Hologram

De Jxnhil

42.9K 2.9K 4.5K

الحُب في النهاية مجرد كذبة لِشخص واحد فقط. Mai multe

Foreword
2. II
3. III
4. IV
5. V
6. VI
7. VII
8. VIII
9. IX
10. X
11. XI
12. XII
13. XIII
14. XIV
15. XV
16. XVI
17. XVII
18. XVIII
19. XIX
20. XX
21. XXI
22. XXII
23. XXIII
24. XXIV
25. XXV

1. I

2.3K 153 105
De Jxnhil

تقديرُ ذاتٍ مُنخفِض!

وقفتُ في أوجِ السماء مشرق و بشوش الوجه , رهيف القلب مزهوراً
لِحُبٍ في داخلي يتكون و يكبر فقط مع شخص مألوف .

أراه في طيفي , حلمي و حتى ظلمة عيني عندما أُغمِضُها..
إنهُ لا يُفارِقُني, لا يُفارِقُ عقلي أبدًا فهو كُل ما أُفكر فيه .

المشاعِرُ تغمُرني دائمًا, و أشعُر أنني ألمسُ السماء حينَ أراهُ يبتسم . فالحياةُ كُلها تكمُن بين شفتيه .

إنهُ قريبٌ جدًا مِني, و بعيدٌ عني في الوقتِ ذاته..
لو مددتُ يدي للمستُه, لكِن هُنالك حاجِزٌ منيع و مُبهم لا نستطيعُ كسره أبدًا...

فتلك الحواجز ليست سوى إضطرابات باطني و خوالجي التي تسير و تهتاج لمجرد إلتقاطه بين الجُموع .

هو يثير لي مشاعر جياشة افشل في التحكم فيها , و أنتظر اليوم الذي سيشهد فيه إحضار سعادتي عندما أجاوره..

عندما أُقبِلُه, عندما أحتضنه ...

أنظُر إليه بحدقتي التي لم و لن ترى شيء آخر غيره .

...

"رائع بيكهيوني, حزامٌ ذو علامة تِجارية فاخِرة!" يتكلمُ جونغان المُستلقي على سريرِه بينما يضعُ يدهُ على رأسه, أردف "ساقينِ جميلتين"

"أشُك أنكَ تتغزل في فتاتِك بِهذا القدر , فلنتمنى أنكَ لن تخونها مع واحِدة جديدة هذِه المرة, و تستمِرُ معها لِشهرٍ على الأقل" تفحصتُ نفسي عِدة مرات, ملابِسي و تسريحتي بالذات . كُنت أرتدي بِنطال قصير أسود , قميص أبيض, كُل ما بقى لي إرتداءه هو ربطة العُنق لِكي أبدو أنيقاً .

"ألن تُقلِع عن قرارِك و تبقى معي؟" مدَ جونغان ساقهُ الطويلة على الطاوِلة, أبعدتُها و عبرتُ نحوَ الأدراج التي يحجُبها بِساقيه, و بِلا إكتراثٍ أجبت :

"لا" رفعتُ مُرطِب الشِفاه لأضعهُ على شفتاي المُمتلِئتين, أعطاني عرضاً مُجدداً "ما رأيُكَ بِعشاءٍ على حِسابي؟" سألني و سحبَ ربطةَ عُنقي مِن على الطاوِلة, لقد بدأ بِتصرُفاتِ الأطفال .

"أنتَ لا تملِك مالاً لِتُعودَ لِسيئول, الإجازة قد شارفت على الإنتهاء و أنتَ ما زِلتَ عالقاً معي في السكنِ الطُلابي" إستهزئت بينما أُرتِب شعري و أُثبتِه.

"إذاً ماذا عن شِراء تذاكِر حفلة فرقةِ سيو تايجي اند بويز؟" عادَ يطرح المزيد مِن العروض, فقط في سبيل أن لا أذهب, بِحقك أنتَ لا تملِك مال .

"جونغان, رجاءً, توقف عن هذِه التفاهات... و أعِد لي ربطةَ عُنقي و إلا شنقتُكَ بِها" تكلمتُ بِإرهاق, هو لا يظُن أنني بِالمزاج الذي يجعلني أتحملُه .

"الرحمة يا رجُل! أنتَ ستقتُل نفسكَ بِسببِ التدريبات! أنتَ لم ترتح لِيومٍ واحِد في الإجازة! حتى لم تعُد لِلمدينة!" ربطَ ربطةَ عُنقي على خصرِه "أنا أُحاوِلُ أن أُبقيكَ على قيدِ الحياة, بيكهيون, كُن شاكراً !"

