الملهوف على قتلى الطفوف-ابن ط...

By zohair22

590 1 0

More

الملهوف على قتلى الطفوف-ابن طاووس

590 1 0
By zohair22

<P>الاهداء<BR>إلى من أعلن كلمة الحق أمام السلطان الجائر:<BR>فعندما صعد ابن زياد المنبر ونال من الحسين عليه السلام وعبّر عنه بالكذّاب!!! قام إليه وقال: يا بن مرجانة إنّ الكذّاب ابن الكذّاب أنت وأبوك ومَن استعملك وأبوه، يا عدوّ الله، أتقتلون أولاد النبيين وتتكلّمون بهذا الكلام على منابر المسلمين؟!!<BR>فأمر ابن زياد بقتله.<BR>فجاهدهم جهاد الأبطال حتى قضى نحبه شهيداً ثابتاً على عقيدته...<BR>إلى عبد الله بن عفيف الأزدي اقدم هذا الجهد... <BR>فارس<BR>________________________________________ الصفحة 10  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 11  ________________________________________<BR>البينات التي ظهرت بعد شهادت الامام الحسين (عليه السلام)<BR>________________________________________ الصفحة 12  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 13  ________________________________________<BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>الحمد لله رب العالمين، والصلاة على رسوله النبي المنذر الأمين، وعلى آله السادة الميامين.<BR>الظالم مهما قويت سواعده وكثر أنصاره وامتدت مدة بقائه، فإنه ضعيف، لأن الله سبحانه وتعالى صاحب القدرة المطلقة في مقابله، فهو عز وجل دائماً بالمرصاد للظالمين والمجرمين، يعذبهم وينزل عليهم أنواع البلاء في الدارين.<BR>وهكذا كان حكم الله سبحانه وتعالى أمام من ظلم الحسين وقتله وانتهك حرمته، فأذاقهم الله العذاب والبلاء في دار الدنيا، ويوم القيامة عذابهم أشد وأعسر.<BR>فالله سبحانه دائماً في عون المظلومين الذين ظلموا لأجل الدفاع عن الحق وإعلاء كلمته، لذا أظهر مظلوميتهم في الدنيا وأنهم على الحق وأن خصمهم في قعر جهنم خالداً فيها وبئس المصير.<BR>فأظهر جل جلاله بعد شهادة الحسين صلوات الله عليه بينات كثيرة شاهدها الكل وتيقنها تدل على أحقية الحسين عليه السلام ومقامه الرفيع عنده ومنزلته الكريمة لديه هو ومن استشهد معه من أصحابه، ولأجله بقي ذكرهم واسمهم ومنهجهم يقتدي بهم جميع الأحرار في العالم عبر القرون الماضية الكثيرة ويبقى إلى ان يظهر الله القائم من آل محمد عجل الله فرجه، فينتقم ويأخذ بثأره صلوات الله عليه.<BR>ونذكر هنا بعض البينات التي ظهرت بعد شهادته عليه السلام، استخرجناها من مصادر المسلمين كافة:<BR>________________________________________ الصفحة 14  ________________________________________<BR>تكلم رأس الحسين وهو على الرمح بالقرآن وغيره. <BR>مفتاح النجا في مناقب آل العبا: 145، الخصائص الكبرى 2|127، الكواكب الدرية: 57، إسعاف الراغبين: 218، نور الأبصار: 125، إحقاق الحق 11|452ـ453. <BR>رمى الحسين بدمه نحو السماء فما وقع منه إلى الأرض قطرة.<BR>كفاية الطالب: 284، إحقاق الحق: 454. <BR>مطرت السماء يوم شهادة الحسين دماً، فأصبح الناس وكل شيءٍ لهم مليء دماً، وبقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت، وأن هذه الحمرة التي ترى في المساء ظهرت يوم قتله ولم تر قبله.<BR>مقتل الحسين 2|89، ذخائر العقبى: 144 و145 و150، تاريخ دمشق ـ كما في منتقبه ـ 4|339، الصواعق المحرقة: 116،192، الخصائص الكبرى: 126، وسيلة المآل: 197، ينابيع المودة: 320 و356، نور الأبصار: 123، الإتحاف بحب الأشراف: 12، تاريخ الإسلام 2|349، تذكرة الخواص: 284، نظم درر السمطين: 220، احقاق الحق 11|458 ـ 462. <BR>ما رفع حجر من الدنيا يوم شهادة الحسين إلا وتحته دم عبيط.<BR>تذكرة الخواص: 284، نظم درر السمطين: 220، ينابيع المودة: 320 و356، تاريخ الإسلام 2|349، كفاية الطالب: 295، الإتحاف بحب الأشراف: 12، إسعاف الراغبين: 215، الصواعق المحرقة: 116 و 192، <BR>________________________________________ الصفحة 15  ________________________________________<BR>مفتاح النجا: مخطوط، تفسير ابن كثير 9|162، احقاق الحق 11|462 و 481 ـ 483. <BR>لما جيء برأس الحسين إلى دار الأمارة شوهدت الحيطان تسايل دماً.<BR>ذخائر العقبى: 144، تاريخ دمشق ـ كما في منتخبه ـ 4|339، الصواعق المحرقة: 192، وسيلة المآل: 197، ينابيع المودة: 322، إحقاق الحق 11|463. <BR>حين قتل الحسين احمرت السماء، ومكثت أياماً مثل العلقة، وكانت السماء عليلة.<BR>المعجم الكبير: 145، مجمع الزوائد 9|196، الخصائص الكبرى 2|127، إحقاق الحق 11|464. <BR>لما قتل الحسين مكث الناس سبعة أيام إذا صلوا العصر نظروا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنها الملاحف المعصفرة من شدة حمرتها، ونظروا إلى الكواكب تضرب بعضها بعضاً.<BR>المعجم الكبير: 146، مجمع الزائد 9|197، تاريخ الإسلام 2|348، سير أعلام النبلاء 3|210، تاريخ الخلفاء: 80، الصواعق المحرقة: 192، إسعاف الراغبين: 251، إحقاق الحق 11|465 ـ 466. <BR>لما قتل الحسين مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنما لطخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس.<BR>تذكرة الخواص: 284، الكامل في التاريخ 3|301، البداية والنهاية 8|171، الفصول المهمة: 179، أخبار الدول: 109، إحقاق الحق 11|466 ـ 467. <BR>________________________________________ الصفحة 16  ________________________________________<BR>لما قتل الحسين احمرت أطراف السماء، واحمرارها بكاؤها، واقتسموا ورساً كان مع الحسين فصار رماداً، ونحروا ناقة في عسكره فكانوا يرون في لحمها النيران (المرار).<BR>مقتل الحسين 2|90، تاريخ الإسلام 2|348، سير أعلام النبلاء 3|311، تفسير القرآن لابن كثير 9|162، تهذيب التهذيب 2|353، تاريخ دمشق 4|339، المحاسن والمساوي: 62، تاريخ الخلفاء: 80، إحقاق الحق 11|467 ـ 469. <BR>احمرت آفاق السماء بعد قتل الحسين ستة أشهر يرى فيها كالدم.<BR>تاريخ الإسلام 2|348، سير أعلام النبلاء 3|210، الصواعق المحرقة: 192، مجمع الزوائد 9|197، تاريخ الخلفاء: 80، مفتاح النجا: مخطوط، ينابيع المودة: 322، إسعاف الراغبين: 215، إحقاق الحق 11|469 ـ 470. <BR>لم تكن في السماء حمرة حتى قتل الحسين، ولم تطمث امرأة بالروم أربعة أشهر إلا أصابها وضح، فكتب ملك الروم إلى ملك العرب: قتلتم نبياً أو ابن نبي.<BR>المعجم الكبير: 146، مقتل الحسين 2|90، المحاسن والمساوي: 62، تاريخ دمشق 4|339، تاريخ الإسلام 2|348، سير أعلام النبلاء 3|211، الصواعق المحرقة: 192، مجمع الزوائد 9|197، منتخب كنز العمال ـ بهامش المسند ـ 5|112، ينابيع المودة: 322 و356، مفتاح النجا: مخطوط، إحقاق الحق 11|471ـ473. <BR>________________________________________ الصفحة 17  ________________________________________<BR>لما قتل الحسين اظلمت الدنيا ثلاثة أيام ثم ظهرت هذه الحمرة في السماء، ولم يمس أحد من زعفران الحسين شيئاً إلا احترق.<BR>تذكرة الخواص: 283، الصواعق المحرقة: 192، نظم درر السمطين: 220، مفتاح النجا: مخطوط، نور الأبصار: 123، تاريخ دمشق 4|339، إحقاق الحق 11|474 ـ 475. <BR>لم تبك السماء إلا على اثنين: يحيى بن زكريا، والحسين، وبكاء السماء: أن تحمر وتصير وردة الدهان.<BR>تاريخ دمشق 4|339، كفاية الطالب: 289، سير أعلام النبلاء 3|210، تذكرة الخواص: 283، نظم درر السمطين: 220، الصواعق المحرقة: 192، مفتاح النجا: مخطوط، ينابيع المودة: 322، نور الأبصار: 123، تفسير القرآن لابن كثير 9|162، إحقاق الحق 11|476 ـ 478. <BR>لما قتل الحسين انكسفت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار وظن الناس أنها هي!!<BR>المعجم الكبير: 145، كفاية الطالب: 296، مقتل الحسين 2|89، نظم درر السمطين: 220، مجمع الزوائد 9|197، الإتحاف بحب الأشراف: 12، إسعاف الراغبين: 111، ينابيع المودة: 321، إحقاق الحق 11|479 ـ 480. <BR>لما قتل الحسين اسودت السماء اسوداداً عظيماً، وظهرت الكواكب نهاراً حتى رؤيت الجوزاء عند العصر، وسقط التراب الأحمر، ومكثت السماء سبعة أيام بلياليها كأنها علقة.<BR>تاريخ دمشق 4|339، الصواعق المحرقة: 116. <BR>________________________________________ الصفحة 18  ________________________________________<BR>ما رفع حجر بالشام وبيت المقدس يوم قتل الحسين إلا وجد تحته دم عبيط.<BR>المعجم الكبير: 145، ذخائر العقبى: 145، الأنس الجليل: 252، وسيلة المآل: 197، تهذيب التهذيب 2|353، كفاية الطالب: 296، تاريخ الإسلام 2|348، سير أعلام النبلاء 3|212، مقتل الحسين 2|89 و 90، العقد الفريد 2|220، الخصائص الكبرى 2|126، مجمع الزوائد 9|196، تاريخ الخلفاء: 80، مفتاح النجا: مخطوط، نور الأبصار: 123، ينابيع المودة: 321، إسعاف الراغبين: 215، إحقاق الحق 11|484 ـ 488. <BR>امتنعت العصافير من الأكل يوم عاشوراء.<BR>مقتل الحسين 2|91، إحقاق الحق 11|490. <BR>سطع النور من الإجانة التي فيها رأس الحسين الى السماء، ورفرفت الطيور البيض حول الرأس.<BR>مقتل الحسين 2|101، الكامل في التاريخ 3|296، إحقاق الحق 11|491. <BR>لما قتل الحسين جاء غراب وقع في دمه، ثم تمرغ، ثم طار فوقع بالمدينة على جدار دار فاطمة بنت الحسين.<BR>مقتل الحسين 2|92، إحقاق الحق 11|492 ـ 493. <BR>لما قتل الحسين سمع كثير من الناس نوح الجن عليه: <BR>ألا يا عين فاحتفلي بجهد * ومن يبكي على الشهداء بعدي<BR>________________________________________ الصفحة 19  ________________________________________<BR>على رهط تقودهم المنايا * إلى متحير في ملك عبد<BR>***<BR>أيهــا القاتلون جهلاً حسيناً * أبشـروا بالعذاب والتنكيـل<BR>كـل أهل السماء يدعو عليكم * ونبـي مرســـل وقبيل<BR>قد لعنتم على لسان ابن داود * وموسـى وصاحب الإنجيل<BR>***<BR>خير نساء الجن يبكين شجيات * ويلطمن خدوداً كالدنانير نقيات<BR>ويلبسن ثياب السود القصيات<BR>***<BR>أنعى حسيناً هبلا * كان حسين رجلا<BR>***<BR>والله ما جئتـكم حتى بصرت به * بالطلف منعفر الخديـن منحــورا<BR>وحـــوله فتية تدمى نحورهم * مثل المصابيح يغشون الـدجى نورا<BR>كان الحسين سراجاً يستضاء بـه * الله يعلم أني لم أقـــــل زورا<BR>مات الحسين غريب الدار منفرداً * ظامي الحشاشة صادي القلب مقهورا<BR>***<BR>مسح النبي جبينـه * فله بريق في الخدود <BR>أبواه من عليا قريش * جده خير الجــدود<BR>قتلوك يا بن الرسول * فاسكنوا نار الخلـود<BR>***<BR>عقرت ثمود ناقة فاستوصلوا * وجرت سوانحهم بغير الأسعد<BR>فبنو رسول الله أعظم حرمة * وأجل من أم الفصيـل المقعد<BR>عجباً لهم لما أتوا لم يمسخوا * والله يملي للطغاة الجهـــد<BR>________________________________________ الصفحة 20  ________________________________________<BR>المعجم الكبير: 147، ذخائر العقبى: 150، تاريخ الإسلام 2|349، أسماء الرجال 2|141، سير أعلام النبلاء 3|214، آكام المرجان: 147، نظم درر السمطين: 217 و223 و224، الإصابة 1|334، مجمع الزوائد 9|199، البداية والنهاية: 6|231 و8|197 و200، تاريخ الخلفاء: 80، الصواعق المحرقة: 194، وسيلة المآل: 197، مفتاح النجا: 144. ينابيع المودة: 320، 323، 351، 352، الشرف المؤبد: 68، كفاية الطالب: 294 و295، المقتل 2|95، التذكرة: 279 و280، تاريخ ابن عساكر 4|341، الخصائص الكبرى 2|126 و127، محاضرات الأبرار 2|160، تاريخ الأمم والملوك 4|357، الكامل في التاريخ 3|301، تهذيب التهذيب 2|353، البدء والتاريخ 6|10، أخبار الدول: 109، نور القبس المختصر من المقتبس: 263، تاج العروس 3|196، إحقاق الحق 11|570 ـ 589. <BR>لما قتل الحسين وجد حجر مكتوب عليه: <BR>لابد أن ترد القيامة فاطمة * وقميصها بدم الحسين ملطـخ <BR>ويل لمن شفعاؤه خصماؤه * والصور في يوم القيامة ينفخ<BR>التذكرة: 284، نظم درر السمطين: 219، ينابيع المودة: 331، إحقاق الحق 11|569. <BR>وجد مكتوباً على بعض جدران دير: <BR>أترجو أمة قتلوا حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب <BR>فلما سألوا الراهب عن السطر ومن كتبه، قال: مكتوب ههنا من قبل أن يبعث نبيكم بخمسمائة عام.<BR>________________________________________ الصفحة 21  ________________________________________<BR>تاريخ الإسلام والرجال: 386، الأخبار الطوال: 109، حياة الحيوان 1|60، نور الأبصار: 122، كفاية الطالب: 290، إحقاق الحق 11|567 ـ 568. <BR>احتفر رجل من أهل نجران حفيرة فوجد فيها لوحاً من ذهب مكتوب فيه: <BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>مفتاح النجا: 135، إحقاق الحق: 566. <BR>انشق جدار فظهر منه كف مكتوب فيه بالدم:<BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>تاريخ الخميس 2|299، إحقاق الحق 11|567. <BR>لما قتل الحسين واحتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة ليشربوا النبيذ خرجت عليهم يد من الحائط معها قلم حديد، فكتبت سطراً بدم: <BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>المعجم الكبير: 147، ذخائر العقبى: 144، مقتل الحسين 2|93، محاضر الأبرار 2|160، كفاية الطالب: 291، تاريخ دمشق 4|342، تاريخ الإسلام 3|13، مجمع الزوائد 9|199، البداية والنهاية 8|200، الصواعق المحرقة: 116، الخصائص الكبرى 2|127، الطبقات الكبرى 1|23، جمع الفوائد 2|217، وسيلة المآل: 197، العرائس الواضحة: 190، إسعاف الراغبين: 217، ينابيع المودة: 230 و351، جالية الكدر: 198، إحقاق الحق 11|561 ـ 565. <BR>________________________________________ الصفحة 22  ________________________________________<BR>وجد على حجر مكتوب تاريخه قبل البعثة بألف سنة: (كان مكتوب في بعض الكنائس في الروم ثلاثمائة ـ ستمائة ـ سنة قبل البعثة:)<BR>أيرجو معشر قتلوا حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>المعجم الكبير: 147، كفاية الطالب: 290، مقتل الحسين 2|93، البداية والنهاية 8|200، مجمع الزوائد 9|199، تاريخ دمشق 4|342، التذكرة: 283، نظم درر السمطين: 291، مآثر الانافة في معالم الخلاقة: 117، ينابيع المودة: 331، مختصر تذكرة القرطبي: 194، إحقاق الحق 11|557 ـ 560. <BR>أكحل النبي رجلاً في المنام من دم الحسين فعمي، وذلك أنه حضر قتل الحسين.<BR>نور الأبصار: 123، الصواعق المحرقة: 117 و194، إسعاف الراغبين: 192، التذكرة: 291، مقتل الحسين 2|104، رشفة الصادي: 291، ينابيع المودة: 330، إحقاق الحق 11|552 ـ 555. <BR>قال أبو رجاء: لا تسبوا علياً ولا أهل هذا البيت، إن رجلاً من بني الهجيم (إن جاراً من بلهجيم) قدم من الكوفة فقال: ألم تروا إلى هذا الفاسق!!! إن الله قتله!!!، ويعني الحسين بن علي عليه السلام، فرماه الله بكوكبين في عينيه وطمس الله بصره.<BR>المناقب لأحمد بن حنبل: مخطوط، المعجم الكبير: 145، تاريخ دمشق 4|430، كفاية الطالب: 296، الصواعق المحرقة: 194، مجمع الزوائد 9|196، أخبار الدول: 109، المختار: 22، تهذيب التهذيب 2|353، <BR>________________________________________ الصفحة 23  ________________________________________<BR>سير أعلام النبلاء 3|211، تاريخ الإسلام 2|348، نظم درر السمطين: 220، مفتاح النجا: 151، رشفة الصادي: 63، ينابيع المودة: 220، وسيلة المآل: 197، إحقاق الحق 11|547 ـ 550. <BR>لم يبق ممن قتل الحسين إلا عوقب في الدنيا: إما بقتل، أو عمى، أو سواد الوجه، أو زوال الملك في مدة يسيرة.<BR>التذكرة: 290، نور الأبصار: 123، إسعاف الراغبين: 192، ينابيع المودة: 322، إحقاق الحق 11|513. <BR>ابتلاء رجل حال بين الحسين وبين الماء بالعطش، بعدما أن دعا عليه الحسين بقوله: اللهم اظمئه اللهم اظمئه، فكان يصيح من الحر في بطنه والبرد في ظهره حتى انقد بطنه كانقداد البعير.<BR>مقتل الحسين 2|91، ذخائر العقبى: 144، الصواعق المحرقة: 195، مجابي الدعوة: 38، إحقاق الحق 11|514 ـ 515. <BR>لما قال رجل للحسين: أبشر بالنار، دعا عليه الحسين وقال: رب حزه إلى النار، فاضطرب به فرسه في جدول فوقع فيه وتعلقت رجله بالركاب ووقع رأسه في الأرض ونفر الفرس فأخذه يمر به فيضرب برأسه كل حجر وكل شجرة حتى مات.<BR>تاريخ الأمم والملوك 4|327، المعجم الكبير: 146، مقتل الحسين 2|94، ذخائر العقبى: 144، الكامل في التاريخ 3|289، كفاية الطالب: 287، وسيلة المآل: 197، ينابيع المودة: 342، إحقاق الحق 11|516 ـ 519. <BR>لما منعوا الحسين من الماء قال له رجل: أنظر إليه كأنه كبد السماء لا تذوق منه <BR>________________________________________ الصفحة 24  ________________________________________<BR>قطرة حتى تموت عطشاً!! فقال له الحسين: اللهم اقتله عطشاً، فلم يرو مع كثرة شربه للماء حتى مات عطشاً.<BR>الصواعق المحرقة: 195، إحقاق الحق11|520. <BR>موت أشخاص بالعطش منعوا الماء عن الحسين ودعا عليهم الحسين.<BR>صيرورة رجل أعمى وسقوط رجليه ويديه، وذلك لإرادته انتزاع تكة الحسين، بعدما رأى فاطمة في المنام ودعت عليه.<BR>انقطاع يد من سلب عمامة الحسين من المرفق ولم يزل فقيراً بأسوء حال إلى أن مات.<BR>ذهب عقل رجل واعتقل لسانه عندما قال: أنا قاتل الحسين.<BR>البداية والنهاية 8|174، ينابيع المودة: 348، مقتل الحسين 2|34، 94، 103، تاريخ دمشق 4|340، الكامل في التاريخ 3|283، المعجم الكبير: 146، ذخائر العقبى: 144، كفاية الطالب: 287، وسيلة المآل: 196، إحقاق الحق 11|522 ـ 525 و528 ـ 530. <BR>صيرورة من أخذ سراويل الحسين زمناً مقعداً من رجليه، ومن أخذ عمامته مجذوماَ، ومن أخذ درعه معتوهاً، وارتفعت في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة مظلمة فيها ريح حمراء لا يرى فيها عين ولا أثر، حتى ظن القوم أن العذاب قد جاءهم.<BR>مقتل الحسين 2|37، إحقاق الحق 11|526. <BR>لما حمل رأس الحسين إلى يزيد ووضع بين يديه، خرجت كف يدٍ من الحائط فكتبت في جبهته:<BR>________________________________________ الصفحة 25  ________________________________________<BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>غرر الخصائص الواضحة: 276، إحقاق الحق 11|546. <BR>لما جيء برأس ابن زياد وبرؤوس أصحابه وطرحت بين يدي المختار، جاءت حية وتخللت الرؤوس حتى دخلت في فم ابن زياد وخرجت من منخره ودخلت في منخره وخرجت من فيه، وجعلت تدخل وتخرج من رأسه بين الرؤوس، وصار الناس يقولون: خاب عبيدالله وأصحابه وخسروا دنياهم وآخرتهم، ثم تباكى الناس حتى انتحبوا من البكاء على الحسين وأولاده وأصحابه.<BR>صحيح الترمذي 13|97، مقتل الحسين 2|84، أسد الغابة 2|22، المعجم الكبير: 145، ذخائر العقبى: 128، سير أعلام النبلاء 3|359، مختصر تذكرة القرطبي: 192، جامع الأصول 10|25، الصواعق المحرقة: 196، نظم درر السمطين: 220، عمدة القاري 16|241، ينابيع المودة: 321، إسعاف الراغبين: 185، نور الأبصار: 126، إحقاق الحق 11|542 ـ 545. <BR>صيرورة حرملة على أقبح صورة وأسودها، وما تمر عليه ليلة إلا ويأخذ به إلى نار تأجج فيدفع فيها.<BR>التذكرة: 291، ينابيع المودة: 330، إسعاف الراغبين: 192، نور الأبصار: 123، إحقاق الحق 11|531 ـ 532. <BR>لما قال رجل: ما أحد أعان على قتل الحسين إلا أصابه بلاء قبل أن يموت، قال شيخ كبير: أنا ممن شهدها وما أصابني أمر كرهته إلى ساعتي هذه، وخبا السراج، فقام يصلحه، فأخذته النار، وخرج مبادراً إلى الفرات وألقى نفسه فيه، فاشتعل وصار فحمة.<BR>________________________________________ الصفحة 26  ________________________________________<BR>مقتل الحسين: 62، تهذيب التهذيب 2|353، المختار: 22، تاريخ دمشق 4|340، كفاية الطالب: 279، التذكرة: 292، وسيلة المآل: 197، نظم درر السمطين: 220، سير أعلام النبلاء 3|211، الصواعق المحرقة: 193، ينابيع المودة: 322، مفتاح النجا: مخطوط، إسعاف الراغبين: 191، إحقاق الحق 11|536 ـ 539. <BR>لما قتل الحسين يبست الشجرة التي نبتت بإعجاز النبي وجفت بعد أن نبع من ساقها دم عبيط، وذبلت أوراقها وتقطر منها دم كماء اللحم.<BR>ربيع الأبرار: 44، التحفة العلية والآداب العلمية: 16، مقتل الحسين 2|98، إحقاق الحق 11|494 ـ 497. <BR>صار الورس الذي أخذ من عسكر الحسين رماداً.<BR>المعجم الكبير: 147، سير أعلام النبلاء 3|211، تاريخ الإسلام 2|348، تهذيب التهذيب 2|353، مقتل الحسين 2|90، ذخائر العقبى: 144، مجمع الزوائد 9|197، الصواعق المحرقة: 192، نظم درر السمطين: 220، الخصائص 2|126، ينابيع المودة: 321، إحقاق الحق 11|503 ـ 505. <BR>قسموا لحم ناقة من عسكره في الحي فالتهب القدر ناراً.<BR>جعلوا شيئاً من تركة الحسين على جفنة فصارت ناراً.<BR>صار لحم الإبل التي نهبت من عسكر الحسين مثل العلقم.<BR>نظم درر السمطين: 220، المحاسن والمساوي: 62، المعجم الكبير: 147، مجمع الزوائد 9|196، تاريخ دمشق 4|340، تاريخ الإسلام 2|348، <BR>________________________________________ الصفحة 27  ________________________________________<BR>سير أعلام النبلاء 3|211، تهذيب التهذيب 2|353، الخصائص الكبرى 2|126، تاريخ الخلفاء: 80، مقتل الحسين 2|90، التذكرة: 277، نور الأبصار: 123، إحقاق الحق 11|506 ـ 510. <BR>لما قتل الحسين وجيء برأسه إلى ابن زياد وقال: أيكم قاتله؟ فقام رجل فقال: أنا قتلته، فاسود وجهه.<BR>ذخائر العقبى: 149، إحقاق الحق 11|540. <BR>سطوع النور من مكان رأس الحسين إلى عنان السماء في وسط الليل، وإسلام الراهب بسببه.<BR>التذكرة: 273، مقتل الحسين 2|102، الصواعق المحرقة: 119، رشفة الصادي: 164، ينابيع المودة: 325، إحقاق الحق 11|498 ـ 502. <BR>لما قتل الحسين أصبحوا من الغد وكل قدر لهم طبخوها صار دماً، وكل إناء لهم فيه ماء صار دماً.<BR>نظم درر السمطين: 220، إحقاق الحق 11|502. <BR>ما تطيبت امرأة بطيب نهب من عسكر الحسين إلا برصت.<BR>العقد الفريد 2|220، عيون الأخبار 1|212، إحقاق الحق 11|511. <BR>هذا شيء يسير مما نقل في مصادر أهل السنة، وأما مصادر الشيعة فذكر فيها الكثير من البينات التي ظهرت بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام، نذكر نبذة منها:<BR>لما قتل الحسين آلت البومة على نفسها أن لا تأوي العمران أبداً ولا تأوي إلا<BR>________________________________________ الصفحة 28  ________________________________________<BR>الخراب، فلا تزال نهارها صائمة حزينة حتى يجنها الليل، فإذا جنها الليل فلا تزال ترن على الحسين، وقبل قتل الحسين كانت تأوي المنازل والقصور والدور، وكانت إذا أكل الناس الطعام تطير فتقع أمامهم فيرمى إليها بالطعام وتسقى ثم ترجع إلى مكانها.<BR>لما قتل الحسين جعلت الحمام الراعبية تدعو على قتلة الحسين.<BR>لما قتل الحسين مطرت السماء دماً ورماداً.<BR>لما قتل الحسين مطرت السماء تراباً أحمر.<BR>لما قتل الحسين ما رفع أهل بيت المقدس حجراً ولا مدراً ولا صخراً إلا ورأوا تحته دماً يغلي، واحمرت الحيطان كالعلق، ومطر الناس ثلاثة أيام دماً عبيطاً.<BR>لما قتل الحسين هبط أربعة الاف ملك، فهم عند قبره شعث غبر يبكون إلى يوم القيامة ـ قيام القائم ـ ورئيسهم ملك يقال له منصور.<BR>لما قتل الحسين ارتفعت حمرة من قبل المشرق وحمرة من قبل المغرب فكادتا يلتقيان في كبد السماء.<BR>لما قتل الحسين مكث الناس أربعين يوماً تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة، وهذا بكاؤها.<BR>لما قتل الحسين أمطرت السماء دماً، وإن الحباب والجرار صارت مملوءة دماً، وذهبت الإبل إلى الوادي لتشرب فإذا هو دم.<BR>لم تبك السماء إلا على يحيى بن زكريا والحسين بن علي، وبكاء السماء: كانت إذا استقبلت بالثوب وقع على الثوب شبه أثر البراغيث من الدم.<BR>لما قتل الحسين بكت عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلب في الجنة والنار وما يرى وما لا يرى.<BR>لما قتل الحسين بكى عليه كل شيء، حتى الوحوش في الفلوات والحيتان في البحر والطير في السماء، وبكت عليه الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض ومؤمنوا <BR>________________________________________ الصفحة 29  ________________________________________<BR>الإنس والجن وجميع ملائكة السماوات والأرضين ورضوان ومالك وحملة العرش.<BR>لما قتل الحسين مدت الوحش أعناقها على قبره تبكيه وترثيه ليلاً حتى الصباح.<BR>لما قتل الحسين بكته السماء أربعين صباحاً بالدم، والأرض بالسواد، والشمس بالحمرة، وإن الجبال تقطعت وانتثرت، وإن البحار تفجرت، وإن الملائكة الذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كل من في الهواء والسماء من الملائكة.<BR>لما كان أمير المؤمنين يتلوا هذه الآية: (فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين) خرج عليه الحسين، فقال أمير المؤمنين: أما إن هذا سيقتل وتبكي عليه السماء والأرض.<BR>إن فاطمة لتبكي الحسين وتشهق.<BR>لما قتل الحسين ناحت الجن عليه: <BR>إن الرماح الواردات صدورها * نحو الحسين تقاتل التنــزيلا<BR>ويهللون بأن قتلت وإنـمــا * قتلوا بك التكبير والتهليـــلا<BR>فكأنما قتلوا أباك محمـــداً * صلى عليه الله أو جبـــريلا<BR>***<BR>يا بن الشهيد ويا شهيداً عـمه * خير العمومة جعفر الطيــار<BR>عجباً لمصقولٍ أصابك حـده * في الوجه منك وقد علاك غبار<BR>***<BR>أيا عين جودي ولا تجمـدي * وجودي عل الهالك السيـــد<BR>فبالطف أمسى صريعاً فقـد * رزئنا الغداة بأمـــــرٍ بدي<BR>***<BR>نساء الجن يبكين من الحزن شجيات * وأسعدن بنوح للنساء الهاشميات<BR>ويندبن حسيناً عظمت تلك الرزيات * ويلطمـن خدوداً كالدنانير نقيات<BR>ويلبسن ثياب السود بعد القصبيات<BR>________________________________________ الصفحة 30  ________________________________________<BR>راجع: المناقب لابن شهر آشوب 4|754 فما بعد، كامل الزيارة: 75 فما بعد، أمالي الصدوق مجلس 27، علل الشرائع 1|217، أمالي المفيد، بحار الأنوار 45|201 ـ 241، وغيرها من المصادر كثيرة جداً<BR>. <BR>أول من كتب المقتل إلى زمن السيد ابن طاووس<BR>________________________________________ الصفحة 32  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 33  ________________________________________<BR>لم يحارب الحسين عليه السلام يزيد وأعوانه فحسب، بل كل من اتى بعد يزيد من الحكام حاربوه ووقفوا أمام من سار على درب الحسين الشهيد عليه السلام وحاولوا التغطية على أخبار واقعة الطف وتشويهما، ولكن أبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.<BR>فكتب الكثير عن واقعة كربلاء من زمن وقوعها وإلى زماننا هذا، وبشتى اللغات، ومن قبل أشخاص مختلفة مذاهبهم وعقائدهم.<BR>ولكن أكثر المقاتل القديمة لم يبق منها إلا الاسم، حرقت وسرقت وأتلفت، وذلك لئلًا يبقى للحسين اسم ورمز يسير عليه من يريد الحرية والإباء، والذي وصل إلينا من المقاتل القديمة الشيء القليل، أو ما نقل عنها في كتب التاريخ.<BR>وفي هذا الفصل نذكر أسماء من كتب المقتل من حين واقعة الطف حتى زمن السيد ابن طاووس حيث كتب هذا الكتاب الملهوف: <BR>(1) أبو القاسم الاصبغ بن نباتة المجاشعي التميمي الحنظلي.<BR>من خاصة أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ومن شرطة الخميس، عمر بعد علي عليه السلام طويلاً، توفي بعد المائة.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>والظاهر أنه أول من كتب مقتل الحسين عليه السلام، والله أعلم.<BR>الفهرست: 37 ـ 38 رقم 108، الذريعة 22|23 ـ 24 رقم 5838. <BR>________________________________________ الصفحة 34  ________________________________________<BR>(2) أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد بن مخنف بن سالم الأزدي الغامدي.<BR>شيخ أصحاب الأخبار بالكوفة ووجههم، روى عن جعفر بن محمد عليه السلام، وقيل: إنه روى عن أبي جعفر عليه السلام، ولم يصح.<BR>وزعم الكشي أنه من أصحاب أمير المؤمنين والحسن والحسين عليهم السلام، والصحيح ان أباه كان من أصحاب علي عليه السلام، وهو لم يلقه.<BR>له كتاب مقتل ـ قتل ـ الحسين عليه السلام.<BR>وكتاب مقتل الحسين عليه السلام الذي طبع مؤخراً منسوباً إلى أبي مخنف ليس له قطعاً، بل لبعض من تأخر عنه، واحتمل بعض المحققين أنه للسيد ابن طاووس، أخذه من مقتل أبي مخنف وزاد عليه ونقص، ومقتل أبي مخنف لم يصل إلينا سوى ما نقله الطبري في تاريخه عنه.<BR>رجال النجاشي: 320 رقم 875، الفهرست: 129 رقم 573، المعالم: 93 ـ 94 رقم 649، الذريعة 22|27 رقم 5859. <BR>(3) أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي.<BR>من أصحاب أبي جعفر عليه السلام، شيخ جعفر بن قولويه.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 240 ـ 244 رقم 640، الذريعة 22|25 رقم 5851. <BR>(4) أبو عبدالله ـ أبو محمد ـ جابر بن يزيد الجعفي.<BR>عربي قديم، لقي أبا جعفر وأبا عبدالله عليهما السلام ومات في أيامه سنة 128.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 128 رقم 332، الذريعة 22|24 رقم 5840. <BR>________________________________________ الصفحة 35  ________________________________________<BR>(5) عبدالله بن أحمد ـ محمد ـ بن أبي الدنيا.<BR>عامي المذهب، توفي سنة 281 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>الفهرست: 104 رقم 438، المعالم: 76 رقم 506، سير أعلام النبلاء 13|403. <BR>(6) أبو الفضل سلمة بن الخطاب البراوستاني الأزدورقاني.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 187 رقم 498، الفهرست: 79 رقم 324، المعالم: 57 رقم 378، الذريعة 22|25 رقم 5847. <BR>(7) أبو الحسن علي بن محمد المدائني.<BR>عامي المذهب، كتبه حسنة، توفي سنة 224 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين، أو السيرة في مقتل الحسين.<BR>الفهرست: 95 رقم 395، المعالم: 72 رقم 486. <BR>(8) أبو زيد عمارة بن زيد الخيواني الهمداني<BR>له كتاب مقتل الحسين بن علي عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 303 رقم 827، الذريعة 22|26 رقم 5855. <BR>(9) أحمد بن عبد الله البكري.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>________________________________________ الصفحة 36  ________________________________________<BR>توجد نسخة منه في مكتبة جامعة القرويين في مدينة فاس بالمغرب ضمن المجموعة رقم 3|575 باسم: حديث وفاة سيدنا الحسين.<BR>(10) أبو جعفر محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران بن عبدالله بن سعد بن مالك الأشعري القمي.<BR>المعروف بدبة شبيب.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 348 ـ 349 رقم 939، الذريعة 22|27 رقم 5861. <BR>(11) أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي<BR>يروي عنه السيد ابن طاووس في هذا الكتاب الملهوف، توفي سنة 210 هـ.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين'عليه السلام.<BR>الذريعة 22|28 رقم 5873. <BR>(12) هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن زيد.<BR>العالم بالأيام، المشهور بالفضل والعلم، وكان يختص بمذهبنا.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 434 ـ 435 رقم 1166. <BR>(13) أبو المفضل نصر بن مزاحم المنقري العطار.<BR>كوفي مستقيم الطريقة، توفي سنة 212 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>________________________________________ الصفحة 37  ________________________________________<BR>رجال النجاشي: 427 ـ 428 رقم 1148، الفهرست: 171 ـ 172 رقم 751، المعالم: 126 رقم 851، الذريعة 22|29 رقم 5874، الفهرست للنديم: 106. <BR>(14) أبو عبدالله محمد بن عمر الواقدي المدني البغدادي.<BR>صاحب كتاب الآداب، توفي سنة 207.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>الذريعة: 22|28 رقم 5869، الفهرست للنديم: 111، الوافي بالوفيات 4|238. <BR>(15) أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>الفهرست: 156 ـ 157 رقم 695، المعالم: 111 ـ 112 رقم 764، الذريعة 22|28 رقم 5867. <BR>(16) محمد بن علي بن الفضل بن تمام بن سكين.<BR>شيخ ابن الغضائري وفي طبقة الصدوق، كان ثقة عيناً صحيح الإعتقاد جيد التصنيف.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 385 رقم 1046، الذريعة 22|28 رقم 5868. <BR>(17) أبو عبدالله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي.<BR>مولى بني غلا، وكان وجهاً من وجوه أصحابنا بالبصرة، توفي سنة 298 هـ.<BR>________________________________________ الصفحة 38  ________________________________________<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 346 ـ 347 رقم 963، الفهرست للنديم: 121. <BR>(18) أبو جعفر محمد بن يحيى الطيار القمي.<BR>شيخ أصحابنا في زمانه، ثقة عين كثير الحديث.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 353 رقم 946. <BR>(19) ابن واضح اليعقوبي أحمد بن إسحاق.<BR>الأخباري الشهير، صاحب تاريخ اليعقوبي، المتوفى بعد سنة 292 أو سنة 284، وهو متأخر عن أبي مخنف.<BR>له كتاب مقتل أبي عبدالله الحسين عليه السلام.<BR>الذريعة 22|23 رقم 5833. <BR>(20) أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق الأحمري النهاوندي.<BR>متهم، وكتبه سداد، سمع منه القاسم بن محمد الهمداني سنة 269 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام.<BR>الفهرست: 7 رقم 9، المعالم: 7 رقم 27، رجال النجاشي: 19 رقم 21، الذريعة 22|23 رقم 5834. <BR>(21) إبراهيم بن محمد بن سعيد هلال بن عاصم بن سعد بن مسعود الثقفي.<BR>أصله كوفي، سكن اصفهان، وكان زيدياً ثم انتقل إلينا، مات سنة 283 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>________________________________________ الصفحة 39  ________________________________________<BR>الفهرست: 4 ـ 5 رقم 7، المعالم: 3 رقم 1، رجال النجاشي: 16 ـ 17 رقم 19، الذريعة 22|23 رقم 5835. <BR>(22) أبو الحسين الشافعي.<BR>صاحب المفيد في الحديث، يروي عنه النجاشي بتوسط شيخه أحمد بن عبد الواحد بن عبدون.<BR>له كتاب المقتل.<BR>الذريعة 22|21 ـ 22 رقم 5825. <BR>(23) ابن شهر آشوب.<BR>ينقل عنه أبو جعفر الحسيني في شرح الشافية.<BR>له كتاب المقتل.<BR>الذريعة 22|22 رقم 5827. <BR>(24) محمد بن الحسن بن علي الطوسي.<BR>له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>الفهرست: 159 ـ 161 رقم 699، المعالم: 114 ـ 115 رقم 766، الذريعة 22: 27 رقم 5863. <BR>(25) نجم الدين جعفر بن نجيب الدين محمد بن جعفر بن أبي البقاء هبة الله بن نما الحلي.<BR>المتوفى سنة 645 هـ.<BR>له كتاب مثير الأحزان ومنير سبل الأشجان، في القتل.<BR>________________________________________ الصفحة 40  ________________________________________<BR>الذريعة 19|349 رقم 1559، 22|22. <BR>(26) أبو عبيد القاسم بن سلار ـ سلام ـ الهروي.<BR>توفي سنة 224 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين.<BR>التحبير للذهبي 1|185. <BR>(27) عبدالله بن محمد بن عبد العزيز البغوي.<BR>توفي سنة 317 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين.<BR>كشف الظنون 2|1794. <BR>(28) عمر بن الحسن بن علي بن مالك الشيباني.<BR>توفي سنة 339 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين بن علي.<BR>معجم المؤلفين 7|282. <BR>(29) ضياء الدين أبو المؤيد الموفق بن أحمد الخوارزمي.<BR>توفي سنة 568 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين، كبير في جزأين.<BR>(30) أبو القاسم محمود بن المبارك الواسطي.<BR>توفي سنة 592 هـ.<BR>________________________________________ الصفحة 41  ________________________________________<BR>له كتاب مقتل الحسين.<BR>إيضاح المكنون 2|540. <BR>(31) عز الدين عبد الرزاق الجزري.<BR>توفي سنة 661 هـ.<BR>له كتاب مقتل الشهيد الحسين.<BR>(32) سليمان بن أحمد الطبراني.<BR>توفي سنة 360 هـ.<BR>له كتاب مقتل الحسين.<BR>أفرد ابن مندة جزءاً حافلاً في ترجمته طبع في نهاية المعجم الكبير، وعد في صفحة 362 رقم 39 هذا الكتاب له.<BR>(33) علي بن موسى بن جعفر بن طاووس.<BR>توفي سنة 664 هـ.<BR>له هذا الكتاب الملهوف على قتلى الطفوف.<BR>وكتاب المصرع الشين في قتل الحسين.<BR>________________________________________ الصفحة 42  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 43  ________________________________________<BR>السيد ابن طاووس في سطور<BR>________________________________________ الصفحة 44  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 45  ________________________________________<BR>هو السيد رضي الدين أبو القاسم علي بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى بن جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد بن طاووس.<BR>يتصل نسبه من قبل أبيه بالإمام المجتبى عليه السلام، ومن قبل أمه بالإمام الحسين عليه السلام، لهذا يلقب بذي الحسبين.<BR>وعرف بابن طاووس، لأن أحد أجداده وهو أبو عبدالله محمد بن إسحاق بن الحسن كان حسن المنظر ورجلاه قبيحتان، فسمي بالطاووس، ولقب أولاده وأحفاده من بعده بهذا اللقب.<BR>ولد في منتصف محرم سنة 589 هـ في الحلة، وقيل: في رجب سنة 587 هـ، وهو قول ضعيف.<BR>نشأ ابن طاووس في الحلة، ودرس المقدمات فيها، وفي سنة 602 هـ كان فيها.<BR>تتلمذ ابن طاووس على الكثيرين واستجاز من آخرين، منهم: <BR>والده سعد الدين موسى.<BR>جده ورام بن أبي فراس النخعي، وحسب تعبير ابن طاووس أن والده وجده ورام كانا أكثر من اهتم بتربيته وعلماه التقوى والتواضع.<BR>أبو الحسن علي بن يحيى الخياط ـ الحناط ـ السوراوي الحلي.<BR>حسين بن أحمد السوراوي.<BR>أسعد بن عبد القادر.<BR>________________________________________ الصفحة 46  ________________________________________<BR>محمد بن جعفر بن هبة الله.<BR>حسن بن علي الدربي.<BR>محمد السوراوي.<BR>محمد بن معد الموسوي.<BR>فخار بن معد الموسوي.<BR>حيدر بن محمد بن زيد الحسيني.<BR>سالم بن محفوظ بن عزيزة الحلي.<BR>جبرئيل بن أحمد السوراوي.<BR>علي بن الحسين بن أحمد الجواني.<BR>حسين بن عبدالكريم الغروي.<BR>محمد بن عبدالله بن علي بن زهرة الحلبي.<BR>وكان لابن طاووس شيوخ قرأ عليهم واستجاز منهم غير إمامية، ووجه ابن طاووس روايته عنهم وجود المصلحة للشيعة في الرواية عنهم، منهم: <BR>محمد بن محمود بن النجار.<BR>مؤيد الدين محمد بن محمد القمي.<BR>تزوج ابن طاووس بزهراء خواتون بنت الوزير الشيعي ناصر بن مهدي، ولم يكن راغباً بهذا الزواج، لأن الوصلة بمثل هذه العوائل تجر الى حب الدنيا، ولا توجد لدنيا معلومات كافية عن زوجته وهل أنجببت له أم لا، وأولاده المعروفين كلهم من أمهات أولاد.<BR>وكانت لابن طاووس روابط حسنة في بغداد مع بعض المتصدين للحكم، كالوزير العلقمي محمد بن أحمد واخوته وابنه.<BR>وكان السيد أيضاً له روابط حسنة مع الخليفة المستنصر العباسي، حتى أن الخليفة<BR>________________________________________ الصفحة 47  ________________________________________<BR>هيء له بيتاً في الجانب الشرقي من المدينة.<BR>وحاول المستنصر العباسي أن يجر السيد ابن طاووس إلى المسائل السياسية ويجعل نقابة جميع الطالبيين له، فامتنع السيد أشد امتناع.<BR>وحاول المستنصر أيضاً إرسال السيد إلى حاكم المغول سفيراً عنه، فلم يقبل.<BR>ولد أول مولود للسيد في 9 محرم سنة 643 هـ في الحلة.<BR>وولد مولوده الثاني في 8 محرم سنة 647 هـ في النجف.<BR>والذي يظهر من كتب السير أن السيد رجع إلى الحلة سنة 641 هـ، وفي سنة 645 هـ ذهب إلى النجف، ومنها ذهب إلى كربلاء سنة 649 هـ، ومنها عزم السفر إلى سامراء سنة 652 هـ، لكنه في طريقه مر ببغداد وبقي في دار الخلافة.<BR>وعند سقوط بغداد بيد المغول كان السيد في بغداد.<BR>ولما دخل هولاكو جمع العلماء في المستنصرية وطلب منهم الفتوى حول مسألة: أي الحاكمين أفضل المسلم الظالم أم الكافر العادل؟ فلم يجب أحد، وبادر السيد بالإجابة: أن الكافر العادل أفضل، وتابعه بقية العلماء بهذه الفتوى.<BR>ومعلوم أن صدور هذه الفتوى من السيد كانت تقية، لأجل الحفاظ على ما تبقى من المسلمين، والله أعلم ماذا كان يحدث إذا لم يصرح السيد بهذه الفتوى؟ هل كان يبقى مسلم على وجه بغداد؟.<BR>وأحضر هولاكو ابن طاووس في 10 صفر سنة 656 هـ، وأعطاه الأمان، وذهب ابن طاووس إلى الحلة.<BR>وفي 9 محرم سنة 658 هـ كان ابن طاووس في بيته في النجف.<BR>وفي 14 ربيع الأول سنة 658 هـ كان في بيته ببغداد.<BR>وذكر أن هولاكو عين ابن طاووس نقابة العلويين سنة 656 هـ وسنة 661 هـ، والظاهر أنه سنة 656 هـ عينه نقيب بغداد، وسنة 661 هـ عينه نقيب كل الطالبيين.<BR>وذكر أن السيد امتنع في بادئ الأمر من قبول النقابة، لكن أعلمه الشيخ نصير الدين<BR>________________________________________ الصفحة 48  ________________________________________<BR>الطوسي بأن امتناعه يسبب قتله، فقبل النقابة مكرهاً.<BR>توفي السيد صبح يوم الإثنين 5 ذي القعدة سنة 664 هـ في بغداد، وحققت أمنيته في دفنه في النجف الأشرف.<BR>والأخبار الواصلة إلينا عن الفترة الأخيرة من عمره الشريف غامضة جداً.<BR>فقيل: إنه توفي في حال كونه نقيباً.<BR>وقيل: إنه عزل عن النقابة في أواخر عمره.<BR>وقيل: إنه وأخاه قتلا.<BR>وكتب السيد القسم الأول من كتابه الملاحم في الحلة في 15 محرم سنة 663 هـ في وقت زيارته من بغداد إلى النجف وتوقفه في الحلة.<BR>وإجاز بعض تلامذته في جمادى الأولى سنة 664 هـ.<BR>ولم يصل لنا خبر بخروج ابن طاووس من العراق غير زيارته إلى بيت الله الحرام سنة 627 هـ.<BR>وأما الوضع المالي لابن طاووس، فكان حسناً، وفي وصيته لولده ذكر فيها أنه لم يخلف ذهباً ولا فضة، تأسياً بالنبي وأمير المؤمنين، وخلف أملاكاً وعقاراً اشتراها في طيلة حياته.<BR>عرف السيد بذي الكرامات، نقل بعضها نفسه في طي كتبه، ونقل بعضها من ترجم له، حتى قيل: إنه كان على اتصال مستقيم بالحجة المنتظر عجل الله فرجه، وقيل: إنه أعطي الاسم الأعظم ولم يجاز في تعليمه لأولاده.<BR>كان لابن طاووس ثلاثة إخوة: <BR>شرف الدين أبو الفضل محمد.<BR>عز الدين الحسن.<BR>جمال الدين أبو الفضائل أحمد والد غياث الدين عبدالكريم.<BR>________________________________________ الصفحة 49  ________________________________________<BR>وكان لابن طاووس أربع بنات، لم تذكر الكتب غير اثنين منهن: <BR>شرف الأشراف.<BR>فاطمة.<BR>يقول عنهن السيد بافتخار: حفظن القرآن وسن شرف الأشراف 12 سنة وفاطمة أقل من تسع، وأوصى لهن نسختين من القرآن.<BR>وللسيد وصايا كثيرة، يحث فيها أولاده والشيعة على ملازمة التقوى والورع والعزلة عن الناس بقدر الإمكان، لأن الإختلاط يوجب البعد عن الله تعالى.<BR>وكانت لابن طاووس مكتبة عظيمة ألف لها فهرساً، تعد من المكتبات المهمة التي تذكر في التاريخ.<BR>وكان ابن طاووس يحث على الإلتزام بالروايات الواردة عن النبي وأهل بيته، لأنها المنبع الأصيل لمعرفة الدين.<BR>وللسيد مؤلفات كثيرة نافعة في شتى العلوم، منها: <BR>الأمان من أخطار الأسفار والزمان.<BR>أنوار أخبار أبي عمرو الزاهد.<BR>الأنوار الباهرة في انتصار العترة الطاهرة.<BR>الأسرار المودعة في ساعات الليل والنهار.<BR>أسرار الصلاة وأنوار الدعوات.<BR>ثمرات المهجة في مهمات الأولاد.<BR>البشارات بقضاء الحاجات على يد الأئمة عليهم السلام بعد الممات.<BR>الدروع الواقية من الأخطار.<BR>فلاح السائل ونجاح المسائل في عمل اليوم والليل.<BR>فرج المهموم في معرفة الحلال والحرام من علم النجوم.<BR>فرحة الناظر وبهجة الخواطر.<BR>________________________________________ الصفحة 50  ________________________________________<BR>فتح الأبواب بين ذوي الألباب ورب الأرباب في الإستخارة وما فيها من وجوه الصواب.<BR>فتح الجواب الباهر في خلق الكافر.<BR>غياث سلطان الورى لسكان الثرى.<BR>الإبانة في معرفة أسماء كتب الخزانة.<BR>إغاثة الداعي وإعانة الساعي.<BR>الإجازات لكشف طرق المفازات.<BR>الإقبال بالأعمال الحسنة.<BR>الإصطفاء في أخبار الملوك والخلفاء.<BR>جمال الأسبوع في العمل المشروع.<BR>الكرامات.<BR>كشف المحجة لثمرة المهجة.<BR>لباب المسرة من كتاب ابن أبي قرة.<BR>الملهوف على قتلى الطفوف.<BR>المنامات الصادقات.<BR>مسالك المحتاج إلى مناسك الحاج.<BR>المضمار للسباق واللحاق بصوم شهر إطلاق الأرزاق وعتاق الأعناق.<BR>مصباح الزائر وجناح المسافر.<BR>مهج الدعوات ومنهج العنايات.<BR>محاسبة النفس.<BR>المهمات في إصلاح المتعبد وتتمات لمصباح المتهجد.<BR>المجتنى من الدعاء المجتبى.<BR>________________________________________ الصفحة 51  ________________________________________<BR>مختصر كتاب ابن حبيب.<BR>المنتقى في العوذ والراقى.<BR>المواسعة والمضايقة.<BR>القبس الواضح من كتاب الجليس الصالح.<BR>ربيع الألباب.<BR>ري الظمآن من مروي محمد بن عبدالله بن سليمان.<BR>روح الأسرار وروح الأسمار.<BR>السعادات بالعبادات التي ليس لها أوقات معينات.<BR>سعد السعود للنفوس.<BR>شفاء العقول من داء الفضول في علم الأصول.<BR>التحصيل من التذييل.<BR>التحصين من أسرار ما زاد من أخبار كتاب اليقين.<BR>التمام لمهام شهر الصيام.<BR>تقريب السالك إلى خدمة المالك.<BR>الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف.<BR>التراجم فيما نذكره عن الحاكم.<BR>التعريف للمولد الشريف.<BR>التشريف بالمنن في التعريف بالفتن.<BR>التشريف بتعريف وقت التكليف.<BR>التوفيق للوفاء بعد تفريق دار الفناء.<BR>طرف من الأنباء والمناقب في شرف سيد الأنبياء وعترته الأطايب.<BR>اليقين في اختصاص مولانا علي بإمرة المؤمنين.<BR>زهر الربيع في أدعية الأسابيع.<BR>________________________________________ الصفحة 52  ________________________________________<BR>***<BR>هذه سطور قليلة عن حياة السيد ابن طاووس المباركة، انتخبناها من عدة كتب، أهمها دراسة عن السيد ابن طاووس لآل ياسين عن حياته ومؤلفاته وخزانة كتبه، ودراسة أخرى لإتان كلبرك حول مكتبته وأحواله وآثاره والتي كتبها باللغة الإنگليزية وترجمت مؤخراً إلى اللغة الفارسية. <BR>من كتب عن السيد ابن طاووس<BR>________________________________________ الصفحة 54  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 55  ________________________________________<BR>1 ـ الميرزا عبدالله: <BR>رياض العلماء 4|161.<BR>2 ـ علي بن أنجب بن الساعي: <BR>تاريخ ابن الساعي.<BR>3 ـ الخوانساري: <BR>روضات الجنات 4|325 ـ 339.<BR>4 ـ المجلسي: <BR>بحار الأنوار 1|12 ـ 13، 107|34 و37 ـ 45 و63 و208.<BR>5 ـ ابن الطقطقي: <BR>تاريخ الفخري: 13.<BR>6 ـ مشاركة العراق في نشر التراث: <BR>رقم 58.<BR>7 ـ مجلة الزهراء: <BR>2|635.<BR>8 ـ مجلة المجمع العلمي العراقي: <BR>12|192.<BR>________________________________________ الصفحة 56  ________________________________________<BR>9 ـ مجلة معهد المخطوطات:<BR>4|216.<BR>10 ـ عبد الحسين الأميني: <BR>الغدير 4|187.<BR>11 ـ محمد هادي الأميني:<BR>معجم رجال الفكر والأدب في النجف 1|80 ـ 82.<BR>12 ـ جواد الشهرستاني:<BR>مقدمة كتاب الأمان: 4 ـ 8.<BR>13 ـ الحر العاملي: <BR>أمل الآمل 2|205.<BR>14 ـ علي العدناني: <BR>مقدمة كتاب بناء المقالة الفاطمية: 12 ـ 21.<BR>15 ـ إتان كلبرك: <BR>مكتبة ابن طاووس وأحواله وآثاره، طبع باللغة الإنكليزية، ثم ترجم إلى اللغة الفارسية سنة 1413 هـ في قم، 771 صفحة.<BR>16 ـ محمد الحسون: <BR>مقدمة كتاب كشف المحجة: 15 ـ 34.<BR>17 ـ حامد الخفاف: <BR>مقدمة كتاب فتح الأبواب: 9 ـ 41.<BR>18 ـ كمال الدين عبد الرزاق بن الفوطي:<BR>الحوادث الجامعة والتجارب النافعة في المائة السابعة: 350 و356 (وفي نسبة هذا الكتاب لابن الفوطي نظر).<BR>________________________________________ الصفحة 57  ________________________________________<BR>تلخيص مجمع الآداب 5|489 و547.<BR>19 ـ ابن عنبة: <BR>عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 190 ـ 191.<BR>20 ـ الطريحي: <BR>مجمع البحرين 4|83 طوس.<BR>جامع المقال فيما يتعلق بأحوال الحديث والرجال: 142.<BR>21 ـ الشيخ يوسف البحراني:<BR>لؤلؤة البحرين: 235.<BR>الكشكول 1|306 ـ 307، 2|196.<BR>22 ـ التفريشي: <BR>نقد الرجال: 244.<BR>23 ـ محمد أمين الكاظمي: <BR>هداية المحدثين إلى طريقة المحمدين: 306.<BR>24 ـ سركيس: <BR>معجم المطبوعات 1|145.<BR>25 ـ الأردبيلي: <BR>جامع الرواة 1|603.<BR>26 ـ أبو علي محمد بن اسماعيل: <BR>منتهى المقال في أحوال الرجال: 225 و 357.<BR>27 ـ الوحيد البهبهاني: <BR>التعليقة: 239.<BR>28 ـ الدزفولي: <BR>مقابس الأنوار: 12 و16.<BR>________________________________________ الصفحة 58  ________________________________________<BR>29 ـ النوري: <BR>مستدرك الوسائل 3|467 ـ 472.<BR>30 ـ البغدادي: <BR>هدية العارفين 5|710.<BR>إيضاح المكنون 3|76 و77 و90 و110 و202 و340 و365 و471 و548 و4|16 و82 و83 و151 و158 و160 و186 و366 و417 و430 و439 و492 و495 و609 و673 و731.<BR>31 ـ المامقاني: <BR>تنقيح المقال 2|310.<BR>32 ـ القمي: <BR>الكنى والألقاب 1|327.<BR>هدية الأحباب: 70.<BR>سفينة البحار 2|96.<BR>الفوائد الرضوية: 43 و109 و199 و312 و334 و338 و386.<BR>33 ـ الطهراني: <BR>الأنوار الساطعة في المائة السابعة (طبقات أعلام الشيعة): 107 و116 و164.<BR>مصفى المقال: 301.<BR>الذريعة 1|58 و127 و222 و366 و396 و2 و20 و45 و49 و56 و59 و121 و249 و264 و392 و418، 3|111 و113 و159 و303 و396 و398، 4|115 و130 و189 و197 و215 و454 و500، 5|129 و170 و236، 6|260، 7|100، 8|146 و 190، 10|75، 11|109 و 262، 12|73 و101 و119، 14|140 و 205، 15|154 و161 و242 , 16|73 و103 و108 و113 و<BR>________________________________________ الصفحة 59  ________________________________________<BR>302 و303 و407، 17|36 و289، 18|58 و69 و76 و95 و274 و281 و326 و389، 19|3، 20|1 و68 و112 و121 و122 و167 و170 و183 و296 و319 و320 و330 و380، 21|12 و20 و23 و107 و118 و135، 22|189 و223 و225 و228 و276 و338، 23|8 و161 و222 و272 و277 و287 و299، 24|63 و158 و177 و270، 25|8 و105 و224 و279، 26|210 و249 و270.<BR>34 ـ الأمين: <BR>أعيان الشيعة 8|358.<BR>35 ـ الخوئي: <BR>معجم رجال الحديث 12|188.<BR>36 ـ الزركلي:<BR>الأعلام 5|26.<BR>37 ـ كحالة:<BR>معجم المؤلفين 7|248.<BR>38 ـ آل ياسين: <BR>السيد علي آل طاووس حياته مؤلفاته خزانة كتبه، 58 صفحة.<BR>39 ـ عبد الرزاق كمونة: <BR>موارد الاتحاف في نقباء الأشراف 1|107 ـ 110.<BR>40 ـ اليعقوبي: <BR>البابليات 1|64 ـ 66.<BR>41 ـ حاجي خليفة: <BR>كشف الظنون: 166 و752 و1608 و1911.<BR>________________________________________ الصفحة 60  ________________________________________<BR>42 ـ الأنصاري: <BR>مقدمة كتاب اليقين: 53 ـ 84.<BR>43 ـ محمد حسن الزنوزي:<BR>رياض الجنة 1|219 ـ 224.<BR>44 ـ المدرس: <BR>ريحانة الأدب 8|76 ـ 79.<BR>45 ـ مشار: <BR>مؤلفين كتب چاپي 4|413 ـ 417.<BR>46 ـ الصدر: <BR>تأسيس الشيعة: 336.<BR>47 ـ أفرام:<BR>دائرة المعارف 3|296.<BR>48 ـ مجلة مجمع العلمي العربي دمشق: <BR>28|468.<BR>49 ـ ابن داود: <BR>الرجال: 226 ـ 228.<BR>50 ـ الشهيد الثاني: <BR>حقايق الإيمان: 156 و170 و177 و252 و256 و260 و267.<BR>51 ـ بروكلمان: <BR>ذيل 1|911 ـ 913.<BR>52 ـ نامه دانشوران: <BR>1|161 ـ 168.<BR>________________________________________ الصفحة 61  ________________________________________<BR>ومصادر أخرى كثيرة، نكتفي بهذا المقدار منها.<BR>ويمكن أن نتعرف على حياة السيد ابن طاووس عند قراءة مؤلفاته، فإنه رضوان الله عليه كتب الشيء الكثير عن جوانب من حياته في طي كتبه، نذكر بعض الموارد منها: <BR>(1) الإقبال: 334 و527 و585 و586 و588 و728.<BR>(2) الأمان: 107 و116 و143.<BR>(3) الإجازات لكشف طرق المفازات، وقد أورد العلامة المجلسي في البحار 107|37 ـ 45 قسماً منه.<BR>(4) جمال الاسبوع: 2 و23 و169 و170 و172.<BR>(5) مهج الدعوات: 212 و256 و296 و342.<BR>(6) كشف المحجة: 4 و86 و109 و112 ـ 114 و115 و118 و122 و125 و127 و130 ـ 132 و134 ـ 136 و137 و138 و151 و193.<BR>(7) اليقين: 5 و45 و79 ـ 81، و178 و191.<BR>(8) فلاح السائل: 2 و5 و6 و14 ـ 15 و68 و70 و72 و74 و194 و246 و264 و269 و270.<BR>(9) سعد السعود: 3 و25 ـ 27 و232 ـ 233.<BR>(10) الملاحم والفتن: 81 و82 و92.<BR>(11) فتح الأبواب: 223 و237 و264 و328.<BR>(12) فرح المهموم: 1 و146 و126 ـ 127 و187.<BR>وغيرها من كتبه، فانه رضوان الله عليه ذكر جوانب كثيرة من حياته في أكثر كتبه، لو جمعت لصارت كتاباً مستقلاً عن حياة السيد ابن طاووس بقلمه المبارك.<BR>________________________________________ الصفحة 62  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 63  ________________________________________<BR>حول الكتاب<BR>________________________________________ الصفحة 64  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 65  ________________________________________<BR>نسبته<BR>ذكر الكتاب السيد ابن طاووس ونسبه لنفسه في كتابه:<BR>الإقبال: 562.<BR>وكتابه كشف المحجة: 194، وقال فيه: الملهوف على قتلى الطفوف في قتل الحسين عليه السلام، غريب الترتيب والتلفيق، وهو من فضل الله جل جلاله الذي دلني عليه.<BR>وكتابه الإجازات كما عنه في البحار 107|42، وقال فيه: وصنفت كتاب الملهوف على قتلى الطفوف، ما عرفت أن أحداً سبقني إلى مثله، ومن وقف عليه عرف ما ذكرته من فضله.<BR>ومما يدل على أن هذا الكتاب للسيد ما ورد في مقدمة هذا الكتاب من اسم المؤلف واسم الكتاب، وأيضاً فان من عرف طريقة تأليف السيد لكتبه يجزم بأن هذا الكتاب له من غير ترديد.<BR>وقال المصنف في آخر هذا الكتاب: ومن وقف على ترتيبه ورسمه مع اختصاره وصغر حجمه عرف تمييزه على أبناء جنسه وفهم فضيلته في نفسه.<BR>ونسبه أيضاً للسيد الشيخ الطهراني في الذريعة 18|389 رقم 576، 22|223.<BR>ونسبه للسيد أيضاً بروكلمان، ذيل 1|912 رقم 5.<BR>وذكر هذا الكتاب أيضاً إتان كلبرك في دراسته عن السيد ابن طاووس، وقال: اللهوف من أشهر مؤلفات ابن طاووس.<BR>وقال أيضاً: طبع عدة مرات وترجم إلى اللغة الفارسية عدة مرات.<BR>________________________________________ الصفحة 66  ________________________________________<BR>وقال: واللهوف عبارة عن نقل الأحداث المرتبطة بواقعة الطف أصل الواقعة وبعدها، وأكثر القصة ينقلها عن راوي غير معروف، هدفه هو أن يقرأ اللهوف في عاشوراء.<BR>وذكر كلبرك من كتب السيد: المصرع الشين في قتل الحسين، وقال: ولم يذكر في مكان، وذكر: أن الدليل الوحيد على أن هذا الكتاب لابن طاووس هو النسخة الخطية في ليدن رقم 792.<BR>وذكر عدة احتمالات ومقايسات بين المصرع الشين والمقتل المطبوع المنسوب لأبي مخنف، مما جعل احتمال اتحادهما وارداً.<BR>واحتمل اتان كلبرك أن السيد ابن طاووس اعتمد على مقتل أبي مخنف وأضاف إليه ورتبه وسماه المصرع الشين.<BR>وعليه فالمقتل المطبوع المنسوب لأبي مخنف هو الذي رتبه السيد ابن طاووس من مقتل أبي مخنف وأضاف إليه.<BR>وذكر أيضاً أن المصرع الشين واللهوف كتابان، مع وجود بعض الإتحاد بينهما.<BR>راجع دراسة إتان عن السيد ابن طاووس: 76 ـ 78.<BR>ونسب الكتاب لابن طاووس الشيخ محمد حسن آل ياسين في دراسته عن السيد ابن طاووس: 18، وقال: وطبع في النجف وايران غير مرة.<BR>وعلى كل حال، فإن الملهوف للسيد ابن طاووس جزماً، وأنه غير كتابه المصرع الشين الذي أخذه من مقتل أبي مخنف، وإن كان بينهما بعض الإتحاد.<BR>اسمه<BR>ذكر الكتاب بأسماء مختلفة، ويرجع ذلك إلى اختلاف النسخ أولاً، وإلى نفس المؤلف ثانياً، لأن المؤلف ابن طاووس ذكر لكتبه عدة أسماء أو اسماً واحداً مع التغيير فيه.<BR>وأسماء هذا الكتاب كما ورد في المخطوطات والمصادر الذاكرة له هي: <BR>________________________________________ الصفحة 67  ________________________________________<BR>1 ـ اللهوف على قتلى الطفوف.<BR>2 ـ الملهوف على قتلى الطفوف.<BR>3 ـ الملهوف على قتل الطفوف.<BR>4 ـ اللهوف في قتلى الطفوف.<BR>5 ـ الملهوف على أهل الطفوف.<BR>6 ـ المسالك في مقتل الحسين، كما ورد على غلاف نسخة (ر)، وذلك بناء على قول ابن طاووس في المقدمة: ووضعته على ثلاثة مسالك.<BR>وذكر الشيخ الطهراني أن اسم اللهوف على قتلى الطفوف أشهر، الذريعة 22|223.<BR>ونحن اخترنا اسم الكتاب: الملهوف على قتلى الطفوف، بناءً على ما ورد في نسخة (ر) المعتمدة، وفي كشف المحجة: 194، وفي الاجازات كما عنه في البحار 107|42، وغيرهما من مؤلفات ابن طاووس، حيث ذكر فيها اسم الكتاب: الملهوف على قتلى الطفوف.<BR>نسخه<BR>لأهمية الكتاب ونسجه على منهج لطيف تلقاه النساخ بالكتابة لاحتياج العلماء له، فنرى له نسخاً كثيرة في مكتبات العالم، منها: <BR>1 ـ في المكتبة العامة لآية الله المرعشي، قم، ضمن مجموعة رقم 6068، الرسالة الثالثة، نسخ محمد تقي ابن آقا محمد صالح، تاريخ النسخ 1303 هـ، وذكرت في فهرسها 16|70.<BR>2 ـ في المكتبة المرعشية أيضاً، ضمن مجموعة رقم 7520، الرسالة الثالثة، بخط طالب ابن محمد طالب المازندراني، تاريخ الكتابة 1119 هـ، ذكرت في فهرسها 19|327.<BR>3 ـ في مكتبة ملك، طهران، رقم 6069، تاريخ الكتابة سنة 1052.<BR>4 ـ في مكتبة المجلس، طهران، ضمن مجموعة رقم 3815، تاريخ الكتابة سنة<BR>________________________________________ الصفحة 68  ________________________________________<BR>1101 هـ.<BR>5 ـ في مكتبة المجلس أيضاً، ضمن مجموعة رقم 4826، تاريخ الكتابة القرن 11.<BR>6 ـ في مكتبة الإمام الرضا (ع)، مشهد، رقم 6712، تاريخ الكتابة سنة 1091 هـ.<BR>7 ـ في المكتبة الرضوية أيضاً، رقم 13671، تاريخ الكتابة سنة 1202 هـ أو 1220 هـ.<BR>8 ـ في مكتبة الرضوية أيضاً، رقم 2132، تاريخ الكتابة سنة 1233 هـ.<BR>9 ـ في المكتبة الرضوية أيضاً، رقم 8874، بدون تاريخ.<BR>10 ـ في المكتبة الرضوية أيضاً، رقم 8124، بدون تاريخ.<BR>11 ـ في المكتبة الرضوية أيضاً، ضمن مجموعة رقم 15317، نسخ أبي الحسن الاصفهاني، تاريخ الكتابة سنة 1117 هـ.<BR>12 ـ في مكتبة برلين، رقم 912، تاريخ الكتابة 1020 هـ.<BR>طبعاته<BR>طبع الكتاب مرات عديدة، نذكر بعضاً منها: <BR>1 ـ طهران، حجري، رحلي، مع المجلد العاشر من البحار.<BR>2 ـ طهران، سنة 1271 هـ، مع رسالة أخذ الثأر والقصيدة العينية للسيد الحميري.<BR>3 ـ طهران، سنة 1287 هـ، حجري.<BR>4 ـ طهران، سنة 1317 هـ، حجري، رقعي، تصحيح محمود مدرس.<BR>5 ـ طهران، سنة 1275 هـ، مع مهيج الأحزان ومقتل أبي مخنف.<BR>6 ـ طهران، سنة 1322 هـ، حجري، رقعي.<BR>7 ـ طهران، سنة 1365 هـ، حجري، جيبي.<BR>8 ـ طهران، المكتبة الإسلامية، جيبي، مع حواشي سيد محمد صحفي.<BR>________________________________________ الصفحة 69  ________________________________________<BR>9 ـ صيدا، سنة 1329 هـ.<BR>10 ـ بيروت، رقعي.<BR>11 ـ بمبئي، سنة 1326 هـ، حجري، رقعي، مع مقتل أبي مخنف ومثير الأحزان.<BR>12 ـ النجف، رقعي.<BR>13 ـ النجف، رقعي، مع قصة المختار.<BR>14 ـ النجف، سنة 1369 هـ، رقعي.<BR>15 ـ قم، جيبي، مقدمة وهوامش محمد صحفي<BR>16 ـ النجف، سنة 1385هـ، المكتبة الحيدرية، مع حكاية المختار.<BR>17 ـ قم، منشورات الشريف الرضي، سنة 1346 هـ. ش، مع حكاية المختار.<BR>18 ـ تبريز، حجري.<BR>ترجمته<BR>ترجم الكتاب إلى اللغة الفارسية ميرزا رضا قلي خان، وسمى الترجمة: لجة الألم وحجة الأمم.<BR>الذريعة 18|296.<BR>وترجمه أيضاَ إلى الفارسية الشيخ أحمد بن سلامة النجفي.<BR>الذريعة 26|201.<BR>وترجمه أيضاً محمد إبراهيم بن محمد مهدي نواب، وسمى ترجمته: فيض الدموع، طبع في طهران سنة 1286 هـ.<BR>وترجمه السيد أحمد الفهري، وسمى ترجمته: آه سوزان بر مزار شهيدان، وطبع في ايران.<BR>________________________________________ الصفحة 70  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 71  ________________________________________<BR>عملنا في الكتاب<BR>________________________________________ الصفحة 72  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 73  ________________________________________<BR>هدفنا في تحقيق هذا الكتاب هو ضبط نصه وعرضه بصورة خالية من الأخطاء.<BR>فاعتمدنا في تقويم نصه وضبطه على: <BR>أ ـ النسخة المحفوظة في المكتبة الرضوية في مشهد، رقم 15317، ومعها كتاب الدر الثمين، كتبت النسخة سنة 1117 هـ، كتبها أبو الحسن الإصفهاني، ورمزنا لها بحرف (ر).<BR>ب ـ ما ذكره الشيخ المجلسي في بحاره نقلاً عن الملهوف، فأورد أكثر الكتاب في بحاره، ورمزنا له بحرف (ب).<BR>ج ـ النسخة المطبوعة في النجف سنة 1369 هـ، المطبعة الحيدرية، ورمزنا لها بحرف (ع)، ولم يكن الإعتماد عليها إلا نادراً.<BR>فضبطنا نص الكتاب وصححناه على هذه النسخ، وأشرنا إلى أكثر الإختلافات التي لها وجه ومعنى في الهامش.<BR>والمرحلة الثانية في تحقيقنا لهذا الكتاب هي: ضبط الأعلام الواردة في المتن، فعند مراجعة المصادر الرجالية والتاريخية واجهنا أن كثيراً من الأسماء قد ذكرت في النسخ المعتمدة مصحفة، فصححنا الاسماء وفقاً للكتب الرجالية الصحيحة، ووضعنا في الهامش لهم ترجمة مختصرة، ليكون القارئ بمعرفتهم على إحاطة كاملة بواقعة الطف، وقسماً من مصادر التراجم نقلنا عنها بواسطة كتاب الأعلام لخير الدين الزركلي وهوامش سير أعلام النبلاء، وغيرهما.<BR>ووضعنا ترجمة مختصرة للكتب المذكورة في المتن.<BR>________________________________________ الصفحة 74  ________________________________________<BR>وذكرنا شرحاً مختصراً عن البلدان المذكورة في المتن، ليحيط القارئ بواقعة الطف من بدايتها وحتى نهايتها من الجهة الجغرافية.<BR>وجعلنا كلام الإمام الحسين عليه السلام في كل الكتاب بصورة تميزه عن غيره من الكلام، وذلك بطبعه بالحروف البارزة.<BR>وذكرنا في آخر الكتاب عدة فهارس، تسهيلاً للمراجع.<BR>ويسرني في آخر المقدمة أن أقدم وافر شكري وتقديري إلى زوجي العلوية الفاضلة أم شيماء لمساعدتها لي في تحقيق هذا الكتاب وغيره من كتب سلفنا الصالح، فجزاها الله خير جزاء المحسنين وحشرها مع جدها سيد المرسلين.. آمين.<BR>وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.<BR>قم المقدسة              <BR>3 ـ شعبان ـ 1413 هـ      <BR>ذكرى مولد الإمام الحسين عليه السلام<BR>فارس الحسون            <BR>تبريزيان                <BR>________________________________________ الصفحة 75  ________________________________________</P>

