♠الحلقة (48) :

751 39 0
                                    

نزل فيشنزو وسيلفيو من السيارة وألقى الحارسان عند الباب التحية على فيشنزو وهنآه بعودته سالما , كان الدون باولو في الأسفل يراقب حركة السمكة السوداء والسمكة الحمراء داخل حوض السمك ,, ثم أطعمهما ولاحظ كيف يلقفان الأكل,, فتح الباب ودخل سيلفيو ومن خلفه فيشنزو , لم يقل سيفليو شيئا , كل ما فعله هو أنه فتح الباب وسمح لفيشنزو بالدخول ثم أغلق الباب وترك الرجلين لوحدهما ,
قال فينشو :
- " لقد كنت أطعمهما في غيابك ... " ثم أشار للسمك ثم سكت قليلا ,, وبدا عليه التردد وفهم الدون من تلك العبارة أي ضغط كبير كان يعاني منه ,,
قال بصوته المبحوح :
- " هذا ما كانتا تقولانه لي يا فيشنزو .. صديقك القديم قدم لنا كل ما يستطيع أن يقدمه , "
ضحك الرجلين وابتسما ,,
- " هل أنت بخير ؟ "
- " أجل .. بخير ولكنني غاضب يا فيشنزو, غاضب كثيرا ,, هؤلاء الروس قد قللوا من شأننا فوق المستطاع أليس كذلك ؟ "
- " الموت لمن يقلل من شأنك يا زعيم الزعماء .. "
قال فيشنزو ذلك بمرارة ,, كان الدون يعرف جيدا أن وفاء رجاله وإخلاصهم جميعا في كفة , ووفاء وإخلاص فيشنزو في كفة أخرى ,
اقترب منه وعانقه بقوة وتعانق الرجلان عناقا طويلا ,,
- " ظننت أنني لن أعيش لهذه اللحظة مرة أخرى يا باولو .. "
- " هذا ما قالته ماريا أيضا .. "
انفجر فيشنزو ضاحكا وهو يقول :
- " سمعت أنك وبخت رئيس الوزراء من أجلي .. "
- " أنت الذي نوبخ من أجله الدنيا يا صديقي القديم .. أنت وفقط أنت ! "
***
كان رمسيس يختبئ في أحد الأكواخ حين سمع صوت جيش من السيارات قد توقف في الخارج ,, كان ينتظر وصول الإسكندر ومن معه ولكنه التفت من النافذة لكي يتأكد فقط ولكنه لم يرى أي هيئة تدل على رجال غرباء عن هذه البلاد , لقد كانت الملامح الروسية القاسية والكلاشينكوف الروسي والنبرة الروسية في كلامهم ,, شعر بالذعر وأيقن من أنه مضطر لكي يقاتل من أجل أن يعيش ,, توجه إلى السرير وأخرج من هناك رشاشته ,, شاهدهم وهم يطوّقون البيت وكان عدوه الأكبر هو البرد ,, لم يكن لديه الكثير من الثياب في ذلك البرد القارص , كسر زجاج نفاذة المطبخ وأخرج فوهة الرشاشة من هناك وبدأ بإطلاق النار بشكل دقيق فليس معه الكثير من الذخيرة ,
أصاب 3 كانوا متقدمين نحو الباب واندلعت المعركة وبدأ الروس يطلقون النار عليه من كل جانب ,,
نظر الفرعون لساعته .. " اللعنة أين أنت يا إسكندر .. "
خرج من جديد ومنحهم بعض الرصاصات الدقيقة ,, طلقاته كانت لا تخطأ أبدا وكان رمسيس يقاتل بضراوة وهو يمسح على رشاشه :
- " قليلا من الصبر يا عزيزي .. سنقضي الليلة في حضن نسرين صحيح ؟ سنقضي الليلة في حضن نسرين بعد كل هذا البرد والموت , اصبري ورابطي يا حبيبتي .. "
نزع المشط ووضع مشطا آخرا واستمر القتال ولكنه بدأ يشعر بالخطر أكثر فإطلاق النار أصبح يأتيه من خلف الكوخ وأدرك أنهم قد حاصروه تماما ,, اللعنة !! نظر من حوله فوجد أن مشطا واحدا فقط قد بقي معه , حمله وابتسم وهو يقول :
- " إلى آخر رصاصة يا رمسيس !! "
حطم زجاجة النافذة أكثر وراح يطلق النار بضراوة
فجأة سمع صوت رصاص قادم من بعيد ووصل رجال الإسكندر الأشاوس ,,
صاح الإسكندر بأعلى صوته وهو يمسك عاهرة مذنبة على رأس السيارة تدور رحاها مطلقة رصاصا نحاسيا جافا كالزبيب ,,,
- " الفرعون هل أنت حي .. الفرعون !!"
- " أنا هنا أيها الإسكندر !! "
لم يكن الإسكندر يسمعه أصلا فقد كان يضع سماعات الأذن والموسيقى الكلاسيكية لتاشكوفسكي ووضع حزاما من البلوط على خصر رشاشته العظيمة,, كان قد أيقن أنه وصل في الوقت المانسب فلا يزال الرصاص قادما من الكوخ وأيقن أن الرمسيس لا يزال حيا ,, ضغط على زناد عاهرته السميكة فراحت ترتعد بين يديه وتطلق النار في كل صوب ومعه الشيشانيون يطلقون النار بقوة ,, دخل أهالي قرية سيرغيف إلى بيوتهم وأغلقوا على أنفسهم الأبواب وبدأ الروس باستعمال ذخيرتهم الثقيلة وتطاير الرعب في الأجواء ,,