"العميد قد يحضُر لِيرى تدريباتنا اليوم! ما خطبُك؟ دعني أذهب!" سحبتُ ربطة العُنق مِن على خصرِه, و بِضجرٍ قُلت عندما رأيتُ كيفَ أصبحت "آه بِحقك جونغان! لقد قُمت بِكيها بِضمير! أنظر كيفَ أصبحت هذِه الربطة!"

"كيفَ أصبحت؟" علقَ ماضغاً العلكة في فمِه بِتكهُم , نظرتُ ناحيته بِغضب :

-أصبحت مِثالية لأشنقكَ بِها .

"أنا جاد, بيكهيون!" يُحاوِلُ تبرير موقِفه "لا تذهب! حتى و إن كانَ هذا مِن أجل-" رفعَ إصبعيه كأنهُ يقتبِسُ ما أقوله "العميد" أكملَ حديثه "أنت لم ترتح لِلحظة واحِدة مُنذ أن دخلتَ ذلِك النادي!"

"أجل أجل, أُريد أن أموت!" أعدتُ كي ربطة العُنق "أنا مُتعطِش لِتذوق الموت! فقط دعني أذهب! اليوم هو أكثر يوم مُهِم, فلندعو أن العميد سيُعطينا تقييماً جيداً يُأهِلُنا لِمُباراةٍ رسمية!"

"بيكهيون, ذلك المُدرِب اللعين لم يسمح لك أن تدخُل في أي مُباراة رسمية و أنتَ لاعِبٌ في النادي مُنذ ثلاثِ سنوات! أنت دائِمًا في فريقِ الإحتياط. فقط إشفق على جسدك للحظة, ألا ترى أنهُ مليء بِالكدمات؟" عادَ يُثرِثر, زفرت و إرتديتُ حِذائي غير مُركزاً في حديثِه المُزعِج :

- أجل أجل بِالطبع.

"الأسبوع الماضي عُدتَ بِساق مُمتلِئة بِالرضوض" طوى ذراعاً على الأُخرى و هو يُشير على ساقي التي ما زالت كذلِك "و اليوم ماذا؟ هل ستفقِدُ أسنانك؟"

- يا رجُل إرحمني و إخرس لِلحظة!

- كيفَ تُريدُني أن أخرس و أنتَ لا تعودُ إلا بكدماتٍ في جِسمك؟ ليسَ و كأنكَ ستحصُل على درجات مِن هذا النادي! إنهُم فقط يستنزِفونَ آخر نُقطة جُهدٍ مِنك, ثُمَ سيعودُ الفضل كُله لِلمُدرب و هو من سيحصُل على الجائِزة, و هو من سيحصُل على الثناء و الشُكر! و أنت؟ لن تحصُل على أيةِ لعنة!

رتبتُ ربطة العُنق على رقبتي و نظرتُ لِنفسي في المِرآة " بِالطبع, أنتَ مُصيب"

"بيكهيون هل تسمعُني أصلاً؟!" صرخَ كي يُفيقني .

"لا , وداعاً" ختمتُ حديثي بِحملي لِحقيبتي الرياضية و أغلقتُ باب الغرفة خلفي بِقوة , خرجتُ بعدَ أن كادت تصعدُ روحي لِلسماء, جونغان و توصياتهُ التي لا تنتهي.

...

شاركتُ في نادي الجامِعة الرياضي عندما إلتحقتُ بِالجامِعة , لا يُنكر المُدرِب أنني موهوب! مُذ أنني كُنت مُهتماً بِألعاب القوى! كُنت مُحترفًا في الوثب العالي, و الآن أصبحتُ لاعِبُ رغبي .

لكِنهُ يستمِرُ بِقول أن مُشكلتي الوحيدة هي أنني نحيلٌ جداً و قصير و لا يحتمِلُ جسدي قوةَ الخصم الآخر, و هذا هو العائِق -بالنسبةِ له- فهو يُريد نجاحَ فريق جامعتنا فحسب.

المقصدُ أنني سأُعيقهم عن الفوز في المُسابقات و أنني نُقطة ضعفٍ في الفريق, فحتى و إن كُنت موهوباً و أتعلمُ أي شيءٍ بِسُرعة...

أنا لستُ بِالجسدِ المطلوب لِلاعِب رغبي لأحصُل على فُرصة لِلمُشاركة في أي مُباراة رسمية خارِج إطار الجامِعة , لأنَ كُل ما أحصُل عليه هو تورُم في جسدي و كدمات بليغة مِن التدريب, على عكسِ بقايا اللاعبين في فريقي و اللذينَ لا يتأذونَ بِقدري أبداً.

لقد إنسحبت مِن ألعابِ القوى لأنَ المُدرِب إستمرَ بِقول أنني لستُ جيداً بِما فيه الكِفاية لأُصبِح لاعِبَ وثبٍ عالي, و أنهُ لمِن الأفضل أن أُركِز على تدريب الرغبي.

لقد حطمَ أحلامي واحداً تِلوَ الآخر , و رُغم أنني إنصعتُ له و إنسحبتُ مِن هواياتي تدريجياً , و بدأتُ أُركِزُ على لعِب الرغبي, إلا أنني لا أزالُ لاعباً إحتياطياً, و لم أُشارك في أي مُباراة رسمية .

"بيكهيون!" ينطُق جونغداي الذي أتى مِن نهاية الملعب جرياً كي يضعُ ذِراعهُ حولَ رقبتي, أكملَ حديثهُ حينَ إبتسمت لهُ بِهدوء "قد يحضُر العميد في أي لحظة, يجِبُ عليكَ تغيير ملابِسك لِتستعِد لِلتدريب!"

...

لم يحضر العميد اليوم, حماسُنا ذهبَ أدراجَ الرياح, و كانَ مِن التافِه أننا أخذنا التدريبات بِشكلٍ جاد .

لم يُخطِئ جونغان أبداً حولَ أمرِ أن ذهابي لِلنادي كانَ تضييع وقت, لكِنني لا أستطيع أن أتوقف عن اللعِب , لا أُنكِر أن الرغبي لعبةٌ خطيرة, كانت ألعابُ القوى أكثر أماناً لي!

لقد حصلتُ على كدمةٍ في بطني و فخذاي بِسببِ رأس ذلِك الصيني , كأنهُ سندان ! لكم أكره أن أكون في الفريق الذي ضِده . رأسُه صلب جداً ! و حينَ تُصبح الكُرة عندي, هو يهجُم كأنه في مصارعةِ الثيران , إندفاعاتُه أقوى من كابتن الفريق نفسه!

لعبة الرغبي هي أقربُ لِشجارٍ على الكُرة , لِذا هو يندفِعُ نحوي, يحمِلُني و يرميني على الأرض, و يرمي بقايا الفريق أجسادهم فوقنا مُحاولينَ أخذَ الكُرة .

و إن رمى ييشينغ نفسهُ فوقي, أعلمُ أنها النهاية , جسدهُ ثقيل بِحق و لا أمزح .

وضعتُ يدي على بطني قاضماً شِفاهي بِوجعٍ شديد بينما أخرُج مِن الملعب "اللعنة عليك أيُها الصيني السافِل."

...

مِن السيناريو الذي لا يعرِفُه جونغان حولَ ذهابي المُتكرر لِلنادي هو حُبي الشديد بعدَ إنتهاء تدريب الرغبي, أن أذهب لِمُشاهدة لاعِبي كُرة السلة .

في الواقِع يفعلُ ذلِك الكثير مِن الطُلاب في الجامِعة , لاعِبي كُرة السلة مشاهير و محبوبين , على عكسِ لاعِبي الرغبي . إنهُم يروننا مُصارعين و ليسَ رياضيين, لِذا من يأتونَ لِمُشاهدتنا غالباً يصرخون بـ"إلكمه! إصفعه!"

الغيوم بدأت تملئ السماء السوداء , مطرٌ قادِم... هذا هو ما إستنتجتُه .

توجهتُ نحوَ ملعبِ كُرةِ السلة, و جلستُ على المقاعِد في الأسفل بِجانب الطُلاب الذين يُشجعون و يُشاهدون, أغلبهُنَ فتيات...

لقد إكتفيتُ بِإعجابٍ مِن طرفٍ واحِد لِثلاثةِ أعوام لِلاعِبُ كُرة السلة , بارك تشانيول , الأطول و الأوسم في فريقِه .

مِئةٌ و تسعونَ سانتيمتراً , ساقينِ طويلتين , جسدٌ ممشوق, و بِشخصيةٍ جذابة و غامِضة لأنهُ لا يتحدث كثيراً. و على الرُغم من إعجابي ذو المدى الطويل, أنا لم أتحدث معه و لو لِمرةٍ واحِدة في حياتي ..

إكتفيتُ بِالإنصات لِصوتِه العميق جداً عندما يرفعُ سبابته موجهاً حديثهُ لِفريقِه, بينما يقوم بِتنطيط الكُرة "لِنحصُل على هذِه النُقطة!" و حينَ يرتقي لِلسلة كي يُسدِد هدفاً...

وضعتُ يدي على خدي حينَ أحسستُ بِه دافِئاً و هو يقولُ هذِه الكلمة عالياً .

في حضورِه افتقد ذاتي و أختل في توازن عقلي, بحيث أنني لا أكادُ أُميز الليلَ و لا النهار أبدًا.

هو الليالي المُظلمة و هو الصباحُ المُشرق, الأحاسيسُ التي أكُنها له تُماشيني كأنني دُمية مسرح .

أجل, إنني حبيسُ مشاعِري...
إنني ماريونيت تحكُمها العواطِف .

و ها أنا أتسائل...
هل من أحب يميزني كالوجوه العابرة؟

المُتواجدات بِجانبي يأتينَ فقط من أجلِ تشانيول, و ليسَ من أجلِ كُرةِ السلة , و حديثهُنَ عنهُ فحسب, عن كم هو طويل و رائِع, و هذا الأمرُ بالذات هو ما يجعلُ الأمرَ مُستحيلاً أكثر...

فالجميعُ مُعجب بِه و لستُ أنا فقط .

هو كالقمر في السماء وحيد و لا شبيه له , النجوم فقط تحاوطه من كل زاوية .

كُل الأعيُن تلاحقه... كُل الأفواه تتحدثُ عنه..
الكُل يُريده .

هالتُه كهالة القَمر , و رغم غموضه فهو يبرُق و يسطُع دون الحاجة لِفعل الكثير لِلفت الإنتباه كضوءِ الشمس في النهار و الذي يُجبر الكُل على النظر إليه!

تشانيول لم يكُن كذلك, تشانيول كانَ قمرًا في السماء مُريحًا للبَصر , و معَ هذا فهو من يُريده الجميع رُغم أنه لا يفعل أي شيء لِيجذبهم .

أجل, إنهُ كالقمر.. جميلٌ و بعيد, لا يستطيعُ شخص عادي مِثلي لمسَه .

لأنهُ لطالما كانَ لديهِ سِحرهُ الخاص , كاريزمتهُ الخاصة , و كانَ كحاجِز لا أستطيعُ الإقتراب مِنه, لأنني غير مرئي بِالنسبةِ له و لا لأي أحد .

هو شخص مرغوب من الكُل و هذا ينبتُ لي شعور لا أستطيعُ تحديده و لكنه مؤلم!
مؤلم أن تُحب شخص يشاركك فيه الكثير.

شعور حارق...
كرغبة الإمتلاك لشيء لا حق لك فيه .

أنا مُرهق تمامًا من هذا الثقل الذي يُسببه الكم الهائِل من الحُب في صدري .
أُريد الوصول إلى نُقطة سعادة يكونُ معي فيها .

لو أنهُ فقط..

يُلاحظني .

"الكُرة!" صوتٌ عالٍ نبهني حينَ تدحرجت الكُرة ناحيتي , رفعتُ رأسي حينَ تحدثَ أحدُ اللاعبين , و أكمل "أعطِني الكُرة!"

"أجل! بِالطبع" إلتقطتُ الكُرة, و نهضت كي أُسلِمها... لِتشانيول, الذي كانَ الأبعد في الملعبِ بأكملِه, و لا أعلم لِماذا فعلتُ ذلِك.

حينَ مددتُ يدي ناحيته كي أُسلِمهُ الكُرة, نبضات قلبي تسارعت, رأسي كانَ ثقيلاً و ساقاي حقاً ترتجِفان, رفعتُ رأسي و نظرتُ في عينيه و بريقهما الغير قابِل لِلإخفاء...

عينيه الواسعتين بِجفنين مُزدوجين, رموشهُ القصيرة , أنفُه المُستقيم, بشرتُه الخالية مِن العيوب, و شفاههُ المُمتلِئة, و فكُه... عضلاتُ ذِراعيه الظاهِرة مِن قميصه الذي كانَ بِلا أكمام, كانَ بِإستطاعتي رؤية كل هذا في غضونِ ثوانٍ عديدة .

و حينَ عُدت لِرُشدي و رأيتُ تعابيره التي كانت فارِغة تماماً, إحمرَ وجهي. أعطاني نظرةً سريعة و أخذَ الكُرة مِن بينِ يداي كي يرميها نحوَ الفريق الآخر , و أشاحَ بِوجهِه عني .

إذ أن الكُرةَ كانت لِلفريق الآخر , يالهذا الإحراج .

"مُعجبين في كُلِ مكان" تمتمَ اللاعِب الذي خلفي بِتذمُر و بِصوتٍ مُنخفِض, أدرتُ رأسي نحوه و إنحنيتُ بِخفة دليلاً على الإعتذار .

إنهُ اللاعب رقم خمسة, مينسوك , كيم مينسوك , الذي لا يفعل شيء سِوى التذمُر الدائِم كما يقولُ الجميع .

إنسحبتُ نحوَ المُشاهدين مُجدداً , و تِلك النظرات حولي لم ترحمني , لا أستطيع أن ألومهم لأنني لم أكُن مُركزاً في المُباراة بل فيه . و أنا أعلمُ أن طُرقنا لن تتعارض و لا حتى في أجمل أحلامي...

...

خرجتُ مِن الملعب, بينما أحمِلُ حقيبتي على كتفٍ واحِدة, و أقِفُ بِجانِب ممر الشُباك الخلفي, الجو بارِد و قطرات المطر كبيرة و ثقيلة.

اللاعِبونَ يخرجونَ واحداً تِلوَ الآخر بِأصواتهم العالية بينما يُثرثرون, و ها أنا واقِف في الفراغ و لا أعلم ماذا أنتظِر .

رُبما أنتظِرُ تشانيول كما أفعلُ دائِماً , كي أبقى أنظُر له و هو لا يهتم لي , و لم ينظُر لي في حياته بِأكملِها, لا أعلم لِماذا أفعلُ الشيء ذاته مُنذ ثلاثِ سنوات أو متى سأيأس..

بقيتُ واقِفاً , حتى خرجَ مينسوك مِن الباب الخلفي , أعطاني نظرةً خاطِفة; هو بِلا شك يُفكِر 'آه, إنهُ الأحمق ذاته الذي سلمَ لِتشانيول الكُرة' لأنهُ إبتسمَ إبتسامة جانبية مُتكهِمة ما إن تجاوزني .

تزدادُ برودة الجو, لِذا تكتفت و خرجَ البُخار مِن فمي .

يخرُج الظل الطويل , تتسارعُ دقات قلبي بِلا رحمة , حتى اللحظة التي رأيتُ فيها سيهون, صديقُ جونغان و تشانيول المُقرب.

إبتسمَ لي بِتخابُث, هو يعرِفُني جيداً و نحظى بِمُحادثات أحياناً.

توقفَ و إنحنى قليلاً علي, واضعاً يدهُ على كتِفي كي يهمس "هذا أنتَ صديقُ جونغان؟ لِما تقِف في المطر حتى هذا الوقت؟ إنها الثامِنة مساءً"

- أنتظِرُ أحدهم .

"تُريد أن أنتظِرُه معك؟" لا مفرَ مِنه .

"أوه لا بأس" أومئتُ مُرحِباً بِه على مضض, فجلسَ على الأرض الوحِلة بِلا إكتراث . رفعَ عُلبة الماء للأعلى كي يشربها "يبدو أن جونغان سعيد بِحبيبتِه الجديدة كثيراً"

"هل هو كذلِك؟ لِندعو أن لا يُغيرها في وقتٍ قريب." نطقتُ ساخراً.

ضحكَ مُختنقاً بِالماء "هو بِالطبع لا يُريد الموت إن فعلَ هذا" أكمل "حبيبتي أيضاً كانت مِن معارِفه, أليست فاتِنة؟"

- حقاً؟ لديكَ حبيبة؟

- أجل, ألا تعرِفُها؟

"أوه, بلى" أومئت كأنني أعرفها رُغم انني لستُ كذلِك, و بقيتُ صامتاً لا أعرِفُ ما أقول , ليسَ في جُعبتي الكثير على أيةِ حال.

أنا على هذا المنوال مُنذ زمن, أجلُس دائِماً بِجانب الباب الخلفي, مُنتظراً أن آرى بارك تشانيول دونَ سبب, و هو سيمضي مُطأطأً رأسه دونَ إعطائي نظرة واحِدة .

سيهون يراني دائِمًا هُنا, مُنذ أن دخلَ نادي كُرة السلة...
حينَ تنتهي المُباراة و يخرُج, يراني جالسًا في هذا المكان.

