أشِقّاء

lood999 द्वारा

76.5K 7.3K 2.6K

في حُجرةٍ ضيقة... إضاءتها خافِتة... فتحَت الكتاب وبدأت بقراءة القصة لطفلها... كانت تقرؤها له دومًا... فتعل... अधिक

١) يُحكى أنه كـان وحيدًا.
٢) الليلــةُ الماطِـرة.
٣) سِجــن.
٤) غَــرق.
٥) بصيـص أمـل.
٦) تِلـك الفتـاة.
٧) الرحيــل.
٨) ذكريات حلمٍ قديم.
٩) حــديقةٌ وفتـاة.
١٠) مَحَلُّ الأقمشـة.
١١) ماهــر.
١٢) تجاوز المُهلـة.
١٣) دمـوعٌ ومطر.
١٤) الأخُ الكبير.
١٥) صـديق.
١٦) أشبـاح.
١٧) الصـراحة.
١٨) آباء.
١٩) غضـب.
٢٠) وداع.
٢١) اِختفـاء.
٢٢) مُمتن.
٢٣) بقايـا.
٢٤) نَبـش.
٢٦) المُفكـرة.
٢٧) الحياةُ المسلوبـة.
٢٨) أروى.
٢٩) أطـلال.
٣٠) لِقـاء.
٣١) مُفاوضات.
٣٢) إنقــاذ.
٣٣) إحيــاء|الخاتمـة.
فصل إضافي|فَجْــر: كل الطرقِ تؤدي إليك.
فصل إضافي ٢|ندى: لن أنساك أبدًا.
فصل إضافي ٣|سأعـود.
فصل إضافي ٤|لأنك ولِـدت.

٢٥) عِـش.

1.2K 170 133
lood999 द्वारा


...
..

مكث شهرًا في المشفى بعد أخذنا له أنا وكمال والد ندى، استفاق في غضون أسابيع،  ولكنه لم يكن في حالٍ تسمح له بمغادرتها، كان روتيني قائمًا على التنقل بين المكتب والمشفى، ولو عدت للبناية تقابلني ندى بوجهٍ مُحمرٍ وتسألني عنه بإلحاح، سمح له الطبيب المسؤول عنه بترك المشفى،  وحاول عبثًا بث الطمأنينة إلي في صوته وهو يقول أنه بحاجةٍ للراحة فقط..

لم يكن مرضه يُشبه الحمى التي كانت تصيبه غير مرة وتزول سريعًا،  شعرتُ أن الهوان يلتهم جسده،  ولكن لا حيلة لي ما دام الأطباء يُصرون أنه لا يحتاج سوى الراحة.

عاد للبيت وبقي ملازمًا فراشه،  تغيب عن مدرسته لأكثر من شهر،  وفاته الاختبار،  كان سينقلل للمرحلة الثانوية لو نجح فيه،  متخطيًا أولئك الذين كانوا يسخرون منه في الماضي،  ولكن الاختبار يمكن أن يعوض في العام القادم،  يكفيني أن أراه يتحسن ويعاود ممارسة نشاطاته بحرية كالسابق.
 
"كنتَ تُجهد نفسك في الآونة الأخيرة..". 
 
قلت له وأنا أضع صينية الطعام على المنضدة التي تُجاور سريره، جلست إلى جانبه وغرفت بالملعقة من إحدى الأطباق وقربتها منه. 
 
"افتح فمك..". 
 
"أستطيع أن آكل بنفسي..". 
 
قال وهو يرفع جسده بصعوبة ليجلس وظهره مستند إلى الخلف، فأعدت الملعقة للطبق وقلت بغضب مصطنع: 
 
"أنتَ تفضّل أن تطعمك هي إذًا..". 
 
ضحك بخفوت وهو يسمع تعليقي. 
 
"إنها لا تمنحني وقتًا لأرفض فهي تحشر الملعقة في فمي..". 
 
"إنها تفعل ذلك لتتباهى أمامي بأنها تطعمك وأنا لا..". 
 
كنا نتناوب أنا وندى للبقاء معه، هي تأتي إليه مباشرة بعد عودتها من المدرسة وتغادر عند المغيب، وأنا حين أعود من العمل وحتى أغادر في العاشرة صباحًا، لا تفصلني عنه سوى ساعات نومي الآخذة في التضاؤل. 
 
راقبته وهو يأكل بهدوء، ثم مررت بصري على أنحاء غرفته لتستقر على المكتبة التي أهداها له مؤيد قبل أشهر مضت ليضع فيها كتبه التي امتلأت بها غرفته، وفي إحدى أرففها استقرت مفكرة بغلاف بني من الجلد، كانت ملازمة له منذ فترة، ورغم فضولي حيالها لم أسأله عنها ولم أفكر بالاطلاع عليها. 
 
"لقد رأيتُ أمي..". 
 
قال بهدوء قاطعًا سلسلة أفكاري فأدرت بصري إليه، لأرى ابتسامةً شفافةً تحتضن شفتيه وهو ينظر للطبق النصف ممتلئ. 
 
"حلم؟". 
 
سألته، فأومأ وقال: 
 
"قالت لي شيئًا لكنني لم أستطع سماعها..". 
 
"هل أنتَ واثقٌ أنها هي؟". 
 
رفع رأسه إلي متمعنًا في وجهي ليقول بابتسامة: 
 
"كانت تشبهكَ كثيرًا..". 
 
أردف بعد لحظات: 
 
"هل تذكر حين سألتك عن والديّ قبل سنتين؟". 
 
أومأت، ما كنتُ لأنسى المرة الأولى التي سألني فيها عنهما، حين عادت ذكراي لتطفو على السطح بعد بقائها مدفونةً في أعماقي.
 
"لقد رأيت الحلم ذاته حينها، لكن الذي رأيته اليوم أوضح بكثير". 
 
"هل يمكن... أن هذا الحلم يأتيك كلما مرضت؟". 
 
لم يُجب، لكن سيماه كانت توحي بموافقته لكلامي، كان مرضه تلك المرة أقل وطأة، وتعافى منه في غضون أيام، هل يمكن أن ذلك الحلم يزداد وضوحا كلما ازداد مرضه؟ ما الذي يعنيه هذا؟

... 
 

جلست بإنهاك على إحدى الدرجات التي يُفضي إليها باب الطوارئ في نهاية الرواق، كنت أجلس هناك كلما وددتُ الاختلاء بنفسي بعيدُا عن الأعين، لقد مر أسبوعان آخران، وبدل أن يتحسن، أخذت صحته تسوء، أملتُ رأسي للحائط الذي بجانبي وأغمضت عينيّ اللتين أتعبهما السهر، قلصتُ ساعات عملي لأبقى معه وقتًا أطول. 
 
"لماذا تجلس هنا؟". 
 
فتحت عيني حين سمعت صوتها وأدرت رأسي لأراها تجلس بهدوء غير معتادٍ إلى جانبي وهي تضم بذراعيها كتابًا. 

"منذ متى وأنتِ مهتمةٌ بالكتب؟ ".

سألتها بخفوت،  فأجابت وهي تحتضنه أكثر:

"كنتُ أقرأ له منه،  أصبح يجد صعوبةً في إمساك الكتب".

قالت بصوتٍ متهدج وعيناها تفيضان بالدموع.

"لقد كنتُ غيورةً منكَ لأنه يعاملك معاملةً مختلفةً عن الجميع، حتى الابتسامة التي يُبديها لك مختلفة عن التي يبدِها لي، حتى حين لا تكون موجودًا لا يتحدث إلا عنك.. ".

"ألهذا وقعتُ فريسةً لمقالبك؟ ".

مدت شفتيه للأمام بانزعاج ثم سرعان ما تبدد إنزعاجها وهي تتمتم:

"لم أعد أهتم بذلك،  أريده أن يُشفى فقط حتى إن كان ثمن هذا أنني لن أزوره ثانيةً..".

مددتُ يدي إليها فانكمشت على نفسها خشية أن أنقر جبينها أو أقرص أذنها، لكني بسطتُ يدي على رأسها وبعثرتُ شعرها كما كنتُ أفعل له في الماضي،  قلتُ بحنان:

"سيُشفى، وستعاودين زيارتنا كالحمقاء.. ".

ضحكَت ثم امتعض وجهها وهي تشيح عني.
 
"ندى..". 
 
أدارت إلي بصرها بدهشةٍ واضحة، كانت أول مرة أناديها فيها باسمها. 
 
"شكرا على بقائك معه، لم يشعر بالوحدة في غيابي بفضلك..". 
 
توردت وجنتاها وهي تزيد من احتضانها للكتاب، لتقول هامسة: 
 
"أنتَ لطيفٌ على غير العادة..". 
 
"وأنتِ مسالمةٌ على غير العادة..". 
 
صمتنا، وأعيننا تتطلع للأمام، وكل واحد فينا غارق في أفكاره . 
 
.... 

 
تلبدت السماء بالغيوم وأمطرت، وتزايد انهمار المطر قوةً وضراوة،  أزحتُ ستائر النافذة ووقفتُ أراقب السماء الرمادية التي يزيدها الغيم اسودادًا لتحرم أشعة الشمس من التسلل عبرها.
 
"مروان..". 
 
نظرت إليه، فرأيته يشير بيده بجانبه كي أجلس، ففعلت، أصبح هزيلًا في الآونة الأخيرة، وتقلصت حصة طعامه من نصف الطبق إلى ربعه، حتى الكلام بات صعبا عليه، كان قلبي يعتصر ألمًا كلما رأيته وهو بتلك الحال، وما يزيد ألمي أنني أقف مكتوف اليدين، فماذا أفعل لو كان الأطباء لا يُصرحون بشيء.
 
"هل أردت قول شيء؟". 
 
سألته حين طال صمته وهو ينظر إلي، ابتسم بإجهاد وأومأ بصعوبة. 
 
"لا داعي لتتكلم إن كان الكلام يُتعبك". 
 
حرك رأسه بـ"لا"، يُصر على الكلام، لكنه لا يقول شيئًا. 
 
"هل ترى تلك المفكرة؟". 
 
قال أخيرًا بصوتٍ مبحوح وهو يشير بعينيه للمفكرة الجلدية، فأومأت. 
 
"اقرأها لاحقًا.. لقد كتبت فيها كل شــ.. 
 
أخرست كلماته نوبة سعال، فقربت منه كوب الماء الذي كان على المنضدة، لكنه رفضه إذ هدأت النوبة. 
 
"ستقرأها أنت لي عندما تتحسن".
 
قال متجاهلًا ما قلت: 
 
"كتبت فيها خلاصة ما توصلت إليه.. لكن..". 
 
عاودته نوبة سعال أخرى. 
 
"لكن.. هناك شيء لم يسعفني الوقت للبحث فيه.. عليك أن تكمله أنت..".  
 
"أكمل ماذا؟ أنا لا أعرف حتى ما كنت تبحث عنه". 
 
"ستعرف.. عندما تقرأها". 

صمت وهو يلتقط أنفاسه بعد الجهد الذي بذله في الكلام. 
 
"مروان.. هل تذكر حلمنا؟". 
 
قال بهدوء، مشيرًا لمصنع الأثاث الذي تحدثنا عنه غير مرة، لكننا لم نتحدث عنه كثيرًا مؤخرًا. 
 
"نعم، أذكره..". 
 
"إياكَ أن تنساه..". 
 
قال بالهدوء ذاته، وأغمض عينيه، وحين أطال إطباقهما ناديتُه بقلق:
 
"أمجد!". 
 
فتحهما بثقل، ونقل بؤبؤتَيه إلي، وقال هامسًا: 
 
"هلا فتحت النافذة..". 

لم أحتمل رؤية الرجاء في عينيه، قلتْ بدفءٍ كأمٍ تخشى على طفلها أن يُصيبه الرشح:
 
"ستبرد الغرفة وتبتل..". 
 
"لا بأس، أريد رؤية المطر..". 
 
ذلك الرجاء ثانيةً! زفرتُ بتعب وقمتُ على مضض لألبي له طلبه، يطلبه وكأنه أعظم معروفٍ أقدمه له، فتحت النافذة سامحا لغوغاء المطر بالانسياب للغرفة، ثم عدتُ وجلستُ على طرف سريره، وكلانا ينظر صوب النافذة. 
 
"هل تذكر ما كانت كلمات أمي الأخيرة..؟". 
 
سألني بصوته الواهن،  وتراءت لي ذكراها الأخيرة، قطبتُ حاجبي محاولًا النبش في ذلك المشهد القديم،  محاولًا إيجاد وجهها الذي يشوبه النسيان، وتذكرتُ رؤية شفتيها تتحركان قبل أن تذوي ذكراها.
 
"نعم...  لا، أذكر أنها قالت شيئًا، لكن لغط المطر تلك الليلة حجب عني صوتها..". 
 
أدرت رأسي إليه وتساءلت باستغراب: 
 
"كيف علمتَ أنها ... 
 
"عِـش..". 
 
قال تلك الكلمة باترًا سؤالي، رفع يده الهزيلة باتجاهي وقال وصوته يختلط بوَقعِ المطر: 
 
"عِش يا مروان..". 
 
لحظة.. لحظة.. لحظة..

حركة شفتيه! مثل حركة شفتيها في الليلة التي مضت عليها أربع عشرة سنة، إذًا فكلماته... هي كلماتها التي قالتها لي قبل أن تـ...  مهلًا! عيناه! مثل عينيها... نصف مفتوحتين، ونظراته! كما نظراتها...  مودِّعتَين.. 
 
مددت يدي المهزوزة لوجهه، ربتُّ عليه، ناديتُه.. ناديتُه..  ناديته، ولم يُجب ندائي.. 

لا ينام الناس بأعينٍ مفتوحة،  هذا ما تعلمته يوم ماتت أمي،  وأنا حسِبتُها نائمة..
 
"مَن قال أني أريد أن أعيــش!"
 
صدحت تلك الصرخة من أعماقـي. 

يرحلون بأنانيةٍ طالبين مني البقاء على قيد الحياة!

ما الحياة؟ إن لم يكن فيها من أعيش لأجله! ما الحياة؟ إن لم تكن فيها! 

 
.. 
.. 
.. 
  

पढ़ना जारी रखें

आपको ये भी पसंदे आएँगी

62.5K 5.3K 29
يعود ذلك الشاب بعد ثلاث سنوات من اختفائه ليكون الامل الوحيد لكشف جريمة قتل عائلة باكملها وحرق منزلهم ولكنه كان فاقدا للذاكرة يقوم احد الاطباء بتبني ع...
11.8M 928K 70
صرت اهرول واباوع وراي شفت السيارة بدأت تستدير ناحيتي بمجرد ما يجي الضوء عليه انكشف أمامهم نجريت من ايدي وگعت على شخص ردت اصرخ سد حلگي حيل بعدها أجان...
11.7K 841 24
تدور الرواية و الحكاية ما بين فواصل الزمان هو مراهق في جسمه، كبير في عقله، هل سيجابه الايام و هل يستطيع تحقيق اهدافه ؟؟.. ام ان لقسوة الزمان رأي آخر...
5.2M 154K 104
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