حَـياة بنَات مُحمّـد المُـؤلمة

216 20 0
                                    

يموت النبي فتقف فاطمةُ وتقول:
وا أبَتاه، إلى جِبرائيلَ أَنْعاه،
وا أبَتاه، مِن رَبِّه ما أَدْناه،
وا أبَتاه، جَنَّةُ الفِردَوْسِ مَأْواه،
وا أبَتاه، أجابَ رَبًّا دَعاه.

رأت فاطمةُ الموتَ وقد أخذ أرواح أخواتها الطاهرة وروح أباها المصطفى ﷺ لتبقى غريبة وحيدة في هذي الحياة ...

كانت فاطمةُ نائمةً في تلك الليلة لم تتجاوز الخمس سنين، واستيقظت في الليل فما وجدت أخواتها حولها فخرجت ورأت أمها وأخواتها حول أبيها وهو يقول مرتعبًا زملوني دثروني، لم تدرك أن تلك الليلة هي بداية قصة سوف تغير مجرى التاريخ وحال البشرية.

مرت الأيام والأشهر على تلك الليلة الغريبة، ليلة لم تفهم فاطمة الطفلة تفاصيلها ولكن الغرابة فيها سرت إلى باقي أيام طفولتها، وكيف سيكون حال طفلة أبوها يخاطبهُ الله وتجالسهُ الملائكة ويدعو إلى دين جديد لا يصدقه أحد فيه، بل تعدوا التصديق إلى إيذائه في نفسه وأهله.

كانت الطفلة فاطمةُ في البيت وحولها أمها وأبوها وأخواتها حينما دخل عليهم عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب، وقد كتبا كتابيهما على أم كلثوم ورقية وكانا لم يدخلا عليهن بعد.

دخلا والشر في أعينهما متوقد، فجاء عتيبة النبي ﷺ وقال يا محمد: إِني كافر بالنجم إِذا هوى، وبالذي دنا فتدلى، ثم بصق أمام النبي وطلَّق ابنته "أم كلثوم" وطلق عتبة "رقية"..

كيف حال بيت آل محمد ﷺ ذلك اليوم؟ كيف حال الأم خديجة التي ترى فلذات كبدها يجرحن ويطلقن؟ وكيف حال النبي الذي أصبح حكاية قريش في كل منزل؟ في كل نادٍ يتحدثون عنه وعن دينه الجديد ويحيكون المؤامرات في تكذيبه وقتله!
وكيف حال فاطمة الطفلة! التي كتب لها الله أن ترى قصة آل محمد ﷺ من بدايتها حتى تكون هي النهاية، حتى تكون آخر من يبقى من آل محمد وروح النبوة في الدنيا.

ولكن ما أن يعود النبي ﷺ إلى المنزل ثم تأتيه فاطمة فيقوم لها ويقبل رأسها ويجلسها في مكانه فتشعر فاطمة بالأمان رغم أن قريشًا في نواديها تخطط لقتله!

تمر الأيام والشهور والسنون، وتكبر فاطمة قليلًا وتنشأ على عزة الاسلام ونصره، فقد كان فيها قوة وشجاعة لم تكن في غيرها من بنات محمد ﷺ،
وفِي مرةٍ ذهب النبي ليصلي عند الكعبة والكفار حوله فلما سجد قام رجل اسمه عقبة بن المعيط ورمى سلا الجزور
-وهو اللفافة التي يكون فيها جنين الناقة-
فوق رأس النبي ﷺ وهو ساجد ولم يرفع من سجوده
فأتت فاطمة ورأت الناس مجتمعين، وعلمت أنهم لا يجتمعون إلا على أذية أبيها ففرّقت الجموع ودخلت من بين صناديد قريش حتى أتت أباها، ورفعت عنه السلا ورسول الله ﷺ ساجد وهم يضحكون، فقامت ودعت عليهم وشتمتهم بأعلى صوتها!..
فسكتوا ذهولاً من هذي الطفلة التي لم تهبهم وقد كان في الموقف من كبار الصحابة من لم يتكلموا ولكن فاطمة الطفلة بنت أبيها ﷺ هي من دافعت عنه.

السِـيرة النَـبوية(قصص عن حياة النبي)Où les histoires vivent. Découvrez maintenant