الفصل الثالث عشر

Start from the beginning
                                    

..........

الدموع تخز عيونها وهي تُحدقُ في ملابسها التي بالكاد تُعد على أصابعِ اليد...يا لها من غبية، لماذا لم تتذكر أن لا ملابس جميلة لها لحفلة ستُقامُ في المدينة؟
تنفست بعمقٍ وهي تجلسُ على حافة السرير...ترتدي فقط سروالها الداخلي الذي لا يمت للأنوثة بصلة...وفوقها القميص القطني الأبيض الخاص بزوجها والذي استعانت به بما ان حمالة الصدر الوحيدة التي أحضرتها معها كانت مُعلقة في الحمام، تدعو الله أن تجف قبل عودة مُعاذ او أنها...نظرت للأسفل ...لصدرها الذي يبدو مُفرطا جدا ويظهر أسفل ثوب القميص وكأنه ازداد حجمهُ أضعافًا...يا إلاهي كم تكرهه...كما كل شيءٍ في جسدها!
جذبت عنق القميص للأمام...وكأنها بذلك ستُخفيه...لتنتقل نظراتها لفخذيها...التي تُزينها خطوطا بيضاء نتيجة تمدد جلدها، ربما حان الوقت لتستعمل زيت أركان...فربما هذه الخطوط ستختفي كما أخبرتها والدتها...ثم قدمها الصغيرة الحجم العريضة...ابتسمت بحزن، ربما لن يتسنى لها يومًا ارتداء تلك الأحذية التي تبدو رقيقة...فلا هي ستستحمل وزنها ولا عرض رجلها...عيونها اتجهت لتلك الزاوية حيثُ تقبع عدة صناديق كرتونية تحوي كل مستلزمات غريمتها المُتوفاة...كان حقارة منها، لكن الفضول قادها لتتجه إليها بخطواتٍ مضطربة...بينما عقلها يصيحُ بها ان تتراجع!
لكنها لم تفعل...وهي تمد يدها لأولهم وتفتحه...عدة احذية من كل الأحجام كانت متراكمة فيما بينها، انسلت أولهم!
كان ذهبيًا...بانبهار كانت ترفعهُ تُحدقُ في تلك التفاصيل الصغيرة المُعقدة التي تزيده روعة، رغم أنها لم ترى مثله في حياتها...لكن الأُنثى داخلها عشقته... وهي تمر أصبعها عليه، الفتحة الضيقة في الأمام وكعبه الطويل جدًا...كان تصميمه خُلق لامرأة بفتنة "ورد" ودلالها...وكأنها إحدى تلك الأميرات...اللاتي لا تتشقق أيديهن في الشتاء من الماء البارد...ولا تحتاج لتقطع مسافات طويلة في تلك التضاريس الوعرة...وكل همها كيف تجعلُ بشرتها تتوهج، وكيف تُحافظ على نعومتها...ورائحتها المُذهلة!
وكأنها تحتاج من يُذكرها بذلك الفرق الشاسع...بين حياة ورد وحياتها...بل بين حياة عائلة "أمغار" وعائلتها...!!
-"يا إلهي...!"
همست بألم...كم تكره السخط الذي يُولده بها تلك المُقارنة المُجحفة...أعادت تفكيرها للحذاء بين يديها...تُحاولُ أن تُفكر في شيءٍ آخر...بعيد عنها وعن "ورد"...لابد أنه يساوي ثروة كبيرة...في المرة السابقة عندما كانت تُكسدِّهم في الصناديق كانت الغيرة تعمي عيونها...كيف يجرؤ أن يُحضرها للمكان الذي عاش به مع زوجته السابقة...التي تفنن في الأشهر الماضية في خلق تلك المشاعر التي لم تعرفها يومًا إلا في اللحظة التي تسلل عشقه ليحتلها.
وكأنها لا تستحق ان تعيش حلاوة العشق دون مُنغصات...التي كانت مُدمرة وهي تأتي على شكلِ ذكرى...سرابٍ، تستشعرُ وجوده دون أن تلمحه مهما تسلحت كان يلفها من كل جانب...ليخنقها...!

عشقها لمعاذ كان عشقًا أسودًا...مريضًا...ينخرها لكنها لا تستطيع منه الفكاك...لا تتخيلُ حياتها بدونه!

جرح وشم الروح! ملاك علي.Where stories live. Discover now