<P>متن الكتاب <BR>الملهوف على قتلى الطفوف<BR>________________________________________ الصفحة 80  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 81  ________________________________________<BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>الحمد لله المتجلي لعباده من أفق الألباب، المجلي عن مراده بمنطق (1) السنة والكتاب، الذي نزه أولياءه عن دار الغرور، وسما بهم إلى أنوار السرور.<BR>ولم يفعل ذلك محاباةً (2) لهم على الخلائق، ولا إلجاءً لهم (3) إلى جميل الطرائق (4).<BR>بل عرف منهم قبولاً للألطاف، واستحقاقاً لمحاسن الأوصاف، فلم يرض لهم التعلق بحبال الإهمال، بل وفقهم للتخلق بكمال الأعمال.<BR>حتى عزفت (5) نفوسهم عمن سواه، وعرفت أرواحهم شرف رضاه، فصرفوا أعناق قلوبهم إلى ظله، وعطفوا آمالهم نحو كرمه وفضله.<BR>فترى لديهم فرحة المصدق بدار بقائه، وتنظر عليهم مسحة المشفق من أخطار لقائه. <BR>____________<BR>(1) ر: بنطق.<BR>(2) ع: بهم محاباةً.<BR>والمحاباة: العطاء بلا من ولاجزاء.<BR>(3) ر: ولا إلجاءهم.<BR>(4) ر: الطريق.<BR>(5) ع: فرغت.<BR>وعزفت بمعنى: سلت.<BR>________________________________________ الصفحة 82  ________________________________________<BR>ولا تزال أشواقهم متضاعفة إلى ما قرب من مراده، وأريحيتهم (6) مترادفه نحو إصداره وإيراده، وأسماعهم مصغية إلى استماع (7) أسراره، وقلوبهم مستبشرة بحلاوة تذكاره.<BR>فحياهم منه بقدر ذلك التصديق، وحباهم من لدنه حباء البر الشفيق.<BR>فما أصغر عندهم كل ما شغل عن جلاله، وما أتركهم لكل ما باعد من وصاله، حتى أنهم ليتمتعون بأنس ذلك الكرم والكمال، ويكسوهم أبداً حلل المهابة والجلال.<BR>فإذا عرفوا أن حياتهم مانعة عن (8) متابعة مرامه، وبقاءهم حائل بينهم وبين إكرامه، خلعوا أثواب البقاء، وقرعوا أبواب اللقاء، وتلذذوا في طلب ذلك النجاح، ببذل النفوس والأرواح، وعرضوها لخطر السيوف والرماح.<BR>وإلى ذلك التشريف الموصوف سمت نفوس أهل الطفوف، حتى تنافسوا في التقدم إلى الحتوف، وأصبحوا (9) نهب الرماح والسيوف.<BR>فما أحقهم بوصف السيد المرتضى علم الهدى (10) رضوان الله عليه، وقد مدح <BR>____________<BR>(6) ر: وأريحتهم.<BR>والأريحي: الواسع الخلق النشيط إلى المعروف، وهو أيضاً: السخي الذي يرتاح للندى، وراح لذلك الأمر رواحاً وأريحية ورياحةً: أشرق له وفرح به وأخذته له خفة وأريحية، لسان العرب 5|359 روح.<BR>(7) ر: اسماع.<BR>(8) ر: من.<BR>(9) ع: وأضحوا.<BR>(10) أبو القاسم علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم ابن الإمام الكاظم عليه السلام، نقيب الطالبيين، وأحد الأئمة في علم الكلام والأدب والشعر، مولده ووفاته ببغداد، روى عن جماعة كالشيخ <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 83  ________________________________________<BR>من أشرنا إليه فقال: <BR>لهم جســوم (11) على الرمضاء مهملة * وأنـــفس في جوار الله يقريها<BR>كـــأن قـــاصدها بالضر نافعها * وأن (12) قــاتلها بالسيف محييها<BR>ولولا امتثال أمر السنة والكتاب، في لبس شعار الجزع والمصاب، لأجل ما طمس من أعلام الهداية، وأسس من أركان الغواية (13)، وتأسفاً على ما فاتنا من تلك السعادة، وتلهفاً على أمثال تلك الشهادة، وإلا كنا قد لبسنا لتلك النعمة الكبرى أثواب المسرة والبشرى.<BR>وحيث أن في الجزع رضىً لسلطان المعاد، وغرضاً لأبرار العباد، فها نحن قد لبسنا سربال الجزوع، وآنسنا بإرسال الدموع، وقلنا للعيون: جودي بتواتر البكاء، وللقلوب: جدي جد ثواكل النساء.<BR>فإن ودائع الرسول الرؤوف أضيعت (14) يوم الطفوف، ورسوم وصيته بحرمه وأبنائه طمست بأيدي أمته وأعدائه.<BR>فيالله من تلك الفوادح المقرحة للقلوب، والجوائح المصرحة (15) بالكروب، <BR>____________<BR>=<BR>المفيد والحسين بن علي بن بابويه، وروى عنه جماعة كسلًار وأبي الصلاح الحلبي والخطيب البغدادي والقاضي ابن قدامة، له عدة كتب، منها: الشافي في الإمامة، توفي سنة 433 هـ وقيل: 436 هـ.<BR>رياض العلماء 4|14، وفيات الأعيان 3|313، الكنى والألقاب 2|439، ميزان الإعتدال 2|223، لسان الميزان 4|223، جمهرة الأنساب: 56، الأعلام 4|278.<BR>(11) ع: نفوس، بدلاً من: لهم جسوم.<BR>(12) ر: أو أن.<BR>(13) ر: الغراية.<BR>(14) ع: أبيحت.<BR>(15) ع: والجرائح المصرخة.<BR>________________________________________ الصفحة 84  ________________________________________<BR>والمصائب المصغرة كل بلوى، والنوائب المفرقة شمل التقوى، والسهام التي أراقت دم الرسالة، والأيدي التي ساقت سبي الجلالة، والرزية التي نكست رؤوس الأبدال، والبلية التي سلبت نفوس خير الآل، والشماتة التي ركست (16) أسود الرجال (17)، والفجيعة (18) التي بلغ رزؤها إلى جبرائيل، والفظيعة التي عظمت على الرب الجليل.<BR>وكيف لا يكون كذلك وقد أصبح لحم رسول الله مجرداً على الرمال، ودمه الشريف مسفوكاً بسيوف الضلال، ووجوه بناته مبذولة لعين السائق والشامت، ومسلبهن بمنظر من الناطق والصامت، وتلك الأبدان المعظمة عارية من الثياب، والأجساد المكرمة جاثية على التراب؟!!<BR>مصائب بددت شمل النبي ففي * قلب الهدى أسهم يطفن (19) بالتلف<BR>ونــاعيات إذا ما مل ذو وله * ســـرت عليه بنار الزن والأسف<BR>فياليت لفاطمة وأبيها عيناً تنظر إلى بناتها وبنيها: ما بين مسلوب، وجريح، ومسحوب، وذبيح، وبنات النبوة: مشققات الجيوب، ومفجوعات بفقد المحبوب، وناشرات للشعور، وبارزات من الخدور، ولاطمات للخدود، وعادمات للجدود، ومبديات للنياحة والعويل، وفاقدات للمحامي والكفيل.<BR>فيا أهل البصائر من الأنام، ويا ذوي النواظر والأفهام، حدثوا نفوسكم <BR>____________<BR>=<BR>والجوائح جمع جائحة، وهي: الشدة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال، وتستعمل مجازاً لكل شدة.<BR>(16) الركس: قلب الشيء ورده مقلوباً.<BR>(17) من قوله: والشماتة، إلى هنا، لم يرد في ر.<BR>(18) ر: والنجيعة.<BR>(19) ر: ينطق.<BR>________________________________________ الصفحة 85  ________________________________________<BR>بمصائب هاتيك العترة، ونوحوا بالله لتلك الوحدة والكثرة، وساعدوهم بموالاة الوجد والعبرة، وتأسفوا على فوات تلك النصرة.<BR>فإن نفوس أولئك الأقوام ودائع سلطان الأنام، وثمرة فؤاد الرسول، وقرة عين الزهراء البتول، ومن كان يرشف بفمه الشريف ثناياهم، ويفضل على أمته أمهم وأباهم.<BR>إن كنت في شــك فسل عن حالهم * سنـــن الرسول ومحكم التنزيل<BR>فهنــاك أعدل شاهدٍ لذوي الحـجى * وبيان فضلهـم على التفصيل (20)<BR>ووصيـــةٌ سبقت لأحمـــد فيهم * جــاءت إليـه على يدي جبريل <BR>وكيف طابت النفوس (21) مع تداني الأزمان بمقابلة إحسان جدهم (22) بالكفران، وتكدير عيشه بتعذيب ثمرة فؤاده، وتصغير قدره بإراقة دماء أولاده؟!<BR>وأين موضع القبول لوصاياه بعترته وآله؟ وما الجواب عند لقائه وسؤاله؟ وقد هدم القوم ما بناه! ونادى الاسلام واكرباه!<BR>فيالله من قلبٍ لا يتصدع لتذكار تلك الأمور! ويا عجباه من غفلة أهل الدهور! وما عذر أهل الاسلام والإيمان في إضاعة أقسام الاحزان!<BR>ألم يعلموا أن محمدأً موتورٌ وجيع؟ وحبيبه مقهورٌ صريعٌ؟ والملائكة يعزونه على جليل مصابه؟ والأنبياء يشاركونه في أحزانه وأوصابه؟<BR>فيا أهل الوفاء لخاتم الأنبياء، علام لا تواسونه في البكاء؟! <BR>____________<BR>(20) ع: الفصيل.<BR>(21) ع: فكيف طابت للنفوس.<BR>(22) ع: مقابلة احسان أبيهم.<BR>________________________________________ الصفحة 86  ________________________________________<BR>بالله عليك أيها المحب لولد الزهراء، نح معها على المنبوذين بالعراء، وجد ويحك بالدموع السجام، وابك على ملوك الاسلام، لعلك تحوز ثواب المواسي لهم في المصاب، وتفوز بالسعادة يوم الحساب.<BR>فقد روي عن مولانا الباقر عليه السلام أنه قال: «كان زين العابدين عليه السلام يقول: أيما مؤمن ذرفت (23) عيناه لقتل الحسين عليه السلام حتى تسيل على خده بوأه الله بها في الجنة غرفاً يسكنها أحقاباً (24)، وأيما مؤمن ذرفت عيناه حتى تسيل على خده فيما مسنا من الأذى من عدونا في الدنيا بوأه الله منزل صدقٍ، وأيما مؤمن مسه أذىً فينا صرف الله عن وجهه الأذى وآمنه من سخط النار يوم القيامة».<BR>وروى عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: «من ذكرنا عنده ففاضت عيناه ولو مثل جناح الذبابة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر».<BR>وروي أيضاً عن آل الرسول عليهم السلام أنهم قالوا: «من بكى وأبكى فينا مائة فله الجنة (25)، ومن بكى وأبكى خمسين فله الجنة، ومن بكى وأبكى ثلاثين فله الجنة، ومن بكى وأبكى عشرين فله الجنة (26)، ومن بكى وأبكى عشرة فله الجنة، ومن بكى وأبكى واحداً فله الجنة، ومن تباكى فله الجنة».<BR>قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس الحسيني ـ جامع هذا الكتاب ـ: إن من أجل البواعث لنا على سلوك هذا الكتاب (27) أنني (28) لما <BR>____________<BR>(23) أي: صبت دمعاً وسالت.<BR>(24) جمع حقب بضمتين أي: زماناً كثيراً، أحقاباً لا انقطاع لها، كلما مضى حقب جاء بعده حقب آخر.<BR>(25) ع: فينا مائة ضمنا له على الله الجنة، والمثبت من ر. ب.<BR>(26) قوله: ومن بكى وأبكى عشرين فله الجنة، لم يرد في ع. ر، وأثبتناه من ب.<BR>(27) ر: الباب.<BR>(28) ر: أني.<BR>________________________________________ الصفحة 87  ________________________________________<BR>جمعت كتاب: مصباح الزائر وجناح المسافر (29)، ورأيته قد احتوى على أقطار محاسن الزيارات ومختار أعمال تلك الأوقات، فحامله مستغنٍ عن نقل مصباح لذلك الوقت الشريف، أو حمل مزارٍ كبير أو لطيفٍ.<BR>أحببت أيضاً أن يكون حامله مستغنياً عن نقل مقتلٍ في زيارة عاشوراء إلى مشهد (30) الحسين صلوات الله عليه.<BR>فوضعت هذا الكتاب ليضم إليه، وقد جمعت ها هنا ما يصلح لضيق وقت الزوار، وعدلت عن الإطناب والإكثار، وفيه غنية لفتح أبواب الأشجان، وبغية لنجح أرباب الإيمان، فإننا (31) وضعنا في أجساد معناه روح ما يليق بمعناه.<BR>وقد ترجمته بكتاب: الملهوف على قتلى الطفوف (32)، ووضعته على ثلاثة مسالك، مستعيناً بالرؤوف المالك (33). <BR>____________<BR>(29) هو أول تصانيفه، في عشرين فصلاً، أوله في مقدمات السفر وآدابه، والأخير في زيارة أولاد الأئمة والمؤمنين، ونسخه شائعة.<BR>(30) ر: زيارة مشهد.<BR>(31) ر: فإنا.<BR>(32) ع: اللهوف على قتلى الطفوف.<BR>(33) قوله: مستعيناً بالرؤوف المالك، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 88  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 89  ________________________________________<BR>المسلك الأول <BR>فى الأمور المتقدمة على القتال (1)<BR>____________<BR>(1) ر: المسلك الأول على سبيل الإجمال في الأمور المتقدمة على القتال. <BR>________________________________________ الصفحة 91  ________________________________________<BR>كان مولد الحسين عليه السلام لخمس ليالٍ خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.<BR>وقيل: اليوم (2) الثالث منه.<BR>وقيل: في أواخر شهر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة.<BR>وروي غير ذلك.<BR>قالت (3) أم الفضل (4) زوجة العباس (5) رضوان الله عنهما: رأيت في منامي <BR>____________<BR>(2) ر: يوم.<BR>(3) جاء في نسخة ع: <BR>ولما ولد هبط جبرئيل عليه السلام ومعه ألف ملك يهنون النبي صلى الله عليه وآله بولادته، وجاءت به فاطمة عليها السلام إلى النبي صلى الله عليه وآله، فسر به وسماه حسيناً.<BR>قال ابن عباس في الطبقات: أنبأنا عبدالله بن بكر بن حبيب السهمي، قال: أنبأنا حاتم بن صنعة، قالت...<BR>(4) لبابة بنت الحارث الهلالية، الشهيرة بأم الفضل، زوجة العباس بن عبد المطلب، ولدت من العباس سبعة، أسلمت بمكة بعد إسلام خديجة، وكان رسول الله (ص) يزورها ويقيل في بيتها، توفيت نحو سنة 30 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 942 و1448، ذيل المذيل: 84، الجمع بين رجال الصحيحين: 612، الأعلام 5|239.<BR>(5) العباس عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو الفضل، من أكابر قريش في الجاهلية والإسلام، كان محسناً لقومه سديد الرأي، كانت له سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، أسلم قبل الهجرة وكتم إسلامه، عمي في آخر عمره، توفي بالمدينة سنة 32 هـ.<BR>صفة الصفوة 1|203، المحبر: 63، ذيل المذيل: 10، الأعلام 3|262. <BR>________________________________________ الصفحة 92  ________________________________________<BR>قبل مولده كأن قطعةً من لحم رسول الله صلى الله عليه وآله قطعت فوضعت (6) في حجري، فعبرت (7) ذلك على رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال «خيراً رأيت (8)، إن صدقت رؤياك فإن فاطمة ستلد غلاماً فأدفعه إليك لترضعيه».<BR>قالت: فجرى الأمر على ذلك.<BR>فجئت به يوماً، فوضعته في حجره، فبال (9)، فقطرت من بوله قطرةٌ على ثوب النبي صلى الله عليه وآله، فقرصته، فبكى، فقال النبي صلى الله عليه وآله (10): «مهلاً يا أم الفضل، فهذا ثوبي يغسل، وقد أوجعت ابني».<BR>قالت: فتركته في حجره، وقمت لآتيه بماء، فجئت، فوجدته صلوات الله عليه وآله يبكي.<BR>فقلت: مم بكاؤك يا رسول الله؟<BR>فقال: «إن جبرئيل عليه السلام أتاني، فأخبرني أن أمتي تقتل ولدي هذا، لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة (11)».<BR>قال رواة الحديث: فلما أتت على الحسين عليه السلام من مولده سنة كاملة، هبط على رسول الله صلى الله عليه وآله اثنا عشر ملكاً: أحدهم على صورة الأسد، والثاني على صورة الثور، والثالث على صورة التنين (12)، والرابع على صورة ولد آدم، <BR>____________<BR>(6) لفظ: فوضعت، لم يرد في ر.<BR>(7) ع: ففسرت.<BR>(8) ع: يا أم الفضل رأيت خيراً.<BR>(9) ع: فجئت به يوماً إليه فوضعته في حجره فبينما هو يقبله فبال.<BR>(10) ع: كالمغضب.<BR>(11) قوله: لا أنالهم الله شفاعتي يوم القيامة، لم يرد في ر.<BR>(12) التنين: ضربٌ من الحيات من أعظمها.<BR>________________________________________ الصفحة 93  ________________________________________<BR>والثمانية الباقون على صور شتى، محمرة وجوههم باكية عيونهم (13)، قد نشروا أجنحتهم، وهم يقولون: يا محمد سينزل بولدك الحسين بن فاطمة ما نزل بهابيل من قابيل، وسيعطى مثل أجر هابيل، ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل.<BR>ولم يبق في السموات ملك (14) إلا ونزل إلى النبي صلى الله عليه وآله، كلٌ يقرؤه السلام، ويعزيه في الحسين عليه السلام، ويخبره بثواب ما يعطى، ويعرض عليه تربته، والنبي صلى الله عليه وآله يقول: «اللهم اخذل من خذله، واقتل من قتله، ولا تمتعه بما طلبه».<BR>قال: فلما أتى على الحسين عليه السلام سنتان من مولده خرج النبي صلى الله عليه وآله في سفرٍ له (15)، فوقف في بعض الطريق، فاسترجع ودمعت عيناه.<BR>فسئل عن ذلك، فقال: «هذا جبرئيل يخبرني عن أرضٍ بشط الفرات يقال لها كربلاء (16)، يقتل بها ولدي الحسين بن فاطمة».<BR>فقيل له: من يقتله يا رسول الله؟<BR>فقال: «رجل اسمه يزيد، وكأني أنظر إلى مصرعه ومدفنه».<BR>ثم رجع من سفره ذلك مغموماً، فصعد المنبر فخطب (17) ووعظ، والحسن والحسين عليهما السلام بين يديه.<BR>فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسن واليسرى على رأس <BR>____________<BR>(13) باكية عيونهم، لم يرد في ر.<BR>(14) ع: ملك مقرب.<BR>(15) له، لم يرد في ر.<BR>(16) كربلاء بالمد: الموضع الذي قتل فيه الحسين عليه السلام، في طرف البرية عند الكوفة.<BR>روي: أنه عليه السلام اشترى النواحي التي فيها قبره من أهل نينوى والغاضرية بستين ألف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط عليهم أن يرشدوا إلى قبره ويضيفوا من زاره ثلاثة أيام.<BR>معجم البلدان 4|249، مجمع البحرين 5|641 ـ 642.<BR>(17) فخطب، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 94  ________________________________________<BR>الحسين، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إن محمداً عبدك ورسولك، وهذان أطائب عترتي وخيار ذريتي وأرومتي (18) ومن أخلفهما في أمتي، وقد أخبرني جبرئيل عليه السلام أن ولدي هذا مقتول مخذول، اللهم فبارك له في قتله واجعله من سادات الشهداء، اللهم ولا تبارك (19) في قاتله وخاذله».<BR>قال: فضج الناس في المسجد بالبكاء والنحيب (20).<BR>فقال النبي صلى الله عليه وآله: «أتبكون ولا تنصرونه».<BR>ثم رجع صلوات الله عليه وهو متغير اللون محمر الوجه، فخطب خطبةً أخرى موجزة وعيناه تهملان دموعاً، قال:<BR>«أيها الناس إني قد خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي وأرومتي (21) ومزاج مائي وثمرتي، وأنهما لن (22) يفترقا حتى يردا علي الحوض، ألا وأني أنتظرهما، وأني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم (23) المودة في القربى، وفانظروا ألا تلقوني غداً على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم وقتلتموهم.<BR>ألا وإنه سترد علي يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة:<BR>راية (24) سوداء مظلمة قد فزعت لها الملائكة، فتقف علي، فأقول: من أنتم؟ <BR>____________<BR>(18) الأرومة: الأصل.<BR>(19) ر: اللهم لا تبارك.<BR>(20) والنحيب، لم يرد في ر.<BR>(21) ر: وعترتي وأرومتي.<BR>(22) ع: وثمرة فؤادي ومهجتي لن.<BR>(23) ع: إلا ما أمرني ربي أمرني ربي أن اسألكم.<BR>(24) ع: الأولى.<BR>________________________________________ الصفحة 95  ________________________________________<BR>فينسون ذكري ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب.<BR>فأقول لهم (25): أنا أحمد نبي العرب والعجم.<BR>فيقولون: نحن من أمتك يا أحمد.<BR>فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي؟<BR>فيقولون: أما الكتاب فضيعناه، وأما عترتك فحرصنا على أن نبيدهم عن جديد الأرض (26).<BR>فأولي وجهي عنهم، فيصدرون ظماءً عطاشاَ مسودة وجوههم.<BR>ثم ترد علي رايةٌ أخرى أشد سواداً من الأولى، فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر: كتاب ربي (27)، وعترتي؟<BR>فيقولون: أما الأكبر فخالفنا، وأما الأصغر فخذلناهم ومزقناهم كل ممزق.<BR>فأقول: إليكم عني، فيصدرون ظماءً عطاشاً مسودة وجوههم.<BR>ثم ترد علي راية أخرى تلمع نوراً (28)، فأقول لهم: من أنتم؟<BR>فيقولون: نحن أهل كلمة التوحيد والتقوى، نحن أمة محمد صلى الله عليه وآله، ونحن بقية أهل الحق، حملنا كتاب ربنا فأحللنا حلاله وحرمنا حرامه، وأحببنا ذرية نبينا محمد صلى الله عليه وآله، فنصرناهم في كل ما نصرنا منه أنفسنا، وقاتلنا معهم من ناواهم.<BR>فأقول لهم: أبشروا فأنا نبيكم محمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثم أسقيهم من حوضي، فيصدرون مرويين مستبشرين، ثم يدخلون الجنة <BR>____________<BR>(25) لهم، لم يرد في ر.<BR>(26) ع: عن آخرهم عن جديد الأرض.<BR>(27) ر: كتاب الله.<BR>(28) ع: تلمع وجوçهم نوراً.<BR>________________________________________ الصفحة 96  ________________________________________<BR>خالدين فيها أبد الآبدين» (29).<BR>قال: وكان الناس يتعاودون ذكر قتل الحسين عليه السلام، ويستعظمونه ويرتقبون قدومه.<BR>فلما توفي معاوية بن أبي سفيان (30) ـ وذلك في رجب سنة (31) ستين من الهجرة ـ كتب يزيد بن معاوية (32) إلى الوليد بن عتبة (33) وكان أميراً بالمدينة <BR>____________<BR>(29) من قوله: مستبشرين، إلى هنا لم يرد في ر.<BR>(30) معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، مؤسس الدولة الأموية في الشام، ولد بمكة وأسلم يوم فتحها، ولي قيادة جيش تحت إمرة أخيه في خلافة أبي بكر، وصار والياً على الأردن في خلافة عمر، ثم ولاه دمشق، وجاء عثمان فجمع له الديار الشامية كلها وجعل ولاة أمصارها تابعين له، وبعد قتل عثمان وولاية علي عليه السلام وجه له لفوره بعزله ن وعلم معاوية قبل وصول البريد، فنادى بثأر عثمان واتهم علياً بدمه ونشبت الحروب الطاحنة واستعمل معاوية الخديعة والمكر، مات معاوية في دمشق سنة 60 هـ، وعهد بالخلافة إلى ابنه يزيد.<BR>تاريخ ابن الأثير 4|2، تاريخ الطبري 6|180، البدء والتاريخ 6|5، الأعلام 7|261 ـ 262.<BR>(31) ر: من سنة.<BR>(32) يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان الأموي، ثاني ملوك الدولة الأموية في الشام، ولد بالماطرون ونشأ في دمشق وولي الخلافة بعد وفاة أبيه سنة 60 هـ، ولم يبايعه جماعة وعلى رأسهم الحسين عليه السلام لفسقه وفجوره ولهوه ولعبه، خلع أهل المدينة طاعته سنة 63 هـ، فأرسل إليهم مسلم بن عقبة وأمره أن يستبيحها ثلاثة أيام وأن يبايع أهلها على أنهم عبيد ليزيد، ففعل بها مسلم الأفاعيل القبيحة، وقتل فيها كثيراً من الصحابة والتابعين، مات يزيد سنة 64 هـ.<BR>تاريخ الطبري حوادث سنة 64، تاريخ الخميس 2|300، تاريخ ابن الأثير 4|49، جمهرة الأنساب: 103، الأعلام 8|189.<BR>(33) الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ابن حرب الأموي، أمير من رجالات بني أمية، ولي المدينة سنة 57 هـ أيام معاوية، ومات معاوية فكتب إليه يزيد أن يأخذ له البيعة، عزله يزيد سنة 60 هـ واستقدمه إليه، فكان من رجال مشورته بدمشق، ثم أعاده سنة 61 هـ وثورة عبدالله بن الزبير في<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 97  ________________________________________<BR>يأمره (34) بأخذ البيعة له على أهلها (35) وخاصةً على الحسين بن علي عليهما السلام (36)، ويقول له: إن أبى عليك فاضرب عنقه وابعث إلي برأسه. <BR>فأحضر الوليد مروان بن الحكم (37) واستشاره في أمر الحسين عليه السلام.<BR>فقال: إنه لا يقبل، ولو كنت مكانك لضربت (38) عنقه.<BR>فقال الوليد: ليتني لم أك شيئاً مذكوراً.<BR>ثم بعث إلى الحسين عليه السلام، فجاءه في ثلاثين رجلاً من أهل بيته ومواليه، فنعى الوليد إليه معاوية، وعرض عليه البيعة ليزيد.<BR>فقال: «أيها الأمير، إن البيعة لا تكون سراً، ولكن إذا دعوت الناس <BR>____________<BR>=<BR>إبانها بمكة، وظل في المدينة إلى أن توفي بالطاعون سنة 64 هـ، حج بالناس سنة 62 هـ.<BR>مرآة الجنان 1|140، نسب قريش: 133 و433، الأعلام 8|121.<BR>(34) ع: أمير المدينة يأمره، ب: كتب يزيد إلى الوليد يأمره.<BR>والمدينة: مدينة رسول الله، وهي يثرب، مساحتها نصف مكة، وهي في حرة سبخة الأرض، ولها نخيل كثيرة ومياه، والمسجد في نحو وسطها، وقبر النبي في شرقي المسجد، وللمدينة اسماء كثيرة، منها: طيبة ويثرب والمباركة.<BR>معجم البلدان 5|82.<BR>(35) ع: على أهلها عامة، ولفظ عامة لم يرد في ر. ب.<BR>(36) ع. ب: عن الحسين عليه السلام.<BR>(37) ابن الحكم، لم يرد في ع. ب.<BR>ومروان هو ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف، أبو عبد الملك، خليفة أموي، أول من ملك من بني الحكم بن أبي العاص، إليه ينسب بنو مروان، ودولتهم المروانية، ولد بمكة ونشأ بالطائف وسكن المدينة، جعله عثمان من خاصته واتخذه كاتباً له، وبعد قتل عثمان خرج مروان مع عائشة إلى البصرة، وشهد صفين مع معاوية، ولي المدينة سنة في ولاية معاوية، أخرجه منها عبدالله بن الزبير فسكن الشام ومات سنة 65 بالطاعون، وقيل: قتلته زوجته أم خالد.<BR>أسد الغابة 4|348، تاريخ ابن الأثير 4|74، تاريخ الطبري 7|34، الأعلام 7|207.<BR>(38) ب: ضربت.<BR>________________________________________ الصفحة 98  ________________________________________<BR>غداً فادعنا معهم».<BR>فقال مروان: لا تقبل أيها الأمير عذره، ومتى لم يبايع فاضرب عنقه.<BR>فغضب الحسين عليه السلام ثم قال: «ويلي عليك يابن الزرقاء، أنت تأمر بضرب عنقي، كذبت والله ولؤمت (39)».<BR>ثم أقبل على الوليد فقال: «أيها الأمير إنا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة، وبنا فتح الله وبنا ختم الله (40)، ويزيد رجلٌ فاسق شارب الخمر (41) قاتل النفس المحرمة معلن بالفسق ليس له هذه المنزلة (42)، ومثلي لا يبايع مثله (43)، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة».<BR>ثم خرج عليه السلام، فقال مروان للوليد: عصيتني.<BR>فقال: ويحك يا مروان، إنك أشرت علي بذهاب ديني ودنياي، والله ما أحب أن ملك الدنيا بأسرها لي وأنني قتلت حسيناً، والله ما أظن أحداً يلقى الله بدم الحسين إلا وهو خفيف الميزان، لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذابٌ أليمً.<BR>قال: وأصبح الحسين عليه السلام، فخرج (44) من منزله يستمع الأخبار، فلقاه مروان، فقال: يا أبا عبدالله، إني لك ناصحٌ فأطعني ترشد. <BR>____________<BR>(39) ب: وأثمت.<BR>(40) ر: وبنا فتح الله وبنا يختم.<BR>(41) ر: خمر.<BR>(42) قوله: ليس له هذه المنزلة، لم يرد في ع. ب.<BR>(43) ع: بمثله، ر: لمثله، والمثبت من ب.<BR>(44) ب: فلما أصبح الحسين عليه السلام خرج.<BR>________________________________________ الصفحة 99  ________________________________________<BR>فقال الحسين عليه السلام: «وما ذاك، قل حتى أسمع».<BR>فقال مروان: إني آمرك ببيعة يزيد أمير المؤمنين، فإنه خيرٌ لك في دينك ودنياك.<BR>فقال الحسين عليه السلام: «إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام، إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد، ولقد سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الخلافة محرمة على آل أبي سفيان».<BR>وطال الحديث بينه وبين مروان حتى انصرف مروان (45) وهو غضبان (46). <BR>____________<BR>(45) مروان، لم يرد في ر.<BR>(46) جاء بعد هذا الموضع في نسخة ع كلام طويل لم يرد في نسخة ر. ب، ويمكن أن يكون من حاشية المؤلف على الكتاب، وعلى أي حال فنحن ننقل الكلام بنصه كما في نسخه ع: <BR>يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس مؤلف هذا الكتاب: والذي تحققناه أن الحسين عليه السلام كان عالماً بما انتهت حاله إليه، وكان تكليفه ما اعتمد عليه.<BR>أخبرني جماعة ـ وقد ذكرت أسماءهم في كتاب غياث سلطان الورى لسكان الثرى ـ بإسنادهم إلى أبي جعفر محمد بن بابوية القمي فيما ذكر في أماليه، باسناده إلى المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن جده عليهم السلام: <BR>أن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام دخل يوماً على الحسن عليه السلام، فلما نظر إليه بكى، فقال: ما يبكيك؟ قال: أبكي لما يصنع بك، فقال الحسن عليه السلام: إن الذي يؤتى إلي سم يدس إلي فأقتل به، ولكن لا يوم كيومك يا أبا عبدالله، يزدلف إليك ثلاثون الف رجلٍ يدعون أنهم من أمة جدنا محمد صلى الله عليه وآله، وينتحلون الإسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك وانتهاك حرمتك وسبي ذراريك ونسائك وانتهاب ثقلك، فعندها يحل الله ببني أمية اللعنة وتمطر السماء دماً ورماداً، ويبكي عليك كل شيء حتى الوحوش والحيتان في البحار.<BR>وحدثني جماعة منهم من اشرت إليه، بإسنادهم إلى عمر النسابة رضوان الله عليه فيما ذكره في آخر كتاب الشافي في النسب، بإسناده إلى جده محمد ابن عمر قال: سمعت أبي عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام يحدث أخوالي آل عقيل قال: <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 100  ________________________________________<BR>......................... <BR>____________<BR>لما امتنع أخي الحسين عليه السلام عن البيعة ليزيد بالمدينة، دخلت عليه فوجدته خالياً، فقلت له: جعلت فداك يا أبا عبدالله حدثني أخوك أبو محمد الحسن، عن أبيه عليهم السلام، ثم سبقتني الدمعة وعلا شهيقي، فضمني إليه وقال: حدثك أني مقتول؟ فقلت: حوشيت يابن رسول الله، فقال: سألتك بحق أبيك بقتلي خبرك؟ فقلت: نعم، فلولا ناولت وبايعت.<BR>فقال: حدثني أبي: ان رسول الله صلى الله عليه وآله أخبره بقتله وقتلي، وأن تربتي تكون بقرب تربته، فتظن أنك علمت مالم أعلمه، وإنه لا أعطي الدنية من نفسي أبداً، ولتلقين فاطمة أباها شاكية مالقيت ذريتها من أمته، ولا يدخل الجنة أحدٌ آذاها في ذريتها.<BR>أقول أنا: ولعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة يعتقد أن الله لا يتعبد بمثل هذه الحالة، أما سمع في القرآن الصادق المقال أنه تعبد قوماً بقتل أنفسهم، فقال تعالى: (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلك خيرٌ لكم عند بارئكم).<BR>ولعله يعتقد أن معنى قوله تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) أنه هو القتل، وليس الأمر كذلك، وإنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة.<BR>ولقد ذكر صاحب المقتل المروي عن مولانا الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآية ما يليق بالعقل: <BR>فروى عن أسلم قال: عزونا نهاوند ـ وقال غيرها ـ واصطفينا والعدو صفين لم أر أطول منهما ولا أعرض، والروم قد ألصقوا ظهورهم بحائط مدينتهم، فحمل رجلٌ منا على العدو، فقال الناس: لا إله إلا الله ألقى نفسه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب الأنصاري: إنما تؤولون هذه الآية على أن حمل هذا الرجل يلتمس الشهادة، وليس كذلك، إنما نزلت هذه الآية فينا، لأنا كنا قد اشتغلنا بنصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وتركنا أهالينا وأموالنا أن نقيم فيها ونصلح ما فسد منها، فقد ضاعت بتشاغلنا عنها، فأنزل الله إنكالٌ لما وقع في نفوسنا من التخلف عن نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله لإصلاح أموالنا: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة)، معناه: إن تخلفتم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأقمتم في بيوتكم ألقيتم بأيدكم إلى التهلكة وسخط الله عليكم فهلكتم، وذلك رد علينا فيما قلنا وعزمنا عليه من الإقامة، وتحريضٌ لنا على الغزو، وما أنزلت هذه الآية في رجلٍ حمل العدو ويحرض أصحابه أن يفعلوا كفعله أو يطلب الشهادة بالجهاد في سبيل الله رجاء ثواب الآخرة.<BR>أقول: وقد نبهناك على ذلك في خطبة هذا الكتاب، وسيأتي ما يكشف عن هذه الأسباب.<BR>قال رواة حديث الحسين عليه السلام مع الوليد بن عتبة ومروان:... </P>

<P> </P>

<P>________________________________________ الصفحة 101  ________________________________________<BR>فلما كان الغداة توجه الحسين عليه السلام إلى مكة (47) لثلاث مضين من شعبان سنة ستين.<BR>فأقام بها باقي شعبان وشهر رمضان وشوال وذي القعدة.<BR>قال (48): وجاءه عبدالله بن العباس رضي الله عنه (49) وعبدالله بن الزبير (50)، فأشارا عليه بالإمساك.<BR>فقال لهما: «إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمرني بأمرٍ، وأنا ماضٍ فيه».<BR>قال: فخرج ابن عباس وهو يقول: واحسيناه! <BR>____________<BR>(47) ولها أسماء أخر كثيرة، منها: أم القرى، والنساسة، وأم رحم، وهي بيت الله الحرام.<BR>والمك: النقض والهلاك، وسمي البلد الحرام مكة لأنها تنقض الذنوب وتنفيها، أو تمك من قصدها بالظلم، أي تهلكه.<BR>معجم البلدان 5|181 ـ 188، مجمع البحرين 5|289.<BR>(48) قال، لم يرد في ر.<BR>(49) عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب القرشي الهاشمي، أبو العباس، حبر الأمة، صحابي جليل، ولد بمكة ونشأ في بدء عصر النبوة، لازم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وروى عنه، وشهد مع علي عليه السلام الجمل وصفين، كف بصره في آخر عمره، فسكن الطائف وتوفي بها سنة 68 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 4772، صفة الصفوة 1|314، حلية الأولياء 1|314، نسب قريش: 26، المحبر: 98، الأعلام 4|95.<BR>(50) أبو بكر عبدالله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، بويع له بالخلافة سنة 64 هـ عقيب موت يزيد بن معاوية، فحكم مصر والحجاز واليمن وخراسان والعراق واكثر الشام، وجعل قاعدة ملكه المدينة، وكانت له مع الأمويين وقائع هائلة، سار لمحاربته الحجاج الثقفي في أيام عبدالملك بن مروان، فانتقل إلى مكة وعسكر الحجاج في الطائف، ونشبت بينهما حروب انتهت بمقتل ابن الزبير في مكة بعد أن خذله أصحابه وذلك سنة 73 هـ، مدة خلافته 9 سنين.<BR>تاريخ ابن الأثير 4|135، تاريخ الطبري 7|202، فوات الوفيات 1|210، تاريخ الخميس 2|301، الأعلام 4|87. <BR>________________________________________ الصفحة 102  ________________________________________<BR>ثم جاءه عبدالله بن عمر (51)، فأشار عليه (52) بصلح أهل الضلال وحذره من القتل والقتال.<BR>فقال له: «يا أبا عبدالرحمن أما علمت أن من هوان الدنيا على الله تعالى أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغيٍّ من بغايا بني إسرائيل، أما علمت (53) أن بني إسرائيل كانوا يقتلون ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس سبعين نبياً ثم يجلسون في أسواقهم يبيعون ويشترون كأن لم يصنعوا شيئاً، فلم يعجل الله عليهم، بل امهلهم وأخذهم بعد ذلك أخذ عزيز مقتدر (54)، إتق الله (55) يا أبا عبدالرحمن ولا تدعن نصرتي».<BR>قال: وسمع أهل الكوفة (56) بوصول الحسين عليه السلام إلى مكة وامتناعه من البيعة ليزيد، فاجتمعوا في منزل سليمان بن صرد الخزاعي (57)، فلما تكاملوا قام فيهم <BR>____________<BR>(51) عبدالله بن عمر بن الخطاب العدوي أبو عبدالرحمن، كف بصره في آخر حياته، وهو آخر من توفي بمكة من الصحابة، مولده ووفاته بمكة، سنة وفاته مختلف فيه.<BR>الإصابة ترجمة رقم 4825، طبقات ابن سعد 4|105 ـ 138، تهذيب الأسماء 1|278، الأعلام 4|108.<BR>(52) ر. ع: إليه.<BR>(53) ع. ب: أما تعلم.<BR>(54) ع. ب: أخذ عزيزٍ ذي انتقام.<BR>(55) لفظ: الله، لم يرد في ر.<BR>(56) الكوفة بالضم: المصر المشهور بأرض بابل من سواد العراق، قيل: سميت الكوفة لاستدارتها.<BR>معجم البلدان 4|322.<BR>(57) أبو مطرف سليمان بن صرد بن الجون بن أبي الجون عبد العزى بن منقذ السلولي الخزاعي، صحابي، من الزعماء القادة، شهد الجمل وصفين مع علي عليه السلام، سكن الكوفة، ترأس التوابين، استشهد بعين الوردة، قتله يزيد بن الحصين.<BR>الإصابة ترجمة رقم 3450، تاريخ الاسلام 3|17، الأعلام 3|127. <BR>________________________________________ الصفحة 103  ________________________________________<BR>خطيباً. وقال في آخر خطبته: <BR>يا معشر الشيعة، إنكم قد علمتم بأن معاوية قد هلك وصار إلى ربه وقدم على عمله، وقد قعد في موضعه ابنه يزيد، وهذا الحسين بن علي عليهما السلام قد خالفه وصار إلى مكة هارباً من طواغيت آل أبي سفيان، وأنتم شيعته وشيعة أبيه من قبله، وقد احتاج إلى نصرتكم اليوم، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه فاكتبوا إليه، وإن خفتم الوهن والفشل فلا تغروا الرجل من نفسه.<BR>قال: فكتبوا إليه: <BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>إلى الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام، من سليمان بن صرد الخزاعي والمسيب بن نجبة (58) ورفاعة بن شداد (59) وحبيب بن مظاهر (60) وعبدالله بن <BR>____________<BR>(58) ر: نجية.<BR>وهو المسيب بن نجبة بن ربيعة بن رياح الفزاري، تابعي، كان رأس قومه، شهد القادسية وفتوح العراق، كان مع علي عليه السلام في مشاهده، سكن الكوفة، ثار مع التوابين في طلب دم الحسين عليه السلام، استشهد مع سليمان بن الصرد بالعراق سنة 65 هـ، وكان شجاعاً بطلاً متعبداً ناسكاً.<BR>الكامل في التاريخ 4|68 ـ 71، الإصابة ترجمة رقم 8424، الأعلام 7|225 ـ 226.<BR>(59) رفاعة بن شداد البجلي، قارئ، من الشجعان المقدمين، من أهل الكوفة، من شيعة علي عليه السلام، قتل سنة 66 هـ.<BR>الكامل في التاريخ حوادث سنة 66 هـ، الأعلام 3|29.<BR>(60) حبيب بن مظاهر ـ أو مظهر أو مطهر ـ بن رئاب بن الأشتر بن حجوان الأسدي الكندي ثم الفقعسي، تابعي، من القواد الشجعان، نزل الكوفة، صحب علي عليه السلام في حروبه كلها، وكان من شرطة الخميس، ثم كان على ميسرة الحسين يوم كربلاء وعمره خمس وسبعون سنة، بذل محاولة لاستقدام أنصار من بني أسد وحال الجيش الأموي دون وصولهم إلى معسكر الحسين عليه السلام، كان معظماً عند الحسين، وكان شخصية بارزة في مجتمع الكوفة، ولما استشهد قال الحسين عليه السلام: احتسب <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 104  ________________________________________<BR>وائل (61) وسائر شيعته من المؤمنين. <BR>سلام الله عليك، أما بعد، فالحمد لله الذي قصم عدوك وعدو أبيك من قبل، الجبار العنيد الغشوم الظلموم الذي ابتز (62) هذه الأمة أمرها، وغصبها فيأها، وتأمر عليها بغير رضىً منها، ثم قتل خيارها واستبقى شرارها، وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وعتاتها، فبعداً له كما بعدت ثمود.<BR>ثم أنه ليس علينا إمامٌ غيرك، فأقبل لعل الله يجمعنا بك على الحق، والنعمان ابن بشير (63) في قصر الامارة، ولسنا نجتمع معه في جمعة ولا جماعة، ولا نخرج معه إلى عيد، ولو بلغنا أنك قد أقبلت أخرجناه حتى يلحق بالشام (64)، <BR>____________<BR>=<BR>نفسي وحماة أصحابي، قتله بديل بن صريم الغفقاني.<BR>تاريخ الطبري 5|325ـ440، رجال الشيخ: 72، تسمية من قتل مع الحسين: 152، لسان الميزان 2|173، الكامل في التاريخ حوادث سنة 61 هـ، الأعلام 2|166، أنصار الحسين: 81 ـ 82.<BR>(61) كذا في ع، وفي ر: وابل.<BR>والظاهر أن الصحيح اسمه: عبدالله بن وال التميمي، كما جاء اسمه في أصحاب أمير المؤمنين في رجال الشيخ: 55، وجاء اسمه بعد اسم قنبر مندمجاً معه، وهو اشتباه، وفي مخطوطة رجال الشيخ جاء اسمه قبل اسم قنبر بعدة أسماء، وورد اسمه في شرح النهج 3|132، وعدة أماكن أخرى.<BR>(62) أي: اغتصب.<BR>(63) النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري أبو عبدالله أمير شاعر، من أهل المدينة، وجهته نائلة ـ زوجة عثمان ـ بقميص عثمان إلى معاوية، فنزل الشام وشهد صفين مع معاوية، وولي القضاء بدمشق، وولي بعده اليمن لمعاوية، ثم استعمله على الكوفة، وعزل عنها وصارت له ولاية حمص، واستمر فيها إلى أن مات يزيد، فبايع النعمان لابن الزبير، وتمرد أهل حمص، فخرج هارباً، فأتبعه خالد بن خلي الكلاعي فقتله سنة 65 هـ.<BR>جمهرة الأنساب: 345، أسد الغابة 5|22، الإصابة ترجمة رقم 8730، الأعلام 8|36.<BR>(64) بالهمزة، ويجوز أن لا يهمز، فيكون جمع شامة، سميت بذلك لكثرة قراها وتداني بعضها من بعض <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 105  ________________________________________<BR>والسلام عليك ورحمة الله وبركاته يابن رسول الله وعلى أبيك من قبل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.<BR>ثم سرحوا الكتاب، ولبثوا يومين آخرين وأنفذوا جماعة معهم نحو ماءة وخمسين صحيفة من الرجل والإثنين والثلاثة والأربعة (65)، يسألونه القدوم عليهم.<BR>وهو مع ذلك يتأنى فلا يجيبهم.<BR>فورد عليه في يوم واحدٍ ستمائة كتاب، وتواترت الكتب حتى اجتمع عنده منها في نوب (66) متفرقة إثنى عشر ألف كتاب.<BR>ثم قدم عليه هاني بن هاني السبيعي (67) وسعيد بن عبدالله الحنفي (68) بهذا <BR>____________<BR>=<BR>فشبهت بالشامات، حدها من الفرات إلى العريش المتاخم للديار المصرية، وعرضها من جبلي طي من نحو القبلة إلى بحر الروم، وبها من أمهات المدن حلب ومنبج وحماة وحمص ودمشق والبيت المقدس والمعرة وفي الساحل أنطاكية وطرابلس...<BR>معجم البلدان 3|311 ـ 315.<BR>(65) والأربعة، لم يرد في ر.<BR>(66) أي: فرص متفرقة.<BR>(67) هانئ بن هانئ الهمداني الكوفي، روى عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعنه أبو إسحاق السبيعي.<BR>تهذيب التهذيب 11|22 ـ 23.<BR>ولم ينعته كل من ترجمه بالسبيعي، والسبيعي بطن من بطون همدان.<BR>(68) ر: النخعي، وكذا فيما يأتي.<BR>ذكر في أكثر المصادر وفي الزيارة باسم سعد، وهو من بني حنيفة بن لجيم من بكر بن وائل، وهو أحد الرسل الذين حملوا رسائل الكوفيين إلى الحسين عليه السلام، من أعظم الثوار تحمساً.<BR>تاريخ الطبري 5|419 و353، مقتل الحسين للخوارزمي 1|195 و2|20، المناقب 4|103، البحار 45|21 و26 و70، تسمية من قتل مع الحسين: 154، أنصار الحسين: 90 ـ 91. <BR>________________________________________ الصفحة 106  ________________________________________<BR>الكتاب، وهو آخر ما ورد عليه عليه السلام من أهل الكوفة، وفيه: <BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>إلى الحسين بن علي أمير المؤمنين عليهما السلام.<BR>من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين عليه السلام.<BR>أما بعد، فان الناس ينتظرونك، لا رأي لهم غيرك، فالعجل العجل يابن رسول الله، فقد أخضر الجناب (69)، وأينعت الثمار، وأعشبت الأرض، وأورقت الأشجار، فاقدم علينا إذا شئت، فإنما تقدم على جندٍ مجندة لك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته وعلى أبيك من قبلك.<BR>فقال الحسين عليه السلام لهاني بن هاني السبيعي وسعيد بن عبدالله الحنفي: «خبراني من اجتمع على هذا الكتاب الذي ورد علي معكما؟».<BR>فقالا: يابن رسول الله شبث بن ربعي (70)، وحجار بن أبجر (71)، ويزيد بن <BR>____________<BR>(69) ع: اخضرت الجنات.<BR>والجناب: الفناء، وما قرب من محلة القوم.<BR>(70) ر: ربيعي.<BR>شبث بن ربعي التميمي اليربوعي أبو عبد القدوس، شيخ مضر وأهل الكوفة في أيامه، أدرك عصر النبوة، ولحق بسجاح المتنبئة، ثم عاد إلى الاسلام، ثار على عثمان، قاتل الحسين عليه السلام بعد أن كتب إليه يدعوه إلى المجيء، مات بالكوفة نحو سنة 70 هـ.<BR>وقيل: إنه لما قبض على شبث قال له إبراهيم: أصدقني ما عملت يوم الطف؟ قال: ضربت وجهه الشريف بالسيف!! فقال له: ويلك يا ملعون ما خفت من الله تعالى ولا من جده رسول الله، ثم جعل يشرح أفخاذه حتى مات.<BR>الإصابة ترجمة رقم 3950، تهذيب التهذيب 4|303، ميزان الاعتدال 1|440، الأعلام 3|154.<BR>(71) حجار ـ ككتان وككتاب ـ بن أبجر الكوفي، يقال فيه: يروي عن أمير المؤمنين، روى عنه السماك<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 107  ________________________________________<BR>الحارث، ويزيد بن رويم (72)(73)، وعروة بن قيس (74)، وعمرو بن الحجاج (75)، ومحمد بن عمير بن عطارد (76). <BR>قال (77): فعندها قام الحسين عليه السلام، فصلى (78) ركعتين بين الركن والمقام، وسأل الله الخيرة في ذلك. <BR>(ثم دعا بمسلم بن عقيل (79) وأطلعه على الحال، وكتب معه جواب كتبهم <BR>____________<BR>=<BR>ابن حرب.<BR>الرجال في تاج العروس 2|25.<BR>(72) كذا في النسخ، والظاهر وقوع خلل في العبارة، والصحيح: ويزيد بن الحارث بن رويم، لا: ويزيد ابن الحارث ويزيد بن رويم.<BR>(73) هو: يزيد بن الحارث بن رويم الشيباني، أدرك عصر النبوة، وأسلم على يد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وشهد اليمامة، ونزل البصرة، قتل في الري سنة 68 هـ.<BR>وفي بعض المصادر: يزيد بن رويم الشيباني، وهذه النسبة إلى جده، والمصادر متفقة على أنه يزيد بن الحارث بن رويم.<BR>الكامل 4|111، الإصابة ترجمة رقم 9398، تهذيب التهذيب 8|163، جمهرة الأنساب: 305، الأعلام 8|180 ـ 181.<BR>(74) ظاهراً الصحيح: عزرة بن قيس، راجع: تاريخ الطبري 5|353، أنساب الأشراف 3|158.<BR>(75) ر: عمر.<BR>وفي إرشاد المفيد: 38: عمرو بن الحجاج الزبيدي.<BR>(76) محمد بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي الدارمي، من أهل الكوفة، له مع الحجاج وغيره من أمرائها أخبار، كان أحد أمراء الجند في صفين مع علي عليه السلام، توفي نحو سنة 85 هـ.<BR>المحبر: 154 و338 و339، لسان الميزان 5|330، الأعلام 6|319.<BR>(77) قال، ليس في ر.<BR>(78) ر: وصلى.<BR>(79) ع: ثم طلب مسلم.<BR>ومسلم هو ابن عقيل بن أبي طالب بن عبدالمطلب بن هاشم، تابعي من ذوي الرأي والعلم<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 108  ________________________________________<BR>يعدهم بالوصول إليهم ويقول لهم ما معناه: «قد نفذت إليكم ابن عمي مسلم ابن عقيل ليعرفني ما أنتم عليه من الرأي (80)». <BR>فسار مسلم بالكتاب حتى دخل إلى الكوفة، فلما وقفوا على كتابه كثر استبشارهم بإتيانه إليهم، ثم أنزلوه في دار المختار بن أبي عبيدة الثقفي (81)، وصارت الشيعة تختلف إليه.<BR>فلما اجتمع إليه منهم جماعة قرأ عليهم كتاب الحسين عليه السلام وهم يبكون (82)، حتى بايعه منهم ثمانية عشر ألفاً. <BR>____________<BR>=<BR>والشجاعة، أمه أم ولد اشتراها عقيل من الشام، وجه به الإمام الحسين إلى الكوفة ليأخذ له البيعة على أهلها، فخرج من مكة في منتصف شهر رمضان سنة 60 هـ، ودخل الكوفة في اليوم السادس من شهر شوال، وهو أول من استشهد من أصحاب الحسين عليه السلام.<BR>مقاتل الطالبيين: 80، الطبقات الكبرى 4|29، تسمية من قتل مع الحسين: 151، الكامل في التاريخ 4|8 ـ 15، الأخبار الطوال: 233، تاريخ الكوفة: 59، الأعلام 7|222، أنصار الحسين: 124، ضياء العينين: 13 ـ 29.<BR>(80) ع: من رأي جميل.<BR>(81) الثقفي، لم يرد في ر.<BR>والمختار هو أبن أبي عبيدة ابن مسعود الثقفي أبو إسحاق، من زعماء الثائرين على بني أمية، من أهل الطائف، انتقل إلى المدينة مع أبيه، وبقي المختار في المدينة منقطعاً إلى بني هاشم، تزوج عبدالله ابن عمر بن الخطاب أخت المختار صفية، وكان المختار مع علي عليه السلام بالعراق، وسكن البصرة بعد علي عليه السلام، قبض عليه عبيدالله بن زياد في البصرة وحبسه ونفاه بشفاعة ابن عمر إلى الطائف، ذهب إلى الكوفة بعد موت يزيد لأخذ الثأر من قتلة الحسين، واستولى على الكوفة والموصل وتتبع قتلة الحسين عليه السلام، قتله مصعب بن الزبير بعد حرب بينهما سنة 67 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 8547، الفرق بين الفرق: 31 ـ 37، الكامل في التاريخ 4|82 ـ 108، تاريخ الطبري 7|146، الأعلام 7|192.<BR>(82) من قوله: فلما اجتمع، إلى هنا لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 109  ________________________________________<BR>وكتب عبدالله بن مسلم الباهلي (83) وعمارة بن الوليد (84) وعمر بن سعد (85) إلى يزيد يخبرونه بأمر مسلم بن عقيل ويشيرون عليه (86) بصرف النعمان بن بشير وولاية غيره. <BR>فكتب يزيد إلى عبيدالله بن زياد (87) ـ وكان والياً على البصرة (88) ـ بأنه قد ولاه الكوفة وضمها إليه، ويعرفه أمر مسلم بن عقيل وأمر الحسين عليه السلام، ويشدد عليه في تحصيل مسلم وقتله، فتأهب عبيدالله للمسير إلى الكوفة. <BR>____________<BR>(83) لم يذكروه.<BR>(84) ع: بن وليد.<BR>لم يذكروه.<BR>(85) عمر بن سعد بن أبي وقاص الزهري المدني، سيره عبيدالله بن زياد على أربعة آلاف لقتال الديلم، وكتب له عهده على الري، ثم لما علم ابن زياد بمسير الحسين عليه السلام من مكة متجهاً إلى الكوفة كتب إلى عمر بن سعد أن يعود بمن معه، فعاد، فولاه قتال الحسين عليه السلام، فاستعفاه، فهدده وذكره ولاية الري، فأطاع، بعث المختار من قتل عمر بن سعد حين قيامه فقتل.<BR>الطبقات 5|125، الكامل في التاريخ 4|21، الأعلام 5|47.<BR>(86) ر: بأمر مسلم بن عقيل ويشيرونه، ع: بأمر مسلم ويشيرون عليه.<BR>(87) عبيدالله بن زياد بن أبيه، ولد بالبصرة، وكان مع والده لما مات بالعراق، قصد الشام فولاه عمه معاوية خراسان سنة 53 هـ وبقي فيها سنتين، ونقله معاوية إلى البصرة أميراً عليها سنة 55، وأقره يزيد على امارته سنة 60 هـ، وكانت فاجعة الطف في أيامه وعلى يده، وبعد هلاك يزيد بايع أهل البصرة لعبيد الله، ثم لم يلبثوا أن وثبوا عليه، فهرب متخبئاً إلى الشام، ثم عاد يريد العراق، فلحق به إبراهيم الأشتر فاقتتلا وتفرق أصحاب عبيدالله فقتله ابن الاشتر في خازر من أرض الموصل، ويدعى عبدالله بابن مرجانة، وهي أمه كانت معروفة بالفسق والفجور.<BR>تاريخ الطبري 6|166 و7|18 و144، الأعلام 4|193.<BR>(88) البصرة بلدة إسلامية بنيت في خلافة عمر في السنة 18 من الهجرة، سميت بذلك لأن البصرة الحجارة الرخوة، وهي كذلك، فسميت بها، والبصرتان: البصرة والكوفة.<BR>مجمع البحرين 3|225 ـ 226.<BR>________________________________________ الصفحة 110  ________________________________________<BR>وكان الحسين عليه السلام قد كتب إلى جماعة من أشراف البصرة كتاباً مع مولى له اسمه سليمان ويكنى أبا رزين (89) يدعوهم فيه إلى نصرته ولزوم طاعته، منهم يزيد بن مسعود النهشلي (90) والمنذر بن الجارود العبدي (91).<BR>فجمع يزيد بن مسعود بني تميم وبني حنظلة وبني سعد (92)، فلما حضروا قال: يا بني تميم كيف ترون موضعي منكم وحسبي فيكم؟<BR>فقالوا: بخٍّ بخٍّ، أنت والله فقرة الظهر ورأس الفخر (93)، حللت في الشرف وسطاً، وتقدمت فيه فرطاً.<BR>قال: فإني قد جمعتكم لأمرٍ أريد أن أشاوركم فيه وأستعين بكم عليه.<BR>فقالوا: والله إنما نمنحك (94) النصيحة ونجهد (95) لك الرأي، فقل نسمع (96). <BR>____________<BR>(89) كان مولى للحسين، أرسله إلى أهل البصرة، وسلمه أحد من أرسل إليهم من زعماء البصرة إلى عبدالله فقتله، وذكر بعض المؤرخين أنه استشهد مع الحسين عليه السلام، والظاهر أنه وقع خلط بين هذا وبين سليمان آخر استشهد مع الحسين عليه السلام.<BR>تاريخ الطبري 5|357 ـ 358، مقتل الخوارزمي 1|199، بحار الأنوار 44|337 ـ 340، أنصار الحسين: 74، ضياء العينين: 39 ـ 40.<BR>(90) لم يذكروه.<BR>(91) المنذر بن الجارود بن عمرو بن خنيس العبدي، ولد في عقد النبي وشهد الجمل مع علي عليه السلام، وولاه علي إمرة اصطخر، ثم بلغه عنه ما ساءه فكتب إليه كتاباً وعزله، ولاه عبيدالله بن زياد ثغر الهند سنة 61 هـ، فمات فيها آخر سنة 61 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 8336، جمهرة الأنساب: 279، الأغاني 11|117، الأعلام 7|292.<BR>(92) ر: سعيد.<BR>(93) ر: الفجر.<BR>(94) ب: فقالوا انما والله نمنحك، ع: إنا والله نمنحك.<BR>(95) ب: ونحمد.<BR>(96) ب: فقل حتى نسمع.<BR>________________________________________ الصفحة 111  ________________________________________<BR>فقال: إن معاوية قد (97) مات، فأهون به والله هالكاً ومفقوداً، ألا وإنه قد انكسر باب الجور والإثم، وتضعضعت أركان الظلم، وقد كان أحدث بيعةً عقد بها أمراً وظن أنه قد أحكمه، وهيهات والذي أراد، اجتهد والله ففشل، وشاور فخذل، وقد قام ابنه (98) يزيد ـ شارب الخمور ورأس الفجور ـ يدعي الخلافة على المسلمين ويتأمر عليهم بغير رضىً منهم (99)، مع قصر حلمٍ وقلة علمٍ، لا يعرف من الحق موطئ قدمه، فأقسم بالله قسماً مبروراً لجهاده على الدين أفضل من جهاد المشركين.<BR>وهذا الحسين بن علي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله (100)، ذو الشرف الأصيل والرأي الأثيل، له فضلٌ لا يوصف وعلمٌ لا ينزف، وهو (101) أولى بهذا الأمر، لسابقته وسنه وقدمه (102) وقرابته، يعطف على الصغير ويحنو على الكبير، فأكرم به راعي رعية وإمام قوم، وجبت لله به الحجة (103) وبلغت به الموعظة.<BR>فلا تعشوا عن نور الحق ولا تسكعوا في وهدة الباطل (104)، فقد كان صخر <BR>____________<BR>(97) قد، لم ترد في ب. ع.<BR>(98) ابنه، لم يرد في ر. ب.<BR>(99) بغير رضى منهم، لم يرد في ر. ب.<BR>(100) ر، ب: ابن رسول الله.<BR>(101) ر: له فضل لا يوصف وهو.<BR>(102) ب: وقدمته.<BR>(103) ر: وجبت لله الحجة، ب: وحيت لله به الحجة، ع: وحببت لله به الحجة، والمثبت ملفق من هذه النسخ.<BR>(104) ر: فلا تعشوا عن نور الحق ولا تكسعوا في الباطل، ب: ولا تعشوا...، ع: وهد الباطل... والتسكع: التمادي في الباطل.<BR>________________________________________ الصفحة 112  ________________________________________<BR>ابن قيس (105) قد (106) انخذل بكم يوم الجمل، فاغسلوها بخروجكم إلى ابن رسول الله صلى الله عليه وآله ونصرته، والله لا يقصر أحدٌ عن نصرته إلا أورثه الله الذل في ولده والقلة في عشيرته.<BR>وها أنا قد لبست للحرب لامتها وأدرعت لها بدرعها، من لم يقتل يمت ومن يهرب لم يفت، فأحسنوا رحمكم الله رد الجواب.<BR>فتكلمت بنو حنظلة، فقالوا: يا أبا خالد نحن نبل كنانتك وفارس عشيرتك، إن رميت بنا أصبت، وإن غزوت بنا فتحت، لا تخوض والله غمرةً إلا خضناها، ولا تلقى والله شدة إلا لقيناها، ننصرك بأسيافنا ونقيك بأبداننا (107)، فانهض لما شئت.<BR>وتكلمت بنو سعد بن زيد (108)، فقالوا: يا أبا خالد إن أبغض الأشياء إلينا خلافك والخروج عن رأيك، وقد كان صخر بن قيس أمرنا بترك القتال فحمدنا أمرنا وبقي عزنا فينا، فأمهلنا نراجع المشورة ونأتك برأينا (109).<BR>وتكلمت بنو عامر بن تميم فقالوا: يا أبا خالد نحن بنو أبيك وحلفاؤك (110)، لا نرضى إن غضبت ولانقطن إن ضعنت، والأمر إليك، فادعنا نجبك ومرنا نطعك، والأمر إليك إذا شئت. <BR>____________<BR>(105) يعرف بالأحنف لقب له لحنف كان في رجله، واختلفوا في اسمه، فقيل: صخر، وقيل: الضحاك، ولد في البصرة، وأدرك النبي ولم يره، اعتزل يوم الجمل، توفي في الكوفة.<BR>الطبقات 7|66، جمهرة الأنساب: 206، تاريخ الاسلام 3|129، الأعلام 1|276 ـ 277.<BR>(106) قد، لم يرد في ب. ع.<BR>(107) ب: ونقيك بأبداننا إذا شئت، ع: إذا شئت فافعل.<BR>(108) ع: يزيد.<BR>(109) ر: نراجع المشهورة ونأتك برأينا، ب: نراجع المشورة ويأتيك رأينا.<BR>(110) ر: وخلفاؤك.<BR>________________________________________ الصفحة 113  ________________________________________<BR>فقال: والله يا بني سعد لئن فعلتموها لا يرفع الله عنكم السيف أبداً، ولا يزال سيفكم فيكم.<BR>ثم كتب الى الحسين عليه السلام.<BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>أما بعد، فقد وصل إلي كتابك، وفهمت ما ندبتني إليه ودعوتني له من الأخذ بحظي من طاعتك والفوز بنصيبي من نصرتك، وأن الله لم يخل الأرض من عاملٍ عليها بخير ودليل على سبيل النجاة، وأنتم حجة الله على خلقه ووديعته (111) في أرضه، تفرعتم من زيتونة أحمدية هو أصلها وأنتم فرعها، فأقدم سعدت بأسعد طائر ن فقد ذللت لك أعناق بني تميم وتركتهم أشد تتابعأً لك من الإبل الظلماء يوم خمسها لورود الماء، وقد ذللت لك رقاب بني سعد وغسلت لك درن صدورها بماء سحابة مزن حتى استهل برقها فلمع.<BR>فلما قرأ الحسين عليه السلام الكتاب قال: «آمنك (112) الله يوم الخوف وأعزك وأرواك يوم العطش الأكبر».<BR>فلما تجهز المشار إليه للخروج إلى الحسين عليه السلام بلغه قتله قبل أن يسير، فجزع من انقطاعه عنه.<BR>وأما المنذر بن الجارود، فإنه جاء بالكتاب والرسول إلى عبيدالله بن زياد، لأن المنذر خاف أن يكون الكتاب دسيساً من عبيدالله بن زياد، وكانت بحرية بنت المنذر (113) زوجة لعبيدالله (114)، فأخذ عبيدالله الرسول فصلبه، ثم صعد <BR>____________<BR>(111) ر: ووديعة.<BR>(112) ع: قال: مالك آمنك.<BR>(113) ر: بحيرة ابنت المنذر.<BR>لم يذكروها.<BR>(114) ب: تحت عبيدالله بن زياد.<BR>________________________________________ الصفحة 114  ________________________________________<BR>المنبر فخطب وتوعد أهل البصرة على الخلاف وإثارة الإرجاف.<BR>ثم بات تلك الليلة، فلما أصبح استناب (115) عليهم أخاه عثمان بن زياد (116)، وأسرع هو إلى قصد الكوفة.<BR>فلما قاربها نزل حتى أمسى، ثم دخلها ليلاً، فظن أهلها أنه الحسين عليه السلام، فتباشروا بقدومه ودنوا منه، فلما عرفوا أنه ابن زياد تفرقوا عنه، فدخل قصر الامارة وبات ليلته إلى الغداة، ثم خرج وصعد المنبر وخطبهم وتوعدهم على معصية السلطان ووعدهم مع الطاعة بالإحسان .<BR>فلما سمع مسلم بن عقيل بذلك خاف على نفسه من الاشتهار، فخرج من دار المختار وقصد دار هاني بن عروة (117)، فآواه وكثر اختلاف الشيعة إليه، وكان عبدالله بن زياد قد وضع المراصد عليه.<BR>فما علم أنه في دار هاني دعا محمد بن الأشعث (118) وأسماء بن خارجة (119) <BR>____________<BR>(115) ر: استأمر.<BR>(116) لم أعثر على من ترجم له.<BR>(117) هاني بن عروة الغطيفي المرادي، من مذحج، أحد سادات الكوفة وأشرافها، أدرك النبي وصحبه، ومن أصحاب وخواص أمير المؤمنين، شارك في حروب الجمل وصفين والنهروان، من أركان حركة حجر بن عدي الكندي ضد زياد بن أبيه، قتله عبيدالله بن زياد في اليوم الثامن من ذي الحجة سنة 60 هـ وبعث برأسه مع رأس مسلم إلى يزيد.<BR>تسمية من قتل مع الحسين: 156، الكامل 4|10 ـ 15، المحبر: 480، النقائض: 246، التاج 3|359، رغبة الآمل 2|86، جمهرة الأنساب: 382، الأعلام 8|68، أنصار الحسين: 124 ـ 125، ضياء العينين: 30 ـ 38.<BR>(118) محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، أبو القاسم، من أصحاب مصعب بن الزبير، قتل سنة 67 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 8504، الأعلام 6|39.<BR>(119) أسماء بن خارجة بن حصين الفزاري، تابعي، من رجال الطبقة الأولى من أهل الكوفة، توفي سنة 66 هـ.<BR>فوات الوفيات 1|11، تاريخ الاسلام 2|372، النجوم الزهراة 1|179، الأعلام 1|305.<BR>________________________________________ الصفحة 115  ________________________________________<BR>وعمرو بن الحجاج وقال: ما يمنع هاني بن عروة من إتياننا؟<BR>فقالوا: ماندري، وقد قيل: إنه يشتكي.<BR>فقال: قد بلغني ذلك وبلغني أنه قد برء وأنه يجلس على باب داره، ولو أعلم أنه شاك لعدته، فالقوه ومروه أن لايدع ما يجب عليه من حقنا، فإني لا أحب أن يفسد عندي (120) مثله، لأنه من أشراف العرب.<BR>فأتوه حتى وقفوا عليه عشية على بابه، فقالوا: ما يمنعك من لقاء الأمير، فإنه قد ذكرك وقال: لو أعلم أنه شاكٍ لعدته.<BR>فقال لهم: الشكوى تمنعني.<BR>فقالوا له: إنه قد بلغه إنك تجلس على باب دارك كل عشية، وقد استبطاك، والإبطاء والجفاء لايحتمله السلطان من مثلك، لأنك سيدٌ في قومك، ونحن نقسم عليك إلا ما ركبت معنا إليه. فدعا بثيا به فلبسها وفرسه فركبها، حتى إذا دنا من القصر كأن نفسه قد أحست ببعض الذي كان، فقال لحسان بن أسماء بن خارجة (121): يابن أخي إني والله من هذا الرجل لخائف، فما ترى؟ فقال: والله يا عم ما أتخوف عليك شيئاً، فلا تجعل على نفسك سبيلاً، ولم يك حسان يعلم في أي شيء بعث عبيدالله بن زياد. فجاء هاني والقوم معه حتى دخلوا جميعاً على عبيدالله، فلما رأى هانياً قال: أتتك بخائن (122) رجلاه، ثم التفت إلى شريح القاضي (123) ـ وكان جالساً عنده ـ وأشار إلى هاني وأنشد بيت <BR>____________<BR>(120) ر: علي.<BR>(121) لم يذكروه.<BR>(122) كذا في النسخ، والظاهر أن الصحيح: حائن، وهو الذي حان حينه وهلاكه، راجع مجمع الأمثال للميداني.<BR>(123) شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي، أبو أمية، توفي سنة 78 هـ، أصله من اليمن، ولي<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 116  ________________________________________<BR>عمرو بن معدي كرب الزبيدي (124): <BR>أريد حياته ويريد قتلي * عذيرك من خليلك من مراد<BR>فقال له هاني: وما ذاك أيها الأمير؟<BR>فقال له: إيهاً يا هاني، ما هذه الأمور التي تربص في دارك لأمير المؤمنين وعامة المسلمين؟ جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك وجمعت له السلاح والرجال في الدور حولك وظننت أن ذلك يخفى علي.<BR>فقال: ما فعلت. <BR>فقال ابن زياد: بلى قد فعلت.<BR>فقال: ما فعلت أصلح الله الأمير.<BR>فقال ابن زياد: علي بمعقل (125) مولاي ـ وكان معقل عينه على أخبارهم، وقد عرف كثيراً من أسرارهم ـ فجاء معقل حتى وقف بين يديه.<BR>فلما رآه هاني عرف أنه كان عيناً عليه، فقال: أصلح الله الأمير والله ما بعثت إلى مسلم ولا دعوته، ولكن جاءني مستجيراً، فاستحييت من رده، ودخلني <BR>____________<BR>=<BR>قضاء الكوفة في زمن عمر وعثمان وعلي ومعاوية، واستعفى في أيام الحجاج فأعفاه سنة 77 هـ.<BR>الطبقات 6|90 ـ 100، وفيات الأعيان 1|224، حلية الأولياء 4|132، الأعلام 3|161.<BR>(124) ر: وأنشد بيت معدي كرب الزبيدي.<BR>وعمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبدالله الزبيدي، فارس اليمن وصاحب الغارات المذكورة، وفد على المدينة سنة 9 هـ في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا، يكنى أبا ثور، توفي على مقربة من الري سنة 21 هـ، وقيل: قتل عطشاً يوم القادسية.<BR>الاصابة ترجمة رقم 5972، الطبقات 5|383، خزانة الأدب 1|425 ـ 426، الأعلام 5|86.<BR>(125) لم يذكروه، وهو ملعون خبيث.<BR>________________________________________ الصفحة 117  ________________________________________<BR>من ذلك ذمام فآويته، فأما إذ قد عمت فخل سبيلي حتى أرجع إليه وآمره بالخروج من داري إلى حيث شاء من الأرض، لأخرج بذلك من ذمامه وجواره.<BR>فقال له ابن زياد: والله لا تفارقني أبداً حتى تأتيني به.<BR>فقال: والله لا آتيك به أبداً، آتيك بضيفي حتى تقتله!<BR>فقال: والله لتأتيني به.<BR>قال: والله لا آتيك به.<BR>فلما كثر الكلام بينهما، قام مسلم بن عمرو الباهلي (126) فقال: أصلح الله الأمير أخلني وإياه حتى أكلمه، فقام فخلى به ناحية ـ وهما بحيث يراهما ابن زياد ويسمع كلامهما ـ إذ رفعا أصواتهما.<BR>فقال له مسلم: يا هاني أنشدك الله أن لا تقتل نفسك وتدخل البلاء على عشيرتك، فوالله إني لأنفس بك عن القتل، إن هذا الرجل ابن عم القوم وليسوا بقاتليه ولا ضاريه، فادفعه إليه، فإنه ليس عليك بذلك مخزاة ولا منقصة، وإنما تدفعه إلى السلطان.<BR>فقال هاني: والله إن علي في ذلك الخزي والعار، أنا أدفع جاري وضيفي ورسول ابن رسول الله إلى عدوه وأنا صحيح الساعدين وكثير الأعوان! والله لو لم أكن إلا رجلاً واحداً ليس لي ناصر لم أدفعه حتى أموت دونه.<BR>فأخذ يناشده، وهو يقول: والله لا أدفعه.<BR>فسمع ابن زياد ذلك، فقال: أدنوه مني، فأدني منه، فقال: والله لتأتيني به أو لأضر بن عنقك. <BR>____________<BR>(126) ر: مسلم بن عمر، وفي بعض النسخ: مسلم بن عمير الباهلي.<BR>لم يذكروه.<BR>________________________________________ الصفحة 118  ________________________________________<BR>فقال هاني: إذن والله تكثر البارقة حول دارك.<BR>فقال ابن زياد: والهفاه عليك، أبا البارقة تخوفني ـ وهاني يظن أن عشيرته يسمعونه ـ ثم قال: أدنوه مني، فأدني منه، فاستعرض وجهه بالقضيب، فلم يزل يضرب أنفه وجبينه وخده حتى كسر أنفه وسيل الدماء على ثيابه ونثر لحم خده وجيبنه على لحيته وانكسر القضيب.<BR>فضرب هاني يده إلى قائم سيف شرطي، فجذبه ذلك الرجل، فصاح (127) ابن زياد: خذوه فجروه حتى ألقوه في بيتٍ من بيوت القصر واغلقوا (128) عليه بابه، وقال: اجعلوا عليه حرساً، ففعل ذلك به.<BR>فقام أسماء بن خارجة إلى عبيدالله بن زياد ـ وقيل: إن القائم حسان بن أسماء ـ فقال: أرسل غدرٍ سائر اليوم (129)، أيها الأمير أمرتنا أن نجيئك بالرجل، حتى إذا (130) جئناك به هشمت وجهه وسيلت دماءه على لحيته وزعمت أنك تقتله.<BR>فغضب ابن زياد من كلامه وقال: وأنت ها هنا! وأمر به فضرب حتى ترك وقيد وحبس (131) في ناحية من القصر.<BR>فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، إلى نفسي أنعاك يا هاني.<BR>قال الراوي (132): وبلغ عمرو (133) بن الحجاج أن هانياً قد قتل ـ وكانت رويحة <BR>____________<BR>(127) ر: فقال.<BR>(128) ر: وأغلق.<BR>(129) ع: القوم.<BR>(130) إذا، لم يرد في ر.<BR>(131) ر: وأجلس.<BR>(132) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(133) ر: عمر.<BR>________________________________________ الصفحة 119  ________________________________________<BR>ابنة عمرو (134) هذا تحت هاني بن عروة ـ فأقبل عمرو في مذحج كافة حتى أحاط بالقصر ونادى: أنا عمرو بن الحجاج وهذه فرسان مذحج ووجوهها (135) لم تخلع طاعة ولم تفارق جماعة، وقد بلغنا أن صاحبنا هانياً قد قتل. فعلم عبيدالله باجتماعهم وكلامهم، فأمر شريحاً القاضي أن يدخل على هاني فيشاهده ويخبر قومه بسلامته من القتل، ففعل ذلك وأخبرهم، فرضوا بقوله وانصرفوا. قال (136): وبلغ الخبر إلى مسلم بن عقيل، فخرج بمن بايعه إلى حرب عبيدالله، فتحصن منه بقصر الامارة، واقتتل أصحابه وأصحاب مسلم.<BR>وجعل أصحاب عبيدالله الذين معه في القصر يتشرفون منه (137) ويحذرون أصحاب مسلم ويتوعدونهم بجنود الشام، فلم يزالوا كذلك حتى جاء الليل. فجعل أصحاب مسلم يتفرقون عنه، ويقول بعضهم لبعض: ما نصنع بتعجيل الفتنة، وينبغي أن نقعد في منازلنا وندع هؤلاء القوم حتى يصلح الله ذات بينهم.<BR>فلم يبق معه سوى عشرة أنفس، ودخل مسلم المسجد ليصلي المغرب، فتفرق العشرة عنه.<BR>فلما رأى ذلك خرج وحيداً في سكك الكوفة، حتى وقف على باب امرأة يقال لها طوعة (138)، فطلب منها ماءً فسقته، ثم استجارها فأجارته، فعلم به <BR>____________<BR>(134) لم أهتد إلى من ترجم لها.<BR>(135) ر: ووجوهنا.<BR>(136) قال، لم يرد في ر.<BR>(137) منه، لم يرد في ر.<BR>(138) كانت أم ولد للأشعث بن قيس الكندي، وقد كان لها ابن من غيره يقال له بلال بن أسيد، أعتقها<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 120  ________________________________________<BR>ولدها، فوشى الخبر إلى عبيدالله بن زياد، فأحضر محمد بن الأشعث وضم إليه جماعة وأنفذه لإحضار مسلم. فلما بلغو دار المرأة وسمع مسلم وقع حوافر الخيل، لبس درعه وركب فرسه وجعل يحارب أصحاب عبيدالله. <BR>ولما قتل مسلم منهم جماعة نادى إليه (139) محمد بن الأشعث: يا مسلم لك الأمان.<BR>فقال له مسلم: وأي أمان للغدرة الفجرة، ثم أقبل يقاتلهم ويرتجز بأبيات حمران بن مالك الخثعمي (140) يوم القرن حيث يقول: <BR>أقسمــت لا أقتل إلا حراً * وإن رأيت الموت شيئـاً نكرا<BR>أكــره أن أخدع أو أغرا * أو أخلط البارد سخنـاً مـرا<BR>كل امرىءٍ يوماً يالقي شرا * أضربكم ولا أخــاف ضرا<BR>فقالوا له: إنك لا تخدع (141) ولا تغر، فلم يلتفت إلى ذلك، وتكاثروا عليه بعد أن أثخن بالجراح، فطعنه رجل من خلفه، فخر إلى الأرض، فأخذ أسيراً.<BR>فلما أدخل على عبيدالله بن زياد لم يسلم عليه، فقال له الحرسي: سلم على الأمير. <BR>____________<BR>=<BR>الأسيد الحضرمي.<BR>الكامل في التاريخ 4|31، وراجع اعلام النساء المؤمنات: 363 ـ 364 وما ذكر فيه من مصادر ترجمتها.<BR>(139) ر: حتى قتل منهم جماعة فناداه.<BR>(140) لم أعثر على من ترجم له.<BR>(141) ب: فنادى إليه إنك لا تكذب ولا تغر.<BR>________________________________________ الصفحة 121  ________________________________________<BR>فقال له: اسكت يا ويحك والله (142) ما هو لي بأمير.<BR>فقال ابن زياد: لا عليك سلمت أم لم تسلم، فإنك مقتول.<BR>فقال له مسلم: إن قتلتني فلقد قتل من هو شرٌّ منك من هو خيرٌ مني، وبعد فإنك لا تدع سوء القتلة وقبح المثلة وخبث السريرة ولؤم الغلبة، لا أحد أولى بها منك (143).<BR>فقال له ابن زياد: يا عاق يا شاق، خرجت على إمامك وشققت عصى المسلمين، وألقحت الفتنة بينهم.<BR>فقال له مسلم: كذبت يابن زياد، إنما شق عصى المسلمين معاوية وابنه يزيد، وأما الفتنة فإنما ألقحها أنت وأبوك زياد بن عبيد عبد بني علاج من ثقيف (144)، وأنا أرجوا أن يرزقني الله الشهادة على يدي أشر البرية (145).<BR>فقال ابن زياد: منتك نفسك أمراً، حال الله دونه ولم يرك له أهلاً وجعله لأهله.<BR>فقال مسلم: ومن أهله يابن مرجانة؟<BR>فقال: أهله يزيد بن معاوية!<BR>فقال مسلم: الحمد الله، رضينا بالله حكماً بيننا وبينكم. <BR>____________<BR>(142) ياويحك والله، لم يرد في ر.<BR>(143) وبعد فإنك.... أولى بها منك، لم يرد في ب.<BR>(144) قال السيد الخوئي: زياد بن عبيد...، هذا هو زياد بن أبيه، وأمه سيمة المعروفة، وقصة إلحاقه بأبي سفيان مشهورة، ونغله عبيدالله قاتل الحسين عليه السلام.<BR>وليت شعري كيف عد العلامة وابن داود هذا اللعين ابن اللعين ابا اللعين في القسم الأول من كتابيهما، وكأنهما لم يلتفتا إلى أن زياد بن عبيد هو زياد المعروف بأمه، والله العالم.<BR>معجم رجال الحديث 7|309.<BR>(145) ب، ع: شر بريته. <BR>________________________________________ الصفحة 122  ________________________________________<BR>فقال ابن زياد: أتظن أن لك من الأمر شيئاً.<BR>فقال مسلم: والله ما هو الظن، ولكنه اليقين.<BR>فقال ابن زياد: أخبرني يا مسلم لم أتيت هذا البلد وأمرهم ملتئمٌ فشتت أمرهم (146) بينهم وفرقت كلمتهم؟<BR>فقال له مسلم: ما لهذا أتيت، ولكنكم أظهرتم المنكر ودفنتم المعروف وتأمرتم على الناس بغير رضىً منهم وحملتموهم على غير ما أمركم به الله، وعملتم فيهم بأعمال كسرى وقيصر، فأتيناهم لنأمر فيهم بالمعروف وننهى عن المنكر وندعوهم إلى حكم الكتاب والسنة، وكنا أهل ذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله.<BR>فجعل ابن زياد لعنه الله يشتمه ويشتم علياً والحسن والحسين عليهم السلام!<BR>فقال له مسلم: أنت وأبوك أحق بالشتم، فاقض ما أنت قاض يا عدو الله. <BR>فأمر ابن زياد بكير بن حمران (147) أن يصعد به إلى أعلا القصر فيقتله، فصعد به ـ وهو يسبح الله تعالى ويستغفره ويصلي على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ـ فضرب عنقه، ونزل وهو مذعور.<BR>فقال له ابن زياد: ما شأنك؟<BR>فقال: أيها الأمير رأيت ساعة قتله رجلاً أسوداً شنيء (148) الوجه حذاي عاضاً على إصبعه ـ أو قال شفتيه ـ ففزعت فزعاً لم أفزعه قط.<BR>فقال ابن زياد: لعلك دهشت. <BR>ثم أمر بهاني بن عروة، فأخرج ليقتل، فجعل يقول: وامذحجاه وأين مني <BR>____________<BR>(146) أمرهم، لم يرد في ر.<BR>(147) في كتاب مستدركات علم الرجال 2 | 50: بكر بن حمران الأحمري، خبيث ملعون، قاتل مسلم ابن عقيل.<BR>(148) ب، ع: سيء. <BR>________________________________________ الصفحة 123  ________________________________________<BR>مذحج! واعشيرتاه وأين مني عشيرتي!<BR>فقالوا له: يا هاني مد عنقك.<BR>فقال: والله ما أنا بها سخي، وما كنت لأعينكم على نفسي.<BR>فضربه غلام لعبيد الله بن زياد يقال له رشيد (149) فقتله.<BR>وفي قتل مسلم وهاني يقول عبدالله بن زبير الأسدي (150)، ويقال: إنه للفرزدق (151): <BR>فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري * إلى هاني في السوق وابــن عقيل <BR>إلى بطل قد هشم السيف وجـــهه * وآخر يهوى من جـــــدار قتيل<BR>أصابهما جور البغى فـــأصبحـا * أحاديث من يسعى (152) بكل سبيل <BR>ترى جسداً قد غير الموت لــونـه * ونضح دم قد ســــال كل مسيل<BR>فتىً كان أحيى من فتـاة حيـــيةً * واقطع من ذي شفـــرتين صقيل<BR>أيركب أسمــا الهماليــــج آمناً * وقد طلبته مذحج بـــــذحول<BR>تطوف حــــواليـه مراد وكلهم * على أهبة من سائل ومســــول<BR>____________<BR>(149) لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(150) عبدالله بن الزبير بن الأعشى واسمه قيس بن بجرة بن قيس بن منقذ بن طريف بن عمرو بن قعين الأسدي.<BR>أدب الطف 1|146.<BR>(151) ع: ويقال إنها للفرزدق وقال بعضهم إنها لسليمان الحنفي.<BR>والفرزدق هو: همام بن غالب بن صعصعة التميمي الدارمي، أبو فراس، شاعر من النبلاء من أهل البصرة، عظيم الأثر في اللغة، كان شريفاً في قومه، وكان أبوه من الأجواد الأشراف، وكذلك جده، توفي في بادية البصرة سنة 110 هـ وقد قارب المائة من عمره.<BR>خزانة الأدب 1|105 ـ 108، جمهرة أشعار العرب: 163، الأعلام 8|93.<BR>(152) ع: يسري.<BR>________________________________________ الصفحة 124  ________________________________________<BR>فإن أنتم لم تثأروا بأخيكم * فكونوا بغيا أرضيت بقليل (153)<BR>قال الراوي (154): وكتب عبيدالله بن زياد بخبر مسلم وهاني إلى يزيد بن معاوية.<BR>فأعاد عليه الجواب يشكره فيه على فعاله وسطوته، ويعرفه أن قد بلغه توجه الحسين عليه السلام إلى جهته، ويأمره عند ذلك بالمؤاخذة والإنتقام والحبس على الظنون والأوهام.<BR>وكان قد توجه الحسين عليه السلام من مكة يوم الثلاثاء (155) لثلاث مضين من ذي الحجة، وقيل: لثمان مضين من ذي الحجة (156) سنة ستين من الهجرة، قبل أن يعلم بقتل مسلم، لأنه عليه السلام خرج من مكة في اليوم الذي قتل فيه مسلم رضوان الله عليه.<BR>وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري الإمامي (157) في كتاب دلائل الإمامة (158) قال: حدثنا أبو محمد سفيان بن وكيع (159)، عن أبيه <BR>____________<BR>(153) ع: أرغمت ببعول.<BR>(154) الراوي، لم يرد في ع.<BR>(155) يوم الثلاثاء، لم يرد في ب.<BR>(156) وقيل لثمان مضين من ذي الحجة، لم يرد في ب. وفي ع: وقيل يوم الأربعاء لثمان مضين من ذي الحجة.<BR>(157) قال الشيخ الطهراني في الذريعة 8|241: أبو جعفر محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي المازندراني، المتأخر عن محمد بن جرير الطبري الكبير، والمعاصر للشيخ الطوسي المتوفى سنة 460 هـ والنجاشي المتوفى سنة 450 هـ، والشاهد على ذلك أمور:...<BR>(158) دلائل الإمامة أو دلائل الأئمة ألفه بعد 411 هـ، قال الشيخ الطهراني: وأول من نقل عن هذا الكتاب هو السيد علي بن طاووس...، وقد ذكرنا أن مكتبة ابن طاووس كانت تشتمل في عام 605 هـ على 1500 مجلد، ومنها نسخة تامة من هذا الكتاب، حيث ينقل من أوائله وأواسطه وأواخره متفرقة في تصانيفه، وكان قد ذكر فيها اسم المؤلف، ولم تصل هذه النسخة إلى المتأخرين عنه إلا ناقصاً.<BR>ذريعة 8|244.<BR>(159) في مستدركات علم الرجال 4|95: سفيان بن وكيع، أبو محمد، لم يذكروه، روى محمد بن الفرات<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 125  ________________________________________<BR>وكيع (160)، عن الأعمش (161) قال: قال لي أبو محمد الواقدي (162) وزرارة ابن خلج (163): لقينا الحسين بن علي عليهما السلام قبل أن يخرج (164) الى العراق (165) بثلاثة، فأخبرناه بضعف الناس بالكوفة، وأن قلوبهم معه وسيوفهم عليه. <BR>____________<BR>=<BR>الدهان عنه عن أبيه عن الأعمش، وروى محمد بن جرير الطبري عنه عن أبيه عن الأعمش، وروى عنه في دلائل الطبري كثيراً في أبواب المعجزات.<BR>(160) وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان، حافظ للحديث، كان محدث العراق في عصره، ولد بالكوفة، توفي بفيد راجعاً من الحج سنة 197 هـ، وقيل: 199 هـ، وقيل: غير ذلك.<BR>تذكرة الحفاظ 1|282، حلية الأولياء 8|368، ميزان الإعتدال 3|270، تاريخ بغداد 13|466، الأعلام 8|117.<BR>(161) سليمان بن مهران الأسدي بالولاء، تابعي، أصله من بلاد الري، ومنشؤه ووفاته بالكوفة، يروي نحو 1300 حديثاً، توفي سنة 148 هـ.<BR>الطبقات 6|238، الوفيات 1|213، تاريخ بغداد 9|3، الأعلام 3|135.<BR>(162) ر: الوافدي.<BR>لم يذكروه.<BR>(163) ب: زرارة بن صالح.<BR>وذكر في مستدركات علم الرجال 3|425 زرارة بن خلج وزرارة بن صالح وعدهما شخصين وقال عن ابن خلج: لم يذكروه، وهو من أصحاب الحسين عليه السلام، رأى معجزته وإخباره إياه بشهادته وشهادة أصحابه. وقال عن ابن صالح: تشرف بلقاء الحسين قبل خروجه إلى العراق بثلاثة أيام، وروى عنه.<BR>والظاهر أنهما اسمان لشخص واحد، والله العالم.<BR>(164) ب: خروجه.<BR>(165) العراقان: الكوفة والبصرة، ويسمى العراق السواد، لسواده بالزروع والنخيل والأشجار، وحد السواد: من حديثة بالموصل طولاً إلى عبادان، ومن العذيب بالقادسية إلى حلوان عرضاً، وأما العراق في العرف فطوله يقصر عن طول السواد.<BR>معجم البلدان 3|272، 4|93 ـ 95.<BR>________________________________________ الصفحة 126  ________________________________________<BR>فأومأ بيده نحو السماء، ففتحت أبواب السماء، فنزلت الملائكة عدداً لا يحصيهم الا عز وجل.<BR>فقال عليه السلام: «لولا تقارب الأشياء وحضور الأجل لقاتلتهم بهؤلاء، ولكني أعلم يقيناً أن هناك مصرعي وهناك مصارع أصحابي، لا ينحو منهم إلا ولدي علي».<BR>وروي أنه عليه السلام لما عزم على الخروج إلى العراق قام خطيباً، فقال: «الحمد لله ما شاء الله ولا قوة (166) إلا بالله وصلى الله على رسوله وسلم، خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة، وما أولهني إلى اشتياق أسلافي (167) اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرعٌ أنا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها ذئاب (168) الفلوات بين النواويس (169) وكربلاء، فيملأن مني أكراشاً جوفا (170) وأجربةً سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضى الله رضانا أهل البيت، نصبر على بلائه ويوفينا اجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله صلى الله عليه وآله لحمته، بل هي مجموعة له في حضيرة القدس، تقر بهم عينه وينجز بهم وعده، من كان باذلاً فينا مهجته وموطناً على لقاء الله نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مصبحاً إن شاء <BR>____________<BR>(166) ب: الحمد لله وما شاء الله ولا حول ولا قوة.<BR>(167) ب. ع: وما أولهني إلى أسلافي اشتياق.<BR>(168) ر: تنقطعها ذباب. ب: يتقطعها عسلان. ع: تقطعها عسلان.<BR>(169) كانت مقبرة عامة للنصارى قبل الفتح الإسلامي، وتقع في أراضي ناحية الحسينية قرب نينوى.<BR>تراث كربلاء: 19.<BR>(170) ب: أكرشاً جوافاً. ع: اكرشاً جوفاً.<BR>________________________________________ الصفحة 127  ________________________________________<BR>الله (171)».<BR>ورويت بالإسناد عن محمد بن داود القمي (172)، بالاسناد عن أبي عبدالله عليه السلام قال: جاء محمد بن الحنفية (173) إلى الحسين عليه السلام في الليلة التي أراد الحسين الخروج في صبيحتها عن مكة.<BR>فقال له: يا أخي، إن أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فإن رأيت أن تقيم فإنك أعز من بالحرم <BR>____________<BR>(171) من قوله: وروي أنه عليه السلام... إلى هنا، مقدم على قوله: وروى أبو جعفر محمد بن جرير الطبري...، في نسخة ع.<BR>وجاء في نسخة ع بعد قوله: مصبحاً إن شاء الله.<BR>وروى معمر بن المثنى في مقتل الحسين عليه السلام، فقال ما هذا لفظه: فلما كان يوم التروية قدم عمر ابن سعد بن أبي وقاص إلى مكة في جندٍ كثيف، قد أمره يزيد أن يناجز الحسين القتال إن هو ناجزه أو يقاتله إن قدر عليه، فخرج الحسين عليه السلام يوم التروية.<BR>ولم ترد هذه العبارة في نسخة ر. ب، فأوردناها في الهامش لاحتمال كونها من تعليقات المصنف على الكتاب، وأدرجت بعده في متن الكتاب.<BR>(172) ع: ورويت من كتاب أصل لأحمد بن الحسين بن عمر بن بريدة الثقة، وعلى الأصل أنه كان لمحمد ابن داود القمي.<BR>ب: أحمد بن داود القمي.<BR>هو محمد بن أحمد بن داود بن علي شيخ الطائفة أبو الحسن القمي، توفي سنة 368 هـ، صاحب كتاب المزار، من أجلاء مشايخ المفيد، ويروي عنه أيضاً الحسين بن عبيدالله بن الغضائري.<BR>الطبقات القرن الرابع: 236.<BR>(173) أبو القاسم محمد الأكبر بن علي بن أبي طالب، والحنفية لقب أمه خولة بنت جعفر، كان كثير العلم والورع شديد القوة، وحديث منازعته في الإمامة مع علي بن الحسين عليه السلام وإذعانه بإمامته بعد شهادة الحجر لعلي بن الحسين عليه السلام بالإمامة مشهور، بل في بعضها: وقوعه على قدمي الإمام السجاد عليه السلام، توفي سنة 80 هـ، وقيل: 81 هـ.<BR>تنقيح المقال 3|115، وفيات الأعيام 5|91، الطبقات 5|91.<BR>________________________________________ الصفحة 128  ________________________________________<BR>وأمنعه.<BR>فقال: «يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت».<BR>فقال له ابن الحنفية: فان خفت ذلك فصر إلى اليمن (174) أو بعض نواحي البر، فإنك أمنع الناس به، ولا يقدر عليك أحد.<BR>فقال: «أنظر فيما قلت».<BR>فلما كان السحر ارتحل الحسين عليه السلام، فبلغ ذلك ابن الحنفية، فأتاه، فأخذ زمام ناقته وقد ركبها فقال: ياأخي ألم تعدني النظر فيما سألتك؟<BR>فقال: «بلى».<BR>قال: فما حداك على الخروج عاجلاً؟<BR>فقال: «أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله بعدما فارقتك، فقال: يا حسين، أخرج، فإن الله قد شاء أن يراك قتيلاً».<BR>فقال محمد بن الحنفية: إنا لله وإنا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذا الحال؟<BR>قال: فقال له: «قد قال لي: إن (175) الله قد شاء أن يراهن سبايا»، وسلم عليه ومضى (176). <BR>____________<BR>(174) بالتحريك، وهي بين عمان إلى نجران ثم يلتوي على بحر العرب إلى عدن.<BR>معجم البلدان 5|447.<BR>(175) ب: قال فقال إن.<BR>(176) من قوله: ورويت بالإسناد عن محمد بن داود... إلى هنا لم يرد في نسخة ر، وورد في نسخة ب.ع.<BR>وجاء في نسخة ع بعد قوله: وسلم عليه ومضى:<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 129  ________________________________________<BR>... <BR>____________<BR>=<BR>وذكر محمد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن أيوب بن نوح، عن صفوان، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ذكرنا خروج الحسين عليه السلام وتخلف ابن الحنفية عنه، فقال أبو عبدالله عليه السلام: يا حمزة إني سأحدثك بحديث لا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا: <BR>إن الحسين عليه السلام لما فصل متوجهاً، أمر بقرطاس وكتب: <BR>بسم الله الرحمن الرحيم<BR>من الحسين بن علي إلى بني هاشم، أما بعد، فإنه من لحق بي منكم استشهد، ومن تخلف عني لم يبلغ الفتح، والسلام.<BR>وذكر المفيد محمد بن محمد بن النعمان رضى الله عنه في كتاب مولد النبي صلى الله عليه وآله ومولد الأوصياء صلوات الله عليهم، بأسناده إلى أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق عليه السلام قال: لما سار أبو عبدالله الحسين بن علي صلوات الله عليهما من مكة ليدخل المدينة، لقيه أفواج من الملائكة المسومين والمردفين في أيديهم الحراب على نجب من نجب الجنة، فسلموا عليه وقالوا: يا حجة الله على خلقه بعد جده وأبيه وأخيه، إن الله عز وجل أمد جدك رسول الله صلى الله عليه وآله بنا في مواطن كثيرة، وأن الله أمدك بنا.<BR>فقال لهم: الموعد حفرتي وبقعتي التي أستشهد فيها، وهي كربلاء، فإذا وردتها فأتوني.<BR>فقالوا: يا حجة الله، إن الله أمرنا أن نسمع لك ونطيع، فهل تخشى من عدو يلقاك فنكون معك؟<BR>فقال: لا سبيل لهم علي ولا يلقوني بكريهة أو أصل إلى بقعتي.<BR>وأتته أفواج من مؤمني الجن، فقالوا له: يا مولانا، نحن شيعتك وأنصارك فمرنا بما تشاء، فلو أمرتنا بقتل كل عدو لك وأنت بمكانك لكفيناك ذلك.<BR>فجزاهم خيراً وقال لهم: أما قرءتم كتاب الله المنزل على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم)، فإذا أقمت في مكاني فبم يمتحن هذا الخلق المتعوس، وبماذا يختبرون، ومن ذا يكون ساكن حفرتي وقد اختارها الله تعالى لي يوم دحا الأرض، وجعلها معقلاً لشيعتنا ومحبينا، تقبل أعمالهم وصلواتهم، ويجاب دعاؤهم، وتسكن شيعتنا، فتكون لهم أماناً في الدنيا والآخرة؟ ولكن تحضرون يوم السبت، وهو يوم عاشوراء ـ في غير هذه الرواية يوم الجمعة ـ الذي في آخره أقتل، ولا يبقى بعدي مطلوب من أهلي ونسبي وإخواني وأهل بيتي، ويسار رأسي إلى يزيد بن معاوية لعنهما الله.<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 130  ________________________________________<BR>ثم سار الحسين عليه السلام حتى مر بالتنعيم (177)، فلقي هناك عيراً تحمل هدية قد بعث بها بحير بن ريسان الحميري (178) عامل اليمن إلى يزيد بن معاوية فأخذ عليه السلام الهدية، لأن (179) حكم أمور المسلمين إليه. <BR>ثم قال لأصحاب الجمال: «من أحب أن (180) ينطلق معنا إلى العراق وفيناه كراه وأحسنا صحبته، ومن أحب أن يفارقنا أعطيناه كراه (181) بقدر ما قطع من الطريق».<BR>فمضى معه قوم وامتنع آخرون. <BR>____________<BR>=<BR>فقالت الجن: نحن والله يا حبيب الله وابن حبيبه لولا أن أمرك طاعة وأنه لا يجوز لنا مخالفتك لخالفناك وقتلنا جميع أعداءك قبل أن يصلوا إليك.<BR>فقال لهم عليه السلام: ونحن والله أقدر عليهم منكم، ولكن ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة. انتهى بنصه من نسخة ع.<BR>ولم يرد هذا في نسخة ر، ب، وإنما أوردناه في الهامش لاحتمال كونه من حواشي المصنف على الكتاب، وأدخل بعده في المتن.<BR>(177) بالفتح ثم السكون وكسر العين وياء ساكنة وميم: موضع بمكة في الحل، وهو بين مكة وسرف، على فرسخين من مكة، وقيل: على أربعة، وسمي بذلك لأن جبلاً عن يمينه يقال له نعيم وآخر عن شماله يقال له ناعم والوادي نعمان، وبالتنعيم مساجد حول مسجد عائشة وسقايا على طريق المدينة منه يحرم المكيون بالعمرة.<BR>معجم البلدان 2|49.<BR>(178) الحميري، لم يرد في ر.<BR>لم أهتد إلى ترجمته.<BR>(179) ب: وكان عامله على اليمن وعليها الورس والحلل، فأخذها عليه السلام لأن حكم.<BR>(180) ب: وقال لأصحاب الإبل: من أحب منكم أن.<BR>(181) ب: أن يفارقنا من مكاننا هذا أعطيناه من الكرى.<BR>________________________________________ الصفحة 131  ________________________________________<BR>ثم سار عليه السلام حتى بلغ ذات عرق (182)، فلقى بشر بن غالب (183) وارداً من العراق، فسأله عن أهلها.<BR>فقال: خلفت القلوب معك والسيوف مع بني أمية.<BR>فقال عليه السلام: «صدق أخو بني أسد، إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد».<BR>قال الراوي (184): ثم سار عليه السلام حتى أتى الثعلبية (185) وقت الظهيرة، فوضع رأسه، فرقد ثم استيقظ، فقال: «قد رأيت هاتفاً يقول: أنتم تسيرون والمنايا تسير (186) بكم إلى الجنة».<BR>فقال له ابنه علي: يا أبة أفلسنا على الحق؟<BR>فقال: «بلى يا بني والذي اليه مرجع العباد». <BR>____________<BR>(182) ذات عرق مهل أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة. وقيل: عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق. وقال الأصمعي: ما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق. وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق.<BR>معجم البلدان 4|107 ـ 108.<BR>(183) في مستدركات علم الرجال 2|33: بشر بن غالب الأسدي الكوفي، من أصحاب الحسين والسجاد، قاله الشيخ في رجاله، والبرقي عده من أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجاد، وأخوه بشير، رويا عن الحسين دعاءه المعروف يوم عرفة بعرفات...<BR>وله روايات عن الحسين ذكرت في عدة الداعي، ويروي عنه عبدالله بن شريك.<BR>(184) الراوي، لم يرد في ر. ب.<BR>(185) ر: التغلبية.<BR>والثعلبية بفتح أوله من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وهي ثلثا الطريق، وأسفل منها ماء يقال له الضويجعة على ميل منها مشرف، وإنما سميت بالثعلبية لإقامة ثعلبة ابن عمرو بها، وقيل: سميت بن دودان بن اسد وهو أول من حفرها ونزلها.<BR>معجم البلدان 2|78.<BR>(186) ب. ع: أنتم تسرعون والمنايا تسرع.<BR>________________________________________ الصفحة 131  ________________________________________<BR>ثم سار عليه السلام حتى بلغ ذات عرق (182)، فلقى بشر بن غالب (183) وارداً من العراق، فسأله عن أهلها.<BR>فقال: خلفت القلوب معك والسيوف مع بني أمية.<BR>فقال عليه السلام: «صدق أخو بني أسد، إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد».<BR>قال الراوي (184): ثم سار عليه السلام حتى أتى الثعلبية (185) وقت الظهيرة، فوضع رأسه، فرقد ثم استيقظ، فقال: «قد رأيت هاتفاً يقول: أنتم تسيرون والمنايا تسير (186) بكم إلى الجنة».<BR>فقال له ابنه علي: يا أبه أفلسنا على الحق؟<BR>فقال: «بلى يا بني والذي اليه مرجع العباد». <BR>____________<BR>(182) ذات عرق مهل أهل العراق، وهو الحد بين نجد وتهامة. وقيل: عرق جبل بطريق مكة ومنه ذات عرق. وقال الأصمعي: ما ارتفع من بطن الرمة فهو نجد إلى ثنايا ذات عرق. وعرق هو الجبل المشرف على ذات عرق.<BR>معجم البلدان 4|107 ـ 108.<BR>(183) في مستدركات علم الرجال 2|33: بشر بن غالب الأسدي الكوفي، من أصحاب الحسين والسجاد، قاله الشيخ في رجاله، والبرقي عده من أصحاب أمير المؤمنين والحسنين والسجاد، وأخوه بشير، رويا عن الحسين دعاءه المعروف يوم عرفة بعرفات...<BR>وله روايات عن الحسين ذكرت في عدة الداعي، ويروي عنه عبدالله بن شريك.<BR>(184) الراوي، لم يرد في ر.ب.<BR>(185) ر: التغلبية.<BR>والثعلبية بفتح أوله من منازل طريق مكة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية، وهي ثلثا الطريق، وأسفل منها ماء يقال له الضويجعة على ميل منها مشرف، وإنما سميت بالثعلبية لإقامة ثعلبة ابن عمرو بها، وقيل: سميت بثعلبة بن دودان بن اسد وهو أول من حفرها ونزلها.<BR>معجم البلدان 2|78.<BR>(186) ب.ع: أنتم تسرعون والمنايا تسرع.<BR>________________________________________ الصفحة 132  ________________________________________<BR>فقال له: يا أبة إذن لا نبالي بالموت.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «فجزاك الله يابني خير ما جزا ولداً عن والده (187)».<BR>ثم بات عليه السلام في الموضع، فلما أصبح، فإذا هو برجلٍ من أهل الكوفة يكنى أبا هرة الأزدي (188)، فلما أتاه سلم عليه.<BR>ثم قال: يابن رسول الله ما الذي أخرجك من حرم الله وحرم جدك رسول الله صلى الله عليه وآله؟<BR>فقال الحسين عليه السلام: «ويحك يا أبا هرة، إن بني أمية أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، وأيم الله لتقتلني الفئة الباغية وليلبسنهم الله ذلاً شاملاً وسيفاً قاطعاً، وليسلطن الله عليهم من يذلهم، حتى يكونوا أذل من قوم سبأ إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم حتى أذلتهم».<BR>ثم سار عليه السلام، وحدث جماعة من بني (189) فزارة وبجيلة قالوا: كنا مع زهير بن القين (190) لما أقبلنا من مكة، فكنا نساير الحسين عليه السلام، وما شيء أكره إلينا من مسايرته، لأن معه نسوانه، فكان إذا أراد النزول اعتزلناه، فنزلنا ناحية. <BR>____________<BR>(187) ب: جزاك الله يا بني خير ما جزا ولداً عن والدٍ.<BR>(188) لم أعثر على من ترجم له.<BR>(189) بني، لم يرد في ر.<BR>(190) زهير بن القين البجلي، وبجيلة هم بنو أنمار بن أراش بن كهلان من القحطانية، شخصية بارزة في المجتمع الكوفي، ويبدو أنه كان كبير السن عند لحوقه بالحسين عليه السلام، ذكر في الزيارة بتكريم خاص، انضم إلى الحسين عليه السلام في الطريق من مكة إلى العراق بعد أن كان كارهاً للقائه، خطب في جيش ابن زياد قبيل المعركة، جعله الحسين عليه السلام على ميمنة أصحابه.<BR>تاريخ الطبري 5|396 ـ 397 و6|42 و422، رجال الشيخ: 73، أنصار الحسين: 88.<BR>________________________________________ الصفحة 133  ________________________________________<BR>فلما كان في بعض الأيام نزل في مكان، فلم نجد بداً من أن ننازله فيه، فبينما نحن نتغدى بطعام لنا إذا أقبل رسول الحسين عليه السلام حتى سلم علينا.<BR>ثم قال: يا زهير بن القين إن أبا عبدالله عليه السلام بعثني إليك لتأتيه، فطرح كل إنسان منا ما في يده حتى كأنما على رؤوسنا الطير.<BR>فقالت له زوجته ـ وهي ديلم بنت عمرو (191) ـ: سبحان الله، أيبعث إليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه، فلو أتيته فسمعت من كلامه.<BR>فمضى إليه زهير، فما لبث أن جاء مستبشراً قد أشرق وجهه، فأمر بفسطاطه فقوض وبثقله ومتاعه فحول إلى الحسين عليه السلام.<BR>وقال لامرأته: أنت طالق، فإني لا أحب أن يصيبك بسببي إلا خير، وقد عزمت على صحبة الحسين عليه السلام لأفديه بروحي وأقيه بنفسي (192)، ثم أعطاها مالها وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها إلى أهلها.<BR>فقامت إليه وودعته وبكت، وقالت: خار (193) الله لك، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين عليه السلام.<BR>ثم قال لأصحابه: من أحب منكم أن يصحبني، وإلا فهو آخر العهد مني (194) به. <BR>____________<BR>(191) أو ديلم بنت عمر.<BR>وهي التي قالت لغلام لزهير بعد شهادته: انطلق فكفن مولاك، قال: فجئت فرأيت حسيناً ملقى، فقلت: اكفن مولاي وأدع حسيناً! فكفنت حسيناً، ثم رجعت فقلت ذلك لها، فقالت: أحسنت، وأعطتني كفناً آخر، وقالت فكفن مولاك، ففعلت.<BR>ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات، المطبوع في مجلة تراثنا، العدد 10 ص 190، وراجع أيضاً أعلام النساء المؤمنات: 341.<BR>(192) ع: لأفديه بنفسي وأقيه بروحي. والمثبت من ب.<BR>(193) ع: وقالت: كان الله عوناً ومعيناً خار.<BR>(194) مني، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 134  ________________________________________<BR>ثم سار الحسين عليه السلام حتى بلغ زبالة (195)، فأتاه فيها خبر مسلم (196) بن عقيل، فعرف بذلك جماعة ممن تبعه، فتفرق عنه أهل الأطماع والإرتياب، وبقي معه أهله وخيار الأصحاب.<BR>قال الراوي (197): وارتج الموضع بالبكاء والعويل (198) لقتل مسلم بن عقيل، وسالت الدموع عليه كل مسيل.<BR>ثم أن الحسين عليه السلام سار قاصداً لما دعاه الله إليه، فلقيه (199) الفرزدق، فسلم عليه وقال: يابن رسول الله كيف تركن إلى أهل الكوفة وهم الذين قتلوا ابن عمك مسلم بن عقيل وشيعته؟<BR>قال: فاستعبر الحسين عليه السلام باكياً، ثم قال: «رحم الله مسلماً، فلقد صار إلى روح الله وريحانه وتحيته ورضوانه، أما أنه قد قضى ما عليه وبقي ما علينا»، ثم أنشأ يقول: <BR>«فــإن تكــن الدنيا تعد نفيسة * فــإن ثواب الله أعـلا وأنبـــل<BR>وإن تكن الأبدان للمــوت أنشئت * فقتل امرءٍ بالسيف فــي الله أفضـل<BR>وإن تكن الأرزاق قسماً مقــدراً * فقلة حرص المرء في السعي(200)أجمل<BR>____________<BR>(195) بضم أوله: منزل معروف بطريق مكة من الكوفة، وهي قرية عامرة بها أسواق بين واقصة والثعلبية. وقال أبو عبيدة السكوني: زبالة بعد القاع من الكوفة وقبل الشقوق فيها حصن وجامع لبني غاضرة من بني أسد.<BR>معجم البلدان 3|129.<BR>(196) ب: حتى أتاه خبر مسلم في زبالة.<BR>(197) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(198) والعويل، لم يرد في ر.<BR>(199) ب: ثم أنه سار فلقيه.<BR>(200) ب: في الرزق.<BR>________________________________________ الصفحة 135  ________________________________________<BR>وإن تكن الأموال للترك جمعها * فما بال متروك به المرء (201) يبخل»<BR>قال الراوي (202): وكتب الحسين عليه السلام كتاباً إلى سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة (203) ورفاعة بن شداد وجماعة من الشيعة بالكوفة، وبعث به مع قيس بن مسهر الصيداوي (204).<BR>فلما قارب دخول الكوفة اعترضه الحصين بن نمير (205) صاحب عبيدالله بن زياد ليفتشه، فأخرج الكتاب ومزقه، فحمله الحصين إلى ابن زياد.<BR>فلما مثل بين يديه قال له: من أنت؟<BR>قال: أنا رجل من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وابنه عليهما السلام.<BR>قال: فلماذا مزقت الكتاب؟<BR>قال: لئلا تعلم ما فيه. <BR>____________<BR>(201) ب: الحر.<BR>(202) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(203) ر: نجية.<BR>(204) ع: قيس بن مصهر الصيداوي.<BR>وقيس بن مسهر أسدي من عدنان، شاب كوفي من أشراف بني أسد، أحد حملة الرسائل من قبل الكوفيين إلى الحسين عليه السلام بعد إعلان الحسين رفضه لبيعة يزيد وخروجه إلى مكة، صحب مسلم بن عقيل حين قدم من مكة مبعوثاً من قبل الحسين إلى الكوفة، حمل رسالة من مسلم إلى الحسين عليه السلام يخبره فيها بيعة من بايع ويدعوه إلى القدوم.<BR>تاريخ الطبري 5|394 ـ 395، رجال الشيخ: 79، تسمية من قتل مع الحسين: 152، أنصار الحسين: 123 ـ 124.<BR>(205) الحصين بن نمير بن نائل أبو عبدالرحمن الكندي ثم السكوني، قائد من القساة الأشداء المقدمين في العصر الأموي، من أهل حمص، رمى الكعبة بالمنجنيق، وكان في آخر أمره على ميمنية عبيدالله بن زياد في حربه مع إبراهيم الأشتر، فقتل مع ابن زياد على مقربة من الموصل سنة 67 هـ.<BR>التهذيب لابن عساكر 4|371، الأعلام 2|262.<BR>________________________________________ الصفحة 136  ________________________________________<BR>قال: ممن الكتاب وإلى من؟<BR>قال من الحسين بن علي عليهما السلام إلى جماعة من أهل الكوفة لا أعرف أسماءهم.<BR>فغضب ابن زياد وقال: والله لا تفارقني حتى تخبرني بأسماء هؤلاء القوم، أو تصعد المنبر فتلعن الحسين وأباه وأخاه، وإلا قطعتك إرباً إرباً.<BR>فقال قيس: أما القوم فلا أخبرك بأسمائهم، وأما لعن الحسين وأبيه وأخيه فأفعل.<BR>فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، وأكثر من الترحم على علي وولده صلوات الله عليهم، ثم لعن عبيدالله بن زياد وأباه، ولعن عتاة بني أمية عن آخرهم.<BR>ثم قال: أيها الناس، أنا رسول الحسين بن علي عليهما السلام إليكم، وقد خلفته بموضع كذا وكذا، فأجيبوه.<BR>فأخبر ابن زياد بذلك (206)، فأمر بإلقائه من أعلا القصر، فألقي من هناك، فمات رحمة الله.<BR>فبلغ الحسين عليه السلام موته، فاستعبر باكياً ثم قال: «اللهم اجعل لنا ولشيعتنا منزلاً كريماً واجمع بيننا وبينهم في مستقر رحمتك إنك على كل شيءٍ قدير».<BR>وروي أن هذا الكتاب كتبه الحسين عليه السلام من الحاجز (207)، وقيل: غير ذلك. <BR>____________<BR>(206) بذلك، لم يرد في ر.<BR>(207) في إرشاد المفيد 2|70: من الحاجز من بطن الرمة.<BR>وفي مراصد الاطلاع 2|634: بطن الرمة منزل يجمع طريق البصرة والكوفة إلى المدينة.<BR>وفي معجم البلدان 1|666: بطن الرمة واد معروف بعالية نجد، وقال ابن دريد: الرمة قاع عظيم بنجد تنصب إليه أوديه.<BR>________________________________________ الصفحة 137  ________________________________________<BR>قال الراوي (208): وسار الحسين عليه السلام حتى صار على مرحلتين من الكوفة، فاذا (209) بالحر بن يزيد (210) في ألف فارس.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «ألنا أم علينا؟»<BR>فقال: بل عليك يا أبا عبدالله.<BR>فقال: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».<BR>ثم تراد القول بينهما، حتى قال له الحسين عليه السلام: «فإذا كنتم على خلاف ما أتتني به كتبكم وقدمت به علي رسلكم، فإني أرجع إلى الموضع الذي أتيت منه».<BR>فمنعه الحر وأصحابه من ذلك، وقال: لا، بل خذ يا بن رسول الله طريقاً لا يدخلك الكوفة ولا يوصلك إلى المدينة لأعتذر إلى ابن زياد بأنك خالفتني الطريق.<BR>فتياسر الحسين عليه السلام، حتى وصل إلى عذيب الهجانات (211). <BR>____________<BR>(208) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(209) ر: وإذاً.<BR>(210) الحر بن يزيد بن ناجيه بن سعيد من بني رياح بن يربوع، من الشخصيات البارزة في الكوفة، قائد من أشراف تميم، أحد أمراء الجيش الأموي في كربلاء، وكان يقود ربع تميم وهمدان، التقى مع الحسين عليه السلام عند جبل ذي حسم، تاب قبل نشوب المعركة لما أقبلت خيل الكوفة تريد قتل الحسين وأصحابه وأبى أن يكون منهم، فانصرف إلى الحسين، فقاتل بين يديه قتالاً عجيباً حتى قتل.<BR>تاريخ الطبري 5|422 و400 و427، تسمية من قتل مع الحسين: 153، رجال الشيخ: 73، البداية والنهاية 8|172، الكامل في التاريخ 4|19، أنصار الحسين: 84 ـ 85، الأعلام 2|172.<BR>(211) عذيب الهجانات قريب من عذيب القوادس، وعذيب القوادس ماء بين القادسية والمغيثه، بينه وبين القادسية أربعة أميال، وقيل: غير ذلك.<BR>معجم البلدان 4|92.<BR>________________________________________ الصفحة 138  ________________________________________<BR>قال: فورد كتاب عبيدالله بن زياد إلى الحر يلومه في أمر الحسين عليه السلام، ويأمره بالتضييق عليه.<BR>فعرض له الحر وأصحابه ومنعوه من المسير.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «ألم تأمرنا بالعدول عن الطريق؟»<BR>فقال الحر: بلى، ولكن كتاب الأمير عبيدالله بن زياد قد وصل يأمرني فيه بالتضييق عليك، وقد جعل علي عيناً يطالبني بذلك.<BR>قال الراوي (212): فقام الحسين عليه السلام خطيباً في أصحابه، فحمدالله وأثنى عليه وذكر جده فصلى عليه، ثم قال: «إنه قد نزل بنا من الأمر ما قد ترون، وإن الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت جذاء، ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، وخسيس عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون إلى الحق لا يعمل به، وإلى الباطل لا يتناهى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء ربه محقاً، فإني لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الضالمين إلا برما».<BR>فقام زهير بن القين، فقال: لقد سمعنا هدانا الله بك يابن رسول الله مقالتك، ولو كانت الدنيا لنا باقية وكنا فيها مخلدين لآثر النهوض معك على الاقامة فيها.<BR>قال: ووثب هلال بن نافع البجلي (213)، فقال: والله ما كرهنا لقاء ربنا، وإنا <BR>____________<BR>(212) قال الرواي، لم يرد في ر.<BR>(213) ظاهراً هو نفسه نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مذحج المذحجي الجملي، ويخطئ من يعبر عنه: البجلي، كان سيداً شريفاً شجاعاً قارءاً من حملة الحديث ومن أصحاب أمير المؤمنين، وحضر معه حروبه الثلاثة في العراق، وخرج إلى الحسين فلقيه في الطريق، وأخباره في واقعة الطف كثيرة، ذكرت في المقاتل.<BR>إبصار العين: 86 ـ 89، الطبري 6|253، ابن الأثير 4|29، البداية 8|184.<BR>________________________________________ الصفحة 139  ________________________________________<BR>على نياتنا وبصائرنا، نوالي من والاك ونعادي من عاداك.<BR>قال: وقام برير بن حصين (214)، فقال: والله يابن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك فتقطع فيك أعضاؤنا، ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة.<BR>قال: ثم أن الحسين عليه السلام قام (215) وركب، وصار كلما أراد المسير يمنعونه تارةً ويسايرونه أخرى، حتى بلغ كربلاء، وكان ذلك في اليوم الثاني (216) من المحرم.<BR>فلما وصلها قال: «ما اسم هذه الأرض؟»<BR>فقيل: كربلا.<BR>فقال: «انزلوا، هاهنا والله محط ركابنا وسفك دمائنا، هاهنا والله مخط قبورنا، وهاهنا والله سبي حريمنا، بهذا حدثني جدي (217)».<BR>فنزلوا جميعاً، ونزل الحر وأصحابه ناحية، وجلس الحسين عليه السلام يصلح سيفه ويقول: <BR>____________<BR>(214) ع: خضير.<BR>وفي بعض المصادر: بدير بن حفير، والظاهر أن خضير هو الأولى.<BR>هو سيد القراء، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القراءة في جامع الكوفة، وله في الهمدانيين شرف وقدر، وكان مشهوراً ومحترماً في مجتمع الكوفة، وهو همداني من شعب كهلان موطنه الكوفة، بذل محاولة لصرف عمر بن سعد عن ولائه للسلطة الأموية.<BR>تاريخ للطبري 5|421 و423 و432، معجم رجال الحديث 3|289، المناقب 4|100، البحار 45|15.<BR>(215) ر: نزل.<BR>(216) ب: الثامن.<BR>(217) ع: فقيل كربلا، فقال عليه السلام: اللهم إني أعوذبك من الكرب والبلاء، ثم قال: هذا موضع كرب وبلاء.<BR>انزلوا، هاهنا محط رحالنا ومسفك دمائنا وهنا محل قبورنا، بهذا حدثني جدي رسول الله صلى الله عليه وآله. <BR>________________________________________ الصفحة 140  ________________________________________<BR>«يا دهر أفٍّ لك من خليل * كم لك بالإشراق والأصيــل<BR>من طـالبٍ وصاحبٍ قتيل * والدهر لا يقنــــع بالبديل<BR>وإنــما الأمر إلى الجليل * وكل حيٍّ فإلى سبـــــيل<BR>ما أقرب الوعد إلى الرحيل * إلى جنان وإلى مقيل (218)» <BR>قال الراوي (219) فسمعت زينب ابنت فاطمة عليهما السلام (220) ذلك، فقالت: يا أخي هذا كلام من قد أيقن بالقتل.<BR>فقال: «نعم يا أختاه».<BR>فقالت زينب: واثكلاه، ينعى إلي الحسين نفسه.<BR>قال: وبكى النسوة، ولطمن الخدود، وشققن الجيوب.<BR>وجعلت أم كلثوم (221) تنادي: وامحمداه واعلياه واأماه وافاطمتاه واحسناه <BR>____________<BR>(218) ع: <BR>وكل حي سالك سبيل * ما أقرب الوعد من الرحيل<BR>وإنما الأمر إلى الجليل<BR>(219) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(220) زينب بنت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهما السلام، عقيلة بني هاشم، شقيقة الحسن والحسين، زوجها ابن عمها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب، حضرت مع أخيها الحسين وقعة كربلاء، حملت مع السبايا إلى الكوفة، ثم إلى الشام، كانت صابرة ثابتة الجنان رفيعة القدر فصيحة خطيبة، توفيت سنة 62 هـ، وقيل غير ذلك، دفنت في مصر على أشهر الأقوال.<BR>الإصابة 8|100، نسب قريش: 41، الطبقات 8|341، الأعلام 3|67.<BR>ولزيادة الإطلاع راجع كتاب زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي، فانه أحسن وأجاد في دراسته عن هذه الشخصية البارزة سيدة النساء بعد أمها الزهراء عليها السلام.<BR>(221) أم كلثوم بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وأمها فاطمة عليها السلام، وهي أخت الحسن والحسين وزينب عقيلة بني هاشم، ومسألة زواجها من عمر من أشد المسائل اختلافاً بين المسلمين، وكثيراً ما يقع الخلط<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 141  ________________________________________<BR>واحسيناه واضيعتاه بعدك يا أبا عبدالله. <BR>قال: فعزاها الحسين عليه السلام وقال لها: «يا أختاه تعزي بعزاء الله، فإن سكان السموات يموتون، وأهل الأرض لا يبقون، وجميع البرية يهلكون».<BR>ثم قال: «يا أختاه يا أم كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا رقية (222)، وأنت يا فاطمة (223)، وأنت يا رباب (224)، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن علي جيباً ولا تخمشن علي وجهاً ولا تقلن علي هجراً».<BR>وروي من طريق آخر: أن زينب لما سمعت الأبيات ـ وكانت في موضع منفرد عنه مع النساء والبنات ـ خرجت حاسرة تجر ثوبها، حتى وقفت عليه وقالت: <BR>____________<BR>=<BR>عند المؤرخين بينهما وبين أختها زينب الكبرى، لاتحادهما في الكنية.<BR>راجع من مصادر ترجمتها: أجوبة المسائل السروية: 226، الاستغاثة: 90، الاستيعاب 4|490، أسد الغابة 5|614، أعلام النساء المؤمنات: 181 ـ 220، وذكر فيه الكثير من مصادر ترجمتها.<BR>(222) لم يذكرها المؤرخون، وذكرها السيد الأمين في الأعيان 7|34 قائلا: ينسب لها قبر ومشهد مزور بمحلة العمارة من دمشق، الله أعلم بصحته، جدده الميرزا علي أصغر خان وزير الصدارة في ايران عام 1323هـ...<BR>(223) فاطمة بنت الإمام الحسين عليه السلام، تابعية من روايات الحديث، روت عن جدتها فاطمة مرسلاً وعن أبيها، حملت إلى الشام مع أختها سكينة وعمتها زينب وأم كلثوم، قيل: عادت إلى المدينة فتزوجها ابن عمها الحسن بن الحسن بن علي، ومات عنها فتزوجها عبدالله بن عمرو بن عثمان، ومات فأبت الزواج إلى أن توفيت سنة 110 هـ.<BR>الطبقات 8|347، مقاتل الطالبيين: 119 و120 و202 و237، الأعلام 5|130.<BR>(224) الرباب بنت امرئ القيس بن عدي، زوجة الحسين السبط الشهيد، كانت معه في وقعة كربلاء، وبعد استشهاده جيء بها مع السبايا إلى الشام، ثم عادت إلى المدينة، فخطبها الأشراف، فأبت، وبقيت بعد الحسين سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمداً، وكانت شاعرة لها رثاء في الحسين عليه السلام.<BR>المحبر 3|13، أعلام النساء 1|378، الأعلام النساء 1|378، الأعلام 1|378.<BR>________________________________________ الصفحة 142  ________________________________________<BR>واثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمي فاطمة الزهراء، وأبي علي المرتضى، وأخي الحسن الزكي، يا خليفة الماضين وثمال الباقين.<BR>فنظر الحسين عليه السلام إليها وقال: «يا أختاه لا يذهبن حلمك».<BR>فقال: بأبي أنت وأمي أستقتل؟! نفسي لك الفداء.<BR>فرد غصته وتغرغرت عيناه بالدموع، ثم قال: «هيهات هيهات، لو ترك القطا ليلاً لنام».</P>

<P><BR>فقالت: يا ويلتاه، أفتغصب نفسك اغتصاباً، فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي، ثم أهوت إلى جيبها فشقته وخرت مغشياً عليها.<BR>فقام عليه السلام فصب على وجهها الماء حتى أفاقت، ثم عزاها عليه السلام بجهده وذكرها المصيبة بموت أبيه وجده صلوات الله عليهم أجمعين.<BR>ومما يمكن أن يكون سبباً لحمل الحسين عليه السلام لحرمه معه ولعياله: أنه لو تركهن بالحجاز أو غيرها من البلاد كان يزيد بن معاوية لعنه الله أرسل من أخذهن إليه، وصنع بهن من الإستيصال وسوء الأعمال ما يمنع الحسين عليه السلام من الجهاد والشهادة، ويمتنع عليه السلام ـ بأخذ يزيد بن معاوية لهن ـ عن مقام السعادة. <BR>________________________________________ الصفحة 143  ________________________________________<BR>المسلك الثاني<BR>في وصف حال(1) القتال وما يقرب من تلك الحال<BR>____________<BR>(1) حال، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 144  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 145  ________________________________________<BR>قال الراوي (2): وندب عبيدالله بن زياد أصحابه إلى قتال الحسين عليه السلام، فاتبعوه، واستخف قومه فأطاعوه، واشترى من عمر بن سعد آخرته بدنياه ودعاه إلى ولاية الحرب فلباه، وخرج لقتال الحسين عليه السلام في أربعة (3) آلاف فارس، وأتبعه ابن زياد بالعساكر، حتى تكاملت عنده إلى ست ليال خلون من المحرم عشرون ألفاً، فضيق على الحسين عليه السلام حتى نال منه (4) العطش ومن أصحابه.<BR>فقام عليه السلام واتكى على قائم (5) سيفه ونادى بأعلى صوته، فقال: «أنشدكم الله هل تعرفونني؟»<BR>قالوا: اللهم نعم، أنت ابن رسول الله وسبطه.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن جدي رسول الله صلى الله عليه وآله؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن أمي فاطمة ابنت محمد؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن أبي علي بن أبي طالب؟» <BR>____________<BR>(2) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(3) أربعة، لم يرد في ر.<BR>(4) ر: من.<BR>(5) قائم، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 146  ________________________________________<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن جدتي خديجة بنت خويلد (6) أول نساء هذه الأمة إسلاماً؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن حمزة (7) سيد الشهداء عم أبي؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن جعفر الطيار (8) في الجنة عمي؟» <BR>____________<BR>(6) خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزى، من قريش زوج رسول الله صلى الله عليه وآله الأولى، وكانت أسن منه، بخمس عشرة سنة، ولدت بمكة، كانت ذا مال كثير وتجارة تبعث بها إلى الشام، تستأجر الرجال، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وآله الخامسة والعشرين من عمره خرج في تجارة لها فعاد رابحاً، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل النبوة، دعاها رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الاسلام، فكانت أول نساء هذه الأمة إسلاماً، وكانت تصلي مع النبي صلى الله عليه وآله سراً، توفيت خديجة بمكة لثلاث سنين قبل الهجرة.<BR>الطبقات الكبرى 8|7 ـ 11، الإصابة قسم النساء، صفة الصفة 2|2، تاريخ الخميس 1|301، الأعلام 2|302.<BR>(7) حمزة، لم يرد في ر.<BR>وحمزة بن عبد المطلب بن هاشم أبو عمارة، سيد الشهداء، استشهد سنة 3 هـ، عم النبي صلى الله عليه وآله، أحد صناديد قريش وسادتهم في الجاهلية والاسلام، هاجر مع النبي صلى الله عليه وآله إلى المدينة، حضر وقعة بدر وغيرها، قتل يوم أحد ودفن في المدينة.<BR>تاريخ الاسلام 1|99، صفة الصفوة 1|144، الأعلام 2|278.<BR>(8) جعفر بن أبي طالب عليه السلام، يكنى أبا عبدالله، صحابي هاشمي من شجعانهم، أول قتيل من الطالبيين في الإسلام، ويكنى أبا المساكين أيضاً، وجعفر هو الثالث من ولد أبيه بعد طالب وعقيل، وبعد جعفر علي عليه السلام، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، استشهد سنة 8 هـ، حضر وقعة مؤتة، فنزل عن فرسه وقاتل، ثم حمل الراية وتقدم صفوف المسلمين، فقطعت يمناه، فحمل الراية باليسرى، فقطعت أيضاً، فاحتضن الراية إلى صدره وصبر حتى وقع شهيداً وفي جسمه نحو تسعين<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 147  ________________________________________<BR>قالوا: اللهم نعم. <BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن هذا سيف رسول الله صلى الله عليه وآله أنا متقلده؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن هذه عمامة رسول الله صلى الله عليه وآله أنا لا بسها؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «أنشدكم الله هل تعلمون أن علياً عليه السلام كان أول الناس إسلاماً وأجزلهم (9) علماً وأعظمهم حلماً وأنه ولي كل مؤمن ومؤمنة؟»<BR>قالوا: اللهم نعم.<BR>قال: «فبم تستحلون دمي وأبي صلوات الله عليه الذائد عن الحوض غداً، يذود عنه رجالاً كما يذاد البعير الصادر على الماء، والواء الحمد بيد أبي يوم القيامة؟!!»<BR>قالوا: قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشاً!!!<BR>فلما خطب هذه الخطبة وسمع بناته وأخته زينب كلامه بكين وندبن ولطمن (10) وارتفعت أصواتهن. <BR>____________<BR>=<BR>طعنة ورمية.<BR>مقاتل الطالبيين 6|18، البداية والنهاية 4|255، تهذيب التهذيب 2|98، أسد الغابة 1|286، الإصابة 1|237، الطبقات الكبرى 4|22، حلية الأولياء 1|114، صفوة الصفوة 1|205، الأعلام 2|125.<BR>(9) ع: كان أول القوم إسلاماً وأعلمهم.<BR>(10) وندبن ولطمن، لم يرد في ر.<BR>________________________________________ الصفحة 148  ________________________________________<BR>فوجه إليهن أخاه العباس (11) وعلياً (12) ابنه وقال لهما: «سكتاهن فلعمري ليكثرون بكاؤهن».<BR>قال الراوي (13): وورد كتاب عبيدالله على عمر بن سعد يحثه على القتال وتعجيل النزال، ويحذره من التأخير والإمهال، فركبوا نحو الحسين عليه السلام.<BR>وأقبل شمر بن ذي الجوشن (14) لعنه الله فنادى: أين بنو أختي <BR>____________<BR>(11) العباس بن علي بن أبي طالب، أمه أم البنين بنت حزام بن خالد بن ربيعة بن الوحيد العامري، وهو أكبر ولدها، ويكنى أبا الفضل، كان وسيماً جميلاً يركب الفرس المطهم ورجلاه تخطان في الأرض، يقال له قمر بني هاشم وهو السقاء، كان لواء الحسين عليه السلام معه يوم قتل، هو آخر من قتل من اخوته لأمه وأبيه، قتله زيد بن رقاد الجنبي وحكيم بن الطفيل الطائي النبسي، وكلاهما ابتلي في بدنه.<BR>مقاتل الطالبيين: 84 ـ 85، تسمية من قتل مع الحسين: 149، رجال الشيخ: 76، أنصار الحسين: 131 وقال: ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.<BR>(12) علي بن الحسين الأكبر، يكنى أبا الحسن، من سادات الطالبيين وشجعانهم، أمه ليلى بنت أبي مرة (قرة) بن عروة (عمرو) بن مسعود بن مغيث (معبد) الثقفي، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب، كان له من العمر سبع وعشرون سنة، وردت رواية أنه كان متزوجاً من أم ولد، هو أول من قتل من بني هاشم، طعنه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي وهو يحوم حول أبيه ويدافع عنه ويقيه، وانهال أصحاب الحسين على مرة فقطعوه بأسيافهم، قيل: مولده في خلافة عثمان، وسماه المؤرخون الأكبر تمييزاً له عن أخيه زين العابدين علي الأصغر.<BR>مقاتل الطالبيين: 8 ـ 81، الطبقات 5|156 ن تسمية من قتل مع الحسين: 150، رجال الشيخ: 76 وفيه: علي بن الحسين الأصغر، نسب قريش: 57، البداية والنهاية 8|185، الأعلام 4|277، أنصار الحسين: 129 وفيه: ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والخوارزمي والمسعودي.<BR>(13) لفظ: الراوي، لم يرد في ر.<BR>(14) شمر بن ذي الجوشن ـ واسمه شرحبيل ـ بن قرط الضبابي الكلابي، ابو السابغة، من كبار قتلة <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 149  ________________________________________<BR>عبدالله (15) وجعفر (16) والعباس وعثمام؟ (17). <BR>____________<BR>=<BR>ومبغضي الحسين الشهيد عليه السلام، كان في أول أمره من ذوي الرئاسة في هوازن موصوفاً بالشجاعة، وشهد يوم صفين مع علي عليه السلام، سمعه أبو إسحاق السبيعي يقول بعد الصلاة: اللهم إنك تعلم أني شريف فاغفرلي!!! فقال له: كيف يغفر الله لك وقد أعنت على قتل ابن رسول الله؟! فقال: ويحك كيف نصنع، إن امراءنا هؤلاء أمرونا بأمرٍ فلم نخالفهم! ولو خالفناهم كنا شراً من هذه الحمر؟! ثم أنه لما قام المختار طلب الشمر، فخرج من الكوفة وسار إلى الكلتانية ـ قرية من قرى خوزستان ـ ففجأه جمع من رجال المختار، فبرز لهم الشمر قبل أن يتمكن من لبس ثيابه فطاعنهم قليلاً وتمكن منه أبو عمرة فقتله وألقيت جثته للكلاب.<BR>الكامل في التاريخ 4|92، ميزان الاعتدال 1|449، لسان الميزان 3|152، جمهرة الأنساب: 72، سفينة البحار 1|714، الأعلام 3|157 ـ 176.<BR>(15) عبدالله بن علي بن أبي طالب، أمه أم البنين بنت حزام، كان عمره حين قتل خمساً وعشرين سنة، قال له أخوه العباس: تقدم بين يدي حتى أراك وأحتسبك...، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي، وقيل: رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم وأجهز عليه رجل من بني تميم.<BR>مقاتل الطالبيين: 82، تاريخ الطبري 6|89، تسمية من قتل مع الحسين: 149، رجال الشيخ: 76، أنصار الحسين: 129 ـ 130 وفيه: ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.<BR>(16) جعفر بن علي بن أبي طالب، أمه أم البنين بنت حزام، كان عمره حين قتل تسع عشر سنة، قتله خولي بن يزيد الأصبحي، وقيل: هاني بن ثبيت الحضرمي.<BR>مقاتل الطالبيين: 83، تسمية من قتل مع الحسين: 149، رجال الشيخ: 72، أنصار الحسين: 130 وفيه: ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والاصفهاني والمسعودي والخوارزمي.<BR>(17) عثمان بن علي بن أبي طالب، أمه أم البنين بنت حزام، كان عمره حين قتل إحدى وعشرين سنة، رماه خولي بن يزيد الأصبحي بسهم فأضعفه، وشد عليه رجل من بني أبان بن دارم فقتله وأخذ رأسه، وعثمان هذا هو الذي روي عن علي عليه السلام أنه قال: إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون، وفي رواية أخرى عن هبيرة بن مريم قال: كنا جلوساً عند علي عليه السلام، فدعا ابنه عثمان، فقال له: يا عثمان، ثم قال: إني لم اسمه باسم عثمان الشيخ الكافر، وإنما سميته باسم عثمان بن مظعون.<BR>مقاتل الطالبيين: 84، تسمية من قتل مع الحسين: 150، تقريب المعارف: مخطوط، أنصار الحسين: 130 وفيه: ورد ذكره في الزيارة والإرشاد والطبري والإصفهاني والمسعودي والخوارزمي.<BR>________________________________________ الصفحة 150  ________________________________________<BR>فقال الحسين عليه السلام: «أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنه بعض أخوالكم».<BR>فقالوا له: ما شأنك؟<BR>فقال: يا بني أختي أنتم آمنون، فلا تقتلوا أنفسكم مع أخيكم الحسين، وألزموا طاعة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية.<BR>فناداه العباس بن علي: تبت يداك ولعن ماجئت به من أمانك يا عدو الله، أتأمرنا أن نترك أخانا وسيدنا الحسين بن فاطمة وندخل في طاعة اللعناء أولاد اللعناء.<BR>فرجع الشمر إلى عسكره مغضباً.<BR>قال الراوي (18): ولما رأى الحسين عليه السلام حرص القوم على تعجيل القتال وقلة انتفاعهم بالوعظ (19) والمقال قال لأخيه العباس: «إن استطعت أن تصرفهم عنا في هذا اليوم فافعل، لعلنا نصلي لربنا في هذه الليلة، فانه يعلم أني أحب الصلاة له وتلاوة كتابه».<BR>قال الرواي (20): فسألهم العباس ذلك، فتوقف عمر بن سعد، فقال له عمر (21) بن الحجاج الزبيدي: والله لو أنهم من الترك والديلم وسألوا ذلك لأجبناهم، فكيف وهم آل محمد، فأجابوهم إلى ذلك.<BR>قال الراوي (22): وجلس الحسين عليه السلام فرقد، ثم استيقظ وقال (23): «يا أختاه إني رأيت الساعة جدي محمداً صلى الله عليه وآله وأبي علياً وأمي فاطمة وأخي الحسن <BR>____________<BR>(18) لفظ: الراوي، لم يرد في ر.<BR>(19) ع: بمواعظ الفعال.<BR>(20) لفظ: الراوي، لم يرد في ر.<BR>(21) ع: عمرو.<BR>(22) لفظ: الراوي، لم يرد في ر.<BR>(23) ب: قال، ع: فقال.<BR>________________________________________ الصفحة 151  ________________________________________<BR>وهم يقولون: يا حسين إنك رائحٌ (24) إلينا عن قريب».<BR>وفي بعض الروايات: «غداً».<BR>قال الراوي (25): فطمت زينب وجهها وصاحت.<BR>فقال لها الحسين عليه السلام: «مهلاً، لا تشمتي (26) القوم بنا».<BR>ثم جاء الليل، فجمع الحسين عليه السلام أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم أقبل عليهم وقال: «أما بعد، فإني لا أعلم أصحاباً خيراً منكم، ولا أهل بيتٍ أفضل وأبر من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعاً خيراً، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجلٍ منكم بيد رجلٍ من أهل بيتي، وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يريدون غيري».<BR>فقال له إخوته وأبناؤه وأبناء عبدالله بن جعفر (27): ولم نفعل ذلك، لنبقي بعدك! لا أرنا الله ذلك أبداً، وبدأهم بهذا القول العباس بن علي، ثم تابعوه.<BR>قال الراوي (28): ثم نظر إلى بني عقيل (29) وقال: «حسبكم من القتل <BR>____________<BR>(24) ر: راحلٌ.<BR>(25) قال الراوي: لم يرد في ر. الراوي، لم يرد في ب.<BR>(26) ر: لا يشمت.<BR>(27) عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، صحابي، ولد بأرض الحبشة لما هاجر أبواه إليها، وهو أول من ولد بها من المسلمين، كان كريماً يسمى بحر الجود، وللشعراء فيه مدائح، وكان أحد الأمراء في جيش علي يوم صفين، توفي بالمدينة سنة 80 هـ، وقيل: غير ذلك.<BR>الإصابة ترجمة رقم 4582، فوات الوفيات 1|209، تهذيب ابن عساكر 7|325، الأعلام 4|76، زينب الكبرى للشيخ جعفر النقدي.<BR>(28) لفظ: الراوي، لم يرد في ر.<BR>(29) عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أبو يزيد، أعلم قريش بأيامها ومآثرها ومثالبها وأنسابها، صحابي فصيح اللسان شديد الجواب، وهو أخو علي وجعفر لأبيها، وكان أسن<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 152  ________________________________________<BR>بصاحبكم مسلم، إذهبوا فقد أذنت لكم». <BR>وروي من طريق آخر قال: فعندها تكلم إخوته وجميع أهل بيته وقالوا: يابن رسول الله فماذا يقول الناس لنا (30) وماذا نقول لهم، إذ تركنا شيخنا وكبيرنا وسيدنا وإمامنا وابن بنت نبينا، لم نرم معه بسهم ولم نطعن معه برمح ولم نضرب معه بسيف، لا والله يابن رسول الله لا نفارقك أبداً، ولكنا نقيك بأنفسنا حتى نقتل بين يديك ونرد موردك، فقبح الله العيش بعدك.<BR>ثم قام مسلم بن عوسجة (31) وقال: نحن نخليك هكذا وننصرف عنك وقد أحاط بك هذ العدو، لا والله لا يراني الله أبداً وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي، ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة، ولم أفارقك أو أموت دونك. <BR>____________<BR>=<BR>منهما، هاجر إلى المدينة سنة 8 هـ، عمي في أواخر أيامه، توفي أول أيام يزيد، وقيل: في خلافة معاوية.<BR>الإصابة ترجمة رقم 5630، البيان والتبيين 1|174، الطبقات 4|28، التاج 8|30، الأعلام 4|242.<BR>(30) لنا، لم يرد في ر.<BR>(31) مسلم بن عوسجة الأسدي، من أبطال العرب في صدر الإسلام، أول شهيد من أنصار الحسين بعد قتلى الحملة الأولى، كان صحابياً ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وآله، كان يأخذ البيعة للإمام الحسين عليه السلام في الكوفة، عقد له مسلم بن عقيل على ربع مذحج وأسد حين تحركه القصير الأجل، كان عند حضوره وقعة كربلاء شيخاً كبير السن، وكان من الشخصيات البارزة في الكوفة، أبدى شبث بن ربعي أسفه لقتله.<BR>رجال الشيخ: 80، تاريخ الطبري 5|435 و369، البحار 45|69، الأخبار الطوال: 249 و250 و252، الكامل في التاريخ 4|28، الأعلام 7|222، أنصار الحسين: 108، تسمية من قتل مع الحسين: 52 وفيه: مسلم بن عوسجة السعدي من بني سعد بن ثعلبة قتله مسلم بن عبدالله وعبيدالله بن أبي خشكاره.<BR>________________________________________ الصفحة 153  ________________________________________<BR>قال: وقام سعيد (32) بن عبدالله الحنفي فقال: لا والله يابن رسول الله لا نخليك أبداً حتى يعلم الله أنا قد حفظنا فيك وصية رسوله محمد صلى الله عليه وآله، ولو علمت أني أقتل فيك ثم أحيى ثم أحرق حياً ثم أذرى ـ يفعل بي ذلك سبعين مرة ـ ما فارقتك حتى ألقى حمامي من دونك، فكيف (33) وإنما هي قتلة واحدة ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً؟!<BR>ثم قام زهير بن القين وقال: والله يابن رسول الله لوددت أني قتلت ثم نشرت ألف مرة وأن الله يدفع بذلك القتل عنك وعن هؤلاء الفتية من إخوتك وولدك وأهل بيتك.<BR>قال: وتكلم جماعة من أصحابه بمثل ذلك وقالوا: أنفسنا لك الفداء نقيك بأيدينا ووجوهنا، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربنا وقضينا ما علينا.<BR>وقيل لمحمد بن بشير الحضرمي (34) في تلك الحال: قد أسر إبنك بثغر الري (35). <BR>____________<BR>(32) ر: سعد.<BR>(33) ع: وكيف لا أفعل.<BR>(34) ب: محمد بن بشير الحضرمي.<BR>وفي ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات 180 ذكر نص هذا الخبر وذكر اسمه كما هنا، لكن في تاريخ الطبري 5|444 وأنساب الأشراف: 196 ذكر اسمه بشير بن عمرو، فلاحظ.<BR>(35) ر: بشعر الروم، والمثبت من: ب. ع.<BR>والثغر بالفتح ثم السكون: وراء كل موضع قريب من أرض العدو، كأنه مأخوذ من الثغرة التي هي في الحائط.<BR>والري: مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن، كثيرة الفواكه والخيرات، وهي محط الحاج على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال بينها وبين نيسابور مائة وستون فرسخاً وإلى قزوين سبعة وعشرون فرسخاً.<BR>معجم البلدان 2|79 و3|116.<BR>________________________________________ الصفحة 154  ________________________________________<BR>فقال: عند الله أحتسبه ونفسي، ما كنت أحب أن يوسر وأن أبقى بعده.<BR>فسمع الحسين عليه السلام قوله فقال: «رحمك الله، أنت في حل من بيعتي، فاعمل في فكاك ابنك».<BR>فقال: أكلتني السباع حياً إن فارقتك.<BR>قال: فأعط إبنك هذه البرود (36) يستعين بها في فكاك أخيه.<BR>فأعطاه خمسة أثواب قيمتها ألف دينار.<BR>قال الراوي (37): وبات الحسين عليه السلام وأصحابه تلك الليلة ولهم دوي كدوي النحل، ما بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر ابن سعد اثنان وثلاثون رجلاً (38).<BR>قال (39): فلما كان الغداة أمر الحسين عليه السلام بفسطاطه فضرب وأمر بجفنة فيها مسك كثير وجعل فيها نورة (40)، ثم دخل ليطلي.<BR>فروي: أن برير بن حصين (41) الهمداني وعبدالرحمن بن عبد ربه <BR>____________<BR>(36) البرد بالضم فالسكون: ثوب مخطط، وقد يقال لغير المخطط أيضاً، وجمعه برود وأبرد، ومنه الحديث: الكفن يكون برداً...<BR>مجمع البحرين 3|13.<BR>(37) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(38) في نسخة ع جاء بعد قوله اثنان وثلاثون رجلاً: <BR>وكذا كانت سجية الحسين عليه السلام في كثرة صلاته وكمال صفاته، وذكر ابن عبد ربه في الجزء الرابع من كتاب العقد قال: قيل لعلي بن الحسين عليهما السلام: ما أقل ولد أبيك؟ فقال: العجب كيف ولدت له، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة، فمتى كان يتفرغ للنساء.<BR>(39) قال، لم يرد في ر.<BR>(40) ر: وأمر بحفية فيها مسك كبير وجعل عندها نورة. والمثبت من ب. ع.<BR>(41) ب. ع. خضير، وفي حاشية ر: حضير خ ل.<BR>________________________________________ الصفحة 155  ________________________________________<BR>الأنصاري (42) وقفا على باب الفسطاط ليطليا بعده، فجعل برير يضاحك عبد الرحمن.<BR>فقال له عبدالرحمن: يا برير أتضحك! ما هذه ساعة ضحك ولا باطل.<BR>فقال برير: لقد علم قومي أني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً، وإنما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه، فوالله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة، ثم نعانق الحور العين.<BR>قال الراوي (43): وركب أصحاب عمر بن سعد، فبعث الحسين عليه السلام برير بن حصين (44) فوعظهم فلم يسمعوا وذكرهم (45) فلم ينتفعوا.<BR>فركب الحسين عليه السلام ناقته ـ وقيل: فرسه ـ فاستنصتهم فأنصتوا، فحمد الله وأثنى عليه وذكره بما هو أهله، وصلى على محمد صلى الله عليه وآله وعلى الملائكة والأنبياء والرسل، وأبلغ في المقال، ثم قال: <BR>«تباً لكم أيتها الجماعة وترحاً (46) حين استصرختمونا والهين فأصرخناكم موجفين، سللتم علنا سيفاً لنا في ايمانكم، وحششتم علينا ناراً اقتد حناها <BR>____________<BR>(42) ر: عبد الرحمن عبد ربه. والمثبت من ب. ع.<BR>وهو عبدالرحمن بن عبد ربه ـ رب ـ الأنصاري من بني سالم بن الخزرج، كان أمير المؤمنين عليه السلام رباه وعلم القرآن، أحد الذين كانوا يأخذون البيعة للحسين عليه السلام في الكوفة، ويبدو أنه كان من إحدى الشخصيات البارزة.<BR>تاريخ الطبري 5|423، رجال الشيخ: 76 ـ 77، تسمية من قتل مع الحسين: 153، البحار 45|1، أنصار الحسين: 97.<BR>(43) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(44) ع: خضير. حاشية ر: حضير.<BR>(45) ب: ومذكرهم.<BR>(46) ر: وبرحاً.<BR>________________________________________ الصفحة 156  ________________________________________<BR>على عدونا وعدوكم، فأصبحتم أولياء (47) لأعدائكم على أوليائكم بغير عدلٍ أفشوه (48) فيكم ولا أملٍ أصبح لكم فيهم.<BR>فهلا ـ لكم الويلات ـ تركتمونا والسيف مشيمٌ والجأش ضامرٌ والرأي لما يستحصف، ولكن أسرعتم إليها كطير الدبا، وتداعيتم إليها كتهافت الفراش.<BR>فسحقاً لكم يا عبيد الأمة، وشرار (49) الأحزاب، ونبذة الكتاب، ومحرفي الكلم، وعصبة الآثام، ونفثة (50) الشيطان، ومطفئ السنن.<BR>أهؤلاء تعضدون، وعنا تتخاذلون؟!<BR>أجل والله غدرٌ فيكم قديم وشحت عليه (51) أصولكم، وتأزرت عليه فروعكم، فكنتم أخبث شجاً (52) للناظر وأكلة للغاصب.<BR>ألا وإن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة، والذلة، وهيهات منا الذلة، يأبى الله لنا ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وحجور طهرت وأنوف حمية ونفوس أبية: من أن تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.<BR>ألا وإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد وخذلان الناصر». <BR>____________<BR>(47) ع: ألباً.<BR>(48) ر: أفشوا.<BR>(49) ع: وشذاذ.<BR>(50) في حاشية ر: وفئة خ.<BR>(51) ع: وشجت إليه.<BR>(52) ع: ثمر شجاً.<BR>________________________________________ الصفحة 157  ________________________________________<BR>ثم أوصل (53) كلامه عليه السلام بأبيات فروة بن مسيك المرادي (54):<BR>«فـإن نهزم فهزامن قدما * وإن نغلب فغيــر مغلبينا<BR>وما أن طبنــا جبن ولكن * منايانا ودولة آخـــرينا<BR>إذا ما الموت رفع عن أناس * كلاكله أنـــاخ بآخرينا<BR>فأفنى ذلك سـروات قومي * كما أفنى القـرون الأولينا<BR>فلو خلد الملـوك إذاً خلدنا * ولو بقي الكرام إذاً بقينـا<BR>فقل للشامتين بـنا: أفيقوا * سيلقى الشامتون كما لقينا» <BR>ثم قال: «أما والله لا تلبثون بعدها إلا كريث ما يركب الفرس حتى يدور بكم دور الرحى ويقلق بكم قلق المحور عهدٌ عهده إلي أبي عن جدي، فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضو إلي ولا تنظرون.<BR>إني توكلت على الله ربي وربكم، ما من دابة إلا هو آخذٌ بناصيتها، إن ربي على صراط مستقيم.<BR>اللهم احبس عنهم قطر السماء وابعث عليهم سنين كسنين يوسف، وسلط عليهم غلام ثقيف يسومهم كأساً (55) مصبرةٌ، فإنهم كذبونا وخذلونا، وأنت ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا واليك المصير». <BR>____________<BR>(53) ر: وصل.<BR>(54) فروة بن مسيك أو مسيكة بن الحارث بن سلمة الغطيفي المرادي، أبو عمرو، صحابي، من الولاة، له شعر، وهو من اليمن، كان موالياً لملوك كندة في الجاهلية، رحل إلى مكة سنة تسع أو عشر وأسلم، سكن الكوفة في أواخر أعوامه، مات سنة 30 هـ.<BR>الطبقات 1|63، الإصابة ترجمة رقم 6983، رغبة الآمل 4|10، الأعلام 5|143.<BR>(55) ر: كأس.<BR>________________________________________ الصفحة 158  ________________________________________<BR>ثم نزل عليه السلام ودعا بفرس رسول الله صلى الله عليه وآله المرتجز، فركبه وعبى أصحابه للقتال.<BR>فروي عن الباقر عليه السلام: «أنهم كانوا خمسة وأربعين فارساً وماءة راجل».<BR>وروي غير ذلك.<BR>قال الراوي (56): فتقدم عمر بن سعد ورمى نحو عسكر الحسين عليه السلام بسهم وقال: اشهدوا لي عند الأمير: أني أول من رمى، وأقبلت السهام من القوم كأنها القطر.<BR>فقال عليه السلام لأصحابه: «قوموا رحمكم الله إلى الموت، إلى الموت الذي لابد منه، فإن هذه السهام رسل القوم إليكم (57)». فاقتتلوا ساعة من النهار حملةً وحملةَ، حتى قتل من أصحاب الحسين عليه السلام جماعة.<BR>قال (58): فعندها ضرب الحسين عليه السلام يده (59) على لحيته وجعل يقول: «اشتد غضب الله على اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتد غضبه على النصارى إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه على المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه، واشتد غضبه على قوم اتفقت كلمتهم على قتل ابن بنت نبيهم.<BR>أما والله لا اجيبنهم إلى شيء مما يريدون حتى ألقى الله تعالى وأنا مخضب بدمي».<BR>وروي عن مولانا الصادق عليه السلام أنه قال: «سمعت أبي يقول: لما التقى <BR>____________<BR>(56) قال الراوي، لم يرد في ر.<BR>(57) إليكم، لم يرد في ر. وفي حاشية رجاء لفظ: المةت خ، بدلاً من لفظ القوم.<BR>(58) قال، لم يرد في ر.<BR>(59) ر: بيده.<BR>________________________________________ الصفحة 159  ________________________________________<BR>الحسين عليه السلام وعمر بن سعد لعنه الله وقامت الحرب على ساق، أنزل الله النصر حتى رفرف على رأس الحسين عليه السلام ثم خير بين النصر على أعدائه وبين لقاء ربه (60)، فاختار لقاء ربه (61)».<BR>قال الراوي: ثم صاح الحسين عليه السلام: «أما من مغيثٍ يغيثنا لوجه الله، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله».<BR>قال: فإذا الحر بن يزيد الرياحي قد أقبل على عمر بن سعد، فقال له: أمقاتل أنت هذا الرجل؟<BR>فقال: إي والله قتالاً أيسره أن تطير الرؤوس وتطيح الأيدي.<BR>قال: فمضى (62) الحر ووقف موقفاً من أصحابه وأخذه مثل الإفكل.<BR>فقال له المهاجر بن أوس (63): والله إن أمرك لمريب، ولو قيل: من أشجع أهل الكوفة لما عدوتك، فما هذا الذي أراه منك؟<BR>فقال: إني والله أخير نفسي بين الجنة والنار، فوالله لا أختار على الجنة شيئاً ولو قطعت وأحرقت. <BR>____________<BR>(60) ب: الله تعالى.<BR>(61) ب: الله تعالى.<BR>وجاء بعد هذا في ع: رواها أبو طاهر محمد بن الحسين النرسي في كتاب معالم الدين. ولم ترد هذه العبارة في ر. ب.<BR>(62) ر: فمر.<BR>(63) لم يذكروه.<BR>وفي كتاب تسمية من قتل مع الامام الحسين: 155، ذكر من جملة شهداء الاصحاب المهاجر ابن أوس من بجيلة.<BR>ولا أعلم هل المهاجر بن اوس اثنان؟ أم واحد كان في عسكر ابن سعد ثم التحق بمعسكر الامام الحسين واستشهد معه؟<BR>________________________________________ الصفحة 160  ________________________________________<BR>ثم ضرب فرسه قاصداً إلى الحسين عليه السلام ويده على رأسه وهو يقول: اللهم إني تبت إليك فتب علي، فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد بنت نبيك.<BR>وقال للحسين: جعلت فداك أنا صاحبك الذي حبسك عن الرجوع وجعجع بك، والله ما ظننت أن القوم يبلغون بك ما أرى، وأنا تائب إلى الله، فهل ترى لي من توبة؟<BR>فقال الحسين عليه السلام: «نعم يتوب الله عليك فانزل».<BR>فقال: أنا لك فارساً خيرٌ مني راجلاً، وإلى النزول يؤول آخر أمري.<BR>ثم قال: فإذا كنت أول من خرج عليك، فأذن لي أن أكون أول قتيل بين يديك، لعلي أكون ممن يصافح جدك محمداً غداً في القيامة.<BR>قال جامع الكتاب: إنما أراد أول قتيل من الآن، لأن جماعة قتلوا قبله كما ورد.<BR>فأذن له، فجعل يقاتل أحسن قتال حتى قتل جماعة من شجعان وأبطال، ثم استشهد، فحمل إلى الحسين عليه السلام، فجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول: «أنت الحر كما سمتك أمك، حر في الدنيا وحر الآخرة».<BR>قال الراوي (64): وخرج برير بن خضير (65)، وكان زاهداً عابداً، فخرج إليه يزيد بن معقل (66) واتفقا على المباهلة إلى الله: في أن يقتل المحق منهما المبطل، فتلاقيا، فقتله برير، ولم يزل يقاتل حتى قتل رضوان الله عليه. <BR>____________<BR>(64) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(65) ر: حضير.<BR>(66) ع: يزيد بن المغفل.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>________________________________________ الصفحة 161  ________________________________________<BR>قال: وخرج وهب بن حباب الكلبي (67)، فأحسن في الجلاد وبالغ في الجهاد، وكان معه زوجته ووالدته، فرجع إليهما وقال: يا أماه، أرضيت أم لا؟<BR>فقالت: لا، ما رضيت حتى تقتل بين يدي الحسين عليه السلام.<BR>وقالت امرأته: بالله عليك لا تفجعني في نفسك.<BR>فقالت له أمه: يا بني اعزب عن قولها وارجع فقاتل بين يدي ابن بنت نبيك تنل شفاعة جده يوم القيامة.<BR>فرجع، ولم يزل يقاتل حتى قطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً، فأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، فأقبل ليردها إلى النساء، فأخذت بثوبه، وقالت: لن أعود دون أن أموت معك.<BR>فقال الحسين عليه السلام: «جزيتم من أهل بيتٍ خيراً، ارجعي إلى النساء يرحمك الله»، فانصرفت إليهن.<BR>ولم يزل الكلبي يقاتل حتى قتل، رضوان الله عليه.<BR>ثم خرج مسلم بن عوسجة، فبالغ في قتال الأعداء، وصبر على أهوال البلاء، حتى سقط إلى الأرض وبه رمق، فمشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب بن مظاهر.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «رحمك الله يا مسلم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلاً».<BR>ودنا منه حبيب، فقال: عز والله علي مصرعك يا مسلم أبشر بالجنة. <BR>____________<BR>(67) ع: جناح.<BR>في ضياء العينين: 25: وهب بن عبدالله بن حباب الكلبي، امه قمرى، وذكر الكثير من أخباره في واقعة الطف، أخذها من كتاب الملهوف وغيره من كتب المقاتل.<BR>________________________________________ الصفحة 162  ________________________________________<BR>فقال له بصوت ضعيف (68): بشرك الله بخيرٍ.<BR>ثم قال له حبيب: لولا أنني أعلم أني في الأثر لأحببت أن توصي إلي بكل ما أهمك.<BR>فقال له مسلم: فإني أوصيك بهذا ـ وأشار بيده إلى الحسين عليه السلام ـ فقاتل دونه حتى تموت.<BR>فقال له حبيب: لأنعمنك عيناً.<BR>ثم مات رضوان الله عليه.<BR>فخرج عمرو بن قرظة الأنصاري (69)، فاستأذن الحسين عليه السلام، فأذن له، فقاتل قتال المشتاقين إلى الجزاء وبالغ في خدمة سلطان السماء حتى قتل جمعاً كثيراً من حزب ابن زياد، وجمع بين سداد وجهاد، وكان لا يأتي إلى الحسين عليه السلام سهمٌ إلا اتقاه بيده ولا سيف إلا تلقاه بمهجته، فلم يكن يصل إلى الحسين عليه السلام سوء، حتى أثخن بالجراح.<BR>فالتفت إلى الحسين عليه السلام وقال: يابن رسول الله أوفيت؟<BR>قال: «نعم، أنت أمامي في الجنة، فاقرأ رسول الله صلى الله عليه وآله عني السلام وأعلمه أني في الأثر». <BR>____________<BR>(68) ع: فقال له مسلم قولاً ضعيفاً.<BR>(69) ر. ع: عمرو بن قرطة، والمثبت من ب.<BR>وهو عمرو بن قرظة الأنصاري، ذكر في أكثر الموارد، وفي الزيارة: عمر بن كعب الأنصاري، وفي نسختها الأخرى: عمران، أرسله الحسين مفاوضاً إلى عمر بن سعد.<BR>تاريخ الطبري 5|413، المناقب 4|105، البحار 45|71 و22، مقتل الحسين 2|22، أنصار الحسين: 104، تسمية من قتل مع الحسين: 153.<BR>________________________________________ الصفحة 164  ________________________________________<BR>فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه (70).<BR>ثم برز جون مولى أبي ذر (71)، وكان عبداً أسوداً.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «أنت في إذنٍ مني، فإنما تبعتنا طلباً للعافية، فلا تبتل بطريقنا (72)».<BR>فقال: يا بن رسول الله أنا في الرخاء ألحس قصاعكم وفي الشدة أخذلكم، والله إن ريحي لمنتن وإن حسبي للئيم ولوني لأسود، فتنفس علي بالجنة (73)، فيطيب ريحي ويشرف حسبي ويبيض وجهي، لا والله لا أفارقكم حتى يختلط هذا الدم الأسود مع دمائكم. ثم قاتل حتى قتل، رضوان الله عليه.<BR>قال الراوي (74): ثم برز عمرو بن خالد الصيداوي (75)، فقال للحسين: <BR>____________<BR>(70) في نسخة ب جاء بعد قوله رضوان الله عليه:<BR>وفي المناقب كان يقول: <BR>قـــد علمت كتيبة الأنصار * أن سوف أحمي حوزة الذمار<BR>ضرب غلام غير نكس شاري * دون حسيـن مهجتي وداري<BR>(71) ب: ثم تقدم جون مولى أبي ذر الغفاري.<BR>وجون من الموالي، أسود اللون، شيخ كبير السن، هو ابن حوي، وذكر في بعض المصادر اسمه: جوين أبي مالك.<BR>تسمية من قتل مع الحسين: 152، رجال الشيخ: 72، المناقب 4|103، المقتل 1|237 و2|19، تاريخ الطبري 5|420، البحار 45|82، أنصار الحسين: 72.<BR>(72) ر: بطريقتنا.<BR>(73) ر: الجنة.<BR>(74) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(75) ر: عمر بن خالد الصيداوي.<BR>وعمرو بن خالد الصيداوي من صيدا، ذكر في أكثر المصادر، وفي الرجبية، عمرو بن خلف،<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 164  ________________________________________<BR>يا أبا عبدالله، جعلت فداك قد هممت أن ألحق بأصحابي، وكرهت أن أتخلف فأراك وحيداً فريداً بين أهلك قتيلاً. <BR>فقال له الحسين عليه السلام: «تقدم فإنا لا حقون بك عن ساعة».<BR>فتقدم فقاتل حتى قتل رضوان الله عليه.<BR>قال الراوي (76): وجاء حنظلة بن سعد الشبامي (77)، فوقف بين يدي الحسين عليه السلام يقيه السهام والسيوف والرماح بوجهه ونحره.<BR>وأخذ ينادي: يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم، وما الله يريد ظلماً للعباد، ويا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم التناد، يوم تولون مدبرين مالكم من الله من عاصم، يا <BR>____________<BR>=<BR>ويحتمل أنه تصحيف خالد، وبنو الصيدا بطن من أسد من العدنانية، وذهب بعض العلماء إلى اتحاده مع عمرو بن خالد الأزدي، ذاهباً إلى أن الأزدي مصحف عن الأسدي، والمرجح التعدد، وإن كان احتمال الإتحاد وارداً.<BR>تسمية من قتل مع الحسين: 155، تاريخ الطبري 5|446، المقتل 2|24، البحار 45|72 و23، أنصار الحسين: 102.<BR>(76) الراوي، لم يرد في ر. ب.<BR>(77) كذا في ب. وفي ر: حنظلة بن سعد الثامي. وفي ع: حنظلة بن أسعد الشامي.<BR>والشبامي: شبام بطن من همدان من القحطانية، كوفي، ذكر في أكثر المصادر مع اختلاف في ضبط اسمه، واحتمل بعض العلماء اتحاده مع حنظلة بن أسعد الشبامي، واستدل بأن ابن شهر آشوب لم يذكر حنظلة المتفق عليه وهو الشبامي، والمرجح أن سعداً غيرحنظلة، لأن غير ابن شهر آشوب ذكر سعداً وأنه تميمي من عرب الشمال، وحنظلة وأنه شبامي من عرب الجنوب. واحتمل آخر اتحاده مع حنظلة ابن عمر الشيباني، وهذا الاحتمال بعيد أيضاً.<BR>رجال الشيخ: 73، المقتل 2|24، تاريخ الطبري 5|443، تسمية من قتل مع الحسين: 156، قاموس الرجال 4|318، معجم رجال الحديث 6|306 ـ 307، انصار الحسين: 86 و89 ـ 90 و116 ـ 117.<BR>________________________________________ الصفحة 165  ________________________________________<BR>قوم لا تقتلوا حسيناً فيسحتكم الله بعذابٍ وقد خاب من افترى.<BR>ثم التفت إلى الحسين عليه السلام وقال: أفلا نروح إلى ربنا ونلحق بأصحابنا؟<BR>فقال له: «بل (78) رح إلى ما هو خيرٌ لك من الدنيا وما فيها وإلى ملكٍ لا يبلى».<BR>فتقدم، فقاتل قتال الأبطال، وصبر على احتمال الأهوال، حتى قتل، رضوان الله عليه.<BR>قال: وحضرت صلاة الظهر، فأمر الحسين عليه السلام زهير بن القين وسعيد بن عبدالله الحنفي أن يتقدما أمامه بنصف من تخلف معه، ثم صلى بهم صلاة الخوف.<BR>فوصل إلى الحسين عليه السلام سهمٌ، فتقدم سعيد بن عبدالله الحنفي، ووقف يقيه بنفسه ما زال، ولا تخطى حتى سقط إلى الأرض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عادٍ وثمود، اللهم أبلغ نبيك عني السلام، وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح، فإني أردت ثوابك في نصر ذرية نبيك، ثم قضى نحبه رضوان الله عليه، فوجد به ثلاثة عشر سهمأً سوى ما به من ضرب السيوف وطعن الرماح.<BR>قال الراوي (79): وتقدم سويد بن عمر بن أبي المطاع (80)، وكان شريفاً كثير الصلاة، فقاتل قتال الأسد الباسل، وبالغ في الصبر على الخطب النازل، حتى <BR>____________<BR>(78) ع: ونلحق بإخواننا بلى.<BR>(79) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(80) هو سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي، ذكر في عدة مصادر، كان شريفاً كثير الصلاة، وهو أحد آخر رجلين بقيا مع الحسين وقتل بعد مقتل الحسين عليه السلام، فكان آخر قتيل، قتله هاني بن ثبيت الحضرمي، والخثعمي: خثعم بن أنمار بن أراش، من القحطانية.<BR>رجال الشيخ: 74، المناقب 4|102 وفيه: عمرو بن أبي المطاع الجعفي، البحار 45|24، تسمية من قتل مع الحسين: 154 وفيه: سويد بن عمرو بن المطاع، أنصار الحسين: 91 ـ 92.<BR>________________________________________ الصفحة 166  ________________________________________<BR>سقط بين القتلى وقد أثخن بالجراح، ولم يزل كذلك وليس به حراك حتى سمعهم يقولون: قتل الحسين، فتحامل وأخرج من خفه سكيناً، وجعل يقاتلهم بها حتى قتل، رضوان الله عليه.<BR>قال: وجعل أصحاب الحسين عليه السلام يقاتلون (81) بين يديه، وكانوا كما قيل: <BR>قـــــومٌ إذ نودوا لدفع ملمة * والخيل بين مدعس ومكردس<BR>لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا * يتهافتون على ذهـاب الأنفس<BR>فلما لم يبق معه إلا أهل بيته، خرج علي بن الحسين عليه السلام ـ وكان من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خلقاً ـ فاستأذن أباه في القتال، فأذن له.<BR>ثم نظر إليه نظرة آيسٍ منه، وأرخى عليه السلام عينيه وبكى.<BR>ثم قال: «اللهم اشهد، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه الناس خلقاً وخلقاً ومنطقاً برسولك صلى الله عليه وآله، وكنا إذا اشتقنا إلى نبيك نظرنا إليه».<BR>فصاح وقال: «يابن سعد قطع الله رحمك كما قطعت رحمي (82)».<BR>فتقدم عليه السلام نحو القوم، فقاتل قتالاً شديداً وقتل جمعاً كثيراً.<BR>ثم رجع إلى أبيه وقال: يا أبه، العطش قد قتلني، وثقل الحديد قد أجهدني، فهل إلى شربة ماء من سبيل؟<BR>فبكى الحسين عليه السلام وقال: «واغوثاه يا بني، من أين آتي بالماء قاتل قليلاً، فما أسرع ما تلقى جدك محمداً عليه السلام، فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظلمأ بعدها (83)». <BR>____________<BR>(81) ع: يسارعون إلى القتل.<BR>(82) من قوله: وكنا إذا اشتقنا... إلى هنا، لم يرد في ر، وورد في ع.<BR>(83) ع: بعدها أبداً.<BR>________________________________________ الصفحة 167  ________________________________________<BR>فرجع عليه السلام إلى موقف النزال، وقاتل أعظم القتال، فرماه منقذ بن مرة العبدي (84) بسهمٍ فصرعه، فنادى: يا أبتاه عليك مني (85) السلام، هذا جدي يقرؤك السلام ويقول لك: عجل القدوم علينا، ثم شهق شهقة فمات.<BR>فجاء الحسين عليه السلام (86) حتى وقف عليه، ووضع خده على خده (87) وقال: «قتل الله قوماً قتلوك، ما أجرأهم على الله وعلى انتهاك حرمة رسول الله صلى الله عليه وآله، على الدنيا بعدك العفاء».<BR>قال الراوي (88): وخرجت زينب ابنت علي تنادي: يا حبيباه يا بن أخاه، وجاءت فأكبت عليه.<BR>فجاء الحسين عليه السلام فأخذها وردها إلى النساء.<BR>ثم جعل أهل بيته يخرج منهم الرجل بعد الرجل، حتى قتل القوم منهم جماعة، فصاح الحسين عليه السلام في تلك الحال: صبراً يا بني عمومتي، صبراً يا أهل بيتي صبراً، فوالله لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً.<BR>قال الراوي (89): وخرج غلام (90) كأن وجهه شقة قمر، فجعل يقاتل، <BR>____________<BR>(84) كذا في النسخ، ولكن في تاريخ الطبري 6|625 والكامل 4|30 والأخبار الطوال: 254 ومقاتل الطالبيين: 84 ورد اسمه هكذا: مره بن منقذ بن النعمان العبدي ثم الليثي.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(85) مني، لم يرد في ر.<BR>(86) الحسين، لم يرد في ر.<BR>(87) ووضع خده على خده، لم يرد في ر.<BR>(88) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(89) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(90) هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أخو أبي بكر بن الحسن لأبيه وأمه المقتول قبله.<BR>مقاتل الطالبيين: 50.<BR>________________________________________ الصفحة 168  ________________________________________<BR>فضربه ابن فضيل الأزدي (91) على رأسه، ففلقه، فوقع الغلام لوجهه وصاح: يا عماه.<BR>فجلى الحسين عليه السلام كما يجلي الصقر، وشد شدة ليثٍ أغضب، فضرب ابن فضيل بالسيف، فاتقاها بساعده فأطنها من لدن المرفق، فصاح صيحة سمعه أهل العسكر، فحمل أهل الكوفة ليستنقذوه، فوطأته الخيل حتى هلك.<BR>قال: وانجلت الغبرة، فرأيت الحسين عليه السلام قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجله، والحسين عليه اللسلام يقول: «بعداً لقومٍ قتلوك، ومن خصمهم يوم القيامة فيك جدك (92)».<BR>ثم قال: «عز والله على عمك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك فلا ينفعك صوته، هذا يوم والله (93) كثر واتره وقل ناصره».<BR>ثم حمل الغلام على صدره حتى ألقاه بين القتلى من أهل بيته.<BR>قال: ولما رأى الحسين عليه السلام مصارع فتيانه وأحبته، عزم على لقاء القوم بمهجته، ونادى: «هل من ذاب يذب عن حرم رسول الله؟ هل من موحدٍ يخاف الله فينا؟ هل من مغيثٍ يرجو الله بإغاثتنا؟ هل من معينٍ يرجو ما عند الله في إعانتنا؟».<BR>فارتفعت أصوات النساء بالعويل، فتقدم إلى باب الخيمة وقال لزينب: «ناوليني ولدي الصغير (94) حتى أودعه»، فأخذه وأومأ إليه ليقبله، فرماه <BR>____________<BR>(91) في مقاتل الطالبيين: 88 ذكر اسمه: عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي.<BR>(92) ع: جدك وأبوك.<BR>(93) ر: فلا ينفعك صوت والله.<BR>(94) هو عبدالله بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأمه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس،<BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 169  ________________________________________<BR>حرملة بن الكاهل (95) بسهم، فوقع في نحره فذبحه، فقال لزينب: «خذيه». <BR>ثم تلقى الدم بكفيه حتى امتلأتا، ورمى بالدم نحو السماء وقال: «هون علي ما نزل بي، إنه بعين الله».<BR>قال الباقر عليه السلام: «فلم يسقط من ذلك الدم قطرة إلى الأرض».<BR>وروي من طرق أخرى، وهي أقرب إلى العقل، لأن الحال ما كان وقت توديع للصبي، لاشتغالهم بالحرب والقتل، وإنما زينب أخته عليها السلام أخرجت الصبي وقالت: يا أخي، هذا ولدك له ثلاثة أيام ما ذاق الماء، فاطلب له شربة ماء.<BR>فأخذه على يده وقال: «يا قوم قد قتلتم شيعتي وأهل بيتي، وقد بقي هذا الطفل يتلظى عطشاً، فاسقوه شربةً من الماء».<BR>فبينما هو يخاطبهم إذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه.<BR>فدعا عليهم بنحو ما صنع بهم المختار وغيره (96). <BR>____________<BR>=<BR>وفي اسم قاتله اختلاف، فقيل: حرملة، وقيل عقبة بن بشر.<BR>مقاتل الطالبيين: 89 ـ 90.<BR>(95) لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>ولما قبض على حرملة ورآه المختار، بكى المختار وقال: يا ويلك أما كفاك ما فعلت حتى قتلت طفلاً صغيراً وذبحته، يا عدو الله، أما علمت أنه ولد النبي، فأمر به فجعلوه مرمى، فرمي بالنشاب حتى مات.<BR>وقيل: إنه لما نظر المختار إلى حرملة قال: الحمد الله الذي مكنني منك يا عدو الله، ثم أحضر الجزار فقال له: اقطع يديه ورجليه، فقطعها، ثم قال: علي بالنار، فاحضرت بين يديه، فأخذ قضيباً من حديد وجعله في النار حتى احمر ثم ابيضٌ، فوضعه على رقبته، فصارت رقبته تجوش من النار وهو يستغيث حتى قطعت رقبته.<BR>حكاية المختار: 55 و59.<BR>(96) من قوله: وروي من طرق أخرى... إلى هنا، لم يرد في ع. <BR>________________________________________ الصفحة 170  ________________________________________<BR>قال الراوي (97): واشتد العطش بالحسين عليه السلام، فركب المسناة يريد الفرات، والعباس أخوه بين يديه، فاعترضتهما خيل ابن سعد، فرمى رجل من بني دارم الحسين عليه السلام بسهمٍ فأثبته في حنكه الشريف، فانتزع صلوات الله عليه السهم وبسط يده تحت حنكه حتى امتلأت راحتاه من الدم (98)، ثم رمى به وقال: «اللهم إني أشكوه إليك ما يفعل بابن بنت نبيك». <BR>ثم اقتطعوا العباس عنه، وأحاطوا به من كل جانب ومكان، حتى قتلوه قدس الله روحه (99)، فبكى الحسين عليه السلام بكاءً شديداً. وفي ذلك يقول الشاعر: <BR>أحق الناس أن يبكى عليه * فتىً أبكى الحسين بكربلاء<BR>أخــوه وابن والده علي * أبو الفضل المضرج بالدماء <BR>ومن واساه لا يثنيه شيء * وجــادله على عطش بماء <BR>قال الراوي (100): ثم أن الحسين عليه السلام دعا الناس إلى البراز، فلم يزل يقتل كل من برز اليه، حتى قتل مقتلة عظيمة، وهو في ذلك يقول:<BR>«القتل أولى من ركوب العار * والعار أولى من دخول النار»<BR>قال بعض الرواة: والله ما رأيت مكثوراً (101) قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه (102)أربط جأشاً منه، وإن الرجال كانت لتشد عليه فيشد عليها <BR>____________<BR>(97) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(98) ر: راحته دماً.<BR>(99) جاء بعد قوله قدس الله روحه في نسخة ب: وكان المتولي لقتله زيدبن ورقاء الحنفي وحكيم بن الطفيل السنبسي.<BR>(100) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(101) ر: مكسورا.<BR>(102) ب: وصحبه. <BR>________________________________________ الصفحة 171  ________________________________________<BR>بسيفه فتنكشف عنه انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب، ولقد كان يحمل فيهم، وقد تكملوا ثلاثين ألفاً، فينهزمون بين يديه كأنهم الجراد المنتشر، ثم يرجع إلى مركزه (103) وهو يقول: «لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم».<BR>قال الراوي (104): ولم يزل عليه السلام يقاتلهم حتى حالوا بينه وبين رحله.<BR>فصاح بهم: «ويحكم (105) يا شيعة آل أبي سفيان، إن لم يكن لكم دين وكنتم لاتخافون المعاد فكونوا أحراراً في دنياكم هذه (106) وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون».<BR>قال: فناداه (107) شمر: ما تقول يابن فاطمة؟<BR>قال: «أقول: أنا الذي أقتاتلكم (108) وتقاتلوني والنساء ليس عليهن جناح، فامنعوا أعتاتكم وجهالكم وطغاتكم (109) من التعرض لحرمي ما دمت حياً».<BR>فقال شمر: لك ذلك يا بن فاطمة.<BR>وقصدوه بالحرب، فجعل يحمل عليهم ويحملون عليه، وهو مع ذلك (110) <BR>____________<BR>(103) ر: معسكره.<BR>(104) الراوي، لم يرد في ر.<BR>(105) ر. ع: فصاح عليه السلام ويلكم.<BR>(106) هذه، لم يرد في ب.<BR>(107) ب: إذ كنتم أعراباً فناداه.<BR>(108) كذا في ب. وفي ر: قال إني أقاتلكم.<BR>(109) وجهالكم وطغاتكم، لم يرد في ب.<BR>(110) ب: فقال شمر: لك هذا، ثم صاح شمر: إليكم عن حرم الرجل فاقصدوه في نفسه فلعمري لهو كفؤ كريم، قال فقصده القول وهو في ذلك. <BR>________________________________________ الصفحة 172  ________________________________________<BR>يطلب شربة من ماء (111) فلا يجد، حتى أصابه اثنتان وسبعون جراحة.<BR>فوقف يستريح ساعة وقد ضعف عن القتال، فبينما هو واقف اذ أتاه حجر، فوقع على جبهته، فأخذ الثوب ليمسح الدم عن جبهته، فأتاه سهم مسموم له ثلاث شعب، فوقع على قلبه، فقال عليه السلام: «بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله».<BR>ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: «اللهم إنك (112) تعلم أنهم يقتلون رجلاً ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي (113) غيره».<BR>ثم أخذ السهم، فأخرجه من وراء ظهره (115)، فانبعث الدم كأنه ميزاب، فضعف عن القتال (115) ووقف، فكلما (116) أتاه رجل انصرف عنه، كراهية أن يلقى الله بدمه.<BR>حتى جاءه رجل من كندة يقال له مالك بن النسر (117) لعنه الله، فشتم الحسين وضربه على رأسه الشريف بالسيف، فقطع البرنس ووصل السيف إلى رأسه وامتلأ البرنس دماً.<BR>قال الراوي (118): فاستدعى الحسين عليه السلام بخرقة، فشد بها رأسه، واستدعى بقلنسوة فلبسها واعتم عليها. <BR>____________<BR>(111) ب: فكلما حمل بفرسه على الفرات حملوا عليه بأجمعهم، حتى أحلوه عنه.<BR>(112) ع: الهي أنت.<BR>(113) ر: نبيك.<BR>(114) ظهره، ولم يرد في ر.<BR>(115) عن القتال، لم يرد في ر. <BR>(116) ر: وكلما.<BR>(117) لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(118) الراوي، لم يرد في ر. <BR>________________________________________ الصفحة 173  ________________________________________<BR>فلبثوا هنيئة، ثم عادوا إليه وأحاطوا به، فخرج عبد الله بن الحسن بن علي (119) ـ وهوغلام لم يراهق ـ من عند النساء، فشهد حتى وقف إلى جنب الحسين عليه السلام، فلحقته زينب ابنت علي لتحبسه (120)، فأبى وامتنع امتناعاً شديداً وقال: والله (121) لا أفارق عمي.<BR>فأهوى بحر بن كعب (122) ـ وقيل: حرملة بن الكاهل ـ إلى الحسين بالسيف.<BR>فقال له الغلام: ويلك يا بن الخبيثة أتتقل عمي.<BR>فضربه بالسيف، فاتقاها الغلام بيده، فاطنها إلى الجلد، فإذا هي معلقة.<BR>فنادى الغلام: يا عماه (123).<BR>فأخذه الحسين عليه السلام فضمه إليه وقال: «يا بن أخي، إصبر على ما نزل بك واحتسب في ذلك الخير، فإن الله يلحقك بآبائك الصالحين».<BR>قال: فرمه حرملة بن الكاهل لاعنه الله بسهم، فذبحه وهو في حجر عمه الحسين عليه السلام.<BR>ثم أن شمربن ذي الجوشن لعنه الله حمل على فسطاط الحسين عليه السلام فطعنه <BR>____________<BR>(119) عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمه بنت السليل بن عبد الله أخي عبد الله بن جرير البجلي، وقيل: أمه أم ولد، وقيل: الرباب بنت امرئ القيس، كان عمره حين قتل إحدى عشرة سنة.<BR>تسمية من قتل مع الحسين: 150، مقاتل الطالبيين: 89، رجال الشيخ: 76، أنصار الحسين: 132.<BR>(120) ب: فقال الحسين عليه السلام: احبسيه يا أختي.<BR>(121) ب. ع: لا والله.<BR>(122) ب: أبجر بن كعب.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>ويأتي أنه أخذ سراويل الإمام الحسين عليه السلام.<BR>(123) ب. ع: يا أماه. <BR>________________________________________ الصفحة 174  ________________________________________<BR>بالرمح، ثم قال: علي بالنار أحرقه على من فيه.<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «يابن ذي الجوشن، أنت الداعي بالنار لتحرق على أهلي، أحرقك الله بالنار».<BR>وجاء شبث فوبخه، فاستحى وانصرف.<BR>قال الراوي(124): وقال الحسين عليه السلام: «إيتوني بثوب (125) لا يرغب فيه أجعله تحت ثيابي، لئلا أجرد منه».<BR>فأتي بتبان، فقال: «لا، ذاك لباس من ضربت عليه الذلة».<BR>فأخذ ثوبا خلقاً، فخرقه وجعله تحت ثيابه، فلما قتل جردوه منه عليه السلام.<BR>ثم استدعى عليه السلام بسراويل من حبرة، ففرزها ولبسها، وإنما فرزها لئلا يسلبها، فلما قتل سلبها بحر بن كعب لعنه الله وترك الحسين عليه السلام مجرداً (126)، فكانت يدا بحر بعد ذلك تيبسان (127) في الصيف كأنهما عودان يابسان وتترطبان في الشتاء فتنضحان قيحاً ودماً، إلى أن أهلكه الله تعالى.<BR>قال: ولما أثخن الحسين عليه السلام بالجراح، وبقي (128) كالقنفذ، طعنه صالح بن وهب المزني (129) لعنه الله على خاصرته طعنة، فسقط الحسين عليه السلام عن فرسه إلىالأرض على خده الأيمن، ثم قام صلوات الله عليه (130). <BR>____________<BR>(124) الراوي، من.<BR>(125) ب: ابعثوا إلي ثوباً. ع: ابغوا لي ثوباً. <BR>(126) ب: سلبها أبجر بن كعب وتركه مجرداً.<BR>(127) ر: يدا بحر تيبسان. ب: يد أبجر بعد ذلك ييبسان.<BR>(128) ر: فبقى. <BR>(129) في مستدركات علم الرجال 4 | 248: صالح بن وهب المزني، خبيث ملعون.<BR>(130) ع:... على خده الأيمن وهو يقول: بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله ثم قام صلوات الله عليه. <BR>________________________________________ الصفحة 175  ________________________________________<BR>قال الراوي (131): وخرجت زينب من باب االفسطاط (132) وهي تنادي: وا أخاه، وا سيداه، وا أهل بيتاه، ليت السماء انطبقت على الأرض، وليت الجبال تدكدكت على السهل.<BR>قال: وصاح شمر باصحابه: ما تنتظرون بالرجل.<BR>قال: فحملوا عليه من كل جانب.<BR>فضربه زرعة بن شريك (133) لعنه الله على كتفه اليسرى، فضرب الحسين عليه السلام زرعة فصرعه.<BR>وضربه آخر على عاتقه المقدس بالسيف ضربة كبا عليه السلام بها على وجهه (134)، وكان قد أعيى، فجعل عليه السلام ينوء ويكبو.<BR>فطعنه سنان بن أنس النخعي (135) لعنه الله في ترقوته، ثم انتزع الرمح فطعنه في بواني (136) صدره.<BR>ثم رماه سنان أيضاً بسهم، فوقع السهم في نحره، فسقط عليه السلام، وجلس قاعداً، <BR>____________<BR>(131) الراوي، من ع.<BR>(132) ب: من الفسطاط. <BR>(133) بن شريك، لم يرد في ر.<BR>في مستدركات علم الرجال 3 | 426: زرعة بن شريك التميمي، لم يذكروه، وهو ملعون خبيث. <BR>(134) ب. ع: لوجهه.<BR>(135) في مستدركات علم الرجال 4 | 161: سنان بن أنس، قاتل مولانا الحسين صلوات الله عليه، قيل: قتله ابن زياد حين قال: قتلت خير الناس أماً وأباً، والمشهور أنه قتله المختار.<BR>وفي كتاب حكاية المختار: 45 أن ابراهيم قال لسنان عندما قبض عليه: يا ويلك أصدقني ما فعلت يوم الطف؟ قال: ما فعلت شيئاً غير أني أخذت تكة الحسين من سرواله!!! فبكى إبراهيم عند ذلك، فجعل يشرح لحم أفخاذه ويشويها علىنصف نضاجها ويطعمه إياه، وكلما امتنع من الأكل ينخزه بالخنجر، فلما أشرف على الموت ذبحه وأحرق جثته.<BR>(136) ر: نواني، والمثبت من ب. ع. <BR>________________________________________ الصفحة 176  ________________________________________<BR>فنزع السهم من نحره، وقرن كفيه جميعاً (137)، وكلما امتلأتا من دمائه خضب بها رأسه ولحيته وهو يقول: «هكذا ألقى الله مخضباً بدمي مغصوباً على حقي».<BR>فقال عمر بن سعد لعنه الله لرجل عن يمينه: إنزل ويحك إلى الحسين فأرحه.<BR>فبدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي (138) ليحتز رأسه، فأرعد.<BR>فنزل إليه سنان بن أنس النخعي لعنه الله فضربه بالسيف في حلقه الشريف وهو يقول: والله إني لأحتز (139) رأسك وأعلم أنك ابن رسول الله وخير الناس أباً وأماً!!! ثم احتز رأسه الشريف صلى الله عليه وآله (140).<BR>وفي ذلك يقول الشاعر:<BR>فأي رزية عدلت حسيناً * غداة تبيره كفا سنان <BR>وروي: أن سناناً هذا أخذه المختار فقطع أنامله أنملة أنملة، ثم قطع يديه ورجليه، وأغلى (141) له قدراً فيها زيت، ورماه فيها وهو يضطرب.<BR>وروى أبوطاهر محمد بن الحسين البرسي في كتابه معالم الدين (142)، عن الصادق عليه السلام قال: «لما كان من أمر الحسين ما كان، ضجت الملائكة وقالوا: يا ربنا (143) هذا الحسين صفيك وابن صفيك وابن بنت نبيك. <BR>____________<BR>(137) جميعاً، لم يرد في ر.<BR>(138) في مستدركات علم الرجال 3 | 344: خولي بن يزيد الأصبحي، من قتلة أبي عبد الله عليه السلام، قتله المختار.<BR>(139) ب. ع: لا جتز.<BR>(140) ب: رأسه المقدس المعظم صلى الله عليه وآله وسلم وكرم.<BR>(141) ر: وغلا.<BR>(142) قال الشيخ الطهراني في الذريعة 21 | 198: معالم الدين، للشيخ المتقدم أبي طاهر محمد بن الحسن القرسي (البرسي)، يروي عنه السيد في اللهوف... ويروي عنه في الإقبال...<BR>(143) ع: ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء وقالت يا رب. <BR>________________________________________ الصفحة 177  ________________________________________<BR>قال: فأقام الله ظل القائم عليه السلام وقال: بهذا أنتقم لهذا».<BR>قال الراوي: وارتفعت (144) في السماء في ذلك الوقت غبرة شديدة سوداء مظلمة فيها ريح حمراء لا يرى فيها عين ولا أثر، حتى ظن القوم أن العذاب قد جاءهم، فلبثوا كذلك ساعة، ثم انجلت عنهم.<BR>وروى هلال بن نافع قال: إني لواقف مع أصحاب عمر بن سعد إذ صرخ صارخ: أبشر أيها الأمير، فهذا شمر قد قتل الحسين عليه السلام.<BR>قال: فخرجت بين الصفين، فوقفت عليه، فإنه ليوجد بنفسه، فوالله ما رأيت قتيلاً مضمخاً بدمه أحسن منه ولا أنور وجهاً، ولقد شغلني نور وجهه وجمال هيأته عن الفكر في قتله.<BR>فاستسقى في تلك الحال ماءً، فسمعت رجلاً يقول له: والله لا تذوق الماء حتى ترد الحامية فتشرب من حميمها!!!<BR>فقال له الحسين عليه السلام: «لا، بل (145)أرد على جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأسكن معه في داره في مقعد صدق عند مليك مقتدر، وأشرب من ماء غير آسن، وأشكو إليه ما ارتكبتم مني وفعلتم بي».<BR>قال: فغضبوا بأجمعهم، حتى كأن الله لم يجعل في قلب أحد منهم من الرحمة شيئاً، فاحتزوا رأسه وإنه ليكلمهم، فعجبت من قلة رحمتهم وقلت: والله لا أجامعكم على أمر أبداً.<BR>قال: ثم أقبلوا على سلب الحسين عليه السلام، فأخذ قميصه إسحاق بن حوبة <BR>____________<BR>(144) ب: فلما قتل صلوات الله عليه، وأرتفت.<BR>ولفظ: الراوي، لم يرد في ر. ب.<BR>(145) ع: فتشرب من حميمها، فسمعته يقول: يا ويلك أنا لا أرد الحامية ولا أشرب من حميمها بل. <BR>________________________________________ الصفحة 178  ________________________________________<BR>الحضرمي (146) لعنه الله، فلبسه فصار أبرص وامتعط شعره.<BR>وروي: أنه وجد في قميصه عليه السلام ماءة وبضع عشرة ما بين رمية وضربه وطعنه.<BR>قال الصادق عليه السلام: «وجد بالحسين عليه السلام ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة».<BR>وأخذ سراويله بحر بن كعب التيمي لعنه الله، وروي: أنه صار زمناً مقعداً من رجليه.<BR>وأخذ عمامته اخنس بن مرثد بن علقمة الحضرمي (147) لعنه الله، وقيل: جابر ابن يزيد الأودي (148) لعنه الله، فاعتم بها فصار معتوهاً.<BR>وأخذ نعليه الأسود بن خالد (149).<BR>وأخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي (150) لعنه الله، فقطع إصبعه عليه السلام مع الخاتم، وهذا أخذه المختار فقطع يديه ورجليه وتركه يتشحط في دمه حتى هلك.<BR>وأخذ قطيفة له عليه السلام كانت من خز قيس بن الأشعث (151) لعنه الله. <BR>____________<BR>(146) ع: حوية.<BR>ويأتي أنه أحد العشرة الذين داسوا بخيولهم ظهر الحسين عليه السلام، وهو ابن زنا.<BR>(147) وفي بعض النسخ: اخنس بن مرتد.<BR>ويأتي أنه أحد العشرة الذين داسوا الحسين عليه السلام بحوافر خيلهم، حتى رضوا ظهره وصدره، وهو من أولاد الزنا.<BR>(148) في مستدركات علم الرجال 2 | 105: جابر بن يزيد الأودي، لم يذكروه، وهو مذموم ملعون...<BR>(149) ذكر في ترجمة الامام الحسين من كتاب الطبقات: 187 باسم الأسود بن خالد الأودي.<BR>وهو خبيث ملعون.<BR>(150) ر: نجدل.<BR>في مستدركات علم الرجال 2 | 5: بجدل بن سليم الكلبي، خبيث ملعون، قتله المختار.<BR>(151) في ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات: 187: وأخذ قطيفته قيس بن الأشعث بن قيس <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 179  ________________________________________<BR>أخذ درعه البتراء عمر بن سعد لعنه الله، فلما قتل عمر بن سعد وهبها المختار لأبي عمرة (152) قاتله. <BR>وأخذ سيفه جميع بن الخلق الاودي (153)، وقيل: رجل من بني تميم يقال له الأسود بن حنظلة (154) لعنه الله.<BR>وفي رواية ابن سعد (155) أنه أخذ سيفه الفلافس النهشلي (156)، وزاد محمد بن زكريا (157): أنه وقع بعد ذلك إلى بنت حبيب بن بديل (158).<BR>وهذا السيف المنهوب ليس بذي الفقار: فإن ذلك كان مذخوراً ومصونا مع <BR>____________<BR>=<BR>الكندي، فكان يقال له: قيس قطيفة.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(152) لم يذكروه.<BR>(153) ب: الأزدي.<BR>وفي ترجمة الإمام الحسين من كتاب الطبقات: 187: وأخذ سيفاً آخر جميع بن الخلق الأودي.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(154) لم يذكروه وهو خبيث ملعون.<BR>(155) ر: ابن سعيد. ع: ابن أبي سعد. والمثبت من ب، وهو الصحيح، لأن المراد به محمد بن سعد بن منيع البصري، المتوفى سنة 230 هـ، صاحب كتاب الطبقات الكبرى الذي طبع ناقصاً، ومن أماكن نقصه ترجمة الإمام الحسين، وطبعت ترجمة الامام الحسين من كتاب الطبقات في مجلة تراثنا العدد 10 بتحقيق العلامة السيد عبد العزيز الطباطبائي.<BR>وما نقله هنا عن ابن سعد تجده في تراثنا 10 | 187.<BR>(156) ر: القلاقس. ب: القلافس. والمثبت من ع، وترجمة الامام الحسين من كتاب الطبقات: 187.<BR>(157) أبو عبد الله محمد بن زكريا بن دينار الغلابي، كان وجهاً من وجوه أصحابنا بالبصرة، توفي سنة 298 هـ، له كتاب مقتل الحسين عليه السلام.<BR>رجال النجاشي: 346 ـ 347، الفهرست للنديم: 121، تنقيح المقال 3 | 117.<BR>(158) لم أهتد إلى من ذكر بنت حبيب بن بديل، وحبيب بن بديل هو من رواة حديث الولاية.<BR>راجع: الغدير 1 | 25، أسد الغابة 1 | 441. <BR>________________________________________ الصفحة 180  ________________________________________<BR>أمثاله من ذخائر النبوة والإمامة، وقد نقل الرواة تصديق ما قلناه وصورة ما حكيناه.<BR>قال الراوي (159): وجاءت جارية من ناحية خيم الحسين عليه السلام.<BR>فقال لها رجل: يا أمة الله إن سيدك قتل.<BR>قالت الجارية: فاسرعت الى سيداتي وأنا اصيح، فقمن في وجهي وصحن.<BR>قال: وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول وقرة عين الزهراء البتول، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها، وخرج بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وحريمه يتساعدن على البكاء ويندبن لفراق الحماة (160) والأحباء.<BR>فروى حميد بن مسلم قال: رأيت امرأة من بني بكر (161) بن وائل كانت مع زوجها في أصحاب عمر بن سعد، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليه السلام في فسطاطهن وهم يسلبونهن، أخذت سيفاً وأقبلت نحو الفسطاط وقالت: يا آل بكر بن وائل أتسلب بنات رسول الله؟!! لا حكم إلا لله، يالثارات رسول الله، فأخذها زوجها فردها إلى رحله.<BR>قال الراوي: ثم أخرجوا النساء من الخيمة وأشعلوا فيها النار، فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة.<BR>وقلن: بحق الله إلا ما مررتم بنا على مصرع الحسين، فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن.<BR>قال: فوالله لا أنسى زينب ابنت علي وهي تندب الحسين عليه السلام وتنادي بصوت <BR>____________<BR>(159) الراوي، من ع.<BR>(160) ر: الأكماة.<BR>(161) ب: من بكر. <BR>________________________________________ الصفحة 181  ________________________________________<BR>حزين وقلب كئيب: وا محمداه، صلى عليك مليك السماء، هذا حسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، وا ثكلاه، وبناتك سبايا، إلى الله المشتكى وإلى محمد المصطفى وإلى علي المرتضى وإلى فاطمة الزهراء وإلى حمزة سيد الشهداء.<BR>وا محمداه، وهذا حسين بالعراء، تسفي عليه ريح الصباء، قتيل أولاد البغايا.<BR>واحزناه، واكرباه عليك يا أبا عبد الله اليوم مات جدي رسول الله صلى الله عليه وآله.<BR>يا أصحاب محمد، هؤلاء ذرية المصطفى يساقون سوق السبايا.<BR>وفي بعض الروايات: وا محمداه، بناتك سبايا (162)، وذريتك مقتلة تسفي عليهم ريح الصباء، وهذا حسين محزوز الرأس من القفا، مسلوب العمامة والردا.<BR>بأبي من أضحى عسكره في يوم الإثنين نهبا، بأبي من فسطاطه مقطع العرى، بأبي من لا غائب فيرتجى، ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من يقطر شيبه بالدماء (163)، بأبي من جده رسول اله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي علي المرتضى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي فاطمة الزهراء سيدة النساء، بأبي من ردت عليه الشمس حتى صلى.<BR>قال الراوي (164): فأبكت والله كل عدو وصديق.<BR>ثم أنه سكينة (165) اعتنقت جسد الحسين عليه السلام، فاجتمع عدة من الأعراب حتى جروها عنه. <BR>____________<BR>(162) ر: السبايا.<BR>(163) ب.ع: شيبته تقطر بالدماء. وفي ع جاء بعد هذا: بأبي من جده محمد المصطفى.<BR>(164) الراوي، من ع.<BR>(165) سكينة بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام، كريمة نبيلة، كانت سيدة نساء عصرها، توفيت سنة 117 هـ، نسب إليها بعض المؤرخين أموراً نقطع بكذبها وافترائها عليها، ليس هذا محل ذكرها.<BR>الطبقات 8 | 348، الدر المنثور: 244، وفيات الأعيان 1 | 211، الأعلام 3 | 106. <BR>________________________________________ الصفحة 182  ________________________________________<BR>قال الراوي (166): ثم نادى عمر بن سعد في أصحابه (167): من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره (168)؟<BR>فانتدب منهم عشرة، وهم: إسحاق بن حوبة الذي سلب الحسين عليه السلام قميصه، وأخنس بن مرثد، وحكيم بن طفيل السبيعي (169)، وعمر بن صبيح الصيداوي (170)، ورجاء بن منقذ العبدي (171)، وسالم بن خيثمة الجعفي (172)، وصالح بن وهب الجعفي (173)، وواحظ بن غانم (174)، وهاني بن ثبيت الحضرمي (175)، وأسيد بن مالك (176) لعنهم الله فداسوا الحسين عليه السلام بحوافر <BR>____________<BR>(166) الراوي، من ع.<BR>(167) ر: ثم أن عمر بن سعد قال.<BR>(168) ع: ظهره وصدره.<BR>(169) ب. ع: السنبسي، والمثبت من ر.<BR>وهو: حكيم بن طفيل الطائي، من المقدمين في العصر الأموي، ولما امتلك المختار الكوفة ونادى بقتل قتلة الحسين، قبض عليه، وقتله رمياً بالسهام حتى صار كأنه القنفذ.<BR>الكامل في التاريخ 4 | 94، الأعلام 2 | 269.<BR>(170) لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(171) في مستدركات علم الرجال 3 | 395: رجاء بن المنقذ العبدي، لم يذكروه، خبيث.<BR>(172) ع: خيثمة.<BR>في مستدركات علم الرجال 4 | 7: سالم بن خيثمة الجعفي، لم يذكروه، خبيث ملعون.<BR>(173) في مستدركات علم الرجال 4 | 248: صالح بن وهب المزني، خبيث ملعون.<BR>(174) ب. ع: ناعم.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(175) ع: وهاني بين شبث.<BR>لم يذكروه، وهو خبيث ملعون.<BR>(176) لم يذكروه، وهو خبيث ملعون. <BR>________________________________________ الصفحة 183  ________________________________________<BR>خيلهم حتى رضوا ظهره وصدره (177).<BR>قال الراوي: وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد لعنه الله، فقال أسيد بن مالك أحد العشرة.<BR>نحن رضضنا الصدر بعد الظهر * بكل يعبوب شديد الأسر <BR>فقال ابن زياد لعنه الله: من أنتم؟<BR>قالوا: نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين حتى طحنا حناجر صدره.<BR>قال: فأمر لهم بجائزة يسيرة.<BR>قال أبو عمر (178) الزاهد: فنطرنا في هؤلاء العشرة، فوجدناهم جميعاً أولاد زنا.<BR>وهؤلاء أخذهم المختار، فشد أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا.<BR>وروى ابن رباح (179) قال: لقيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الحسين عليه السلام.<BR>فسئل عن ذهاب بصره؟<BR>فقال: كنت شهدت قتله عاشر عشرة، غير أني لم أطعن ولم أضرب ولم أرم، <BR>____________<BR>(177) ذهب الكثير من علمائنا إلى أنهم عزموا على رض ظهر الحسين وصدره، ولكن لم يمكنهم الله من ذلك، ووردت بهذا المطلب عدة روايات، والله العالم.<BR>(178) ب: أبو عمرو.<BR>هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرز الباوردي، المعروف بغلام ثعلب، أحد أئمة اللغة، صحب ثعلباً النحوي، وكان من المكثرين في التصنيف، توفي في بغداد سنة 345 هـ.<BR>وفيات الأعيان 1 | 500، تاريخ بغداد 2 | 356، الأعلام 6 | 254.<BR>(179) هو عطاء بن أبي رباح، تابعي، كان عبداً أسوداً، ولد باليمن ونشأ بمكة، فكان مفتي أهلها، توفي فيها سنة 114 هـ.<BR>تذكرة الحفاظ 1 | 92، صفة الصفوة 2 | 119، الأعلام 4 | 135. <BR>________________________________________ الصفحة 184  ________________________________________<BR>فلما قتل رجعت إلى منزلي وصليت العشاء الآخرة ونمت.<BR>فأتاني آت في منامي، فقال: أجب رسول الله صلى الله عليه وآله.<BR>فقلت: مالي وله.<BR>فأخذ بتلابيبي وجرني إليه، فإذا النبي صلى الله عليه وآله جالس في صحراء، حاسر عن ذراعية، آخذ بحربة، وملك قائم بين يديه وفي يده سيف من نار يقتل أصحابي التسعة، فلما ضرب ضربة التهبت أنفسهم ناراً.<BR>فدنوت منه وجثوت بين يديه وقلت: السلام عليك يا رسول الله، فلم يرد علي، ومكث طويلاً.<BR>ثم رفع رأسه وقال: يا عدو الله أنتهكت حرمتي وقتلت عترتي ولم ترع حقي وفعلت ما فعلت.<BR>فقلت: يا رسول الله، والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم.<BR>فقال: صدقت، ولكن كثرت السواد، أدن مني، فدنوت منه، فاذا طشت مملو دماً، فقال لي: هذا دم ولدي الحسين عليه السلام، فكحلني من ذلك الدم، فانتبهت حتى الساعة لا أبصر شيئاً.<BR>وروي عنه الصادق عليه السلام، يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة عليها السلام قبة من نور، ويقبل الحسين عليه السلام ورأسه في يده، فإذا رأته شهقت شهقة لا يبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا بكى لها، فيمثله الله عز وجل لها في أحسن صورة، وهو يخاصم قتلته بلا رأس، فيجمع الله لي قتلته والمجهزين عليه ومن شرك في دمه، فأقتلهم حتى آتي على آخرهم، ثم ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين عليه السلام، ثم ينشرون فيقتلهم الحسن عليه السلام، ثم <BR>________________________________________ الصفحة 185  ________________________________________<BR>ينشرون فيقتلهم الحسين عليه السلام، ثم ينشرون فلا يبقى من ذريتنا أحد إلا قتلهم، فعند ذلك يكشف الغيط وينسى الحزن».<BR>ثم قال الصادق عليه السلام: «رحم الله شيعتنا، هم والله المؤمنون وهم المشاركون لنا (180) في المصيبة بطول الحزن والحسرة».<BR>وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: «اذا كان يوم القيامة تأتي فاطمة عليها السلام في لمة من نسائها.<BR>فيقال لها: ادخلي الجنة.<BR>فتقول: لا أدخل حتى أعلم ما صنع بولدي من بعدي.<BR>فيقال لها: أنظري في قلب القيامة، فتنظر إلى الحسين عليه السلام قائماً ليس عليه رأس، فتصرح صرخة، فأصرخ لصراخها وتصرخ الملائكة لصراخها».<BR>وفي رواية أخرى: «وتنادي وا ولداه، واثمرة فؤاداه».<BR>قال: «فيغضب الله عز وجل لها عند ذلك، فيأمر ناراً يقال لها هبهب قد أوقد عليها ألف عام حتى اسودت، لا يدخلها روح أبداً ولا يخرج منها غم أبداً.<BR>فيقال لها: التقطي قتلة الحسين عليه السلام، فتلتقطهم، فإذا صاروا في حوصلتها صهلت وصهلوا بها وشهقت وشهقوا بها وزفرت وزفروا بها.<BR>فينطقون بألسنة حداد ذلقة ناطقة: يا ربنا بم أوجبت لنا النار قبل عبدة الأوثان؟<BR>فيأتيهم الجواب عن الله عز وجل: ليس من علم كمن لا يعلم». <BR>____________<BR>(180) ع: قد والله شركونا. <BR>________________________________________ الصفحة 186  ________________________________________<BR>روى هذه الحديثين ابن بابويه في كتاب عقاب الأعمال (181)-(182).<BR>____________<BR>(181) محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، يعرف بالشيخ الصدوق، محدث كبير، لم ير في القميين مثله، نزل بالري، توفي سنة 381 هـ ودفن بالري، له عدة مؤلفات.<BR>وكتاب عقاب الأعمال تعرض فيه لذكر عقاب الأعمال المنهي عنها، طبع مع ثواب الأعمال له عدة مرات.<BR>رياض العلماء 5 | 119، الكنى والألقاب 1 | 212، تنقيح المقال 3 | 154، الأعلام 6 | 274.<BR>(182) جاء بعد هذا في ع:<BR>ورأيت في المجلد الثلاثين من تذييل شيخ المحدثين ببغداد محمد بن النجار في ترجمة فاطمة بنت أبي العباس الأزدي بإسناده عن طلحة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن موسى بن عمران سأل ربه قال: يا رب إن أخي هارون مات فاغفر له، فأوحى الله إليه: يا موسى بن عمران، لو سألتني في الأولين والآخرين لا جبتك، ما خلا قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليهما. <BR>________________________________________ الصفحة 187  ________________________________________<BR>المَسلَكُ الثّالثُ<BR>فيِ الأُموُرِ المُتَأخِرَةِ عَن قَتلِهِ عليهِ السَلاَمُ<BR>________________________________________ الصفحة 188  ________________________________________<BR>________________________________________ الصفحة 189  ________________________________________<BR>وهي تمام ما أشرنا إليه.<BR>قال: ثم إن عمر بن سعد لعنه الله بعث برأس الحسين عليه الصلاة والسلام في ذلك اليوم ـ وهو يوم عاشوراء ـ مع خولي بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي (1) إلى عبيد الله بن زياد، وأمر برؤوس الباقين من أصحابه وأهل بيته فقطعت وسرح بها مع شمر بن ذي الجوشن لعنه الله وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحجاج، فأقبلوا بها حتى قدموا الكوفة.<BR>وأقام ابن سعد بقية يومه واليوم الثاني إلى زوال الشمس، ثم رحل بمن تخلف من عيال الحسين، وحمل نساءه على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء مكشفات الوجوه بين الأعداء، وهن ودائع خير الأنبياء، وساقوهن كما يساق سبي الترك والروم في أسر المصائب والهموم. <BR>____________<BR>(1) في تنقيح المقال 1 | 380: حميد بين مسلم الكوفي، لم أقف فيه إلا على عد الشيخ رحمه الله إياه في رجاله من أصحاب السجاد عليه السلام، وظاهره كونه إمامياً، إلا أن حاله مجهول.<BR>وفي مستدركات علم الرجال 3 | 289: حميد بن مسلم الكوفي، عد من مجاهيل اصحاب السجاد عليه السلام، وهو ناقل جملة من قضايا كربلاء على نحو يظهر منه أنه كان في وقعة الطف... وكان من جند سليمان بن صرد من طرف المختار في مقتل عين الوردة في حرب اهل الشام لطلب ثار الحسين عليه السلام.<BR>أقول: أحتمل تعدد حميد بن مسلم: أحدهما كان في واقعة الطف ونقل بعض الوقائع وأرسل عمر ابن سعد رأس الحسين معه ومع جماعة إلى عبيد الله بن زياد، مما يدل على أنه كان من أعوان عمر بن سعد، والثاني إمامي من أصحاب الامام السجاد ومن جند سليمان بن صرد. <BR>________________________________________ الصفحة 190  ________________________________________<BR>ولله در القائل: <BR>يصلى على المبعوث من آل هاشم * ويغزى بنوه إن ذا لعجب (2)<BR>وروي: أن رؤوس أصحاب الحسين عليه السلام كانت ثمانية وسبعين رأساً، فاقتسمتها القبائل، لتتقرب بذلك إلى عبيد الله بن زياد وإلى يزيد بن معاوية:<BR>فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً، وصاحبهم قيس بن الأشعث.<BR>وجاءت هوازن باثني عشر رأساً، وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن.<BR>وجاءت تميم بسبعة عشر رأساً.<BR>وجاء بنو أسد بستة عشر رأساً.<BR>وجاءت مذحج بسبعة رؤوس.<BR>وجاء سائر الناس بثلاثة عشر رأساً.<BR>قال الراوي: ولما انفصل ابن سعد (3) عن كربلاء، خرج قوم من بني أسد، فصلوا علىتلك الجثث الطواهرالمرملة بالدماء، ودفنوها على ما هي الآن عليه.<BR>وسار ابن سعد بالسبي المشار إليه، فلما قاربوا الكوفة اجتمع أهلها للنظر إليهن.<BR>قال الراوي: فاشرفت امرأة من الكوفيات، فقالت: من أي الاسارى أنتن؟<BR>فقلن: نحن أسارى آل محمد صلى الله عليه وآله.<BR>فنزلت من سطحها، فجمعت ملاء (4) وأزراً ومقانع، فأعطتهن، فتغطين. <BR>____________<BR>(2) جاء في ع بعد هذا:<BR>وقال آخر: <BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب<BR>(3) ب: عمر بن سعد.<BR>(4) ر: ملاحف خ ل. <BR>________________________________________ الصفحة 191  ________________________________________<BR>قال الراوي (5): وكان مع النساء علي بن الحسين عليه السلام، قد نهكته العلة، والحسن بن الحسن المثنى (6)، وكان قد واسى عمه وإمامه (7) في الصبر على الرماح (8)، وإنما ارتث وقد أثخن بالجراح (9).<BR>وكان معهم أيضاً زيد (10) وعمرو (11) ولدا الحسين السبط عليه السلام. <BR>____________<BR>(5) الراوي، من ع.<BR>(6) الحسن بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، يعرف بالمثنى، وابنه الحسن يعرف بالمثلث، كان جليلاً فاضلاً ورعاً، وكان يلي صدقات أمير المؤمنين عليه السلام في وقته، تزوج من أبنة عمه فاطمة بنت الحسين عليه السلام، حضر مع عمه الحسين يوم الطف، وحارب وجرح وشافاه الله، أمه خولة بنت منظور الفرازي، توفي نحو سنة 90 هـ بالمدينة، ولم يدع الإمامة لا ادعاها له مدع، بخلاف ابنه الحسن المثلث.<BR>تسمية من قتل مع الحسين: 157، تهذيب ابن عساكر 4 | 162، الأعلام 2 | 187، معجم رجال الحديث 4 | 301.<BR>(7) وإمامه، لم يرد في ر.<BR>(8) ع: في الصبر على ضرب السيوف وطعن الرماح.<BR>(9) جاء بعدهذا في ع:<BR>وروى مصنف كتاب المصابيح: أن الحسن بن الحسن المثنى قتل بين يدي عمه الحسين عليه السلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفساً وأصابه ثمانيةعشرجراحة، فوقع، فأخذه خاله أسماء بن خارجة، فحمله إلى الكوفة وداواه حتى برء، وحمله إلى المدينة.<BR>(10) زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أبو الحسن الهاشمي، من أصحاب السجاد عليه السلام، جليل القدر، كريم الطبع، طريف النفس، كثير البر، كان يلي صدقات رسول الله صلى الله عليه وآله، وذكر بعض المؤرخين أنه تخلف عن عمه الحسين فلم يخرج معه إلى العراق، مات سنة 120 هـ، لم يدع الإمامة ولاأدعاها له مدع من الشيعة ولا غيرهم.<BR>معجم رجال الحديث 7 | 339، وبالنقل عن: رجال الشيخ، والإرشاد للمفيد، والعمدة للسيد منها، والبحار 46 | 329.<BR>(11) ذكر في مختصر تاريخ دمشق 19 | 198 باسم: عمر بن الحسن بن علي بن أبي طالب، خرج معه <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 192  ________________________________________<BR>فجعل أهل الكوفة ينحون ويبكون. <BR>فقال علي بن الحسين عليه السلام: «أتنوحون وتبكون من أجلنا؟!! فمن الذي قتلنا؟!!».<BR>قال بشير بن خزيم الأسدي (12) ونظرت إلى زينب ابنت علي عليه السلام يومئذ، فلم أر خفرة قط أنطق منها، كأنها (13) تفرغ من لسان أمير المؤمنين عليه السلام، وقد أومأت إلى الناس أن اسكتوا (14)، فارتدت الأنفاس وسكنت الأجراس، ثم قالت:<BR>الحمد لله، والصلاة على جدي (15) محمد وآله الطيبين الأخيار.<BR>أما بعد، يا أهل الكوفة، ياأهل الختل والغدر، أتبكون؟! فلا رقأت (16) الدمعة، ولا هدأت الرنة، إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزالها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذرون أيمانكم دخلاً بينكم.<BR>ألا وهل فيكم إلا الصلف والنطف (17)، والصدر والشنف، وملق الإماء، وغمز الأعداء؟! أو كمرعى على دمنة، أو كفضة على ملحودة، ألا ساء ما قدمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. <BR>____________<BR>=<BR>عمه الحسين بن علي إلى العراق، وكان فيمن قدم به دمشق مع علي بن الحسين، ولد محمداً وانقرض ولده، وكان رجلاً ناسكاً من أهل الصلاح والدين.<BR>(12) ر: شبير بن خزيم الاسدي.<BR>في مستدركات علم الرجال 2 | 37: بشير بن جزيم الأسدي، لم يذكروه،وهو راوي خطبة مولاتنا زينب عليها السلام بالكوفة.<BR>(13) ر: كأنما.<BR>(14) ر: اسكنوا.<BR>(15) ب.ع: أبي.<BR>(16) ر: فلا رقت.<BR>(17) ر: والظلف. <BR>________________________________________ الصفحة 193  ________________________________________<BR>أتبكون وتنتحبون؟! إي والله فأبكوا كثيراً، واضحكوا قليلاً، فلقد ذهبتم بعارها وشنارها (18)، ولن ترحضوها بغسل بعدها أبداً، وأنى ترحضون قتل سليل خاتم النبوة، ومعدن الرسالة، وسيد (19) شاب أهل الجنة، وملاذ خيرتكم، ومفرغ نازلتكم، ومنار (20) حجتكم، ومدرة سنتكم.<BR>ألاساء ما تزرون، وبعداً لكم سحقاً، فلقد خاب السعي، وتبت الأ يدي، وخسرت الصفقة ن وبؤتم بغضب من الله، وضربت عليكم الذلة والمسكنة.<BR>ويلكم يا أهل الكوفة، أتدرون (21) أي كبد لرسول الله فريتم؟! وأي كريمة له أبرزتم؟! وأي دم له سفكتم؟! وأي حرمة له انتهكتم؟! لقد جئتم بها صلعاء عنقاء سوداء فقماء (22).<BR>وفي بعضها: خرقاء شوهاء، كطلاع الأرض وملاء السماء.<BR>أفعجبتم أن مطرت (23) السماء دماً، ولعذاب الآخرة أخزى وأنتم لا تنصرون، فلا يستخفنكم المهل، فانه لا يحفزه البدار ولا يخاف فوت الثار، وإن ربكم لبالمرصاد.<BR>قال الراوي (24): فوالله لقد رأيت الناس يومئذ حيارى يبكون، وقد وضعوا أيديهم في أفواههم. <BR>____________<BR>(18) ب: وسنآنها.<BR>(19) ب: خاتم الأنبياء وسيد. <BR>(20) ر: ومعاذ.<BR>(21) ر: ويلكم أتدرون يا أهل الكوفة.<BR>(22) ر: عنقاء سواآء فقماء ناداء.<BR>(23) ب: قطرت.<BR>(24) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 194  ________________________________________<BR>ورأيت شيخاً واقفاً إلى جنبي يبكي حتى اخضلت لحيته وهو يقول: بأبي أنتم وأمي كهولكم خير الكهول، وشبابكم خير الشباب، ونساؤكم خير النساء، ونسلكم خير نسل، لا يخزى ولا يبزى.<BR>وروى زيد بن موسى (25) قال: حدثني أبي، عن جدي عليهما السلام قال: خطبت فاطمة الصغرى عليها السلام بعد أن ورد من كربلاء، فقالت:<BR>الحمد الله عدد الرمل والحصى، وزنة العرش إلى الثرى، أحمده وأؤمن به وأتوكل عليه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً صلى الله عليه وآله عبده ورسوله، وأن ذريته (26) ذبحوا بشط الفرات بغير ذحل ولا ترات (27).<BR>اللهم إني أعوذ بك أن أفتري عليك الكذب، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود لوصية علي بن أبي طالب عليه السلام، المسلوب حقه، المقتول بغير ذنب ـ كما قتل ولده بالأمس ـ في بيت من بيوت الله، فيه معشر مسلمة بألسنتهم، تعساً لرؤوسهم، ما دفعت عنه ضيماً في حياته ولا عند مماته، حتى قبضته إليك (28) محمود النقيبة، طيب العريكة، معروف المناقب، مشهور (29) <BR>____________<BR>(25) زيد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين العلوي الطالبي، ثائر، خرج في العراق مع أبي السرايا، توفي نحو سنة 250 هـ.<BR>الأعلام 3 | 61، الكامل في التاريخ 6 | 104، مقاتل الطالبيين: 534، جمهرة الأنساب: 55.<BR>(26) ب: ولده. ع: أولاده.<BR>(27) ر: من غير دخل ولا تراث. ع: بغير ذحل ولا تراب.<BR>الذحل: الحقد والعداوة، يقال: طلب بذحلة أي: بثاره. والموتور: الذي قتل له قتيل فلم يدرك بدمه، تقول منه: وتره يتره وتراً وتيرة.<BR>الصحاح 4 | 1701، 2 | 483.<BR>(28) ر: قبضه الله إليه.<BR>(29) ر: مشهود. <BR>________________________________________ الصفحة 195  ________________________________________<BR>المذاهب، لم تأخذه اللهم فيك لومة (30) لائم ولا عذل عاذل، هديته يا رب للغسلام صغيراً، وحمدت مناقبه كبيراً، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك صلواتك عليه وآله حتى قبضته إليك،، زاهداً في الدنيا، غير حريص عليها، راغباً في الآخرة، مجاهداً لك في سبيلك، رضيته فاخترته وهديته (31) إلى صراط مستقيم.<BR>أما بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر (32) والخيلاء، فإنا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل (33) بلاءنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه ووعاء فهمه وحكمته وحجته على أهل الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته وفضلنا بنبيه محمد صلى الله عليه وآله على كثير ممن خلق تفضيلاً بيناً.<BR>فكذبتمونا، وكفرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً وأمولنا نهباً، كأننا أولاد ترك أو كابل، كما قتلتم جدنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دمائنا أهل البيت، لحقد متقدم، قرت لذلك (34) عيونكم، وفرحت قلوبكم، افتراء على الله ومكراً مكرتم (35)، والله خير الماكرين.<BR>فلا تدعونكم أنفسكم إلى الجذل بما أسبتم من دمائنا ونالت أيديكم من أموالنا، فان ما اصابنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة (36) في كتاب من <BR>____________<BR>(30) ر: لم تأخذه في الله لومة.<BR>(31) ر: رضيته فهديته.<BR>(32) ر: يا أهل الغدر.<BR>(33) ر: فوجد.<BR>(34) ب: بذلك.<BR>(35) ر: مكرتموه.<BR>(36) ر: والرزء العظيم. <BR>________________________________________ الصفحة 196  ________________________________________<BR>قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور.<BR>تباً لكم (37)، فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حل بكم، وتواترت من السماء نقمات، فيسحتكم بعذاب (38) ويذيق بعضكم بأس بعض ثم تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنه الله على الظالمين.<BR>ويلكم، أتدرون أية يد طاعنتنا منكم؟! وأية نفس نزعت (39) إلى قتالنا؟! أم بأية رجل مشيتم إلينا تبغون محاربتنا؟!<BR>قست والله قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطبع على أفئدتكم، وختم على أسماعكم و أبصاركم (40)، وسول لكم الشيطان وأملى لكم وجعل على بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.<BR>فتباً لكم يا أهل الكوفة، أي ترات (41) لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم وذحول (42) له لديكم بما عندتم (43) بأخيه علي بن أبي طالب عليه السلام جدي وبنيه وعترة النبي الأخيار (44) صلوات الله وسلامه عليهم، وافتخر بذلك مفتخركم فقال:<BR>نحن قتلن علياً وبني علي(45) * بسيوف هندية ورماح <BR>____________<BR>(37) أمثالكم، بدلاً من: تباً لكم، في ر.<BR>(38) ب: فيسحتكم بما كسبتم. <BR>(39) ر: ترغب.<BR>(40) ب. ع: سمعكم وبصركم.<BR>(41) ر: تراث. <BR>(42) ر. ع: ودخول، والمثبت من ب.<BR>(43) ر: غدرتم.<BR>(44) ب: وعترة النبي الطاهرين الأخيار. ع: وعترته الطيبين الأخيار. <BR>(45) ر: وعلياً وولده قد قتلنا. <BR>________________________________________ الصفحة 197  ________________________________________<BR>وسبينا نساءهم (46) سبي تُركِ * ونطحناهم فأي نطاح<BR>بفيك أيها القائل الكثكث والأثلب (47)، افتخرت بقتل قوم زكاهم الله وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأكظم واقع كما أقعى أبوك، فإنما لكل امرء ما اكتسب وما قدمت يداه.<BR>أحسدتمونا (48) ـ ويلاً لكم ـ على ما فضلنا الله (49).<BR>شعر: <BR>فما ذنبنا إن جاش دهراً بحورنا * وبحرك ساج لا يواري الدَّعامصا (50)<BR>ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.<BR>قال: وارتفعت الأصوات بالبكاء، وقالوا: حسبك يابنة الطيبين، فقد أحرقت قلوبنا وانضحت نحورنا (51) واضرمت اجوافنا، فسكتت. <BR>____________<BR>(46) ر: نساءه. <BR>(47) الكثكث: فتاة الحجارة والتراب. وكذا الأثلب يأتي بهذا المعنى.<BR>الصحاح 1 | 290 كثث، و 94 ثلب.<BR>وفي نسخة ب: ولك الأثلب.<BR>(48) ب: حسدتمونا.<BR>(49) ب: الله عليكم، ولفظ: شعر، لم يرد في ب.<BR>(50) ر: وبحرك ناج ما يواري...<BR>وذكر الجوهري الشطر الأول هكذا: فما ذنبنا إن جاش بحر ابن عمكم. وقال: الدعموص: دويبة تغوص في الماء.<BR>الصحاح 3 | 1040 دعمص.<BR>(51) ر: وانضجت نحورنا.<BR>وفي الصحاح 1 | 412 نضح الشجر: إذا تفطر ليخرج ورقه.<BR>وفي ب: وانضجت نحورنا واضرمت اجوافنا، فسكتت عليها وعلى أبيها وجدتها السلام. <BR>________________________________________ الصفحة 198  ________________________________________<BR>قال: وخطبت أم كلثوم ابنت علي عليهما السلام في ذلك اليوم من وراء كلتها، رافعة صوتها بالبكاء، فقالت:<BR>يا أهل الكوفة، سوءاً (52) لكم، مالكم خذلتم (53) حسيناً وقتلتموه وانتهبتم أمواله وورثتموه وسبيتم نساءه ونكبتموه؟! فتباً لكم وسحقاً.<BR>ويلكم، أتدرون أي دواه دهتكم؟ وأي وزر على ظهوركم حملتم؟ وأي دماء سفكتموها؟ وأي كريمة اهتضمتموها (54)؟ وأي صبية سلبتموها؟ وأي أموال نهبتموها؟ قتلتم خير رجالات بعد النبي صلى الله عليه وآله، ونزعت الرحمة من قلوبكم، ألا إن حزب الله هم الغالبون وحزب الشيطان هم الخاسرون.<BR>ثم قالت:<BR>قتلتم أخـي صبراً فويــل لأمــكم * ستجزون نـــاراً حــرها يتوفــد<BR>سفكتم دمـاء حــرم الله سفكهــا * وحرمهـــا القرآن ثــم مــحمـد<BR>ألا فابشروا بـالنار إنكــم غــداً * لفي قعر نـار حرهــا يتصعــد(55)<BR>وإني لأبكي فـي حياتـي على أخي * على خير مـن بعــد النبي سيولـد<BR>بدمع غزير مستهــل مـكفكــف * على الخد منــي دائـب (56) ليس <BR>قال الراوي (57): فضج الناس بالبكاء والنحيب والنوح، ونشر النساء <BR>____________<BR>(52) ع: سوئة.<BR>(53) ر: ماخذلتم، والمثبت من ع.<BR>(54) ع: اصبتموها.<BR>(55) ع: لفي سقر حقاً يقيناً تخلدوا.<BR>(56) ع: دائماً.<BR>(57) الراوي، من نسخة ع. <BR>________________________________________ الصفحة 199  ________________________________________<BR>شعورهن، وحثين (58) التراب على رؤوسهن، وخمش وجوههن، ولطمن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم (59)، فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم.<BR>ثم، أن زين العابدين عليه السلام أومأ إلى الناس أن اسكتوا، فسكتوا، فقام (60) قائماً، فحمد الله وأثنىعليه وذكر النبي بما هو أهله فصلى عليه، ثم قال:<BR>«أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي: أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات (61)، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه وانتهب ماله وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبراً وكفى بذلك فخراً.<BR>أيها الناس، ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه؟! فتباً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً (62) لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله اذ يقول لكم: قتلتم عترتي وانتهكتم حرمتي فلستم من أمتي؟!».<BR>قال الراوي (63): فارتفعت اصوات الناس من كل ناحية، ويقول بعضهم لبعض: هلكتم وما تعلمون.<BR>فقال: «رحم الله أمرءاً قبل نصيحتي وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله وأهل <BR>____________<BR>(58) ع: ووضعن.<BR>(59) ونتفوا لحاهم، لم يرد في ر، واثبتناه من ع.<BR>(60) ر: فقال.<BR>(61) ر: من غير دخل ولا تراث.<BR>(62) ع: وسوءة.<BR>(63) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 200  ________________________________________<BR>بيته، فان لنا في رسول الله أسوة حسنة».<BR>فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك غير زاهدين فيك ولا راغبين عنك، فأمرنا بأمرك يرحمك الله، فإنا حرب لحربك وسلم لسلمك، لنأخذن يزيد ونبرأ ممن ظلمك وظلمنا.<BR>فقال عليه السلام: «هيهات هيهات، أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهوات أنفسكم، أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى أبي من قبل؟! كلا ورب الراقصات، فان الجرح لما يندمل، قتل أبي صلوات الله عليه بالأمس وأهل بيته معه، ولم ينسني ثكل رسول الله صلى الله عليه وآله وثكل أبي وبني أبي، ووجده بين لهواتي (64)، ومرارته بين حناجري وحلقي، وغصصه تجري في فراش صدري.<BR>ومسألتي أن لا تكونوا لنا ولا علينا».<BR>ثم قال:<BR>«لا غرو إن قتل الحسين وشيخه * قد كان خيراً من حسين وأكرما(65)<BR>فلا تفرحوا يا أهل كوفان بالذي * أصاب حسيناً كان ذلك أعظما<BR>قتيل بشط النهر روحي فداؤه * جزاء الذي أراده نار جهنما» <BR>ثم قال عليه السلام: «رضينا منكم رأساً برأس فلا يوم لنا ولا علينا».<BR>قال الراوي (66): ثم، أن ابن زياد جلس في القصر، وأذن إذناً عاماً، وجيء برأس الحسين عليه السلام فوضع بين يديه، وأدخل نساء الحسين وصبيانه إليه. <BR>____________<BR>(64) في متن ر: لهاتي، وفي حاشيتها: لهواتي خ.<BR>(65) كذا في ب. ع. وفي ر: <BR>فلا غرو من قتل الحسين فشيخه * أبوه علي كان خيراً وأكرما <BR>(66) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 201  ________________________________________<BR>فجلست زينب ابنت عي متنكرة، فسأل عنها، فقيل: هذه زينب ابنت علي.<BR>فأقبل عليها وقال: الحمد لله الذي فضحكم وأكذب أحدوثتكم!!!<BR>فقالت: إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر، وهو غيرنا.<BR>فقال ابن زياد: كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟<BR>فقالت: ما رأيت إلا جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل، فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم، فانظر لمن الفلج يومئذ، هبلتك (67) أمك يابن مراجانة.<BR>قال الراوي (68): فغضب وكأنه (69) هم بها.<BR>فقال له عمرو بن حريث (70): أيها الأمير إنها إمرأة، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها.<BR>فقال لها ابن زياد: لقد شف الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك!!!<BR>فقالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي، فان كان هذا شفاؤك (71) فقد اشتفيت. <BR>____________<BR>(67) ب: ثكلتك.<BR>(68) الراوي، من ع.<BR>(69) ر: فكأنه.<BR>(70) ر: عمر بن حريث.<BR>وهو: عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبد الله المخزومي، روى عن أبي بكر وابن مسعود، وروى عنه ابنه جعفر والحسن العرني والمغيرة بن سبيع وغيرهم، كانت داره مأوى لأعداء أهل البيت ولي الكوفة لزياد بن أبيه ولأبنه عبيد الله، مات سنة 85 هـ.<BR>سير اعلام النبلاء 3 | 417 ـ 419، الأعلام 5 | 76 <BR>(71) ب. ع: شفاك. ر: فإن كان هذا شفاؤك فقد أشفيت. <BR>________________________________________ الصفحة 202  ________________________________________<BR>فقال ابن زياد لعنه الله: هذه سجاعة، ولعمري لقد كان أبوك شاعراً (72).<BR>فقالت: يا بن زياد ما للمرأة والسجاعة (73).<BR>ثم التفت ابن زياد لعنه الله إلى علي بن الحسين فقال: من هذا؟<BR>فقيل: علي بن الحسين.<BR>فقال: أليس قد قتل الله علي بن الحسين؟!<BR>فقال له علي: «قد كان لي أخ يسمى علي بن الحسين قتله الناس».<BR>فقال: بل الله قتله.<BR>فقال له علي: (الله يتوفى الأنفس حين موتها)(74)».<BR>فقال ابن زياد: وبك جرأة على جوابي، إذهبوا به فاضربوا عنقه.<BR>فسمعت به عمته زينب، فقالت: يا بن زياد، إنك لم تبق منا أحداً، فان كنت عزمت على قتله فاقتلني معه.<BR>فقال علي لعمته: «اسكتي يا عمة حتى أكلمه».<BR>ثم أقبل إليه فقال: «أبالقتل تهددني يا بن زياد، أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة».<BR>ثم أمر ابن زياد بعلي بن الحسين عليهما السلام وأهل بيته فحملوا إلى بيت في جنب (75) المسجد الأعظم.<BR>فقالت زينب ابنت علي: لا يدخلن علينا عربية إلا أم ولد أو مملوكة، فإنهن سبين كما سبينا. <BR>____________<BR>(72) ر:... هذه شجاعة ولعمري لقد كان أبوك شجاعاً. ع:... لقد كان أبوك شاعراً سجاعاً. <BR>(73) ر: والشجاعة.<BR>(74) الزمر 39: 42.<BR>(75) ب:... وأهله فحملوا إلى دار إلى جنب. <BR>________________________________________ الصفحة 203  ________________________________________<BR>ثم أمر ابن زياد برأس الحسين عليه السلام، فطيف به في سكك الكوفة.<BR>ويحق لي أن أتمثل هنا أبياتاً (76) لبعض ذوي العقول، يرثي بها قتيلاً من آل الرسول صلى الله عليه وآله فقال:<BR>رأس ابــن بنت محمد ووصيــه * للناظرين على قنـــاة يرفـــع<BR>والمسلمون بمنظـــر وبسمــع * ا منكر منهـــم ولا متفجـــع<BR>كحلت بمنظرك العيون عمايـــة * واصم رزؤك كل أذن تسمــــع<BR>أيقظت أجفاناً وكنت لها كـــرى * وأنتم عيناً لم تكن بـك تهجـــع<BR>ما روضة إلا تمنـــت أنـــها * لك حفرة ولخط قبرك مضجع(77) <BR>قال الراوي (78): ثم أن ابن زياد لعنه الله صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال في بعض كلامه: الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين وأشياعه، وقتل الكذاب ابن الكذاب!!!.<BR>فما زاد على هذا الكلام شيئاً، حتى قام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي (79) ـ وكان من خيار الشيعة وزهادها، وكانت عينه اليسرى قد ذهبت يوم الجمل والأخرى يوم صفين، وكان يلازم المسجد الأعظم فيصلي فيه إلى الليل ـ فقال: يا بن مرجانة، إن الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك،ومن استعملك وأبوه، يا عدو الله، أتقتلون أولاد (80) النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين (81). <BR>____________<BR>(76) ب: ههنا بأبيات.<BR>(77) هذا البيت في ب مقدم على البيت الذي قبله.<BR>(78) الراوي، من ع.<BR>(79) في أنساب الأشراف صفحة 210: عبد الله بن عفيف الأزدي ثم الغامدي، كان شيعياً، وكانت عينه اليسرى ذهبت يوم الجمل واليمنى يوم صفين، وكان لا يفارق المسجد الأعظم.<BR>(80) ب. ع: أبناء.<BR>(81) ب. ع: المؤمنين. <BR>________________________________________ الصفحة 204  ________________________________________<BR>قال الراوي (82): فغضب ابن زياد وقال: من هذا المتكلم؟ <BR>فقال: أنا المتكلم يا عدو الله، أتقتل الذرية الطاهرة التي قد أذهب الله عنها الرجس (83)، وتزعم أنك على دين الإسلام.<BR>وا غوثاه، أين أولاد المهاجرين والأنصار ينتقمون (84) منك ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين على لسان محمد رسول رب العالمين؟<BR>قال الراوي (85): فازاداد غضب ابن زياد لعنه الله، حتى انتفخت اوداجه وقال: علي به، فتبادرت الجلاوزة (86) من كل ناحية ليأخذوه، فقامت الأشراف من الأزد من بني عمه، فخلصوه من أيدي الجلاوزة وأخرجوه من باب المسجد وانطلقوا به إلى منزله.<BR>فقال ابن زياد: اذهبوا إلى هذا الأعمى ـ أعمى الأزد، أعمى الله قلبه كما أعمى عينه ـ فأتوني به.<BR>قال: فانطلقوا إليه، فلما بلغ ذلك الأزد اجتمعوا واجتمعت معهم قبائل اليمن ليمنعوا صاحبهم.<BR>قال: وبلغ ذلك ابن زياد فجمع قبائل مضر وضمهم إلى محمد بن الأشعث وأمرهم بقتال القوم.<BR>قال الراوي (87): فاقتتلوا قتالاً شديداً، حتى قتل بينهم جماعة من العرب. <BR>____________<BR>(82) الراوي، من ع. <BR>(83) ر:... ذرية الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. والمثبت من ب. ع. <BR>(84) ع: لينتقمون.<BR>(85) الراوي، من ع.<BR>(86) ب: فبادر إليه الجلاوزة.<BR>(87) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 205  ________________________________________<BR>قال: وصل أصحاب ابن زياد لعنه الله إلى دار (88) عبد الله بن عفيف، فكسروا الباب واقتحموا عليه.<BR>فصاحت ابنته: أتاك القوم من حيث تحذر.<BR>فقال: لا عليك ناوليني سيفي، فناولته إياه، فجعل يذب عن نفسه ويقول: <BR>أنا أبن ذي الفضل عفيف الطاهر * عفيف شيخي وابن أم عامر <BR>كــم دارع من جمعكم وحاسر * وبطل جدلته مغــاور (89)<BR>قال: وجعلت ابنته تقول: يا ابت ليتني كنت رجلاً أخاصم بين يديك هؤلاء القوم الفجرة (90)، قاتلي العترة البررة.<BR>قال: وجعل القوم يدورون عليه من كل جهة، وهو يذب عن نفسه وليس (91) يقدر عليه أحد، وكلما جاؤوه من جهة قالت: يا أبت جاؤوك من جهة كذا، حتى تكاثروا عليه وأحاطوا به.<BR>فقالت ابنته: وا ذلاه يحاط بأبي وليس له ناصر يستعين به.<BR>فجعل يدير سيفه ويقول:<BR>أقسم لو يفسح لي عن بصري * ضاق عليكم موردي ومصدري<BR>قال الراوي (92): فما زالوا به حتى أخذوه، ثم حمل فأدخل على ابن زياد.<BR>فلما رآه قال: الحمد لله الذي أخزاك. <BR>____________<BR>(88) دار، لم يرد في ر.<BR>(89) ر: جندلته مغاور. ب: جدلته مغادر.<BR>(90) ب: أخاصم بين يديك اليوم هؤلاء الفجرة.<BR>(91) ب. ع: فلم.<BR>(92) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 206  ________________________________________<BR>فقال له عبد الله بن عفيف: يا عدو الله، بماذا أخزاني الله (93).<BR>والله لو يفسح لي عن بصري * ضاق عليكم موردي ومصدري (94)<BR>فقال له ابن زياد: ماذا تقول يا عبد الله في أميرالمؤمنين عثمان بن عفان (94)؟<BR>فقال: يا عبد بني علاج، يا بن مرجانة ـ وشتمه (96) ـ ما أنت وعثمان بن عفان أساء أم أحسن (97)، وأصلح أم أفسد، والله تعالى ولي خلقه يقضي بينهم وبين عثمان بالعدل (98) والحق، ولكن سلني عنك وعن أبيك وعن يزيد وأبيه.<BR>فقال ابن زياد: والله لا سألتك عن شيء أو تذوق الموت غصة بعد غصة.<BR>فقال عبد الله بن عفيف: الحمد لله رب العالمين، أما أني قد كنت أسأل الله ربي أن يرزقني الشهادة من قبل أن تلدك أمك، وسألت الله أن يجعل ذلك على يدي العن خلقه وأبغضهم إليه، فلما كف بصري يئست من الشهادة، والآن فالحمد لله الذي رزقنيها بعد اليأس منها، وعرفني الإجابة بمنه (99) في قديم دعائي. <BR>____________<BR>(93) جاء بعد هذا في نسخة ر كلمة شعر.<BR>(94) ب. ع: <BR>والله لو فرج لي عن بصري * ضاق عليك موردي ومصدري <BR>(95) ب. ع: فقال ابن زياد: يا عدو الله ما تقول في عثمان بن عفان.<BR>وعثمان هو: ابن عفان بن أبي العاص بن أمية، أسلم بعد البعثة، صارت إليه الخلافة بعد موت عمر سنة 23 هـ، نقم عليه الناس اختصاصه أقاربه من بني أمية بالولايات والأعمال وتقسيم الأموال الكثيرة بينهم، فحصروه في داره وقتلوه سنة 35 هـ.<BR>ابن الأثير حوادث سنة 35، شرح نهج البلاغة 2 | 61، البدء والتاريخ 5 | 79، الأعلام 4 | 210.<BR>(96) لفظة: وشتمه، لم ترد في ر.<BR>(97) ب: ما أنت وعثمان إن أساء أم أحسن.<BR>(98) ر: والله علي ولي خلقه يقضي بينهم بالعدل.<BR>(99) ب. ع: منه. <BR>________________________________________ الصفحة 207  ________________________________________<BR>فقال ابن زياد: اضربوا عنقه، فضربت عنقه وصلب في السبخة (100).<BR>قال الراوي (101): وكتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بقتل الحسين وخبر أهل بيته، وكتب أيضاً إلى عمرو بن سعيد بن العاص (102) أمير المدينة بمثل ذلك.<BR>فأما عمرو، فحين وصله الخبر صعد المنبر وخطب الناس وأعلمهم ذلك، فعظمت واعية بني هاشم، وأقاموا سنن المصائب والمآتم، وكانت زينب بنت عقيل بن أبي طالب (103) تندب (104) الحسين عليه السلام وتقول: <BR>ماذا تقولــون إذ قال النبي لكم * ماذا فعلتمو أنتـم آخــر الأمم <BR>بعترتي وبأهلي بعـــد مفتقدي * منهم أسارى ومنهم ضرجوا بـدم <BR>ماكان هذا جزائي إذ نصحت لكم * أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي <BR>____________<BR>(100) في معجم البلدان 3 | 30: السبخة بالتحريك واحدة السباخ: الأرض الملح النازة، موضع بالبصرة... والسبخة من قرى البحرين.<BR>أقول: لم أجد في كتب البلدان واللغة من ذكر أن السبخة موضع بالكوفة، ولكن يوجد موضع بين مسجد السهلة ومسجد الكوفة كان يعرف بين الناس بالسبخة، وقيل: المراد بالسبخة هنا: الكناسة.<BR>(101) الراوي، من ع.<BR>(102) عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي،كان والي مكة والمدينة لمعاوية وابنه يزيد، وقدم الشام، فلما طلب مروان بن الحكم الخلافة عاضده عمرو، فجعل له ولاية العهد بعد ابنه عبد الملك، ولما ولي عبد الملك أراد خلعه من ولاية العهد، فنفر عمرو، ولم يزل عبد الملك يتربص به حتى تمكن منه فقتله سنة 70 هـ.<BR>الإصابة ترجمة رقم 6850، فوات الوفيات 2 | 118، تهذيب التهذيب 8 | 37، الأعلام 4 | 78.<BR>(103) في أنساب الأشراف صفحة 221: كانت زينب هذه عند علي بن يزيد بن ركانة من بني المطلب بن عبد مناف، فولدت له ولداً، منهم عبدة ولدت وهب بن وهب أبا البختري القاضي.<BR>(104) ر: تندب على. <BR>________________________________________ الصفحة 208  ________________________________________<BR>قال: فلما جاء الليل سمع أهل المدينة هاتفاً ينادي ويقول:<BR>أيها القاتلون ظلمـــاً حسينـــاً * ابشروا بـــالعذاب والتنكيـــل <BR>كل من في السماء يبكــي عليــه * مــن نبي وشاهــد ورسول (105) <BR>قد لعنتم على لسـان ابــــن داود * وموسى وصـــاحب الإنجيــل <BR>وأما يزيد بن معاوية، فإنه لما وصل إليه كتاب ابن زياد ووقف عليه، أعاد الجواب إليه يأمره فيه بحمل رأس الحسين عليه السلام ورؤوس من قتل معه، وبحمل أثقاله ونسائه وعياله.<BR>فاستدعى ابن زياد بمحفر بن ثعلبة العائذي (106)، فسلم إليه الرؤوس والأسارى والنساء، فسار بهم محفر إلى الشام كما يسار بسبايا الكفار، يتصفح وجوههن أهل الأقطار.<BR>روى ابن لهيعة (107) وغيره حديثنا أخذنا منه موضع الحاجة، قال: كنت أطوف بالبيت، فإذا أنا برجل يقول: اللهم اغفر لي وما أراك فاعلاً. <BR>____________<BR>(105) ع:<BR>أيها القاتلون جهلا ًحسيناً * ابشروا بالعذاب والتنكيل <BR>كل أهل السماء يدعو عليكم * من نبي ومالك وقبيل <BR>(106) اختلفت النسخ والمصادر في ضبطه اسمه، فالمثبت من ع. وفي ر: مجفر، وفي ب: مخفر.<BR>وهو محفر بن ثعلب بن مرة بن خالد، من بني عائذة، من خزيمة بن لؤي، من رجال بني أمية في صدر دولتهم.<BR>نسب قريش: 441 وفيه: مخفر، جمهرة الانساب: 165، الأعلام 5 | 291.<BR>(107) ر. ع: فروى ابن لهيعة، والمثبت من ب.<BR>وابن لهيعة: عبد الله بن لهيعة بن فرعان الحضرمي المصري، ابوعبد الرحمن، محدث مصر وقاضيها، ومن كتاب للحديث والجماعين للعلم والراحلين فيه، توفي بالقاهرة سنة 174 هـ.<BR>الولاة والقضاة 368، النجوم الزاهرة 2/ 77، ميزان الاعتدال 2: 64، الأعلام 4: 115. <BR>________________________________________ الصفحة 209  ________________________________________<BR>فقلت له: يا عبد الله اتق الله ولا تقل مثل هذا، فان ذنوبك لو كانت مثل قطر الأمصار وورق الأشجار فاستغفرت الله غفرها لك، إنه غفور رحيم.<BR>قال: فقال لي: أدن مني حتى أخبرك بقصتي، فأتيته، فقال: إعلم أننا كنا خمسين نفراً ممن سار مع رأس الحسين إلى الشام، فكنا إذا أمسينا وضعنا الرأس في تابوت وشربنا الخمر حول التابوت، فشرب أصحابي ليلة حتى سكروا، ولم أشرب معهم. فلما جن الليل سمعت رعداً ورأيت برقاً، فإذا أبواب السماء قد فتحت، ونزل آدم ونوح وابراهيم وإسحاق وإسماعيل ونبينا محمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين، ومعهم جبرئيل وخلق من الملائكة.<BR>فدنا جبرئيل من التابوت، فأخرج الرأس وضمه إلى نفسه وقبله، ثم كذلك فعل الأنبياء كلهم، وبكى النبي صلى الله عليه وآله على رأس الحسين وعزاه الأنبياء.<BR>وقال له جبرئيل: يا محمد، إن الله تعالى أمرني أن أطيعك في أمتك، فان أمرتني زلزلت الأرض بهم، وجعلت عاليها سافلها كما فعلت بقوم لوط.<BR>فقال النبي صلى الله عليه وآله: لا يا جبرئيل، فإن لهم معي موقفاً بين يدي الله يوم القيامة.<BR>ثم جاء الملائكة نحونا ليقتلونا.<BR>فقلت: الأمان يا رسول الله.<BR>فقال: اذهب، فلا غفر الله لك (108) (109). <BR>____________<BR>(108) ب: فان لهم معي موقفاً بين يدي الله يوم القيامة، قال: ثم صلوا عليه، ثم أتى قوم من الملائكة وقالوا: إن الله تبارك وتعالى أمرنا بقتل الخمسين، فقال لهم النبي: شأنكم بهم، فجعلوا يضربون بالحربات، ثم قصدني واحد منهم بحربته ليضربني، فقلت: الأمان الأمان يا رسول الله، فقال: اذهب لا غفر الله لك، فلما اصبحت رأيت أصحابي كلهم جاثمين رماداً.<BR>(109) جاء بعد هذا في نسخة ع: <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 210  ________________________________________<BR>قال الراوي (110): وسار القوم برأس الحسين عليه السلام ونسائه والأسرى (111) من رجاله، فلما قربوا من دمشق دنت أم كلثوم من الشمر ـ وكان من جملتهم (112) ـ فقالت: لي إليك حاجة. <BR>فقال: وما حاجتك؟<BR>قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في درب قليل الناظرة، وتقدم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنا، فقد خزينا من كثرة النظر (113) إلينا ونحن في هذه الحال.<BR>فأمر في جواب سؤالها: أن تجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل ـ بغياً منه وكفراً ـ وسلك بهم بين النظارة على تلك الصفة، حتى أتى بهم إلى باب دمشق، فوقفوا على درج (114) باب المسجد الجامع حيث يقام السبي.<BR>وروي (115) أن بعض التابعين لما شاهد رأس الحسين عليه السلام بالشام أخفى نفسه شهراً من جميع أصحابه، فلما وجدوه بعد إذ فقدوه سألوه عن سبب ذلك، فقال: <BR>____________<BR>=<BR>ورأيت في تذييل محمد بن النجار شيخ المحدثين ببغداد، في ترجمة علي بن نصر الشبوكي، باسناده زيادة في هذا الحديث ما هذا لفظه: قال: لما قتل الحسين بن علي وحملوا برأسه جلسوا يشربون ويجيء بعضهم بعضاً برأس، فخرجت يد وكتبت بقلم الحديد على الحائط:<BR>أترجو أمة قتلت حسيناً * شفاعة جده يوم الحساب <BR>قال: فلما سمعوا بذلك تركوا الرأس وهزموا.<BR>(110) الراوي، من ع.<BR>(111) ر: والأسارى. والمثبت من ب.ع.<BR>(112) ر: وكانت في جملتهم، والمثبت من ب. ع.<BR>(113) ر: الناظر.<BR>(114) درج، لم يرد في ر.<BR>(115) ب. ع: فروي. <BR>________________________________________ الصفحة 211  ________________________________________<BR>ألا ترون ما نزل بنا، ثم أنشأ يقول: <BR>جاؤوا برأسك يا بــن بنت محمد * متزملاً بدمائـــه تزميـــلا (116)<BR>وكأنما بك يا بـــن بنت محمـد * قتلوا جهاراً عامديــن رســولا <BR>قتلوك عطشاناً ولمـــا يرقبـوا * في قتلك التنزيـــل والتأويــلا <BR>ويكبرون بــــأن قتلت وإنمــا * قتلو بك التكبيــر والتهليــــلا <BR>قال الراوي (118): جاء شيخ، فدنا من نساء الحسين عليه السلام وعياله ـ وهم في ذلك الموضع ـ وقال (119): الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح البلاد من رجالكم وأمكن أمير المؤمنين منكم!!!<BR>فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: «يا شيخ، هل قرأت القرآن؟».<BR>قال نعم.<BR>قال: «فهل عرفت هذه الآية: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلى المودة في القربى)(120)؟»<BR>قال الشيخ: قد قرأت ذلك.<BR>فقال له علي عليه السلام: «نحن (121) القربى يا شيخ، فهل قرأت في بني إسرائيل: <BR>____________<BR>(116) ع: مترملاً بدمائه ترميلاً.<BR>(117) ب: <BR>جاؤوا برأسك يا بن بنت محمد * قتلوا جهــاراً عامدين رسولا<BR>قتلوك عطشانــاً ولما يرقبوا * في قتلك التأويــل والتنزيلا <BR>ويكبرون بـان قتلت وإنمــا * قتلوا بك التكبيــر والتهليلا <BR>(118) الراوي، من ع.<BR>(119) ب: وعياله أقيموا على درج باب المسجد، فقال...<BR>(120) الشورى 42 | 23.<BR>(121) ب. ع: فنحن. <BR>________________________________________ الصفحة 212  ________________________________________<BR>(وآت ذا القربى حقه)؟ (122)».<BR>فقال الشيخ: قد قرأت ذلك.<BR>فقال: «فنحن القربى يا شيخ، فهل قرأت هذه الآية: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى)؟ (123)».<BR>قال: نعم.<BR>فقال عليه السلام: «فنحن القربى (124) يا شيخ، وهل (125) قرأت هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنك الرجس أهل البيت ويطهرك تطهيرا)؟ (126)». <BR>قال الشيخ: قد قرأت ذلك.<BR>فقال عليه السلام: «نحن أهل البيت الذين خصنا الله بآية الطهارة يا شيخ».<BR>قال الراوي (127): بقي الشيخ ساكتاً نادماً على ما تكلم به، وقال تالله (128) إنكم هم؟!<BR>فقال علي بن الحسين عليهما السلام: «تالله (129) إنا لنحن هم من غير شك، وحق جدنا رسول الله صلى الله عليه وآله إنا لنحن هم».<BR>قال: فبكى الشيخ ورمى عمامته، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني <BR>____________<BR>(122) الأسراء 17 | 26.<BR>(123) الأنفال 8 | 41.<BR>(124) ر: نحن أهل القربى. <BR>(125) ر: ولكن هل. والمثبت من ب.<BR>(126) الأحزاب 33 | 33.<BR>(127) الراوي، من ع.<BR>(128) ب. ع: بالله.<BR>(129) ر: وبالله. <BR>________________________________________ الصفحة 213  ________________________________________<BR>أبرء إليك من عدو آل محمد صلى الله عليه وآله من الجن والإنس.<BR>ثم قال: هل لي من توبة؟<BR>فقال له: «نعم، إن تبت تاب الله عليك وأنت معنا».<BR>فقال: أنا تائب.<BR>فبلغ يزيد بن معاوية حديث الشيخ، فأمر به فقتل.<BR>قال الراوي (130): ثم أدخل ثقل الحسين عليه السلام ونساؤه ومن تخلف من أهله على يزيد، وهم مقرنون (131) في الحبال.<BR>فلما وقفوا بين يديه وهم على تلك الحال قال له علي بن الحسين عليهما السلام: «أنشدك الله يا يزيد، ما ظنك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو رآنا على هذه الصفة (132)»، فأمر يزيد بالحبال فقطعت.<BR>ثم وضع رأس الحسين عليه السلام بين يديه، وأجلس النساء خلفه لئلا ينظرن إليه، فرآه علي بن الحسين عليه السلام فلم يأكل الرؤوس بعد ذلك أبداً.<BR>وأما زينب، فإنها لما رأته أهوت إلى جيبها فشقته، ثم نادت بصوت حزين يقرح القلوب: يا حسيناه، يا حبيب رسول الله، يا بن مكة ومنى، يا بن فاطمة الزهراء سيدة النساء، يا بن بنت المصطفى.<BR>قال الراوي (133): فأبكت والله كل من كان حاضراً في المجلس، ويزيد ساكت.<BR>ثم جعلت امرأة من بني هاشم كانت في دار يزيد تندب الحسين عليه السلام وتنادي: <BR>____________<BR>(130) قال الراوي، لم يرد في ر.<BR>(131) ر: مقرنين، بدلاً من: وهم مقرنون.<BR>(132) ب: الحالة.<BR>(133) الراوي، من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 214  ________________________________________<BR>يا حسيناه، يا حبيباه، يا سيداه، يا سيد أهل بيتاه، يا بن محمداه، يا ربيع الأرامل واليتامى، يا قتيل أولاد الأدعياء.<BR>قال الراوي (134): فأبكت كل من سمعها.<BR>قال: ثم دعا يزيد بقضيب خيزران، فجعل ينكث به ثنايا الحسين عليه السلام.<BR>فأقبل عليه أبو برزة الأسلمي (135) وقال: ويحك يا يزيد، أتنكت بقضيبك ثغر الحسين عليه السلام ابن فاطمة؟! أشهد لقد رأيت النبي صلى الله عليه وآله يرشف ثناياه وثنايا أخيه الحسن ويقول: أنتما سيدا شباب أهل الجنة، قتل الله قاتليكما ولعنه وأعد له جهنم وساءت مصيراً.<BR>قال الراوي (136): فغضب يزيد وأمر بإخراجه، فأخرج سحباً.<BR>قال: وجعل يزيد لعنه الله ليتمثل بأبيات ابن الزبعري (137) ويقول: <BR>ليــت أشياخـــي ببدر شهـــدوا * جــزع(138)الخــزرج من وقع الأسل <BR>فأهلوا(139)واستهلــــوا فرحـــاً * ثم قالوا: يــــا يزيــــد لا تشـل <BR>قــــد قتلنا القرم مــن ساداتهــم * وعــدلنــاه ببــدر فـــــاعتدل <BR>____________<BR>(134) الراوي، من ع.<BR>(135) فضلة بن عبيد بن الحارث الأسلمي،غلبت عليه كنيته، اختلف في اسمه، صحابي، من سكان المدينة ثم البصرة، شهد مع علي عليه السلام النهروان، مات بخراسان سنة 65 هـ.<BR>تهذيب التهذيب: 10 | 446، الإصابة ترجمة رقم 8718، الأعلام 8 | 33. <BR>(136) الراوي، من ع.<BR>(137) عبد الله بن الزبعري بن قيس السهمي القرشي، أبوسعد، شاعر قريش في الجاهلية، كان شديداً علىالمسلمين، إلى أن فتحت مكة فهرب إلى نجران، مات سنة 15 هـ.<BR>الأعلام 4 | 87، وراجع من ذكره من مصادر ترجمته.<BR>(138) ر: وقعة. والمثبت من ع.<BR>(139) ع: لأهلوا. <BR>________________________________________ الصفحة 215  ________________________________________<BR>لعبت هاشم بــــالملك فلا * خبر جــــاء ولا وحي نزل <BR>لست مــن خندف إن لم أنتقم * من بني أحمد ما كان فعل (140)<BR>قال الراوي (141): فقامت زينب ابنت علي عليه السلام وقالت (142):<BR>الحمد لله رب العاليمن، وصلى الله على محمد (143) وآله أجمعين، صدق الله كذلك يقول: (ثم كان عاقبة الذين أساؤا السؤى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون) (144)، أظننت يا يزيد ـ حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء (145) ـ أن بنا على الله هواناً، وبك عليه كرامة!! وأن ذلك لعظيم خطرك عنده!! فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك (146)، جذلاً (147) مسروراً،حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، وحين صفا لك ملكنا وسلطاننا، فمهلاً مهلاً، أنسيت قول الله عزوجل: (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ولهم عذاب مهين) (148).<BR>أمن العدل يا بن الطلقاء تخديرك إماءك ونساءك وسوقك (149) بنات رسول <BR>____________<BR>(140) البيتين الأخيرين لم يردا في ر، ووردا في ع.<BR>(141) الراوي، من ع.<BR>(142) ب. ع: بنت علي بن أبي طالب عليه السلام. فقالت.<BR>(143) ب. ع: رسوله.<BR>(144) الروم 30 | 10.<BR>(145) ب: الأسارى. ع: الأسراء. والمثبت من ر.<BR>(146) ر: ونظرت إلى فيء عطفك.<BR>(147) ب. ع: جذلان.<BR>(148) آل عمران 3 | 178.<BR>(149) ب. ع: تحديرك حرائرك وإماءك وسوقك. <BR>________________________________________ الصفحة 216  ________________________________________<BR>الله سبايا؟‍‍‍‍‍‍‍‍!، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن (150) أهل المنازل والمناهل (151)، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد، والدني والشريف، ليس معهن من رجالهن ولي، ولا من حماتهن حمي.<BR>وكيف ترتجى مراقبة من (152) لفظ فوه أكباد الأزكياء، ونبت لحمه بدماء الشهداء؟!<BR>وكيف يستظل في ظلمنا (153) أهل البيت من نظر إلينا بالشنف والشنآن والإحن والأضغان؟!<BR>ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم:<BR>فأهلوا (154) واستهلوا فرحاً * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل <BR>منتحياً (155) على ثنايا أبي عبد الله عليه السلام سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك.<BR>وكيف لا تقول ذلك، وقد نكأت القرحة، واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية محمد صلى الله عليه وآله ونجوم الأرض من آل عبد المطلب؟! وتهتف بأشياخك، زعمت أنك تناديهم!<BR>فلتردن وشيكاً موردهم، ولتودن أنك شللت وبكمت ولم تكن قلت ما قلت <BR>____________<BR>(150) ر: ويتشرفهن.<BR>(151) ب. ر: المناهل والمناقل.<BR>(152) ر: وكيف ترجو مراقبة ابن من.<BR>(153) ب: وكيف يستبطأ في بغضنا. ع: وكيف ويستبطأ في بغضاء.<BR>(154) ب: وأهلوا.ع: لا هلوا.<BR>(155) ر: متخنيا. <BR>________________________________________ الصفحة 217  ________________________________________<BR>وفعلت ما فعلت.<BR>اللهم خذ بحقنا، وانتقم ممن ظلمنا، واحلل غضبك بمن (156) سفك دماءنا وقتل حماتنا.<BR>فوالله ما فريت إلا جلدك، ولاحززت (157) إلا لحمك، ولتردن على رسول الله صلىالله عليه وآله بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته في عترته ولحمته، وحيث يجمع الله شملهم ويلم شعثهم، ويأخذ بحقهم (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون).<BR>وحسبك بالله حاكماً، وبمحمد صلى الله عليه وآله خصيماً، وبجبرئيل ظهيراً، وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين، بئس للظالمين بدلاً وأيكم شر مكاناً وأضعف جنداً.<BR>ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك، أني لأستصغر قدرك، وأستعظم تقريعك، واستكثر توبيخك، لكن العيون عبرى، والصدور حرى.<BR>ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباءبحزب الشيطان الطلقاء، فهذه الأيدي تنضح (158) من دمائنا، والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تتناهبها (159) العواسل وتعفوها أمهات الفراعل، ولئن أتخذتنا مغنماً لتجدنا وشيكاً مغرماً، حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى، وعليه المعول. <BR>____________<BR>(156) ر: واحلل غضبنا على من.<BR>(157) ب: ولا جززت.<BR>(158) ب. ع: تنطف.<BR>(159) ب. ع: تنتابها. <BR>________________________________________ الصفحة 218  ________________________________________<BR>فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب (160) جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها.<BR>وهل رأيك إلا فندا، وأيامك إلا عددا، وجمعك إلا بددا، يوم ينادي المناد: ألا لعنة الله على الظالمين.<BR>فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة.<BR>ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل.<BR>فقال يزيد لعنه الله: <BR>يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون الموت على النوائح <BR>قال الراوي: ثم استشار أهل الشام فيما يصنع بهم.<BR>فقالوا: لا تتخذ من كلب سوء جروا.<BR>فقال له النعمان بن بشير: أنظر ما كان الرسول يصنع بهم فاصنعه بهم.<BR>ونظر رجل من أهل الشام إلى فاطمة ابنت الحسين عليه السلام، فقال: يا أميرالمؤمنين هب لي هذه الجارية.<BR>فقالت فاطمة لعمتها: يا عمتاه أيتمت وأستخدم؟ (161)<BR>فقالت زينب: لا، ولا كرامة لهذا الفاسق.<BR>فقال الشامي: من هذه الجارية؟<BR>فقال له يزيد لعنه الله: هذه فاطمة ابنت الحسين، وتلك عمتها زينب ابنت علي.<BR>فقال الشامي: الحسين بن فاطمة وعلي بن أبي طالب!! <BR>____________<BR>(160) ر: واجهد.<BR>(161) ر: واستخدمت. والمثبت من ع. <BR>________________________________________ الصفحة 219  ________________________________________<BR>قال: نعم.<BR>فقال الشامي: لعنك الله يا يزيد، تقتل عترة نبيك وتسبي ذريته، والله ما توهمت إلا أنهم سبي الروم (162).<BR>فقال يزيد: والله لألحقنك بهم، ثم أمر به فضرب عنقه.<BR>قال الراوي (163): ودعا يزيد لعنه الله بالخاطب، وأمره أن يصعد المنبر فيذم الحسين وأباه صلوات الله عليهما، فصعد، وبالغ في ذم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسين الشهيد، والمدح لمعاوية ويزيد.<BR>فصاح به علي بن الحسين عليه السلام: «ويلك أيها الخاطب، اشتريت مرضاة المخلوق بسخط الخالق، فتبوأ مقعدك من النار».<BR>ولقد أحسن ابن سنان الخفاجي (164) في وصف أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه وأولاده، حيث يقول:<BR>أعلى المنابر تعلنون بسبه * وبسيفه نصبت لكم أعوادها <BR>قال الراوي (165): ووعد يزيد لعنه الله علي بن الحسين عليهما السلام في ذلك اليوم أنه يقضي له ثلاث حاجات.<BR>ثم أمر بهم إلى منزل لا يكنهم من حر ولا بردٍ، فأقاموا فيه حتى تقشرت وجوههم، وكانوا مدة مقامهم في البلد المشار اليه ينحون على الحسين عليه السلام. <BR>____________<BR>(162) ر: سبي ترك الروم.<BR>(163) الراوي، من ع.<BR>(164) عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان، أبو محمد الخفاجي الحلبي، شاعر، أخذ الأدب عن أبي العلاء وغيره، مات بالسم سنة 466 هـ.<BR>الأعلام 4 | 122، وذكر من مصادر ترجمته: فوات الوفيات 1 | 233، النجوم الزاهرة 5 | 96.<BR>(165) الراوي، من ع. </P>

<P><BR>________________________________________ الصفحة 220  ________________________________________<BR>قالت سكينة: فلما كان في اليوم الرابع من مقامنا رأيت في المنام، وذكرت مناماً طويلاً تقول في آخره: ورأيت امرأة راكبة في هودج ويدها موضوعة على رأسها، فسألت عنها، فقيل لي: فاطمة ابنت محمد أم أبيك. <BR>فقلت: والله لأنطلقن إليها ولأخبرنها ما صنع بنا، فسعيت مبادرة نحوها، حتى لحقت بها ووقفت بين يديها أبكي وأقول:<BR>يا أمتاه جحدوا والله حقنا، يا أمتاه بددوا والله شملنا، يا أمتاه استباحوا والله حريمنا، يا أمتاه قتلوا والله الحسين أبانا.<BR>فقالت لي: كفي صوتك يا سكينة، فقد قطعت نياط قلبي، وأقرحت كبدي، هذا قميص أبيك الحسين لا يفارقني حتى ألقى الله به.<BR>وروى ابن لهيعة، عن أبي الأسود محمد بن عبد الرحمن (166) قال: لقيني رأس الجالوت (167) فقال: والله، إن بيني وبين داود عليه السلام سبعين (168) أباً، وإن اليهود تلقاني فتعظمني، وأنتم ليس بينكم وبين نبيكم إلا أب واحد قتلتم ولده (169).<BR>وروي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: «لما أتوا برأس الحسين عليه السلام إلى يزيد لعنه الله، كان يتخذ مجالس الشرب، ويأتي برأس الحسين عليه السلام ويضعه بين يديه <BR>____________<BR>(166) أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل بن الأسود بن نوفل القرشي الأسدي، نزل مصر وحدث بها كتاب المغازي لعروة بن الزبير، روى عن علي بن الحسين والنعمان بن أبي عياش وطائفة، وروى عنه حبوة بن شريح ومالك بن أنس وآخرون، مات سنة بضع وثلاثين ومائة.<BR>سيرة أعلام النبلاء 6 | 150 ترجمة رقم 62.<BR>(167) لم يذكروه.<BR>(168) ب. ع: السبعين.<BR>(169) ب: وأنتم ليس بينكم وبين ابن نبيكم إلا أب واحد قتلتموه. ع: وأنتم ليس بين ابن نبيكم وبينه إلا أب واحد قتلتم ولده. <BR>________________________________________ الصفحة 221  ________________________________________<BR>ويشرب عليه.<BR>فحضر ذات يوم في مجلسه رسول ملك الرم، وكان من أشراف الروم وعظمائهم، فقال: يا ملك العرب، هذا رأس من؟<BR>فقال له يزيد: مالك ولهذا الرأس؟<BR>فقال: إني إذا رجعت إلى ملكنا يسألني عن كل شيء رأيته، فأحببت أن أخبره بقصة هذا الرأس وصاحبه، حتى يشاركك في الفرح والسرور.<BR>فقال له يزيد لعنه الله: هذا رأس الحسين بن علي بن أبي طالب.<BR>فقال الرومي: ومن أمه؟<BR>فقال: فاطمة ابنت رسول الله.<BR>فقال النصراني: أف لك ولدينك، لي دين أحسن من دينك، إن أبي من حوافد داود عليه السلام، وبيني وبينه آباء كثيرة، والنصارى يعظمونني ويأخذون من تراب أقدامي تبركاً بي بأني من حوافد داود عليه السلام، وأنتم تقتلون ابن بنت نبيكم، وليس بينه وبين نبيكم إلاأم واحدة، فأي دين دينكم؟!!<BR>ثم قال ليزيد: هل سمعت حديث كنيسة الحافر؟<BR>فقال له: قل حتى أسمع.<BR>فقال: إن بين عمان (170) والصين (171) بحر مسيره ستة أشهر (172) ليس فيها <BR>____________<BR>(170) بضم أوله وتخفيف ثانيه وآخره نون، اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند... وأكثر أهلها خوارج أباضية... وأهل البحرين بالقرب منهم بضدهم.<BR>وعمان: بالفتح ثم التشديد: بلد في طرف الشام، وكانت قصبة أرض البلقاء...<BR>معجم البلدان 4 | 150 ـ 151.<BR>(171) الصين بالكسر وآخره نون: بلاد في بحر المشرق، مايله إلى الجنوب، وشماليها الترك.<BR>معجم البلدان 3 | 444.<BR>(172) ب. ع: مسيرة سنة. <BR>________________________________________ الصفحة 222  ________________________________________<BR>عمران إلا بلدة واحدة في وسط الماء، طولها ثمانون فرسخاً في ثمانين فرسخاً، ما على وجه الأرض بلدة أكبر منها، ومنها يحمل الكافور والياقوت، أشجارهم العود والعنبر، وهي في أيدي النصارى، لا ملك لأحد من الملوك فيها سواهم، وفي تلك البلدة كنائس كثيرة، أعظمها كنيسة تسمى كنيسة الحافر، في محرابها حقة ذهب معلقة، فيها حافر يقولون: إنه حافر حمار كان يركبه عيسى (173)، وقد زينوا حول الحقة بالذهب والديباج، يقصدها في كل عام عالم من النصارى، ويطوفون حولها ويقبلونها ويرفعون حوائجهم إلى الله تعالى عندها (174)، هذا شأنهم ودأبهم بحافر حمار يزعمون أنه حافر حمار كان يركبه عيسى نبيهم، وأنتم تقتلون ابن ابنت نبيكم، فلا بارك الله فيكم ولا في دينكم.<BR>فقال يزيد: اقتلوا هذا النصراني لئلا يفضحني في بلاده.<BR>فلما احس اليصراني بذلك، قال له: أتريد أن تقتلني؟<BR>قال: نعم.<BR>قال: إعلم أني رأيت البارحة نبيكم في المنام يقول: يا نصراني أنت من أهل الجنة، فتعجبت من كلامه، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.<BR>ثم وثب إلى رأس الحسين عليه السلام، وضمه إلى صدره وجعل يقبله ويبكي حتى قتل».<BR>قال: وخرج زين العابدين عليه السلام يوماً يمشي في أسواق دمشق، فاستقبله المنهال بن عمرو (175)، فقال: كيف أمسيت يا بن رسول الله؟ <BR>____________<BR>(173) ر: نبيهم عيسى.<BR>(174) عندها، من ع.<BR>(175) في ر: المنهال بن عمر.<BR>وهو: المنهال بن عمرو الأسدي، عده الشيخ بهذا العنوان تارة في أصحاب الحسين عليه السلام، <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 223  ________________________________________<BR>قال: «أمسينا كمثل بني اسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم. <BR>يا منهال أمست العرب تفتخر على العجم بأن محمداً عربي، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمداً منها، وأمسينا معشر أهل بيته ونحن مغصبون مقتلون مشردون، فإنا لله وانا إليه راجعون مما أمسينا فيه يا منهال».<BR>ولله در مهيار (176) حيث يقول:<BR>يعظمون له أعواد منبره * وتحت أقدامهم أولاده وضعوا <BR>بأي حكم بنوه يتبعونكم * وفخركم أنكم صحب له تبع <BR>ودعا يزيد يوماً بعلي بن الحسين عليهما السلام وعمرو بن الحسن (177)، وكان عمرو صغيراً يقال: إن عمره إحدى عشرة سنة. <BR>____________<BR>=<BR>وأخرى في أصحاب علي بن الحسين عليه السلام، وعده بزيادة كلمة مولاهم في أصحاب الباقر عليه السلام، وعده في أصحاب الصادق عليه السلام أيضاً قائلاً: المنهال بن عمرو الأسدي مولاهم كوفي، روى عن علي ابن الحسين وأبي جعفر وأبي عبد الله عليهم السلام.<BR>وعده البرقي في أصحاب علي ابن الحسين عليه السلام.<BR>روى عن الاصبغ، وروى عنه علي بن عباس...<BR>معجم رجال الحديث 19 | 8.<BR>(176) مهايار بن مرزويه، أبو الحسن أو أبو الحسين، الديلمي، شاعر كبير، في معانيه ابتكار وفي اسلوبه قوة، فارسي الأصل، من أهل بغداد، أسلم على يد الشريف الرضي، وهو شيخه وعليه تخرج في الشعر والأدب، توفي في بغداد سنة 428 هـ.<BR>الأعلام 7 | 317، وذكر من مصادر ترجمته: تاريخ بغداد 13 | 276، المنتظم 8 | 94، البداية والنهاية 12 | 41، وغيرها.<BR>(177) ع: الحسين.<BR>ومرت ترجمته في هامش رقم(11) من هذا الفصل. <BR>________________________________________ الصفحة 224  ________________________________________<BR>فقال له: أتصارع هذا، يعني ابنه خالداً (178)؟<BR>فقال له عمرو: لا، ولكن أعطني سكيناً وأعطه سكيناً، ثم أقاتله.<BR>فقال يزيد لعنه الله: <BR>شنشنة أعرفها من أخزم * هل تلد الحية إلا الحية <BR>وقال لعلي بن الحسين عليه السلام: أذكر حاجتك الثلاث التي وعدتك بقضائهن؟<BR>فقال له:<BR>«الأولى: أن تريني وجه سيدي ومولاي الحسين فأتزود منه وأنظر إليه وأودعه.<BR>والثانية: أن ترد علينا ما أخذ منا.<BR>والثالثة: إن كنت عزمت على قتلي أن توجه مع هؤلاء النسوة من يردهن إلى حرم جدهن صلى الله عليه وآله».<BR>فقال: أما وجه أبيك فلن تراه أبداً، وأما قتلك فقد عفوت عنك، وأما النساء فلا يردهن إلى المدينة غيرك، وأما ما أخذ منكم فإني أعوضكم عنه أضعاف قيمته.<BR>فقال عليه السلام: «أما مالك فلا نريده، وهو موفر عليك، وإنما طلبت ما أخذ منا، لأن فيه مغزل فاطمة بنت محمد ومقنعتها وقلادتها وقميصها».<BR>فأمر برد ذلك، وزاد عليه مأتي دينار، فأخذها زين العابدين عليه السلام وفرقها على الفقراء والمساكين. <BR>____________<BR>(178) خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، أبو هاشم القرشي الأموي، روى عن أبيه وعن دحية ولم يلقه، قيل: توفي سنة 84 هـ أو 85 هـ، وقيل سنة 90 هـ.<BR>سير أعلام النبلاء 4 | 382. <BR>________________________________________ الصفحة 225  ________________________________________<BR>ثم أمر برد الاسارى وسبايا البتول (179) إلى أوطانهم بمدينة الرسول.<BR>وأما رأس الحسين عليه السلام، فروى أنه أعيد فدفن بكربلاء مع جسده الشريف صلوات الله عليه، وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه.<BR>ورويت آثار كثيرة مختلفة غير ما ذكرناه تركناها لئلا نفسخ (180) ما شرطناه من اختصار الكتاب.<BR>قال الراوي (181): ولما رجع نساء الحسين عليه السلام وعياله من الشام وبلغوا إلى العراق، قالوا للدليل: مر بنا على طريق كربلاء.<BR>فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري (182) رحمه الله وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل الرسول صلى الله عليه وآله قد وردوا لزيارة قبر الحسين عليه السلام، فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، واجتمعت إليهم نساء ذلك السواد، وأقاموا على ذلك أياماً.<BR>فروي عن أبي جناب الكلبي (183) قال: حدثني الجصاصون قالوا: كنا نخرج <BR>____________<BR>(179) ع: وسبايا الحسين عليه السلام.<BR>(180) ب. ع: تركنا وضعها كيلا ينفسخ.<BR>(181) الراوي، من ع.<BR>(182) جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الخزرجي الأنصاري السملي، المتوفى سنة 78 هـ، صحابي، روى عن النبي (ص) الكثير، وروى عنه جماعة من الصحابة، غزا تسع عشرة غزوة، كانت له في أواخر أيامه حلقة في المسجد النبوي يؤخذ عنه العلم.<BR>رجال الشيخ: 72، الأعلام 1 | 213، الإصابة 1 | 213،تهذيب الأسماء 1 | 142.<BR>(183) في النسخ المتعمدة: أبي حباب الكلبي، والمثبت هو الصحيح.<BR>وهو يحيى بن أبي حية الكلبي الكوفي، حدث عن أبيه والشعبي وأبي إسحاق السبيعي وغيرهم، <BR>=<BR>________________________________________ الصفحة 226  ________________________________________<BR>إلى الجبانة (184) في الليل عند مقتل الحسين عليه السلام، فنسمع الجن ينحون عليه فيقولون: <BR>مسح الرسول جبينه * فله بريق في الخدود <BR>أبواه من علياً قريش * جده خير الجدود <BR>قال الراوي (185): ثم انفصلوا من كربلاء طالبين المدينة.<BR>قال بشير بن حذلم (186): فلما قربنا منها نزل علي بن الحسين عليهما السلام، فحط رحله وضرب فسطاطه وأنزل نساءه.<BR>وقال: «يا بشر (187)، رحم الله أباك لقد كان شاعراً، فهل تقدر على شيء منه؟».<BR>قلت: بلى يا بن رسول الله إني لشاعر.<BR>قال: «فادخل المدينة وانع أبا عبد الله عليه السلام».<BR>قال بشر: فركبت فرسي وركضت حتى دخلت المدينة، فلما بلغت مسجد <BR>____________<BR>=<BR>روى عنه عبد الرحمن المحرابي وغيره.<BR>الإكمال 2 | 134.<BR>(184) بالكسر ثم التشديد، وهي عدة محال بالكوفة، منها جبانة كندة مشهورة، وجبانة السبيع كان بها يوم للمختار ابن عبيد، وجبانة ميمون...، وجبانة عرزم...، وجبانة سالم...، وغير هذه، وجميعها بالكوفة.<BR>معجم البلدان 2 | 99 ـ 100.<BR>(185) الراوي، من ع.<BR>(186) في ر: بشر بن خديم، وفي ب: بشير بن حذلم، وفي ع: بشير بن جذلم.<BR>ولم أجد من ترجمه أو ضبط اسمه،نعم ذكره بعض المتأخرين معتمداً في ترجمته على كتاب الملهوف.<BR>(187) ب: يا بشير، وكذا في الموارد الآتية. <BR>________________________________________ الصفحة 227  ________________________________________<BR>النبي صلى الله عليه وآله رفعت صوتي بالبكاء، وأنشأت أقول:<BR>يا أهل يثرب لا مقام لكم بها * قتل الحسين فأدمعي مدرار <BR>الجسم منه بكربلاء مضرج * والرأس منه على القناة يدار <BR>قال: ثم قلت: هذا علي بن الحسين مع عماته وأخواته قد حلوا بساحتكم ونزلوا بفنائكم، وأنا رسوله إليكم أعرفكم مكانه.<BR>قال: فما بقيت في المدينة مخدرة ولا محجبة إلا برزن من خدورهن، مكشوفة شعورهن مخمشة وجوههن، ضاربات (188) خدودهن، يدعون بالويل والثبور، فلم أر باكياً ولا باكية أكثر من ذلك اليوم، ولا يوماً أمر على المسلمين منه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.<BR>وسمعت جارية تنوح على الحسين وتقول:<BR>نـعى ســيدي نـاع نـعـاه فـأوجـعا * فـأمرضني (189) نـاع نـعاه فـأفجعـا <BR>أعـيني جـودا بـالـمدامع(190) واسـكبا * وجـودا بـدمـع بـعد دمـعكـما مـعا <BR>على من دهى (191) عرش الجليل فزعزعا * وأصبح أنف الـدين والمجــد أجدعا (192) <BR>____________<BR>(188) ر: لاطمات.<BR>(189) ب. ع: وأمرضني.<BR>(190) ب. ع: فعيني جودا بالدموع.<BR>(191) ر: وهى.<BR>(192) ب. ع: فأصبح هذا المجد والدين أجدعا. <BR>________________________________________ الصفحة 228  ________________________________________<BR>على ابن نبي الله وابن وصيه * وإن كان عنا شاحط الدار أشسعا <BR>ثم قالت: أيها الناعي جددت حزننا بأبي عبد الله عليه السلام، وخدشت منا قروحاً لما تندمل، فمن أنت يرحمك الله؟<BR>قلت: أنا بشير بن حذلم (193) وجهني مولاي علي بن الحسين، وهو نازل موضع كذا وكذا مع عيال أبي عبد الله الحسين عليه السلام ونسائه.<BR>قال: فتركوني مكاني وبادروا، فضربت فرسي حتى رجعت إليهم، فوجدت الناس قد أخذوا الطرق والمواضع، فنزلت عن فرسي وتخطيت رقاب الناس، حتى قربت من باب الفسطاط، وكان علي بن الحسين عليهما السلام داخلاً، فخرج ومعه خرقة يمسح بها دموعه، وخلفه خادم معه كرسي، فوضعه له وجلس عليه وهو لا يتمالك من العبرة، فارتفعت اصوات الناس بالبكاء وحنين الجواري والنساء، والناس (194) من كل ناحية يعزونه، فضجت تلك البقعة ضجة شديدة.<BR>فأومأ بيده أن اسكتوا (195)، فسكنت فورتهم.<BR>فقال عليه السلام «الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، بارئ الخلائق أجمعين، الذي بعد فارتفع في السموات العلى، وقرب فشهد النجوى، نحمده على عظائم الأمور، وفجائع الدهور، وألم الفواجع، ومضاضة اللواذع، وجليل الرزء، وعظيم المصائب الفاظعة الكاظة الفادحة الجائحة. <BR>____________<BR>(193) ر: بشر بن خديم. ع: بشير بن جذلم.<BR>(194) قوله: وحنين الجواري والنساء والناس، لم يرد في ر.<BR>(195) ر: اسكنوا. <BR>________________________________________ الصفحة 229  ________________________________________<BR>أيها القوم (196)، إن الله تعالى وله الحمد ابتلانا بمصائب جليلة، وثلمة في الاسلام عظيمة: قتل أبو عبد الله عليه السلام وعترته، وسبي نساؤه وصبيته، وداروا برأسه في البلدان من فوق عامل السنان، وهذه الرزية التي لا مثلها (197) رزية.<BR>أيها الناس، فأي رجالات منكم يسرون بعد قتله؟! (198) أم أية عين منكم تحبس دمعها وتضن عن انهمالها؟!<BR>فلقد بكت السبع الشداد لقتله، وبكت البحار بأمواجها، والسموات بأركانها، والأرض بأرجائها، والأشجار بأغصانها، والحيتان في لجج (199) البحار، والملائكة المقربون وأهل السموات أجمعون.<BR>أيها الناس، أي قلب لا ينصدع (200) لقتله؟! أم أي فؤاد لا يحن إليه؟! أم أي سمع يسمع (201) هذه الثلمة التي ثلمت في الاسلام ولا يصم؟!<BR>أيها الناس، أصبحنا مطرودين مشردين مذودين شاسعين عن الأمصار، كأننا أولاد ترك أو كابل (202)، من غير جرم اجترمناه، ولا مكروه ارتكبناه، ولا ثلمة في الاسلام ثلمناها، ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين، إن هذا إلا اختلاق.<BR>والله، لو أن النبي صلى الله عليه وآله تقدم إليهم في قتالنا كما تقدم إليهم في الوصاية (203) بنا لما <BR>____________<BR>(196) ب: الناس.<BR>(197) ر: ما مثلها.<BR>(198) جاء في ع بعد هذه العبارة: أم أي فؤاد لا يحزن من أجله.<BR>(199) ب. ع: ولجج.<BR>(200) ر: لا يتصدع.<BR>(201) ر: سمع.<BR>(202) ر: أيها الناس أصبحنا مشردين مذودين شاسعين على الأمصار..... ب. ع: أيها الناس أصبحنا مطرودين مشردين مذودين وشاسعين عن الأمصار كأنا أولاد ترك وكابل.<BR>(203) كذا في ع. وفي ر: الوصاة. وفي ب: الوصاءة. <BR>________________________________________ الصفحة 230  ________________________________________<BR>زادوا (204) على ما فعلوا بنا، فإنا لله وأنا إليه راجعون، من مصيبة ما أعظمها وأوجعها وأفجعها وأكظها أفظعها وأمرها وأفدحها، فعند الله نحتسب فيما أصابنا وابلغ بنا، إنه عزيز ذو انتقام».<BR>قال الراوي (205): فقام صوحان بن صعصعة بن صوحان (206) ـ وكان زمناً ـ فاعتذر إليه صلوات الله عليه بما عنده من زمانة رجليه، فأجابه بقبول معذرته وحسن الظن به وشكر له وترحم على أبيه.<BR>قال علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن طاووس جامع هذا الكتاب: ثم إنه صلوات الله عليه رحل إلى المدينة بأهله وعياله، نظر إلى منازل قومه ورجاله، فوجد تلك النازل تنوح بلسان أحوالها، وتبوح بإعلان الدموع وإرسالها، لفقد جماتها ورجالها، وتدب عليهم ندب الثواكل، وتسأل عنهم أهل المناهل، وتهيج أحزانه على مصارع قتلاه، وتنادي لأجلهم: وا ثكلاه، وتقول:<BR>يا قوم، أعينوني على النياحة والعويل، وساعدوني على المصاب الجليل، فان القوم الذين أندب لفراقهم وأحن إلى كرم أخلاقهم، كانوا سمار ليلي ونهاري، وأنوار ظلمي وأسحاري، وأطناب شرفي وافتخاري، وأسباب قوتي وانتصاري، والخلف من شموسي وأقماري. <BR>____________<BR>(204) ب: ازدادوا.<BR>(205) الراوي، من ع.<BR>(206) أما أبوه صعصعة بن صوحان، فأكثر كتب التاريخ ذكرته وانه من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام، وأما الابن صوحان ابن صعصعة، فلم أجد من ترجمه حسب تفحصي، وبعض من ترجمه اعتمد في ترجمته على هذا المقطع من كتاب الملهوف. <BR>________________________________________ الصفحة 231  ________________________________________<BR>كم ليلة شردوا بإكرامه (207) وحشتي، وشيدوا بإنعامهم حرمتي، واسمعوني مناجاة أسحارهم، وأمتعوني بإيداع أسرارهم؟<BR>وكم يوم عمروا ربعي بمحافلهم، وعطروا طبعي بفضائلهم، وأورقوا عودي بماء عهودهم، وأذهبوا نحوسي بنماء سعودهم؟<BR>وكم غرسوا لي من المناقب، وحرسوا محلي من النوائب؟<BR>وكم أصبحت بهم أتشرف على المنازل والقصور، وأميس في ثوب الجذل والسرور؟<BR>وكم أعاشوا في شعابي من أموات الدهور، وكم انتاشوا على أعتابي من رفات (208) المحذور.<BR>فقصدني فيهم سهم الحمام، وحسدني عليهم حكم الأيام، فأصبحوا غرباء بين الأعداء، وغرضاً لسهام الإعتداء، وأصبحت المكارم تقطع بقطع أناملهم، والمناقب تشكو لفقد شمائلهم، والمحاسن تزول بزوال أعضائهم، والأحكام تنوح لوحشة أرجائهم.<BR>فيالله من ورع أريق دمه في تلك الحروب، وكمال نكس علمه بتلك الخطوب.<BR>ولئن عدمت مساعدة أهل المعقول، وخذلني عند المصاب جهل العقول، فإن لي مسعداً من السنن الدارسة والأعلام الطامسة، فإنها تندب كندبي وتجد مثل وجدي وكربي.<BR>فلو سمعتم كيف ينوح عليهم لسان حال الصلوات، ويحن إليهم إنسان <BR>____________<BR>(207) ر: بإلمامهم.<BR>(208) ر: رقاب. <BR>________________________________________ الصفحة 232  ________________________________________<BR>الخلوات، وتشتاقهم طوية المكارم، وترتاح إليهم ندية الأكارم، وتبكيهم محاريب المساجد، وتناديهم ميازيب الفوائد (209)، لشجاكم سماع تلك الواعية النازلة، وعرفتم تقصيركم في هذه المصيبة الشاملة.<BR>بل، لو رأيتم وجدي وأنكساري وخلو مجالسي وآثاري، لرأيتم ما يوجع قلب الصبور ويهيج أحزان الصدور، ولقد شمت بي من كان يحسدني من الديار وظفرت بي أكف الأخطار.<BR>فيا شوقاه إلى منزل سكنوه، ومنهل (210) أقاموا عنده وأستوطنوه، ليتني كنت إنساناً أقيهم حز السيوف، وأدفع عنهم حر الحتوف، وأحول بينهم وبين أهل الشنآن (211)، وأرد عنهم سهام العدوان.<BR>وهلا إذ فاتني شرف تلك المواساة الواجبة، كنت محلاً لضم جسومهم الشابحة، وأهلاً لحفظ شمائلهم من البلاء، ومصوناً من روعة هذا الهجر والقلاء.<BR>فآه ثم آه، لو كنت مخطأ لتلك الأجساد ومحطاً لنفوس أولئك الأجواد، لبذلت في حفظها غاية المجهود، ووفيت لها بقديم العهود، وقضيت له بعض الحقوق الأوائل، ووقيتها جهدي من وقع تلك الجنادل وخدمتها خدمة العبد المطيع، وبذلت لها جهد المستطيع، وفرشت لتلك الخدود والأوصال فراش الإكرام والإجلال، وكنت أبلغ منيتي من أعتناقها، وأنور ظلمتي بإشراقها.<BR>فيا شوقاه إلى تلك الأماني، ويا قلقاه لغيبة أهلي وسكاني، فكل حنين يقصر عن حنيني، وكل دواء غيرهم لا يشفيني، وها أنا قد لبست لفقدهم أثواب <BR>____________<BR>(209) ر: وتدبهم ميازيب الفوائد، ع: وتناديهم مارب.<BR>(210) ر: وسهل. <BR>(211) ع: أشفي غيظي من أهل السنان. <BR>________________________________________ الصفحة 233  ________________________________________<BR>الأحزان، وأنست من بعدهم بجلباب الأشجان، ويئست أن يلم بي التجلد والصبر، وقلت: يا سلوة الأيام موعدك الحشر.<BR>ولقد أحسن ابن قتة (212) رحمة الله عليه، وقد بكى على المنزال المشار إليها (213)، فقال: <BR>مررت علــى أبيــات آل محمــد * فلــم أرهــا أمثالهــا يوم حلــت <BR>فلا يبعــد الله الديـــار وأهلهـــا * وإن أصبحت منهم برغمي (214) تخلت <BR>ألا إن قتلـى الطــف مـن آل هاشم * أذلــت رقاب المسلميـــن فذلــت <BR>وكانوا غياثاً ثم أضحــوا رزيـــة * لقد عظمــت تلك الرزايا وجلـــت <BR>ألم تر أن الشمس أضحــت مريضـة * لفقــد حسين والبلاد اقشعــــرت <BR>فاسلك أيها السامع بهذا المصاب مسلك القدوة من حملة الكتاب.<BR>فقد روي عن مولانا زين العابدين عليه السلام ـ وهو ذو الحلم الذي لا يبلغ الوصف إليه ـ أنه كان كثير البكاء لتلك البلوى، عظيم البث والشكوى.<BR>فروي عن الصادق عليه السلام إنه قال: «إن زين العابدين عليه السلام بكى على أبيه أربعين سنة، صائماً نهاره قائماً ليله، فإذا حضره الإفطاء جاء غلامه بطعامه وشرابه فيضعه بين يديه، فيقول: كل يا مولاي، فيقول: قتل ابن رسول الله جائعاً، قتل ابن رسول الله عطشاناً، فلا يزال يكرر ذلك ويبكي حتى يبل طعامه من دموعه <BR>____________<BR>(212) في ر: ابن قبة، وفي ع: ابن قتيبة، والصحيح: ابن قتة.<BR>وهو سليمان بن قتة العدوي التيمي، مولى بني تيم بن مرة، توفي بدمشق سنة 126 هـ، وكان منقطعاً إلى بني هاشم.<BR>سير أعلام النبلاء 4 | 596، وذكر أن قتة اسم أمه، وذكره أيضاً وفي أدب الطف 1 | 54. <BR>(213) ر: على المنزل المشار إليه.<BR>(214) ع: بزعمي. <BR>________________________________________ الصفحة 234  ________________________________________<BR>ويمتزج شرابه منها، فلم يزل كذلك حتى لحق بالله عز وجل».<BR>وحدث مولى له عليه السلام أنه برز إلى الصحراء يوماً، قال: فتبعته، فوجدته قد سجد على حجارة خشنة، فوقفت وأنا أسمع شهيقه وبكاءه، وأحصيت عليه ألف مرة يقول: «لا إله إلا الله حقاً حقاً لا إله إلا الله تعبداً ورقاً لا إله إلا الله إيماناً وصدقاً».<BR>ثم رفع رأسه من سجوده، وأن لحيته ووجهه قد غمرا من الدموع.<BR>فقلت: يا مولاي، أما آن لحزنك أن ينقضي؟ ولبكائك أن يقل؟<BR>فقال لي: «ويحك، إن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام كان نبياً ابن نبي ابن نبي له اثنى عشر ابناً، فغيب الله سبحانه واحداً منهم فشاب رأسه من الحزن واحدودب ظهره من الغم والهم وذهب بصره من البكاء وابنه (215) حي في دار الدنيا، وأنا رأيت (216) أبي وأخي وسبعة عشر من أهل بيتي صرعى مقتولين، فكيف ينقضي حزني ويقل بكائي؟!».<BR>وها أنا أتمثل وأشير إليهم صلوات الله وسلامه عليهم، فأقول:<BR>من مخبر الملبسينـــا بانتزاحهـــم * ثوباً من الحزن لا يبلــى ويبلينــــا <BR>إن الزمان الذي قــد كان يضحكنـــا * بقربهم صار بالتفريــــق يبكينـــا <BR>حالت لفقدانهم أيامنـــا فغــــدت * سوداً وكانت بهم بيضــــاً ليالينــا <BR>وهاهنا منتهى ما أردناه وآخر ما قصدناه، ومن وقف على ترتيبه ورسمه مع أختصاره وصغر حجمه عرف تمييزه على أبناء جنسه وفهم فضيلته في نفسه.<BR>والحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه على محمد وآله الطيبين الطاهرين. <BR>____________<BR>(215) ر: وولده.<BR>(216) ب: فقدت. </P>

<P><BR> </P>

Continue Reading

You'll Also Like

139K 3.3K 48
المقدمة الدنيا دي عبارة عن بحور كتير واحنا بنعدي فيها من بحر لبحر ساعات البحر بتكون أمواجه هادية فنعدي منه بسلام وساعات البحر بتكون امواجه عالية وخط...
115K 4.9K 46
:-مكان مليئ بلسـواد عتـم طفـولتـي ك طفـلة تـلعـب مـع الأطـفـال اسـتحـقـࢪ دمـعـتـي علـى أبـي.. هـو سبـب سـيل دمـاء أبـي علـى يـدي تـلـك روية عربي...
462K 12.8K 45
المُنتصف المُميت!! أن تفقد القدرة على الأبتسامة من القلب، فلا تملك سوى أبتسامة المهرج " الأبتسامة الضاحكة الباكية " المُنتصف المُميت!! أن تُجبرك الظر...
36.4K 2.5K 37
فتاه تجبرها الظروف على اتاخذ قرار صعب ! تنكرها بولد ودخولها لمدرسة عيال . القصه جداً غير عن القصص الي تشبها من العنوان اتمنى تنال اعجابكم . الكتابه:...