها مابتوافق فلا تتفلسفين








بالجهه المُقابله للبيت ، كانت تنزل من السياره وعمّها يردد عليها توصيّات ، بعد مادار فيها طول هالساعات بالريّاض ، بعُذر انه يبي يكتشفها ، والسبب الاخر كان بتصالحهم ، وتطييّبه لخاطرها بعد ماكدّره بتصرفاته هالفتره!

كان فاهم بأنها نافره من تغيّره بفترة رجوعه ، وكيف صار معها حادّ ، ولا يتقبل ميّانتها ، وكأنه بشوفتها بين اهلها ، غادره كل إحساس يراعيها فيّه ، وصلها شعور ان كل شي صار بفرنسا بسبب شفقته!

لكن اليوم ، عمّها كسر كُل هالافكار ، وهو يقضيّ معها ساعات ، ترجعهم للسابق ، وتُرضي روحها

هتفت له:انزل خذ لك فنجال

" مابيه نفدا قلبتس ، قدني راجع للبيت بتروش واتجهز لصلاة العشاء ، وعقبها يمكن امركم واتقهوى ".

هزّت راسها ، لتُردف بتوديع وسيّارته تتحرك:الله يحفظك

اشار لها بكفّه ، وتحرك مُغادر المكان ، واتجهت هيّ للداخل ، برُوح مُتجدده ، وإنتعاش يُضيف لسكون نفسّها الإنشراح

تركت عبايتها عليّها تنويّ تتجّه فيها للغرفه ، ومرّت على الصاله ، وبعد ماكانت نيّتها تسلم على امها وتجلس شوي ، تراجعت من تواجد اخوانها ، لتُلقي السلام وتُغادر

" الجازيّ "

وقفت على ثالث درجّة ، وبأستغراب شديّد إلتفتت ناحيّة الصوت المنادي لها ، واللي كان فهّد بنبرته الهاديّه

إرتخت بجسمها على الدرابزيّن ، لتُردف برفعة حاجب:نعم؟

" بتروحين مكان ولا بتنامين؟"

زادت حالة الاستغراب فيها ، وش ممكن يبي منها؟

" ببدّل وبطلع ، ليّه؟"

" ماشاءالله وين بتروحين هالوقت؟"

" ماسكني تحقيق؟"

" ايه وجاوبي"

" رايحه للبنات ، شيّ ثاني؟"

" وليه ماتاخذين نوره معتس؟ متقفله بغرفتها من اليوم لاراحت ولاجّات"

عقدت حواجبها بإستغراب ، وبنبره مُتسائله:ماراحت ذي لبيتها؟

" لا بتمسيّ عندنا ، المهم قبل تطلعين روحي لابوي بالمكتب ، يبيتس في حاجه"

" الله والمكتب وهالحاجه ، اخرتها نطلع مضروبين"

كانت تُردف جملتها وهي تنزل العتبّات وتتجّه للمكتب ، ليُردف بضيق من كلماتها:لاترفعين ضغطه وتعصيّنه

" ماعليك ابي الجنّه "

إبتسم لردّها ، وتراجع داخل للصاله وكلمات سالم توصله:شعندك يالاخ طاقها سوالف بالهمّس؟ من متى والاسرار بينكم بدون ندري؟

" انت اذا تركت هالطيران واستقريت بالبيت ، بتعرف من متى الناس بينها اسرار وكيف عايشه ".

" يا ذا الطيران ، كل ماصار شيّ حطيتوها فيه ".

هتف فوّاز وهو يلتقط بيّالة الشاهيّ:وهو صادّق ، ماعاد تنشاف ابدّ بهالبيّت ، خذ لك اجازه قبل رمّضان ازيّن واريّح

" الله! علامّكم تبوني اقعد؟ لهدرجه لي حضور بهالبيّت؟"

حصّه بنبره مقصوده ، وبكلمات تركت الكل يبتسّم من الدقّه:من كثر ماهمّ حجارة صامتّه وبالقوّة يبتسمون ، يبونك تغطي عليّهم بضحكك وسوالفك





بأصابع رقيقه طرقت الباب ، وذكرى حضورها لاخر مره تسبب لروحها غضب ممزوج بوجعها ، وصلها رد ابوها ، وفتحت الباب بدخول مُلقيه السلام

" وعليكم السلام والرحمه ، تعالي يالجازي ".

اقتربت تغلق الباب وراها ، ووصلّت له ثمّ قبّلت راسه وخشمّه ، ثم انحنت على كتفه تقبّله ، وتردف بصوت شجيّ ساكن:شخبارك يُبه؟ من البارح ماشفتك ، وينك خات فيّه؟

إبتسم لعذوبة كلماتها واللي ماتوقعها ابداً ، وبصوته الفخم جاوّب:طيب طابّ حالتس ، من صبح البارح وانا بالشركه ، ورجعت متأخر تاليّ الليل ، وسريّت بالفجر اللي عقبه ، والعصر كنت اتقهوى بالصاله بس ماشفتس!

" كنت مع عميّ من عصر طالعين ".

" ماشاءالله ، وين رايحين؟"

" كان عندي موعد خلصنا منّه ، ثم قال لي بيستكشف الرياض ودار فيني معه بالشوارع ".

" وكيف موعدتس؟ عساتس طيّبه؟"

" الحمدالله اموري تمام ، الا انت وش بغيت منيّ؟ فهد يقول ابوي يبيتس بحاجه ، ولاتعصبينه ، عسى بس مانيب طالعه مضروبه ولا مخنوقه بالعبّره؟ "

كلماتها الاخير ، وصراحتها العميقه ، كان أثرها على نفسّه حاد ، وثقل شعوره أكثر حده ، وبصوت ثقيل اردف:مابّه الا الخير ، علم وابي رايتس فيه!

" سمّ ".

" ابوي يبيتس هالشهّر ، نفس عادّته ، ودتس بالروحه معه للمزرعه؟ ان كانتس ماتبين براحتس"

اتسعت عيونها بدهشه عميقه ، وهل جدّها رغم غضبه يطلبها؟ من وين أشرقت شمس اليوم؟

مبّارك يطلبها لروحتهم السنويّه؟ مدهوشه ، ومصدومه ، لكَن شعور جميل يداعبها

ورغم معرفتها الباطنيه بأن هالرحله بتكون مُوجعه ، لكنها فرصة هرُوب ، وهل تملك فُرصة هروب ذهبيه مثل الحيّن؟ وبدون تفكير ، اردفت وهي ترتخي جالسه على الكنبه:موافقه

حدق فيها لثواني ، ثم هتف رافض انها تجبر نفسها:من خاطرتس موافقه؟

" اي من خاطري ، بروح معه للمزرعه ومعي خويّاتي أديل وسوناي ماهوب صايبني الا الخير ، ودي اغيّر جو ومشتاقه للمزرعه ولحصانيّ ولكل شي هنّاك ".

" حصانتس ماعاده على خبرتس ، ماعاد يهجد الا مع مدربته ، ويهيّج على من يقرب له".

إبتسمت له ، لتُردف بثقه:مايهيّج عليّ ، ازهله وبتشوفني ادور فيه بالاراضي

" نشوف ، وعنديّ علم ثاني ، بكره عشاء لتس ولعمتس واهله ، مني ومن ابوي واخواني لرجعتكم ، وابوي ماهوب طالع من الريّاض الا بعد العشاء ، يعني يومين يمكن ولا يوم ويمشيّ ، فـ جهزيّ نفستس"

" ان شاءالله ، الا جدتي نوره وينهي؟ مهيب عند عمي سعود؟"

" في بيّت منصور ، وتراه داق عليّ يبيتس تجينه هناك ، يقول ادق وماترد علي"

رفعت حواجبها ، الكل اليوم قاعد يعزمها ، كأنه يوم وداعيّ! فأردفت بحزم:جوالي مقفل ، وانا بطلع الحين للبنات ، يا يجي هينا ولا جيّته بكره!

" البنات اهمّ من عمتس وجدتس؟ روحي لأمي والبنات خليهم بكره"

" كلهم مهميّن ، بس اني مواعدتهم ، وبطلّع مشاعل معيّ وبنجتمع ، تكفى لاتجبرنيّ على شي ، تراني بالقوه قدرت اقنّع مشاعل وبالقوه بطلّعها من باب بيتها"

حنّ قلبه لذكرى مشاعل ، لطالّما كانت هيّ اكثر البنات جرئه ، كانت تُلقي عليه السلام كل ماشافته ، كانت تهديّه بمناسبة رمضان والعيد ، وحتى عند نجاح مشاريعه ، كانت بنتّه الثانيّه ، وضياعها مع الجازي كان ثقيل على روحه بتلك الفتره ، كان يحمّل بقلبه همّ بنتيّن ، يخاف عليّهم وعلى عرضهم من كلاب الشوارع!

وياعُمق فرحته بعثورهم على مشاعل ، وتبقى الجازي مغيبّه عن العالم ، مثل من انشقت الارض وبلعته!

هتف بصوت أجش:خذيها الله يشفيها ويرجّع لها العافيه والصحّه ، حاولي فيها يابوتس ، وان كان تبين شي ولا تحتاجين شيّ عشانها ، علميني

هزّت راسها وهيّ تستعد للوقوف:مانحتاج شيّ بأذن الله!

لتقفّ ، وتتحرك مُغادره الغرفه ، لكن صوّته سبق فتحهّا للباب:ليه ماخذيتي من الصرافه شيّ للحيّن؟

نغزات بمُنتصف قلبها كانت سبب في تعقيد حواجبها ، وردت وهي تفتح الباب بغموض:ما احتاجها ، عندي خير من الله ، كنت في عازتها لشيّ ، ولقيت الاهم منّه

الاهم منّه؟ هل هوّ معرفتها انه كان يدريّ بأنها خُطفت؟ ولا شيّ ثاني؟

هوّ يمّلك طرف خيّط لأنها مخطوفه ، لكن بالمُقابل ماهو متأكد من الامر لان الكاميرات ماكانت مشاهدها كافيّه بالنسبه لهّ ولهم! وصمتها عن هالشيّ يزيد شكوكه ورغبته في معرفة الحقيقه

مايّصدق انها سافرت لفرنسا بدون تعرف؟ هل سحر بينقلّها من مُنتصف المملكه ، لأراضي فرنسا؟ وأرضّ يكون عمّها موجود فيها تحديدًا؟ ليه مايكون هرب منها ومرتبّه له؟

لكن هالظن ، كان حاذفه من فتره ، ولا عنده نيّه يعيد التفكير فيه! لان قصة الحبيب " الوهميّ " توضحت انها خُطه ، فـ ليه ترتب لهربها دامها ما أغلطت!

هالشيّ يامطلق مايعنيّ انها مخطوفه؟ مهب انت شايّفها تركض بالكاميرات ، وخلفها من يتبعّها؟

لكنها أقفّت بجهه وهُم بجهه وهالشي يعزز إحتمال نجاتها منهم!

مسح بكفّه على وجهه ولحيّته ، وتعمّقه بالتفكير يزيد اكثر فأكثر ، وصغيرته صامتّه! ولو يعرف إن صمتها مُجبره عليّه لكّان عذرها!






إحتضنتها من الخلف ، وصرخت بعُمق:أديييليّ!

أنتفضت برُعب ودفتها بصراخ غاضب:ماذا تفعلييييّن؟ هل تنويّن تفجير طبلتتي؟

" لا ، كُنت أمازحك يا رفيّقه"

" وهل المزاح يكون ايضًا بعدم الرد على الهاتف طوال الساعات السابقه؟"

" اخبرتك انّه مُغلق ، لماذا لاتفهميّن؟ كان عليكِ سؤال سُوناي"

" أكرهك ".

وقفت ، وأردفت بإبتسامه مائله:دعينا من هذا ، وإسمعي مالديّ ، اليوم اكتشفت انّنا نمتلّك الكثير من المُخططات لهذا الشهر ، كُوني مستعده

عقدت حواجبها بعدم رضى ، وهتفت برفض:لايُمكنك التخطيط الان ، ماتزالين مُتعبه

" اوهوو ، مرّ اكثر من اسبوع ، انا بخير ، والمُخطط سيكون راحه لنا ، سنبتعد عن مُحيط الشجارات ، إنّه مُتنفس كُنت أحبه مُنذ الصغّر ، صدقيني سيعجبك"

" دعيّنا من هذا ايضًا ، وأخبريني إلى أين أنتِ ذاهبه؟"

حدقت بعبايّتها ، وهتفت بنبره مُستعجله:اجل لقد نسييت ، سنذهب لأخذ مشاعل ، كوني جاهزه واخبري سوناي لتُحضر السيّاره!

هزّت راسها بخفّه ، والجازي تُغادر لغرفتها مُسرعه ، وتبدل ملابسّها لفستّان أسود بأكمام طويله بمظهر أنيّق وهادئ ، وبعدّة دقائق كانت تنزل مع أديّل للسيّاره





آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 


{ أهّاب عتمة الشوّارع ، وضربّ القواطع
وترجفنيّ الذكرى ، لاصرّت ضايـع }





.." منّزل ابوسيّاف ، بغرفة مشاعّل "..



" تكفين يامشاعل ، بترووحون لبيت مهاويّ ونوف ، وحصه موجوده هناك ، شوفي بييّتهم قرييب ، تكفينن ميشو العززله بتتعبك زياده!"

لتصرخ بجنون رافض ، رافضه للخروج ، رافضه لمحاولات العلاج ، رافضه مُقابلة سوداويّة العالم ،  لأن العوده للطبيّعه والتصرف بالشكل السليّم مظهر مايليق فيها!

" مابيييي ، مابييي اططلع مابيييي اروحح عندد اححد ، ممالكممم دخخخخخخل فينني"

تنهدّت بهمّ ، وتعب من محاولة الإقناع! ومُجرد إرتفع رنين الجرس ، حتى فتحت باب الغرفه لاجل تطلع مُردفه:جاء من يسنعّك ويتفاهم معك

صادفت سيّاف يأشر لها تجيه ، ويردف بعد إقترابها منّه:هاه وش قالت؟ اذا ماتبي لاتجبرونها على شيّ

" ماقدرت عليّها ، بس الجازي هالحين تحت بتتفاهم معها ، ادخل غرفتك عشان تدخل هي"

هزّ راسه بتفهم ، وهتف بحزم وهو يتراجّع لغرفته ويغلق الباب:لاتجبرونها ، ماناقصنا تعب زود

.

رفعّت كفها لياسميّن تردعها ، وهتفت بأمر:بدخل لحاليّ

وقفت تراقبها ، حتى دخلت وسكّرت الباب معها ، لترتخي على الجدار خلفها ، وتعبث بجّوالها حتى يطلعون ، لانها تبيّ تطلع مع بنت خالتّها!


دخلت لداخل ، وطاحت عيُونها على مشاعل الغارقه بظُلمة خوفها ورفضها ، وبعد نزعها لنقابها وطرحتها ، جلسّت قدامها بظهر مُستقيم ، وشدّت على كفوفها بحزّم ، وبصوت واثق وبأمر مُصر هتفت:ناظري عيوني يامشّاعل ، ناظريني

رفعت عيونها الدامّعه ، بكسّر وشرخ توسطّها بعُنف ، بعذاب يحتّرق داخلها ، بفجّوه تتعمق بِها ، وكمّلت الجازي بذات النبره القويّه:ليه ماتروحين؟ خايفه يامشاعل؟ بننّزل في بيّت مها ومع بعضنا بنجلس ، والله معتس يامشاعل تخافين والله معنّا؟ بمسك يدتس ومابخليتس ، والله وعزّة الله مايضرتس شي بعد إذنه ، توكلي عليه ياعين الجازيّ وتعالي معي نجتمّع مع البنات ، تكفين لاتوجعين قلبي وانتِ تنعزلين كذا ، العالم حلو يامشاعل والحياه برا حلوه ، لازم تصيرين اقوى لازم تواجهين كل شي وتتقويّن عشان نلقى حلول لكل مشاكلنا ، بيننا سر يامشاعل ، وهالسر تدرين في بيّر من؟ في بيّر الجازي ، تدرين وش معنى ان السر معيّ؟ معناته مابيعرفه احد من الخلق ، بديت بشيّ وبنهيّه ، مشاعلي ، ترضين حنا ننهار وهمّ يعيشون حياتهم؟ خلينا نصير احسن ونتعالج ، وصدقيني بنمسكهم ، وبسلّمهم للامن بدون يطلع اسمتس بالموضوع ، وباخذ حقتس من عيونهم ، ولو يطلعونهم من السجن احياء ماهو اموات فعهد علي لافجر الرصاص بروسهم ولا يرف لي جفن ، وبعدها بندفن هالشيّ ، بندفنه! بيتغيّر كل شي ، اوعدتس يتغير كل شي بس انتِ ساعديني ، وانا بعطيتس ماورايّ ومادوني

بكّت ، وبنحيّب مُنهار كانت تبكيّ! بشهقات عاليه تختّرق جُدران عالمها ، ببُكاءٍ يتيم مزّق جوارحها!

تبكيّ نفسها ، تبكيّ شرفها ، تبكيّ حيّاتها ، تبكيّ أهلها ، تبكيّ ذاتها ، وضُعفها وإنهيارها!

بيّنما الأسد الجريح يضمّها لصدره ، وأنين غضبه يتعالى ، وصرخات إنتقام شريّف يزيد بداخله! بضلوع ترتجف حميةً وحُبًا ، غضب كاسح يُفجر خلايا دماغها ، يُذكرها ان مُعاناتها تافهه أمام من فقد شرفّا كان يُعظمه ، ومن فقد ذهبًا كان يمتلّكه

تخاف تهديدات ، وهُنا من يخاف الفضيحه!
تخاف الاختطاف ، وهُنا من يخاف العالم أجمّع!
تخاف ماضيّ موجّع ، وهُنا من يُعاني حاضر قاتل!

رفعت كفوفها بإنتفاضه ، ومسحت وجهها بعُنف جارح ، ثم إحتضنت وجه مشاعل بقوّه ، وهتفت بفحيح الغضب:لاتبكيّن ، همّ اللي بيبكون ماهو انتي ولا انا ، همّ اللي بيّنمسكون وبيبكون سنينن عُمرهم ، بيعذبوون وبينهاروووون ماهو حنا ، لان حنا اللي بنقوّى وبنصير شديديّن ، ماتضعفين يامشاعل ، قومي على حيلتس وخذي حقتسّ من عيّن ظالمتس ، انهشي عيونه واقطعيّ راسسه بس إيّاني وإياتس تضعفين وتخافيين يامشاعل


لكن مشاعل ورغم كلمات الجازي الا انها هتفت ببُكاء ونشيج حاد:كييف ما اضعف؟ كييف والناس تشككّ فيني وفي شرفي وترميها بوجهي؟ااااه يالجازي يرمونها بوجه اهلي ، بيفضحوني وبيسودون وجيهنا ويكسرون ابووي واخووي ، بيكروهني العالم ، كيف بعيش؟ كيف برجع؟ أبيي مشاااعل ابي مشاعل القديممه ترجع ، بس مشاعل يالجازي ماعاد بترجع لانها ماتت ذبحوهاا ، اغتصبوها يالجازي وكسرهاا ، البارح لبنى ترمي الكلام بوجهي يوجع يوووجع ، صدري مايتحمل هالثققل مااايتحممممل"

صاحت بأنين قاتل وارتخى جسدها بفقدانها للوعي بينما الجازي أرختّها على السرير برقّه ، وتأكدت من تعديل طريقة نوّمها ، وبصوت غامض هتفت لأديل الموجوده معهم:هلاّ حقنتيّها بأبرتي المُهدئه؟

هزّت الاخرى راسها بتجّاوب ، وملامح الشفقه تغزوّها بشّده ، ونار مُلتهبه لإبنة جنسها تزيد بإحتراقها داخلها

بينما الجازي رفعت جوالها واتصلّت بمها ، ومُجرد انفتح الخط ، هتفت وعيونها تراقب أديل تحقّن مشاعل:مها ترى ماراح تجي مشاعل . تعبت ونامّت ، وماقدر اتعبّها واجبرها

وصلها صوت غير متوّقع ، يهتف بنبره حاده:ليه وش صار لها؟

سكتت لعدة ثوان ، ثم هتفت بصوت مكتوم:ماصار شيّ ، هي بخيّر ونايمه ، وبطلّعها بيوم ثاني

هتفت الاخرى بعفويّه غير متوقعه:وانتي ماراح تجيّن؟

" لايكون مشتاقه لي؟"

ابتسمت بسُخريه ، وكمّلت بعد سكوت حصه:دام مشاعل نايّمه انا بطلّع لبيت عمي لانه يبيني ، وبكره بجيّ لنوف فقولي لهم

اغلقت الخط وحصه ماجاوبتها بحرف ، اغلقت الخط وصديقه لها تتجاهلها ، اغلقته وحصه ثقل جديد بوجعه وقديم بحقيقته يجلس فوق اثقالها!

تأملت منظر مشاعل المتعب ببعثره ، ثم طلعت مع أديل ، وقابلتها ياسمين مردفه:ها؟ بتطلع؟

" لا نامّت"

" افف ، طييب انا بططلع ، وعدت لبنّى بنت خالتتي وهي جايه بتمرني"

اردفت بغضب حاد وعارم ، بنيرانها المُشتعله:وهذا وقت طلّعات وجيّات؟ اختس تعبانه ترى ماهيب بنت الجيران! بعدين هاللبنّى للحين ناشبه بالحلق؟ عساها تحت انزل اربيّها هالحيّه؟

ياسميّن بتوتر وهيّ تشهد غضب الجازي المجنون ، وتبعثر حالتها بعد خروجها من غرفة مشاعل ، وفهمّت انها حاليًا بحالة غضب اسود ، فأردفت بذات التوتر وبكذبه تتحايّل بها:انا بروح لها بالسوق ماراح تجي ، بس خلاص بكنسل الطلعه وانتي روحي ماعليك

" تكنسلينها غصب ، اشغلتينا بهالطلعات الفاسقه بدوّن سننع ، اقعديّ ببيت ابوك اسبوع واحد على الاقل"

دفعتها بعنف عن طريقها ، ونزلت بجنونها الغاضب ذاتّه ، ولصدمتّها ، كانت تقابل لبنّى عند الباب!

وبعقل غايّب تقدمت لها وصفعّتها بعُنف مُلهبه خدّها ، تتبعها شتيّمه حاده ، زلزلت كيّانها بالوجع!

رفعت لبنى راسها بصُداع مُداهم ، وللحيّن تحت تأثير الصدمه ، وقبل تنطق بحرف ، كانت عيونها تتعلق بالعدسّات السوداء تُحدق فيها بحّده مُرعبه ، وتقترب منّها بصفعّه ثانيّه ، ولبّنى تطيح على الارض بدوّار راسها!

رفعت الجازيّ كفوفها المُنتفضه ، وبدّت تفرك عينّها اليمنى ، وتدور على نفسها بأنين الوجّع المُتجذر داخلها وبمحاوله لتكتم غضبها ، ضربّت الارض بأقدامها عدّة مرات ، ورجّعت للبنى وهيّ تجلس القرفصّاء قدامها ، وتهتفّ بصوت مبحوحّ لشدة غضبه وبتهديد عميّق المعنى وشديّد اللهجه وكفها ينغرس بشعر لبنى ويشده:والله ، ثُم والله ثُم والله ، واللي رفعها سبّع وبسطّها سبع لاتقربين مشاعل بكلمّه ، ولاتضريّنها بكلمه ولاتشيشين راس ياسمين بكلمه ولاتنقلين كلام منّا ولا منّا بين خلق الله على مشّاعل ، يمين بالله ياحـ### ان اكون ذابحتس ومتبليّه بدمتس ، وانا حلفت بالعزيز يالبنّى ، حلفت فيه وانا قد حلوفي ، تحسبين علومتس ماتوصلني؟ ولا تتوقعين كلامتس لمشاعل يغيب عن أذني؟ اسمع واعرف كل حركه يابنت الناس ، فـ لاتحدينيّ لأقصاي وانا مليّانه ، والله إن افجّر فيتس وانا ماشوف الدرب ووقتها قوليّ الجازي ماقالته!






آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ  


~~~~~~~~~~~~~~ 




" كيّف ثلاث شهور ؟ بعيّد الاضحى يعني؟"

اردفت الاخرى بحسّاب بأصابعها:هذا الشهر اللي بيخلص اصلاً ، والشهر الجايّ رمضان ، والشهر اللي بعده شهر عشره عيد الفطر ، والشهر اللي بعد ١١؟ يعني عرسكم بشهر ١١؟

" لا ، بعيّد الفطر ، بعد العيد بأسبوع"

هتفت امّها بشك عميق:وانتي وش غيّر رايتس؟ قبل تصيحين عندي تبين للطلاق؟

بعيون ذابله ، وصوت مكسور ، هتفت برغبة عارمّه للهرب:صليت واستخرت ، وهدانيّ ربي عن هباليّ ، وهو قال لي ست شهور ، قلت له كثيره فقال ان خالد يقول كثيره فخليناها أقل

كانت زوجة خالد تتأملها بألم كبيّر ، تعرف ان السبب هو خالد ، لكنّها اردفت تُغير جوّهم وتذكرهم ان هذا زواج وفرحّه:اجّل نجهز من الحين ، ثلاث شهور بتطيير بسرعه ، وشهر رمضان اساسًا مايكفي

نظرت لها شُوق ، واردفت بذات السكون الميّت:جمّعت لي اغراض وطلبيات من المواقع ، باقي اعتمدهم بس

" لا مواقع ماهو كل شي منها ، عطور كريمات فستان العرس والكوشه والاغراض هذي اكيد ماتنطلب ، وبناخذها من السوق ، اطلبي لك فساتيّن ناعمه ، واكسسوارات لو تبين ، ومكيّاج ، وحتى مناكيّر وهالاغراض عادي ، غيرها نروح وناخذ بضمانه احسن!

ابتسّمت الامّ لحماسها ، واردفت بنبره مُطمئنه:صلوّ على النبي ، اعتمدي اللي طلبتيّه ياشوق ، وروحو للسوق من بكره تشترون على راحتكم ، ولايردكم الا لسانّكم اذا احتجتم فلوس

مالت زوجة خالد تُقبل كتفها:مانحتاح شيّ باذن الله لبى قلبتس

سلوّى بمُتعه:اخييراً تحدد العرس ، والله مابغيتي ياشووق ، يمه دقي على امّ الولد تأكدي منهم

" هيّ دقت علي ، قالت الولد يبي العرس بعد ستّ شهور ، ان كان فييّه تغيير بتدق ، اصبرو يمكن الرجال ماقال لهم شيّ؟"

" ايّ ماقال ، بيقول لهمّ اصبرو هاليومين"

ناظر الكل لها وهي تردف بكلماتها بصوت مُختنق ، وتطلع بسُرعه من عندهم لغرفتّها ، وتسكّر الباب وراها ودموعها بدون تردد ترجّع للنزول

إلتقطت جوّالها المُهتز لإتصاله ، وإسمّه يُنير الشاشه لتُجيب بعد مسحها لدموعها واخذها لأنفاسها:هلاّ؟

" السّلام عليكم ، مسيتيّ بالخيّر ".

" وعليّكم السلام ، مساء النور".

" كلمت اهلي ، العرس بعد العيّد بعشر ايّام ، بتاريخ ١٠/١٠ ، نكوّن مخلصين من العيد ، ومتجهزيّن للعرس ، يناسبتس كذا؟"

مالتّ براسها ، وعيونها تتأمل اظافرها بإستماعها للصوّت الرجُولي المُربك بجهوره الحّاد ، وتُجيب بعدها بسكون:عشره عشره ، عاديّ يناسب

" على خيّر ان شاءالله ، لو تحتاجيّن شي ، مانيب مقصر ، تراتس زوجتي بالشرّع ".

سكتتّ لعدة ثوانيّ ، ثُم اردفت بهمّس:عنديّ طلب

" سميّ "

" بس لاتفهم غلط ، انا مابيك تتصل عليّ طول هالفتره ، ايّ شي تبيه قوله لاخوانيّ ، الى يوم العرس"

صمت لفتره متوسطه وكأنه يُترجم حُروفها ، ثُم هتف بعدها ببرُود:طيب ، بأمان الله ".

صوتّه البارد بشكّل مُفاجئ ، وجمُوده المُرعب ، واختفاء نبرته الطبيعيه بكلماته ارعشّ جسدها ، لتُردف بهمسّ متوتر:عبد العزيّــز ، لاتفهمني غلط ، ابـ.

قاطعها بذات النبره البارده والمُحزنه لها بأسباب مجهوله:ماتبين تسمعين صوتي ولا اكلمتس؟ وش افهم من هذا غير انتس ماتطيقيني؟ ولاتبيني؟ اساسًا مهب شي جديد ، تردديّنها على اذنيّ من تملكنّا ، بس ماعليّه ، سلام عليكم

إنقطع الاتصال ، وإنتهى صوتّه وتلاشى بسُرعه ماتوقعتها ، وببطئ نزّلت الجوال وعيونها تُنذر بدموع غزيره ، بتناقض لداخلها النافر منّه او بالأحرى ، غير مُتقبله لرجّل مثلّه ، شخص كعزيز فهمهّا بسهوله وكشّف عن مافيها بمُكالمات فقط

شعور انها عاريّة المشاعر والافكار قدامّه يُغضبها ، لكنّها ماتكرههّ والان موضوع قطع التواصل ماهو موضوع انها ماتطيّقه كُل مافي الامر ، انها الان بقمّة توترّها ، تبي تبتعد عنّه وتنّساه بوقت تجهيزها ، ماهيّ ناقصه توتر منه ، لكنّها الان وبعد نبرتّه ، فشعور الندم بدأ يقتحمّها!






امّا الطرف الاخر ، ماكان جديد عليه هالطلّب ، لكن صدقها وهدؤها وجديّتها بدون غضب ، كان طعمّه مُختلف ، واحترم رغبتّها ، وماحد يعرف بأنّه يكلم زوجته ، فالافضل ينقطعون وانتهى

رجع يجّلس مع اهله ، وناظر بأمه الغاضبه لسبب يجهلّه ، هي تقبلّت موعد الزواج المُتجدد ، لكنّها غاضبه حتى الحين وماتناظر بمطلق! وبالمقابل كُل اخوانه الجلوس مايعرفون السبب ، ماعدا فهّد ، واللي واضح فاهم الموضوع من إبتساماته وتعليقاته!

نزّل مطلق جواله على الطاوله بعد رسالة الجازي ، تعلّمه انها متوجهه لجدّانها ببيّت عمها منصور ، وهتف بنبرة حازّمه بشدّه:ترى الجازي هالشهّر ماهيبّ معنا من غير شرّ

ناظر الجميّع ناحيته بإستغراب كبيّر ، ليُردف فوّاز بشك:ليّه؟ وين بتروح؟

" بتروح مع ابويّ للمزرعه مثل كل سنّه ، وبنلحقهّم برمضّان ان شاءالله ، عشّان كذا ابيّكم تعاونون عمّانكم هاليومين بعزايم الرجال وبالعشا ، لان ابوي مستعجّل ولاهوب طايّق قعدة الرياض!

عمّ الصمت على الجميّع بتفكير ، لتُردف حصّه بنبرتها الكاتمّه للغضب:وكيف تتقضى لعرس اخوها؟ تقعد هناك شهريّن؟

" تتقضى من هنّاك ، تقول وش تبيّ وتم ، وبنرجع بنص رمضان او اقل بعد ، وكملوّ مقاضيكم"

ورجع يّناظر لعياله من جديد ، ويُردف بذات الحزم مُتجاهل غضب زوجتّه:مانيّب تاركهم هنّاك لحالهم شهر كامل ، عشان كذا كل اسبوع ولا اثنين ويمكن كل ثلاث ايّام ، برسل واحدّن منكم يشوفهم ، اختكم توّها تعبانه ، وما اضمن المزرعه لها ومكانها البعيد!

" مابقى من هالشهر الا اسبوعين ، مابيصيبهم شيّ ان شاءالله ".

هتف فيّصل بإرتخاء ، بعد فهمّه لغضب امه لاجل الجازيّ:هالحين تشوفونها طايره من الفرحّه ، ودّها بالمزرعه والفكّه مننّا! ياحظهااا

" فكه مننا؟ ليه وحوش حنا؟ "

" محشوميّن ، محشومين الوحوش منكم ، تقوم من النوم تتهاوش وتنام وهي تتهاوش ، تلفّ يمين هواش ويسار ضرب ، وذبّح وذبيّح على غير سنع! خلها تروح للديره عند حصانها ومع جدّانها ، على الاقل بتحتال فيهم ولايحتالون فيها"

ضجّ طلال بضحكته ، واردف:تحتال بالشيبّان؟ وش حيلتهم اصلاً ، بتشوفونهم هاجدين عندها وهي تسرح وتمرح وتامر على راحتها ، وجديّ مبارك ياحليلّه مايقوّى عليها ، تعطيه نظرة المسكينه وتلقّاه يقول تمّ

" بس انت ويّاه ، جدكم يامال اللي مانيب قايله!"







على سريرها الخاص بغُرفتها ، تُحدق بالجدار بصمت بارد ، وشعُور خاويّ وفارغ للحد المخوّف ، موت مشاعرها وأحاسيسها بهالطريقه هو أمر مُريب ، فجيعتها الساحقه بموته أثرت عليها للحد المجنون!

ملّت البكّى عليه وعلى فرقّاه ، لكن الشوق بصدرها ماملّ ولا خفّ ، كل يُوم يتزايد ، وكل يُوم تحترق حسره وغبّنه على فقده ، وعلى اليتيم اللي داخل أرحامها ، تيّتم قبل يطلع على الدنيا؟ مات أبوّه قبل يُطلق أنفاسه ويفتح عيُونه؟

اليوم راحت لموعدّها الضروري بالمستشفى ومرّت الجازي بشكل سريع وهي مُرغمه ، وبعدها رجعت للبيت وهي تفكر بكلام دكتورتها عن إقتراب نهاية الحمل ، كيف بتربيّه لحالها؟ كيف بتستمر مع صغيرها؟ تخاف تتعب أكثر وتغرق ببحر الظُلمات والحزن ، وتنساه وتهمّله ، تهمّل قطعة من المرحوم بسّام ، من شهيدها المتوّفى بالحياه والحيّ بقلبها وكُل جوارحها!

ماعاد تدمّع اذا سمعت صوته ، ولا تبكي اذا ناظرت بملابسه وصوره ، لكن قلبها ينقبض بكُل مره أعنف من قبل ، وصدرها يضيق عليها لدرجة تاخذ البخاخ لأجل تتنفس!

إجتمع عليها حُزن فُراقه ، وعذاب حملها المُنهك!
قريبًا تُولد صغيرها وينتهي حِدادها ، قريبًا تبدأ رحلة جديدة ، مجهُول مابعدها ومعلُوم مافيها!

وبالفمّ المليّان فـ هيّ تعترف ، بإنها مو قدّ تحمل مسئولية صغيرها ، ولا مسئوليّة نفسها! وبرغبه ميّته وضئيله ، تمنّت للحظه تموت هي وطفلّها ، ويتبعون أبوهم بخِتام لحُزنها!

جلست تشهق من إنسداد تنفسها بسبب غرقها بالتفكير ، وإلتقطت البخاخ تبخ منه وتهديّ رُوحها الغارقه بزوبعّة الظلام!

وبكفوف ترتجف مالت بعد سقوط البخاخ منها وإنحنت على فراشها ببُطئ مُستعده للغرق بنُوم عميق لعلّها تتحلّم ببسام كالعاده ، ولعل كثرة النُوم هيّ إحدى بوادّر الاكتئاب عندّها!

ولحُسن حظها إن ولادتها قربّت للحد الكبير جدًا ، ومابقى الا أيّامًا معدوده ويُنير ولدّ الشهيّد بسام أرضهم ودُنياهم بالسلامة




آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 



.." وفي منزل منصور ~ تحديدًا بالمجلس "..



قبّلت راسه ، وانحنت لكتّفه ثُم كفه ، لتُردف بعد السلام وهي ترتخي بجلستها قريب منّه:شحالك نفداك؟ ووين منصور وجدتي؟

اردف بعد تمّاسكه من قُربها ، بعد تماسكه لاجّل مايشّدها بيّن احضانه:طيب وبخير ، ومدريّ عنهم نوره قالت بصليّ ، ومنصور طلّع يكلم ولاعوّد

هزّت راسها بصمت تتأمله ، تلتهّم تفاصيل وجهه بشرّاسه ، رُغم كبره بالسنّ ، الا إن ضخّامة جسده ماتغيّرت ، وجهور صوّته مايزال ، وحضوره القويّ يتزايد!

تقارنّ بيّنه وبين الجّد ابو رانسيّ ، وتظهر الفروق السبعه ، من الطول والجسّد ، وحتى شكلاً ومضمونًا!

قاطعها صوّته الجهوريّ بفخامة:قالتس ابوتس عن الروحه للمزرّعه؟

" اي جعلني فداك ، متى تبي تمشي وتمّ؟"

يُتعبه هالصوت الدافيّ بشجنّ ، تُرهقه هالكلمّات العذبه وهالطّاعه الحميّميه:بعد عشاكم ، العشاء وقته بيصير بكّره ، وحنا نمشي بالليل اذا فيّنا شدّه

" من بيسوق فيّنا؟"

" بشوف واحدن من عُمانتس ، وان ماقدر احد خليّت عبيّد يودينا ".

ابتسمت لذكرى عبيّد ، عامل جدّها وذراعه اليُمنى ، لتُردف:ياحليله ، توّه حيّ؟

" اي الله يخليّه لمرته وعيّاله "

وبنبره مازالت جامده هتف يقاطعها قبل تفتح اي سالفه:قوميّ نادي لي منصور

كان يطلّب هالشي بهرب من حديثها ، ومن الجلُوس معها ، ومن ردعه لكلمات جارحه يقاوّم خروجها ، فرحلة المزرعه تملّك الكثييّر من الجراحات وتصفيّة الحسابات!

استقامت جالسه بشكل مُفاجئ تتجاهل طلبه اللي فهمت سببّه ، ومالت له مُردفه بخبث:طالبتك يبه قل تمّ ، خل سوناي توديّنا ، تكفى ابيّ اجننّها!

" منهيّ ذي؟"

" رفيقتي اللي تسوق فيني"

اسوّدت ملامحه ، وهتف بغضب:هالكافره تسوق فيني؟ والله ان تعقب وتعقبيّن معها ، على اخر عمّري اعتاز على كافره!

ضجت بضحكه انعشّت قلب جدّها ، واردفت له بابتسامه:هو الصدق انّها كافره الله يجعلها تسلّم ، ووالله اني احاول فيها ليّ حوّل السنه ، بس راسها يابّس ، ولوّ انها بدت تليّن ، كم محاوله ونسلّمها باذن الله

" ها انقلعي انتي ورفيقتس ، لا اشوفها جايّه معنا للمزرعه ، ولا المّح زولها حتّى ".

" لا نفداك ، ماقدر احرّك خطوه الا وهيّ على يساريّ ".

" ليّه؟ تخافين من شي ماندري عنه؟"

" وش ظنك انت؟"

" ظني ان بطنتس مليان علوم ماتسر الخاطر يابنت مطلق والله يكفينا شر بلاويتس"

نظرت له بمعنى عميق وموجُوع ، متى يسألها احد عن اوجاعها؟ ألام جسدها وروحها؟ اسباب رعبها بالليّل؟ اسباب لكل تغيّراتها؟ ليه الكل مطلبّه شنو صار؟ ينتظرون تقول لهّم ان شرفها ضاع لاجل يذبحونّها؟ او تقول لهّم انها للان غاليّه لاجل يرتاحون ويتجاهلونها؟ شنو تبون بالضبط؟؟

وقفّت ، لتردف بتجّهم:تدري ان المخاوّف والبلاوي واجد ولاتهمّك ، بروح اناديّ عميّ لك

غادرت ، وطلعت لمنصور ونادتّه ، وأشار لهّا بأنه جايّهم ، والتفتت حيّنها لداخل البيّت ، وصوّتها يرتفع بمُناداه عذبّه:يمه نُوره ، وينتس فييّه؟

" هنيّا ، بغرفة منصور ".

تقدمت للغرفه المفتُوح بابها ، لتهتف بترحيب هادئ وهيّ تقبل راس جدتها وكفوفها ، وبنبره مُتسائله بعد تطنيّش جدتها لسلامهّا:ياجدّه وش تسوين بغرفة منصور؟

نظّرت لها بصمت لثوانيّ ، ثُم عادت تُحدق بالصور الموجوده بيّن كفوفها ، لتُردف وهيّ ترجعها على الطاوّله:وانتيّ وش عليتس منيّ؟ غرفة وليديّ اتجّول بها

هزت كتوفها بلا مُبالاه وهي تُجيب رُغم وجعها من هالبرُود والصد:ابويّ مبارك جالس لحالّه ، ماودّتس تجيّن اقهويّكم؟

" متقهوين ومخلصين الحمدالله ماعليتس مننّا ، الا وش جايبتس انتي هالحزّه؟ من اللي جايبتس لهنّا هالوقت؟"

ليه ماتخففيّن لهجة الحده على روح موجوعه؟ مايكفيّ جدران البيّت المُتحركه لايعبرون ولايهتمّون؟ انا لحاليّ ، لاتجون عليّ جمّاعه وتكسرون فيني لان مابه حيّل ولا شدّه!

تراخت نظراتها للاسفل ، واردفت بنبره مُتماسكه على اوتّار بُكاء هشّ:وش فيه الوقت هالحين؟ تونا ماتعدينا تسع ، إلا ان كانتس تبيني اروح؟

" اي روحيّ ، روحي وارقديّ ، ورانا عشاء بكره ومسّراح للمزرعه مابي الرقّاد والسهر بدون سنّع".

ابتسمت بإنحراح تناغم على خيُوط وجع كاسح ، لنظرات جدّتها الحاده ، ولتثاقلها الحديث معّها ، ولصدودها الواضحه ، ولرغبتها بخروجها!

نغزاتها تتزايّد ، وأوجّاعها الليّليه تستحضر نفسّها ، حدقت بظهر جدّتها الصاده لاجل ماتشوف علامات ألم صغيرتّهم ، وهمّست بثقّل يكتم نبضّات مُتعبه:هذانيّ بروح للبيت وارقد ، بس دعواتس يمه ، دعواتس اني انّام نوّمه مابعدها قوّمه وافككّم خيري وشري


نُورة " الجده " ، كانت بذات وقفتها الشامخّه ، وعيونها تلتقط خروج الجازي من البيت كله وبدون تسلم حتى على جّدها ، تحركت ناحيّة المجلس ، ووصلها صوت مبارك:كنّها طلعت؟

" اي طلعت ".

" قايلتنّ لها شي انتي؟"

" جايتنيّ عيونها متوجّعه ، ماقلت اكبر من قولك ".

عقد حواجبه ، واستقام جالسّ ليردف بعتبّ دون شعور منه:يعني زعلتيها؟ انتي خابره ان لسانتس لالذع يوجع ، هامّاني محذرتس؟

" يعني الحذر عليّ ، والطريق لك مفتوح؟ وانا مااوجعتها بشيّ ، قلت لها تروح ترقد ، البنيّه تعبانه وجايه تسلم تاليّ ذا الليل ، خلها تستريح وراها بكره تعب وشغل "

.

" وين وين وين ، ماجلست معتس؟"

رفعت عيونها لعمها منصور اللي قطع طريقها ، وبخفه قربت له وهي ترفع نفسها وتبوس راسه ، وبنبره ناعمه تخفي وراها الكثير:لاحقين على الجلسات ، بس جداني واضح بينامون وبكره ورانا عشاء ، مابي اسهركم

شد على كتفها قبل تبتعد ، وبنبره متوجسه:قايلين لتس شي؟

" لا ياعمي ، جيت اسلم عشان ابوي قال لي وبروح الحين للبيت"

تركها وغادرت مع جماعتها للبيت ، وبعد وصولهم دخلّت بسكون عظيّم ، ولعِظم اوجاعها فـ هي خُرست عن الصُراخ ، توقفت أنفاسها ، وانتّهت مُهلة الدمُوع

اليوم ، وبعد روحتّها لبيت عمّها بأمل لجلسّه هادئه وجميّله ، تحطّم كُل شيّ بقسوة جبّاره!

تجاهلت إغلاق سوناي للابواب بعُنف غاضب ، تجاهلت عتب اديل لهّا بأنها تتبّع من هوّ مقفي عنّها ، تجاهلت ابّوها المُنادي لها ، تجاهلت كُل مايمّر لها وعليّها.

وختمتّ التجّاهل ، بدخولها لغرفتها ، وإغلاق اديّل للبّاب من وراهم!

بدقائق معدوده ، كانت ترمي عبايتها على الكنبه ، وتتوجه لسريرها بينما اديل تجهز لها الحبوب والمويه.

وبعد اكلّها للحبوب الخاصه فيها هتفت وهيّ مُستلقيه على السرير بروح إختالها اليأس:اذا متُ يا أديلي ، أخبريهم أن جرُوحهم كانت مؤلمه للحد الكاتمّ على أنفاسي وأخبريّهم أنني أحببتهم بصدق وأنهم أحبُ جرح مابداخلي وكسّره ، أخبريهم أنني احببتُ ضحكاتهم بيّنما هم أحبُ بُكائي وأخبريهم أنهم نجحو بتدميّر حصوني بيّنما كُنت أبنيّها مُنذ سنين! أخبريهم أنني إنتظرت أن أُحبَ مِنهم ، إنتظرت كثيرًا للحد الغير معقول ، لكنّ دون جدوى!

" إنّها وصيّه ، ليست مُجرد كلمات ".







آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ آأإاآأإاأاإآ   


~~~~~~~~~~~~~~ 



إنتّهى الفصل.

هُنا يتوقف قلميّ عن الكتابّه.

Has llegado al final de las partes publicadas.

⏰ Última actualización: Sep 23, 2021 ⏰

¡Añade esta historia a tu biblioteca para recibir notificaciones sobre nuevas partes!

علَـى اوتـآر المَـآضي عُـزِفَ لحـن شتآتـيDonde viven las historias. Descúbrelo ahora