لأول مرة خلال ستة أشهر وصلت كارين الى عملها صبيحة اليوم التالي متأخرين عشرين دقيقة , لأنها عندما أستيقظت في الصباح مرتبكة على غير عادتها , أرتدت ثيابها وأخذت تعد أفطارها ساهمة تفكر في أحداث الليلة السابقة , فتناثر رذاذ الحليب على ثوبها مما أضطرها الى تبديله , وعندما خرجت من منزلها وجدت أن القطار قد فاتها ,فأضطرت أن تقطع المسافة التي تفصلها عن مقر عملها سيرا على الأقدام.
خرجت من باب المصعد , مرهقة متقطعة الأنفاس , وعندما وصلت الباب الزجاجي لغرفة السيد دراموند , كادت تصطدم بمديرها الذي كان يخرج من غرفته في تلك اللحظة , أعتذرت له وأعتذر لها , ثم تراجع الى الوراء وقال:
" كنت أتساءل ماذا حدث فأنا.....".
فقاطعته:
" نعم, لقد تأخرت .... أنني في غاية الأسف".
فأبتسم أبتسامته اللطيفة المعهودة وقال:
" لا بأس , أنك نادرا ما تتأخرين , ولن أحاسبك على هذا التأخير بسبب ما حدث".
حملقت كارين بمديرها الذي تابع حديثه:
" أنني آسف جدا يا آنسة رادكليف لسماعي خبر مرض أحد أفراد عائلتك فأنا......".
قطع حديثه عندما رن جرس الهاتف , فأشار لكارين أن تجلس ورفع السماعة , جلست كارين على طرف المقعد قلقة أثناء المكالمة تسائل نفسها ,ترى هل أتصل آرثر بمديرها؟ لا يمكن أن يكون هناك جواب آخر , فكيف عرف أذن بنبأ مرض أحد أفراد العائلة؟ آرثر لم يضيع الوقت سدى كما يبدو...
أنهى السيد دراموند مكالمته ونظر اليها , كان يبدو على وجهه الشاحب أثر الخيبة , وظهر ذلك جليا في لهجته عندما قال:
" فهمت الآن بأنك تحتاجين اى أجازة مفتوحة".
صمتت كارين مترددة بين أخلاصها لمديرها الذي يقدر ظروف موظفيه , وبين طلبات آرثر التي لا تراعي مصلحة أحد , ثم قالت:
" هل من الممكن...... أعني أريد أن أقسم وقتي بين عملي هنا وبين.".
فقاطعها السيد دراموند:
" كلا ,كيف يمكنك في وقت واحد أن توفقي بين عملك هنا وبين أعتنائك بصحة المرأة المريضة؟كلا , خذي أجازتك , وتأكدي أنك ستجدين وظيفتك بأنتظارك عندما تشعرين بأنك أصبحت حرة مرة ثانية , لقد كنت موظفة شديدة اتفاني في عملك يا سيدة رادكليف".
وأنحنى قليلا يستمع الى كلمات الشكر التي قدمتها له ثم سأل:
" ولكن لماا لم تطلبي مني هذا الطلب شخصيا وأنا كما تعرفين لا أضع حاجزا بيني وبين الموظفين؟".
عضت كارين شفتيها حنقا على آرثر وتدخله السريع بشؤونها وقالت:
" كنت سأطلب ذلك بنفسي ولكنني لم أسمع النبأ الا الليلة الماضية".