أول الطريق

3.3K 136 7
                                    


 بعد اتمامي الأحد عشر يوماً التي اعطاني الشيخ يقظان برنامجها اصبحت اشعر بشفافية عالية ، وتوجه كبير ، نحو العبادة ، والاشتغال بالطاعات ، وها انا اتم الشرطين ـ زيارة القاسم (ع) و اتمام البرنامج ـ قصدت مسجد فاطمة وكُلي شوق للقيا ذلك العبد الصالح ، والروح الملكوتيَّة عسى أن يفيض عليَّ من أنوار الطريق لأهتدي بها في رحلتي الجميلة هذه ... دخلت المسجد وكانت قُبيل صلاة المغرب وكانت ليلة الجمعة ، وقد اكتض بالمصلين ومن بين تلك الجموع وقعت عيني على ذاك الملاك الطاهر جالساً في مكانه المعتاد حيث الزاوية النورانية الجميلة ، لقد كنت متأخراً قليلاً والأذان على وشك أن يُرفع ... سلمت عليه وقد رحب بي والابتسامة ملئ وجهه وهو يقول : حياك الله ... حياك الله ، تقبل الله زيارتك . ـ سيؤذن الأذان ، دعنا نصلي خلف الشيخ وبعدها هناك تعزية نحضرها وبعدها نتكلم ...وقفت الى جانبه وقد تملكتني رهبة شديدة وقد ارتعدت فرائصي من هيبته فلقد احسست انه انقطع تماماً في الصلاة وقد سرى من خشوعه لا ارادياً الى قلبي ، فأحسست اني اصلي صلاة خاشعة لأول مرة في عمري وبعد إنتهاء الصلاة قام سيد خطيب بإرتقاء المنبر وكانت محاضرته حول (مناقب سيدنا ومولانا ابي الفضل العباس عليه السلام) وكان مما ذكر قول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : (كان عمّي العبّاس بن علي (عليه السلام) نافذ البصيرة ، صُلب الاِيمان ، جاهد مع أخيه الحسين ، وأبلى بلاءً حسناً ، ومضى شهيداً) وقد نقل كلمة عن أحد العلماء العارفين وهو السيد علي القاضي انه سمع قائلاً في عالم الاسرار يقول له : ( ان العباس سيد أولياء هذه النشأة) وبعدها عرَّج على قراءة مصرعه الشريف فبكى الحاضرون جميعاً وكان مجلساً عظيماً ، شعرت بأن روحي تحلق في عالم كله أنس وراحة وقد اغمضت عيني ولم اشعر بما حولي حتى ربت الشيخ يقظان على متني قائلاً : ( بُني حسن هذه هي مجالس الحسين رياض حياة القلوب ) ثم قال لي لنخرج فقد انفض المجلس ...خرجنا نسير في الشارع وقد ظننت انه سيؤجل ما اراد قوله لي ...قال : ما دمنا نمشي اشتغل بالذكر ـ شنو اقول ؟!ـ اكثر من الصلاة على محمد وآل محمد فهي أفضل من التهليل والتحميد والتسبيح ...• وصلنا الى محل الحاج النداف وكان مغلقا فقال ـ ما دام اننا لم نتكلم في المسجد فلا يوجد بعد المسجد في هذه المنطقة مكان افضل من دكة حجي سعد ...نظر الى السماء قليلا بعيننين يفيضان بالحنان والشوق وسط ابتسامة حب وانشراح اسارير وجه كأنه يرقب شيئاً في سماء الله العظيمة ثم انشأ يقول : مَتَى يا كرَام الْحَيِّ عَيْني تَرَاكُموَأُسْمِعَ مِنْ تِلْكَ الدِّيَارَ نداكمُوَيَجْمَعُنَا الدَّهْرُ الَّذِي حَال بَيْننَاوَيَحْظَى بِكُمْ قُلَّبُي وَعَيْني تَرَاكُمأَنَا عَبِدَكُمْ بَلْ عَبْد عَبْد لعبدكمُوَمَمْلُوكُكُمْ مَنْ بِيَعَكُمْ وشراكمُكُتِبَتْ لِكُمِّ نَفْسي وَمَا مُلِكَتْ يَدِيُّوَإِنْ قَلَّتِ الْأَمْوَالُ رَوْحَِيُّ فداكمُوجرت دموعه على خديه وانشد ابياتاً اخرى ثم مسح دموعه واعتدلت جلسته على دكة المحل وقال :الطريق الى الله تعالى فيه مراتبٌ ومنازلٌ ومقاماتٌ ، بل هو أودية وقلاع وبحار وجنان ولا اود ان اشرحها نظرياً لك فسيأتي اليوم الذي تعرف فيه هذه الأمور لكن ما يعنيني ان تراه بعين قلبك وتذوقه بلسان حالك ... ولذلك لا احب شرحه لك ...وأعلم أن اول خطوة بعد اليقظة والتوبة وهما عندك ان تدخل في منزل التبصُّر الذي قال عنه مولانا مولى الموحدين (عليه السلام) : ( من اراد الله به خيراً بصَّره عيوبه) ـ وهذا المنزل شلون ادخل بيه ؟!ـ خذ ورقة وقلم ، واجلس مع نفسك ، واسألها : كم ملكة سيئة عندي ؟! وفكر وفكر وفكر ثم اجرد واكتب .ـ شيخنا ما فهمت !ـ جيب ورقة وقلك واكعد بمكتن وحدك واكتب بالورقة الذنوب اللي تسويهن يوميا او بين يوم ويوم او بالاسبوع مرة مرتين ....ـ بس اكتب ؟!ـ اي هسه بس تكتب ... الخطوة الاولى لازم تشخص الملكات والمعاصي ( اعرف الاصنام ثم اهدمها يا ابراهيم ) مثلاً : عندك كسل ؟ عندك غرور ؟ هل لديك تقصير بصلاة الصبح ؟ هل انت هاجر للقرآن الكريم ؟ هل انت عصبي ؟ هل لديك ميل للنظر المحرم ؟ هل لديك تهاون بأوقات الصلاة ؟ عقوق والدين ؟ قطيعة رحم ؟ هل لديك علاقات محرمة ؟ ....اذهب واكتب ذلك بورقة ، تأمل بخبايا نفسك ولا تعتقد من اول جلسة انك ستعرف كل الملكات .اذلك اجلس مع نفسك يوميا لمدة ساعة وتأمل بما قلته لك لعشرة ايام وبعدها تعال لي ...يتبع ...


رحلةُ عِشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن