دوام الحال.....من المحال
==================
هناك سنن كونية أوجدها الله عز وجل ..ومنها سنة التغيير والتبديل وانه ليس هناك
ثبات دائم بل لابد من التحديث والتغيير المتواصل عبر العصور والأزمان ...فبعد الليل
يأتي الصباح ..وجعل هناك فصول تتغير فيها الاجواء في هذه الأرض وهكذا في جميع
شؤون الحياة ...فكم من اناس كانوا ملوكا ويملكون قصورا وأموالا، ولكن أراد الله ان
تتغير أحوالهم وتتبدل من الغنى الى الفقر بسبب كفرهم بنعم الله عز وجل فأذاقهم الله
لباس الفقر والجوع والخزي ليكونوا عبرة لغيرهم وقد يكون هذا التغيير للابتلاء
..ومنهم من أهلكهم الله مثل فرعون وقارون الذين جعلهم الله عبرة وايه ..
وجعل الغنى والفقر ابتلاء يقول تبارك وتعالى ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا
آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ
الْكَاذِبِينَ (3) فهذه الدنيا جعلها الله تبارك وتعالى للابتلاء والامتحان
فلا يدوم الفرح والسرور والسعادة للابد ...وكذلك الحزن والهم والفقر ايضا
لا يدوم للابد بل هناك مزيج من الاثنين معا أحيانا تجد أنك تعيش سعادة تامة
وقد سخر لك الله كل سبلها ومتطلباتها ولكن لا تلبث أن تزول او يتغير الحال الى حال
آخر فما سبب هذا التغير ؟؟ ولماذا لا تدوم السعادة ويشعر الانسان بالاطمئنان
والاستقرار الدائم ؟؟ السبب أنك في دار امتحان وابتلاء وكل ما يصيبك من مرض
أو فقر أو هم أو حزن هو ابتلاء واختبار من رب العالمين لمدى إيمانك ورضاك بقضائه وقدره
لذلك حال المؤمن الى خير فهو إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ...
وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له أيضا فالإنسان المؤمن بالله عز وجل نفسه
مستقرة وراضيه في جميع الأحوال لأنه يعلم أن هذه الدنيا لا تدوم لأحد وكل شيء فيها
إلى زوال وأن الانسان يعيش فيها مكابد لأنواع كثيرة من الابتلاءات
يقول تبارك وتعالى (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (4)
ويقول تبارك وتعالى ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال
والأنفس والثمرات وبشر الصابرين ) سورة البقرة:155..وجعل الله الناس مختلفون
ومتفاوتون في كل شيء منهم الغني ومنهم الفقير ..ومنهم القوي ومنهم الضعيف ..
ومنهم الظالم ومنهم المظلوم قال تعالى) وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ
لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ ۗ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ
وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا (20)سورة الفرقان
لذا فالإنسان في هذه الحياة في اختبارات وفتن متتالية يمتحن الله بها مدى صدقه
واخلاصه وتعلقه بالله عز وجل ومدى رضاؤه بقضاء الله وقدره خيره وشره ومدى
تسليمه لله وصدق توكله عليه عز وجل قال تعالى ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ
وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ۚ وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا (58) لذا فلتعلم ايها المسلم كيف تحاسب
نفسك وكيف تصبر على قضاء الله وقدره في جميع الاحوال وتعلم علم اليقين
أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك فتكثر التعلق والثقة بالله
وأنه لا يريد بك إلا الخير فما يصيب الانسان المؤمن من بلاء أو مصيبة يكفر الله
بها من خطاياه إذا حمد الله واسترجع بقوله (انا لله وإنا إليه راجعون) عندما تصيبه
مصيبة.. قال تعالى (الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)
أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ )(157)
وفي الحديث عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ،قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ ، وَلا نَصَبٍ ، وَلا سَقَمٍ وَلا حَزَنٍ وَلا أَذًى حَتَّى
الْهَمُّ يُهِمُّهُ إِلا اللَّهُ يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ " .فأبشر بما عند الله وتذكر بأن الآخرة خير
وأبقى فتقبل كل مصائب الحياة بقلب مخبت راضي بقضاء الله وقدره وفي الحديث
القدسي( إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ
قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ فيقولُ
اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ) صحيح الترمذي ..لذلك سيكون
الجزاء عظيما في الآخرة فقال تعالى: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ} [النحل 96] وقال تعالى أيضا (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَد ۖ لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ۖ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا
ظَلِيلًا (57) فالسعادة الابدية هناك في الجنة فاعلم انك تارك هذه الدنيا
فاجعلها طريق وسبيل للتزود بالطاعات التي تبلغنا رضا الله عنا ودخول جنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين الصابرين في البأساء والضراء .
فاللهم أعنا على دوام ذكرك وشكرك وحسن عبادتك
واجعلنا من عبادك المتقين ....اللهم آمين