يجلُس معي أحياناً و أحياناً لا يفعل.

حتى اللحظة التي خرجَ فيها من الباب الخلفي, بِجانِبه حبيبته ذات الشعر الأحمر, كانَ يُمسِكُ المِظلة كي يحتميانِ من المطر الغزير , هي تتحدث بينما تضحك بِحماس, و هو يُنصِتُ لها جيداً معَ إبتسامةٍ ربيعية دافِئة .

و بقيتُ أنظُر إليهما أنا و سيهون حتى إختفيا عن أنظارنا...

لا أزالُ أتذكر أول مرةٍ رأيتُه فيها , كُل شيء يبدو و كأنهُ حصلَ بِالأمس , و ليسَ قبلَ ثلاثِ سنوات.

ما أنا واثِق مِنه, أنهُ لا يتذكر أي شيء, و لا يتذكُرني و لا يعرِفُني أصلاً و لم يلحظ وجودي أبداً مِن قبل..

كُنت حينئذٍ في سنتي الأولى من الجامِعة, وسطِ صخب قاعة المُحاضرة آنذاك, أضعُ رأسي على الطاوِلة ناعساً, مُضجِراً, يغلبُني نُعاس الملل ; و لا أعلم كم مرةً شتمتُ ذلِك الأُستاذ اللعين , و الذي يتأخر عشرَ دقائق عن المحاضرة غالباً بسبب تكاليفه الإدارية...

حينَ دخلَ الأُستاذ القاعة , أسندتُ ظهري ناحيةَ الكُرسي مُحاولاً طردَ النُعاس الذي داهمني قبلَ لحظات, و أضعُ يدي على خدي .

كُنت أجلُس على الزاوية, في مُنتصِف القاعةِ تحديداً, و لم أكُن أنتبِه لِلطُلاب أبداً . فما إن تنتهي مُحاضرتي, أجمعُ كُتبي و أُغادِر .

حتى اللحظة التي إنتبهتُ لِذي القامةِ الطويلة جداً جداً و هو يجلُس بِجانِبي, و كانت المرة الأولى التي أراهُ فيها, و المرة الأولى و الأخيرة التي يجلُس فيها بِجانِبي .

لم أستطِع أن لا أنتبِه لِتكامُل وجهه, أو أحبس نفسي داخِل صدري حينَ إنتبهتُ لِشدة مثاليته .

بِتوتُرٍ شديد اعدتُ خصلات شعري لخلف أُذني, كانَت ربكتي ملحوظة لأي أحد , إلا بارك تشانيول الذي كانَ يضعُ القلم على دفترِه المفتوح و ينظُر لِلأُستاذ بِقلة شغف, يكتُب كُل ما يسمعه.

أحنيتُ حاجباي بِضعف حين مرت تِلك الذكرى في رأسي, لأنها الذكرى الوحيدة التي أتت بدونِ أن أُلاحقه, أما بقايا الذكريات فهي تأمُلي في غالِب الوقت له و تصرُفي كالمهووس .

لا أعلم إلى متى سأستمِرُ في مُلاحقة السراب, هو لم يلحظني في طوالِ كُل هذه السنوات و لن يفعل, كما أنني لا أستطيعُ البوح بِأفكاري لِجونغان أبداً, لأنني لا أعلمُ عن ردة فعله حولَ هذا الأمر .

تنهدت بِقلة حيلة و أنا أسيرُ عائداً إلى المسكن بِساقينِ ثقيلتين, مُمتلِئاً بالأفكار و المشاعر...

و مُبللاً بِالمطر...

Continuă lectura

O să-ți placă și

31.5K 3.2K 23
لمسه كان يسبب الإدمان وكان النيكوتين هو الإدمان الوحيد الذي سمح لـنفسه به TAEKOOK FANFICTION JK TOP The Cover By @_luvMEME_
208K 7.8K 27
[ ADULT CONTENT ]. _ كنت سعيدة انني سأكمل دراستي وأدخل الجامعة حتى تلقيت صدمة غيرت كل مخططاتي. _ _ العد العكسي لنهاية حياتكِ قد بدأ.. احذري. _ _...
205K 4.9K 30
❝ إذا زوَجـتُك لا تُمـتِعُك يا اخَـي ، انا سـأفَعل ❞ بـارك بيـكهيون. أحـببُت اخـي حُـباً مُـحرم قـذراً بِـه مـن الدنـاسَه والنجـاسه والقـذاره كـماً...
8.2K 651 24
صعيدي