صليب الحب| Yoonseok

By kim_vena

256K 17.3K 38K

انا وَانتَ ، اتعرِف من نحنُ في الحُب؟. نحنُ من لايترُك سوء الدنيا يقاتهُما. نحنُ من اجتمعَ كل ماعلَى الارضِ... More

الاول
الثاني
الثالث
الرابع
الخامس
السادس
السابع
الثامن
التاسع
العاشر
الحادي عشر
الثاني عشر
الثالث عشر
الرابع عشر
الخامس عشر
السادس عشر
السابع عشر
الثامن عشر
التاسع عشر
العشرون
واحد وعشرون
الثاني والعشرون
الثالث والعشرون
الرابع والعشرون
الخامس والعشرون
السادس والعشرون
السابع والعشرون
الثامن والعشرون
التاسع والعشرون
الثلاثين
الواحد والثلاثين
الثاني والثلاثين
الثالث والثلاثين
الرابع والثلاثين
الخامس والثلاثين
السادس والثلاثين
السابع والثلاثين
الثامن والثلاثين
التاسع والثلاثين
الأربعين
الواحد والاربعين
الثاني والاربعين
الرابع والاربعين
الخامس والاربعين
السادس والاربعين
السابع والاربعين.
الجزء الأخير

الثالث والاربعين

4.7K 274 852
By kim_vena

في الحُب انتَ كمن في الحربِ..داخِل دوامة لامُنتهية من الأنانية.













اِربطني بالحياة..اَنَنِي اتوسُل الِيك، ان كان ثمَّة شيءُ
تودُّ منحي ايّاهُ، فاربطني بالحياةِ.

اِجعلني اعلمُ ان هذا العالمُ شنيعُ، بشعُ للغاية، مُستميت
في سبيلِ الإذيّة والحرمانِ ، في القتل والتفريقِ،
عالم صاخبُ وقاسٍ، يدهسُ الجميعُ..الأقوى والأضعف.

أجعلني اُدرِك..اَنَنِي لن أتلقى سعادةً مجانيّة، اَنَنِي
احلُم لأتخلى عن حُلمي، ان الخيرَ يتضاءلِ ويتقلّص
ويُقتل في كُل يوم جديد، وانّ الشر اصبح ملكاً على
العالمِ، واصبح الطاغِية آلهة، أفهمني انِي سأفهم
جيداً ذات يومِ، معنَى انه من الممكن ان تمُوت ولازلت
تتنفَس.

دعنِي بعد ان اعلمُ عن ذلك كُلّه، وبعد ان اشعُر
بتحطُمِي التامِ، بعجزي عن الوقوف، برغبتي العارمة
في التلاشي والاستسلامِ ، بعظيم كُرهِي لهذه الحياة،
لهذا الكونِ، لهذا التنفُس الذي اخذُه، دعني بعد ان
تتوقف التفاصِيل عن ابهاري، بعد ان يمُوت اهتمامي
بكُل رُكن من الارضِ..

دعني بعد ان اُدرك ان القمرَ مجرد صخرَة مُظلمة
تعوم في فراغ قارص متجمّد لانهائي ، صخرَة مُحطمة
ومكسُورَة، فارِغة..ووحيدة بِشدّة..

دعني بعد ان تزُول الجمالياتُ وتقتل فتنتة الخيالُ،
دعني بعد ان تخوضني الحربُ وتنهش اجزائي،
تهدُّ اسوارِي وتُسقط اشرِعتي، تُطفئ انوارِي وتنشُر
العتمة والبردَ في اضلاعِي، بعد ان تحولّني الى كائِن
صامت، كأراضي المعارك، لاتتحدث، لكن تفاصِيلها
مليئة بالجزعِ.

دَعنِي اسمعَك، اراكَ ، اشعُر بِك.

اربطني بالحياةِ ، ارنِي ان بإمكانك جعل هذا العالم
الشنيعِ والمجنونِ مكاناً لا استسلِم فِيه لانك هنا،
دعني سِراً استسلِم عندَك، اعتمدُ عليكَ، دعني أنسى!
كم هو ثقيل هذا النفَس، دعني لا اتذكَر، كم هو مُريع
ان اكون الوحيد الذي يحمِلُ ثقلِي، ثقل جسدي وثقل
روحِي.

طمئنّي بأنهُ ليس ذنبِي، ان لي بعض الجرُوح التي
لا استطيعُ مهما فعلتُ إغلاقها ، ان لي خوف دفين،
يحتاجُ طرقَة، اهتزاز جرَس ليستفيقَ كالوحشِ
المُهيب، ليهدم قوّتي، ليساوينُي بالرِيشة..ليجعلني هشاً
ضعيفاً تائهاً مثلهَا.

اشعرنِي انه لايزالُ في هذه الارضِ الظالِمة مُتسّع
للحُب..للقُبلاتِ ، للمشاعِر وللنظراتِ، للأغاني والرقصات ، للموسيقَى، للعناقات، للسرور..

ارِني انه في هَذِه العواصِف التي تضرِبني وتنهكني،
انكَ معِي، مُنهك مثلي، مُفرط في تمنّي ثانية وَاحِدَة،
واحدة وحسبُ..مِن اللاشيءَ.

لاتريدُ سكينة، لاتُريد سلاماً ولانعيماً، تريدُ ان لاتشعُر
بشيءِ، تُرِيد فقط ان تتوقفَ عن عِبء ان تكُون شيئاً.

دعنا نتمنى معاً، نيأسُ معاً، ونخيبَ معاً، دعنا ببساطة
نكون في الحربِ معاً.

دعنا دائماً معاً، اربطنِي بِك حين تذكر الحياة، واربطني
بك حين تذكر التلاشِي منها، اربطنِي! لاتِفلتني، ان
افلتَني اندَثِر، اتيهُ وحيداً بكُل هذا الوجع الجنونِي..
انك بوصلتِي، وخارطتي، والنجمة الاكبَرِ في سَمائِي،
انك عيناي، ان افلتنّي وبِت كفيفاً تائهاً مَن يُنقذني؟.

-







انهُ ليسَ بخِير، ليس بخير اَبداً وانا لستُ مطمئناً لذلِك،
اشعُر حين انظُر الِى حالهِ ان قلبِي لايُخرج الدم لانحائي
بل يعيدها الى نفسِه، يتضخمُ ويثقلُ ويُكتَم.

"انتَ لم تنَم.." لم احضى بدورِي على الكثِير من
النومِ، كانت خطواتُ الطاقم الطبيّ في الخارِج تؤرقني،
لكني في المُقابل كلما فتحت اعيُني وجدت الرئيس واعياً،
او يحضى بكابوس في غفوة غافِلة استغلَت فرط تعِبه
لتُنِيمه.

في غِرفة سامِ الصغيرة نسبياً
كُنا مستلقيين أرضاً على معاطفنا، فلَم يكُن من
المخطط ان ننام هنا ولم يكن من المتاح ان نعُود.

اهذا يجعلُه مُستيقظاً منذُ ثلاثِين ساعة؟.

احاطَ خُصري بذراعيهِ حين احسّ باستفاقتي،
ادخلني عَميقاً بينهُما، طبع قبلاتٍ وجِلة اعلَى رأسِي
أصابتني بالحِيرة، او رُبما بالكثِير من القلَق، لان تلك
القُبل العميقة اليائسة أشعرتني بكم هو..خائف عليّ.

لو كنت شخصاً اخر، في طبيعة حياة مُختلِفة، لاشعرني
هذا بكم هائل من الحُب الدافء والسعِيد، لكني هنا
ادرِك اي خوف يعترِيه، انه ذاتهُ ينهشُني، انا هنا
رأيتُ من قبل الرصاصِ يندفعُ الى جسدٍه، اختبرتُ
معنى ان تكون يداي غارقة في دمائه وان لايُجيبني
مهما ناديتهُ..

اختبر هو معنى ان انُتزع منهُ في لحظة، ان تُكبل
ذراعيهِ ويشاهد..يشاهدنِي اخوضُ كُل مايفجع مضجع
انسانٍ سويّ.

ولذا هذا الخوفُ يمنحني نبضاً موجعاً، حُباً قارِصاً
ممتلئاً بالجَزعِ والأسَى، باللا طُمأنينة، وكأننا نشاهِد
رمحًا ساخناً مشهراً في اوجهِنا، ونحن تَماماً نمضي
اليهِ، بلا قُدرة على التوقّف، بكُل رغبة في الهربِ من هنا، من هذا الجحيم عديم العقل.

"من السيءُ حقاً ان تكون نَائماً يُونقِي، انه منظرٌ
مفزع" حكَى بصوت يُشبه تنهِيدة الارتياح بعد ترقّب المُصيبة ،
مددتُ يَدِي ، التي كانتَ صغيرَة جداً ان قارنتها بكم
بدى ظهرهُ صلباً وكبيرًا كَحِصن عظِيم، ربّتُ فوقهُ،
على هذا الكاهل يحملُ ماتعجزُ عنه الجبالِ، يحملُ الخوف والحُب..طبطبتُ فوقهُ، "لابَأس عَليكَ.."
لرُبما يدي ليست بذلك التأثير ، لكن، اتعرفُ ماتفعلهُ
فراشة مُلونة حين تقِف فوقَ الجُثث في ساحات الحروب؟.

انها تمنحُ شيئاً من السلامِ، من الطُمأنينة، الألوان
لذلك المشهد الرماديّ.

"لابأس عَليكَ..انَا خائف أيضاً" اردتُ ان اقول
كالعادة، لكن هذه الكلمَة بدت محملّة بقدرِ عظيم من
البؤس، ذاته الذي لانفتقده ابداً على صدورنا في هذه اللحظة.

ولكنّه مخيف حقاً ، ان تضعَ رأسك على الوسادَة
وقد فشِل احدهم بالأمس في قتلِك، وانت تعلمُ تَماماً
انهُ لايبتغِي في يومِه سوى انتزاع روحِك او روحِ
اعزائك..من المُرعب جداً، ان تكون طرفاً في حرب.

"كم ستكرهُني اِن أبعدتُك قسراً عن خوضِ هذه
الحرب معِي؟" لم يسألني ، لقد قذفنِي بسؤالِه المُفاجِئ
بذاتِ الطريقَة التي تقذفُ بها صاعقة كهربائيه قلباً ميتاً
لتجُرّه نحو الجحيم من جديدِ.

توقفت يدي عن التربيت على ظهرِه، وبدى من المُستحيل الانفلاتُ مِن عِناقه الذي ادركتُ الآن انهُ
كان محاولَة ناجِحة لحبسِ تعابيري هنا، حيثُ لايراها
كما لن ارى اي تعبير يعلُو وجهه وهو يقول ذلِك بنبرة
هادئة فارِغة.

ليلة من الارق لن يتبعها سؤال كهذا بلا معنَى.
وقد دفع بالفعل خليطاً من الغضبُ، والعتَب، والخوفُ
الِى عروقِ قلبِي باتت تضُخ تلك المشاعِر بِافراط لانحائي.

"لن تفعَل هذا، انا اُحذّرك! ايّاك ان تأخذك، ايّاكَ
ان تأخذ العالم معك بَعيداً عني وترحَل، لن
أتصرف بطيبة مع ذلك ابداً" في جُزء
مماقُلته، تكوّرت يدي على قمِيصه، تمسكّت بِه بِشدة،
انا الذي قضيت حياتِي مُستميتاً لاقطع قيودِي قد قيّدته،
وتقيّدت بهِ بلَا إدراك ، بل حين ادركت كم كنت اُمسكه
بقوّة زِدت في ذلك.

"اِهدأ انا افترِض فحسب.." همسَ بنبرَة مُختلِفة،
اكثر شعوراً من فراغِ سابقتها، هذا الرجُل لايُعقل!
هل هو لتوّه تفاجأ من ردّي بجدية على سؤاله الاحمَق؟.

"لاتفترِض هذا الجنون واللعنة في ظروف
كهذِه لقد ظننتُك جاداً! تباً لكَ لقد ارعبتني" كنتُ
اودّ ضربهُ بقوة على ظَهرِه بقبضتِي، لكنّي دُهشتُ
من اَنَنِي اكادُ لا استطيعُ افلاتَ تمسُّكي البائس بقمِيصه
لأفعَل، هل ذلك الافتراضُ ارعبني فحسبُ؟ لانه يبدُو
وكأنه توغّل في أطرافي ، وهذا الوغد صاحبُ سوابقَ
فِي تطبيق جنونهِ بشأن عزليّ بعيداً عن حروبه.

"الانتحاري الأول في المكسيك يقول ان الجنون
الذي لفظتهُ ارعبهُ ، أهذه مناسبة يحق لي ان اُطالب بوسامٍ عليها؟" تحدّث مُتهكِماً، وقد فكرتُ بماقالهُ
بذات طريقته الساخرة في طرحه، انتحارِي؟ لابُد انني
كذلِك لحد بعيد! وضعت بلا تردد طلقة فارِغة في
رأسي عند اول لحظة اتى بها مسدس لبين كفاي.

"لان ماقُلته من جنون يتضمن بقاء الانتحاري
في هذه الدُنيا التي يلعنها، لذا لا ياسيّد ايفيريا لن
نمنحك وساماً قريباً" واتتني الفِرصة لأنظُر الى
ملامحِه، حين خفف من حِدة عناقِه بعد حديثنا الصغير،
امتلكت زُمردتيهِ الحادَة نظرَة ليّنة، لامست شفتيهُ
جبينِي حيثُ انسدلَ شعرِي جانباً مُفسحاً مساحَة
تدعُوه ليُقبلّها .

لقد اعتادَ ان يُخبرني انّ تفُرق شعري يدعوه
ليُقبل جبينِي، ولايهم ماهو وضعنا خلال ذلك، انحن
في حرب ام سِلم، انتقاتُل ام نبكي، الخصل التي تنسدِل
مُشرعة له عن محرابِ القُبل عليها ان لاتجاب بغير الطاعة، انه رجل مجنون تماماً بطريقة تروقني جداً.

"يالك من انتحاريّ مُتطلّب ياعُقدتي" نفثّ احرُفه
بتذمُّر، حطّ بكفُه على شعرِي ومرر ابهامهُ فوقَ
الخُصل على جبينِي، شعرتُ بيده الأخرى تتحرّك
على خصرِي، تتحسسه، وفي حين يحمل تعابيراً
بريئة بدَى
هذا مشهداً مألوفاً للغاية ، منعتُ تلك الابتسامَة من
الخرُوج على ثغرِيّ، تمتمتُ راغباً في إذلالِه
"لدينا هنا عاشق مشتاقُ لجسد احَدِهم".

ضحِك بِخفة محافظاً على تواصِل اعيُننا، التِي
بدت جزءً منفصلاً عنّا، اياً كان ماسنقولهُ هما
تقولان شيئاً مُختلفاً بالتأكيد ، شيئاً اكثَر عمقاً، اقلّ
مُراوغة، اشدّ صدقاً.

"لكن دعني اِخمن، لازالَ اَحدُهم ناقمًا على شيء
ما ويفرِض عقابهُ لِأجلِه ؟" رفعَ حاجبهُ متحدثاً باستنتاج، تَماماً حين امسكتُ بيدِي يدهُ التي على خصري، ارفعُها محدقاً بهِ بانتصار، ورُبما بالقليل
من السُخرية، نبستُ متلاعباً بنبرتي "لايُمكنُك
استغلال اللحظة ببساطَة رئيس".

كلَانا يُدرِك ان لا احدَ هنا في موقفٍ يُخوّله لمُعاقبة
الآخَر على ماحدَث في تلك الليلَة اسفل الجِسرِ المهجُورِ، لانهُ تَماماً قد عوقب كلينا هُناك.

كل مافي الأمرِ، أردنا انّ نعودّ لنُقطة تخصُنا، نقطة
لاتعبُرها احداثُ نِهاية العالمِ المأساوية التي تُلصقنا
معاً رفقة جزعِ لا حُب، كعاشقينِ لاهموم لهُما، يتشاجرانِ ويصنعانِ بعُذرِ الشوقّ حُجة صُلح.

سألنِي  "لنختصر ذلك، ماهي طلباتُك؟" نظرتُ
لهُ بِلمعَة غاوِية تُشع على بحريّتي الساكِنة، تضاءلَت
ابتسامتهُ ، وارتفع الخُبث في زُمردتيهِ، اجبتُ بعد بُرهة
"لن تُقيّدني" ردَ في لحظة "مرفوض".

"اللعنة هذا لاينجح اَبداً معي!! لم انت مهووس بالقيود!" تذمّرتُ صافعاً جبينِي، كخيبَة الخاسِر في
صفقة مُربِحة.

اِنقلب على ظهرهِ يرفعُني فوق معِدته، لم اكن منتبهاً
لكن البابَ فُتح خلالَ حركتهِ هذه، والتي سأدرك لاحِقاً
انه فعلها كي لا اُلاحظ دخُول روي وماركوس هُناك
إضافة لاستفاقة سامِ التي بقيَت صامتَة بتواطُؤ.

"انت واثق تُرِيد ان تسمع؟" كان فيضُ من الثقة
يغمُره، رفقة ابتسامَة كبيرَة مُلتوِية، اومأتُ بتبرُّم،
ولا اعرف لماذا واللعنة لم استنكِر انه توقفّ
عن الهمسِ وبات يرفع صوته.

"لاننّي اهوَى بحِق حين تبكي متوسلاً بعضَ
الإحتكا.." وهو لم يُكمل عرضهُ، بالطبعِ ليس
لانني قاطعتهِ بل لان ماركُوس صرخَ في الخلفِ
مُعطلاً كل وظائفي الحيوية لوهلَة "اللعنّة يُونقِي
هل تتوسلّ ليلمسك!!" لقد مرّت بي الكثير من اللحظاتِ
اردتُ فيها ان اصبح لاشيءَ، لكن هذه كانت أعظمها
وأكثرها حاجَة.

"تباً لقد عرفت هذا ! انا آسفة صَغيري كان عليَ
انقاذُك منذُ البدايَة من هذا الساديَ المُختل" كان وجهي
فارغاً تَماماً ، بلا اي لمحة من التعابير، لم اَكُن
محرجاً ولا غاضباً ، كنت احاوِل إدراك هذا الهُراء
في حين طبطبت سام على كتفِي.

روي وماركوس فالخلف كانا يتناقشان بشأن الحصول
على بعضِ الدروسِ من الرئيس، الرجُل الذي كان
خارِج التغطِية من فرط ماغاب في ضحِكه الهستيري.

اخذتُ نفساً عَميقاً ، وضعتُ عينايّ عليهِ، احتلّت
بحريتي نظرَة غامِقة كما لو كانت اعمق بؤرة في ثُقب
اسودِ، حدجتهُ بِها، امسَك ضحكتهُ متفهماً الموقِف،
لكن دموعه كانت تنهمِرُ كالنهرِ، كانت من اللحظات
التي لايمكنك إيقاف ضحكك بها، نبست "ايّاك!"
قصدتُ ان لايتوقف عن كبحها.

"تباً لك ايّها المختل المعتُوه الوغد!!" كان ذلك
ماصرّحت به حين اطلقَ ضحكتهُ من جديدِ، ولانني
كُنت هاماً بالوقوفِ عن معدته ورفسِه، منعني بعناقه
إياي بِشدّة ، دون ان يتوقف عن الضحك، ودون ان
اتوقفَ عن الشتم ومحاولة التملّص، سأركُله واللعنة
انا لا أمزح.

"اُشش اِهدأ انا اَسِف حَسناً؟" همسَ بصوتِ مرِح،
مبحوح قليلاً اِثر جولة ضحكِه الطويلة، لم اعلَم
كيف يتوقعُ ان يِقبل اعتذاره الباردُ في حين يقيّد يداي
خلف ظهرِي؟ لكني لم اعد اتفاجأ مُطلقاً ، ان طريقته
في التعبير مليئة بالرعونة وانا اتفهم هذا.

"لديكَ اقل من خمس ثوانِ لتخبرني عن عُذرِك
لانهُ والجحيم سيكُون سببي الوحيد لتحمّل استفسارات
ماركُوس وروي المعتوهة عن بعض التفاصِيل"
لم يكُن الأمرُ محرجًا بقدرِ ماجعلني ارَى معاناتي
المستقبلية وانا جالسُ في ذات الثانية، حتى يجد
هؤلاءِ القوم ماهو اكثر أهمية من الرئيس وحبيبه
المنحوس.

لكن إجابته..

"لقد رفعتَ يدي عن خصرِك، هذه طريقتي
بالغضب على ذلِك" همسَ ببطء، لا ارى تعابيرهُ
فقد قرّب فمهِ الى اُذنِي، لان مشاعِره الصادقة دائماً
يجب ان تأتِي كسرّ عَظِيم، لكنِي انصتّ الى نبرتِه، عمِيقة لحدّ تبدو بهِ كهمس رياحِ ترتفع من الهاوية،
بذات القدر من الظلامية، الحدة والسخطِ.

لَستُ واثقاً بشأن ردّ فعل قلبي على ذلك العُذر،
لرُبما ارتعشَ كسطح ماءِ عبره نسيم هواءَ،
اُو إلتاع كخشبة احرقها لهب!.

لقد كان ذلك رداً عادِلاً منه مقابل مافعلته ، لكني حين ادركتُ ان
شفتايّ امام عُنقِه بلا عوائق، نُقطة حساسيتهِ المُفضلة،
قررتُ انني سأقيم أيضاً عدالتي، ليس رداً على ما أسمعهم ايّاه، ساسمعهم أيضاً لكن رداً على ما اشعرنِي
به، تَماماً مثله.

قضمتُ عُنقِه، امتصصتُها ببعضِ العُنفِ والخشونة،
ولانني فاجأته فلم يجد الوقت والاستعدادَ لكبتِ تأوُّهه
المُستجيب لعلامتِي التي وسمتها هُناك، لا احد يكبح
صوتهُ حين تُمس منطقته التي تُثيره.

"اللعنَة هل كان هذا اخي؟؟!!" صُراخ سام
المصدوم لم يُسمع من قبل جدران غرفتنا فقط،
لقد سُمع حتى اخِر رجُل يعيش على الحدودِ.

خدّ ماركُوس كان منتفخًا بلقمة من إفطار سامِ
الذي سرقهُ دون ان يقدر على مضغه او الرمش
بجفنيهِ لمُدة، بالنسبة لروي لقدَ شرع في الدعاء
لاجلِ ان ارقد انا في سلام.

حَسناً..لقد بالغت بعض الشيء.

"هل سَأكون مُختلاً اذا قُلت ان صوت الرئيس
مثير والجحيم!" مالا يعرِفه روي انه مُختل بالفعل،
ومالايعرفه أيضاً انه لايساعدني اَطلاقاً بتلك المداخلة،
"قطعاً هذا صحيح!" ، بربكما انها جينات عائلتنا"
ولا اصدق اني شعرتُ بالغيرة على اتفاقهما مع ذلك!!،
انا اللعين الاهوج الذي اسمعهم نعيمهُ منذ البداية.

كُتمت انفاسِي في حلقي حين شعرت بهالة شيطان،
او ربما إله موت تصدُر من الرجُل الذي كنت اعتليهِ،
ابتسمتُ ببلاهة، أنزلت اعيُنِي المُرتبكة نحوه، بهدوء..
"مَرحباً حبيبي" نبستُ ، ادّعي الثبات بينما احدد
اين سيكُون افضل مكان اختبئ فيهِ حين اطلق ساقاي للريح.

"يُونقِي لديك اقل من خمس ثوانِ لتختفي عنيّ حين افتح
عينايَ بعدها ، لاتختبرني..انا لا أمزح اَبداً ". اغلق
جفنيهِ،
رفع كفيّه عن تقييدي، علقها في الهواءِ قابضًا اصابعهُ
بشدَة ابرزَت عروقه، ركضتُ الى الحمامِ، ولا اعرِفُ
اي بلاهة جعلتني اسرقُ فطيرة من فطور سامِ الذي
جلبته المشفَى اولاً.

لكنك حينَ توشك على الموتِ لا احد يهتمُ كيف تتصرف
لانه لا احد بالطبعِ سيلومك .

لابَأس ، لم يكم تناول الإفطار في الحمامِ أسوأ ماخضته! كان جَيداً اني اتنفسُ وأحافظ على ظهري وجسدي سليماً.

"الفتَى الذي يتوسّل في السريرِ، يُمكِنُك ان تخرج
لقد غادَر الدادي خاصتك!" لم انتظِر لثانية، فتحت
الباب قادفاً حذائي في وجه ماركُوس ، الذي تفاداهُ
مُنهاراً بالضحِك، لقد اصبحتُ العرض الأمتع للتنمر
اليُوم "فلتخرَس انا لا أناديه بذلك!" أمرتهُ قاذفاً
حذائي الآخَر ، وذلك النذل اخذ االحذائين ورماهما
من النّافِذة، انفجرا سام وروي بالضحك معه على
صدمتي.

"ايّها الزرافة النغل!! ستحضرهما حالاً!!" اِبتَسمَ
بسُخرية اَمامَ حدّتي، يردّ "والا مَاذَا ستتوسلني؟"
كان هذا إعلاناً لتعالَ واوسعني ضرباً فلنتشاجر،
سحبتُ ياقتهُ مشهرًا قبضتِي انوي رميها في منتصف
وجهه، حط كفه على وجهي يدفعني بعيداً بلا ان
يقدر لانني متعلّق بياقته.

لم يكن ذلك سينتهي، لولا ان روي امسكنِي
يبعدني عنه مُردفاً بينما يمسحُ على رأسي كجرو
"حَسناً حسناً سيحضرها، ولكن عليك بالمقابِل دفع
ثمن ذلِك وتُحل بسلام ولا احد يتأذّى".

تنهدتُ بِراحَة ادفع يده عن رأسي مُجيباً "كم المبلغ
الذي تُريدُه ؟"مهلاً اليس خطأه في البداية انه رماها؟
لم يحضى بمقابل!!.

تبادل نظرَة خبيثة مع ماركُوس ، بابتسامَة مكتومة
مثيرة بالكامل للريبة، لقد خمنت اي كلمة حمقاء
سيقول تالياً لكني اردتُ وضع بعضِ الأمل في
هذا الاصهب ، الذي خيبه تماماً حين احاطَ عنقي
صارخاً "تباً للمال اعطني بعض التفاصِيل
الساخنة بالطبعِ!!".

طبطبت على كتفِه مُبتسماً بتزييف، مددتُ يدي
الى سريرِ سام "سيدتي هلّ اعرتني وسادة؟"
انتظرت للحظاتِ حتى تصبح الوسادة في يدِي،
وابرحتهما ضرباً بِهَا، رغم انه حتى مع اعادة
ماركُوس لاحذيتي كانا مصريّن على سماع اي تفاصِيل
مفيدة ولامفيدة.

مضَت برهة من تبادِل الشتائم واللعناتِ، تطاير
الأحذية والوسائد في الغرفة، لحسن الحظ لم يمت
احدُ، وجلسنا في الخارِج كالعقلاء حين طردنا الطبيبُ
الى الممر ليفحص سامَ، لربما لم نكن عقلاء تماماً لقد
كنا كالأطفالّ الشياطين المُهددين بعقاب قاس.

طلبتُ من روي ان يعيرني سيجارة، والجبانُ
لم يوافق حتى تأكد ان الرئيس بعيد بمايكفي حتى
لايعودُ وهي لم تنتهِي، هو غادرَ ليهرب بعض الطعام
المُضرّ والرخيص، احد اهم تقاليده حين يدخل
شخص من  طاقمهُ الى المشفَى، مع مُضي الأيام
أتأكد اكثر ان لا احد عاقل وطبيعي في هذه المجموعة.

"اِذاً كم يُوجَد من حارِس في المنطقة التي تبعت
القناص الِيها؟" سألتُ ماركُوس ، نفثتُ الى الاعلّى
سخونَة الدُخان من جوفِي، انه حارق وخانِق، جيّد
لقدر لايوصَف، كأنه يُعلقني بين الجحيم والنعيم.

أرسلت الِيه في الأمس بعد مكالمتي لروِي ان لاياتي
قبل ان يجدَ سائق الاُجرة، وبما انه هنا، هذا يعني انه
وجد السائق والذي دلّه لحيثُ يختبئ ورقتي الرابحة.

"اوه ذلِك؟ لاتقلَق بالكادِ ثلاثة حول منزل صغير، اتدبرهم وحدِي بعد الظهيرة" حدّق في ساعتهِ
متمتماً بتفاخُر، رمقت ساعتهُ بلمحة سريعةَ مُردفاً بسخرية" اليست ساعتك معطلة؟ انها الظهيرة
بالفعلِ ثم انك ترتديها مقلوبة".

"اللعنة اجَل لقد غسلتها بالخطأ وهي ليست مضادة
للماء" ضرب جبينهُ بخسارة، هل تذكرّ لتوه انها
معطلة!! "لم تكُن تتعطلِ حين تغرق بالدمِ لا افهمُ
هذه الآلات المزاجية" كان تذمّره هذا سخيفاً بما
يَكفِي ليجعلنُي اضحكَ كمن تناول جرعة زائدة.

"من الجيّد سماعك تضحكُ" ربّت روِي على كتفِي،
مُتمتماً بوديّة واضحة في نبرتهِ وعينهِ التي لاتغطيها
رُقعة، "شُكراً للسيجارة" نبستُ راداً عليهِ بذات القدرِ
من الودّ، انا بالفِعل لا اعِي كم يمنحُني روِي شعوراً
وافِراً بالرّاحة بكل يُسر.

"اذاً سأغادر الآن، ان وصلّ الرئيس وانا لم اعُد
اخبروه ان يحتفِظ لي ببعض ارجل الدجاجِ ان لم
يردني منتحراً من الحُزن في الغدّ" تعلّق بنا
ماركُوس متحدثاً بِيأس، لقد بدَى تناولُ الأرجل
له قضية حياة او موتِ، فقط من اخبرهُ ان عليه الذهاب
الآن ان كان يريد البقاء! انه دراميّ جداً.

"كلّا فالتنتظِر عودتهُ، لايجبُ ان تذهبَ وَحيداً"
اخبرتهُ ورميتُ عودَ السيجارة المنتهية، لا
اعتقدُ ان احداً
منّا معفيّ من الخطرِ في ظِل كونه قريباً للرئيسِ.

كما انني املِك في جعبتي الكثير من الأسئلة لهُ،
مثلاً..مالذي جعله يعلم انني عالق في مصعد مع قنبلة؟
مالذي اعادهُ حين اُصيبت سام؟ كان يُفترض انه غادرَ
وابتعد منذ وقت ابكَر بكثير.

انني اتهربُ من هذه الفِكرة المجنونة لكني أجدها
اَمامِي في كُل منعطفِ انزوي منها اليهُ..هل ذلُك
الحقيرُ يُخبره بماسيفعلهُ قبل ان يحطم ويُؤذي؟.

ا هُو بحقِ يصيبهُ مرّة في قلبه ومرَة على واقِعه؟.
ولذا يأتي دائماً مُحملاً بجبل من الفجيعَة ، وكأنه
ادرك غيبَ الارضِ السابقِ ومستقبلها ثُم شَهد دمارها.

ان فعلها حقاً فهذا الرجُل عطشَ على اجلِه لقدرٍ
لايُصدق انه حقيقي.

"من يريد بعض الطعامُ الذي يُسممه غذائياً!"
كفُقاعة، انفجرَت افكاري التِي حُشرتُ في منتصفها
على صوتِ محوِرها، كنا قد عدنا للغرفة منذُ فترَة
لننتظِرَه، صفع الباب يُغلقه بقدمِه متقدماً بجبل صناديق
الطعامِ، حيثُ التمّ الجميعُ حولهُ صارخين "انا!" مثل
اطفالِ الروضة امام الحلوى.

"افخاذ الدجاج لي من يلمسها يتحمّل مايأتيه!!"
صرّخ ماركُوس محتضناً الصندوق كأنه طِفله
الأوّل، قذفته سام بالوسادة "اعِد الأفخاذ ايّها
الطفل الساذج والّا اقسم لن يمنعني شيء من قذفك
كماقذفت احذية يونقي!!" عقدّ الرئيس حاجبيهِ حين سمعها، خفّت ابتسامتهُ التي كانت ضحكة قبل لحظاتِ،
اعاد ماركُوس الصندوق بهدُوء..ابتلع ريقه بهدوء اشدّ.

"مالذي تقصدُه؟ لم قذفت أحذيته؟" سَأَلهُ بجديّة
بعد ان ابتلع لُقمته،
من فرطِ مابدّى متحولاً عن الثانية السابقة ظننتُ
انه يُمثِل، لكنه كان جاداً بواقعية مُهيبة، "كنا نمزح
ثُم انني اعدتها له!" تحدّث باندفاع وكأنه طالب
مُتمرّد يقابل والدّ الفتى الذي ضربهُ بالأمس .

همهمَ بعُمقٍ محدقاً بهِ بتركيزِ، كأنه يثقُبه "انت
لم تسأل عن تفاصِيل مابعد تقييده صحيح؟"
هكذا كان جُلّ الأمر! لم يُزعجه ان حذائي قُذِف، بل
انه كان أيضاً متأكداً انهُم سيفيضونَ فضولاً، وهذه
طريقته في قولِ؛ لا واللعنة لكل الاسئِلة التي تخصُّنا.

"من انا؟ هل تمزح بالتأكيد وقطعاً ومطلقًا لم افتح
فمِي" في هذه اللحظة كان الجميع متفقًا بصمت على
انه كاذبُ، لكن لا احدَ ارادَ اخراج الحقيقة الى النورِ
لانّ شجارَ هذين اسهلَ بكثير من اِشعالِ الغازِ بالنارِ.

فاحَت الغُرفة برائحة الطعامِ الساخِن، كُل الصناديق
فُتِحت واختلطت أصواتهم ُمضيّعة معنى مايقولون
عن ذهنِي الذِي لم يكن فعلاً مشغولاً بكلماتهِم، كُنت
مملُؤاً بالقلقِ، وبالخوفِ والغضَب، لقدرٍ يكفِي كيَ
لاتجوع معدتِي! من الممكن ان تُشبع المشاعر المرءُ،
هذا ليسَ حديثاً هاوياً، انني احسه الآن.

كنتُ جالساً على الارِيكة في الخلفِ في حين تحاشروا
هم على السريرِ لان سام لاتستطيعُ النهوضَ بعدَ،
لَم اِحرك عينيّ عنهُ، ولذا كنتُ قادراً بسهولَة على
استشفافِ انهُ يُكافح ضد ذاتهِ كيّ لايلتفِت نحوِي،
قبل قليلَ، بدل ان يسأل ماركوس عن حذائي كان
عادة ليسألني ، لكنه لم ينظر حتى لي.

لماذا يفعلُ هذا؟ لِمَ يؤكد لي اني اُفكر بالطريقة
الصحيحة؟ لقد وصلَ ذلك السياسِي له بشكل
ما وانا شِبه متأكد من هذا، فمالذي يجعلهُ يُخفي
الأمر عني..؟.

تباً لهُ الا يعِي كم يشعرني انعزالهُ بالثقلِ بالسوءِ؟.

"بالمناسبة سأذهبُ بَعدَ هذا الغداءِ الى الصيّد،
ذلك الفاصولياء جعلني اعثر على ضربة مبرحة
للشقيّ الصغير الذي نسيت اسمهُ" اِنتبهت الى
ماقالهُ ماركوسُ بمرَح، لان تلك كانت اللحظة التي
قرر فيها الرئيسُ الالتفات سَريعاً اليّ، الى عينايّ.

فغُمِر الكون بشيءٍ من الصمتِ والضبابية.

حتَى فمُه، تعثرت لوهلة كلماتهُ فصمَت لثوانٍ ،
رغم انه بدى مستعداً لقذفي بسيلٍ من الاعتراضاتِ،
لكني في المقابِل اصبته بفيضِ من البَكم امام كلمة
واحدة حملتها نظرتِي قبل تعابيرِي الهامِدة؛ لِماذا؟.

اَلقى من يدِه ماكان يشغلُها، نهضَ اليّ يُمسكني،
لم يكُن في حاجة للإذنِ مني حتَى ياخذني لحيثُ
ارادَ، تبعتهُ في حينِ صرّح بِصرامَة رافعاً
سبابتهُ في وجوههم المُصمتة "لايتبعنا احدُ ولا
تبرحوا هذه الغُرفة مالم اعُد" مشى، وضربّ
الباب خلفنا..

لقَد فهِم كُل شيء من نظرة واحدة.

سأعترف بِسِرّ اقتُله حين اُعلِنه، اِن الكونَ
حين يُمسك كفه كفّي يبدُو لي جميلاً، هذا الكون
عديم الألوان وكرِيه المعشرِ اصغُر من سُلطة كفّه.

توقفَ في السطحِ، امامَ المدِينة الظالِمة دون ان
يُفلت يدي، اخذ نفساً عميقاً، تشكلّت سحابَة من الهواءُ المُثلج حين ارتطم بزفِيره الحار.

"سَأكون واضِحاً ، لا تعبث مع ذلك الرجُل!" كان
في جعبتهُ المزيد من الكلماتِ ، اقاطعها حين يصدُر
مِن جوفِي سلسلة من القهقهة الساخِرة، "واضحاً؟
انت ستكون واضِحاً؟".

التفتُ اليهِ، اعرتُ المدينة العظيمة ظهرِي، بعثر
الهواء شعري الأسودَ، شددتُ في تمسُّكي بيدِه، مجدداً؛
قيّدته، خاطبتهُ بِغضَب مُتبرِّم..

"ماهِي خُطّتك؟ لاتُخبرني دعني اُخمِن، لن ترسل
ماركُوس الى ذلك القناصِ بل ستذهبُ انتَ، وان
صنعت منه مصيدَة لآنخل، لن تهتم ان جاءَ
بجيشٍ كامل، ستذهب وَحيداً ، وكيف ستعود؟
مليئاً بالثقوب؟ موشِك على الوفاة؟ هل تُخطط
للعودة منذ الأساس!!" .

نفثتُ انفاسُي مُهتزّة مُحترِقة،
سقطت على خدّي عدة دمعات مُتتاليَة ، شعرت انهَا
منسوجة من قلبي لاعينِي، انها مملوءَة بنشِيجِه المتوسِل للصراخ بالمزيدِ، رفعتُ عيني عنهُ الى السماءِ،
لا اودّ البُكاء لمُجرد فِكرة! لكن شهقات هذا البُكاء
لم تكُن كغيرها، كانت ترتفع من اعماقِي، كضربة
سوطِ تضربُ حنجُرتي، تُجبر فمِي على اخراجها كي
لاتخنقُني.

اعدتُ نظري الِيه، لَم يكن يبتسِم، لايسخرُ ولايُكنر
بشاعة ماقُلته، بل بكُل صمتِ، وواقعية شنيعَة رمقني،
يُصرّح بوضوح "تَماماً ، هذا ماسأفعله، هل تخبرني
الآن بِمَ تفيدك المعرِفة؟".

"ليلعَنك الرَّب ايّها الكاذِب الحقير" سحبتُ يدِي
من امساكِه، رفعتها ناوياً ان اصفعهُ بكُل مالديّ،
على جُرأتهِ في خيانة وعودِه بكُل بساطَة، اينَ
خاتم الزواج في ذهابِه؟ اينَ وشمِي الذي سيصنعهُ
والسباحة التي سيلعمنيهَا في عدم عودتهِ؟ اينَ
جُرعة السعادة التي ستقتُلني ان لم يحمِلها لي؟.

اوقفت كفّهُ صفعتِي قبل ان تصِل وجنتهُ، التي لم
اُرد ان اصفعها يَوماً ، اريد ان اقبّله منها في الصباحِ،
ان اُمرر بنعومة لمستِي عليها في المساءِ، فلِمَ يجعلُني
اللعينُ اريدُ صفعها؟.

جذبنِي اليهِ وافلَت يدِي في مقابِل ان يُحيطني كُليّ،
حطّ بشفتيهِ علَى ثغرِيّ، ضربتُ ظهرهّ وذراعِيه،
حاولتُ ان ادفعهُ بكُل شراسَة، في حين تخبّط داخلي
متوسلاً اليّ ان لا اُبعده، ان احاصره اكثر، ان ابادله
قُبلتهُ، لانني اكثرُ من يرّى انهُ مُتعبُ لقدرِ يصعبُ
فيه عليه حتى الكلامُ.

سقطَ المزِيد من الدموعِ، التهبَت محاجرُ عينيِ وكأنها
قِطعَة من جمرِ، كان خديّ بارداً جِداً فاشعرتني
دموعي عليه انهُ يحترِق، رويداً اِنفرجَت شفتايَ
لتُبادِله، وتوقفت يدايّ عن خبطِه، يانصفِي الصرِيع
لهُ..لقد انتصرتَ! هأنا اُعانقهُ بِقوَة متوسُلاً بلا احرُف،
اسعِيد؟.

اِنتهت القُبلة بعد بُرهة، لكنه لم ينتهِ مني،
احاطت يديه وجهِي وانكَب
عليَ بلا توقَف، قبّل وجنتايّ، وجبينِي، عينايّ وانفِي،
بدى غير قادرٍ علَى الشّبع، على تصديقِ انهُ اتخّذ
سبيلاً الى فِكرَة ان لايراهم ولايُقبلهم من جديدِ.

شددت يداي على معطفِه، لَم يجِف دمعي لكنهُ
توقّف، خاطبتهُ بِصرامَة، وكُل كلماتي تلمعُ في بحريتي
قبل نُطقها "لاتذهَب، سنفعلها بشكلٍ اخر، انه مِثل
فابيو، مثلَ الجَمِيع ، هو من سيخسَر!" كرِهت كثيراً
هذه اللحظاتِ، حين انطُق مالا اُصدِقه، تبدو احرُفي
فارِغة وباهِته، احاولُ التمسّك بالأمل لكنه يذُوب حين
المسُه.

فابيُو كان يخافُ كَثيراً ان يمُوت او يتألم ، لكن
هذا الرجُل ليس مُهتماً ، انه اكثر جُرأة، افتَك قوّة،
اشدّ إصرارًا ، ان نتلاشَى حاجةُ له اكثر من كونها مجرّد رغبة، كلّا! هو يودُ الاستمتاع في محوِنا،
لايبحثُ عنه سريعاً اَبداً ، ايّ خسارَة اُهدده
بها بلا مُقابِل؟.

"يُونقِي.." حاولَ ان يُوقِف اعتراضِي على الواقِع،
لكني منعتهُ، وضعت سبابتي امام ثغرهِ "لن تذهَب!
انتهى الحديثُ!!" اِستعرتُ لُغته الآمِرة، التي تقتحم
كل الكلماتُ وتقتُلها، تُنهي طريقها الِى النورِ، فكلمات
تُصر على الذهابِ لا تستحِق ان تُسمع.

"اذاً سأبقَى، استكون سعيداً ان كذبتُ بهذا؟" نطَق،
تكادُ كل خليّة في عقلي تصابُ بالجنُون، لِم هو
مُنصاع لهذا الحدّ اِلى مايُريده ذلك الوغدُ؟.
بُم يُهدده؟ أ بِنا..؟

آه نعَم..انه بالتأكيد يُكبِله فينا.

دفعتُ صدرهُ بقوّة بعيداً عني، اخذت خطواتِي
الى الوراءٍ، حتى لفحني هواءُ الحافّة المُقشعِر،
انحناءة بسيطة للخلفِ وأهوي الى الارضِ.

"ان ذهبت اُقسم انني اقفِز" هددتُ بِصوت بارِد،
كنت جاداً الى قدر لايحتمِل المُزاح معهُ، حاداً
في نظراتِي قبل نبرتِي، في تصرفي قبل كلماتي!.

اقتربَ مني خطوتِين، بدت تعابيره غايَة في
الجمودِ، واعينه تقدحُ شررًا غاضباً..وخائفاً
"لَن تفعَل" ضحِكتُ بانفاس مسلوبَة على ماقالهُ،
وكأنه يعيدُ ماقلته قبل قليلِ، رفعت ذراعاي كطائر
ثم تحدثتُ "انا صاحب سوابِق! صدقني لايرف
لي جفن وانا اقفِز، اتظن انك تترك جثتك فقط
لو غادرت دون ان اعرف نيّتك؟ كلّا! الآن اخترّ
كم جثة تريد ان تترك وراءَك؟".

لستُ قاسياً هوسُوك، ثِق بي لست كذلك اَبداً ،
حتى وانا اِصيبك من حيثُ يصيبك عدوّك، لستُ
بتلك القسوَة، لانني على عكسِه، اتوسُلك ان تأتِي
لا ان تذهَب، أنزلني من هنا وتمسك بي،
لاتدعني لنفسِي! انا خطير بمايكفي كيّ يُمنع ان
اُترك لنفسي بكُل هذا السخطِ في صدري على الحياة.

"اتريدُ رميَ نفسِك اَمامِي بحقّ؟" رُغم جهوريّة
صوتهِ وخشونته، فقد كان سؤاله متشرباً بالمرارَة
حتى اقصاهُ، كلّا..بربِك من يريدُ ان يموت بكامل
رغبَته؟ واِن رميتُ جسدي الآن ايّاك ان تشُك لثانية
بأنني كنت مجبراً وان هذه لم تكن رغبتي!.

اِقترب مني اكثرَ، حبستُ انفاسِي
في صدرِيّ كي لَا يرتجِف صوتِي، الذي
رغم محاولتيِ صدرَ خافتاً متوسِلاً بكلمة واحدة
"اِبقى".

لم ينتظِر ردّه ايّ ثانِية، خرَجت حروفه وكأنها
صنعت نفسها "لاتقفِز".. ابتلعتُ رِيقِي، احكمتُ
شِدّتي على قتل بكائِي، "اِبقى" كررتُها مُلاحقاً
بهدوءِ خطواته تقتربُ منِّي، كنت اشعُر ان قلبه
توقف عن النبضِ او انه افرط فيهِ حتى بات مختنقاً
منهُ.

مدّ يده الِي، صامتُ لايمنحني اي اجابَة ، مشيتُ
للجانبِ خطوَة ابتعد عنه فلم يكن يفصلني عن السقوطِ
الا خطوة للخلفِ، "أجبني!!" صرختُ بِه، فردّ غاضِباً
وهلعًا بصوت اعلَى
"سأبقَى لن اذهبَ لأي مكانٍ ايها المُختل!!".

اُنتثرت ابتسامة لم اخطط لها على ثغرِي، اُحاول
استدراك كمَ شعورِ الطُمأنينة الذي غمرنِي بذلك الاعترافِ، "حقاً؟"بكُل جنون يليق بمانعتني بهِ، كنت
مسرفاً في احساسِ السلامِ بينما يفصلُني عن الموت
خطوة واحدة.

جرّ هو ساعدِي لأقعَ عليهِ، بعيداً عن الحافّة،
متمسكاً بِي! لم يتحدث لبُرهة، لم يعاتب ولم يصرُخ
بغضَب، ضمّني اليهِ بِشدّة ، شدته التي اُحبها كَثيراً ،
يُشعرني انه وان افلتني فلن ينتهي هذا العناقُ.

انجحتُ في ثنيِك عن عُزلتك؟ هل اقتحمتها جيداً؟
كنت اجد احابتي في شتائمه الحادة التي همسها
الى اُذنِي، وكان عظيماً انهُ يعانقني فلا يرَى ضحكتي
الفائضة بالسرورِ.

"لن اذهبَ الى القناصِ وحدي لذا فلتكن سعيداً
كسَبت هذه المرة ايها الانتحاريّ النذلُ الذي سأقتُله قَريباً!" كلانا يدرك يقيناً انه لن يقتُلني لاقريباً
ولا بعيداً، فهذا ماهمستهُ هذه اللحظة لنا، وكَم
هو الحاضِر محتال، لا نُصدق انه ينجلِي، يبدو
شعور الآن هو شعور كُل ماهو قادِم.

هززتُ رأسي بأكثر تعبير سعيد قد اتمكن من صنعه
يوماً، شعرت ان السعادة استعارت وجهي وشكلّت
وجهها هِي عليّ، "لن تصعد الى السطوح مُجدداً
مفهوم؟!" كنت متوسطاً قدميهِ، اومأت مُتمتماً
"مفهوم".

استطيعُ ان اكونَ وديعا جداً حين تمنحُني اماني.

-

بقيَ روِي بِرفقة سام وأكاسيا، استعرنا منه
ماركوس لمعرِفته بالطريقِ الى مخبأ القنّاص،
كان يملأ السيارة بالضحِك حين اخبرته ماكنا نفعله
في الاعلّى "ايّها اللعين ذهبت لتنتحِر ونحن في
الاسفلِ تراهنا كم جولة ستخوضان!!".

انفجرتُ معه ضاحكاً بلا قيُود، لاتُصدق ذلِك أولست؟
حتى انا لا اصدق مدى جنون صفحات حياتِي!،
توقفت عن النحيب عليهَا ، انها من فرط البؤس اصبحت
طُرفة تضحكني.

"هذا ليس مهماً! هو لن يذهبَ وماعدى ذلك فهُو
إضافات بلا معنّى" تمددتُ على المقاعد الخلفية
التي كانت فارغة لي وحدي، بِحالمية شديدة، كما
لو كنت اتمدد على سحابَة.

لم يتحدث الرئيس اَبداً ، هل اغضبته كثيراً؟ ربما
ساعتذر بعد ان نحضر القناصّ! لكن كونه غاضباً
او لا لم يمنعني حقاً من تكرارِ كم انا مسرورُ من
الفوز عليه به.

سمعت صوتَ تلقيم المُسدس، ملأهُ ثم القى به عليّ
آمراً بجلافَة "انهَض من أحلامك انا لا اصطحبك
الى الملاهِي!" لاعبتُ المُسدس بين كفايَ كما لُو
كَانَ دُميتي المُفضلَة، واِنه بحضورِه الاستثنائيّ دوماً
يصبح حقاً كذلك، شيئاً مفضلاً لي، قريباً من قلبي.

"امرُك رئيس!" استقمت من استلقائِي، اتضحَ
امامِي طريقُ وعِر غيرُ مرصوف، يُبرر لِم
كانت السيارَة تهتزُ منذُ فترة، بانَت معالِم المخبَأ
المُنعزِلة عن العالمِ، بدى مكاناً مهجوراً حتى من الحيواناتِ، مكاناً لن تجدهُ فيه حتى الأشباح!.

سياجُ حديدي مرتفع التهمته النباتاتُ والصدأ،
يحُف ارضاً مُترِبة مليئة بالصخور الصغيرَة
والنباتاتِ المُتمرِدة ، كان هناك اخشابُ ملقيّة
بإهمال جوارَ فأسِ ، وبابُ المنزِل مفتُوح بِخفة،
هذا ماستطعتُ رؤيته من وراء الجدرانُ الطويلة
للسياجِ عديم البوابة.

"انت واثق انهم ثلاثة فقط يحرسونه؟" اراد
الرئيس ان يؤكد المعلومَة، في انتظار اجابة
ماركُوس بينما يمسك سلاحهُ مستعداً للخرُوج،
كان الآخَر يملأ مخزونه مُجيباً بمُتعة "اجل
ثلاثة! في الأمس ثقبت سياراتهم وافرغتُ الوقود،
لذا لم يغادروا حتماً" هذا الرجل دوماً يشعرني انه
كان الطفلَ مُفتعل المقالِب في عائلته.

ترجلّنا من السيارَة، اقتربت خطواتنا الى
السياجِ، خرج رجُل من الداخِل يمسُك بسيجارتهِ،
يقابله الخبرُ غيرُ السارّ بأن صوت الرصاصة الذي
سمعهُ يعودُ لذات الرصاصة التي استقرّت في
منتصف راْسه، مهاراتُ التصويب لدَى الرئيس
لاتخِيب! حين رأيتُ جثته، هذا كل مافكّرت بهِ.

وقفنا اَمامَ المدخلِ المفتوحِ، سمع اهلُ الداخُل تلك
الطلقة لذا اجتمعوا على عجلَة الي مصدرها تَماماً
حيث نقِف، لم تكن في ايديهم مجرد مسدسات عادية، هناك من يحمِل رشاشاتِ.. عُذراً؟ لِم هم مستعدون
لنا الى هذا القدر!!.

بثانية فقط قبل ان تنهالَ
طلقاتهم الينَا ارتميتُ انا والرئيس الى جانب
وارتمى ماركُوس الى اخر، نحتمي بالسياج.

"ساقتُلك ايّها السافِل هل يبدو هذا الجيش كثلاثة
لك!!" صرَخ بهِ موجهاً اليه سلاحهُ، لعنَ ماركُوس
بصوت واضحِ مجيباً "انت من درسني الرياضيات
هذا اولاً ولم يكونوا الا ثلاثة فالإمس هذا ثانياً!!".

اوه لننظر الى المعجزة! انه يعرف ان ثانياً تأتِي
بعد اولاً!.

"لافائدة من الجدال الآن! انظرُوا الى الجانب
الجيّد سوف نمُوت مَعاً على الاقَل" كنت اظُن انه
من الخاطئ ان تذهب الى الحرب وانت سعيدُ المزاج لكني تأكدت الآن ان هذا اكبر خطأ قد ترتكبه في الدُنيا.

"اخرِس هذا الانتحاريّ انا اتوسلُ اليك لا احدَ
حالياً في حاجَة لتفاؤُلِه المعتوه!" تحدّث ماركُوس
ساخطاً ، بدوره اشارَ بسلاحه اليّ وقد شعرت حقاً
انه يريد ان يُطلِق.

لم يكرهان الحصول على بعض التشجيعَ؟ يالها
من روحٍ كئيبة يملكانها.

كنا نتبادلُ الإطلاق بذاتِ الحالِ، كلا الطرفين
يحتمي بالسيّاج الصدِئ، ان هذا بلا معنَى!
لن ينتهي الإطلاق اَبداً ، بمجرد ان ينفذ الرصاص
سنهلَك.

"سأصنع فرصة لكُما، بمجرد ان يتوقفُوا أدخلا!"
اخبرتهما رافعاً صوتِي لِيعادِل سُلطة صخب
الرصاصِ ، وقبل ان اقِف، امسَك الرئيسُ
بذراعِي مُردفاً بحدة
"اجهل ماستفعله لكن كن حذِراً ولاتغضبني!".

"لن اعِدك!" اجبته مُبتسماً بِلعوبَة، أتأكد للمرَة
الثانية حين ارى نظرتهُ الشرسة انه بحق الجحيمِ
لايجبُ ان تحضُر للمعارك بمزاج سعيد.

اسرعتُ الى الجانب المعاكِس للبوابة، حيثُ
شجرة عملاقة نمَت مُلتصقة بالجدارِ، تفوقه
طولاً وثبات، تعلّقت بها اتسلّقها بأسرع مايمكنني،
جلست اعلى أغصانها ، الأوراق تغطيني، وكما توقعت
يُمكنُنِي ان ارَى بوضوح كل شيءِ.

بما في ذلك الرجُل المختبئ داخِل المنزِل الصغيرِ،
يُجهز قناصتهُ بُجزع ليشارك في محاولة قتلنا،
مهلاً ياصغيري! انه ليس مشهدَك بعد الآن.

قفزتُ الى الداخل، معتمداً على ذاتِ الشجرة المتمردة،
لقدّ شقّت طريقها من اسفلِ الجدارِ لتحاصره من الجهتين، كنت في الخلفِ وكان الجميع في الامامِ
مشغولين بمحاولة منعنا من الدخُول.

لقد استعديتوا جيداً، من كل جهة وجانِب، الّا ان
لهذه الشجرة رأياً اخر! وحدها افسدَت استعدادكم
المُبهر.

لم يكن ثمة بابَين للمنزِل، لذا فتحتُ النافذة بهدوءِ،
مع العِلم وان فتحتها كالارعن لم يكن القناص
ليسمعنِي في ظِل انفجارات الأسلحة المُدوّية،
اقتربتُ منه، سمعته يُتمتم "اللعنة عليه اللعنّة
عليه، لقد اخبرته اني لا اريد التورط مع المافيا!!".
اعتقد انه يقصدُ آنخل بلعناته.

رفعتُ قدمي، ركلتهُ بعُنف في تجويف رُكبتهِ،
سقط على الطاوِلة التي تحمل قطع قناصتهُ، فانتثرت
جميعُها على الارضِ قبل ان يملك فرصة تركيبها
لتصبح سلاحه الفتّاك.

عصرت عنقه بذراعِي، لازلت واقفاً خلفهُ،
وضعتُ فُوهة سلاحي قُرب جفنيه "بل عليك حقاً
ان لاتتورط مرّة معّ أعداء المافيا ، ومئة مرّة
مع أحبائهم " نفثتُ احرُفي قُرب اُذنيهُ بابتسامَة
خبيثة كوسوسة شيطانِ، استشعرتُ قشعريرة جسدِه..

"ساثقُب لك عينيك الجميلة هذه، فلَم يكن عليك أيضاً
أستخدامها في توجِيه الموتِ الى اُم لرضيعة ياوضيع".

جررتهُ معِي الى الخارج، ركلت الباب بقوَة مما
جعلَ بعضهم ينتبه اليّ ، فرفعوا مُباشرة اسلحتهم
في وجهي
"اووب ويحك يارجُل! ان هذا خطير لاتلوّح به
اَمامِي ، كن رجلاً صالحاً وارمهِ كي لا اؤذي
صديقك هيّا !"

رويداً ، توقفَ جميعهُم عن الإطلاق ، كان انتباههم مجتذباً اليّ، هذا غريب! لقد ظننتُ ان آنخِل لايحتاجُ
لهذا القناصِ، لربما يحميه كما يبدو ظاهراً بحشده
لكل هذه الحراسة حوله لكنه باطناً
حشدهم لانه تأكد اننا سنلحقُ بهِ فيكون مصيدتنا،
هذا ما اعتقدته،
اتيت واخذته رهينة بنسبة خمسين بالمئة انني سأفشل.

همستُ بصوت لايسمعه الّا هُو "انظُر الى هذه
المفاجأة لم يتقلُوك ويقتلوني، ا انت بأي صُدفة
مهم لهُ؟" وفي داخلي ، لم يكن قلبي يضخ
الادرينالين مسبقاً بهذا القدرِ من الحماسَة،
كل خلية في دمي كانت تصرُخ بالشَر، بسعادَة
شيطانية تفوق الجحيم عظمَة وحجماً!.

القى كل الرجالِ بأسلحتهم.."دعهُ وشأنه" قال
اَحدُهم بُرهبة، لا عليه بل كما يبدو مما سيتلقى
ان لم اُنفذ.

ضحكتُ بصوتِ غرق في المُتعَة حتى اعمقِ
اعماقِها، ايفهم احد هذا؟ ان الأمرَ اشبه بكونِ
انهارِ اللذّة تتفجر من تحت جلدِي، لا مفاجأة اشدّ
سروراً ستحل يوماً عليّ.

"ارجُوك..اخبرني انك مهم له، وانك وقعت في
يدي؟" همست،انتشرت حُمرة من النشوَة على وجهِي،
وكأنني تناولتُ فاكهة الجنة المحرمة، بدت الفِكرة
لذيذة لقدر سيطيبُ لعقلي ان يسكُر بسببها!.

طال صمتهُ، ارتفع توتر الحُرّاس، لم يعد لي شكّ.
ايُّ كنز هذا الذي وقعت عليهِ!.

لاشيءَ في الدُنيا يوازِي بلذته ان تلمسَ وترَ الحَيَاة لعدوّك، انا اتفهمك آنخِل، اتفهُمّ الآن تَماماً لِم كنت
مسروراً بتعذيبنا!.

الآن أُذيقك..احشُر في سريرك الهلعَ والأرقَ، في
فمِك المرارَة وفي عينيك النحِيب، ساُقطع روحَك
اِرباً، ثُم ساحرق جسدّك بتروٍ شديدٍ مليءِ بالسوءِ.






















مرااحب ان تصل متأخراً خير من ان لاتصل ابداً.

كييفف الباارت؟ شخصياً هذا بارتي المفضل مره مره
مره

اسبوع آنخِل اللي اعطاه لهوسوك قرب يخلص مابقى
فيه الا يومين هل هو صادق مارح يروح له؟ +ان يوني
مايدري عن هالاسبوع شيء بالتالي مايشمله وعده.

صدمة يوني بالقناص؟ ايش تتوقعون يعني لآنخل؟.

بما ان الأحداث الي احبها وصلت ومره ولعنا ان شاءالله
ما بتأخر بالجاي، فوت وكومنت؟ سي يو💙😔.

Continue Reading

You'll Also Like

65.5K 2.3K 3
لم يأخذ الأمُر من تشانيول كثيرًا ليقع بحب الغريب ذو العينين الزُمرديتين 🌱🌈 D مُكتمل💗✨
110K 4.3K 28
جين يهتم وينقذ الجميع! ولكن من سينقذ جين؟ الحياة لم تكن من المفترض أن تكون هكذا! جين يعيش في عالم يحترم الناس انطلاقا من رتبتهم (ألفا- بيتا- أوميغا)،...
46.1K 3.7K 27
بارك جيمين عاش طيلة حياته في ظلِ أخيه التوأم. بينما يقومُ هيونمين بإبهار الجميع بمهاراته الرياضية بكونه الظهير الرباعي، جيمين يقضي ظهيرته بالعمل في...
1.3M 92K 36
قتلوا الفتى البريء ودفنوا جثته حيًا في أرض البلدة، حرموه من الدفء بين أذرعتهم وألقوه في النيران والحُجة كانت وصول الدفء لجسده، الآن عاد الفتى ينتقم و...