الفصل الثاني

Start from the beginning
                                    

وصلا للبناية الضخمة التي تحمل اسم " دار الأمل للأيتام".... دلفا، وهي تتشبث به من الخلف...وكل مرة ينظر إليها...يطمئنها أن كل شيء بخير...
كانت تنظر بانبهار...لعيون الأطفال اللامعة...وهم يستقبلون الهدايا.... ابتسمت لضحكاتهم، ولاندماج يوسف معهم......
اقتربت منها طفلة في العاشرة من عمرها...نظراتها تبدو قوية... وهي تحدق في الدمية الضخمة التي تمسكها... أحست بالرعب، وكأنها عادت تلك الطفلة الصغيرة...وإحدى البنات تحاول التنمر عليها
- " ما اسمكِ؟" سألت الطفلة، بقوة وجرأة تفوق سنها...ما شجعها نظرة الرعب في عيون مرح
- " م....رح" أجابت، وهي تبحث عن يوسف بعيونها....
- " وأنا شادية...أعطيني هذه" قالت تشير للدمية....
لم تنتظر رد مرح، بل أخذتها....
-" إنها دميتي..." قالت مرح، لكن الطفلة عاجلتها بضربة على قصبة رجلها وهربت بها بعيدا عنها.
كانت تلتف تبحث عن يوسف، الذي لاحظ ارتباكها....
- " ماذا حدث حبيبتي... "سألها وهو يُحدق بارتعاشة شفتيها، تنوي البكاء
-" تلك الفتاة...." وأشارت لشادية...التي كانت تلعب بدميتها بعيدا عن الأطفال، وحولها عدة ألعاب أخرى... يبدو أنها أخذتها من أطفال آخرين " ضربتني.... وأخذت دميتي"
- " انتظري هنا..." تلفت يمينا وشمالا ينظر إلى حيث توجد المشرفات...ثم اتجه للطفلة، جذب شعرها.... لكنها صرخت قبل أن يستطيع أخذ الدمية...هرب باتجاه مرح، وامسك بيدها يخرجان من الميتم.
كانت تضحك بصخب... وكأنهما قاما بمغامرةٍ شيقة
- " شكراً.... " همست، وكأنه قد أخذ حقها من كل طفلٍ أذاها.... منذ كانت صغيرة...وكأنه اغلق الجرح الذي كان ينزف منذ صغرها...ولم يلتئم إلا به...كان ينظر إليها... بشغف، وحب....
- " أين كنتَ قبل الآن؟" تساءلت بهمس...لم يستطع أن يبقى بعيدا.... جانبه الغربي طغى عليه...وهو يقبلها وسط الشارع وزخات المطر الذي بدأت بالسقوط.......بكل حب الذي يكنه لها قبلها، ليهمس امام شفتيها
- " منذ الآن، سنخط معاً ذكريات جديدة.... وكأننا ولدنا من جديد.... فقط أنا وأنتِ"
""""
-" بطلُكِ حتى لو لم أُحضر لك تلك الدمية؟؟" سؤاله أعادها حيث هي جالسة صوت يوسف يلفها ونسخته الصغيرة في حضنها "...سأخبرك بسر...تلك الطفلة أرعبتني أيضًا..." استطرد بتفكه وهو يُشاركها الذكرى.
- " أنا أحبك يوسف..." همست بلوعة وهي تتلمس شفتيها، تُقسم أن رائحة التربة وهي تستقبل أول زخات مطرية هاجمت خياشيمها...والبلل وصل لفروة رأسها...ولمسات يوسف التي يخصها بها تمر على بشرة وجنتيها....  بينما قبلته جعلت كل أعصاب شفتيها في أقصى استجابتها.... والأرض تلف بها من روعتها...
- " آه فقط لو أستطيع أن أكون الآن معك..."
بعد فترة أغلق الخط.... لتُحس فجأةً بوحدة قاتلة وتبدأ بالبكاء....  لا تعرف مصدره، لكنها تحتاجه...هل هو رحمةً على قلبها المشتعل بلهيب عشقه.... أم أنه من جرحٍ متناسي داخلها... ويوسف هذه المرة لن يجعله يلتئم.... رفعت رأسها، تنظر للسماء السوداء الصافية...الهادئة في إحدى الضواحي الباريسية .... وهي تحضن يحيى بقوة مكان نبضها...لتهمس بدون شعورٍ:
- " يا رب.... كن لها المعين، فليست محظوظة بوجود يوسف في حياتها مثلي...يا رب احمها فهي رغم كل شيءٍ أختي وأنا أحبها!"

جرح وشم الروح! ملاك علي.Where stories live. Discover now