كان الإسكندر ورجاله من الجهة الغربية للبيت ,, بينما الروس قد طوّقوا البيت من كل حدب وصوب وهاجم الإسكندر القوة الرئيسية لهم لكي يشتتها ويجبرهم على الإلتفاف حول قائدهم ,, شعر آندري بالخطر فأمر رجاله بالتكتل من حوله وسمع رمسيس الباب الخلفي للكوخ تحطم والتفت خلفه مذعورا فوجد رجلا عظيم اللحية يضع كحلا في عينيه ,, كان يحمل رشاشتين وكثيرا من الذخيرة وهو يقول :
- " لقد وصلت إليك بصعوبة ,, سنغادر المكان فورا يا رمسيس , "
- " ليس الآن ,, أعطني بعض الذخيرة .. "
في الجانب المقابل للكوخ كان القتال طاحنا بين الإسكندر ورجاله وبين آندري ورجاله , الإسكندر كان يستميت في القتال ويطلق صوب السيارة الكبيرة التي كانت تقف في الخلف , لم يكن يسمع شيئا ,, لا صوت الرصاص ولا صراخ الرجال الذين يلقون حتفهم ,, كان يصغي لمقطوعته المفضلة للموسيقار تشايكوفسكي " بحيرة البجع " ويقوم بإسقاط البجعات الروسية في البحيرة واحدة تلوى الأخرى ,, وتقدمت السيارات الشيشانية المصفحة أكثر وتراجع الروس واستمر الضرب وتبادل الرصاص ورمسيس يصيح بأعلى صوته من النافذة :
- " لا تهربوا أيها الأنذااال !! إبقوا قليلا أرجوكم !! "
لم يكن الإسكندر يرحم أحدا , كان يطلق النار على كل شيء يحمل سلاحا ويتحدث الروسية !
فرغت الساحة تماما منهم وفرّ من بقوا أحياء ,, وسكتت الرشاشات وهدأت المعركة ,,
قفز الإسكندر من سيارته ونزع سماعات الأذن ووضع الرشاش على كتفه وهو يصيح :
- " الفرعون !؟ هل الفرعون حي ؟ "
فتح باب الكوخ وخرج من هناك رمسيس بقميص ممزق ورشاشتين أحدهما فارغة تماما من الرصاص وأخرى بقي فيها رصاصتين أو ثلاث , الدماء المتحجرة في جبينه وعينه اليسرى متورمة من أثر الضرب والتعذيب
اقترب منه راكضا ونزع معطفه ووضعه حول كتفي رمسيس وهو يقول :
- " هل أنت بخير ؟؟ "
- " أنظر ما فعلوه بي يا أيها الإسكندر .. بل انظر ما الذي فعلوه فينا .. "
- " أتبكي أيها الفرعون ؟ قبل قليل كنت تقاتل بضراوة والآن تبكي كالآنسات ؟ "
وضع رمسيس رأسه على صدر الإسكندر وهو يقول :
- " أنا لا أبكي من القهر ولا من الحزن يا إسكندر ,,, ألا يعلمون ما الذي سأفعله بهم !! ألا يعلمون أنني سأجلهم يشتهون الموت أيها الإسكندر ,, إنني أبكي من الغضب ! "
وضع الإسكندر يديه على كتفي رمسيس وهو يقول :
- " عائلتك في انتظارك ,, ليس هذا وقت الحديث على الإنتقام ,, دعنا نعالج جراحك أولا ثم حنط من شئت وأبدأ بي أنا الأول إن شئت .. "
نظر رمسيس للإسكندر وهو يقول :
- " إنني مدين لك بحياتي ,, لو تأخرت دقيقة أخرى لكنت الآن ميتا .. "
- " تشجع أكثر إذن ,, وشد من أزرك .. سنرد لهم كل ما فعلوه فينا ,, هيا الآن سنذهب قبل أن يأتي المزيد منهم ,, "
توجهوا نحو السيارة وطلب رمسيس سيجارة من الإسكندر فوضع له واحدة بين شفتيه وأشعلها له وهو يقول له :
- " فرعون يدخن السجائر ! "
ضحك رمسيس لنكتة الإسكندر ورد عليه ساخرا :
- " ويرتدي معطفا أيضا ,, كيف حال زوجتي ؟ "
- " عائلتك كلها بخير يا رمسيس ,, أنت تعرف جيدا أن الدون لا يستهين بمثل هذه الأشياء . "
- " حين غادرت أنا لم يكن الدون موجودا .. "
- " كنت أنا الموجود ,, أتشك بي يا ابن العاهرة .. "
ضحك الفرعون وهو يدخن قائلا :
- " لقد اشتقت لنسرين .. لا شيء قد يداوي تعبي وينسيني أهوالي سواها .. آه يا إسكندر لقد فقدت سيارة عظيمة , أحرقوها أمامي .. "
انطلقت السيارات في اتجاه الطائرة الخاصة التي كانت تنتظرهم لكي تقلع عائدة وقد تمت مهمة انقاذ الفرعون بنجاح ,,,
#يتبع ..
#العرّاب ✍

أَنَـا ضِـدّ الـعَـالَـمْ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن