صمت ينظر لتعايير وجهها التي توحي عن تفكيرها العميق في تلك اللخظة، ثم أمال رأسه للجانب سامحا لنفسه في التمعن بها..الفتاة الباكية..!هكذا لقبها منذ رؤيته لها و هي تبكي بحضن والدة ريناس..يعلم في قرارة نفسه أنها تملك مشكلا عويصا ربما أكبر من مشكل أرض أمرياسن بأكملها، لكنه لسبب ما لا يرغب في رؤيتها ضائعة هكذا..

صحيح أنه لا يعرفها حتى أنه لا يذكر حتى إسمها، و قد تقولون أن مساعدته لها شيئ لامنطقي برمته، لكنه كان يؤمن بمبدأ يقتضي أن يعطي مادام بإستطاعته، بالإظافة لكونه منذ وطأت قدماه هذا العالم و هو لا يلقى من سكانه سوى الخير و لم يعترض طريقه أي أحد..طبعا إذا تناسينا محاولات آسر لإستفزازه فهو لا يراه شرا أبدا ،بل فقط شخص يحاول حماية أحبته و إن كان مكانه لفعل المثل أو أمثر..!

لذا فهو لن يتردد في تقديم المساعدة لأي كان..!

إبتسم بهدوء و عدَّل من وضعية جلوسه وهو لا يزال ينظر إليها؛ خصلات شعرها الأحمر التي تتطاير ببطء حول رقبتها و عيناها ذوات الحدقات البندقية الشاردتان في الفراع بتفكير في كلامه ،و طبعا ملامحها التي تعكس ضياعا و تيها كبير..كلٌّ كان كلوحة لفنان بائس نسي بعض الألوان فحسب..!

-"لوسين..!" همس بإسمه جاذبا بذلك إنتباهها و قاطعا حبل أفكارها المقعد ذاك، رفعت نظرها إليه فأردف و قد إمتدت يده تدعك خلف رقبته بنوع من الإحراج :" إسمي لوسين.."

تنهدت جمانة بخفوت و شبح إبتسامة هادئة إنعكس على ملامح وجهها المتعبة و أجابته قائلة :"و أنا جمانة"

أومأ برأسه و كأنه تذكر إسمها للتو ثم أعاد نطقه ببطء شديد و كأنه يجرب شيئا جديدا عليه..

بالرغم من سهرتهم ليلة أمس رفقة عائلة ريناس إلا أن تعرفهم على بعض الآن يعد شيئا آخر..بداية لتعارفهم ربما..!

و مجددا حلَّ عليها صمت طويل بدى غير منتهي خصوصا و زقزفة العصافير التي تزيد شيئا فشيئا و تجذبهما نحو دوامة هادئة تُصفي الذهن تصفية لامتكررة..

كلاهما ينظران للسحب بتفكير و بريق عيونهم يعكس آلاما مختلفة..

لم يقطع ذلك السكون و يخترق تلك اللوحة الفنية الهادئة سوى صوت فريتز و هو يصفر و يسند رأسه المكور لكلتا يديه و يمشي بخطوات جعلها مترنحة عمدا و يستنشق الهواء ببطء قبل أن يزفره ببطء أشد..

توقفت قدماه عن السير فجأة حين فتح عيناه و وجد نفسه أمام لوسين و جمانة ليرمش مرتين بتفاجئ و دهشة قبل أن يصيح بإبتسامة ماكرة و هو يقول :" صباح جميل هذا و أول ضحايا اليوم هذان الإثنان.."

تقدم خطوتين للأمام ثم توقف و أمال رأسه للجانب مفكرا..جمانة تبدوا فتاة كئيبة للغاية، هو لا يعلم مابهذا نظرا لتفويته فرصة معرفته للأمر الأمس، لكنه يراه غير مهم إذا كان سيساعدها لتضحك قليلا..

ريناس روبي1Where stories live. Discover now