أن تشهد أن لا إله إلا الله

93 18 14
                                    

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من والاه ، أما بعد ..

اعلموا رحمكم الله أن مراتب الدين ثلاث : إسلام و إيمان و إحسان ..

و لنشرح لكم ترتيب هذه المراتب و أيهم أفضل ، يجب أن نتخيل أن أمامنا دائرة كبيرة هي الإسلام و داخل هذا الدائرة دائرة أصغر منها هي الإيمان و ضمن دائرة الإيمان دائرة أضيق هي الإحسان ..

لنفترض نريد الوصول الى دائرة الإحسان دون المرور بالإسلام و الإيمان فهذا مستحيل ..

يعني بإختصار : الإسلام هو أوسع و أكبر مرتبة في الدين ، و هو الذي يحتوي أكثر المسلمين ، فإن حققوا الإسلام و دخل الإيمان قلوبهم إنتقلوا إلى مرتبة الإيمان فإن حققوا الإيمان دخلوا مرتبة الإحسان و هذه مرتبة صفوة المسلمين ...

و الإسلام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله ، يتضمن خمسة أركان أساسية ، وردت في أكثر من حديث منها : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [ بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَصَوْمِ رَمَضَانَ ] رواه الشيخان .

و كلامنا أولًا سيكون عن التوحيد ، و الشهادة ، و الترتيب في هذا الأركان ضروري و ورد صريحًا في حديث معاذ رضي الله عنه لما أرسله صلى الله عليه و سلم الى اليمن فقال له : [ فَإِذَا جِئْتَهُمْ، فَادْعُهُمْ إلى أنْ يَشْهَدُوا أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلَوَاتٍ في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فإنْ هُمْ أطَاعُوا لكَ بذلكَ، فأخْبِرْهُمْ أنَّ اللَّهَ قدْ فَرَضَ عليهم صَدَقَةً ] الحديث

و هذا الحديث أصل في التدرج الدعوي ، و أن التوحيد أعظم أركان الإسلام و أنه لا ينتقل الى غيره دونه ، و الشهادة هي : [ أن تشهد بلسانك وتؤمن بقلبك أنه لا إله إلا الله، يعني:

لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله من أصنام، أو أموات، أو أشجار، أو أحجار، أو ملائكة أو غيرهم كله باطل كما قال تعالى:

{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ } [الحج:62]، هذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله، أن تشهد عن علم، ويقين، وصدق أنه لا معبود حق إلا الله، وأن ما عبده الناس من دون الله فكله باطل.

ومعنى شهادة (أن محمدًا رسول الله) أن تشهد عن علم ويقين، وصدق أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب هو رسول الله حقًا إلى جميع الثقلين جنهم وإنسهم، وأنه خاتم الأنبياء ليس بعده نبي عليه الصلاة والسلام ] بن باز رحمه الله .

و لشهادة أن لا إله إلا الله ، مراتب و أركان و شروط :

* مراتب شهادة التوحيد :

- المرتبة الأولى: العلم ، قال تعالى { إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } فالشهادة ليست مجرد كلام يُقال بل لها أمور و مستلزمات يجب العلم بها .

- ثانياً: التَّكلم ، فلا بد من النطق بها و الجهر بها و إعلانها و لا ينفع إضمارها .

- ثالثاً: الإعلام ، قولك أشهدُ ، الإخبار يُشترط في معنى الشَّهادة، ومرتبة الإعلام إمَّا بالقول، أو بالفعل، و دليلها ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس: [ شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عندي عمر ]

- رابعاً: مرتبة الحكم والإلزام ، قال تعالى: { وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ } [الإسراء: 23].



* و أما أركان شهادة أن لا إله إلا الله، اثنان: نفيٌ، وإثباتٌ

- فالنَّفي في قوله: لا إله، حيث تنفي جميع ما يُعبد من دون الله، والإثبات في قوله: إلا الله، تُثبت العبادة له وحده لا شريك له.

- وإثبات التَّوحيد بهذه الكلمة باعتبار النَّفي والإثبات، المقتضي للحصر هذا هو المعنى المطلوب لشهادة أن لا إله إلا الله.

* و لها شروط :

- العلم المنافي للجهل ، قال تعالى: [ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ ]

- اليقين المنافي للشَّك، قال تعالى : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } و قال صلى الله عليه و سلم : [ مستيقناً بها قلبه ] [رواه مسلم]. إذاً هي مرتبة اليقين.

- الإخلاص المنافي للشِّرك ، قال تعالى { وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ }

- الصِّدق المنافي للكذب ، قال تعالى : { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } فسَّر ابن عباس الصِّدق في الآية بلا إله إلا الله .

- المحبَّة المنافية للبُّغض ، قال تعالى : { فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ } .

- الانقياد لها ظاهراً وباطناً ، قال تعالى : { وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ }

- القبول لها ، قال تعالى : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ[الصافات: 22]. إلى أن قال: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } فلا يقبلونه.

جمعها الشيخ حافظ الحكمي في منظومته سلم الوصول بقوله :

العلم و اليقين و القبول
و الانقياد فادري ما أقول

والصدق و الإخلاص و المحبة
وفقـك الله لـمـا أحـــبه

إسلامياتحيث تعيش القصص. اكتشف الآن