PART 9 ( 39 )
بعد مرور ساعتين من مقابلة الرجل و ساكرفيس ....
يسير كيلبر في الحي وسط ظلام الليل ناظراً للمنازل التي على الطريق ، رغم وجود عدة منازل في الحي الا انهم متباعدين عن بعضهم لمسافات طويلة ، هذا يعود لطبيعة الحي والأرض التي يغلب عليها تغير مستويات الأرتفاع بين مكان وآخر .
يستمر بالسير على طريق واحد مستقيم يصل به للغابة ، يتوقف ناظراً لبدايتها ثم يدخل متمشياً بصمت إلى ان يصل احد الأشجار ويجلس سانداً ظهره عليها .
رغم كونها غابة الا ان غابات مملكة ( اونو ) ليست بغابات تعج بالحيوانات الخطرة والمفترسة عموماً ، هذه الغابة ليست مختلفة بدورها الا بفارق بسيط واحد ، في نهاية الغابة هناك مقبرة متوسطة المساحة يدفن بها ابناء هذا الحي وبعض الأحياء القريبة ، ربما بالنسبة لطفل بعمر السادسة هذا المكان مخيف قليلاً في هكذا توقيت ، ليس فقط بالنسبة للصغار بل لبالغي السن حتى ، الهدوء الذي يسكن الليل يكون مضاعف في الغابات والأماكن الغير مسكونة بالبشر ، بالنسبة لـ كيلبر هذا المكان يبعث نوعاً من السكينة ، بتلك الأثناء يقف كيلبر ويمشي نحو نهاية الغابة بنية الوصول إلى المقبرة .
يجلس بجوار القبور وينظر على جانبيه ثم للقبر الذي بجانبه الأيمن ويتنهد قائلاً : افترض انكم قد رأيتم ما على الجانب الآخر ، تعرفون ما سنرى بعد الممات
هل سكنت ارواحكم بعالم آخر ؟ ام تغرقون بالعدم وحسب ! ، افترض انكم الآن لا تعون اي شيء ومجرد اجساد خاوية ستختفي بعد سنة وتتفتت ، بعضكم قبره خالي الآن بالفعل ، اجسادكم تختفي وارواحكم بمكان مجهول ، رغم هذا البشر يتصرفون وكأنكم هنا تستمعون لهم ، ربما لأنهم يرفضون فكرة ان من يموت سينتهي الأحياء بالنسبة له ، لا يتذكرهم ولا يحن لهم ولا يكن اي مشاعر بشرية محددة ، هذا مؤلم لهم لذلك يعتبرون الأموات موجودين حتى وان كانت ارواحهم فقط
حسناً ، لا مشكلة بهذا في الواقع ، ما ارغب بالسؤال عنه هو هل هناك شيء ممتع بالجانب الآخر ؟ ، الحياة مملة حقاً وليس لها اي قيمة ، يصور البشر لأنفسهم ان هذا العالم مسلي ليستمرون بالعيش بلا ضجر ، لكن الحقيقة هو ان العالم بأسره ممل ، قتلهم لبعضهم وانانيتهم وجشعهم ، كل هذا اصبح ممل ويتكرر سنة بعد اخرى
لم يكتفوا بأعتبار العالم ممتع ، بل بدأوا بوضع تخيلات عن كيف سنعيش بعد الممات ، بعضهم تخيل صفات الجحيم وبعضهم النعيم ، الجحيم هو مصير الاشخاص الذين لا يتفقون مع فكرهم ، النعيم هو مصير الأشخاص الذين يؤيدوهم ويسيرون بفكر معين
كل شيء مريح وكل شيء مؤلم ، حتى تخيلهم لما سنراه بعد الممات محدود بما شاهدوه في هذا العالم ، هم بدورهم لا يريدون تخيل احتمال الوجود بعالم خالي ربما ؛ يتنهد مرة اخرى بضجر ويقف متمشياً بصمت لخارج الغابة ....
بعد قرابة الـ30 دقيقة يصل كيلبر إلى المنزل ، يفتح الباب ويدخل ليخلع حذائه ويذهب للداخل ، يعتليه التعجب لرؤيته رجل بعمر الـ40 يجلس على الأريكة .
مرحباً ؛ يقولها كيلبر بينما يأتي ساكرفيس من المطبخ ويقول : اهلاً يا بني ، ادخل ادخل ، انه طبيب وهو صديق لي في العمل .
يبتسم الطبيب ويقول : سعدت بمعرفتك يا كيلبر .
كيلبر : انا كذلك .
يجلس ساكرفيس على الأريكة بجانب الطبيب ويقول : اجلس انت ايضاً يا بني .
ينظر كيلبر لأرجاء المنزل منجذباً نحو الهدوء المبالغ به ثم يقول : اين امي واختاي ؟ .
ساكرفيس : لقد ذهبوا إلى منزل صديقتك كارلا لدعوتها إلى الرحلة التي سنقوم بها .
كيلبر ( بتسائل ) : رحلة ؟ .
ساكرفيس : نعم ، سنذهب إلى الجبال ونخيم هناك ، لم نخرج منذ وقت طويل وعلينا ان نتسلى قليلاً .
كيلبر : حسناً فهمت ، ان لم يكن هناك شيء آخر فأود الصعود لغرفتي ، اشعر بالتعب .
تتغير ملامح ساكرفيس لتصبح جدية ويظهر عليه نوع من الشعور بصعوبة الكلام والشرح ، ينظر نحو صديقه الطبيب الذي تعتليه ذات الملامح هو الآخر .
يتمعن كيلبر بملامحهم لوقت قليل ويقول : يبدو انكم تودون قول شيء ما ؟ ، هل حدث شيء سيء لأمي او اختَي .
ينظر ساكرفيس نحوه قائلاً : كلا يا بني ، انت فتى ناضج وانا اكثر من ادرك ذلك لهذا سأتحدث بوضوح ولن اعاملك كطفل ، الحقيقة ان الصديق هذا هو طبيب وله معرفة عملية بمجال التنويم المغناطيسي ومهمته هي مساعدتك .
يعتلي التعجب ملامح كيلبر الذي يقول : تنويم مغناطيسي ؟ يساعدني ! ، هل تؤمن حقاً بخرافة التحكم بالبشر عن طريق التنويم المغناطيسي يا ابي .
ساكرفيس : بالطبع ليس هناك وجود لهكذا شيء يتحكم بالبشر كما في القصص الخيالية ، لكن التنويم المغناطيسي اثُبتت فاعليته بمجال الطب وله تأثير واقعي بالفعل ، العقل اللا واعي ( الباطني ) هو مكان يحتوي على ترسبات وتراكمات من اختبارات واحداث الأنسان ، كما انه يحتمل ذاكرة لا حصر لها ويحفظ امور لا يمكن لعقلنا ( الواعي ) استيعابها
من جهة اخرى فهو يبرمج عقلك الواعي على عدة امور اعتدت فعلها والأقتناع بها ، على سبيل المثال لو انك صدقت بوجود الوحوش وصدقت بأن هذا مخيف ، مع الوقت عقلك الباطني سيستقبل الأيعاز الذي ينقله عقلك الواعي من خلال احاسيسك ومشاعرك وافكارك التي كونتها بنفسك وسيحفظها ويجعل الأمر ثابت بشخصيتك ، لدرجة انك ستصل مرحلة متطورة من مخاوفك الصغيرة التي كانت مجرد تراكمات وتحولت إلى حقيقة لا يمكنك التخلص منها
ربما بداخلك نوع معين من المشاعر والأفكار التي تدفعك لرؤية جانب جميل بالدماء وقتل الأشخاص الآخرين ، جميعها تراكمات اذا ما كبرت وترسخت ستصبح مشكلة مستعصية لا يمكن التعامل معها
لذلك كل ما سنفعله هو ارسال ايعاز إلى عقلك الباطني لنملي عليه بعض الكلام ونحاول محو بعض الذكريات مع ان هذا صعب ، ليس لدينا حل آخر .
ينظر كيلبر نحوهما بصمت ثم يقول : حسناً افعلوا هذا يا ابي .
يقفان ساكرفيس والطبيب ليبدأون بالتحضير ، يأخذ الطبيب لوحة معلقة على ساند خشبي ، مرسوم على الورقة نقطة سوداء متوسطة الحجم ، يحضر ساكرفيس اناء فيه ماء معتدل الحرارة يضعه اسفل قدم كيلبر .
يضع الطبيب اللوحة امام مقعد كيلبر ويقول : ما سنفعله هو جعلك تسترخي لأقصى حد ممكن لنبدأ بجلسة العلاج ، ضع قدميك بالماء وركز على النقطة السوداء ثم اغلق عينيك حينما تشعر برغبة شديدة لذلك .
بعد قرابة الـ15 دقيقة يقترب الطبيب من اذن كيلبر ويبدأ بالهمس قائلاً : انت لم تقتل اي حيوان ، انت لم تقتل اي حيوان ، انت لم تقتل اي حيوان ، انت لم تفعل اي شيء
الدماء بشعة ، الدماء بشعة ، الدماء بشعة ، تخلص من الرغبة الشديدة لرؤية الدماء ، تخلص من الرغبة الشديدة لرؤية الدماء ، الدماء بشعة ، الدماء بشعة
القتل سيء ، القتل سيء ، القتل سيء ، القتل سيء ، الدماء عبارة عن الم لذلك تخلص من المك ، الدماء عبارة عن الم لذلك تخلص من المك ، الدماء عبارة عن الم لذلك تخلص من المك ، تخلص من كل شيء يذكرك بألمك .
بعد ترديد الطبيب تلك الكلمات لوقت معين يتوقف وينهي الجلسة ناظراً نحو ساكرفيس ويقول : لقد فعلت ما بوسعي وقلت له ما طلبت ان اقوله ، الآن سيبقى مسترخي لفترة من الوقت ، دعه على وضعه لمدة نصف ساعة ثم تحدث معه والمسه لينظر نحوك ويعود لطبيعته ، آمل ان يعود هذا بالفائدة .
يبتسم ساكرفيس قائلاً : شكراً لك على المساعدة ....
•••••
مر اسبوع منذ تلك الليلة ، كيلبر وعائلته يتجهزون للذهاب نحو الرحلة وبجانبهم كارلا وامها .
تخرج ماري الحقائب بينما يقوم ساكرفيس بغلق باب المنزل ويضع المفتاح بجيب معطفه ، يخرج الساعة من جيبه وينظر لها ثم يقول : الساعة الآن 7:00 صباحاً ، صديقي الذي دعوته سيلتقينا في المكان الذي سنخيم به ، ماذا عن رفيقك الذي دعوته يا كيلبر ؟ .
كيلبر : سيصل بعد قليل .
تقترب كارلا من كيلبر وتقول : منذ متى وذاك البدين البغيض اصبح صديقك ! ، إنه متنمر بدين لا يطاق ، هل نسيت ما حصل لصديقنا بسببه
يجيبها قائلاً : قلت ربما سيغير طباعه اذا ما اصبح لديه اصدقاء يتعامل معهم .
تنزعج كارلا وتقول : هذا لم يعجبني ابداً ، إنه يزعج صديقنا راهيل ويسخر منه ومن والدته على الدوام لأنها تعمل بتنظيف المنازل ، انت لست بالفتى الطيب لدرجة دعوة شخص تبغضه ، اشعر بشيء سيء يا كيلبر .
يمشي كيلبر للأمام بصمت فترمقه بنظرات منزعجة بينما يبتعد وتقول : لا افهم ما يدور بذلك الرأس حقاً .
بعد قرابة الساعة يصلون إلى جبال الجنوب ويخرجون من الحافلة التي اقلتهم ، ينظر الفتى البدين الذي يكبر كيلبر بسنة نحو الجبال قائلاً : يا له من منظر رائع هههه ، من الجيد انك دعوتني يا كيلبر .
يبتسم كيلبر ثم يقول : من الرائع انك تشعر بالسعادة ، سأحمل حقيبتك لا تتعب نفسك ؛ يكمل كيلبر كلامه ثم يحمل حقيبة الفتى وحقيبته ويذهب خلف عائلته الذين يتقدموهم مسافة .
بتلك الأثناء تنظر كارلا بصمت نحو كيلبر فيقول الفتى البدين ( متهكماً بأبتسامة مستفزة ) : اعلم انكِ معجبة بذاك الفتى ، لكنه كما ترين مجرد جبان يخاف مني ويحمل حقائبي كما بقية الأولاد ، ليس عليكِ الا ان تكونين بجوار الفتى القوي والذي هو انا .
ترمقه كارلا بنظرة اشمئزاز وتقول بأنزعاج : لقد قلتها لك سابقاً ، تنمرك على الذين بسنك ليس سوى عقدة نقص تحاول ان تخفيها بهكذا افعال بائسة ، انت حقاً مثير للشفقة .
تقول كلماتها تلك وتحمل حقيبتها ، تمشي للأمام بضع خطوات وتتوقف ناظرة بأتجاه الفتى البدين قائلة : استمع لما سأقوله وخذه على محمل الجد ان اردت مصلحتك
عد ادراجك الآن بواسطة اول حافلة وارجع للحي ، ان اتيت معنا بهذه الرحلة سيحصل لك شيء بشع جداً ، مجرد تخيله يجعل جسدي يرتعش ويتجمد .
يعتلي التعجب ملامح الفتى البدين ثم يقول : ما الذي تعنيه بهذا ! .
كارلا : بسبب تنمرك البشع انتهى امر صديقنا بالأنتحار ، ربما انت تظن انه مات بحادث سير منذ يومين ، لكنه ودعني انا و كيلبر بينما كنا نسير ثم رمى بنفسه امام الحافلة ومات ، اي انه مات بسببك وبتلك اللحظة كيلبر همس بكلمات غريبة وقال انه سيتخلص من اي شيء يذكره بألمه ، الدماء الم والذي يذكرني بألمي علي ازالته وما شابه
لقد تمت دعوتك من شخص لا يحبك ، كيلبر ليس بالفتى الطيب الرقيق كما تعلم انت والبقية ، إنه رجل بالغ بجسد صغير ، لا تستخف به ابداً وعليك ان تخافه لأنه مخيف حقاً ، م..مخيف ؛ تكمل كلامها وتغادر بينما ينظر الفتى البدين بصمت و يتلو ذلك بضحكة ثم يقول : ما الذي تتحدث عنه تلك الحمقاء الصغيرة ، هههه لم افهم شيء .
•••••
تحل الظهيرة و الغيوم تتجمع مبعدة اشعة الشمس ، الحرارة ليست مرتفعة واقرب للأعتدال ، يوجد نسيم هواء لطيف ، تم نصب 4 مخيمات ، والدة كارلا وماري تجلسان حول الطعام الذي يتم تحضيره على القدح و ساكرفيس يقوم بوضع اللحم على الشواية وسيا تساعده ، كارلا تلاعب الصغيرة كاميلا ، زميل كيلبر البدين يتسلق احد التلال الصغيرة .
تنظر كارلا حولها بتركيز محاولة ايجاد كيلبر فتقول : إلى اين ذهب ؟ ليس له اثر بأي مكان .
بتلك الأثناء يأتي 3 اشخاص بأتجاه مكان تخييمهم ، رجل وامرأة وفتى بعمر 6 سنوات ، ينظر ساكرفيس نحوهم مبتسماً ويقول : لقد وصل السيد دويل وعائلته ، يمشي نحوهم ليستقبلهم ، يتعانقان هو ودويل فيقول ساكرفيس : لقد مر وقت طويل منذ ان رأينا بعضنا .
دويل ( مبتسماً ) : بالفعل ، اسعدتني دعوتك لنا ، ينظر ساكرفيس نحو فتى السادسة قائلاً : اهلاً بك يا هالمز ، لقد كبرت حقاً ، انت وكيلبر بالعمر ذاته ، ربما تصبحون رفاق مقربين .
ينظر هالمز نحو ساكرفيس بصمت بينما يصافح الأخير زوجة دويل ويقول : تفضلوا ، لقد كنا بأنتظاركم .
يذهبون نحو المخيم ويرحبون ببعضهم ، تخرج ماري 3 قطع من الحلوى وتضعها في احد الصحون قائلة بينما تنظر نحو هالمز : هذه الحلوى لك وللصغيرة التي بنفس سنك ولصغيرتي كاميلا ، كنت اود ان تتعرف على كيلبر ويأكل معكم لكن لا اعلم اين هو .
يأخذ هالمز الصحن ويمشي نحو كارلا وكاميلا ، يجلس قائلاً : مرحباً ؛ تأخذ كارلا احد قطع الحلوى وتبدأ بأطعام كاميلا مجيبة : اهلاً بك ، انا اسمي كارلا وانت ؟ .
هالمز : انا هالمز ، سأصبح محقق خاص مثل ابي في المستقبل ، عمري 6 سنوات .
تبتسم كارلا مجيبة : انت بنفس عمري انا وكيلبر ، هذا رائع ، ايضاً من الجميل انك تملك حلم ما تسعى اليه ، انا لم افكر بأي شيء يخص المستقبل .
هالمز : اين هو كيلبر ؟ .
تخرج كارلا منديل وتمسح يدها من اثار الحلوى ثم تمسح فم كاميلا وتقول : لا ادري اين ذهب ، هل تعرفه ؟ .
هالمز : كلا ولكن تكلم عنه الجميع لذلك اردت رؤية كيف يكون ابن احد اشهر اطباء المملكة .
كارلا : إنه مميز جداً ويبدو كرجل بالغ ، تفكيره وكلامه وافعاله ، يبدو انك ايضاً تفكر كالبالغين لكنك اقل لطافة منه .
يبتسم هالمز قائلاً : يبدو انكِ معجبة به ، ايضاً ظننت إنه ذاك البدين الذي يتسلق التلة ، لو كان هو لخاب املي .
تضحك مجيبة : ذاك الأحمق معنا في المدرسة وبالصف ذاته ، إنه من النوع الذي يتنمر على الطلبة ويأخذ طعامهم واموالهم ويضربهم ويهينهم ، وغد حقيقي بمعنى اصح .
ينظر هالمز نحوه ثم يقول : اي انه ليس صديقكم ؟ .
كارلا : كلا ليس كذلك ، كيلبر دعاه لسبب ما مع انه يمقته اكثر مني حتى ؛ تصمت لبضع ثواني ثم تنظر نحو هالمز قائلة : استمع ، سأطلب منك شيء ما ، اعتني بالصغيرة كاميلا بينما اذهب لأجد كيلبر واحضره ، سنشكل ثلاثي مميز .
هالمز : حسناً لا بأس .
تقف كارلا وتذهب مسرعة بينما ينظر هالمز نحو كاميلا التي تنظر له مبتسمة بسعادة ؛ يقول هالمز بداخله : إنها ل..لطيفة حقاً .
•••••
يجلسان ساكرفيس ودويل داخل احد الخيم ويقول دويل : مرت 4 سنوات على حرب الأنقلاب ، كان هذا صادم لنا جميعاً ، منذ ذلك اليوم وانا اشعر بالهزيمة التامة .
ساكرفيس : انا ايضاً اشعر بذات الأمر ، رغم اننا نحاول فعل بعض الأشياء بمساعدة المنظمة ولكن فات الأوان ، عرش المملكة قد سرق ونحن كنا عاجزين عن تقديم اي شيء يذكر ، ارادتي ذهبت بذهاب الملك .
يعتلي الغضب ملامح دويل الذي يقول : انا لم افقدها ، ما زلت الاحق عدد من الأوغاد على امل كشفهم ومعرفة من يدعمهم ، هناك شيء ما غير منطقي بما حصل
العائلة التي تم منحها السلطة على المملكة كانت مختارة منذ البداية ، هذا يعني ان هناك شخص معين او عدة اشخاص كانوا يخططون منذ مدة ، على الأغلب غايتهم لا تنحصر بالمنفعة من العرش فقط .
ساكرفيس : قائد الجيش الوغد اصبح الوزير الأول للملك ، مراقبته ستوصلك لما حصل بلا شك ، كان له الدور الأكبر بقيادة الجيش ونجاح الأنقلاب .
دويل : انت محق ، انا بالفعل اراقبه لكنه حذر إلى ابعد درجة ممكنة وخاصة بعدما اصبح الوزير ، لديه العديد من الحراس الشخصيين
الأهم من كل ذلك هو اننا تمكنا من تهريب الأميرة الصغيرة والتي يحق لها استلام العرش بصفتها حفيدة الأسرة الحاكمة التي اسست هذه المملكة ، مجلس الشورى الذي يتحكم بالعوائل النبيلة لن يتقبلون اسرة جديدة تستلم الحكم ، وافقوا على الملك الحالي لأنه يدير اكبر عائلة تجارية في العاصمة .
ساكرفيس : نعم ، بالأساس من الصعب اخذ الحكم مرة اخرى ، الأسرة الحاكمة الحالية اقوى ونفوذهم واسعة في عالم تحت الطاولة ، هناك مشكلة واحدة فقط بخصوص سمو الأميرة .
دويل ( بتوتر ) : الوشم الذي وضع على ظهرها اليس كذلك .
ساكرفيس : هو كذلك ، اخشى ان يراه شخصاً ما ويصل الكلام إلى مسامع اتباع الوزير ، من دون شك هو يراقبني عن قرب .
دويل : هل اخفيتها بشكل جيد ؟ .
ساكرفيس : نعم ، لقد استغللت عائلة معينة لن يشك بها احد ، لكن كما قلت المشكلة هي بالوشم الذي على ظهرها .
يقف دويل قائلاً : لقد فعلنا ما بوسعنا يا رجل ، انا سأكمل بطريقي لأصل الذين خططوا للأنقلاب وانت استمر بمحاولة حماية الأميرة ، لكن ابتعد عن الأنظار قدر الأمكان ولا تتدخل بأعمال مشبوهة ، لا احد غيرك يعلم بخصوص الأميرة ....
•••••
على احد الطرق الجبلية الوعرة تمشي كارلا وهي تنادي بصوت مرتفع : كيييلبر اين انت .
تستمر بمناداته ثم تغضب وتقول : إلى اين ذهب هذا الأحمق ، تباً له ، انا ابحث منذ وقت طويل حقاً ؛ بينما تردد كلماتها تلك تتعثر تنزلق قدمها من على حافة الجبل وتسقط لتمسك بالحافة بيديها ، تمسك الحافة بصعوبة ويديها ترتجفان من الخوف .
يمد كيلبر يده اليسرى نحوها بينما يحتظن غصن الشجرة القريبة من المنحدر ويقول : تمسكي بيدي بسرعة ، سأستغل قوة الشجرة لأسحبكِ .
تتمسك بيده فيسحبها ويجلس كلاهما متعبين يستنشقون الهواء بصعوبة ، ينظر كيلبر نحو كتفها ويلاحظ الدماء على قميصها .
يأخذ حقيبته ويخرج القليل من القطن ومعقم طبي وماسك حديدي ، يقترب من كارلا ويضع يده على كتفها قائلاً : اخلعي القميص لأعالج جرحكِ .
تنظر نحوه بخجل شديد وتقول غاضبة : ما الذي تقوله ايها العجوز المنحرف المتستر بجسد طفل .
كيلبر ( بتعجب ) : منحرف ، عجوز ؟ ما الذي تتحدثين عنه ايتها الغبية ، هيا اخلعيه لأعالج الجرح كي لا تغضب امكِ ، إضافة لذلك هل انتِ طفلة حقاً ! ، تفكرين بهكذا اشياء رغم عمركِ هذا ، اختي سيا اكبر منا ولا تعرف اي شيء .
تخلع قميصها بتردد وتقول : اخرس ، بالأضافة لذلك إنها ليست امي بل خالتي ، لقد فقدت امي .
كيلبر : اعلم هذا ، لكنها تعتني بكِ منذ عمر 3 سنوات ، اي انها بمثابة والدتكِ ؛ يكمل كلامه ويضع المعقم على القطن ثم يلتقط القطن بالماسك ويمسح الجرح .
كارلا : لما تحمل معك حقيبة اسعافات اولية ؟ .
كيلبر : انا اسير بمنطقة وعرة جبلية لذلك علي ان اخذ كافة احتياطاتي ، ابي اشهر طبيب في المملكة على اي حال ؛ بينما يقول كلماته تلك يجذب نظره وشم موجود على ظهرها .
الوشم ⇈
•••••
بأسفل الجبل يقف رجل بعمر 39 ، شعره رمادي اللون ، يمسك سيجارة .
تأتي ماري مسرعة بينما تنظر خلفها بقلق ، تتوقف امامه وتقول بغضب : ما الذي تفعله هنا بحق الجحيم ، هل فقدت عقلك !! .
يرمي السيجارة على الأرض ويدعسها بقدمه ثم يقول بينما ينظر نحوها : لقد مرت 4 سنوات يا ماري ، كل هذه المدة وانتِ لم تجدين اثر الأميرة الصغيرة التي يخفيها زوجكِ الوغد ، انتِ زوجته والأقرب اليه ، رغم هذا لم تعرفي اي شيء .
تضحك ماري بسخرية وتقول بغضب : الزوج الذي تتحدث عنه هو احد الفرسان الخمسة الذين يخدمون الملك السابق بكل اخلاص ، هل تظن انه احمق ليخبرني بشيء او يظهر ثغرة فقط لأني زوجته
إضافة لذلك ، سمعت بأنك اصبحت الوزير الأول للملك الحالي و لديك سلطة مطلقة ، لما لا تستخدمها وتجد الفتاة بنفسك ؟ .
يمسكها من ظهرها ويسحبها نحوه قائلاً : لا يمكنني البحث بكل منازل المملكة لأجدها ، هذا ان كانت هنا من الأساس ، انتِ هي املي الوحيد في ايجادها .
يتبادلون النظرات بصمت ويقبلها من شفتيها .....
* صديقة كيلبر تحمل على ظهرها الوشم الملكي الذي يتحدثون عنه و زوجة ساكرفيس تلتقي الوزير الذي قاد الأنقلاب المذكور !! *
• 2645 WORDS •