الورقة الأولي: أغنية مُحلقة في المغيب

23 3 27
                                    


علي ثنايا قرص ساطع إعتنق الفضاء الواسع فطمره بلون أحمر برتقالي... بدأت الشمس تذوب شيئاً فشيئاً في الأفق البعيد... والظلام بدأ يبسط أواصله رويداً رويداً ملتحفاً دجا مدينة سابورو الصغيرة بظلال أشباحه..

في بناء تعالي عن الأرض بطابقين.. وُصم علي مقدمته عنوان سميك إكتست أحرفه لوناً أحمراً صارخاً لكي يبين للناظرين مدي أهمية مغزاه... (مستشفي جامعة هوكايدو)

في غرفة طبية في الطابق الثاني أطلت واجهة نوافذها علي سلسلة من الجبال في الغرب والتي تتراصف وتتحد لتخبئ الشمس العجوز الشفافة المنهكة من مشوار السماء الطويل الذي قطعته طيلة اليوم.

تستلقي علي سريره الأبيض فتاة في متوسط العُمر... إلا أن تعاليمها الغضة الخاصة بالشباب قد تلاشت علي إثر كل تلك الأنابيب والحُقن التي تحيط بها لتزويد جسدها الشاحب بمستلزمات التمسك بخيط الحياة الرقيق الذي أصبحت هي علي حافته.

وفي كرسي مجاور... إمتطته أيضاً فتاة أخري إختزن وجهها الصغير كماً هائلاً من علامات التحسر والألم.. تمد يدها الصغيرة لتلامس أيدي أختها النائمة عل الدفء المتنامي من لمساتها قد يشحن وعي أختها الكبري بالطاقة اللازمة لكي تستيقظ في هذا العالم مجدداً.

"أرجوكِ إستيقظي... لا أستطيع التحمل أكثر!!"

ثلاثة أيام....

مرت بسرعة شديدة.

منذ ذلك اليوم.... ميكومي هيتارو.... صديقها المقرب.

إتفقا ليلتقيا معاً قرب الحديقة العامة... وسرحا في التنزه كما يفعلان عادة.. ولكن في المساء كان يجب علي هيتارو أن يبوح فعلاً بما يجب قوله.

باشرها القول بأنه يود الذهاب إلي طوكيو للإرتقاء إلي كلية الفنون في الجامعة القومية... وأعرب عن نيته في أخذها معه إلي طوكيو أيضاً حيث يمكن لهما أن يكونا معاً.

رفضت آيومي عرضه لأنها ولسبب ما لا تستطيع ترك هذا المكان.. بينما حاول هيتارو أن يقنعها بالسفر معه وبأنه سيتكفل كل شئ.

وتحت إصراره الشديد.. وإتخاذ قراره

أحست آيومي بمشاعر مختلجة... وشعرت بأن مزيجاً من الخزلان والإنكسار قد خزا صدرها بشدة... وتحشرجت تلك الحقيقة (حقيقة الإفتراق) في باطنها ولم يستطع قلبها الصغير تقبلها أو إبتلاعها بداخله علي مضض..

حاولت فتح فمها لتهنئيه وتشجعه لتحقيق حلمه في طوكيو وحده بمثابرة.. إلا أن أعينها قد خانتها قبل أن تنطق ثقل حرف حتي... وهطلت لألئ الدموع علي ثري جفونها الوردية بغذارة.

وقبل أي شئ آخر.... لم تشعر سوي بأقدامها تحملانها للركض مبتعدة عن الفتي الذي لطالما أحبته في أعماقها بسرية..
غير راغبة في أن يري تشوه وجهها بالبكاء بعدما كانت تبتسم له دائماً في كل مرة يلتقيا.

فتاة علي الورقWhere stories live. Discover now