جلال وجمال

6K 245 13
                                    

دخلتُ الى ( مسجد فاطمة ) قُبيل صلاة المغرب بنصف ساعة ، ولم اكن من مرتادي المساجد والحسينيات ، اذ اني صرفتُ وقتي في الدراسة صباحاً وفي الرياضة مساءً مع سهرات الليل مع اصدقائي ، فليس لدي فكرة عن هذه الاماكن وروَّادها ...كان (مسجد فاطمة) صغيراً وذو باحة جميلة تتوسطها نافورة جميلة نُقش على جوانبها (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ) وعلى يسار الباب الرئيسي من الداخل ميضئة للوضوء ، اعجبتني الباحة الخارجية حيث المكان الصغير وجلوس الشيبة قُبيل الصلاة وهم يتحدثون بأحاديث جميلة وبعضهم يتندر بطرائف اخلاقية وتربوية ...كان الشوق يجرني نحو حرم المسجد عسى ان أجد ضالتي في احدى زواياه ، لا ادري هكذا أخبرني الحاج صاحب محل الندافة ، فأسرعت الخطى ودخلت بسرعة وصرتُ انظر الى المقدمة ، فشيخٌ كالذي كلمني في الزقاق ، وحدثني عنه الحاج النداف سيكون في مقدمتهم بلا شك فهو اما امام المسجد او مسؤوله ، لكني لم اجد في المقدمة ذا الاوصاف التفت الى اخر الزاوية الخلفية اليمنى واذا بنظري يقع على رجل مجلل بالنور تحوطه روحانية عجيبة وله مهابة لم ارها من قبل !أسرني وجوده ، وتملكني مظهره ، فلقد كان بحالة من الإقبال والتوجه لله تعالى لم اأشاهدها ـ يا إلهي : هذا هو الرجل الذي كلمني .دنوت منه بجرأة وإندفاع ـ السلام عليكم ـ عليكم السلام والرحمة ـ شلونكم عمو ؟ ـ الحمد لله ، تفضل عزيزي .ـ اني اللي كلمتني البارحة بالليل وقلت : (ومتى يصل العبد للسلام وهو في حرب مع الله ) فاني فعلاً في حرب مع الله وأريد أتصالح وياه ؟ـ طيب ، إتصالح !ـ شلون ؟!ـ مثل كل واحد تصالح وياه ، اعمل بالواجبات ، وإترك المحرمات ، وبهاي الطريقة راح تتصالح وياه ، ويرضى عليك وتضع الحربُ اوزارها من جهتك ، والا فهو لم يحاربك ! لقد كان جوابه اعتيادياً ولم يشف غليلي ، ولم يطفئ نار الشوق في باطني ، فأجبته بسرعة ـ عمو اني اعرف هذا الكلام بس ما اكدر اطبقه !ـ طيب ، شنو المطلوب مني ؟!هنا خرجت كلمة من لساني لا اعرف كيف خرجت ، وكأن قلبي هو الذي نطق او أن احداً نطق بلساني فقلت ـ ربيني على إيدك ، كلبي يريد حب ! ، وبتلعثم وسرعة قلت : اريد احب الله ؟!فابتسم ، ابتسامة باردة وقال ابياتاً باللغة الدارجة : يالجاي للحب إجديدمتشعشع وعندك عيدبهونك تره الدرب يجيدتثكل عليك اوزانه *** روح لهلك يوليد لا تبلانه !عرفت من خلال هذه الابيات انه يرفض ذلك ويطلب مني ان انصرف عنه ثم اطرق رأسه وانشغل بالذكر وما كان مني الا ان قمت من عنده خائبا وخرجت من حرم المسجد وقد بقي للاذان دقائق وصممت على الخروج !وفي الباحة وانا اتخطى الناس بحزن وانكسار ، واذا بأحدهم يمسك بيدي بقوة التفتت واذا به الحاج النداف وبشدة وعنف جرَّني اليه وقال بهمس :ـ من فوك جلال ومن جوَّه جمال !ـ يعني شنو ؟!ـ يعني ظاهره شديد وياك بس باطنه يحبك ، لا تيأس !ـ وهسه شسوي ؟!ـ وره الصلاة نسولف ، تعال صلي بصفي .

رحلةُ عِشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن