منة المنان ج 1 محمد محمدصادق الصدر

1.7K 5 2
                                    

<P>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>المقدمة<BR>-1-</P>

<P>لا حاجة في البدء إلى الإلماع بتعريف القرآن الكريم, فإنه لدى البشر أجمعين أشهر من أن يُذكر, ولدى المُسلمين أقدس من أن يُكفر, كما قالت الخنساء في أخيها صخر: <BR>وإنَّ صخــراً لتأتَّم الهداة بــه<BR>  كــأنَّه عــلمٌ فـــي رأســـــه نــــارُ</P>

<P>أو كما قال الشاعر الآخر:<BR>وإذا أستطال الشيءُ قام بنفسه<BR>  ومديح ضوء الشمس يذهب باطلاً</P>

<P>ويكفينا من ذلك ما ذكره القرآن الكريم نفسه عن نفسه من المزايا. وما ذكره سيد البلغاء أمير المؤمنين ? في نهج البلاغة من أوصافه، فعلى القارئ الكريم أن يرجع إلى ذلك إن شاء.<BR>والمهم ألآن, إن كلام الله سبحانه، وهو أصدق القائلين وأعدل الفاعلين وأحكم الحاكمين، كيف يمكن أن يناله السؤال والإشكال أو الوهم والاعتراض؟. حاشا لله سبحانه وتعالى عما يشركون.<BR>كلُّ ما في الأمر إنَّ ذلك مما قد يحصل نتيجة جهل الفرد أو قصوره أو تقصيره, أو نفسه الأمارة بالسوء. <BR>غير إنّه يمكن القول: بأنَّ ذلك مما يحصل لغالب الأفراد بل كلهم، مما قد يؤثر أحياناً  حتى على عقيدة الفرد وإخلاصه، أو يجعله في حيرة وتردد من أمره, أو يدفنه في نفسه, ويحاول عدم إظهاره للآخرين. لكي لا يكون مطعوناً في دينه. <BR>غير إنَّ القرآن الكريم يحتوي على كثير من موارد الإجمال وصعوبة الفهم بلا إشكال, وقد يكون الفرد معذوراً نسبياً في ما خطر في باله من السؤال, ومخلصاً في البحث عن الجواب. وقد لا يجد ضالته في التفاسير السائدة أو لا يجد نسخها بين يديه. <BR>فإنَّ التفاسير بالتأكيد لم تتعرض لكل المشاكل والأسئلة ألواردة حول آي القرآن الكريم. بل وجدنا ذلك أيضاً، حتى في الكتب المخصَّصة لذلك, ككتاب العكبري, وكتاب القاضي عبد الجبار. <BR>ويحصل ذلك من مناحٍ متعددة من المؤلفين: أما بإعتبار أنَّه إذا ذكر السؤال فإنَّه يفترض فيه القوَّة والدِّقة في الجواب، وإذا فقدهما أُعيب في بحثه. إذن، فخير له أن يترك الالتفاتٍ إلى السؤال رأساً، من أن يتورط في جواب ناقص.<BR>أو قد يكون متشرعاً، باعتبار إنَّ إثارة السؤال سيكون مضاداً للقرآن الكريم لا محالة، فيكون سبباً لإثارة الشُبهة لدى القارئ الإعتيادي، فقد يلزم الحال أنَّ هذا القارئ يكون قد فهم السؤال ولم يفهم الجواب، ويكون المؤلف سبباً لذلك، فيتورط في الحرام من حيث يعلم أو لا يعلم، لأنَّه يتحمل هذه المسؤوليَّة يوم القيامة،كما في الحديث: (كسرته وعليك جبره), فخير له أن لا يثير الشبهة، من أن يثيرها ولا يُوَفَّق في حلها.<BR>ومن هنا زادت الأسئلة المدفونة في النفوس، والشبهات المعقودة في الرؤوس، حتى أصبحت مدخلاً للضلال ولدعاة الكفر والإلحاد، لأجل ردِّ الناس عن دينهم وسحب يقينهم.<BR>ومن هنا احتاج الأمرُ إلى قلبٍ قويٍ والى عقلٍ سوي، من أجل التصدي إلى ذكر كل تلك الأسئلة, وعرض كل تلك الشبهات، مما يحتمل أن يثور في الذهن ضد أيّ آيَّة من آياتِ القرآن الكريم، والتصدي لجوابها بجدارةٍ وعمقٍ، لكي يتم إغناء المكتبة الإسلاميَّة العربيَّة بهذا الفكر الذي لم يسبق إليه مثيل. بعد التوكل على الله, والاستعانة به جلَّ جلاله.<BR>-2-<BR>لكن ينبغي الالتفات سلفاً، إلى أنِّي لم أكتب هذا الكتاب لكل المستويات، ولا يستطيع الفرد المُتدني الاستفادة الحقيقيَّة منه, وإنَّما أخذتُ بنظر الاعتبار مستوىً معيناً من الثقافة والتفكير لدى القارئ.<BR>وأهمُها أن يكون في الثقافة العامة على مستوى طلاب الكليات ونحوه. وأن يكون من الناحيَّة الدينيَّة قد حمل فكرة كافيَّة، وان كانت مختصرة عن العلوم الدينيَّة المتعارفة كالفقه, والأصول, والمنطق, وعلم الكلام, والنحو, والصرف, ونحوها، مما يُدرسُ في الحوزة العلميَّة الدينيَّة عندنا في النجف الأشراف.<BR>فإن أتصف الفرد بمثل هذه الثقافة، كان المتوقع منه أن يفهم كتابي هذا، وألاّ فمن الصعب له ذلك. ولكن لا ينبغي أن يأْنَفَ من عرض ما لا يفهمه من الكتاب على من يستطيع فهمه وإيضاحه. <BR>فإن لم يكن على أحد هذين المستويين, فلا يجوز له شرعاً أن يقرأ هذا الكتاب، لأنه يوجد احتمال راجح عندئذٍ أن يفهم السؤال ولا يفهم الجواب. فتعلق الشبهة في ذهنه ضد القرآن الكريم، مما قد يكون غافلاً عنه أساسا,ً فيكون هذا الكتاب أدى به إلى الضرر بدل أن يؤدي به إلى النفع، وبالتالي يكون قد ضحى بشيءٍ من دينه في سبيل قراءة الكتاب. وهذا ما لا يريده الفرد لنفسه, ولا أريده لأيِّ أحدٍ, بل لا يجوز حصوله لأيِّ أحد. <BR>وأعتقد أنَّ هذا التحذير كافٍ في الردع عن الإطلاع على هذا الكتاب من قبل الأفراد العاديين في الثقافة، فإن حاول أحدٌ منهم ذلك وحصلت لهُ أيَّةُ مضاعفات فكريَّة غير معهودة في دينه أو دنياه  فلا يلومَنَّ إلا نفسه، وقد برأت الذمة منه؛ لأنَّني ذكرت ذلك ألآن بوضوح وأقمت الدلالة عليه,فإنَّني وان حاولت الإيضاح والتبسيط في البيان، إلاّ أنَّهُ بقي الغموض النسبي موجوداً بلا إشكال؛ لوضوح أنَّ التبسيط الزائد المتوقع يقتضي التضحيَّة بالمعاني الدقيقة واللطيفة، وإنما تقومُ بذلك اللغة الاصطلاحية المتفق على دقتها و صحتها، وليست هي لغة الجرائد كما يعبرون.</P>

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 08, 2011 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

منة المنان ج 1 محمد محمدصادق الصدرWhere stories live. Discover now