جـلـسـةُ تـوبــة

3.3K 132 2
                                    


يقول حسن : رأيت في المنام رؤيًا متعبة وهو أني أحمل كيسًا ثقيلة على ظهري ، وقد أتعبني حملها ، وكنت احمل الكيس على ظهري مع ان عددا من الاشخاص يمشون ، ولكن لم يساعدني احدا ...

قضيت هذا اليوم في البيت بيت التحضير لامتحان شهري وقراءة حزب من القرآن الكريم ـ كما أمرني الشيخ يقظان ـ وعصرا هاج بي شوق عظيم له ، لا ادري ما سببه ، مع ان موعد لقائه بعد صلاة المغرب الا انه اعتورتني حالة انجذاب شديدة نحوه ...

خرجت من المنزل بحدود الساعة الرابعة عصرا متجها نحو مسجد فاطمة (ع) مع يقيني انه يُفتح بعد الساعة الخامسة والنصف ، فقلت في نفسي : ان لم رأيت المسجد مغلقا ، اذهب للحاج النداف ...

وصلت الى المسجد واذا بي اتفاجآ بأن الباب مفتوح بمقدار كف ولا يوجد احد ..

دفعت الباب بيدي ودخلت باحة المسجد وجددت وضوئي ودخلت الحرم واذا بي اجد الشيخ يقظان ويحيط به سبعة انفار ...

نظر اليَّ بإبتسامة سلبت مجامع قلبي ، والقت بروحي على دكة الوصال ، وكأن لقاء العاشقين موتهم وحياتهم ، من هذه النظرات عرفت معنى الحب

تلك اللغة العظمى التي لا تحتويها الحروف والكلمات والجمل ، ولا تعبر عنها الجوارح والافعال ، انه معجزة الله في القلوب

ـ تعال تعال يا حسن مشتاقين !

ـ السلام عليكم

ـ عليكم السلام والرحمة ... جميعهم

[ حدقت في وجوههم لم اعرف احدا الا اني سبق ان رأيت هذا الشاب ذا الطلعة النورانية ، اعتقد سبق ان رأيته في كلية التربية ذات يوم ، وهو يطرق برأسه حين المشي ، وهناك شخص خمسيني كانت الدموع على خديه ، وبساطة الملبس واناقته تزيدانه هيبة ]

قال الشيخ يقظان :

فالذنوب ايها الأحبة هي أغلال تربط صاحبها وتعيقه من الحركة نحو الغاية العظمة ، والهدف الأسمى ، فهي تشبه السلاسل الغليظة

[ تخيلوا واحد مربوط من رجليه بسلاسل واطراف السلاسل الآخرى مربوطة باثقال حديدة كبيرة هذا شلون يمشي ؟! ]

ومن هنا يصف مولانا مولى الموحدين هذا الحال بقوله : ( اللّهُمَّ عَظُمَ بَلائِي، وَأَفْرَطَ بِي سُوءُ حَالِي، وَقَصُرَتْ بِي أَعْمالِي، وَقَعَدَتْ بِي أَغْلالِي وَحَبَسَنِي عَنْ نَفْعِي بُعْدُ أَمَلِي، وَخَدَعَتْنِي الدُّنْيا بِغُرُورِها، وَنَفْسِي بِخِيانَتِها )

• قرأ الشيخ هذه المقطوعة بصوت حزين ودوع جارية فبكوا جميعا وانا وسط هذا الجو الملائكي شعرت بأني في عالم ثاني من الصفاء والنقاء والجمال وبلا سيطرة على نفسي سالت مني دموع حارة لم اعهدها من قبل ...

ثم صار الشيخ يردد : الهي العفو .. الهي العفو .. الهي العفو

ثم قرأ هذه الأبيات :

يا رَبِّ إِن عَظُمَت ذُنوبي كَثرَةً

فَلَقَد عَلِمتُ بِأَنَّ عَفوَكَ أَعظَمُ

إِن كانَ لا يَرجوكَ إِلّا مُحسِنٌ

فَبِمَن يَلوذُ وَيَستَجيرُ المُجرِمُ

أَدعوكَ رَبِّ كَما أَمَرتَ تَضَرُّعاً

فَإِذا رَدَدتَ يَدي فَمَن ذا يَرحَمُ

ما لي إِلَيكَ وَسيلَةٌ إِلا الرَجا

وَجَميلُ عَفوِكَ ثُمَّ أَنّي مُسلِمُ

ثم التفت الي الشيخ وقال : ان الذنوب أشبه بأحمال ثقيلة ، يحملها الانسان على ظهره ولا يساعده أحد فيها قال سبحانه : {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } {قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }

ـ هي الملكات السيئة مجرد التفكير بيها مزعج فشلون اذا واحد يشيلها على ظهره !

وقع هذا الكلام كالصاعقة على رأسي وكأن الشيخ رأى الرؤيا معي ...

• اطرق الشيخ برأسه قليلا ثم قال : سلمان المحمدي مثل ما تعرفون عارف كامل وولي صالح ورحلة عشقه جدا عظيمة ، المهم لمن صار والي على المدائن كلشي ما جاب وياه بس مصلايته وابريق الوضوء ، في يوم من الايام صارت زلزلة او شي من هذا القبيل في المدائن فالناس حارت باغراضها وخرج سلمان لوحده وهو يقول : هكذا ينجو المخفون يوم القيامة ...

ثم قرأ بعض مقاطع مناجاة التائبين :


رحلةُ عِشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن