حكايات شعبه-2

By zohair22

1.5K 4 0

More

حكايات شعبه-2

1.5K 4 0
By zohair22

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

بركة الذهب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الرجال ابنة وحيدة، رباها فأحسن تربيتها، وتقدم إليها خطاب كثير، ولكن لم يتمكن أحد من سداد مهرها، إذ كان أبوها يطلب ملء بركة البيت ذهباً. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم تقدم إليه رجل أعلن عن استعداده لملء البركة ذهباً، على شرط أن يسمح لها أبوها بالسفر مع زوجها، فوافق الأب، وكان له ما أراد، إذ ملأ الزوج البركة ذهباً، ثم أخذ عروسه وسافر بها. </P>

<P dir=rtl>وفي بلدة بعيدة أسكنها الزوج في بيت منعزل، وكان كلما خرج أقفل عليها باب الدار، فتبقى وحيدة، لا تجد من يسليها أو يؤانسها، فأحضرت كرسيّاً وغطته بملاءة بيضاء، وأخذت تحدثه كأنه عجوز تأنس به، وكانت تبث هذا الكرسي شكواها وألمها، وكانت هي نفسها تتكلم بلسان الكرسي، فتقول لنفسها: "لا بأس، اصبري، واحمدي ربك، واشكريه، فزوجك كريم، وهو يحضر لك كل ما تطلبين، وإذا كان غيابه عن البيت يطول، فطبيعة عمله تقتضي ذلك، فهو تاجر، كثير الأسفار، ولا بد من التضحية والصبر". </P>

<P dir=rtl>وهكذا مرت الأيام، فإذا هي حامل، ثم وضعت ولداً كأنه القمر، ولما رجع الزوج من السفر، لم يظهر أي علامة من علائم الفرح بالولد، بل حمله، وأعطاه لخادم كان يرافقه دائماً، وطلب منه أن يذبحه، ويأتي بلحمه مطبوخاً، ثم طلب من زوجته أن تشاركه في تناول الطعام مما أحضره ذلك الخادم. </P>

<P dir=rtl>ومكث معها بضعة أيام، ثم سافر كعادته، وشاءت الأقدار أن تحمل ثانية، ولم تلبث حتى وضعت ولداً، ولما رجع الزوج من السفر ورآه، فعل به مثل ما فعل بالأول، والزوجة صابرة، لا تجد سوى الكرسي، تغطيه بالملاءة، ثم تلجأ إليه، تبثه ما بنفسها من حزن، ثم تتكلم هي نفسها بلسانه، لتقنع نفسها، وتجد بعض التسلية والعزاء. </P>

<P dir=rtl>ومرة ثالثة حملت، ووضعت ولداً، كان مصيره كمصير أخويه، والزوجة ما تزال صابرة. </P>

<P dir=rtl>ثم طالت غيبة الزوج، وأخذ يغيب عنها سنة أو سنتين، فيقعد معها بضعة أيام، ثم يسافر ثانية وهكذا مر ما يقارب العشرين عاماً. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم فاجأها الزوج بدعوته إلى الخروج معه، وكانت قد اعتادت الحبس في بيتها، فترددت، ولكنها انصاعت، وخرجت معه، فأخبرها أنه سيأخذها إلى قريب له، بمناسبة زواج أولاده الثلاثة، وطالبها أن تشارك أهله أفراحهم. </P>

<P dir=rtl>ودخلت الزوجة على القوم وهي مضطربة، فرأت ثلاثة شبّان كالأقمار، وهم يزفون إلى عرائسهم، فتحدّرت من عينها دمعة، وذكرت أولادها، وقالت في نفسها، لو كان أولادي على قيد الحياة، لكانوا الآن في عمر هؤلاء الشبان، وكان زوجها إلى جانبها، فرأى الدمعة على خدّها، فمسحها بيده، ثم قال لها "هؤلاء هم أولادك". </P>

<P dir=rtl>ثم عرّفها إليهم، فعانقتهم وهي تبكي، وسرّت بهم السرور كله، وأقامت مع زوجها معهم ثلاثة أيام تشاركهم الأفراح، ثم رجعت إلى دارها، وأقام معها زوجها، وترك الأسفار، ليعيشا معاً في سعادة وهناءة. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية ضرورة صبر المرأة وتحملها ما تقاسيه مع زوجها من عناء العيش وصعوبته لتكون العقبى لها، فتسعد بعد طول صبر. </P>

<P dir=rtl>كما تؤكد ضرورة تربية البنت وإعدادها أحسن إعداد لحياة الزوجية على الرغم مما قد يكون فيها من قسوة. </P>

<P dir=rtl>ولكن الحياة تبالغ في ذلك كله، وتقدم شخصيات وحوادث متطرّفة، ليست الغاية منها الإقناع، وإنما الغاية منها إثارة الانفعال وضرب المثل. </P>

<P dir=rtl>وتبدو الحكاية موجهة بصورة أساسية للبنات، كي تعلمهن الصبر، وتوحي لهن بأن الطريق قد تكون شاقة وطويلة، ولكنها تؤكد أن النهاية ستكون هانئة وسعيدة. </P>

<P dir=rtl>ولكن ذلك الأسلوب التربوي ليس سليماً، لأنه يرسخ السلبية والعجز والتخاذل، وليست سليمة أيضاً الأفكار التي تطرحها الحكاية، لأنها أفكار ترسّخ سيطرة الرجل على المرأة وظلمه لها. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تعبر عن مرحلة تاريخية كان المجتمع على ما يبدو يعاني من الفقر والتخلف والظلم، ومن المؤسف أن تظهر مثل هذه الحكايات لتدعو الفرد ولا سيما المرأة إلى مزيد من الخضوع لترسيخ ما في ذلك المجتمع من فقر وتخلف وظلم، ومما يزيد الأمر سوءاً اتخاذ الحكاية القيم والأخلاق وسيلة لذلك كله بدعوى تربية البنت وحسن إعدادها. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تعكس أيضاً سيطرة الذهب إذ تعدّه معادلاً لقيمة عليا هي الإنسان، وهذا يؤكد مرة أخرى سيطرة المادة وغياب القيم، كما يؤكد واقع التخلف والجهل والظلم. </P>

<P dir=rtl>وتظهر في الحكاية البنية الثلاثية، كما يظهر فيها عنصر المفاجأة والإدهاش، ولكنه مبني على المبالغة والافتعال. والحكاية تشبه شبهاً كبيراً حكاية عنوانها: "ثمن الذهب"، ولعلها هي نفسها، ولكن برواية أخرى. </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ابن الملك وبنت الراعي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك كان عنده ولد وحيد، رباه خير تربيه، وعلمه الفروسية والمبارزة، وأحضر له الأساتذة والمعلمين، ولما شب وكبر عن الطوق، دعاه الملك إليه، وأخبره أنه يريد تزويجه، فلينظر أي فتاة يختار لنفسه، فطلب من أبيه أن يترك الأمر للأقدار. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم، بينما كان في الصيد، إذ بعد عن الخدم والأصحاب، فضلّ وتاه، وأخذ يبحث عن طريق العودة، وبينما هو كذلك، رأى خيمة بعيدة، قصدها، فخرجت إليه صبية حسناء، رحبت به، وأضافته، وقدمت له اللبن والتمر، فوجد فيها الذكاء والجمال، وحسن الخلق وحسن التدبير، فلما سألها عن أبويها، أخبرته أن أمها ماتت منذ زمن، وأن أباها خرج ليرعى الغنم، فشكر لها حسن ضيافتها، وطلب منها أن تدله على الطريق، ثم ودعها ومضى في سبيله، ولم تسأله من هو ومن يكون تقديراً منها لحق الضيف. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>وأسرع إلى أبيه الملك يخبره عن الفتاة، ورغبته في الزواج منها، ثم دل الجند على موضع الخيمة، فجاؤوا بوالد الفتاة، وأخبره الملك برغبة ابنه في الزواج من ابنته، فأجاب والد الفتاة أن عليه أن يسألها رأيها قبل أن ينطق بشيء. </P>

<P dir=rtl>ورجع الراعي إلى ابنته، وحدثها عن رغبة ابن الملك في الزواج منها، وأخبرها أنه هو نفسه الفتى الذي كانت قد أضافته في الخيمة، فطلبت من والدها أن يرجع إلى الملك ليسأله عن عمل ابنه، ولما رجع الراعي إلى الملك وسأله، دهش الملك، وقال له: "ابن الملك لا يعمل شيئاً، هو ابن الملك، وسيرث من بعده العرش". </P>

<P dir=rtl>ورجع الراعي إلى ابنته ليخبرها بجواب الملك، فطلبت من أبيها أن يرجع إلى الملك ليخبره أنه لا مانع لديها من الزواج من ابن الملك، ولكن على شرط أن يكون له عمل، وإذا كان جاداً حقاً في رغبته في الزواج منها، فليتقن مهنة ما، وليعد بعد ذلك إلى خطبتها. </P>

<P dir=rtl>ورجع الراعي إلى الملك، وأخبره بالجواب، فدهش الملك، ولكن الابن طلب من الراعي أن يخبر ابنته أنه يعدها بأن يتعلم مهنة لأجلها. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ونزل ابن الملك إلى الأسواق، وأخذ يتأمل المحلات والمتاجر والبضائع والحاجات، فأعجبه السجّاد فعزم على تعلم صناعته، وهكذا أحضر إلى القصر نولاً وأصوافاً ونساجين، وأخذ يتعلم تلك المهنة. </P>

<P dir=rtl>ولما أتقنها أرسل الجند إلى الراعي ليخبروه بذلك، وعندئذ وافقت ابنته، وتمت الخطبة، ثم أقيمت الأفراح، وتمّ زفاف ابنة الراعي إلى ابن الملك. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام وهما يعيشان في هناءة وسرور، ولا يكدّر صفو عيشهما شيء، ولكن ذات يوم أغار ملك مجاور على المملكة، فهزم الجند، واستولى على العرش، وهرب الملك مع ابنه وزوجته، ولجؤوا إلى بلاد أخرى، وقد تنكروا، حتى لا يعرف أمرهم أحد، وكانوا قد غادروا البلاد على عجل، من غير أن يحملوا شيئاً من الذهب أو الجواهر. </P>

<P dir=rtl>وهنا ظهرت قيمة المهنة التي كان ابن الملك قد أتقنها، إذ سرعان ما عمل في صناعة النسيج، وأخذ يكسب الرزق له ولزوجته ولأبيه، وعاشوا في أمان واطمئنان، فسبحان مغيّر الأحوال. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن قيمة الإنسان ليست فيما يرثه من مال أو ملك، وإنما فيما يحسنه من عمل، وهي تضرب مثلاً لذلك بابن ملك، وتعتمد الحكاية على تقلب الزمان وتغير الأحوال، إذ يزول المال أو الملك، ولكن تبقى المهنة التي يتقنها ابن الملك. </P>

<P dir=rtl>ومما لا شك فيه أن المهنة هنا ليست محض مهنة يمارسها صاحبها بصورة آلية، وإنما هي مهنة يعرفها حق المعرفة ويتقنها، ويبرع فيها، وبذلك تغدو المهنة هنا رمزاً للمعرفة والخبرة والمهارة التي يمكن أن يحملها الإنسان في جوانحه حيثما حل أو ارتحل" والتي لا تنفذ ولا تضيع، خلاف المال. </P>

<P dir=rtl>والحكاية عفوية جداً، وبسيطة، ولها رواية أخرى تختلف عنها بعض الاختلاف. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الجمل والأخوات الثلاث

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن ثلاث أخوات فقيرات كنّ يعملن معاً في غزل القطن وبيعه، وكنّ يعشـن معاً بسعادة وسرور، وذات يوم حطّ أمام دارهن جمل كبير، فخرجن إليه، يتفرجن عليه. ودنت منه البنت الكبرى، ثم امتطت ظهره، وأخذت تلعب ما شاء لها اللعب، إلى أن ملت، فنزلت عنه، لتعتلي سنامه البنت الوسطى، وظلت تلهو به وتعابثه إلى أن ملت، فنزلت عنه، وصعدت إلى سنامه الصغرى، وأخذت تلهو كما لهت من قبل شقيقتاها، ولما أرادت النزول عنه، وجدت نفسها ملتصقة به، لا تستطيع الخلاص منه، وحاولت شقيقتاها مساعدتها، فما أفلحتا، وكان قد أقبل المساء، فتركتها شقيقتاها، ودخلتا إلى البيت، وهي ما تزال ممتطية سنامه. </P>

<P dir=rtl>ونهض الجمل، ومضى بالبنت الصغرى، وأخذ يجتاز بها الفيافي والقفار، حتى بلغ صخرة كبيرة، وقف أمامها، وردّد بعض الكلام، فانفتحت الصخرة، فدخل فيها الجمل، وعلى ظهره الفتاة، ثم ردّد بعض الكلام، فانغلقت الصخرة. </P>

<P dir=rtl>ومضى الجمل بالبنت إلى قصر كبير تحت الأرض، حيث أنزلها عن ظهره هناك، وسألها: "هل تريدن أن تصبحي زوجتي أو ابنتي"، فأجابت بأنها تريد أن تصبح ابنته، فما كان منه إلا أن التهمها بالكامل، ثم عاد فأخرجها من بطنه، وقال لها: "أنت الآن ابنتي". </P>

<P dir=rtl>ثم أخذ يطوف بها أرجاء القصر، ويعرّفها عليه، ولفت نظرها زجاجة متميزة، فسألته عنها، فأخبرها أن فيها روحه، ثم رأت مرآة غريبة، نظرت إليها فلم تر فيها صورتها، ولما سألته عنها، أخبرها أنها مرآة سحرية، إذا وضعها أمامه، أو وراءه، تحولت على الفور إلى بحر، يفصل بينه وبين أعدائه، ثم ذكرت الصخرة، فطلبت إليه أن يعلمها الكلمات التي يقولها فتنفتح أو تنغلق، فتردّد، فتوسلت إليه، لأنها قد أصبحت ابنته، فعلمها الكلمات السحرية. </P>

<P dir=rtl>وفي اليوم التالي أراد الجمل مغادرة القصر، فسلم البنت مجموعة مفاتيح، وقال لها: "افتحي ما شئت من غرف القصر، ولكن لا تقربي هذه الغرفة"، ثم ودّعها وخرج. </P>

<P dir=rtl>وعلى الفور أسرعت البنت إلى الغرفة التي أوصاها ألا تقربها، ففتحتها، ولم تفتح غرفة سواها، ولما دخلتها رأتها مملوءة بالذهب، فلم تصدق، فمدت يدها لتلمس ما تراه، وتتأكد من أنه ذهب، فلصقت قطعة ذهب باصبعها، ولم تستطع الخلاص منها، فاضطرت إلى لف إصبعها بقطعة قماش. </P>

<P dir=rtl>وفي المساء جاء الجمل، فرأى اصبعها الملفوفة، فسألها عن سبب لفّها، فأجابته بأنها قد جرحت اصبعها، فأسرع إلى المطبخ ليسأل السكين والزجاج والصحون إن كانت أي منها قد جرحت حقاً إصبع البنت، فأجابته الأشياء كلها بأنها لم تفعل، فرجع إلى البنت يسألها، فاضطرت إلى إخباره بالحقيقة، فعفا عنها. </P>

<P dir=rtl>وفي صباح اليوم التالي، أعطاها مجموعة مفاتيح أخرى، وقال لها: "افتحي ما شئت من غرف القصر، ولكن لا تقربي هذه الغرفة"، ثم ودعها وخرج. </P>

<P dir=rtl>وبادرت البنت فوراً إلى الغرفة التي أوصاها ألا تقربها، ففتحتها، ولم تفتح غرفة سواها، ولما دخلتها رأت رجلاً وامرأة، ما يزالان في ثياب الزفاف، وهما بين الحياة والموت، وأخذا يتوسلان إليها يطلبان بعض الطعام والماء، فأسرعت، وأحضرت لهما ما طلباه. </P>

<P dir=rtl>وفكرت البنت قليلاً، ثم أسرعت إلى الزجاجة، التي فيها روح الجمل، وإلى المرآة السحرية فحملتهما، ثم طلبت من العروسين أن يتبعاها، فقادتهما إلى حيث الصخرة، فردّدت أمامها الكلمات التي علّمها إياها الجمل، فانفتحت، فخرجت مع العروسين. </P>

<P dir=rtl>وأخذ الثلاثة يجرون راكضين، ولكن فجأة برز لهم الجمل، وطلب من البنت أن ترد إليه الزجاجة التي فيها روحه، وإلا قتل العروسين، فردتها إليه، فطلب منها المرآة، فلم تفعل، وفي تلك الأثناء كان العروسان قد هربا، ولما أراد الجمل اللحاق بهما، ألقت بينه وبينهما المرآة، فتحولت إلى بحر كبير، فالتفت إليها الجمل وقال: "لقد نجا العروسان، ولكن وقعت أنت". </P>

<P dir=rtl>وتوسلت البنت إليه، ترجوه أن يعيدها إلى شقيقتيها، وأكدت له أنها لايمكن أن تعيش معه، فعرض عليها أن تختار، إما أن تصبح كلبة عرجاء، وإما أن تصبح حمامة بيضاء، ففكرت قليلاً، ورأت ألا تصبح حمامة بيضاء، حتى لا يطاردها الصيادون، واختارت أن تصبح كلبة عرجاء. </P>

<P dir=rtl>وضحك الجمل، ثم قال لها: "أحسنت الاختيار، لأن سحري سيزول عنك، وترجعين فتاة حسناء على شرط أن يتزوجك ابن الملك. </P>

<P dir=rtl>ثم رجته أن يسمح لها أن تحتفظ بما علق باصبعها من ذهب، فقال لها: "هو لك، بل خذي من الذهب ما تشائين". </P>

<P dir=rtl>وهكذا تحوّلت البنت إلى كلبة عرجاء، وأخذت تنتقل من بلد إلى بلد، حتى وصلت إلى البلد التي كانت فيها مع شقيقتيها، وأسرعت إلى بيتها، وكان من الطبيعي أن تطردها شقيقتاها، لأنهما لم تعرفاها، ومن يؤوي عنده كلبة عرجاء؟ </P>

<P dir=rtl>واضطرت الكلبة العرجاء إلى النوم في ظل الجدار، قريبة من بيتها، لترى شقيقتيها، صابرة على ما تلقى من الأولاد من أذى، مكتفية بما يرمي إليها من فضلات. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم دخلت بستاناً لتروّح عن نفسها، وتنعم ببعض الظل، وأخذت قطعة الذهب العالقة بإصبعها، وبدأت تقذفها، وتجري في إثرها، تتسلى بها وتلهو، ثم ما لبثت أن تركتها، وقعدت حزينة، وأخذت تبكي وتنوح، وهي تقول: "آه لو تعرف شقيقتاي أني أختهما الصغرى، آه لو تذكر شقيقتاي الجمل الذي حط أمام دارنا "آه لو تعلم شقيقتاي أنه هو الذي أوصلني إلى هذه الحال، ولكن أين لي بابن ملك يتزوجني ليزول عني السحر؟" </P>

<P dir=rtl>وبينما هي على هذه الحال تنبهت إلى حركة، فقفزت مذعورة، لترى شاباً وسيماً يتقدم نحوها، فأخذت تعدو، وإذا بالشاب يميل على الأرض ليلتقط قطعة الذهب التي كانت تلهو بها، ثم يأخذها ويمضي إلى داخل قصر كبير، والحرس يؤدون له التحية، وينحنون له باحترام. </P>

<P dir=rtl>وتنبهت إلى المكان، فعرفت أنها كانت في حديقة الملك، وأدركت أن هذا الفتى الشاب هو ابن الملك. </P>

<P dir=rtl>ورجعت إلى مأواها في ظل دارها، لتنام على الرصيف، وتتلقى ما كانت تتلقاه من أذى الأولاد. ولكنها، عند انتصاف الليل، قررت أن تسترد قطعة الذهب التي سرقها إياها ذلك الفتى الشاب، وما كان منها إلا أن تسللت خلسة إلى القصر، ودخلت إلى غرفته، فرأت قطعتها الذهبية قد وضعها إلى جانب وسادته، فخطفتها، وخرجت تعدو وتنبه إليها ابن الملك، فأسرع إلى شرفته، فرأى الكلبة العرجاء تعدو حاملة قطعة الذهب، فتركها تغادر بوابة القصر، ولم يناد الحراس. </P>

<P dir=rtl>وفي صباح اليوم التالي أخبر أمه بقصة الكلبة العرجاء، وأكد أنه يريد الزواج منها، وطلب من الحرس أن يستدلوا على مكانها، من غير أن يؤذوها، ولما استدلوا على مكانها، أرسل أمه لخطبتها. </P>

<P dir=rtl>وتقدمت الأم إلى الشقيقتين، تطلب منهما الكلبة العرجاء التي تنام تحت جدار دارهما، لتكون زوجة لابنها الملك، فسخرت منها الشقيقتان، وقالتا لها: "هي لك، خذيها من غير إذن ولا سؤال". </P>

<P dir=rtl>وكانت الكلبة السوداء ترى ذلك كله وتسمعه، فلما اقترب الحرس بتوجيه من الملكة، انقادت لهم، وسارت معهم إلى القصر. </P>

<P dir=rtl>وتمّ زفاف الكلبة السوداء إلى ابن الملك، ولما كان الصباح، دخل على بلاط الملك حيث الوزراء وكبار القضاة عروسان شابان، هما ابن الملك وعروسه الحسناء، وقد زال عنهما السحر. </P>

<P dir=rtl>ثم دعت العروس إلى القصر شقيقتيها لتعيشا معها في هناء وسرور. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية ما يلقاه الفقير من شقاء في حياته، وهو شقاء صعب، يقوده إلى المرور بحالات كثيرة من العناء والبؤس والألم، وكأنها مصهر لجسمه، أو مطهر لروحه، تنتهي به في الختام إلى سعادة أبدية. </P>

<P dir=rtl>ويلاحظ أن المرأة هنا هي التي تعاني، مما يدل على أن الحكاية موجهة إلى المرأة، ومعبّرة عنها أيضاً، فهي موجهة إليها لتلقنها درساً يعلمها الصبر والتضحية أملاً في الوصول إلى الخلاص، وهي معبرة عن معاناتها وشقائها ولا سيما الفقيرة. </P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية تنويعات كثيرة، وبعض عناصرها متكررة في حكايات أخرى، حتى لتبدوا تركيباً من عدة حكايات، والبنية الثلاثية واضحة فيها بصورة جلية، وتتكرر أيضاً ثلاث مرات. </P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

أولاد الملك

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الملوك ثلاثة أولاد، ربّاهم فأحسن تربيتهم، ولما حضرته الوفاة أخبرهم أنه ترك لهم وصية مكتوبة، يقسم فيها أملاكه بينهم، ولكنّه أوصاهم ألا يفتحوها إلا بعد وفاته، وإذا لم يرضو بما قسم لهم، فما عليهم إلا أن يحتكموا إلى أحد القضاة. </P>

<P dir=rtl>ومات الأب، وأسرع الأولاد إلى تجهيزه وتشييعه، ثم بادروا إلى الوصية، ففتحوها، فإذا هي تنصّ على أن تكون عدة الحرب والسلاح للولد الأكبر، والمال والأغنام للولد الأوسط، والحاشية والخدم للولد الأصغر، واستاء الأولاد من تلك القسمة، وقرروا المضي إلى القاضي ليحكم بينهم. </P>

<P dir=rtl>وبينما كان الأولاد في الطريق، صادفهم أعرابي سألهم عن جمل كان قد أضاعه، فقال الولد الأكبر: "هل كان جملك محّملاً بالعسل، على الجانب الأيمن، وبالدقيق على الجانب الأيسر؟ فقال الأعرابي: "نعم، إنه هو أين وجدته؟ دلّني عليه". </P>

<P dir=rtl>وتدخل الولد الأوسط، وسأل الأعرابي: "وهل كان جملك أعور؟ "فأجاب" نعم، إنه هو، أين وجدته؟ دلني عليه"، وتكلم الولد الأصغر، فسأله: "وهل كان جملك مقطوع الذيل؟ "فدهش الأعرابي، وتأكد لديه أن الإخوة الثلاثة قد رأوا الجمل، وأنهم خبؤوه بحيث لا يراه، فأقسم ألا يتركهم حتى يردوا عليه جمله، فأكد له الإخوة الثلاثة أنهم لم يروا الجمل، ولكن الأعرابي لم يصدقهم، فأخبروه أنهم ذاهبون إلى القاضي، وما عليه إلا أن يصحبهم، ليحكم بينه وبينهم. </P>

<P dir=rtl>وسأل القاضي الأولاد عن أمر الجمل، كيف وصفوه، من غير أن يروه، فأجاب الأكبر: "رأيت على الطرف الأيمن من الطريق الذباب وهو يتبع آثار العسل، وعلى الطرف الأيسر رأيت ذرات طحين، فعرفت أن الجمل كان يحمل عسلاً ودقيقاً، وتكلم الأوسط فقال: "رأيت العشب على جانب من الطريق نامياً، لم يُدَسْ ولم يؤكل على حين كان العشب على الجانب الآخر خلاف ذلك، فعرفت أن الجمل أعور". وتكلم الولد الأصغر، فقال: "رأيت بعر الجمل متناثراً دون انتظام، فعرفت أن الجمل مقطوع الذيل". </P>

<P dir=rtl>وعندئذ قال القاضي: "لقد صدق الأولاد فيما نطقوا، وهم من غير شك لم يروا الجمل ولم يسرقوه، وما عليك إلا أن تمضي فتبحث عن جملك". </P>

<P dir=rtl>ثم التفت القاضي إلى الأولاد، ودعاهم إلى النزول في ضيافته، ولم يسألهم عن حاجتهم، وفق تقاليد الضيافة العربية، إذ لا يُسأل الضيف عن حاجته إلا بعد ثلاثة أيام. </P>

<P dir=rtl>وأوصى القاضي الخدم، فأعدوا خروفاً، وجهزوا الطعام، وحضرت المائدة، ولم يدعهم القاضي، بل تقدم، وتركهم يتقدمون من الطعام، من غير دعوة، وتناول كل منهم بضع لقيمات، ثم نفضوا أيديهم، وتكلم الأكبر، فقال: "هذا الخروف رضع من كلبة"، وتكلم الأوسط، فقال: "هذا الخبز أعدته امرأة حائض"، وتكلّم الأصغر فقال: "صاحب المأدبة ابن زنى". </P>

<P dir=rtl>فغضب القاضي، وقال: "ما ساءني شيء بقدر ما ساءني قول الثالث"، وصمت هنيهة، ثم قال: "هاتوا، أوضحوا لي مصداق كلامكم". </P>

<P dir=rtl>وتكلم الأكبر، فقال: "الدهن في لحم الخروف يطفو على وجه المرق، أما دهن الكلب فيرسب في القاع، وانظر إلى الدهن هنا، كيف هو؟ "وتكلم الأوسط، فقال: "رائحة الخبز متغيرة، بسبب تغير رائحة العرق في جسم المرأة التي عجنته ورقته وخبزته، لأنها حائض". </P>

<P dir=rtl>ودعا القاضي الخادم، وسأله عن الخروف، فأجابه: "لقد ماتت أم هذا الخروف فرضع من كلبة الراعي"، وأرسل وراء المرأة، فسألها: فأجابت بأنها حائض.</P>

<P dir=rtl>ثم أسرع القاضي إلى أمه، وناشدها الله إلا أن تعترف، وبعد تردد، أجابت: "كان أبوك يرغب في ولد يرثه، ولا يعرف أنه عاقر، وقد هدّدني بالزواج من امرأة أخرى إن لم أنجب، فكان ما كان". </P>

<P dir=rtl>ورجع القاضي إلى الأولاد الثلاثة، وقال لهم: "لقد صدقتم في كلّ ما قلتم" وقبل أن يسألوه عن حاجتهم، قال لهم "أرجوا ألا تسألوني، فأنتم أذكى من أن تحتاجوا إلى سؤال أحد، اذهبوا فحلّوا أموركم بأنفسكم". </P>

<P dir=rtl>ورجع الأولاد من حيث أتوا، راضين بما قسم لهم والدهم، وعاشوا معاً في سعادة وهناءة وسرور. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>الغاية الأولى من هذه الحكاية تعليم الأولاد، وإثارة ملكة التفكير لديهم، بما تطرحه من ألغاز. </P>

<P dir=rtl>والحكاية مبنية على إدراك الباطن من خلال الظاهر، والغائب من خلال الحاضر، ومبدؤها العرافة، أي معرفة طباع الشخص من ملامح وجهه، والقيافة، أي معرفة المؤثر من بقايا الأثر. </P>

<P dir=rtl>والبنية الثلاثية تتكرر في الحكاية ثلاث مرات، في الأولاد الثلاثة، ووصفهم الجمل، ووصفهم الطعام وصاحبه، وهي بنية شائعة في كثير من الحكايات، وهي راسخة في الوجدان الإنساني، ولعل مرجعها إلى التكوين الثلاثي للأسرة، المؤلفة من الأب والأم والولد. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تتوهم حضور الذكاء في الملوك والقضاة والأغنياء، ومرجع ذلك إلى ما لهؤلاء من سطوة وقوة وسلطة، كما تتوهم الغباء في الأعرابي، لفقره وضعفه، وليس الحال كذلك في الواقع، بل لعله على الأغلب خلاف ذلك. </P>

<P dir=rtl>ولهذا يجب أن ينصرف الذهن إلى أن أولئك الأولاد ليسوا أذكياء لأنهم محض أولاد الملك، وإنما هم أذكياء بفضل ما تلقوا من تربية وتعليم وتدريب، وهذا ما تنص عليه الحكاية منذ البدء. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الغول والأخوات الثلاث

<P dir=rtl>يحكى أن امرأة فقيرة كان لها ثلاث بنات، ولم يكن عندها شيء تملكه سوى دجاجة وكيس طحين وتنور، فلما حضرتها الوفاة، قسمت كلّ ما تملكه في بناتها، فأعطت الكبرى التنور، والوسطى كيس الطحين، والصغرى الدجاجة. </P>

<P dir=rtl>وعاشت البنات الثلاث معاً، يتساعدن على أمور العيش، ولكن الوسطى كانت دائماً تكيد للصغرى، لأنها حظيت بالدجاجة. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم ذهبت الأخوات الثلاث إلى الحمام، وفي الطريق ادّعت الوسطى أنها نسيت المشط، وعرضت عليها الكبرى أن تعطيها مشطها، ولكنها أصرّت على العودة إلى البيت لإحضار مشطها الخاص، وهكذا مضت الأختان الكبرى والصغرى إلى الحمام، على حين رجعت الوسطى إلى البيت، وبادرت إلى دجاجة أختها، ففصلت رأسها عن جسدها، ثم رمت به إلى الكلاب، ورجعت إلى الحمام. </P>

<P dir=rtl>وبعد ساعة أو ساعتين، خرجت الأخوات من الحمام، وأسرعت الصغرى إلى دجاجتها لتطعمها فلم تجدها، ورأت باب الخم مفتوحاً. </P>

<P dir=rtl>فسألت أختها عنها، فأجابتها: "لا شك في أنها سقطت في البئر"، ثم اقترحت أن تربطها بحبل، لتنزل إلى البئر، فتخرج الدجاجة. </P>

<P dir=rtl>وتعاونت الكبرى والوسطى في ربط أختهما الصغرى، وأخذت تنزل إلى البئر، ولكن الوسطى أفلتت الحبل، فهوت الأخت. </P>

<P dir=rtl>وكانت البئر واسعة، وفي قاعها مصاطب، وشاءت الأقدار ألا تصاب الأخت بأذى، وقعدت على المصطبة، تنتظر الفرج، وبينما هي كذلك إذ خرج لها غول كبير، حملها ومضى يقطع بها الفيافي والقفار، حتى بلغ قصراً فخماً، وهناك سألها إن كانت ترغب في أن تكون أخته أو ابنته أو زوجته، فاختارت أن تكون ابنته، فأعطاها مفاتيح القصر، وقال لها: تمتعي بما شئت من ثياب أو طعام أو جواهر، ولكن لا تفتحي تلك الغرفة"، ثم ودعها، وغاب. </P>

<P dir=rtl>وأخذت تفتح غرف القصر غرفة غرفة، وتنتقي أفخر  ما ترى من ثياب، وتأكل أشهى ما تحب من طعام، وتتحلّى بالأساور والعقود، حتى بلغت الغرفة التي أوصاها بعدم فتحها، فترددت هنيهة، ولكنها ضعفت، فبادرت إلى فتحها، فرأت أكواماً من الذهب، لم تصدق أنه ذهب، فلمسته فإصبعها، فعلقت بها قطعة منه، ولم تتمكن من الخلاص منها، فلفتها بالقماش. </P>

<P dir=rtl>وفي المساء حضر الغول، فرأى إصبعها، فسألها، فأخبرته أنها مجروحة، فسأل الصحون والملاعق والسكاكين، فأجابته بأنها لم تجرح إصبعها، فعرف عندئذ أنها قد فتحت الغرفة، فقال لها: "الذهب هو لك، فخذي منه ما شئت" ففرحت بذلك فرحاً شديداً. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم، بينما هي في حديقة القصر، إذ مرت بها وزة، فقالت لها: "هذا الغول يربيك اليوم، ليأكلك في الغد"، فحزنت البنت وأخذت تبكي، وجاء الغول، فرآها على هذه الحال، فسألها عن السبب، فأخبرته بما قالت لها الوزة، فأكد لها أن ذلك غير صحيح، ثم لقنها قولاً آخر، وهو أن الغول يربي الوزة ليذبحها في يوم عرس ابن السلطان، وفي اليوم التالي ردّت البنت على الوزة بمثل ما أخبرها به الغول، فحزنت الوزّة، وأخذت تبكي. </P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر، بينما هي في حديقة القصر، إذ مرّ بها ابن السلطان، فأعجب بجمالها، وقررّ الزواج منها، ورجع إلى أمه يخبرها بقراره، فدهشت الأم، ولكنها اضطرت إلى تلبية رغبة ابنها، ومضت في اليوم التالي إلى قصر الغول، فقرعت الباب، فخرجت إليها البنت نفسها، إذ لم يكن الغول موجوداً، فسألتها عن قصدها، فأخبرتها برغبة ابنها في الزواج منها، ثم طلبت أن تسأل الغول عما يطلبه مهراً لها. </P>

<P dir=rtl>ولما رجع الغول أخبرته البنت برغبة ابن السلطان في الزواج منها، وسألته عما يطلب فأخبرها إنه يطلب دجاجة وفراخها من ذهب خالص. </P>

<P dir=rtl>وفي اليوم التالي جاءت الأم تسألها، ورجعت إلى ابنها تخبره بطلب الغول، وعلى الفور حمل سيفه وعشر دجاجات مشوية ومشطاً، ثم امتطى فرسه وانطلق، حتى بلغ مغارة موحشة، يسكنها غول شرس، دخل عليه، فألقى السلام، ثم بادر إلى شعره فأخذ يمشّطه، ثم ألقمه دجاجة مشوية، وبعد ذلك سأله أين يمكن العثور على دجاجة وفراخها من الذهب الخالص، فدلّه الغول على أخ أكبر منه عمراً وأكثر حكمة. </P>

<P dir=rtl>وانطلق ابن السلطان إلى الغول الثاني، وبادرة بالسلام، ثم أخذ يمشط شعره، ثم ألقمه دجاجة مشوية، ثم سأله السؤال نفسه، فدّله على أخت له أكبر منه عمراً وأكثر منه حكمة. </P>

<P dir=rtl>وانطلق ابن السلطان إلى الغولة، وبادرها بالسلام، ثم أخذ يمشط شعرها، ثم ألقمها دجاجة، ثم سألها السؤال نفسه، ثم دلّته على مغارة يقف في بابها عملاق، عليه أن يأمره فور وصوله إلى المغارة بإحضار الماء للفرس، حتى إذا التفت العملاق ليحضر الماء، فعليه أن يضرب عنقه بالسيف ضربة واحدة، ثم يدخل المغارة، وعندئذ سيجد الدجاجة وفراخها من ذهب خالص، وعليه بعد ذلك أن يحضر الرأس والدجاجة والفراخ إليها. </P>

<P dir=rtl>وأسرع ابن السلطان إلى المغارة، ونفّذ ما أوصته به الغولة، ورجع إليها يحمل رأس العملاق، ثم مضى بالدجاجة وفراخها إلى قصر الغول. </P>

<P dir=rtl>وما هي إلا أيام حتى تم زفاف البنت إلى ابن السلطان، فأقيمت الأفراح، ونصبت الموائد، وتمّ ذبح الوزّة، وقدمت على المائدة طعاماً لابن السلطان وزوجته. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية ما يلقاه الفقير من عناء وشقاء وما يمر به من تجارب صعبة حتى يصل في النهاية إلى السعادة ويلاحظ أن السعادة غالباً ما تتمثل في زواج البائس الفقير من أميرة يرث عرش أبيها، أو فقيرة بائسة يتزوجها ابن ملك، وفي الأحوال كلها تظل صورة القصر وكرسي العرش والملك هي الممثلة للسعادة، ومثل هذه الصورة لا يمكن أن تفهم على أنها محض ملك وقصر، وإنما هي رمز للقوة والسلطة والقدرة على الفعل وممارسة الحياة وتحقيق الوجود. </P>

<P dir=rtl>ويلاحظ أن الذي يردف ذلك كله، بل الذي يحركه هو الحب، أو بتعبير أدق الإعجاب، إذ يرى ابن الملك فقيرة يعجب بها، فيقرر الزواج منها، أو ترى ابنة الملك فقيراً فتعجب به وتقرر أيضاً الزواج منه. </P>

<P dir=rtl>وفي الحالات كلها تظل الطريق إلى تحقيق الخلاص محفوفاً بمخاطر ومهالك كثيرة، ولا يتحقق الخلاص إلا بقوى سحرية غريبة. </P>

<P dir=rtl>وهذه الحكاية لا تختلف عن ذلك، وتظهر فيها البنية الثلاثية واضحة، وهي تتكرر ثلاث مرات، في البنات الثلاث، وفي الأشياء الثلاث التي ورثتها، وفي الغولات الثلاث. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الخرزة الزرقاء

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك كان له ولد وحيد، رباه فأحسن تربيته، وكان يعدّه ليرث الملك من بعده، ويتمنى أن يزوّجه قبل أن يحين أجله، ولكنه شاءت الأقدار أن يموت الملك قبل تحقيق أمله، فورث ابنه من بعده الملك، وشغل بأمور البلاد والعباد، وكان كلما عرضت عليه أمه أمر الزواج طلب منها التريث. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم  ألحّت عليه، وأكدت له أن أمور الحكم وشؤون البلاد وقضايا الناس لا تنتهي، ويجب ألا تشغله عن الزواج، فصارحها بأنه سمع كثيراً عن خيانة النساء، وأنه لا يكاد يثق بواحده منهن، فأكدت له أنها ستبحث له عن ذات الأخلاق، فقبل مضطراً، وطلب أن تشترط على العروس الطلاق إذا لم تعجبه أخلاقها. </P>

<P dir=rtl>واهتدت الأم إلى فتاة جميلة، عرف أهلها بالخلق القويم، وكان الزفاف، وكان لدى ابنها الملك خرزة زرقاء، إذا وضعها على صدر النائم، تكلم بكل ما يخفيه من أسرار، وفي الليل وضع على صدر عروسه تلك الخرزة، فأخذت تتكلم بأشياء وأشياء لم يتوقع سماع مثلها، ولذلك أعلن في الصباح طلاقها. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، تلتها السنون والأعوام، والأم تلحّ على الولد بالزواج ثانية، وهو يأبى، إلى أن وافى الأم الأجل، فأصبح وحيداً لا يرعاه أحد. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم خرج إلى الصيد مع بعض الخدم، فرأى غزالة، طاردها، ففرّت منه، وظل يتبعها، حتى وجد نفسه وحيداً في أرض خلاء، وقد أضاع خدمه، ثم تلّفت حوله، فرأى خيمة بعيدة، فقصدها فخرج إلى استقباله شيخ عجوز، رحب به أجمل ترحيب، وكانت لديه ثلاث بنات صبايا، طلب منهن ذبح شاة وإعداد الطعام، ووجد الملك في البنات الخفر والحياء، وقد مال قلبه إلى الصغرى، فخطبها من أبيها، وكان الزفاف. </P>

<P dir=rtl>وفي الليل، والعروس نائمة، وضع الملك على صدرها الخرزة الزرقاء، فما تكلمت إلا عن والدها وأخواتها والشياه، فاطمأن قلبه، وهكذا ظل على هذه الحال، يضع على صدرها الخرزة، فلا يسمع إلا ما يسره ويرضيه، فاطمأن إليها، وسعد بها. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم دعاه ملك أحد البلاد إلى زيارته، فودّع زوجته، ومضى مطمئناً، ولم يعنّ على باله أي خاطر. </P>

<P dir=rtl>وفي غيابه وقفت مرة في شرفة القصر، لتسلّي نفسها، فلمحها رجل عابر، فهام بها حباً، وسعى إلى لقائها، وهي لا تدري من أمره شيئاً، فأرسل إليها عجوزاً، حدثتها عنه، فصدّتها، وردّتها، ولكنها عادت مرة بعد مرة، تؤكد رغبة ذلك الرجل في لقائها، فأثارت فضولها، ورغبت في اكتشاف هذا المجهول، وهكذا وافقت، لا عن قناعة ورضا، ولكن عن حب الاطلاع والمعرفة، ولكنها اشترطت على العجوز أن يحفر ذلك الرجل سرداباً من بيته إلى قصرها، تمرّ فيه من غير أن يراها أحد، فنقلت رغبتها إليه، فوافق. </P>

<P dir=rtl>وخلال أقلّ من شهر كان السرداب جاهزاً، وهكذا عبرت من قصرها في السرداب، حتى بلغت دار الرجل وإذا هي قصر منيف، لا يقل عن قصر الملك جمالاً، وكان الرجل تاجراً من كبار التجار، وقد أعدّ لها مائدة لا أشهى منها ولا أطيب، فرحّب بها أجمل ترحيب، ثم دعاها إلى الطعام والشراب، فكانت تتظاهر بتناول كل ما يقدم إليها، ثم غافلته، ووضعت في كأس شرابه مادة منوّمة، فإذا هو يستسلم إلى نوم عميق، فحملته، ووضعته في إحدى الغرف، وأقفلت عليه الباب، ثم رجعت إلى قصرها. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، ورجع الملك للقصر، وكعادته، وضع على صدر زوجته وهي نائمة الخرزة الزرقاء، فأخذت تتكلم بما أذهله، وفي الصباح طلب منها أن تحمل ما تشاء وتغادر القصر، دون أن تسأل عن السبب، فانصاعت إلى الأمر، وخرجت لا تحمل شيئاً. </P>

<P dir=rtl>ونزلت إلى السوق، فباعت بعض أساورها الذهبية، ثم اشترت ثياب رجل، وارتدتها، ثم أخذت تطوف على التجار، حتى التفت تاجراً رأت فيه ملامح الوقار والتّقى، فعملت عنده أجيراً. </P>

<P dir=rtl>وأخذت تتقن أساليب البيع والشراء، وتعرف ما هو رائج في السوق وما هو كاسد، ثم باعت ما تبقى لديها من أساور، واشترت دكاناً، وأخذت تعمل تاجرة لحسابها الخاص، وهي ما تزال في زي رجل، لا يعرفها أحد. </P>

<P dir=rtl>واستطاعت يوماً بعديوم أن تحرز مزيداً من الربح والنجاح، فتوسعت تجارتها، وطارت سمعتها، وذات يوم زارها الملك نفسه يريد شراء بعض الحاجات، فأكرمته أي إكرام، وعرضت عليه الصداقة، فسرّ الملك بها أشد السرور، وهو لا يعرفها، وقد ظنها واحداً من أولئك التجار الشباب. </P>

<P dir=rtl>ثم دعاها الملك إلى القصر، فلبت الدعوة، وجلست إلى مائدته، ثم قبل أن تودّعه دعته إلى زيارتها، فتقبل الدعوة، وكانت قد اشترت دار التاجر نفسه الذي أراد التغرير بها، وأبقته محبوساً في غرفته، وعيّنت خادماً يرعاه. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>وفي الموعد حضر الملك، وكانت قد أعدت له مائدة لا نظير لها، وأخذت تحدثه وتؤانسه، ثم أخذت تستدرجه في الحديث، وتسأله عن سبب وحدته، وإن كان له زوجة؟ فتألم وباح لها بأسراره، وحدثها عن زوجته التي خانته في غيابه. </P>

<P dir=rtl>ثم أخذت تطوف به أرجاء القصر، وتفتح غرفه واحدة بعد أخرى، ليرى ما فيها من فرش وأثاث، حتى إذا بلغت الغرفة التي كانت قد حبست الرجل فيها، ولما فتحتها ورأى الرجل المحبوس فيها، دهش، وسألها أن تحدثه عن أمره. </P>

<P dir=rtl>وعندئذ حدثته عن كل ما كان، وخلعت زي الرجل، وإذا هي زوجته، فاعتذر إليها، وأعادها إلى قصره، ليعيشا بقية العمر في سعادة وسرور. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية حرص الرجل على أن تكون زوجته عفيفة محصّنة، ومرجع هذا الحرص إلى قيمة العفّة والشرف والوفاء، ولكنه يقود في بعض الحالات إلى قدر غير قليل من التجني والظلم، حيث تتحول الوسيلة إلى غاية، وتنسى الغاية. </P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على أن عفة المرأة أمر تقرره هي، ولا يفرض عليها، وكما تدل على أن العفة حالة داخلية، وليست شكلاً خارجياً. </P>

<P dir=rtl>وتشير الحكاية إلى أن الذي يخترق العفة هو الرجل، وأن الذي يصونها حقيقة هو المرأة. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تنتصر للمرأة، وتؤكد قدرتها على صون نفسها، وحماية عفتها، وتحقيق ذاتها، والعمل في مجالات الحياة كافة، وليس بالضرورة وراء جدران القصر، بل تؤكد إمكان تفوقها على الرجل، وقدرتها على إخراجه من إسار عزلته ووهمه. </P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على نقاء الحياة في الريف والبداوة، حيث العفة، وفساد حياة المدينة، حيث تخترق العفة، ويثور الشك. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الحطاب والأفعى

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الرجال كان يعمل حطاباً، وكان يحمل كل يوم فأسه، ويمضي إلى الغابة، ليقتطع بها بعض الأحطاب، ثم يرجع إلى المدينة، فيبيعها، ويشتري لأولاده الطعام. </P>

<P dir=rtl>وكان من عادته أن يحمل معه ناياً، وبعد أن يقتطع الأحطاب، يقعد في ظل شجرة ليستريح، ويأخذ بالعزف على الناي ليسلي نفسه، ويريحها من عناء العمل. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم، بينما هو في الغابة، هطل مطر شديد، فأوى إلى كهف، وأخرج الناي، وبدأ يعزف عليه، فبرزت له من جحر أمامه أفعى، وأخذت تقترب منه شيئاً فشيئاً، وهي تتمايل نشوى، فلما دنت أكثر، ذعر، وتوقف عن العزف. </P>

<P dir=rtl>وانتفضت الأفعى، فإذا هي صبية حسناء، تقول له: </P>

<P dir=rtl>"اعزف، ولا تخف"، </P>

<P dir=rtl>فأخذ يعزف، والصبية الحسناء قاعدة على الأرض أمامه، تصغي إلى عزفه بكل جوانحها، وهو يستوحي من حسنها أجمل الألحان، حتى إذا ما تم العزف، وهم بالنهوض، رمت إليه بصره فيها دنانير ذهبية، ورجته أن يأتي إلى المكان نفسه، لتستمتع بعزفه. </P>

<P dir=rtl>وهكذا أخذ الحطاب يأتي كل يوم إلى الكهف، فيعزف، فتخرج له الأفعى، ثم ما تلبث، حتى تنقلب إلى صبية حسناء، فتصغي إلى عزفه، ثم ترمي له بصرة نقود، ثم تنقلب أفعى وتعود من حيث أتت. </P>

<P dir=rtl>وظل الحطاب والأفعى على هذه الحال، أشهراً، هو يعزف، وهي تطرب، وقد تعاهدا على أن يكونا أخوين، لا يجمعهما سوى نغم الناي الحزين. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم أراد الحطاب أن يؤدي الحج، فدل ابنه على موضع الكهف، وأوصاه بتلك الحسناء خيراً، وأكد له أنها كانت له بمنزلة الأخت، وأنه لم يمسّها، ونصح له أن يحفظ ما بينهما من عهد، وأن يحفظها مثلما حفظها هو، ولا يفكر بنيل شيء منها، وإلا خسر. </P>

<P dir=rtl>ومضى الشاب إلى موضع الكهف، وأخذ بالعزف على الناي، وإذا الحسناء تظهر  له، فأذهله حسنها، ولكنه ذكر نصيحة أبيه، فنهى نفسه عن الهوى، وأخذ يصب كل أحاسيسه في نايه، ولما فرغ من العزف، شكرت له الحسناء عزفه الجميل، ثم رمت له بصرة دنانير ذهبية، وانصرفت من حيث أتت. </P>

<P dir=rtl>وهكذا استمر الفتى على هذه الحال ولكنه يوماً بعد يوم، كان يحسّ بميل إليها، ويشعر برغبة في أعماقه، وذات يوم راودها عن نفسها، فذكرته بما بينها وبين أبيه من عهد، ونصحت له ألا يقترب منها، ولكن هواه غلبه، فهمّ بها، فإذا هي تنقلب أفعى، فتشبّث بها، وشد عليها قبضته، ولكنها اندفعت تريد الخلاص منه، وإذا ذيلها ينقطع، فالتفتت إليه، ونفخت فيه، فإذا هو قد استحال رماداً. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، ورجع الأب من الحجاز، فلم يجد ابنه بين المستقبلين، فحمل نايه ومضى إلى الكهف، وأخذ يعزف، فخرجت إليه الحسناء، وهي تعرج، فدهش، ولما سألها عن الأمر، أخبرته بما كان من ولده، ثم اعتذرت إليه، وهمت بالمضي، مؤكدة له أنه لا يمكنهما أن يستمرّا على نحو ما كانا عليه من قبل، فهو لا يمكنه أن ينسى ولده، وهي لا يمكنها أن تنسى ذيلها. </P>

<P dir=rtl>وأكد لها الرجل وفاءه، وأسفه على ما كان من ولده، ووعدها أن يظل على عهده، يأتي كل يوم ليعزف لها، كعادته، فأخبرته أنها لم تعد قادرة على إعطائه ما كانت تعطيه إياه من قبل، ثم أخبرته أنها ابنة ملك الجان، وكانت كنوز أبيها تحت يدها، ولما رأى رجلها قد قطعت وعرف علاقتها مع الإنس، نقم عليها، وطردها من قصره، فهي الآن مشردة، ولا تملك شيئاً، فأكد الرجل أنه لا يريد منها سوى أن تصغي إلى عزفه. </P>

<P dir=rtl>ولما رأت منه ذلك الوفاء، قدّمت إليه ذيلها المقطوع، ثم طلبت منه أن يغرسه في فناء الدار، وسيرى ما يسّره. </P>

<P dir=rtl>وهكذا حمل الرجل الذيل، وغرسه في فناء الدار، وظل كعادته، يمضي كل يوم إلى الكهف، فيقعد ساعات وساعات، يعزف لتلك الصبية الحسناء، وهو لا يريد منها شيئاً. </P>

<P dir=rtl>ولكن ذات يوم فوجئ بالذيل المغروس في فناء الدار، قد نبت في موضعه شجرة صغيرة، أخذت تنمو شيئاً فشيئاً حتى طالت، ثم تفتحت عن جوهرة كبيرة، قطفها، ونزل بها إلى السوق، فباعها واشترى بثمنها الطعام والثياب. </P>

<P dir=rtl>وفي كل يوم كانت الشجرة تزهر جوهرة، يبيعها، حتى اغتنى الحطاب، وامتلك محلات ودكاكين، وأصبح من كبار التجار. </P>

<P dir=rtl>وظل على عهده مع الجنيّة الحسناء، كل يوم يمضي إلى الكهف، فيعزف لها، حتى يأخذ منها الطرب كل مأخذ، ثم تشكره، وتمضي في حال سبيلها. </P>

<P dir=rtl>وزادت ثروة الحطاب، وأصبح من كبار التجار بل إنه أخمد تجارة أكثرهم، وتمكن من السيطرة على السوق، حتى ضاقوا به ذرعاً، وأرادوا معرفة مصدر رزقه. </P>

<P dir=rtl>وفي جلسة كان الحطاب فيها مع التجار، تساءلوا عن مصدر ثروته، فقال لهم: "إذا عرفتم مصدر ثروتي، فإن مالي كله حرام عليّ، حلال عليكم"، ثم إنه أعطاهم مهلة عشرة أيام. </P>

<P dir=rtl>وأخذ التجار يدورون في الأسواق، ويسألون عن مصدر ثروة ذلك الحطاب، ولكن من غير أن يحصلوا على جواب. </P>

<P dir=rtl>ولكن أحدهم كان ماكراً، لجأ إلى عجوز، وطلب منها أن تدخل على زوجة الحطاب، وتحاول معرفة مصدر الثروة. </P>

<P dir=rtl>وهكذا ذات يوم، بينما كانت زوجة الحطاب في دارها، إذ قرعت عليها الباب عجوز، استأذنتها في أن تسمح لها بالدخول إلى دارها، كي تتوضأ وتصلي، فقد أدركتها الصلاة، وبيتها ما يزال بعيداً، فرحّبت بها زوجة الحطاب، وقادتها إلى الداخل، حيث توضأت وصلت. </P>

<P dir=rtl>ثم شكرت العجوز لزوجة الحطاب كرمها، وحسن ضيافتها، وأسمعتها كلمات حلوة، أثرت فيها وأخذت تسألها شيئاً فشيئاً عن زوجها وعمله، وزوجة الحطاب مطمئنة إليها، مسرورة بحسن حديثها، حتى كان سؤالها عن مصدر الثروة، فحدثتها زوجة الحطاب، الحديث كله. </P>

<P dir=rtl>ورجعت العجوز إلى ذلك التاجر وأخبرته بكل ما سمعت، وفي الموعد المحدد التقى التجار، ودخل عليهم الحطاب وهو مطمئن إلى أن أحداً لم يعرف مصدر ثروته، ولكن تاجراً قال له: "مصدر ثروتك الصبية الحسناء، التي تعزف لها كل يوم في الكهف"، وأقرّ الحطاب بذلك ثم تنازل عن ثروته كلها لذلك التاجر، وترك المدينة، لا يحمل شيئاً، وقصد على الفور إلى الكهف. </P>

<P dir=rtl>وحدّث الحطاب الصبية الحسناء بكل ما كان، فأخبرته أن حظّه في بستان "أبو السعود" وما عليه إلا أن يسير إليه، ليبحث عن حظه فيه، ثم زودّته ببكرة من الخيطان، ألقاها، فأخذت تتدحرج، وهو يتبعها، حتى بلغ شجرة تين، ثمارها مدلاة، هم بقطف تينة، وقد أخذ الجوع منه كل مأخذ، ولكن الشجرة قالت له: "لا تخدع بمظهر التين الناضج، فهو سام هالك"، فعفّ عنه، ثم سألته عن مقصده، فأخبرها أنه ماض إلى بستان "أبو السعود" فرجته أن يٍسأل عن حظها. </P>

<P dir=rtl>وبينما هو في الطريق، رأى ابنة ملك تطل من شرفة قصرها، أدهشه جمالها، حياها، فردت عليه بتحية أحسن من تحيته، فأعجبه أدبها، ولكنه لاحظ ثبات حدقتيها، ثم سألته عن مقصده، فأخبرها أنه ذاهب إلى بستان أبو السعود، فرجته أن يسأل عن حظها، فهي على الرغم من جمالها عمياء. </P>

<P dir=rtl>وتابع الحطاب طريقه، حتى بلغ بحراً يقع وراءه "بستان أبو السعود"، فحار في أمره كيف سيقطع البحر، وبينما هو كذلك إذ ظهرت له سمكة، طافية على سطح البحر، سألته عن مقصده، فأخبرها، فعرضت عليه أن تنقله إلى بستان أبو السعود على شرط أن يبحث عن حظها في ذلك البستان، إذ أنها شقية بما كتب عليها من أن تطفو على سطح البحر، ولا تتمكن من الغوص فيه، فيظل ظهرها معرضاً للعواصف والشمس والرياح. </P>

<P dir=rtl>وهكذا حملت السمكة الحطاب إلى بستان أبو السعود، ولما دخله ذهل مما رأى، فثمة أناس يضحكون ويرقصون ويمرحون، وآخرون يبكون ويلطمون، وبعضهم في الظلال الرطبة، وأمامهم الأنهار، وبعضهم غارق في المياه العكرة الآسنة. </P>

<P dir=rtl>ثم رأى شاباً يرقص ويغني وقد أخذ منه الطرب كل مأخذ، فسأل عنه، فعرف أنه حظ صديقه التاجر الذي سلبه ماله كله. فسأله عن حظه هو، فأشاروا إلى رجل غارق في الوحل يكاد يختنق، فأسرع إليه، فأخرجه إلى الشاطئ، ثم غسله بالمياه، وألبسه الثياب، ورجاه أن يقعد بانتظاره، ثم سأل عن حظ السمكة، لماذا لا تتمكن من الغوص إلى الأعماق؟ فأخبروه أنها كانت قد ابتلعت جوهرتين كبيرتين، ولذلك فهي لا تغوص، وما عليها إلا أن تقذفهما، ثم سأل عن ابنة الملك، لماذا هي عمياء؟ فأجابوه بأن بصرها سيعود إليها إذا هي تزوجت منه، ثم سأل عن التينة، لماذا ثمرها سام، فأجابوه بأن تحت جذرها سبع جرار مملوءة ذهباً، مرصودة، متى استخرجها، عاد ثمرها حلواً. </P>

<P dir=rtl>وأسرع الحطاب إلى الشاب الذي كان مستغرقاً في الرقص، فلكمه لكمة، فإذا هو على الأرض، فحمله، ثم رمى به في الماء العكر، وهو يمثل حظ التاجر الذي سلبه ماله. </P>

<P dir=rtl>وفي تلك اللحظة بدأ الرقص ذلك الشاب الذي كان قد أخرجه من الوحل، وهو يمثل حظه. </P>

<P dir=rtl>ثم قدم إلى شاطئ البحر فبرزت له السمكة، وسألته إن كان قد عرف حظها، فطلب منها أن تنقله أولاً إلى الشاطئ الآخر، فحملته، وهناك أخبرها عن الجوهرتين اللتين في جوفها، فقذفتهما على الفور، وغاصت في البحر، فحملهما الحطاب ومضى. </P>

<P dir=rtl>ثم مرّ بابنة الملك، ولما أحست به، يقترب منها، سألته إن كان قد عرف حظها، فأخبرها أن بصرها سيرجع إليها إذا قبلت به زوجاً لها، فوافقت، وعلى الفور، عقد قرانهما، وكان الزواج فارتدّت بصيرة. </P>

<P dir=rtl>ثم أخذ زوجته ومضى حتى بلغ شجرة التين، فأخبرها أن ثمرها سيعود حلواً، إذا هي أذنت له أن يحفر أسفل جذعها،، ليأخذ الجرار السبع، فأذنت له، فبادر على الفور إلى الحفر، حتى إذا برزت الجرار، أفرغها في أكياس حملها على ظهور الحمير، ومضى مع زوجته ابنة الملك حتى بلغ مدينته. </P>

<P dir=rtl>وهناك اشترى قصراً ومحلات ودكاكين كثيرة وبضاعات، ورجع إلى السوق، ودهش التجار لما رأوا تلك الأموال التي فاقت ثروته الأولى وزادت عليها، ولما سألوه عن المصدر، عرض عليهم عرضه السابق قائلاً: "مالي كلّه حلال لكم، إذا عرفتم مصدره". أما إذا لم يعرفوه، فإن أموالهم كلها ستؤول إليه، فوافق التجار، ووضعوا مدة عشرة أيام، بتحريض من التاجر الشاب، الذي كان قد عرف مصدر الثروة أول مرة. </P>

<P dir=rtl>وعلى الفور أرسل ذلك التاجر العجوز نفسها إلى منزل الحطاب، ولجأت إلى الحيلة نفسها، فرحّبت بها زوجة الحطاب، وفسحت لها المجال لتصلي، ثم حاولت سؤالها عن مصدر تلك الثروة، ولكنها لم تظفر بشيء. </P>

<P dir=rtl>ومرة بعد مرة، كررت العجوز زيارتها إلى زوجة الحطاب، وفي كل مرة كانت ترجع خائبة، وفي المرة الأخيرة، طردتها شر طردة. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام العشر، ولم يعرف أحد من التجار مصدر ثروة الحطاب، فتنازلوا له جميعاً عن ثروتهم، ولكنه كان أكرم منهم، فرد عليهم أموالهم. </P>

<P dir=rtl>ثم قصد إلى الكهف وأخذ يعزف على الناي، فبرزت له الصبية الحسناء، وأخبرته أن هذا هو آخر لقاء بينهما، فقد تقدم إلى خطبتها ابن عمها، ورضيت به زوجاً لها، ورجته ألا يرجع بعد اليوم إلى الكهف. </P>

<P dir=rtl>وكانت زوجة الحطاب التي باحت بمصدر ثروته قد نال منها المرض، ندماً على بوحها بمصدر ثروة زوجها، فاعتلت وماتت. </P>

<P dir=rtl>وهكذا عاش الحطاب مع زوجته ابنة الملك التي شفاها من العمى، وسعدا معاً بالحياة. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف الحكاية المفارقة الكبيرة بين عالم المدينة وعالم الغابة، فهنا البراءة والنقاء والصدق، والكسب بوساطة الجد والكدح والتعب، حيث الجنّ تتعاطف مع البشر وتحبهم، وهناك، في عالم المدينة، الخداع والكذب والغش، والكسب بوساطة التجارة والتزييف والكذب، حيث الإنسان لا يحب أخاه الإنسان بل يمكر به. </P>

<P dir=rtl>والحكاية كما هو واضح تدين مجتمع المدينة وما فيه من زيف، وتنتصر لمجتمع الغابة وما فيه من صدق، وهي تعبرّ عن حنين جارف إلى هذا المجتمع، بوصفه عالماً قديماً تحوّل عنه الإنسان. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل بصورة غير مباشرة على الفن النقي الصافي المبرأ عن الأهواء والأغراض، وبه يتحقق السمو والخلاص، فالحطاب يعزف للصبية الحسناء، ويظل يعزف لها بعد موت ولده بسببها، وبعد انقطاع عطائها له، وهو لا يريد سوى العزف والجمال، ولا يحدث بينهما شيء من صلة أو علاقة جسدية، خلاف ولده الذي تطلع إلى شيء من هذا فاحترق. </P>

<P dir=rtl>والحكاية مبنية على حكاية عربية قديمة معروفة قبل الإسلام لا تختلف عن بداية هذه الحكاية إلا قليلاً، إذ تروي أن راعياً التقى حية، فتعاهدا على مثل ما تعاهد عليه الحطاب والأفعى، ثم مرض الراعي، وحل أخوه محلّه، فطمع في ذهب الأفعى كله، وضربها بفأسه، فأصاب ذيلها، فلدغته فمات، ولما رجع أخوه إلى الأفعى، وسألها أن يعودا إلى ما كانا عليه اعتذرت، مؤكدة أنها لا يمكنها أن تنسى ذيلها وهو لا يمكنه أن ينسى أخاه، فهي تتوجس منه خيفة، وهي في هذه الحكاية العربية القديمة محض أفعى، وليست جنية حسناء. </P>

<P dir=rtl>وواضح ما في الحكاية الجديدة من امتداد، وتطوير، وغنى في الخيال، ونمو في العناصر، وتعقيد في البناء والأفكار. </P>

<P dir=rtl>وأبرز ما في هذه الحكاية بستان أبو السعود الذي كاد يشبه في شكله وصورته الجنة والنار، ومع الاختلاف في الهدف، فهو يتفق معهما في أن لكل امرئ حظاً في ذلك البستان يشبه حظه في الحياة، على مبدأ الجزاء من جنس العمل، فمن كان سعيداً في الدنيا فحظه سعيد مثله في بستان أبو السعود. </P>

<P dir=rtl>ولعل أقوى ما في الحكاية إدانتها التجارة وأساليبها، إذ قد يكسب المرء كل شيء أو قد يخسر كل شيء في صفقة واحدة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الملك وبنت الحمّامي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال يملك حمّاماً، كان يقعد وراء الصندوق، يأخذ من المستحمين الأجرة، وذات يوم دخل الحمام رجلان في زي تاجرين، وبعد أن استحمّا، قدم له أحدهما قبضة من ذهب، وقدّم الآخر قبضة من فضة، أجرة استحمام كل منهما، ثم طلبا منه تفسير ذلك، وأمهلاه ثلاثة أيام. </P>

<P dir=rtl>وحار الحمامي في الأمر، ما معنى ذلك كله؟ وكانت له بنت وحيدة، رأت حيرته واضطرابه، فسألته عما به؟ فأخبرها؟ فأجابته بأن الأمر بسيط جداً، فأما الذي أعطاه قبضة ذهب فهو الملك، وأما الذي أعطاه قبضة فضة فهو الوزير. </P>

<P dir=rtl>ويرجع الحمامي إلى حمامه مسروراً، وفور دخول الرجلين عليه، يخبرهما بالجواب، فيسأله عندئذ الملك: "سأسألك عن صينية فيها لآلئ، يأتي طائر فيخطف منها لؤلؤة، ما تفسير ذلك؟"، ثم يمهله ثلاثة أيام. </P>

<P dir=rtl>ويرجع الحمامي إلى ابنته، فيعرض السؤال عليها، فتجيبه بأن الصينية هي الدنيا واللآلئ هي الأرواح والطائر هو ملك الموت يقبض تلك الأرواح. </P>

<P dir=rtl>وبعد ثلاثة أيام يحضر الملك ووزيره إلى الحمام متنكرين، ويجيبهما الحمامي بمثل ما أجابت ابنته، فيسرّ الملك بالجواب، ثم يطلب منه أن يجيبه عن هذا السؤال: "ما الواحد لا يصير اثنين؟؟ وما الاثنان لا يصيران ثلاثة؟؟ وما الثلاثة لا تصير أربعة؟ وما الأربعة لا تصير خمسة؟ وما الخمسة لا تصير ستة؟ وما الستة لا تصير سبعة؟ وما السبعة لا تصير ثمانية؟ وما الثمانية لا تصير تسعة وما التسعة لا تصير عشرة، وما العشرة لا تصير أحد عشر وما الأحد عشر لا يصير اثني عشر، وما الاثنا عشر لا يصير ثلاثة عشر؟" </P>

<P dir=rtl>ويذهل الحمامي أمام السؤال، ويرجع إلى ابنته وهو قلق، يخشى ألا تتمكن من الجواب، وقد أمهله الملك أيضاً ثلاثة أيام. </P>

<P dir=rtl>وعلى الفور تجيبه ابنته قائلة: "الواحد لا يصير اثنين هو الله، والاثنان لا يصيران ثلاثة هما الليل والنهار، والثلاثة لا تصير أربعة القسم بالطلاق، والأربعة لا تصير خمسة الخلفاء الراشدون، والخمسة لا تصير ستة أوقات الصلاة، والستة لا تصير سبعة أيام شوال الستة، والسبعة لا تصير ثمانية أيام الأسبوع، والثمانية لا تصير تسعة كلب أهل الكهف هو ثامنهم، والتسعة لا تصير عشرة أشهر الحامل، والعشرة لا تصير أحد عشر الرجال المبشرون بالجنة، والأحد عشر لا تصير اثنتي عشر هم إخوة يوسف الصديق، والاثنا عشر لا تصير ثلاثة عشر أشهر السنة". </P>

<P dir=rtl>ويسترجعها والدها الجواب، فتعيده عليه، فيؤكد لها أنه لم يتمكن من حفظه، وعندئذ تكتب له الجواب على ورقة. </P>

<P dir=rtl>ويحضر الملك ووزيره إلى الحمام، فيعطيه الجواب مكتوباً على ورقة، فيقرؤه الملك، فيسرّ به، ثم يسأله عن صاحب الأجوبة فيخبره بأنه ابنته، فيسأله الملك الزواج منها، فيخبره أن عليه أنْ يشاورها في الأمر. </P>

<P dir=rtl>ويعرض الحمامي على ابنته الزواج من الملك، فتجيبه بالموافقة، على شرط أن يتمكن الملك من تلبية طلبها، وهو أن يحضر لها الأرض التي لم تدس، والقمر الذي لم يخسف، والنجوم التي لم تعدّ. </P>

<P dir=rtl>ويرجع الحمامي إلى الملك بالسؤال، فيعده بذلك، وفي اليوم التالي يرسل إليها بساطاً جديداً مطوياً، هو الأرض التي لم تدس، وصينية من فضة، هي القمر الذي لم يخسف، وقد ملئت بالذهب، وهو النجوم التي لم تعدّ. </P>

<P dir=rtl>ويحمل البساط والصينية خادمان هما سعد ومسعود، فيقرعان عليها الباب، فتجيب بأنها مشغولة وما عليهما إلا أن ينتظرا ريثما تنزل إليهما، ثم تتأخر عنهما، وهي ترقبهما من نافذة فوق باب الدار، لترى ما سيصنعان، وإذا هما يمدّان البساط فيقعدان عليه، ثم يأخذان في عدّ الذهب، وقبل أن يفرغا من العدّ يضع كل منهما في جيبه بضع قطع. </P>

<P dir=rtl>ثم تفتح لهما الباب، وتدعوهما إلى ادخال ما يحملان إلى الدار، وقبل أن يخرجا تطلب منهما أن يخبرا الملك أن الأرض قد ديست، وأن القمر قد خسف وأن النجوم قد عدت ونقصت. </P>

<P dir=rtl>ويرجع الخادمان إلى الملك، ويخبرانه بما قالته لهما، فيأمر بقطع رأسهما، فيدهشان، يسألانه عن السبب، فيسألهما إن كانا قد مدّا البساط وعدّا الذهب، وسرقا منه شيئاً؟ فيقرّان، فيعفو عنهما. </P>

<P dir=rtl>وفي اليوم التالي ينزل الملك ووزيره إلى الحمام متنكرين كعادتهما، ويسأل الملك الحمامي، عما تجيده ابنته من عمل، فيخبره أنها تحسن الخياطة، فيعطيه قطعة مرمر، فيطلب من ابنته أن تخيط له ثوباً. </P>

<P dir=rtl>ويحمل الحمامي قطعة المرمر إلى ابنته، ويخبرها بطلب الملك، فتعطيه ثلاث قطع صغيرة من الصوان، ليطلب من الملك أن يغزل منها خيطاناً لتخيط له ثوباً. </P>

<P dir=rtl>ويحضر الملك إلى الحمام، فيعطيه الحمامي قطع الحجارة، فيشعر الملك بالحرج، ويدرك مدى ذكاء تلك البنت، ولكنه يأبى إلا أن يمتحنها أكثر فأكثر، فيحدد لوالدها موعد الزفاف بعد أسبوع، ثم يخبره أنه يطلب منها أن تدعو إلى العرس أربعين فتاة عذراء وكلهن حوامل في الشهر التاسع. </P>

<P dir=rtl>وتدعو ابنة الحمامي أربعين فتاة من جاراتها وصديقاتها وقريباتها، وتضع على بطونهن وسائد، تلفها بالقماش، وتسدل فوقها الأثواب، فإذا هن كالحاملات. </P>

<P dir=rtl>وفي ليلة الزفاف يقيم الملك المآدب، وتدعى إليه الفتيات الأربعون، فيأخذن جميعاً في رمي ما في الصحون على الأرض، ويعبّرن عن اشمئزازهن من الطعام، وعدم رضاهن عنه، ويطلبن من الملك أن يهيّئ لهن لحماً مشوياً في سياخ من جليد على نار من برد، وقد فعلن هذا كله بتوصية من ابنة الحمامي. </P>

<P dir=rtl>ويخلو الملك بالعروس والغضب بادٍ عليه، فقد أحرجته أمام المدعوين بما فعلت، وفور دخوله عليها يؤكد لها عدم رضاه عن كل ما كان، ثم يطلب منها أن تحمل ما غلا ثمنه وخف ثقله وترجع بثياب الزفاف إلى بيت أهلها. </P>

<P dir=rtl>فتظهر ابنة الحمامي الإذعان والقبول، ولكنها تعرض عليه أن يقبل منها هدية زجاجة عطر، كي تبقى لديه للذكرى، ثم تقدمها إليه، فيفتح الزجاجة ويشمها، فيروح على الفور في سبات عميق، إذ لم تكن زجاجة العطر سوى مخدّر قويّ التأثير. </P>

<P dir=rtl>وتلف ابنة الحمامي الملك في ملاءة السرير ثم تحمله على ظهرها، وتخرج به من باب سرّي، وتمضي به إلى حمام والدها، وهناك تنزله عن ظهرها. </P>

<P dir=rtl>ويستيقظ، فيجد نفسه في الحمام وحده، مع العروس، فيسألها كيف أحضرته إلى هذا المكان؟ فتجيبه ألم يطلب منها أن تحمل ما غلا ثمنه وخف وزنه، وتؤكد له أنها لم تجد سواه، لا أغلى ثمناً ولا أخف وزناً، كما تؤكد له أنها لم تشأ أن يعلم أحد من أهله أو أهلها إذ لا يجوز أن يعلم أحد بشيء مما بين الرجل وزوجته، ولذلك جاءت به إلى الحمام في الليل وهي مغلقة. </P>

<P dir=rtl>وعندئذ يرجوها أن ترجع به إلى القصر مثلما جاءت به، فترجع به من الباب السرّي، ويظل طوال الليل قاعداً من غير أن يكلمها بشيء. </P>

<P dir=rtl>ومع الفجر يخبرها أنه ماض في سفر طريل، وأنه سيترك لها جارية عذراء ومهرة بكراً، وسيرجع بعد سنة، ليجدها والجارية والمهرة وقد وضعت كل منهما مولوداً ذكراً، ثم يودّعها ويمضي. </P>

<P dir=rtl>وتلتفت إلى الجارية على الفور، تطلب منها أن تجهز نفسها، وتمضي معها في إثره، وهما تجرّان المهرة، وقد ارتدت ثياب فارس، وحملت الشمعدان الذي كان في القصر. </P>

<P dir=rtl>وظلت تتبع الملك من وراء وراء، حتى نزل مع رجاله في واد ظليل قرب نهر، فنزلت قريباً منه، وضربت خيمتها. </P>

<P dir=rtl>وفي الليل، أوقدت الشمعدان، وهي ما تزال في زي فارس، وقعدت تلاعب الجارية بالشطرنج، وقد ربطت المهرة أمام الخيمة. </P>

<P dir=rtl>وبينما هي كذلك، إذ سمعت صوت جوادين، فطلبت من الجارية ألا تبالي بالأمر، وما هي إلا هنيهة حتى دخل عليها الملك وخادمه، معلناً عن رغبته في الأنس والمسامرة، وقد عرّفها إلى نفسه على أنه هو الملك، على حين عرفته إلى نفسها على أنها فارس من بلاد مجاورة. </P>

<P dir=rtl>ثم أمرت الخادمة بالخروج من الخيمة، ودعْت الملك إلى اللعب بالشطرنج، ولما سألها عن جائزة الغالب، أشارت إلى الشمعدان، وعندئذ طلب الملك من خادمه أن يأتي على الفور بشمعدانه. </P>

<P dir=rtl>وأحضر الخادم الشمعدان، فأمره الملك بالانتظار في الخارج، وأخذ يلاعب ابنة الحمامي، عروسه، وهو لا يعرفها، وإذا هو يخسر، فظفرت منه بالشمعدان، ثم دعته إلى دور آخر، فتردّد، فأكدت له أن اللعب دوران، ولما سألها عن نصيب الغالب، أجابته: "عروس جميلة"، فقبل، وأخذت تلعب وتوقع نفسها في نقلات خاطئة، وظلت تداور الملك، حتى مكنته من الظفر، وعندئذ استأذنته في أن تخرج، لترسل إليه ما وعدته به. </P>

<P dir=rtl>وأسرعت إلى خيمة أخرى، فخلعت ثياب الفارس، وارتدت ثياب العروس، ورجعت إليه، وهو في الحالتين لا يعرفها. </P>

<P dir=rtl>وفي خارج الخيمة كان للخادم من الخادمة ما كان للملك من تلك العروس الجميلة، التي هي عروسه ابنة الحمامي، ولكن من غير أن يعرفها، كما كان الأمر كذلك مع المهرة وجواد الملك. </P>

<P dir=rtl>وقبل الفجر، رجعت ابنة المحامي إلى خيمتها، فارتدت ثياب الفارس، وحملت شمعدان الملك، تاركة له شمعدانها، ثم ارتحلت هي والفرس والجارية. </P>

<P dir=rtl>وشاءت الأقدار أن تحمل لليلتها الإناث الثلاث، العروس والخادمة والمهرة، ومرت الأيام تلتها الشهور، فوضعت كل منهن مولوداً ذكراً. </P>

<P dir=rtl>ثم مرت الأيام والشهور، ورجع الملك من سفره الطويل، فتقدمت إليه ابنة الحمامي تحمل وليدها، تبعتها الجارية، وهي تحمل وليدها أيضاً، وفي المرعى كانت الفرس تسرح مع مهرها. </P>

<P dir=rtl>ولما دخل إلى غرفتها رأى الشمعدان الذي كان قد خسره حين لاعب ذلك الفارس في الشطرنج. وعندئذ أدرك الملك مقدار ذكاء تلك المرأة، فقدّرها حق قدرها، وألبسها تاج الملك، وجعلها إلى جانبه مليكة، وعاشا  معاً بهناءة وسرور. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية، موجّهة في المقام الأول إلى الفتيات، وهي تسعى إلى طرح أحجيات تثير الذهن، وتعلّم أساليب التراسل الرمزي، وتؤكد دور الذكاء في تحقيق الوجود وإثبات الذات. </P>

<P dir=rtl>وهي تدل على إمكان الفتاة الفقيرة، كابنة الحمامي مثلاً، الزواج من أقوى الرجال وأرفعهم مكانة، كالملك، بفضل الذكاء والحنكة وحسن التدبير. </P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على أن الطريق الصحيحة إلى قلب الرجل ليست الخبث أو المكر أو الحيلة، وكذلك ليست الجسد أو الغنى أو المنزلة الاجتماعية، وإنما الطريق الصحيحة هي المعرفة والذكاء وحسن التدبير. </P>

<P dir=rtl>وتتضمن الحكاية عناصر متكررة في حكايات أخرى، ولا سيما عناصر الرمز، وهي عناصر بدائية عفوية بسيطة. والحكاية لا تخلو في ختامها من جرأة تتدرج نحوها شيئاً فشيئاً، وهي تتمثل في اللعب بالشطرنج والظفر بالشمعدان ثم ما يكون بعد ذلك بين ابنة الحمامي والخادمة والمهرة، وبين ما يقابلهن من ملك وخادم وفرس، وهي جرأة مستورة بحسن التقديم الفني، ولا فحش فيها ولا إسفاف، ولا تغيب عنها بذكاء المشروعية، لأن ابنة الحمامي هي زوج الملك شرعاً. </P>

<P dir=rtl>وهذه الجرأة الرشيقة تؤكد مرة أخرى الدور التربوي للحكاية كما تؤكد توجهها نحو الفتيات خاصة، وإن كان ذلك كله يتمّ بصورة غير مباشرة، لا تلقين فيها ولا إسفاف، مما يدلّ على عفوية الحكاية وفنيتها ويدعم دورها الاجتماعي. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

حكاية مئة موال

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أنه كان في قديم الزمان ملك عظيم، مرت عليه سنون وأعوام، وزوجته لا تحمل، ثم حملت بعد طول صبر وانتظار، ففرح بذلك فرحاً عظيماً، ودعا إليه كبار العرافين والمنجمين، لينظروا طالع المستقبل، فتنبؤوا له ببنت تسيء إليه، فغضب وحزن، وقرر أن يذبح البنت فور ولادتها. </P>

<P dir=rtl>وعلمت الملكة بقرار الملك، فلجأت إلى عرافة، وطلبت منها أن تنظر في الغيب، فتنبأت لها ببنت جميلة، ذكية، يكون لها شأن عظيم، ففرحت الملكة بذلك، ثم طلبت من المربية أن تتدبر الأمر. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، وإذا الملكة في المخاض، ولم تلبث أن وضعت بنتاً، تدل ملامحها الأولى على جمال فائق، فحملتها المربية، وخرجت بها، تدق الأبواب، حتى بلغت بيتاً، فيه امرأة وضعت لتوها بنتاً ميتة، فطلبت منها أن تبدل هذه بتلك، وأعطتها صرة نقود، فوافقت المرأة، ورجعت المربية إلى القصر بالبنت الميتة، ثم أرسلت إلى الملك تخبره بأن الملكة وضعت بنتاً ميتة، ففرح بذلك واستبشر. </P>

<P dir=rtl>وبعد بضعة أيام أرسلت الملكة وراء كبير المعمارين، فلما حضر إليها، طلبت منه أن يحفر سرداباً سرياً، يصل جناحها في القصر، بقصر آخر، غير بعيد، خاص بها، وطلبت منه أن يسرع في عمله، ولما أنجز السرداب، مضت المربية إلى المرأة التي استبدلت ابنتها الميتة بابنة الملك، وطلبت منها أن تنتقل وأسرتها إلى قصر الملكة الخاص، ووعدتها أن تعطيها كل يوم صرة نقود. </P>

<P dir=rtl>وفي القصر الخاص، أخذت الملكة تلتقي كل يوم بطفلتها، تتسلل إليها من السرداب، في الصباح، وتمضي معها بضع ساعات، ثم ترجع إلى قصرها، من غير أن يعلم بالأمر أحد، غير المربية. </P>

<P dir=rtl>ومرت الشهور، وتلتها السنوات والأعوام، كبرت البنت فيها وشبت وقد أخذ جمالها يبرز ويتفجر، مثلما أخذ ذكاؤها يبدو قوياً حاداً، وكانت المربية تشرف على تعليمها، فكانت تحضر لها كبار المعلمين، فحفظت القرآن، وأتقنت فنون القول، والغناء. </P>

<P dir=rtl>وكانت أمها الملكة ما تفتأ تزورها كل يوم، وتمضي معها بضع ساعات، بوصفها شقيقة المربية. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم، كانت البنت تمرح في حديقة القصر، وإذا شاب وسيم، حسن الطلعة، يبرز لها، فيحدثها، فتأنس به، وتنجذب إلى حلو حديثه، فتهواه. </P>

<P dir=rtl>وأخذ الفتى يبرز لها كل يوم، يجالسها، فيحدثها ويؤانسها، وتحدثه وتؤانسه، ويبثها هواه، وتبثه هواها، حتى مر على ذلك عام أو بضع عام، وإذا هو يعرض عليها أن يأخذها إلى أهله ليقدمها إليهم، ويتزوجها. </P>

<P dir=rtl>وكانت قد شكّت من قبل في أمر المرأة التي تزورها مع المربية، وتمضي عندها ساعات، فسألت عنها المربية، فأجابتها بأنها شقيقتها، ولكنها لم تصدق، وألحت في السؤال، فاعترفت لها المربية بأنها أمها، وأن الملك أباها، وروت لها القصة كلها. </P>

<P dir=rtl>ولما سألها الفتى أن تذهب معه إلى أهلها، رفضت، وأخبرته أنها ابنة ملك، وطلبت منه أن يرسل أهله إلى أهلها لخطبتها، فتركها الفتى، وغاب. </P>

<P dir=rtl>ومرت أيام وهو لا يبرز لها، فقلقت واضطربت، حتى إذا طال بها الانتظار، وهو لا يبرز لها، ضاقت وضجرت، وبرح بها الشوق، وظهر عليها الضعف والمرض. </P>

<P dir=rtl>ولما رأت الملكة ذلك التغير في ابنتها، سألت المربية عن الأمر، فأجابتها بأنها أخبرت البنت بأمر أمها وأبيها، ثم حدثت الملكة عن الفتى الذي يبرز لها، وكانت المربية على علم به، فضاقت الملكة وقلقت، ثم لجأت إلى العجوز الساحرة تسألها وتستشيرها، فنصحت بتقديم البنت إلى أبيها، وأكدت لها أن نبوءة العرافين والمنجمين قد فات أوانها، ولما سألتها الملكة عن أمر الفتى الذي يبرز لها، طلبت منها أن تؤجل الحديث عنه. </P>

<P dir=rtl>ورجعت الملكة إلى القصر، لتعد ابنتها خير إعداد للقاء أبيها، فكستها فاخر الثياب، وزينتها، ولما كان المساء، رجع الملك من مجلسه إلى الملكة، فرأى في ضيافتها صبية باهرة الحسن والجمال، فسألها عن الصبية من تكون؟‍! فأجابته بأنها ابنته، فذهل، ثم أخذها بين يديه، يعانقها ويقبلها، ويعتذر إليها عما كان منه، ثم طلب منها أن تسأله ما تريد وتتمنى، فطلبت منه أن يشيد لها قصراً خاصاً بها، حجارته من ذهب ومن فضة، فأجاب طلبها، وأمر البنائين بذلك، ولم تمض غير أيام حتى حلت البنت في قصرها، وكان أبوها يزورها كل مساء. </P>

<P dir=rtl>وكانت البنت على الرغم من جمال القصر ورحابته، وعلى الرغم من فرحها بلقاء أبيها، واجتماعها بأمها، لا ترتاح ولا تطمئن، فهي في قلق وشوق إلى لقاء حبيبها. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم تمنت على المربية أن تصحبها إلى الحمام، فأجابت المربية أمنيتها، فاستأذنت والدها في ذلك، ثم استأجرت لها حماماً من أجمل الحمامات، وهيأت لها صرة ثيابها، ومضت بها إلى الحمام. </P>

<P dir=rtl>وفي الطريق إلى الحمام مرت البنت بسوق، دهشت لما فيه من نشاط وحركة، فقالت(1): </P>

<P dir=rtl><B><I>عديت على السوق ألقى فيه دكاكين <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>قصاب وسمّان بياعين كعك وتين <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>صرخت من نار قلبي يا إله عين <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>اللي ابتلى بالهوى مالو سواك معين <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت دكان عطار، فقالت(2): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا لالتي انظري العطار بالدكان <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>يبيع من علبتو أشكال مع ألوان<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بطلب من رب السما الواحد الرحمن <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أشوف حبي أنا اليوم في الحمام<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت دكان سمّان، فقالت(3): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا لالتي انظري السمان يبيع الكثير<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>عنده أشكال من زيت حلو وشعير <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>في جوز في لوز فستق بلا تقشير <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>الله يهون علي كل أمر عسير<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ثم رأت دكان قطّان، فقالت(4):</P>

<P dir=rtl><B><I>قطان قطان كار مليح وحياتك <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>اضرب بقوسك وسمعني نغاماتك<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>لك عين سودا وفوق الخد شاماتك<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>الله يهون علي اليوم خطواتك<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت دكان خضري، فقالت(5): </P>

<P dir=rtl><B><I>نظرت إلى خضري واقف بيتمختر<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>عنده بادنجان وقتّه مع خيار أخضر<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أحلف بذات النبي من يطلبه يحضر <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما برجع اليوم حتى أشوف حبي لي محضر<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم سارت إلى أن وصلت إلى الحمام، فدخلت فيها، وهي تقول:(6)</P>

<P dir=rtl><B><I>حمامكم معتمة من قلة الجامات<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وكل شخص تعلق بهواكم مات<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سبحان من فصل المخمل على القامات<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أسمر جرحني يداويني أبو الشامات<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم بدأت تنزل بضع درجات، داخل الحمام، فقالت(7): </P>

<P dir=rtl><B><I>دخلت حمام درج فيها بديت أنزل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>والدمع من مقلتي شبه المطر ينزل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وحياة من قال لآدم من الجنان انزل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما أسلا هواكم لو تحت التراب أنزل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت بركة ماء، فقالت: </P>

<P dir=rtl><B><I>يا بركة الماء أملي الكأس واسقيني <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>واطفي فؤاد كواه الحب وارويني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>محبوس بقيد الهوى يا من ينجيني <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>مالي سواك يا إله العرش معيني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم مرت بالباب الأول الذي يفضي من بهو الحمام إلى ممر يقود إلى داخلها، فقالت(8): </P>

<P dir=rtl><B><I>دخلت من الباب لقيت دهليز عديتو<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>واللي بحبه لاشفتو ولا ريتو<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>واحلف بذات النبي جوا الحرم بيتو<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>لو كنت أشوفو مثل العين داريتو<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم قعدت في داخل الحمام، وأخذت تقول(9): </P>

<P dir=rtl><B><I>لي بدر مثل القمر خدو كم جاني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>لو سبع شامات على الخدين نعماني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سبحان واحد أحد مالو ثاني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما يطلع اليوم تأشوف الحب قد جاني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ولم تكد تنتهي من إنشاد البيت الأخير حتى برز لها الفتى الشاب، الذي يهواها وتهواه، فتركتهما المربية وخرجت، لتحضر الصابون، فتلاوم المحبان، وتشاكيا، وبث كل منهما للآخر حبه وهواه، حتى آن للفتى أن يرحل، فالتفتت إليه تسأله أن يرسل إليها في الغد أهله ليخطبوها من أهلها، فوعدها الفتى بذلك، ثم غاب. </P>

<P dir=rtl>ورجعت إليها المربية بالصابون، فنضت عنها ثيابها، ثم أخذت تغسلها، وهي تنشد في وصف حبيبها، وبث هواها، فتقول(10): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا لالتي صدّقي صورت أنا أشكاله <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما يوم قلبي من الهجران أشكاله<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما وجد غير في جنان الخلد أشكاله <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>درت البراري والمدن ما شفت أشكاله<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ثم قالت(11): </P>

<P dir=rtl><B><I>في صحن خدي كتب دمعي وقد أملا <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>شوق الحبيب الذي هجره للحشا أملا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>له خصر رفعه كخصر النمل أو أملا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هذه مواصف حبيبي أعشقوا أم لا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم قالت(12): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا نجم سلم على أحبابي ومسيهم <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>واحكي لهم ما جرى وابكي وبكيهم<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وان كان يا نجم تجمع شملنا فيهم<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سلم عليهم وقبل لي أياديهم<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم قالت(13): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا أحمر اللون في عشقك نشف دمي<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وأحرمتني النوم بين أهلي وبين أمي<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وإن كان ريقك عسل لطبق على تمي<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وآخذك بالحلال وأصرخ لبوك عمي<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ثم قالت(14): </P>

<P dir=rtl><B><I>يا لالتي خده أحمر يضوي في ظلام الليل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>كم هد شجعان أهل القوى والحيل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وحق سورة تبارك والضحى والليل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>        </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما خذ بدالو ولا عنو يجيني ميل<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم غادرت الحمام، ورجعت إلى القصر، وأسرعت إلى أمها فرحة مسرورة، لتخبرها بأن بعض النسوة سوف يجئن إليها في الغد يخطبنها، فغضبت منها أمها، ونصحت لها ألا تتحدث بذلك إلى أبيها، فضاقت البنت نفساً، ومضت إلى مخدعها كئيبة حزينة، ولم تنم تلك الليلة. </P>

<P dir=rtl>ولما كان الصباح ارتدت أجمل ثيابها، وتهيأت وتزينت، وهي تتوقع مجيء النسوة، وإذا أمها تدعوها إلى الدخول على نسوة جئن يخطبنها، فدخلت عليهن فأخذن بجمالها، وحلو حديثها، ثم طلبن من أمها أن تسأل أباها موافقته على زواجها من ابن ملك الجان، فخرجت الأم، وعرضت الأمر على الملك ثم رجعت لتخبرهن قراره برفض تزويجها. </P>

<P dir=rtl>ورجعت النسوة إلى الفتى خائبات، وأخبرنه بقرار أبيها، فطلب منهن الرجوع إلى أمها وتخييرها بين أخذها غصباً وقهراً، أو الموافقة على خطبتها، فاستدعى الملك المربية وشاورها، فأشارت عليه بطلب صعب، فطلب أن يشاد لابنته قصر أجمل من قصرها، تحيط به الحدائق والبساتين، مليئة بأنواع الأشجار اليانعة الثمار، فأخبرت الأم النسوة بطلب أبويها، فوعدنها بتحقيقه في صباح الغد، وأكدن لها أن أم العريس ستحضر في الموعد نفسه لأخذها. </P>

<P dir=rtl>ونامت البنت ليلة هانئة مطمئنة، لأنها كانت واثقة من أن الفتى قادر على الوفاء بكل ما يطلب منه، مهما كان صعباً، ولما كان الصباح، أفاقت وأسرعت إلى نافذتها تطل منها، فرأت تجاه قصرها قصراً آخر أجمل منه وأبهى، تحيط به الحدائق والبساتين، فأدركت على الفور أنه من صنع الفتى حبيبها، وأخذت تتهيأ للقائه. </P>

<P dir=rtl>ولما كان الضحى حضرت أم الفتى، لتصطحبها معها إلى ابنها، ولكن البنت اعتذرت عن الذهاب معها، ووعدتها أن تأتي هي بنفسها، تصحبها المربية، فوافقت الأم، ومضت إلى ابنها تزف إليه النبأ، ولم تلبث البنت أن ودعت أمها وأباها، ومضت مع المربية إلى قصرها الجديد لتلتقي بفتاها. </P>

<P dir=rtl>ودخلت حديقة القصر، فدهشت لما رأت من أنواع الزهور، فوقفت أمام الورد الأبيض، ثم قالت(15): </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl><B><I>يا ورد شكلك حلو اسمك ظريف أبيض<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>اشلون إذا كنت نايم فوق خديد أبيض<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>طالب أنا من قلبه يكون نظيف أبيض<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>يكون معه الليل أبيض والنهار أبيض<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت البنفسج، فوقفت أمامه طويلاً، تتملاه، وهي تقول(16): </P>

<P dir=rtl><B><I>اسمك بنفسج وبلون السما شكلك <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ياما فنيت ناس مقهورين من شكلك <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>صباغ جابك وصار يصبغ على شكلك<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>حيرت الناس في قدك وفي شكلك<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت شجرة دردار، فقالت(17): </P>

<P dir=rtl><B><I>عديت بستان ألقى نهر حوله أشجار<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سألت عنهم قالوا لي هدول دردار<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>لولا يكون هل شجر عاشق وقلبو نار<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما كان نبت ولا طلع جانب الأنهار<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت شجرة فستق، فقالت: </P>

<P dir=rtl><B><I>فستق معرش قوي طيب على أمه <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>ما شفت مخلوق أكل منه وراح ذمّه<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أكله يسلّي لمن زايد عليه همّه<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>وكل من يأكله ينسى أبوه وأمه<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>ثم رأت داليه، فقالت(18): </P>

<P dir=rtl><B><I>نظرت إلى دالية اليوم في عيني <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أبيض عنبها حمله عنب زيني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سبحان من خلقها وحلاّها في عيني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>الله يرمي المحبة ما يبنو وما بيني<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>وكان الفتى ابن ملك الجان يراها ويسمعها وهي تنشد تلك الأشعار، فطلب من مربيته أن تعلمه أبياتاً من الشعر يقولها لها، فحفظته الأبيات التالية(19): </P>

<P dir=rtl><B><I>بجديد بجديد ما عدت أقبلك بجديد <BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>يا جرن حمام غسلت الردي والجيد<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>إن لم تجي زي عاداتك تبوس الإيد<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>يا كلب جربان انتفض من بعيد لبعيد<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ولما صارت أمامه، أنشدها تلك الأبيات، فاضطربت، ودهشت لما يقول، وتركته ورجعت مع مربيتها، فأسرع هو إلى مربيته يسألها أن تعينه على الأمر، فنصحت له أن يتمدد على الأرض، ويجعل نفسه كالميت، ففعل، وأخذت المربية تبكي وتولول وتندب وتعول، فرجعت إليه على الفور، وأخذت تلطم خدوده، وترش على وجهه ماء الورد، فنهض، وقال لها(20):</P>

<P dir=rtl><B><I>نور العيون مية السلام حالا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>قلبي عليك فرح يا سكر الحالا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>سبحان رب السما عالم بأقوالا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>مالي أنا ذنب كل الذنب للالا<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>فسامحته على ما كان منه، ومضت إلى أمه وأبيه، ثم كان زفافهما بالأفراح، والليالي الملاح، وعاشا معاً في سعادة وسرور، فسبحان مدبر الأمور. </P>

<P dir=rtl align=center>r</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

شرح المفردات العامية:

<P dir=rtl><I>1-عديت               : مررت. عين: أعن، فعل طلب. اللي: الذي. مالو: ماله. </I></P>

<P dir=rtl><I>2-يا لالتي             : يا مربيتي. العطار: بائع العطور والتوابل. علبتو: علبته. يطلب: أطلب. أشوف: أرى. حبي: الحب، بكسر الحاء، هو الحبيب، وهي فصيحة، أشوف: أرى. وكان يظن أن الجنّ تسكن الحمام. </I></P>

<P dir=rtl><I>3-السمّان              : بائع السمن والزيت والسكر وما إليها. في جوز: لديه جوز. يهوّن: يسهّل. </I></P>

<P dir=rtl><I>4-القطان              : الرجل الذي يندف القطن بوساطة قوس ووتر كي يصبح عهناً خفيفاً. </I></P>

<P dir=rtl><I>5-الخضري           : بائع الخضر. يتمختر: يمشي بكبرياء. قته: قثاء. </I></P>

<P dir=rtl><I>6-الجامات            : الزجاج. وكان في الحمام غرف صغيرة كثيرة يستحم في كل غرفة بضع نسوة، وتسمى الغرفة الواحدة خلوة، وهي مفتوحة على بهو واسع، وكان فوق كل خلوة قبّة، فيها فتحات كثيرة مدورة مسدودة بزجاج ملون يتسرب منه الضوء إلى الخلوة. </I></P>

<P dir=rtl><I>7-ما أسلا             : ما أسلو، ما أنسى. </I></P>

<P dir=rtl><I>8-لاشفتو ولاريتو     : مارأيته. وفعل شاف فصيح بمعنى رأى ونظر. جوا: داخل وجو كل شيء بطنه وداخله</I></P>

<P dir=rtl><I>                         وجواني الشيء بفتح الجيم باطنه، وهي فصيحة. </I></P>

<P dir=rtl><I>                         بيتو: بيته. داريته، من الفعل دارى يداري بمعنى اعتنى. </I></P>

<P dir=rtl><I>9-لو سبع شامات     : له سبع شامات. ما بطلع: لن أخرج. تأشوف: حتى أرى. جاني: جاءني. </I></P>

<P dir=rtl><I>10-أشكاله الأولى     بمعنى ملامحه، والثانية أصلها شكا له، والثالثة بمعنى الأولى، والرابعة بمعنى أمثاله. </I></P>

<P dir=rtl><I>11-أملا               : أصلها أملأ، بمعنى الدمع ملأ الخد، وأملأ الثانية أصلها أملي يملي، بمعنى الهجر أملي الكلام على الحشا. وأملأ الثالثة: أصلها أملأ، أي أكثر امتلاء، والمعنى: خصره ناحل كخصر النمل أو أكثر امتلاء، وأملا في آخر الموال المقصود بها: أعشقه أم لا أعشقه. </I></P>

<P dir=rtl><I>12-مسيّهم             : قل لهم: مساء الخير. </I></P>

<P dir=rtl><I>13- تمّي              : فمي. أصرخ: أنادي. لبوك: لأبيك. والعادة أن ينادي والد الزوج أو الزوج بالعم. </I></P>

<P dir=rtl><I>14-يضوي            : يضيء. </I></P>

<P dir=rtl><I>                         والمقصود بالشطر الأخير: لا أخذ بدلاً منه، ولا أميل عنه. </I></P>

<P dir=rtl><I>15-اشلون: كيف خديد: تصغير خد. والمقصود بالبياض في الشطر الثالث النقاء، والمقصود به في الشطر الرابع السعادة. </I></P>

<P dir=rtl><I>16-ياما فنيت         : ما أكثر ما أفنيت: جابك: جاء بك. </I></P>

<P dir=rtl><I>17-هدول             : هؤلاء. دردار: شجر. قلبو: قلبه. </I></P>

<P dir=rtl><I>18-زيني              : الأصل زينة، ثم أبدلت التاء هاء، ثم أميلت، فأصبحت في اللفظ زيني، مابينو: ما بينه. </I></P>

<P dir=rtl><I>19-بجديد             : من جديد، ثانية. الردي والجيد: الرديء والجيّد. زي عاداتك: مثل عاداتك. تبوس: تقبّل. </I></P>

<P dir=rtl><I>20-مية السلام حالا   : مئة سلام فوراً. عالم بأقوالا: عالم بأقوالها. اللالا: المربية. </I></P>

تعليق:

<P dir=rtl>هذه الحكاية موجهة على الأغلب إلى الفتيات، من أجل إعدادهن نفسياً وثقافياً للدخول في الحياة الزوجية،، ومعرفة الأساليب اللبقة في التعامل الزوجي. </P>

<P dir=rtl>فالحكاية تلّقن الفتاة مجموعة وافرة من المواويل الشعبية، وتساعدها على حفظها داخل نسق حكائي، لتكسبها مهارة الحديث، والقدرة على الإنشاد. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تعرّف الفتاة إلى عالمها الأنثوي، وإلى عالم الرجل، بأسلوب فني، فيه تلميح وإشارة، فالحكاية لا تخلو من بعض الجرأة في الإبانة عن رغبة الفتاة في الغزل، ورسم صورة مثلى للشاب، لكي تكسر حدّة الخجل عند الفتاة، وتهيئها للقاء الرجل. </P>

<P dir=rtl>وكان من العادات الشعبية أن تلّقن الفتاة مثل تلك المواويل، كما كان من العادة أن يحفظ الشاب ما يماثلها أيضاً من المواويل حتى إذا ما كان الزفاف، وخلا العروسان أحدهما بالآخر، كانت تلك المواويل وسيلة فنية للتقارب والتواصل، بطريقة فيها التلميح والإشارة. </P>

<P dir=rtl>وتبدو هذه الحكاية قابلة لحشد قدر أكبر من المواويل، وفق القدرة على الحفظ، وربما وفق القدرة على الارتجال ونظم مواويل جديدة، ولا سيما ما يتصل منها بوصف السوق والحمام والزهور. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على قمع المجتمع للمرأة، وقدرة المرأة، على الرغم من ذلك، على تحقيق ذاتها، وتأكيد وجودها، في مواجهة المجتمع نفسه. </P>

<P dir=rtl>إن البنت في الحكاية متهمة قبل أن تولد بأنها سوف تسيء إلى والدها، وهي إساءة غير محدّدة ولا واضحة، وليس ثمة تفسير لهذه الإساءة غير كونها انثى ستمارس ذات يوم أنوثتها مع رجل. </P>

<P dir=rtl>ولذلك كان الموت هو المقترح، وكانت الطفلة الميتة هي البديلة، وهكذا تمّ منذ البدء تغييب البنت في قصر بعيد، لتعيش مع مربيتها ولا تراها سوى أمها. </P>

<P dir=rtl>وهذا التغييب للبنت هو إبعاد لها عن الذكر، حتى لو كان متمثلاً في الرجل الأول وهو أبوها، ولذلك هي ميتة بالنسبة إليه، وهي لا تلتقي سوى أمها، ولا ترى سوى مربيتها، أي أنها تعيش في عالم المرأة، مع ذاتها، بعيداً عن الرجل، ولا تعرف عنه شيئاً، أو لا يراد لها أن تعرفه. </P>

<P dir=rtl>ولكن هذا الرجل لا بد أن يبرز لها، من حيث لا يدري أحد، فإذا هو ابن ملك الجان، وكونه كذلك، دليل على أن الذكر كامن في الأعماق الخفية للمرأة، ولا بد من أن يظهر، ولو حبست المرأة وراء سبعة أسوار. </P>

<P dir=rtl>ولذلك أيضاً كان لا بد من أن تسمع البنت عن أبيها، وأن تعود إليه ليتعرف كل منهما الآخر، ويلاحظ إعداد البنت وتهيئتها وتزيّنها للقاء أبيها، فكأنها تتهيأ للقاء الرجل الأول. </P>

<P dir=rtl>وفي لقاء البنت بأبيها، يترسخ الواقع، إذ يتعانقان، ويقر كل منهما بالآخر، كحاجة أساسية، وتلغى تهمة الإساءة، ليتأكد أن الرجل والمرأة صنوان، بعضهما من بعض، ولا غنى لأحدهما عن الآخر. </P>

<P dir=rtl>ومن الطبيعي بعد ذلك أن توضع التحديات في طريق الشاب الراغب في الزواج، وهذا كثير في الحكايات الشعبية، كما هو كثير في الواقع، يراد به امتحان رجولة الشاب وقدرته المادية والنفيسة والاجتماعية، وقد أصبح عادة اجتماعية متأصلة، تتحول في بعض الحالات إلى محض عراقيل. </P>

<P dir=rtl>وواضح في الحكاية الفرق الكبير بين الشاب والبنت، فهذه تمتلك الجمال وطلاقة اللسان وتحفظ الكثير من الأشعار والمواويل، وخلافها الشاب، فهو يملك القوة والقدرة على الفعل، ولكنه لا يشبهها في طلاقة الحديث، بل يسمعها ما يسيء. </P>

<P dir=rtl>وهذه النقطة الضعيفة في شخصية الشاب، وهو يردّها إلى المربية، هي محاولة انتصار، بصورة لا شعورية، للمرأة وتأكيد تفوقها على الرجل بحيازتها القول الجميل. </P>

<P dir=rtl>ولعل فيما تقدم كله ما يدل على أن هذه الحكاية هي حكاية نسائية، صنعتها امرأة، لتنتصر بها للمرأة، وتظهر ظلم المجتمع والرجل لها، وتؤكد تفوق المرأة، وقدرتها على نيل ما تريده، متجاوزة كل أشكال القيد، منطلقة من كون الرجل والمرأة كلاً واحداً، ولا غنى لأحدهما عن الآخر. </P>

<P dir=rtl>وهذا كله لا ينفي كون الحكاية ذات هدف تربوي، تتوجه به إلى الفتاة، كي تعزز شخصيتها، وتزودها بما تواجه به الرجل والمجتمع، أو تعدّها، في الحد الأدنى، للقاء الرجل، وهو هدف مشروع، يتخذ من الفن وسيلة للرقي بهذا اللقاء. </P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية عناصر بدائية أبرزها إبعاد الولد عن أبيه بسبب نبوءة مزعجة على نحو ما كان من نبوءة أوديب. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

غرائب الأقدار

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>على أطراف البادية كان يعيش شاب وحيد، مع أمه العجوز، ولم يكن والده قد ترك له سوى خيمة عتيقة، وبضع عنزات، ينتقل بها وبخيمته وبأمه العجوز من مكان إلى مكان، بحثاً عن المرعى، والعنزات لا تدر عليه إلا القليل القليل من الحليب. </P>

<P dir=rtl>ثم مرت بهم سنة عجفاء، لم ينزل فيها المطر، ولم ينبت العشب، فاضطر إلى بيع عنزاته واحدة بعد أخرى، حتى لم يبق عنده شيء. وذات مساء من تلك السنة القاحلة، نزل في ضيافته أربعة رجال كانوا في طريقهم إلى الصيد، فرحب بهم، وقدم لهم ما عنده من خبز ولبن وتمر، ثم مدّ لهم ما عنده من فرش وبسط، وناموا شاكرين له جوده، مقدّرين بؤس حاله. </P>

<P dir=rtl>ولكن النوم جافاه، وأخذ يشاور أمه في الأمر، كيف سيوفر لهم طعام الغد، فنصحت له أن يضرب في الأرض، فامتطى جواد أحدهم، ومضى به في الصحراء، حتى بلغ مضارب قوم لايعرفهم، فربط الجواد بعيداً عن المضارب، وتسلل إلى خباء متطرف، ودخله، وإذا هو أمام قدور كثيرة وأكياس مملوءة، ففرح بما رأى، وأخذ يكشف هذا القدر، ويرفع غطاء ذاك، وإذا هي مملوءة بالسمن والزبدة، وبينما هو كذلك، إذ سقط من يده غطاء أحد القدور، فأحدث صوتاً، دخلت في إثره صبية، فلما رآها أخبرها بحاله وتوسل إليها أن تساعده، فأشفقت عليه، وملأت كيساً بالدقيق، وعكة بالسمن، ورجته أن يسرع قبل أن يشعر به أحد، فشكرها ومضى. </P>

<P dir=rtl>ورجعت إلى خيمتها، لتنام مطمئنة إلى أن أحداً لن يعرف ما حصل، ولكن تذكرت البئر المهجورة، القريبة من مضارب القوم، وثار في نفسها الخوف على الشاب من الوقوع في البئر، ولم تستطع النوم، فأسرعت إلى حيث البئر، وإذا الشاب واقع فيها، فدلّت إليه حبلاً، وأخذت تجرّه، ولكنها فجأة وجدت نفسها قد وقعت فوقه، وإذا هما معاً في البئر. </P>

<P dir=rtl>ومع الخيوط الأولى للفجر مرّ بهما راع يسوق غنماته، فأنزل حبله ليملأ الدلو، فرآهما، فساعدهما على الخروج، وذهل عندما رأى الصبية، فحدثته بما كان، ورجته أن يصدقها، وتوسلت إليه ألا يحدث أحداً بأمرها، وعادت هي إلى خيمتها، ومضى الشاب يحمل كيس الدقيق وعكة السمن، وامتطى الجواد وانطلق به عائداً إلى خيمته. </P>

<P dir=rtl>وأعدت العجوز للضيوف طعام الإفطار مما أحضره ولدها، ثم شكروا له ضيافته، وودّعوه ومضوا في طريقهم إلى رحلة الصيد. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام والراعي يكتم السرّ ولا يحدث به أحداً، وكان إخوة الصبية غائبين عن المضارب، فلما رجعوا أخذ الراعي، يتردد عليهم زائراً، وكانت الصبية في كل مرة تذكره أمام إخوتها بالخير، وتزوده بالسمن والدقيق، وتؤكد لإخوتها أن لديه أولاداً كثيرين، ومن واجبها إكرامه ومساعدته. </P>

<P dir=rtl>ويوماً بعد يوم طمع الراعي، وأخذ السرّ يتحرّك في صدره، فكان إذا رجع من رعي الغنم، والتقى إخوتها ذكر لهم البنات ومسؤولية الأهل عن رعايتهن، وما يجلبن من عار، وأخذ يكرر عليهن ذلك، حتى ضاق به ذات يوم أحد الإخوة ذرعاً، وسأله إن كان قد رأى على أخته شيئاً، أو رابه منها أمر؟ </P>

<P dir=rtl>فحدثه الراعي حديث البئر والشاب وكيس الدقيق وعكة السمن، وكانت الصبية وراء الخباء تصيخ السمع، فما كان منها إلا أن ركبت فرساً، وهربت من الديار. </P>

<P dir=rtl>وفي الصباح طلب الإخوة أختهم فلم يجدوها، فأدركوا أنها قد هربت، فازداد تصديقهم لكلام الراعي، وأقسموا ألايتركوها على قيد الحياة، وأخذوا يجدّون في البحث عنها. </P>

<P dir=rtl>وكانت الصبية تطوي القفاز، حتى لاحت لها من بعيد خيمة منعزلة، فأوت إليها، فإذا هي أمام امرأة عجوز، طلبت منها أن تؤويها فرحبت بها، وفي المساء رجع ابن تلك العجوز، ولما حدثته أمه عن الضيفة رحب بها، ولم يسأل من تكون على عادة العرب في استقبال الضيف، وإذا هو الشاب نفسه الذي كانت الصبية قد ساعدته، فغطت وجهها بالخمار كي لا يعرفها، وإن كانت هي قد عرفته. </P>

<P dir=rtl>وأقامت الصبية في ضيافة العجوز أياماً، معززة مكرمة، وذات يوم طلب الشاب من أمه أن تسأل الصبية إن كانت ترضي به زوجاً، بعدما رأت من حاله وحال أمه، وما هما عليه من بؤس وفقر حال، وأخبرت العجوز ضيفتها برغبة ابنها، فوافقت، وكان الزواج. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، والزوجان سعيدان بحياتهما، على الرغم من الفقر، ولم يعرف الشاب أن زوجته هي الصبية نفسها التي كانت قد ساعدته، وهي لم تحدثه بالأمر، ولم تعرفه إلى نفسها، وكانا عندما وقعا في البئر في ظلمة الليل وعتمة البئر. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>وذات يوم نزل بهم ضيوف، وإذا هم الرجال الأربعة أنفسهم الذين كانوا قد نزلوا بالشاب قبل نحو عام، فرحب بهم الشاب، وعرفهم وعرفوه، وذكروا كرمه السابق، وشكروه، وتناولوا معه العشاء، وأخذوا يتبادلون أطراف الحديث ثم صارحوه بأنهم يجدّون في طلب أخت لهم يريدون ذبحها وأخذوا يذكرون البنات ومايجلبن على أهلهن من عار فأكد لهم، وهم يتجاذبون أطراف الحديث أن البنات لسن سواء، ففيهن الشريفة ذات الأصل التي لا تزل، ثم حدثهم عما كان من أمره مع تلك الصبية التي أكرمته وأنقذته، ثم أقسم لهم أنها كانت مثالاً للعفة والشرف والنقاء، حتى إنها وهي معه في عتمة البئر لم ترفع الخمار عن وجهها، ودهش الضيوف لما سمعوا، وأدركوا أن الصبية المقصودة بالحديث هي أختهم. </P>

<P dir=rtl>وكانت زوجته وراء الخباء تصغي إلى الحديث كله، وهنا دخلت تحمل القهوة، لتقول لزوجها، والخمار على وجهها: "والآن إذا برزت لك تلك الصبية فهل تعرفها؟"، فأقسم الزوج أمامها وأمام الضيوف أنه لا يعرفها. </P>

<P dir=rtl>وازدادت دهشة الضيوف لدخول المرأة عليهم على غير عادة العرب، وإذا هي ترفع الخمار عن وجهها وتقول له: "هذه هي أنا، زوجتك"، ثم تلتفت إلى الرجال لتقول لهم: "لقد تبين لكم الحق، وإذا شئتم فهذه هي رقبتي فاذبحوني، وتركع أمامهم، وهي تسلم رقبتها إليهم. </P>

<P dir=rtl>وينهض الرجال ليعانقوا أختهم فرحين بلقائها وببراءتها، وليعانقوا الشاب مهنئين له بالزواج من أختهم. </P>

<P dir=rtl>ويدرك الشاب أن زوجته هي تلك الصبية نفسها، وأن الضيوف هم اخوتها أنفسهم، فيزداد ترحيبه بهم، كما يزداد فرحه بزوجته. </P>

<P dir=rtl>ويقدم الاخوة إلى أختهم وإلى زوجها الأغنام والجمال والرعاة هدايا لهم، وتتحسن بهما الأحوال، ويطيب لهما العيش وتهنأ لهما الحياة. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية انتصار الحق وظهوره على الباطل، ولو بعد حين، ولذلك لا بد من الصبر، كما تؤكد أن الفقر لا يضير المرء، ولا بد لسوء الحال من أن يتغير، وهي تعلق ذلك كله على القدر وتجعله رهين المصادفة. </P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على عادات البدو من ضيافة وكرم وحسن استقبال، كما تدل على ما يلحق المرأة من ضيم وظلم وحيف بسبب سوء الظن والنية، ولكنها تؤكد نقاء المرأة وبراءتها، وتكشف فساد الواقع من حولها. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تثير الخيال بوساطة بيئتها البدوية المتميزة وما فيها من سجايا وخصال، وهي محكمة البناء، آخرها مشدود إلى بدايتها بقوة، وتقوم على قدر غير قليل من المفاجأة والإدهاش. </P>

<P dir=rtl>وتبدو البئر في الحكاية مكاناً متميزاً بالغ الدلالة والتأثير، وهو موضع قاس للاختبار، ويذكر بالبئر التي ألقى فيها يوسف اخوته. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تربوية موجهة على الأغلب إلى الرجال تعظهم كي لا يتسرعوا في تصديق أي نبأ يسمعونه، ولعلها من إبداع المرأة كي تدافع بها عن بنات جنسها وتؤكد براءتهن وعفتهن. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

عصفور وجرادة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أنه كان يعيش في مدينة بغداد رجل فقير وزوجته، الرجل اسمه عصفور، والمرأة اسمها جرادة، وكانا بائسين، لا يملكان شيئاً، الرجل لا يجد شيئاً يعمله، والمرأة لا تجد ما تساعد به زوجها، وقد ضاقت بهما الأحوال، واشتد بهما الفقر. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم قالت جرادة لزوجها عصفور: "ما رأيك لو عملت في السحر وقراءة الحظ؟"، فأجابها بأنه لا يعرف شيئاً من ذلك، وهو الرجل الأمي، لا يحسن كتابة حرف، فأكدت له أنها مهنة الجاهل، وحرفة من لا حرفة له، وأنها لا تحتاج لغير الكذب والخداع، ويكفيه أن يخط في وريقة أي شيء، حتى تصدقه النساء. </P>

<P dir=rtl>وأمام الفقر والجوع وضيق ذات اليد، وجد عصفور نفسه مضطراً إلى العمل في السحر، وجلس إلى النساء يخدعهن، ويكتب لهن الوريقات، ويعد هذه ويمنّي تلك، وكانت زوجته توحي له، وتشير عليه، وتخبره بطباع النساء وعاداتهن وطبيعة أفكارهن، وتحدثه بما يرغبن وبما يكرهن، فاستطاع أن يحقق النجاح، بل إن النسوة أقبلن عليه إقبالاً، حتى اشتهر أمره، وذاع صيته، وكان كثيراً ما يستعين بزوجته، فيستمع مثلاً إلى مشكلة المرأة الداخلة عليه، ثم يطلب منها أن تنتظر قليلاً، ويزعم أنه سيخلو إلى قرينه، ثم يتركها ويدخل على زوجته، فتشير عليه بما سيفعل. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم دخلت عليه إحدى جواري الخليفة، لتخبره أنها عثرت على خاتم زوجة الخليفة في حديقة القصر، وقبل أن ترده إليها، شاع في القصر خبر سرقته، فخشيت إن هي ردته إليها أن تتهم بالسرقة وهي حائرة في الأمر، لا تدري ما تفعل؟ </P>

<P dir=rtl>وتركها عصفور وحدها وأسرع إلى زوجته يسألها ما يقول للجارية؟ فأخبرته أن يطلب منها أن ترمي بالخاتم في بركة القصر، ورجع عصفور إلى الجارية فأخبرها بذلك، ففعلت. </P>

<P dir=rtl>وبعد يوم أو يومين جاءته خادمة أخرى من جواري الخليفة تدعوه إلى القصر لأنّ زوجة الخليفة تطلبه، فأدرك عندئذ الغاية التي استدعي من أجلها، ولما شكت له زوجة الخليفة سرقة خاتمها، أخبرها أنه غير مسروق، وأنه لا شك قد وقع منها في موضع فيه ماء، وتذكرت زوجة الخليفة بركة القصر، فأمرت الخدم أن يبحثوا فيها، فعثروا على الخاتم، ففرحت بذلك، وكافأته، وأجزلت له العطاء. </P>

<P dir=rtl>وازدادت بذلك شهرة عصفور، وأقبل عليه الناس من كل حدب وصوب، وعرض على زوجته أن يهرب من البلاد، فقد تحسنت بهما الأحوال، ويخشى أن يفتضح أمرهما، فأبت ذلك، وأكدت له أن عليه أن يصمد، وأن يستمر، فسوف تزداد الحاجة إليه. </P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر أرسل إليه الخليفة الخدم يدعونه إليه، فخاف وأخبر زوجته، فشجعته، وأكدت له ضرورة المثول أمام الخليفة، ولما صار بين يديه، أخبره أن خزينة الدولة قد سرقت، وأنه لا علم لأحد بالأمر، وعليه أن يكشف السارق، فذهل عصفور، وخاف، ثم طلب من الخليفة أن يمهله خمسة أيام، ثم رجع إلى زوجته ليخبرها بالأمر،  ثم عرض عليها ثانية الهرب من البلاد، فشجعته على التريث والانتظار.</P>

<P dir=rtl>وفي الحقيقة كان خمسة لصوص قد تآمروا، فسرقوا خزينة البلاد، وقد علموا باستدعاء عصفور إلى القصر، فأرسلوا في الليل أحدهم ليتنصت على دار عصفور كي يعرف ما سيفعل، وبينما كان اللص يتنصت من وراء الباب كان عصفور يروح ويجيء في فناء الدار قلقاً، وهو يقول: "ها هو الأول ها هو الأول"، يقصد به اليوم الأول، وظن اللص أن عصفور قد عرفه، وأحس به وهو من وراء الباب، فأسرع إلى صحبه يخبرهم بالأمر، فلم يصدقوا، وفي الليلة الثانية أرسلوا لصاً آخر، وكان عصفور يروح في فناء الدار ويجيء، وهو في أشد القلق، ويقول: "راح الأول وجاء الثاني، راح الأول وجاء الثاني"، وهو يقصد اليوم الأول واليوم الثاني، وظن اللص أن عصفور قد عرفه وأحس به وهو من وراء الباب، فأسرع إلى صحبه يخبرهم بالأمر، فلم يصدقوه، وفي الليلة الثالثة أرسلوا لصاً ثالثاً، فوقف وراء الباب يتنصت، فسمع عصفور وهو يصيح: "جاء الثالث، جاء الثالث، جاء الثالث"، فذعر اللص وأسرع إلى صحبه يخبرهم بالأمر. </P>

<P dir=rtl>وذعر اللصوص، وظنوا أن عصفور قد عرفهم وكشفهم، وأنه لا بد سيخبر الخليفة عنهم، فأسرعوا إليه في اليوم الرابع، وعرفوه بأنفسهم، وأخبروه أنهم هم اللصوص الذين سرقوا خزينة الدولة، وأنهم يرجونه ألا يكشف أمرهم، ووعدوه برد ما سرقوه، بشرط أن يساعدهم على الأمر، من غير أن يمسهم أذى، وأسرع عصفور إلى زوجته يخبرها بالأمر، ففرحت بذلك أشد الفرح، وأخبرته بطريقة يعيد بها خزينة الدولة إلى الخليفة. </P>

<P dir=rtl>وفي صباح اليوم الخامس مضى عصفور إلى قصر الخليفة واثقاً من نفسه، ولما دخل عليه أخبره أن اللصوص الذين سرقوا الخزينة قد أخفوها في بستان مهجور، لا يملكه أحد، تحت نخلة محروقة، فأمر الخليفة جنده على الفور بالمضي إلى ذلك البستان، وما هي إلا برهة، حتى رجعوا بالخزينة، ففرح الخليفة بذلك أشد الفرح، وكافأ عصفور، وأجزل له العطاء. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم، كان الخليفة يتمشى في حديقة القصر، فأراد أن يتسلى، فأرسل وراء عصفور، وتردد هذا في الحضور، وشاور زوجته جرادة، ولكنها ألحت عليه بالذهاب، وأوصته ألا يخاف. </P>

<P dir=rtl>وكان الخليفة قد رأى جرادة، فأمسك بها، ولما دخل عليه عصفور، أطبق عليها أصابع يده، ثم سأله عما يخبّئ في قبضته، فصاح عصفور مستنجداً بزوجته وهو يهم بالفرار: "جرادة، جرادة" فضحك الخليفة، وفتح قبضة يده، ثم دعاه إليه ظناً منه أن عصفور يخاف من الجراد، ثم كافأه وأجزل له العطاء. </P>

<P dir=rtl>ورجع عصفور إلى زوجته يخبرها بما جرى، ويرجوها أن توافقه على مغادرة بغداد، قبل أن يكشف أمره، ولكنها طمأنته، وأكدت له ضرورة البقاء. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم زار الخليفة ملك العجم، فأراد الخليفة أن يعرّفه إلى عصفور، فأرسل في إثره فخاف عصفور هذه المرة أشد الخوف، ورفض المضي مع جند الخليفة، ولكن زوجته دفعته إليه دفعاً، فساقوه إلى القصر. </P>

<P dir=rtl>وكان الخليفة قد حدث ملك العجم عن عصفور وذكر له قدرته على معرفة كل شيء، بل أكد له قدرته على معرفة ما يخبئ وراء جدار، ثم إنه خبأ عصفوراً في غرفة وراء قاعة العرش، ولما دخل عليه عصفور، قدمه إلى ضيفه الملك، ثم سأله إن كان يعرف ما خبأ وراء الجدار، فصاح عصفور مذعوراً: "عصفور طار، عصفور طار"، ثم أولاهم ظهره وولى هارباً. </P>

<P dir=rtl>فضحك الخليفة وضيفه الملك، وأرسل جنده يحملون إليه الهدايا والعطايا، وكان عصفور قد دخل داره، وأقفل عليه الباب، وأقسم ألا يغادر داره أبداً، ولما قرع عليه الجند الباب، أخذ يصيح مظهراً الجنون، وخرجت إليهم زوجته، فأخذت منهم الهدايا والعطايا، ثم التفت إلى زوجها تقول له: جنونك خير لي من فقرك، وما صار لدينا من مال يكفينا بقية العمر. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية فقر الفقراء، وضيق ذات يدهم، وانسداد سبل العيش أمامهم، حتى إنهم لا يجدون أمامهم سوى النصب والخداع والاحتيال وسيلة للارتزاق، وتبدو وسيلة ناجحة جداً، في المجتمع المتخلف، حيث يستبد فيه الأغنياء بالفقراء، وهي تكشف الزيف في قصور الملوك والحكام، وما فيها من خداع وفراغ وإسراف وتبذير أموال. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على ذكاء المرأة، وقدرتها على إنقاذ زوجها ونفسها، وتغيير واقع حياتها، كما تدل على أن الفقر ليس نتيجة الغباء، إنما هو نتيجة الظلم، وهي تدل أيضاً على أن البلاهة غالباً ما تكون نتيجة الفقر وضعف الحال. </P>

<P dir=rtl>والحكاية مرحة، تقوم على المصادفة والمغامرة، وتتخذ من الاسم وسيلة لبناء الحدث، وعنصر الافتعال فيها واضح، ولكنه مقبول فنياً ومقنع لغرض الانتنقاد والإضحاك. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الملك الظالم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أنه كان في أحد البلاد ملك ظالم شديد الظلم، وكان الناس يخافونه أشد الخوف، وذات يوم ذهب إلى الغابة كي يستمتع بالصيد، فرأى شاباً يقطع جذع شجرة فتقدم الملك منه، ولكن الشاب لم يبال به، واستمرّ في ضرب جذع الشجرة بفأسه، فغضب منه الملك، وأمره بالتوقف في الحال، ثم سأله إن كان لا يعرف من يكون؟ فأجابه الشاب بجرأة: "أعرفك، أنت الملك الظالم"، فازداد غضب الملك، وأمر جنده بالقبض عليه في الحال. </P>

<P dir=rtl>ولما رجع إلى القصر أمر بإحضار الشاب، ثم عرض عليه أن يتراجع عما قال: فأبى، فأمر الملك بحرقه بالنار، فطلب منه الشاب أن يذهب ليودع أمه، فأرسل الملك معه الحرس. </P>

<P dir=rtl>وكان للشاب أخوان اثنان، وكان الثلاثة متشابهين أشد التشابه، وكان أحدهما لا تؤثر فيه النار، فطلب منه أخوه أن يذهب بدلاً منه، فمضى الذي لا تؤثر فيه النار مع جند الملك، ولما دخل عليه أمر بإلقائه على الفور في نار كان قد أعدها له، فدخل الشاب في النار، وقعد فيها، من غير أن يتأثر، فدهش الملك وأمر أن يحبس في صندوق زجاجي لا يدخله الهواء، فطلب منه أن يأذن له في وداع أمه. </P>

<P dir=rtl>وأرسل الملك الجند معه كي يودع أمه، وكان أخوه الثالث يستطيع حبس أنفاسه مدة طويلة، فلا يختنق، فذهب مع الجند بدلاً منه، وكان الملك قد أعد له صندوقاً زجاجياً، فحبسه فيه، فقعد الشاب غير منزعج، حتى ضاق به الملك ذرعاً، ثم أمر بإغراقه في البحر، فطلب منه أن يسمح له بوداع أمه، فسمح له بذلك. </P>

<P dir=rtl>ومضى الشاب إلى الأخ الأول، وكان يستطيع شرب ماء البحر كله دفعة واحدة، فطلب منه أن يعود إلى الملك، فمضى هذا الشاب مع الجند، وعلى الفور أمر بإلقائه في البحر، فمضوا به إليه، فشربه كله دفعة واحدة، ورجع الجند إلى الملك مدهوشين ليخبروه بالأمر. </P>

<P dir=rtl>وقدم الملك بنفسه ليرى حقيقة ما جرى، وكان الشاب قد سار في عمق البحر بعد أن جف حتى بلغ جزيرة قريبة، ولما رأى الملك في إثره، أفرغ ماء البحر الذي كان قد شربه، فأغرق الملك وجنده، ثم ركب سفينة وعاد إلى بلده. </P>

<P dir=rtl>وفرح الناس بخلاصهم من الملك الظالم، وعينوا الشاب ملكاً بدلاً منه، واتخذ من أخويه وزيرين له، وحكموا جميعاً البلاد والعباد بالعدل. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريقة، تؤكد انتصار العدل مهما طال أمد الظلم، ولكنها تجعل الانتصار بوساطة أمور خارقة للعادة، مما يدل على إحساس بالقهر، وشعور بصعوبة تحقيق النصر. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تقوم على بنية ثلاثية، وتستند إلى عناصر ثلاثة أساسية، وهي: الماء والنار والهواء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

حكايات قصيرة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P><BR clear=all><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

الوطنية

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>في الطريق الوعرة بين الجبال، كان أحد الرجال مع ولده يسوق حماره المحمل بالمؤن والعتاد للثوار. وبينما هما في بعض الطريق، إذا مجموعة من الجند الأعداء تحيط بهما، وتقتادهما إلى التحقيق. </P>

<P dir=rtl>ووقف الرجل مع ولده أمام الضابط، بعزة وإباء، وطلب الضابط من الرجل أن يدله على مواضع الثوار، فطلب منه أن يقتل ولده أولاً، فدهش الضابط، وسأله عن السبب، فأجابه بأنه يخشى أن يخبر الولد الثوار بأن والده قد دل الأعداء عليهم، فعجب الضابط من الأمر، ثم أقدم على قتل الولد أمام أبيه. </P>

<P dir=rtl>ثم طلب الضابط من الرجل أن يدله على أماكن الثوار، وهنا رفض الرجل، وطلب منه أن يقتله كما قتل الولد، ودهش الضابط، ولم يجد سبباً مقنعاً لقتل الولد من قبل، فردّ عليه الرجل بأنه كان يخشى إن قتل هو أولاً أن يخبر الولد من بعده الأعداء بأماكن الثوار، أما الآن، وقد قتل الولد قبله، فهو لا يخشى شيئاً، وقد اطمأن إلى أنه لم يخن وطنه. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>سمعت هذه الحكاية بروايات مختلفة، ونسبت إلى عهد الاحتلال الفرنسي لسورية، كما نسبت إلى كفاح الشعب العربي في الجزائر ضد المحتل الفرنسي أيضاً، ولعل في هذا دلالة على وحدة الشعب العربي، ووحدة النضال. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ماذا يقول الماء؟

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك أرق في إحدى الليالي، وجافاه النوم، فنهض من سريره، وأخذ يتمشى في شرفة القصر، وهو يفكر ويتأمل، فهداه تفكيره إلى أن يسأل عن الماء، ماذا يقول حين يغلي؟!</P>

<P dir=rtl>وأرسل على الفور وراء وزيره، فتم احضاره من بيته، والنوم ما يزال يملأ عينيه، ولما سأله الملك عما يقول الماء حين يغلي؟ دهش الوزير، وأجابه بأنه لا يقول شيئاً، فغضب الملك، وأمره أن يبحث عن جواب، وأمهله ثلاثة أيام، إن لم يأت بعدها بجواب مقنع، قطع رأسه. </P>

<P dir=rtl>وخرج الوزير مغتّم الصدر، يفكر ويتأمل، فلا يهديه تفكيره إلى شيء، إذ أنه مقتنع بأن الماء لا يقول شيئاً وهو يتردد في سؤال أحد خشية أن يسخر منه الناس، إنْ هو سألهم مثل هذا السؤال. </P>

<P dir=rtl>وقد ظل على مثل هذه الحالة إلى عصر اليوم الثالث، من غير أن يهتدي إلى جواب، ومن غير أن يبوح بمكنون نفسه لأحد، حتى رقت لحاله زوجته، فنصحت له بالخروج للتنزه، عسى أن ينشرح صدره، ويستريح مما هو فيه. </P>

<P dir=rtl>واستجاب الوزير إلى نصيحة زوجته، فخرج مع أحد معاونيه، متنكّرين في زي سائحين، وقصدا إلى البادية يتفسحان، ومن بعيد لاحت لهما مضارب إحدى القبائل، فقصدا إليها، وما إن بلغا أول خيمة، حتى خرج لهما شيخ عجوز، رحب بهما، وقادهما إلى خيمته، وقدم لهما ما لديه من طعام، في كرم كبير، وكانت تعمل على خدمتهم، وتقدم لهم الطعام ابنة الشيخ العجوز، وهي صبية تبدو عليها مخايل الذكاء. </P>

<P dir=rtl>وبعد تناول الطعام أحضرت الصبية أدوات القهوة، وأوقدت النار وأخذت تغلي الماء لتعد القهوة، وكان الوزير قد أحس بالسرور والانشراح، ولكنه حين رأى الماء يغلي، ندّت عنه، من غير أن يشعر، آهة طويلة، وذكر سؤال الملك، فتكدّر. </P>

<P dir=rtl>وتنبه إليه الشيخ العجوز، فسأله عن الهمّ الذي يحمله، فتبسم الوزير، وأجابه أن لا هم لديه ولا حزن، ولكن خاطرا مرّ في باله، وهو تساؤله عما يقول الماء وهو يغلي، فضحك الشيخ العجوز، وقال له: "لأجل هذا تشغل بالك"، ثم التفت إلى ابنته، وقال لها: "أجيبي عمّك يا بنت عن تساؤله" فقالت على الفور: الماء يا عم يقول: </P>

<P dir=rtl>الحق علي أنا اللي في الوادي جريت </P>

<P dir=rtl>كل عود مني انتشا منه انكويت </P>

<P dir=rtl>فأعجب الوزير بجواب البنت، فشكرها، وشرب القهوة، ثم شكر للرجل العجوز حسن ضيافته، وكرمه، وودعه، وخرج مع معاونه. </P>

<P dir=rtl>وأسرع الوزير إلى الملك يخبره بالجواب، وهو في غاية السرور، فأمر الملك السياف بقطع رأسه، فدهش الوزير، وسأله عن السبب، فرد عليه الملك بأن الجواب الذي قدمه ليس جوابه هو، فاعترف بالحقيقة. </P>

<P dir=rtl>وعلى الفور أمر الملك رجاله بإحضار الصبية، وأبيها، فأُحضرت إليه، فخصص لها جناحاً في قصره، تعيش فيه مع أبيها، وجعلها من كبار جواريه. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية، موجهة إلى الناشئة، تثير لديهم حوافز الذكاء، وتدربهم على الإجابة عن أسئلة عويصة، وتعلمهم إدراك ما وراء الظاهر من باطن خفي. </P>

<P dir=rtl>والجواب في الحكاية يدل على إدراك التحول في الطبيعة، والوقوف عند الجوهر وإن تغير العرض واختلف، فالماء الذي يغلي بفعل النار، هو نفسه الذي كان قد روى الأغصان التي أصبحت أعواداً تشتعل بها النار، ولكأن الحكاية تتفق مع المقولة العلمية: المادة لا تفنى، ولكن تتحوّل. </P>

<P dir=rtl>كما يدل الجواب على الإحسان الذي قد تنجم عنه في بعض الحالات إساءة، وهو يتفق والقول الشائع: "اتق شرّ من أحسنت إليه". </P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية عنصر متكرر في كثير من الحكايات،  وهو سؤال الملك وزيره عن قضية، وإمهاله ثلاثة أيام إن لم يأت بعدها بالجواب قطع رأسه. </P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية دلالة على ترف الملوك، وانشغالهم بالتفكير في قضايا ذهنية مجردة، وانصرافهم عن مشكلات العامة. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

أنف القاضي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن بنتا صغيرة، كان لها بيت صغير، فيه سرير صغير، وحصيرة صغيرة، ومطبخ صغير، فيه أوان صغيرة، وقدر صغيرة، وملاعق صغيرة، وكانت كل أشيائها مثلها، صغيرة صغيرة. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم خرجت إلى السوق، فرأت في الطريق فلساً، فاشترت به دبساً، ورجعت إلى البيت فوضعته على الرف، وغطته بالغربال، ثم قعدت في الشمس تتسلى، منتظرة وقت الظهر، حتى تتغداه. </P>

<P dir=rtl>وهي قاعدة في الشمس الدافئة، ذكرت جارتها الذبابة، فقالت تحدث نفسها: "لا بد أن تأتي جارتي الذبابة، كعادتها، لتستعير الغربال، وعندئذ تأكل الدبس، وتترك لي القذر في الصحن، ولم تمض برهة حتى دق الباب، فمضت تفتحه، فإذا جارتها الذبابة في الباب تقول لها: يا جارتي أعيريني الغربال"، فقالت لها: "هو على الرف، ادخلي فخذيه، ولكن لا تأكلي الدبس"، فأخذت الذبابة الغربال، وخرجت. </P>

<P dir=rtl>وبعد قليل أحست الفتاة الصغيرة بالجوع، فمضت إلى المطبخ، ونظرت، فإذا الذبابة قد أكلت الدبس، وتركت لها القذر في الصحن، فانطلقت على الفور إلى القاضي، تشكو له أمرها. </P>

<P dir=rtl>فقالت له: أنا بنت صغيرة. </P>

<P dir=rtl>فأجابها: هكذا خلقت. </P>

<P dir=rtl>فقالت له: أسكن في بيت صغير. </P>

<P dir=rtl>فأجابها: على قدك. </P>

<P dir=rtl>فقالت له: فيه مطبخ صغير. </P>

<P dir=rtl>فأجابها: يكفيك. </P>

<P dir=rtl>فقالت له: خرجت إلى السوق. </P>

<P dir=rtl>فأجابها: حسناً فعلت</P>

<P dir=rtl>فقالت له: عثرت على فلس </P>

<P dir=rtl>فأجابها: لقد رزقت. </P>

<P dir=rtl>فقالت له: اشتريت به بعض الدبس</P>

<P dir=rtl>فأجابها: حلوا اشتريت </P>

<P dir=rtl>فقالت له: خبأته على الرف </P>

<P dir=rtl>فأجابها: نعم ما خبأت </P>

<P dir=rtl>فقالت له: فزارتني الذبابة </P>

<P dir=rtl>فأجابها: جارة استقبلت </P>

<P dir=rtl>فقالت له: فطلبت مني الغربال </P>

<P dir=rtl>فأجابها: حاجة سألتك </P>

<P dir=rtl>فقالت له: قلت لها ادخلي المطبخ، فخذيه </P>

<P dir=rtl>فأجابها: حاجة قضيت </P>

<P dir=rtl>فقالت له: وأوصيتها ألا تأكل الدبس. </P>

<P dir=rtl>فأجابها: حريصا أوصيت </P>

<P dir=rtl>فقالت له: ولكنها أكلت الدبس، وتركت القدر في الصحن </P>

<P dir=rtl>فأجابها: لقد آذتك </P>

<P dir=rtl>فسألته: فما جزاؤها؟ </P>

<P dir=rtl>فأطرق القاضي طويلاً، ونظر في الأوراق التي بين يديه، وتفكر، وتأمل، ثم فتح فمه، وتكلم فقال: "حيثما رأيتها، إذا استطعت، فاقتليها". </P>

<P dir=rtl>فنظرت إليه الفتاة الصغيرة مبهوتة، لا تعرف بماذا تجيب، وكادت الدموع تنحدر من عينيها وهو يواجهها بوجه صامت، مغمص العينين، مطبق الشفتين، ينتظر انصرافها، وإذا ذبابة تحط على أنفه، فأسرعت الفتاة الصغيرة إلى نعلها، فرفعته، وضربت به الذبابة، فانتفض القاضي مذعوراً، وصاح بها: "ماذا فعلت؟"، فقالت له: "ألم تقل لي: حيثما رأيتها -إذا استطعت، فاقتليها؟ </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، تمتاز بالرشاقة والذكاء، ويمكن أن تقرأ على عدة مستويات، فهي في مستوى من المستويات محض حكاية بريئة للأطفال، تسلّيهم، وتنشط خيالهم، وتمدّهم بزاد لغوي، وقدرة على الوصف، وتمنحهم شيئاً من الفكاهة والمرح. </P>

<P dir=rtl>وهي في مستوى آخر تنتقد القضاء، فتؤكد بجرأة أن القضاء لا يمكنه على الأغلب أن ينصف المظلوم، أو ينتصر له، وإن كان المفروض فيه أن يفعل، ولذلك ما على المظلوم إلا أن ينتصر لنفسه بنفسه، ولا ينتظر، وفق منطوق الحكاية. </P>

<P dir=rtl>ويلاحظ جرأة الذبابة ووقوفها على أنف القاضي، وهي الظالمة للبنت الصغيرة، وهذا الوقوف نتيجة طبيعية لتراخي القاضي، وعدم إنصافه المظلوم، وتركه الظالم حراً يرتع، مما سيؤدي إلى جرأة الظالم على القاضي نفسه. </P>

<P dir=rtl>ولذلك كله، تحمل لطمة البنت الصغيرة للذبابة وهي على أنف القاضي دلالات شتى، فهي تنتصر لنفسها، وتأخذ حقها من الذبابة، وهي تهين القاضي الذي لم يتمكن من إنصافها، على الرغم من ضعف ظالمها، كما تتخلص البنت الصغيرة بلطمها القاضي من عقدة ضعفها وصغر حجمها، لتؤكد قوتها وقدرتها على أخذ حقها. </P>

<P dir=rtl>والحكاية بذلك كله تثير خيال المتلقي، صغيراً كان أو كبيراً، وتلبي حاجته الفطرية إلى الخيال والرمز واختراق الواقع، وإقامة الحق وتأكيد الذات. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الذي يسرق بيضة

 يسرق جملاً

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لامرأة عجوز فقيرة، ولد وحيد، ربته على الدلال، فكانت لا تزجره في شيء، ولا تمنعه من شيء، حتى كان يقال له: الدلول، لفرط ما لقيه من دلال أمه، وما يبديه من تعلق بها. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم خرج يلعب مع الصبيان، فرأى في خم الجيران بيضة، فدخل الخم فأخذ البيضة ورجع إلى البيت، فسألته أمه عما أرجعه، فأخبرها بأنه عثر على بيضة، فأظهرت الأم فرحها، وأخذت منه البيضة، من غير أن تسأله من أين أحضرها، ثم صنعت له منها طبقاً، وقدمته إليه. </P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر، خرج أيضاً ليلعب مع الصبيان، فرأى دجاجة تنقر وتفحص الأرض برجليها فهجم عليها، وحملها بين يديه، ومضى إلى أمه، وهو ينادي: "انظري ماذا لقيت"، ففرحت الأم بالدجاجة، ومضت فذبحتها وهيأت منها طعاماً شهياً، تناولته وابنها في نهم شديد. </P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر، وقد كبر الولد، مر بالسوق، فرأى وعاء فيه عسل، موضوعاً على قارعة الطريق، وإلى جانبه مكيال، وكرسي صغير، فتلفت حوله، فلم ير أحداً، ويبدو أن صاحب العسل قد ذهب لقضاء حاجة، فحمل الولد وعاء العسل، وأسرع به إلى البيت، يقدم إلى أمه ما عثر عليه في الطريق، ففرحت به الأم فرحاً شديداً، وباركته، وقالت له: "إنك دائماً موفق، ومحظوظ"، فأعجب الولد بنفسه، ومضى يبحث عن أشياء أخرى يعثر عليها، هنا أو هناك. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام وقد أصبح شاباً، فاعتاد على التقاط ما يغفل عنه الناس، في الطرقات، حتى بات يتحين ذلك، ويترصده، ثم أخذ يرقب أبواب البيوت، فلا يتردد في دخول دار يجد بابها مفتوحاً، كما لا يتورع عن اقتحام دكان غاب عنها صاحبها لحين، ليأخذ كل ما تشتهيه نفسه، من غير أن يشعر به أحد. </P>

<P dir=rtl>فكان يحضر لأمه على الدوام الصحون والطسوت والثياب، والأطعمة والأشربة من شتى الألوان، بل كان يجلب لها بين الحين والحين، شيئاً من المال، وكانت كل مرة تفرح به، وتباركه، وتشجعه على ما هو فيه، وتزينه له، ولا تسأله من أين أحضره؟ وكيف حمله؟ فقد كانت تظن أن كل ما يأتي به كان يعثر عليه. </P>

<P dir=rtl>وهكذا غدا ابنها رجلاً، وصار لصاً، يسرق البيوت والدكاكين، وينهب الأموال والأشياء، ولا يتورع عن مشاركة أمثاله من اللصوص والشطار، فقد كان دائماً يطمع في الأكبر والأعظم، كما كان يزداد جرأة وحدّة. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم اقتحم قصر الملك، ودخل بيت المال، فسرق ما فيه من أموال، وولى هارباً، فما عادت الحيل تعييه، ولكن الحراس شعروا به، فلحقوه، حتى أدركوه، ومعه المال المسروق، فقادوه إلى القصر، وسلموه إلى الملك. </P>

<P dir=rtl>وما هي إلا بضعة أيام، حتى صدر عليه الحكم بالشنق، وفي اليوم المحدد لذلك، نصبت له المشنقة، في ساحة البلدة، وأخذ الناس يتقاطرون عليها من كل صوب، للفرجة على ذلك المجرم، الذي روع الناس بسرقاته، حتى إنه جرؤ على سرقة مال المملكة. </P>

<P dir=rtl>وخرجت أمه للفرجة مع من خرج من الناس، وهي لا تعرف أن المحكوم عليه هو ابنها، فقد غاب عن البيت وقلقت عليه، ولكنها لا تتوقع شيئاً مما جرى. </P>

<P dir=rtl>ولما قدم إلى المشنقة، أرسل الملك يسأله إن كان يريد شيئاً، فطلب أن يودع أمه، فنودي على أمه، وعندئذ ذهلت الأم، وتقدمت تصرخ وتعول، منكرة ما صار إليه، فلما تقدمت منه، طلب منها أن تمد لسانها ليقبلها، فاستغربت منه ذلك، فألح عليها، ففعلت، فما كان منه إلا أن أطبق أسنانه على لسانها، وعضه عضاً، حتى قطعه.</P>

<P dir=rtl>فهاج الناس، واستغربوا الأمر، ونادى عليه الملك، فمثل بين يديه، فسأله، لماذا فعلت ذلك، فأجابه: </P>

<P dir=rtl>-لسانها هو السبب، لأنها كانت لا تسألني من أين أحضر ما كنت أحضر لها من أشياء، وأنا صغير، بل كانت تشجعني كلما أحضرت شيئاً، وتباركني، وتقول إني محظوظ، حتى غدوت سارقاً، فالذي يسرق بيضة في الصغر يسرق جملاً في الكبر. </P>

<P dir=rtl>وعندئذ خفف عنه الحكم، فأمر بالاكتفاء بسجنه لبضعة أعوام، ثم طلب منه أن يعتذر لأمه وأن يسامحها، فعاد إليها يعانقها ويبكي على ما كان. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية من الممكن أن تكون موجهة إلى الأطفال، ومن الممكن أن تكون موجهة إلى الأمهات، وهي تؤكد خطورة إهمال الولد، وضرورة سؤاله عما يفعل، وتوجيهه التوجيه الحسن، نحو الحق والخير، ونهيه عن المنكر، كما تؤكد أن التساهل في القليل يقود إلى التساهل في الكثير، فالقضية لا تتعلق بالكثرة أو القلة، والكبير أو الصغير، وإنما تتعلق بالمبدأ. </P>

<P dir=rtl>وتؤكد الحكاية مكانة الأم في المجتمع، ودورها الكبير في تربية الأطفال، وتحمّلها المسؤولية الكبيرة، كما تدل على صعوبة تربية الولد الوحيد، وصعوبة تربية الولد في غياب الأب. </P>

<P dir=rtl>ويدلّ عض الولد لسان أمه على أهمية الكلمة ودورها في التربية والنطق بالحق، كما تدل على أن التربية عمادها الكلمة الموجهة بصدق نحو الخير. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

كرة من الذهب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن أحد الرجال كان على غنى كبير، يملك الدور والأراضي والأموال، وكان يبدو دائماً كئيباً قلقاً ضيق النفس متشائماً، لا يهنأ بشيء، ولا يسعد، وقد جرب السفر، والسهر، وكل أنواع التسلية، فلم يذهب عنه ما هو فيه من كرب وضيق. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم أشار عليه أحد صحبه أن يصنع كرة من الذهب، ليتسلى بها مع زوجته في البيت يدحرجها لها، وتدحرجها له، ويتبادلانها، في أثناء السهرة، وفرح الرجل لنصيحة صاحبه، ومضى على الفور إلى أحد الصاغة، وطلب منه أن يصنع له كرة من الذهب الخالص، واستحثه في إنجازها وأجزل له في العطاء، وهو الغني المقتدر. </P>

<P dir=rtl>وأخذ الرجل يلعب مع زوجته بالكرة كل مساء، يدحرجها لها، وتدحرجها له، ويتسليان بها، ولكن لم يذهب عن الرجل شيء من كربه وضيقه، بل لعله ازداد بهذه الكرة ضيقاً وكرباً فمضى إلى صاحبه، يحدثه عما كان معه من أمر الكرة التي نصح له بها. </P>

<P dir=rtl>وعندئذ ضحك صاحبه طويلاً، وقال له: ما أقصده بكرة من الذهب هو الولد، يملأ حياتك دفئاً وأنساً وبهجة. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية حاجة الإنسان الفطرية للولد، فهو ضروري لحياة الزوجين، ولا يمكن أن يسد مسده شيء. </P>

<P dir=rtl>وهي تدل على أن الإنسان هو القيمة الأولى، وأنه أغلى من الذهب وأسمى، وأنه لا بديل عن الإنسان. والحكاية بسيطة لا تعقيد فيها، وتمتاز بالذكاء، ولا سيما في اختيارها الذهب، وهو معدن نادر وثمين وأساسي في الحياة الاقتصادية، ولذلك كان ناجحاً تأكيدها بوساطته أن الولد أثمن منه وأكثر ضرورة. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الغني والفقير

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أخوين، كان أحدهما غنياً، والآخر فقيراً، وكان لكل منهما ولد اسمه أحمد، وكان الغني يزور أخاه الفقير، بين حين وآخر، مصطحباً معه ابنه أحمد، وكان إذا حان وقت الغداء، أعرب لأخيه الفقير عن رغبته في تناول نوع ما من الطعام، ثم يستأذنه في إرسال ابنه إلى السوق، لشراء ذاك النوع، وكان الأخ الفقير يستجيب لرغبة أخيه، وعندئذ يعطي الغني ابنه بعض النقود، ويقول له اذهب واشتر لنا ذلك النوع من الطعام، فيأخذ ابنه النقود ويخرج. </P>

<P dir=rtl>وما إن يصير الولد خارج الدار حتى يقول الغني لأخيه الفقير: "أحمد يمتطي الآن الجواد"، وبعد قليل يقول: "هو الآن في الطريق إلى السوق"، وبعد حين آخر: "هو الآن في السوق"، ثم يقول: "هو الآن يساوم في شراء الطعام"، ثم يقول: هو الآن يشتري ذلك النوع"، ثم يقول: هو الآن يمتطي جواده ويعود"، ثم يقول: "هو الآن في الطريق إلينا"، ثم يقول: "هو الآن في باب الدار". </P>

<P dir=rtl>وعندئذ ينادي، فيجيبه ابنه، ثم ما يلبث أن يدخل حاملاً ذلك النوع من الطعام الذي أوصاه به أبوه. </P>

<P dir=rtl>وكان هذا دأب الغني، في كل مرة يزور فيها أخاه الفقير، يفخر أمامه بقدرته على شراء ما يشتهي من ألوان الطعام، ويزهى بذكاء ابنه، وحسن تصرفه. </P>

<P dir=rtl>وكان الفقير يحس بالألم والضيق، لفقره، وعدم قدرته على شراء شيء مما يشتهي، ولضعف ابنه، وقلة حيلته. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم قرر الفقير أن يزور أخاه، ويفعل مثل ما يفعل، فحمل ما كان قد ادخره لذلك من مال، واصطحب ابنه، ومضى إلى زيارة أخيه، ولما حان وقت الغداء اقترح على أخيه الغني نوعاً من الطعام، واستأذنه في ارسال ابنه لشرائه من السوق، فوافق الأخ، فنادى الفقير ابنه، فأعطاه صرة النقود، وأوصاه، وحذره، وحثه على الإسراع، ولما خرج الولد، التفت الفقير إلى أخيه الغني، وقال له: "أحمد الآن يمتطي الحمار"، وبعد قليل قال له: "هو الآن في الطريق"، ثم قال: "هو الآن في السوق"، ثم أخذ يقول مثلما كان يقول أخاه من قبل، متتبعاً مراحل مضي ابنه إلى السوق، وعودته منه، حتى بلغ قوله: "هو الآن في الباب، عائد من السوق، ثم نادى ابنه، فجاء صوته: "نعم يا أبي"، فقال له: "عجل، هات الطعام، فجاء الصوت ثانية: "أنا هنا يا أبي، ما أزال أحاول وضع السرج على الحمار". </P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية ساخرة، ولكنها مؤلمة في سخريتها، إذ تنتقد حال الفقير، الذي يؤثر فقره في مستوى ذكائه، وسرعة استجابته، على حين يتيح الغنى للغني القدرة على الفعل والحركة، ويعوده سرعة الاستجابة. </P>

<P dir=rtl>ويزيد السخرية ألماً في الحكاية أن أثر الفقر أو الغنى عند الوالد، إنما يتعدّاه إلى الولد، بل إن ذلك الأثر يظهر في الولد أكثر مما يظهر في الوالد، وهذا يعني من جهة أخرى استمرار شقاء الفقير، واستمرار قدرة الغني، وكأن الصراع بينهما تاريخي، لا ينتهي. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تكشف أثر البيئة أو المستوى المادي في شخصية الإنسان، ولا سيما الطفل، وهي تؤكد أن ما هو مكتسب في الطبع والخلق والذكاء أقوى مما هو موروث. </P>

<P dir=rtl>إن ولد الغني سريع الحركة، سريع الاستجابة، قادر على الفعل، ليس لطبع ورثه، وإنما لخلق اكتسبه، من غنى والده وقدرته على الفعل. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل بصورة غير مباشرة على دور الحظ والقسمة والنصيب في حياة الإنسان، وما يكون من غنى أو فقر، وسعادة أو شقاء، إذ تجعل الحكاية الغني والفقير أخوين، وما كان أحراهما أن يكونا في حالة واحدة من الفقر والغنى، وكونهما أخوين، يؤكد ثانية ما سبق استنتاجه من أن المكتسب أقوى أثراً من الموروث. </P>

<P dir=rtl>ولعل الحكاية تقصد من سخريتها المؤلمة إلى التنبيه، وإثارة الوعي لدى الفقير، وتحريضه على تجاوز واقعه بصورة من الصور. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

اعدل.. عدلوا

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان في قديم الزمان ملك، ولا ملك إلا الله، وكان ذلك الملك يحكم البلاد بالعدل والإحسان، ويقيم الحق، وكان شعبه ينعم بالأمن والسلام، ويعيش في صدق وخير وحب، الابن يبر أباه، والأخ يعين أخاه، والجار محب لجاره، ولا بغض ولا عداء، ولا خصام ولا جدال. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام تتلوها الأيام، وأخذت الأمور تتغير شيئاً فشيئاً، وبدأت الأحوال تتحول، إذ لا شيء يبقى على حال، فسبحان مقلب القلوب، ومغير الأحوال، فعق الولد أباه، وغدر الأخ بأخيه، وخان الجار جاره، وعم الكذب والغش والخداع، وشاع الفسق والرياء والفجور، فانتهكت الأعراض، وسرقت الأموال، ولم يبق أحد يأمن على نفسه أو بيته أو ماله أو عمله، وباتت الأمور في أسوأ حال. </P>

<P dir=rtl>وزاد في الطين بلة تحول الملك، فظلم وجار، وحاد عن الحق والصواب، وعاث في الأرض فساداً فأطلق يد جنده في البلاد، يبطشون ويظلمون ويفتكون، وشعر الناس بما ينالهم من عسف، فضجوا وتذمروا، فقمعهم الملك، بما لديه من جند وعيون، وبطش بهم بطشاً، ونكل بهم تنكيلاً، فملأ بهم السجون، وحز رؤوس كثير منهم، وعلقها في الساحات. </P>

<P dir=rtl>ولكن الأمور لم تتبدل، بل زادت سوءاً، فشاع الفساد، ودبت الفوضى، وطغى عسف الملك، فقل الزرع وتعطلت الأعمال، وانتشرت الأمراض والآفات، وطمع في البلاد أعداؤها، فهيؤوا لغزوها الجيوش، وشعر بالخطر نفر من الحكماء، فاجتمعوا، وتشاوروا في الأمر، واستطلعوا الآراء، ونظروا فيما هم مقبلون عليه، ثم رأوا أن يوفدوا كبيرهم إلى الملك، ينصح له بالعدل. </P>

<P dir=rtl>وصار كبير الحكماء إلى الملك، فاستأذن، فأذن له، فدخل على الملك، فإذا هو مع قادة جنده، في اجتماع، يستمع إلى ما يقدمون له من وصف لحالة البلد، فلبث الحكيم ساكتاً، ينتظر انتهاء الاجتماع، وبينما هو كذلك، دخل من نافذة في القبة التي تعلو قاعة الاجتماع طائر كبير، حوم فوق الرؤوس، ثم دنا من الملك وصاح: </P>

<P dir=rtl>اظلم.. ظلموا </P>

<P dir=rtl>اظلم.. ظلموا </P>

<P dir=rtl>اظلم.. ظلموا </P>

<P dir=rtl>ثم خرج ذلك الطائر من حيث جاء. </P>

<P dir=rtl>ولما انتهى الاجتماع، رحب الملك بالحكيم، وأدناه منه، وأحسن استقباله، ثم سأله عما يريد من زيارته، فشكر له الحكيم حسن استقباله، ثم اعتذر إليه، وأكد له أنه لم يقصد زيارته إلا ليجدد له الولاء، وولاء من يمثلهم من حكماء البلد، فشكر له الملك زيارته، وودعه بما يستحق من تقدير. </P>

<P dir=rtl>ورجع الحكيم إلى رفاقه الحكماء، فأطلعهم على ما رآه، وأكد لهم أن جور الملك هو نتيجة لظلم الناس، بعضهم لبعض، وأن ليس للناس إلا أن يعدلوا فيما بينهم، ليعدل فيهم الملك، وتشاور الحكماء فيما بينهم، فرأوا أن يبدؤوا هم بالإصلاح بين الناس، ليعيدوهم إلى ما كانوا عليه من صدق وإخاء، وحب وتعاون، فانطلقوا في أرجاء البلاد، يعظون الناس، وينصحون لهم، ويرشدونهم إلى سواء السبيل، ويحثونهم على العودة إلى ما كانوا عليه من خصال. </P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام تتلوها الأيام، والحكماء جادّون في النصيحة للناس، على الرغم مما يرون فيهم من فساد، وهم دائبون صابرون، فأخذت الأمور تتبدل شيئاً فشيئاً، وبدأ يقل ما كان بين الناس من كذب وغش وخداع، ويغيب ما شاع بينهم من فسق وكفر وفجور، وبدأ شيء من الحب والتراحم والتعاون ينمو ويظهر، وشيء من الوفاء والصدق والإخاء يبرز ويكبر، وقل بطش الملك، حتى تغيرت الأحوال، وتبدلت الأمور، فعاد الأمن والسلام، وزاد الخير وكثرت الأرزاق. </P>

<P dir=rtl>وشعر الحكماء بجدوى ما قاموا به، كما أحسوا بعدل الملك، فرأوا أن يوفدوا كبيرهم إليه ليقدم شكرهم له، لعدله في الناس، فمضى كبيرهم إلى الملك، فاستأذن، فأذن له، فدخل على الملك، فإذا هو في اجتماع أيضاً مع الوزراء، يستمع إلى ما يقدمون إليه من وصف لما في البلد من أحوال، فقعد الحكيم ينتظر انتهاء الاجتماع، وبينما هو كذلك، إذا طائر كبير يدخل من نافذة في القبة التي تعلو قاعة الاجتماع، فحلّق فوق الرؤوس، ثم اقترب من الملك، وصاح: </P>

<P dir=rtl>اعدل.. عدلوا </P>

<P dir=rtl>اعدل.. عدلوا </P>

<P dir=rtl>اعدل.. عدلوا </P>

<P dir=rtl>ثم خرج من حيث جاء، كما فعل في المرة الأولى. </P>

<P dir=rtl>ولما انتهى الاجتماع رحب الملك بالحكيم، وأدناه منه، وسأله أن يعرض عليه ما جاء من أجله، فتردد الحكيم، ثم أكد للملك أنه ما جاء إلا ليجدد أمامه ولاء رفاقه الحكماء، فشكر له الملك وفادته عليه، ثم شيعه بنفسه إلى الباب. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ورجع الحكيم إلى رفاقه الحكماء، وروى لهم ما رآه، فاستقر في أنفسهم أن عدل الملك في الناس هو نتيجة لعدل الناس بعضهم في بعض، ورأوا أن يستمروا في النصح للناس، ووعظهم، ليبقى الخير والحب والأمن والسلام في البلاد. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية القول الشائع: "كيفما تكونوا يولّ عليكم" فهي تؤكد أن الناس يظلم بعضهم بعضاً قبل أن يظلمهم الحاكم، وأن ظلم الحاكم لهم نابع من ظلم بعضهم لبعض، ومثل ذلك أيضاً العدل. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تسعى على ما يبدو إلى الاصلاح وتدعو إلى أن يعدل الناس بينهم حتى يتحقق لهم عدل الحاكم فيهم، ولكنها بمثل هذه المقولة إنما تبرئ السلطان وتدين العامّة. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تسند إلى العلماء دوراً أساسياً في تحقيق الإصلاح، ولكنه إصلاح موجّه إلى الناس فقط، ولا يتعرض للسلطان في شيء، مما يتفق بالطبع ومقولة الحكاية، ولذلك لا يقدم العلماء للسلطان شيئاً من النصيحة والوعظ، وإنما يقتصر دورهم على الاتصال بالناس. </P>

<P dir=rtl>وعلى الرغم من قدرة العلماء، كما في الحكاية، على إصلاح الناس، والتأثير فيهم، وتوجيههم نحو الأفضل، يظل دورهم سلبياً، وهو لصالح السلطان، ولخدمته، أكثر مما هو لصالح الناس وخدمتهم. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل بذلك على دور العلماء بوصفهم تابعين للسلطان راعين لمصالحه ساعين إلى إخضاع العامة. </P>

<P dir=rtl>ويبرز الطائر في الحكاية عنصراً فنياً متميزاً كأنه صوت الحق، أو رمز له، كما يظهر واضحاً انقسام الحكاية إلى قسمين أساسيين، يشبهان مقدمتين تعقبهما نتيجة، في ترتيب منطقي. </P>

<P dir=rtl>والحكاية بصورة عامة محكمة البناء، قادرة على الإقناع بقوة. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

صديق العمر

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن امرأة اختلفت وزوجها في أمر، وصار بينهما خصام وشقاق، فما كان منها إلا أن حملت بعض ثيابها في صرة، وهي أم لبضعة أولاد، ثم مضت إلى دار أهلها. </P>

<P dir=rtl>وشكت لأبيها الأمر، وأعلنت عن رغبتها في الطلاق، فلامها أبوها على ذلك، ونصح لها بالعودة إلى بيتها، فرفضت، وأصرت على البقاء، فلم يجد بدا من الترحيب بها. </P>

<P dir=rtl>وأمضت في بيت أبيها بضعة أيام. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم حمل جدها العجوز إبريقاً من الفخار، ومضى إلى ركن، ليتوضأ، وكانت في أثناء ذلك تكنس أرض الدار، فتعثر الجد، وسقط الإبريق من يده، فانكسر، فأسرعت إليه، وقدمت إليه إبريقاً آخر، فأبدى الجد امتعاضاً شديداً، وقعد يتأمل الإبريق المكسور، ويحزن، لفقده، فعجبت لأمره، وسألته: ألم أقدم لك إبريقاً آخر غيره؟ فنظر الجد فيها طويلاً، ثم تبسم في سخرية، وقال: وهل ترين من السهل أن أتخلى عن هذا سريعاً، واستبدل به غيره، ثم سرح ببصره بعيداً، وأرسل زفرة طويلة، وقال: لو تدرين يا بنتي، ذاك الصديق، صحبته وصحبني، وشهد كثيراً من أيامي. </P>

<P dir=rtl>فاعتذرت لجدها، ثم عمدت إلى صرة ثيابها، فحملتها، ورجعت إلى زوجها. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية ذات هدف أخلاقي نبيل، عمادها الوعظ، ولكن بأسلوب ذكي جداً، غير مباشر، وهي موجّهة على الأغلب إلى المرأة. </P>

<P dir=rtl>والحكاية ترسّخ قيم التسامح بين الأزواج والوفاء والارتباط وحفظ العهد، وتدعو إلى الترفع عن الصغائر، وعدم اللجوء إلى التفريق حالاً. </P>

<P dir=rtl>كما تعلم الحكاية الكبار حسن التعامل مع الأولاد والأحفاد، وعدم الانصياع مباشرة إلى رغباتهم أو نزواتهم، وتدل على أساليب للتعامل والتربية فيها قدر من الحنكة والذكاء. </P>

<P dir=rtl>وحكاية الإبريق داخل الحكاية تحمل مستويين، الأول واقعي والثاني رمزي، وكلاهما متضافران، ولا غنى لأحدهما عن الآخر. </P>

<P dir=rtl>فعلى المستوى الرمزي تشير إلى الارتباط بين الزوجين، وانكشاف كل منهما على الآخر، مما يقتضي حفظ العهد ورعايته. </P>

<P dir=rtl>وعلى المستوى الواقعي تشير إلى عادات شعبية قديمة، وهي نشوء علاقة حميمة بين الإنسان وأشيائه الخاصة، وفي بعض الحالات كان المرء مثلاً طوال حياته لا يغير القلم الذي يكتب به، أو الكأس المعدنية التي يشرب بها، مما يدل على أن الإنسان كان يعيش في مناخ يضفي عليه من إنسانيته، ويتعامل معه تعاملاً إنسانياً. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الصيف والشتاء

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن إحدى الزوجات كانت تبغض حماتها بغضاً شديداً، على الرغم من أنها كانت طيبة المعشر، سمحة النفس، حلوة الحديث، فكانت كلما قدمت إلى بيت ابنها في زيارة، ضايقتها وكادت لها وأزعجتها، فتخرج الحماة كئيبة حزينة، على حين كانت تستقبل أمها خير استقبال، وتستضيفها، وتكرمها، وتوسع لها في كل شيء، وكانت أمها سليطة اللسان، متقلبة المزاج، لا يعجبها شيء، ولا ترضى عن شيء، وتعبر دائماً عن ضيق واستياء، بأقسى الألفاظ. </P>

<P dir=rtl>وكانت تلك الزوجة توغر صدر زوجها على أمه، وتشكوها له، وتصورها في أسوأ صورة، مختلقة في ذلك الأكاذيب، غير متورعة ولا خجلة، حتى إنها طلبت منه ذات يوم أن يأخذ أمه إلى أي مكان، ليذبحها، كي ترتاح منها، ويبدو أن الزوج كان في لحظة ضعف، فأطاع زوجته، ومضى بأمه إلى بستان قريب، متذرعاً لها بطلب النزهة، ثم قعد معها على ضفة نهر، حتى ملت، وأخذتها سنة من النوم، فأغفت، ونامت، فما كان منه إلا أن تركها، ورجع إلى البيت. </P>

<P dir=rtl>وأفاقت الأم، فوجدت نفسها وحيدة، فلم تغضب، وظنت أن ابنها قد ذهب إلى عمله، ولم تشعر بشيء، من الاستياء، ومضت لترجع إلى البيت، وبينما هي في الطريق، مر بها رجلان، أحدهما شاب، والآخر عجوز، فاستوقفاها وسألاها ما تحب، الصيف أم الشتاء؟! فتبسمت وقالت لهما: "الصيف جميل، بفواكهه وخضاره، والنسمات الحلوة في لياليه الساهرة، والشتاء جميل، بالموقد والحكايات أحكيها للأحفاد، فشكرها الرجلان على جوابها، وذهبا. </P>

<P dir=rtl>ولما بلغت بيت ابنها، قرعت الباب، فخرج لها ابنها، فرحب بها معتذراً لها، فغفرت له، وسامحته، ولكنها فوجئت، مثلما فوجئ، ابنها، فإنها مع كل كلمة تنطقها كانت الدرر والجواهر تتساقط من فمها، فعجب لذلك، مثلما عجبت هي، أما الزوجة فقد كانت دهشتها أشد وأعظم، ولم تلبث أن طلبت من زوجها أن يأخذ أمها إلى الموضع الذي أخذ إليه أمه. </P>

<P dir=rtl>ومضى الزوج بحماته إلى الموضع نفسه، وتركها، ورجع، وبينما هي جالسة قرب النهر، ضاقت نفسها، وملت، فنهضت، ومضت تتمشى في البستان، وهي مستاءة من الأشواك والحصى والتراب، ضائقة بالصمت والهدوء، تحس بالوحشة والضيق، ثم قررت العودة إلى البيت. </P>

<P dir=rtl>وبينما هي في الطريق، التقى بها العجوز والشاب، فسألاها السؤال نفسه، فقطبت وجهها، واشمأزت، وقالت: "لا أحب الصيف، ولا الشتاء، فليس في الصيف سوى الحر والغبار والظمأ، وليس في الشتاء سوى البرد والطين"، ولم يجبها الرجلان بشيء، وتركاها، ومضيا في طريقهما. </P>

<P dir=rtl>ورجعت إلى بيت ابنتها، وما إن استقبلتها ابنتها، ورحبت بها، حتى شتمتها وشتمت زوجها، وفوجئت البنت، بل ذعرت، مثلما فوجئت الأم وذعرت، فقد كانت الأفاعي والعقارب تتساقط من فم الأم، مع كل كلمة تنطق بها. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، غايتها الانتقاد الساخر، وهي موجهة إلى المرأة، سواء أكانت حماة أم كنة، فهي توحي لها بالأثر الحسن للكلمة الحلوة، كما توحي بضرورة اصطناع الألفة والمودة وتجنب اللجاج والكلام فقط. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدلّ على الواقع الاجتماعي وما تدور فيه من خلافات بين الحماة وكنتها، وهي خلافات متجذرة، كما يبدو، لا بد من ظهورها، حتى لو كانت الحماة بعيدة عن كنتها وليست شريكة لها في السكن. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تقدم نمطين مختلفين الاختلاف كله للمزاج النفسي والطبع البشري وأسلوب الكلام والتعبير، الأول نمط المرأة ذات المزاج المعتدل والطبع الهادئ العادل والكلام العذب، والثاني نمط المرأة ذات المزاج المتقلب والطبع الكدر والكلام فقط. </P>

<P dir=rtl>وقد أفلحت الحكاية في تصوير كلّ من الطبعين كما أفلحت في التمثيل لهما بامرأتين كل منهما حماة، لتظهر الفروق أكثر وضوحاً وأبعد تأثيراً. </P>

<P dir=rtl>كما قامت الحكاية على الرمز للشتاء والصيف بشيخ عجوز وشاب في مقتبل الشباب، وهو رمز أسطوري قديم لعله يرجع إلى أسطورة دوموزو أو تموز إله الربيع في الأساطير العربية القديمة. </P>

<P dir=rtl>وفي مكافأة كل من المرأتين بما تستحق وفق كلامها دليل على الجزاء الطبيعي، ودليل أيضاً على أهمية الكلمة، وما تحمله من مسؤولية، وما تستوجب من جزاء. </P>

<P dir=rtl>وفي الموقف المتباين لدى كل من المرأتين من الصيف والشتاء ما يدل أيضاً على ضرورة التلاؤم وحسن التكيف لامع الطبيعة وحدها، بل مع المجتمع أيضاً. </P>

<P dir=rtl>إن تصلب إحدى المرأتين أمام الشتاء والصيف، وضيقها ذرعاً بهما معاً، صورة عن تصلبها أمام الزوجين والشابين، وعدم قدرتها على التلاؤم مع الوضع، الجديد لابنها أو ابنتها، عندما يدخلان في الحياة الزوجية. </P>

<P dir=rtl>وخلاف هذا المرأة الأخرى التي دلت على تقدير حسن كل من الصيف والشتاء، كما دلت على القدرة على التلاؤم معهما، وهذا الموقف هو صورة عن قدرتها على التلاؤم أيضاً مع الحياة الزوجية لشابين، سواء كان أحدهما ابنها أو ابنتها. </P>

<P dir=rtl>وهكذا، فالحكاية تسعى إلى تأكيد ضرورة التلاؤم الاجتماعي والطبيعي وحسن التكيّف مع فصول الطبيعة وأجيال المجتمع. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

طفح الكيل

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كانت إحدى القرى خاضعة لحكم الآغا، وكان هذا الآغا قد حكم القرية في أول أمره بالعدل، وأقام الحق، وساعد الضعيف، ولكنه شيئاً فشيئاً أخذ يظلم ويستبد ويطغى، حتى إنه أخذ يشارك الفلاحين في محصولهم، ويسلبهم أراضيهم، ويفرض عليهم الإتاوات، فضاق به أهل القرية، وصمموا على عزله، وتعيين غيره حاكماً عليهم. </P>

<P dir=rtl>وعلم الآغا بما يدبره الفلاحون في الخفاء، فأقام وليمة كبيرة، دعا إليها رجال القرية كلهم، واحتفى بهم احتفاء كبيراً، وبعد الانتهاء من تناول الطعام، وارتشاف كؤوس الشاي، نهض يخطب فيهم، ويحدثهم سائلاً عن سببب عزمهم على عزله، وتعيين غيره. </P>

<P dir=rtl>وصمت القوم، لا أحد يجيب بشيء، ولكن شاباً ثارت فيه الحماسة، فأجاب: "طفح الكيل"، فتبسم الآغا، ثم غمز لابنه بعينه، فدخل ابنه إلى إحدى الغرف، وخرج يحمل مكيالاً مليئاً بالليرات الذهبية، حتى إن الليرات كانت تتساقط منه لفرط امتلائه. </P>

<P dir=rtl>ووضع الآغا المكيال على الأرض أمام أعين الرجال جميعاً، ثم قال لهم: </P>

<P dir=rtl>"انظروا إلى هذا المكيال الممتلئ، هل يتسع لمزيد؟! "فأجابه الرجال: "لا" فأضاف يسأل ساخراً: "هل تفضلوا بقائي وقد امتلأ مكيالي، وطفح، أم هل تفضلون عزلي، وتعيين آغا آخر، مكياله فارغ، ولا بد من ملئه؟! </P>

<P dir=rtl>وتهامس الرجال، ثم خرجوا واحداً واحداً، وهم يمرون بالآغا، مجددين له الولاء. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف الحكاية أساليب الحكام المستبدين في تضليل العامة وخداعهم حرصاً على استمرار سيطرتهم وسعياً منهم نحو مزيد من التملك والظلم. </P>

<P dir=rtl>ويظهر في الحكاية واضحاً ضعف العامة وجبنهم وسهولة خداعهم وميلهم إلى المصالحة والتسليم وبعدهم عن الرفض. </P>

<P dir=rtl>كما يظهر فيها واضحاً أن صوت الرفض والتمرد هو صوت الشباب، وهو صوت واحد ووحيد، وسرعان ما ينهزم أمام تراجع العامة وضعفهم. </P>

<P dir=rtl>وثمة توازن مدهش في تقديم الحكاية لطرفي الصراع، من سلطة مستبدة قائمة على النهب والخداع والقمع، وعامة ليس لديهم سوى الضعف والخوف والخضوع، وهو توازن يوحي في الظاهر بصلاح رأي الآغا، إذ أن استمراره في سلطته وقد امتلأ مكياله، خير، في الظاهر، من مجيء آغا جديد، ذي مكيال فارغ، ولكن ثمة سؤال: هل سيكتفي الآغا حقيقة بذلك المكيال الذي امتلأ؟ </P>

<P dir=rtl>وههنا تنطوي الحكاية على مفارقة قاسية، وسخرية مرة، إذ تتضمن في داخلها مثل ذلك السؤال، فتصبح في عمقها إدانة للآغا وسخرية منه، أكثر مما هي عليه في الظاهر من ترجيح لرأيه، وهذه هي براعة الحكاية. </P>

<P dir=rtl>وتبدو الحكاية مستوحاة من مجتمع ريفي متخلف، يسيطر عليه الإقطاع، ويتحكم فيه الآغا، ويعمل الفلاحون أجراء في أرضه، لا حول لهم ولا قوة. </P>

<P dir=rtl>وتمتاز الحكاية بتطورها وتناميها نحو عقدة ثم يأتي الحل مخيباً لكل رجاء، وهي قوية الإقناع قوية التأثير. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

قلب الأم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن احدى الزوجات كانت تكره حماتها، وتكيد لها، وتسعى إلى الخلاص منها، ولا تستطيع إلى ذلك سبيلا. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم تظاهرت بالمرض والاعتلال، واتفقت مع أحد الأطباء على أن يعودها، فيصف لها قلباً بشرياً، تأكله، فيكون فيه شفاؤها. </P>

<P dir=rtl>ولما رجع الزوج من عمله، كانت قد تمددت في الفراش، وصبغت وجهها بالورس، فأخذت تتأوه، وتشكو، ولما سألها الزوج عما بها، توسلت إليه أن يسرع بإحضار الطبيب، وأشارت عليه أن يحضر ذلك الطبيب، الذي كانت قد اتفقت معه، ولما حضر الطبيب أكد أن شفاءها في قلب بشري تأكله. </P>

<P dir=rtl>وحار الزوج في الأمر، وقلق واضطرب، وأظهرت الزوجة مزيداً من الشكوى والتألم ثم التفتت إلى الزوج، ترجوه وتتوسل إليه، أن يحضر لها ذلك القلب، والدموع تنسكب من عينيها، وهي تتلوى وتتألم. </P>

<P dir=rtl>وأشفق الزوج، فسألها: "وكيف أحضر لك قلباً بشرياً؟!" فأجابته على الفور: "أمك، فهي عجوز، ومريضة، إن لم تمت اليوم فستموت غداً، فلماذا لا تذبحها، وتشق صدرها، وتخرج القلب، فتشتري بذلك الصبا والحسن والجمال، بالشيخوخة والعجز والهرم؟!" </P>

<P dir=rtl>وذهل الزوج، ولكن الزوجة ظلت تحاوره، وتوحي إليه أنها مشرفة على الموت، وتشكو، وتتأوه، حتى انساق إلى طلبها. </P>

<P dir=rtl>وقاد الزوج أمه إلى بستان قريب مدعياً أنه يريد لها النزهة، وهناك تمكن منها، فقتلها، وشق صدرها، واستخرج القلب، وحمله، ومضى به، راجعاً إلى زوجته. </P>

<P dir=rtl>وفي الطريق، تعثر الزوج بحجر، فوقع، وإذا قلب أمه ينطق، حالة تعثره، ويقول: "الله"، معبراً عن خشية الأم على ولدها، وتنبه الزوج إلى ذلك، وذكر أمه، وأدرك عِظَم خطئه، وشناعة ما أقدم عليه، فما كان منه إلا أن رجع إلى حيث ترك جثة أمه، فأعاد إليها القلب، وكتب حكايته على ورقة، وأمسك بها بيد، ثم طعن نفسه باليد الأخرى، واستقلى إلى جانب أمه، ومات. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية تحث الولد على الوفاء لأمه وعدم الانصياع لنزوات زوجته، وهي تميل إلى القسوة والغلظة والمبالغة لتحقيق الأثر المطلوب وتحقيق هدفها الفكري. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد صدق عاطفة الأمومة وقوتها وعظمتها على الرغم من عقوق الولد وغدره. </P>

<P dir=rtl>وهي تعكس حقيقة اجتماعية، إذ تميل الزوجة دائماً إلى الاستقلال بحياتها، ولا تريد من يشاركها فيها، ولا سيما حماتها، كما تعكس حقيقة نفسية أخرى هي انصياع الرجل لنزوات زوجته وانصرافه عن أمه. </P>

<P dir=rtl>والحكاية شائعة، وهي واسعة الانتشار، ومرجع ذلك إلى مبالغتها وشدة تأثيرها، وتعبيرها عن عاطفة الأمومة المقدسة. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الأخذ والعطاء

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الرجال صديق يوده، وذات يوم احتاج الرجل إلى مبلغ من المال، فقصد صديقه، ليستدين منه ما يحتاج، فرحب به صديقه، ولما سأله عن حاجته، قال له: "افتح تلك الخزانة، وخذ منها المبلغ الذي تريد"، وفتح الرجل خزانة صديقه، وأخذ منها المبلغ الذي هو في حاجة إليه، وشكر صديقه، ثم مضى. </P>

<P dir=rtl>وبعد حين من الزمن، تيسر للرجل المبلغ، فمضى إلى صديقه، وقدمه إليه، فقال له: "ضع المبلغ حيث أخذته، في تلك الخزانة"، فمضى إلى الخزانة، ففتحها، ووضع فيها المبلغ، وشكر صديقه، ثم مضى. </P>

<P dir=rtl>ومرت أيام، واحتاج الرجل ثانية إلى شيء من المال، فقصد إلى صديقه، فقال له مثلما قال في المرة السابقة، فأخذ الرجل المبلغ الذي هو في حاجة إليه، وشكر صديقه، ومضى. </P>

<P dir=rtl>ومرت أيام وأيام، ولم يعد الرجل المبلغ إلى صديقه. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم احتاج الرجل مرة ثالثة إلى شيء من المال، فقصد صديقه، يسأله أن يدينه مبلغاً يحتاجه، فقال: "افتح تلك الخزانة، وخذ منها ما تحتاج"، فمضى الرجل إلى الخزانة، ففتحها، فلم يجد فيها شيئاً، فالتفت إلى صديقه، وقال له: "ولكن الخزانة فارغة، وليس فيها شيء؟!"، فأجابه صديقه: "وكيف تتوقع أن تجد فيها شيئاً، وأنت لم تعد إليها المال الذي أخذته منها؟!". </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية تحث على ضرورة الوفاء وسداد الدين وعدم التأخر في رده وحسن التعامل بين الناس ولا سيما في أمور المال. </P>

<P dir=rtl>وهي تقوم على التدرج وفق ثلاث مراحل، وفيها قدر غير قليل من الذكاء والمنطقية، وتمتاز بالإيجاز والتكثيف. </P>

<P dir=rtl>والحكاية على الأغلب نتاج مجتمع المدينة وعلاقات السوق، وهي تؤكد المثل القائل: "من أخذ وردّ ما ارتد". </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

عيش القصور

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>خرج مرة أحد الملوك إلى نزهة في البساتين والأرياف، وكان إلى جانبه حكيم القصر، يعرفه إلى أنواع النباتات والأعشاب، فيصف له كل نوع، ويسميه، ويحدثه عما هو نافع، ويحدد وجه الضرر فيه أو النفع، ويبين ما هو سام قاتل. </P>

<P dir=rtl>وبينما هو على تلك الحال، إذ مرّا براع نعاجه تسرح في الحقل، ومضى يقتلع بعض الأعشاب، ويتناولها، ولما اقترب منه الملك لاحظ أنه يأكل عشبة من النوع السام، فدهش، والتفت إلى الحكيم، يطلب منه تحذير الراعي، ولكن الحكيم طمأنه، وأكد له أن العشبة لن تضره في شيء، على الرغم من أنها سامة قاتلة، فدهش الملك، واستفسر عن سرّ ذلك، فأكد له الحكيم أن عيش الفلاة، والاعتياد على تناول مثل تلك الأعشاب، يمنح الجسم قوة، تبطل عمل السم، فأنكر الملك ذلك، وطلب من الحكيم مصداقاً لقوله. </P>

<P dir=rtl>واصطحب الحكيم الراعي إلى القصر، وأنزله في جناحه، وطلب من الخدم السهر على خدمته ورعايته، وأخذ يجلسه إلى مائدته، ويطعمه من أطايب الطعام، مما يأكله في القصر، ويوفر له الراحة، ويبعده عن العمل والنشاط، حتى مرّ شهر أو شهران، وعندئذ قدم به إلى مجلس الملك، وقدم له بعض الأعشاب مما يأكله في الفلاة، وطلب منه تناولها، على مرأى من الملك، فتناولها الراعي، ولم تمض غير ساعة، حتى أخذت عوارض التسمم تبدو عليه، فتأكد للملك مصداق قول الحكيم، ثم أمر بالإسراع في علاج الراعي ومداواته، ورده بعد ذلك إلى الفلاة، ليعيش حيث كان يعيش من قبل، موفور العافية، لا تضره الأعشاب، ولا تؤذيه، حتى السامة منها. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية نقاء الطبيعة وجمال العيش فيها، وفساد العيش في القصور ومجافاته للفطرة. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تعبر عن الصراع القديم بين البدو والحضر، والريف والمدينة، والطبيعة والصناعة، وهي تنتصر للطبيعة والريف والحياة الفطرية. </P>

<P dir=rtl>وهي تقدم بصورة غير مباشرة عزاء للفقير كي يرضى بما هو فيه من عيش، كما تقدم إدانة لعيش القصور كي تزيد من إقناع الفقير بقبول عيشه. </P>

<P dir=rtl align=center>qqq<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

قطعة من حديد

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أخوان اثنان ماضيين من الريف إلى المدينة، في الصباح الباكر، لبيع ما لديهما من خضر، يحملانها على ظهر حمار، وكانا قد اتفقا على أن يمتطي أحدهما الحمار في الذهاب، وأن يمتطيه الآخر في الإياب. </P>

<P dir=rtl>وفي الطريق، رأى الأخ الذي يركب الحمار قطعة حديدية صغيرة، فقال لأخيه الراجل: "التقط تلك القطعة، فقد نبيعها، ونستفيد بثمنها"، فأجابه أخوه: "أنا لا أكلف نفسي عناء الانحناء لالتقاط مثل تلك القطعة الصغيرة، فهي لا تساوي شيئاً، وما كان من الأخ الذي يمتطي الحمار إلا أن نزل، والتقط القطعة الحديدية، ومضى بها. </P>

<P dir=rtl>وفي المدينة، باع الأخوان ما لديهما من خضر، وهمّا بالرجوع إلى القرية، ولكن الأخ الذي التقط القطعة الحديدية ذكر القطعة، فعرضها للبيع، فباعها، بثمن معقول، اشترى به بعض الخوخ، ومضى الأخوان، الذي اشترى الخوخ يسير، والآخر يمتطي الحمار، كما اتفقا. </P>

<P dir=rtl>وكانت عودتهما في الظهيرة، وقد قوي الحر، وفي الطريق، أحس الذي يمتطي الحمار بشيء من العطش، فطلب من أخيه أن يعطيه خوخة واحدة، فرمى له الأخ بحبة على الأرض، فاضطر إلى النزول لالتقاطها، ثم عاد إلى ظهر الحمار، ولم يمض بعض الوقت، حتى أحس بالعطش ثانية، فسأل أخاه أن يعطيه خوخة ثانية، فرمى له أخوه بحبة أخرى، فاضطر أيضاً إلى النزول لالتقاطها، ولم يمض بعض الوقت، حتى أحس بالعطش ثالثة، ومرة أخرى رمى له أخوه بالخوخة إلى الأرض، فاضطر إلى النزول لالتقاطها. </P>

<P dir=rtl>ولما التقطها، ورجع إلى ظهر الحمار، سأل أخاه: "لماذا تعذبني، وترمي إليّ بحبة الخوخ إلى الأرض؟!"، فأجابه: "لو أنك كلفت نفسك مرة واحدة الانحناء لالتقاط تلك القطعة من الحديد في الذهاب، لما اضطررت إلى النزول إلى الأرض، ثلاث مرات، في الإياب، ولكان الخوخ كله معك. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن لكل شيء، وإن قل، قيمة، وعلى المرء ألا يستهين بقيمة الأشياء، وألا يناله شيء من الغرور، فهو لا يدري، فلعله يحتاج في وقت العسر إلى أمر تافه كان لا يبالي به في وقت اليسر. </P>

<P dir=rtl>فالحكاية تقدم عظة وعبرة، وتعلّم الإنسان ضرورة التفكير في المستقبل، وتقدير الأمور حق قدرها، ومجانبة الغرور والحكاية على ما تبدو موجهة إلى الفتيان، وهي تمتاز بعدم المباشرة، والقدرة على إظهار المفارقة بين حالتين. </P>

<P dir=rtl>والحكاية على ما يبدو مرتبطة بمجتمع المدينة والسوق حيث كل شيء يمكن أن يباع ويشرى وله قيمة وثمن. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

العسل

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن لقمان الحكيم كان من أمهر الأطباء في عصره، فقد آتاه الله الحكمة، فكان إذا دخل المريض عليه تحركت، إحدى الزجاجات الموضوعة على رفوف كثيرة إلى جانبه، فيقدم إلى المريض تلك الزجاجة، لأن فيها دواءه، وكان إذا دخل عليه مريض ولم تتحرك أية زجاجة، أدرك أن المريض في مرض الموت، فكان يصرفه بلباقة من غير أن يقدم له دواء ما. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم دخلت عليه امرأة تحمل ولداً لها مريضاً، فنصح لها بالعسل، فأخذت ولدها ومضت، وبعد أيام رجعت إليه ثانية، تحمل ولدها، فنصح لها ثانية العسل، فأخذت ولدها ومضت، ومرت بضعة أيام، رجعت إليه بعدها، تعرض عليه ولدها، فنصح لها بالعسل، فأخذت ولدها ومضت. </P>

<P dir=rtl>وبعد أيام أخرى، رجعت إلى لقمان لتخبره بوفاة ابنها، ولتلومه على نصحه لها بالعسل، وتؤكد له أن العسل قتله، فطلب منها أن تذهب إلى قبره وتقف عليه، وتستحلف العسل بالله أن يجيبها عما فعل بابنها. </P>

<P dir=rtl>ومضت المرأة إلى قبر ولدها، فوقفت عليه، ونادت العسل، تستحلفه بالله أن يجيبها عما فعل بابنها، وإذا بهاتف من القبر يناديها قائلاً: "لقد شفيت ابنك من خمسة وسبعين داء، إلا داء الموت، لم أستطع شفاءه منه. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية العجز المطلق أمام حقيقة الموت، إذ لا يفلح في دفعه أي شيء، حتى العسل الذي ينفع في علاج أدواء كثيرة. </P>

<P dir=rtl>وهي تسند إلى لقمان الحكيم دور الطبيب لتزيد في تأكيد فكرتها، كما تعتمد على المبالغة الظاهرة في تحرك زجاجات الدواء من تلقاء نفسها، وفي نطق العسل ورده على سؤال الأم. </P>

<P dir=rtl>والحكاية موجزة جداً ومكثفة، وهي أشبه بالموعظة. </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ثمن الحمام

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال يهوى الحمام، وكان لديه عدة أسراب منه، وكان يمضي معظم يومه على سطح الدار، يرش لطيوره الحب، ويقدم لها الماء، ويطيّرها إلى السماء، مستمتعاً بتحليقها أسراباً أسراباً. </P>

<P dir=rtl>وكان ذلك دأبه، يمضي إلى دكانه، فيمضي فيها ساعة أو ساعتين، ثم يقفل راجعاً إلى بيته، ليمضي بقية يومه مع الحمام، وكانت زوجته تعاتبه في إهماله عمله، وتلومه على إفراطه في الاهتمام بالحمام، فيرد عليها، مؤكداً لها أن الحمام أغلى من كنوز الأرض كلها، فكان يشير إلى أحد الطيور، ويقول لها: "انظري إلى هذا الطير، ذي الذيل الأسود، ثمنه اليوم مئة ليرة، ثم يشير إلى طائر آخر، ويقول مزهواً: "أما ذاك الطائر، فهو قوّال، وأنا لا أبيعه، ولو دفعوا لي فيه خمسمئة ليرة، ثم يقول: "وذلك الطائر، الأبيض النقي، دفعوا لي فيه ألف ليرة، ولم أبعه، ثم يضيف: "أما ذلك الطائر المحلق في السماء، فهو قلاّب، وأنا لا أبيعه بثمن، لأن أحداً غيري لا يستطيع تقدير ثمنه". </P>

<P dir=rtl>وكانت الزوجة تسمع إجابات زوجها، فتصمت، وتصبر على الجوع والحرمان، وتقنع بالقليل، وتلتفت إلى أولادها تعنى بهم، وتجد فيهم لنفسها العزاء. </P>

<P dir=rtl>ومرت الشهور، تلتها السنوات والأعوام، والزوج لا يرعوى عن الإنفاق على الحمام، وشراء ما غلا منه، حتى باع الدكان، وعكف على طيوره، يطعمها ويسقيها ويطيرها في السماء، ويزهى بها، ولا يمنح زوجته وأولاده إلا بعض الاهتمام. </P>

<P dir=rtl>ثم شاءت الأقدار أن تخطف ذلك الزوج، فتوفي، ولم يترك لأسرته شيئاً، غير الحمام، فحزنت زوجته وتألمت، وأصبح من واجبها أن تعيل نفسها وأولادها، ولكنها ذكرت ما كان يحدثها به زوجها عن ثمن طيوره، فأدركت أنها تملك ثروة جيدة. </P>

<P dir=rtl>وأرسلت إلى السوق من يعلن عن عزمها على بيع الحمام، فتهافت عليها هواة الحمام، وتجاره، فأخذت تغلي في ثمن كل طير، وتزهى به مثلما كان يفعل زوجها، ولكنها فوجئت بأن هواة الحمام وتجاره لا يدفعون إلا ثمناً بخساً، يقلّ كثيراً عما كان يحدده زوجها من ثمن لكل طائر، فدهشت لذلك، ولم تصدق. </P>

<P dir=rtl>ثم صارحت بذلك أحد الهواة، وسألته رأيه، فأجابها: " لقد كان زوجك صادقاً، فالطائر وهو محلق في السماء، غال جداً في عين هاويه، ولكنه وهو في السوق، معروض، بين يدي شاريه، رخيص، رخيص جداً. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية قيمة الشيء لدى من يهواه ويتعلق به، وهي قيمة فردية خاصّة، قد يقف المرء عليها حياته، ويضحي لأجلها بكل شيء. </P>

<P dir=rtl>ثم تؤكد بالمقابل اختلاف سعر الشيء عن قيمته الاختلاف كله، فالسعر يفرضه السوق، وفق قانون العرض والطلب، وكل ما هو مطلوب غال، وكل ما هو معروض رخيص. </P>

<P dir=rtl>وبذلك تكشف الحكاية المفارقة الكبيرة بين السعر والقيمة، وبين المتاجرة والهواية، وبين العرض والطلب. </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على هواية كانت شائعة في المجتمع وهي تربية الحمام، ولأجلها كان يضحي بعض الأفراد بأعز ما يملكون، وقد تحولت فيما بعد إلى احتراف ذميم كالقمار، وكانت توقع صاحبها في عزلة، وتنحرف به، وتؤدي به إلى الهلاك. </P>

<P dir=rtl align=center>rrr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

في بركة القصر

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن امرأة عاقراً دعت ربها متمنية أن تحمل، ولو بخنفساء، فاستجاب الله دعاءها، فحملت ووضعت خنفساء، ففرحت بها، وكانت تضع لها على باب الدار سجادة صغيرة، تقعد عليها، لتتسلى بالفرجة على الرائح والغادي. </P>

<P dir=rtl>وذات يوم مر الجمل بالخنفساء، فقال لها: </P>

<P dir=rtl>خنيفسة يا خنيفسة([1])</P>

<P dir=rtl>يا قاعدة ع الطنيفسة </P>

<P dir=rtl>تتزوجيني؟ </P>

<P dir=rtl>فأجابته: </P>

<P dir=rtl>خنفس خنفس أمك </P>

<P dir=rtl>ونفوس بنت عمك </P>

<P dir=rtl>حط نقدي([2]) على كمي </P>

<P dir=rtl>لأدخل أشاور أمي </P>

<P dir=rtl>فأعطاها درهماً، فدخلت على أمها تخبرها به، وتصفه لها، فتقول: </P>

<P dir=rtl>جسمه كبير كبير </P>

<P dir=rtl>عنقه طويل طويل </P>

<P dir=rtl>عينه كبير كبير([3])</P>

<P dir=rtl>رجله طويل طويل </P>

<P dir=rtl>فقالت لها الأم: "اصرفيه، فهذا الجمل، بخبطة قدم، يقتلك، فخرجت تعتذر له. </P>

<P dir=rtl>ثم مرّ بها الحمار، فقال لها: </P>

<P dir=rtl>خنيفسه يا خنيفسة </P>

<P dir=rtl>تتزوجيني: </P>

<P dir=rtl>فقالت له: </P>

<P dir=rtl>خنفس خنفس أمك </P>

<P dir=rtl>ونفوس بنت عمك </P>

<P dir=rtl>حط نقدي على كمي </P>

<P dir=rtl>لأدخل أشاور أمي </P>

<P dir=rtl>فأعطاها درهماً، فدخلت على أمها تخبرها به، وتصفه لها، فتقول: </P>

<P dir=rtl>رأسه كبير كبير، </P>

<P dir=rtl>أذنه طويل طويل، </P>

<P dir=rtl>عينه كبير كبير </P>

<P dir=rtl>ذنبه طويل طويل </P>

<P dir=rtl>فقالت لها الأم: "اصرفيه، فهذا الحمار، بخبطة قدم منه، يقتلك"، فخرجت تعتذر له. ثم مر بها الجرذ، فقال لها: </P>

<P dir=rtl>خنيفسة يا خنيفسة</P>

<P dir=rtl>يا قاعدة ع الطنيفسة </P>

<P dir=rtl>تتزوجيني؟ </P>

<P dir=rtl>فقالت له: </P>

<P dir=rtl>خنفس خنفس أمك </P>

<P dir=rtl>ونفوس بنت عمك </P>

<P dir=rtl>حط نقدي على كمي </P>

<P dir=rtl>لأدخل أشاور أمي </P>

<P dir=rtl>فأعطاها درهماً فدخلت على أمها تخبرها به، وتصفه لها، فتقول: </P>

<P dir=rtl>عينه صغير صغير </P>

<P dir=rtl>أذنه قصير قصير </P>

<P dir=rtl>رجله صغير صغير </P>

<P dir=rtl>ذنبه طويل طويل </P>

<P dir=rtl>فقالت لها الأم: "هذا الجرذ، اذهبي، فتزوجيه"، ثم ودّعتها، وهي تبكي، وتتمنى لها الحظ السعيد. </P>

<P dir=rtl>وخرجت الخنفساء إلى الجرذ، فقالت له: "أمي موافقة، فقال لها: "اركبي على ظهري"، وبسط لها ذيله، فتسلقت عليه، حتى بلغت ظهره، فتشبثت به، ومضى يعبر بها الأزقة والطرقات، ثم دخل في بالوعة، وأخذ يجتاز بها المجاري، عبر الأقذار والأوساخ، حتى بلغ قصر الملك، فخرج من بالوعة في مطبخ القصر، وأنزلها قرب ما يلقيه الخدم من بقايا طعام، وكان عرس ابن الملك قائماً، فأخذ الجرذ والخنفساء ينعمان بأطايب الألوان، ثم أحست الخنفساء بالعطش، فسألت الجرذ أن يدلها على الماء، فحملها على ظهره، ومشى بها حتى بلغ بركة القصر، فوضعها على حافة البركة لتشرب، والناس مشغولون عنهما بالموائد والأفراح، ودنت الخنفساء من الماء لتشرب، ولكن قدمها زلت بها، فوقعت في البركة، وغرقت. </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، تروى على الأغلب للأطفال، لإضحاكهم وتسليتهم، وهي جميلة جداً، وذات قدرة على إثارة الضحك، وما تمتاز به هو مزجها بين عالم الحيوان وعالم الإنسان، واعتمادها على الحيوانات الصغيرة، مما يساعد على إثارة الخيال، وتحقيق عنصر الإضحاك. </P>

<P dir=rtl>ولكن الحكاية من جهة أخرى تحمل دلالات كبيرة، غير مباشرة، فهي تدل على فقر العامة وضعفهم وحرمانهم وسوء أحوالهم، ويظهر ذلك من خلال المرأة التي حُرمت الولد، فتمنت لو رزقت ولو بخنفساء. </P>

<P dir=rtl>ويتأكد ذلك من خلال رفض المرأة تزويجها ابنتها الخنفساء للجمل أو الحمار، وتزويجها للجرذ، ومرجع ذلك ليس إلى التناسب في الحجم، كما هو في الظاهر، إنما مرجعه في الحقيقة إلى قدرة الجرذ على التسرب داخل السراديب والوصول إلى قصر الملك، ليوفر للخنفساء عيش القصور، على حين لا يستطيع الجمل أو الحمار شيئاً من ذلك، فالأول يعيش في الصحراء، حيث القحط، ويمضي عمره في الأسفار، والثاني يعيش عمره يكد ويكدح ويحمل الأثقال ولا يجني شيئاً. </P>

<P dir=rtl>وبذلك تدل الحكاية على أن القوة في الواقع ليست للعمل والجد والكدح، وإنما لأساليب الغش والخداع والالتواء، والتسرب عبر السراديب والتغلغل داخل المجاري والمنافذ المؤدية إلى القصر. </P>

<P dir=rtl>ويتأكد صحة ذلك من خلال النهاية إذ يحمل الجرذ الخنفساء عبر المجاري والسراديب إلى مطبخ القصر، حيث تنعم الخنفساء بالفتات من بقايا الطعام، وهذا ما لا يستطيع الجمل أو الحمار تحقيقه. </P>

<P dir=rtl>وبذلك يتأكد أيضاً حلم العامة دائماً بقصور الملوك وتخيلهم أن العيش فيها هو النموذج الأمثل، كما يتأكد غياب وعيهم، وتوهمهم أن الخلاص لا يتحقق إلا بمعجزة، ويظهر واضحاً بقاء صورة الملك الحاكم هي الصورة الأمثل في أذهانهم. </P>

<P dir=rtl>ولكن النهاية تأتي مفجعة، إذ تغرق الخنفساء، في بركة القصر، وبذلك ينكسر الوهم والحلم ويتحطم الخلاص، ويظهر أن القصر ليس هو الخلاص الحقيقي. </P>

<P dir=rtl>إن خاتمة الحكاية مفجعة، ولكنها ذكية، وهي ذات دلالات بعيدة أيضاً. </P>

<P dir=rtl>إن الحكاية وهي تتوجه إلى الصغار إنما تدلّ على قهر الكبار، وشعورهم بالحرمان وإحساسهم بالضآلة والضعف، واضطرارهم إلى التعبير إلى الصغار بأسلوب الرمز والحلم والخيال.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl> </P>

الرشح أصعب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن وزيراً، في أحد العصور، أصيب برشح ثـقيل، فلزم الفراش، ولم يغادر بيته فافتقده الملك، فقيل له، إنه مريض، فذهب إليه يعوده، ولما سمع الوزير بقدوم الملك عليه، حار واضطرب، وأحس بالخجل، فكيف يكون الرشح ذريعة للزوم الفراش، والبقاء في البيت، فما كان منه إلا أن مد أصبعه إلى عينه، فقلعها، ففي هذه المصيبة، كما تصور، ما يسوغ له البقاء في البيت، ولما دخل عليه الملك، وسأله عن حاله، فاعتذر إليه، وأخبره أن عينه قد قلعت، كما هو واضح، فضحك الملك طويلاً، ثم قال له:</P>

<P dir=rtl>- هذا أمر بسيط، لا يقتضي منك الغياب عن القصر، لو أنك كنت مصاباً بالرشح، مثلاً، لكان يحق لك أن تبقى في البيت وتلزم الفراش.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية شدة وطأة الرشح على الإنسان، إذ تضطره إلى لزوم فراشه، على الرغم من بساطة ذلك المرض في الظاهر. وهي تقدم عزاء للمصاب بالرشح، وتسلّيه، ولذلك تبدو ذات دور ترفيهي، وقد جاءت قصيرة جداً، أقرب إلى الطرفة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية ذات دلالة غير مباشرة على طبيعة العلاقة في بلاط الحكام، ولا سيما العلاقة بين الملك وحاشيته، فهي لا تقوم على الصدق والصراحة، وإنما على الافتعال والكذب والمبالغة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ابن العم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>في ضحى يوم ربيعي دافئ، قعدت الأم وابنتها الصبية، في طرف من ساحة القرية، مسندتين ظهريهما إلى الجدار، وهما تنعمان بدفء الشمس، وخدرها اللذيذ.</P>

<P dir=rtl>وفجأة، التفتت البنت إلى أمها، وقالت: "رأيت بمنامي أني تزوجت ابن عمي"، فأجابتها الأم: "تتزوجينه، إن شاء الله."، فقالت البنت: "وحملت منه"، فأجابتها الأم: "تحملين إن شاء الله"، فقالت البنت: "ووضعت ولداً" فأجابتها الأم"تضعين إن شاء الله"، فقالت البنت: "وسميته أحمد"، فأجابتها الأم: "تسمّينه، إن شاء الله"، فقالت البنت: "وكبر أحمد، وصار يروح إلى دار عمه، ويخرج إلى دار عمه، ويخرج إلى ساحة القرية، ويلعب مع الأولاد، وذات يوم راح معهم إلى البئر، فوقع فيه، ومات"، فأخذت الأم تعول وتندب وتضرب وجهها وتحثو التراب على رأسها، وكذلك تفعل ابنتها، ومرت بهما جارة لهما، فسألت عن الأمر، فروت لها الأم ما كان، فأخذت الجارة تشاركهما ما هما فيه.</P>

<P dir=rtl>ثم مر بهن ابن العم نفسه، فسأل ابنة عمه عن الأمر، فسردت له الحلم بالتفصيل، مثلما سردته لأمها، وهي تبكي وتعول، ولما انتهت، سألها: "ومن أجل ذلك تبكين؟!" فأجابت: "أي، نعم"، فشتمها وشتم أمها والجارة، وقال لها: "والله لن أتزوجك أبداً"، وتركها، مع أمها والجارة، يبكين ويعولن ويندبن.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على فقر الحياة في الريف، وضيق الأفق، ولا سيما لدى المرأة التي لا يشغلها سوى الزواج والإنجاب، وهي لا تعرف بعد ذلك شيئاً من أمور الحياة وقضاياها، بسبب جهلها وحرمانها وقسوة الحياة الخشنة التي تحياها، مما يقود نتيجة لذلك إلى التعلق بالوهم والحلم والخيال، حتى يغدو الوهم حقيقة، والحلم واقعاً، كما يقود أيضاً إلى المبالغة في العاطفية.</P>

<P dir=rtl>ومثل تلك الصورة للمرأة قاسية من غير شك ومؤلمة، وهي صورة ساخرة، قد تقود إلى الضحك، ولكنه ضحك مفجع، يخفي وراءه دلالات بعيدة.</P>

<P dir=rtl>ويظهر الرجل في الحكاية أكثر واقعية، وأبعد عن الحلم والوهم والخيال، ولكنه لا يملك الوعي الحقيقي، ويظل أسير وحدته وفرديته، كما تظل المرأة أسيرة جهلها واستغراقها في الحلم، ولا يحاول الرجل على الإطلاق إيقاظ المرأة وتخليصها من وهمها، بل يتركها ويمضي متخلياً عنها، وهو يضيف بموقفه ذلك إلى وهمها خيبة وانكساراً وتخليّاً عنها.</P>

<P dir=rtl>وهذا يؤكد ثانية وحدة المرأة وعزلتها، وغياب العلاقة الاجتماعية الصحيحة بين المرأة والرجل، وسوء فهم كل منهما للآخر، واختلاف موقع كل منهما، ومرجع ذلك كله إلى مجتمع متخلف، لا تنشأ فيه علاقات صحيحة وواقعية بين المرأة والرجل.</P>

<P dir=rtl>إن الحكاية ساخرة، ولكنها في سخريتها مرة لاذعة، وهي تثير الإحساس بالألم، أكثر مما تثير الإحساس بالسخرية.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ديوان العسكر

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لرجل فقير سبع بنات كالأقمار، حسناً وجمالاً، ولكن لا أحد يقرع عليه الباب ليخطبهن، بسبب فقره، وكان لهذا الفقير أخ غني، له سبعة أبناء، وكان الغني لا يسأل عن الفقير، ولا يزوره.</P>

<P dir=rtl>وكان الفقير ضعيف الحيلة، قليل ذات اليد، لا يحسن شيئاً، وقد سُدّت عليه مسالك الرزق جميعاً، وقد ضاقت به زوجته وبناته، وذات يوم، قالت له زوجته: "لابد من تبديل الحال"، ثم طلبت منه أن ينفذ كل ما تقوله له، وألاّ يخالفها في شيء، ثم عمدت إلى بناتها، فطلبت منهن أن يتزيَّن ويرتدين أحسن ما لديهن، ثم أرسلت إلى إحدى جاراتها فاستعارت منها"دربكة"، وأخذت تدق عليها، وتغني، والبنات من حولها يرقصن ويزغردن، حتى ملأن الحي بأصواتهن.</P>

<P dir=rtl>وأقبلت عليها الجارات يسألنها عن المناسبة، فأخبرتهن أن زوجها قد صار ذا منصب كبير عند الوالي، وهذا المنصب هو: "عاطول باطول، إمام طابور، لمّام عسكر"([4])، وفرحت الجارات بذلك، وأخذن يشاركنها في الرقص والغناء.</P>

<P dir=rtl>وانتقل الخبر من حي إلى حي، فبدأت النسوة يتوافدن عليها، هذه ترتجيها أن يؤخر زوجها دعوة ابنها إلى الجيش، وتلك تتوسل إليها أن يعفي ابنها الوحيد من الجندية، وثالثة تتشفع إليها في زوجها الذي أرسله الوالي مع الجند إلى الحدود، وكل واحدة منهن تقدم لها الهدايا والأعطيات.</P>

<P dir=rtl>ثم أخذت الخاطبات يزرنها، ولم تمض سوى بضعة أيام، حتى تمت خطبة البنات كلهن إلى أكرم الأسر وأوسعها جاهاً وثراء.</P>

<P dir=rtl>وبلغ النبأ الوالي، فأرسل وراء الفقير، فمثل بين يديه، فسأله الوالي عما زعم لنفسه من منصب، فاعترف الفقير بما كان من أمره، وحكى له حكاية فقره، وتوسل إليه ألا يخيبه أمام الناس، وقد وعدهم الوعود، وأخذ على نفسه الالتزامات، فأشفق عليه الوالي، وعينه في ديوان العسكر، وكان لا يعرف القراءة والكتابة، فجعل تحت يده من يقرأ له، ويكتب عنه.</P>

<P dir=rtl>وسمع الغني بذلك كله، فأرسل زوجته تستطلع الأمر، فوجدت سلفتها وقد تغير بها الحال من حال إلى حال، فرجعت إلى زوجها تلومه، لأنه لم يفكر من قبل في خطبة بنات أخيه لأبنائه، فما كان منه إلا أن رد اللوم عليها، وندما على ما كان منهما من تقصير تجاه الأخ الفقير، ولكن لا ينفع الندم.</P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف الحكاية عن الفروق الكبيرة بين الغني والفقير، فالأول يملك كل شيء والثاني لا يملك أي شيء، حتى إن الحظ ليقف إلى جانب الغني، فيرزق بسبعة ذكور، على نحو ما يتطلب المجتمع، على حين لا يرزق الفقير بغير سبع إناث، لا يساعدن والدهن في شيء، بالإضافة إلى ما يتطلبن من مصاريف، كما تكشف عن زيف العلاقات داخل المجتمع، وقيامها على المظاهر الخادعة، وليس على العلاقات الوديّة.</P>

<P dir=rtl>إن المفارقة بين الغني والفقير، لتفرّق بين الأخ وأخيه، وهي تدل على التناقض في بنية المجتمع، وفساد تركيبه، كما تدل على مسؤولية الحاكم عن ذلك كله. ويتضح ذلك من خلال الحل الذي جاء بالكذب والادعاء والمظهر الخادع وبحماية الوالي نفسه، وهذا الحل هو من جنس الأسباب التي قادت إلى فقر الفقير وخداع المظاهر وزيف العلاقات، بل إن هذا الحل هو نفسه كان من غير شك السبب.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على غياب وعي الرجل في المجتمع بسبب فقره وضيق ذات يده، كما تدل على وعي المرأة، وإدراكها أنه لا حل لمشكلة الفقر إلا بالخداع الذي هو نفسه سبب فقرها وظلمها ولذلك تلجأ إليه، مؤكدة ذكاءها، كاشفة زيف مجتمعها.</P>

<P dir=rtl>وهي بذلك تنتصر لنفسها وبنات جنسها، مؤكدة أن المرأة قادرة على الفعل والتغيير لو أتيحت لها الفرصة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تبدو مرحة طريفة في الظاهرة ولكنها تكشف عن مرارة قاسية في الداخل، وهي تفضح المجتمع، وتدينه، من خلال السخرية.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الحنين إلى الأصــل

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن سيدة غنية جداً، كانت تعيش في قصر كبير، ولديها من الخدم والجواري عدد كبير، وكانت طيبة النفس، سمحة كريمة، إلا أن لها عادة غريبة، يكرهها الخدم والجواري جميعاً، وهي أنها كانت إذا أرادت الطعام أقفلت على نفسها باب غرفتها وقعدت تتناول الطعام وحدها، من غير أن تسمح لأحد بالدخول عليها، حتى تفرغ من طعامها.</P>

<P dir=rtl>وكانت إحدى جواريها مقرّبة منها، وكانت أكثرهن ضيقاً بتلك العادة، وكرهاً لها، وقد عزمت ذات يوم على أن تعرف سر إغلاق السيدة الباب على نفسها، في أثناء تناولها الطعام، وما كان منها إلا أن أحدثت في الباب ثقباً صغيراً، وقعدت تنظر من خلاله، وتتسمع إلى السيدة، وقد أدهشها كثيراً أنها رأت، من خلال الثقب، سيدتها وهي تحمل الصحون الموضوعة على المائدة، وتضعها على الأرض، ثم تقعد أمام تلك الصحون، كما يقعد الشحاذون على قارعة الطريق، وتفعل بعد ذلك فعلهم، تطلب وتستجدي وتتوسل وترجو، وهي تتخيل أناساً يمرون أمامها، وتمد يدها إليهم تطلب العطاء، وبعد أن تفعل ذلك تقبل على التهام الطعام.</P>

<P dir=rtl>وبعد أن رأت الجارية ذلك، زادت دهشتها، مثلما زاد عجبها، وأصبحت لا تطيق البقاء في خدمة السيدة، وهي التي أمضت في خدمتها عشرات السنين، وفيّة لها مخلصة، حتى بعد وفاة زوجها السيد الغني، صاحب القصر، وقررت أن تسألها عن سر فعلها ذلك، ولو اضطرت إلى ترك خدمتها.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم دخلت عليها، وهي وحدها في غرفتها، ثم أخبرتها بما رأت من أمرها، وطلبت منها تفسير ذلك كله، فاعترفت لها السيدة بأنها كانت في الأصل شحاذة تتسول على قارعة الطريق، وقد تعرف إليها السيد صاحب القصر، فأعجب بها، وتزوجها، ورفعها إلى تلك المنزلة العالية، ولكنها لم تستطع أن تمنع نفسها من الحنين إلى أصلها.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف الحكاية حقائق الأمور، وتزيل عنها القشرة الظاهرية، وتؤكد ضرورة عدم الانخداع بالظاهر، وهي تدين طبقة الأغنياء، وتردّها إلى جذورها وتجعلها دون طبقة الفقراء، إذ تجعل أصلها من المتسولين الذين هم في الحقيقة شريحة طفيلية تعيش على جهد الآخرين، وبذلك تعبر الحكاية عن نقمة حادة على طبقة الأغنياء، وتلحق بها أشد الإهانة، كما تعبر الحكاية عن ضرورة التحقق من الأصل، الذي يحدد هوية الإنسان وشخصيته وانتماءه، ولا يمكن أن يغيب مهما حاول تغييبه.</P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية قدر غير قليل من التشويق والإدهاش، وهي على الأغلب من ابتكار امرأة فقيرة تنتقم بالحكاية لنفسها من الأغنياء، وتعوض عن حرمانها وفقرها.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الخوف من البرد

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>أمضى أحد الرجال عمره يحلم بشراء عمامة، وهو لا يتمكن من ذلك، فقد كان فقيراً، بائساً، لا يملك قوت يومه.</P>

<P dir=rtl>وبعد مضي العمر، وسقوط الشعر، رزقه الله ثمن عمامة، فمضى إلى السوق، وقصد أول بائع، وطلب منه عمامة.</P>

<P dir=rtl>وأنزل البائع قطعة قماش كبيرة مطوية، فتحها، وأخذ يقيس بالذراع القماش، وكانت العادة أن تكون العمامة من أذرع كثيرة، قد تبلغ العشرين.</P>

<P dir=rtl>وما إن قاس البائع الذراع الأول، وبدأ بالثاني، حتى تناول الرجل طرف القماش، وبدأ يلفه على رأسه، والبائع يتابع قياس القماش، وهو مدهوش لما يفعله الرجل، ولما سأله عن ذلك، أجابه:</P>

<P dir=rtl>"أخشى أن يصيب البرد رأسي."</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، تدل على ضعف الإنسان وعجلته وفرحه بما تظفر يداه، ولاسيما بعد طول حرمان، وفيها سخرية بريئة، من غير إساءة ولا إزعاج.</P>

<P dir=rtl>ومبالغة الرجل في الإسراع بلف العمامة على رأسه دليل حرمان قديم، وهي مبالغة جميلة، تشف عن الحالة النفسية للرجل.</P>

<P dir=rtl>وعناصر الحكاية قليلة، وهي منتقاة بذكاء، وأبرزها العمامة، وهي أداة الطرفة ووسيلتها الناجحة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الولي والفتاة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال يعمل في خدمة مسجد صغير، يسهر على رعايته: يكنسه، ويؤذن فيه، ويقيم الصلاة، وقد اتخذ لنفسه غرفة صغيرة في المسجد، ينام فيها، مع ابنته، التي لا يزيد عمرها على أربع السنين، فقد ماتت زوجته، ولم يكن له أحد، فاضطر إلى اللجوء إلى هذا المسجد، يعمل فيه وينام، وكان في المسجد ضريح لولي من أولياء الله، وكان ذلك الرجل يوقد له كل ليلة الشموع، وينفض الغبار عن الملاءة التي تستر القبر، وكان يأنس بالضريح، ويطمئن إليه، ويجد فيه البديل من الأهل والصحب.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم حدث في البلدة فوضى واضطراب كبير، ووقع الناس في هرج ومرج شديد، فقد ثارت فئة على الوالي، وهاجمت قصره، وطالبت بعزله، ولكن الوالي أرسل عليهم عسكره، فأعملوا فيهم السلاح، وكان المسجد قريباً من قصر الوالي، فلما رأى الرجل الناس راكضين هرباً من تنكيل العسكر بهم، خشي أن يقتحم العسكر أو الناس المسجد، فعزم على إغلاقه، والفرار.</P>

<P dir=rtl>ولكن الرجل حار في أمر ابنته، كيف يحملها معه؟ وأين يضعها؟ ولم يطل به التفكير، فرفع طرف التابوت الذي يغطي قبر الولي، وخبأ فيه ابنته، وقال يخاطب الولي: "أودعتك ابنتي أمانة، حتى أعود، فتلكن في حمايتها"، وأقفل باب المسجد، وولى مع الهاربين.</P>

<P dir=rtl>ومرت بضعة أيام، سيطر فيها الوالي على البلدة، وفرض الأمن والنظام، وأعاد كل شيء إلى مجراه، فرجع الرجل إلى المسجد، فوجده مقتحماً، وقد سرق بعض ما فيه، فأسرع إلى الضريح، فكشف عنه الغطاء، فلم يعثر لابنته على أثر ، فأخذه الغضب، والتقط معولاً، ومضى يهدم الضريح، وينبش التراب، حتى بلغ القبر، فأزال الحجارة ورفع المعول، وهم بضرب الولي، فصرخ به الولي:</P>

<P dir=rtl>- قف، وتأمل، تجد أني مكتوف اليدين، مقيد، ولا أستطيع فعل شيء.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية ذكية، تدين بشكل غير مباشر السلبية والعجز والتواكل، وتنتقد بجرأة الوهم القائل بزيارة قبور الأولياء واللجوء إليها لحل المشكلات، وتكشف زيف ذلك الوهم وبطلانه.</P>

<P dir=rtl>إن الرجل في الحكاية ترك الأحياء، وانعزل ليعيش مع الموتى، باسم الدين والتقوى والتعبد، ولكن الحقيقة ليست كذلك، إنما هي عجزه هو الذي قاده إلى ذلك، فأصلح متواكلاً منعزلاً.</P>

<P dir=rtl>وحين ضجت الحياة من حوله، خبأ ابنته في قبر الولي، وهو يظن أنه تركها في مأمن، والواقع ليس كذلك، فقد أسلمها للموتى، والموتى لا يمكنهم أن يحموا الأحياء أو يفعلوا شيئاً لأجلهم، ولذلك كانت الحياة أقوى، فقد خرجت البنت من القبر، ومضت لتحيا مع الأحياء.</P>

<P dir=rtl>ولقد انتهت الحكاية نهاية واضحة الدلالة على بطلان الوهم وعقمه، وانكشاف الزيف، إذ يكشف الرجل القبر ليرى الوليّ الميت مكتوف اليدين، وهو يقول له بلسان الحال لا لسان المقال: "لا أستطيع فعل شيء".</P>

<P dir=rtl>وهذه النهاية هي الغاية التي صيغت من أجلها الحكاية، إذ تؤكد أن الموتى لا يمكنهم أن يقدموا للأحياء شيئاً.</P>

<P dir=rtl>وهكذا تدين الحكاية بجرأة عادات اجتماعية قديمة وتكشف زيف الوهم الذي يعيش عليه بعض الجهلة حين يظنون أن قبور الأولياء ستنفعهم، وتنتصر الحكاية بالمقابل للحياة وتؤكد قوتها إذ تتحرر البنت من إسار القبر لتحيا بعيداً عن الموت والعزلة والوهم، لتعانق الواقع والحياة.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الشقي ومحراك التنور

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال شقياً، بالغ الشقاء، يرتكب الفواحش، ولا يتورع عن إظهار شقائه، وإعلانه، وكان قد أقدم على قتل تسعة وتسعين رجلاً، فكل معصية كانت تدفعه إلى معصية جديدة، وكل جريمة كانت تدفعه إلى جريمة أخرى، حتى بات قانطاً من المغفرة، يائساً من إمكان توبته، وتعرفه إلى الحياة الصالحة.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم قصد ذلك الشقي بيت أحد الشيوخ العلماء، ليسأله هل من مجال له للمغفرة؟، وهل يقبل الله توبته؟ فدق عليه الباب، في وقت متأخر من الليل، فلما خرج له الشيخ، أشهر عليه الشقي خنجره، وأمسك بتلابيبه، من عنقه، وسأله، وهو يهدده: هل يغفر لي ربي؟ فصعق الشيخ، وكاد يسقط في يده، ونظر حوله، فرأى على الأرض قضيباً من حديد، كانت تحرّك به زوجته التنّور، فقال له: "خذ ذلك القضيب، وأغرسه في الأرض، هذه الليلة، ثم عد إليه في الصباح، فإن وجدته قد أفرع وأثمر، فإن هذا دليل على أن الله سيقبل توبتك، ويغفر لك"، فتركه الشقي، والتقط القضيب، ومضى به إلى الفلاة، فغرسه في موضع منها، ثم قفل راجعاً إلى بيته.</P>

<P dir=rtl>وكان في طريقه يمرّ في مقبرة، فلم يتورع عن المرور فيها ليلاً، فدخلها، وبينما هو يقطعها، سمع صوت نبش في قبر، فأبطأ، ودنا من موضع النبش، وقبع وراء أحد القبور، وأخذ يرقب ما يجري، وإذا رجل ينبش قبراً، فانتظر ليرى ما سيفعل، حتى إذا انتهى الرجل من كشف التراب، ووصل إلى الميت، مسح جبينه، وقال: "هاقد وصلت إليك، إذا كان أهلك قد حرموني منك وأنت على قيد الحياة، فلن يستطيعوا حرماني منك وأنت ميتة"، فأدرك الشقي على الفور أن الرجل يريد اغتصاب فتاة ميتة، فما كان منه إلا أن استل خنجره، وهجم به على الرجل، فأغمده في صدره، وأرداه قتيلاً، ثم أهال التراب على القبر، وسواه، ومضى إلى بيته، ينتظر الصباح.</P>

<P dir=rtl>ولما كان فجر اليوم التالي، مضى الشقي إلى الموضع الذي غرس فيه محراك التنور، فإذا هو أمام شجرة كبيرة، فارعة الغصون، مخضرة الأوراق، فتأكد من الموضوع، فأدرك أن القضيب هو نفسه هذه الشجرة، فما كان منه إلا أن اقتلعها من جذورها، وحملها على كتفه، ومضى بها إلى الشيخ، يدق عليه الباب، ولما خرج له الشيخ ألقى الشجرة أمامه، فبهت الشيخ، ودعاه إلى الداخل، وسأله أن يقص عليه ما فعل، فروى له الشقي ما كان من أمر الرجل الذي قتله، وأكمل به المئة، فقال له الشيخ: "لقد غفر الله لك يا بني"، فقبل الرجل يديه، ورجاه أن يعينه على التوبة، وبدء حياة جديدة، غير التي كان قد عاشها من قبل، فوعده الشيخ بذلك، وكانت عنده ابنة جميلة، ليس له غيرها، فزوجه إياها، وجعله أحد مريديه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن باب التوبة مفتوح، وأن الله عز وجل يقبل دائماً التوبة النصوح من عبده.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على ضرورة الترغيب والتشجيع وتعزيز قوة الخير، كما تدل على ضرورة الذكاء في التعامل واصطناع الوسيلة الجيدة والموعظة الحسنة ودفع الشر بالخير.</P>

<P dir=rtl>واختيار المحراك والشجرة جميل جداً ومعبر، فالمحراك يدل على أداة حديدية لا حياة فيها ولا روح، بل هي وسيلة للقتل وإعدام الحياة، وخلافها تماماً الشجرة، رمز الحياة. والخصب والعطاء، ولذلك جاء مدهشاً تحول المحراك إلى شجرة، وهذا التحول رمز لتوبة الشقي وتحوله من القتل إلى الحياة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على امتلاك الإنسان قوة جبارة، يمكنه أن يهدم بها ويقتل، كما يمكنه أن يبني ويدافع عن الحياة والحكاية تدل على حرية الإنسان، وقدرته على الاختيار، وهي بذلك تحمله المسؤولية.</P>

<P dir=rtl>وما تمتاز به الحكاية هو ثقتها بالإنسان، وتفاؤلها بإمكان تحوله عن الشر إلى الخير، لتأكيد قيمة الحياة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

بيت من الملح

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن رجلاً كان له ابن وحيد، رباه خير تربية، حتى صار شاباً، وكان يوصيه دائماً أن يختار لنفسه خير الصحاب، ممن يتوسم فيهم الصدق والوفاء، وذات يوم سأله عن صحبه، فأخبره أنهم جميعاً من الأوفياء، فعبر له الأب عن رغبته في اختبارهم، فوافق الابن أباه، وأكد له أنه مستعد لإطاعته في كل ما يراه.</P>

<P dir=rtl>وما كان من الأب إلا أن أعد وليمة فخمة، طلب من ابنه أن يدعو إليها صحبه كلهم، فاجتمع الصحاب، ونعموا بأطايب الطعام، حتى كان أوان انصرافهم، فوقف الأب في وداعهم، وكان قد ملأ غرفة وراء الباب بالملح، فكان إذا مر به أحد من أصدقاء ابنه يودعه، دعاه إلى الغرفة، وقال له: "إذا كنت صديقاً مخلصاً لابني حقيقة، فتناول ما في هذا البيت من ملح"، فكان بعضهم يعلن تذمره، وضيقه، ثم يخرج، وكان بعضهم يظهر حماسة كبيرة، ويقدم على الملح إقداماً، فيلتهم ما يلتهم، ولكنه ما يلبث أن يعلن عجزه، فيعتذر وينصرف.</P>

<P dir=rtl>وكان الابن يرى إلى أصدقائه، وهم يخرجون واحداً واحداً، من غير أن يجد فيهم من هو قادر على الصدق والوفاء، فيحس بالخجل والضيق، حتى لم يبق من صحبه غير واحد، فتمنى على أبيه ألا يسأله ما كان يسأل أصحابه، ولكن الأب أبى، فلما تقدم منه هذا الصديق يريد وداعه، سأله: "إن كنت صديقاً مخلصاً لابني حقيقة، فتتناول ما في هذا البيت من ملح"، فتبسم الصديق، وتقدم من البيت، ثم بلل إصبعه بلسانه، ومسح على الملح، ثم لعق أصبعه، والتفت إلى الأب، فقال له: "يا عم، من لا يحفظ عهد ذرّة من الملح، فلن يحفظ عهد بيت من الملح، ولو أكله كله".</P>

<P dir=rtl>فربت الأب كتف الصديق، وقال له: "بارك الله فيك يا بني"، ثم التفت إلى ابنه، وقال له: "هذا هو الصديق الوفي، فليكن لك صديقاً طوال العمر".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية ضرورة حسن اختيار الأصدقاء الأوفياء، وما هو بالأمر السهل، إذ يحتاج إلى خبرة وتجربة وبعد نظر، كما تؤكد الحكاية ندرة الصديق الوفي.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على أن الأكبر، كالأب مثلاً، هو على الأغلب، الأكثر خبرة، والأقدر على حسن الاختيار، كما تدل على إفادة الأصغر من الأكبر، وضرورة الأخذ بنصائحه وتوجيهاته.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية أيضاً على ضرورة الامتحان، لأن المرء لا يظهر على حقيقته إلا عند الامتحان.</P>

<P dir=rtl>واختيار الملح وسيلة للامتحان قائم على حاجة الجسم الضرورية له، على الرغم من قلّة الكمية التي يحتاجها، فهو أساسي، وضروري جداً، وإن كان الكثير منه يضر.</P>

<P dir=rtl>والحال كذلك مع الأصدقاء، فكأنهم الملح، ما قل منه مفيد، وما كثر منه ضار، وكأن دخول الملح في الجسم كمطلب عضوي، هو كدخول الصديق في حياة الصديق كمطلب اجتماعي.</P>

<P dir=rtl>والملح معروف ببياضه ونقائه وندرته وحاجة الجسم له، فكأنه بذلك كله رمز أو معادل موضوعي للصداقة في نقائها وصفائها وندرتها والحاجة الأساسية لها.</P>

<P dir=rtl>وعندما يشترك الصديق والصديق في الطعام، والملح بعضه، فإنما يشتركان في المادة التي دخلت جسدهما وكونته، وبذلك يصبحان قريبين، كقرابة النسب والدم، ومن هنا كانت ضرورة وفاء كل منهما للآخر، ومن هنا أيضاً كان المثل الذي يذكر بضرورة الوفاء للخبز والملح.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على أن القيمة ليست في الكم، وإنما في الكيف، سواء في الملح أو الإنسان، ولقد كان التأكيد دائماً على ندرة الصديق الوفي، ولقد جاء في المثل: المستحيلات ثلاثة: الغول والعنقاء والخل الوفي.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ضعاف السمع

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>أمضت إحدى الأسر عمرها وهي تنتقل بين دور الآجار، حتى تيسر لها بعد عناء شراء دار، وفي صباح الليلة الأولى التي نامت فيها الأسرة في دار المُلْك، خرج رب الأسرة إلى عمله باكراً، فلقيه جاره، فحياه، وقال له: "منزل مبارك"، فرجع الرجل إلى البيت على الفور، وكان ضعيف السمع، فلقي زوجته، فقال له مغاضباً: "رأيت؟! جاء صاحب الدار يطالبني بالآجار"، وكانت مثله ضعيفة السمع، فتركته غاضبة، ومضت إلى ابنتها، تشكو لها أمرها، فتقول: "رأيت؟! أبوك دائماً يظلمني، قال أحضر هو طبخة، وأنا ما طبختها"، وكانت مثلها، ضعيفة السمع، فتركتها غاضبة، ومضت إلى أخيها، تشكو له أمرها، فتقول: "رأيت؟ أمك دائماً تظلمني، قال أرادت هي تزويجي، وأنا ما أردت"، وكان أخوها مثلها، ضعيف السمع، فتركها غاضباً، ومضى إلى جدته، يشكو لها أمره، فيقول: "رأيت؟! أهلي كم يظلمونني، قال أرسلوني إلى الكتاب، وأنا ما ذهبت"، وكانت جدته مثله ضعيفة السمع، فغضبت، إذ فهمت أن الأسرة قد ضاقت بها، فحملت صرة ثيابها وخرجت، تاركة البيت، وهي تحدث نفسها فتقول: "ماضيّق في الخان غير ناقتي وجحشي".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، الغاية منها التسلية والإضحاك، وهي بسيطة جداً، ولكنها تدل على بؤس الفقراء وشقائهم، إذ لا يكاد أحدهم يطمئن في دار يملكها، حتى يظن أن أحداً جاء يطالبه بالأجرة، لأن ماضيه البائس مسيطر عليه.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على شقاء الأسرة الفقيرة ومعاناتها، فليس ضعف السمع إلا شكل خارجي يدل على أن كل فرد في الأسرة مشغوله بذاته، لا يكاد يسمع إلا ما يهمه فقط، فهو غارق في مشكلاته، وكل حديث يسمعه يظنه عنه هو وحده، وهذا يكشف من جهة أخرى ضعف التواصل بين أفراد الأسرة، وعدم تفاهم بعضهم مع بعض.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقوم على تتابع درجي بعضه يقود إلى بعض تفاقم متصاعد من الأدنى إلى الأعلى، حتى يبلغ الجدّة التي هي أكثر أفراد الأسرة إحساساً بالظلم والبؤس.</P>

<P dir=rtl>وواضح ضيق الدار بأفراد الأسرة، وهذا الضيق نفسه يدل على كثرة أفراد الأسرة، وفقرهم، وعدم قدرتهم على شراء دار واسعة.</P>

<P dir=rtl>وهذا الضيق في المكان انعكس في ضيق الصدور، إذ لا يكاد أحدهم يصبر على الآخر، بل كل منهم ضائق ذرعاً بالآخر.</P>

<P dir=rtl>إن الحكاية هي حكاية الفقر وكثرة العيال وضيق ذات اليد بالإضافة إلى ضيق المكان.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

العابد وزوجته

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد العباد ورعاً شديد الورع، وكان كلما وقف للصلاة، متوجهاً نحو القبلة، تمثلت له الكعبة أمامه، فكان يراها رؤية العين، فيفرح بما يحظى به، ويزداد تقى وورعاً، وكانت زوجته مثله في تقاها وورعها، بل كانت أشد منه تقى وورعاً، فكان لا يراها الرائي، ولا يسمع صوتها رجل، وكان كلما حدثها زوجها بما يرى كانت تقول له: "لا تحسب أن ذلك بفضل تقاك وورعك، وإنما هو بفضل تقاي وورعي أنا، بل بفضل صيانتي عهدك، وحفاظي حرمتك"، وكان لا يصدقها فيما تقول، ويؤكد لها أنه يحظى بما يحظى بفضل تقاه هو وورعه.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم أرادت زوجته أن تؤكد له دعواها، فعمدت إلى كفها، فأحاطتها بلفافة من قماش، ولم تترك منها بارزاً سوى عقدة واحدة من إصبعها الصغرى، وانتظرت حتى مر بباب الدار أحد الباعة، فاشترت منه شيئاً، وأتاحت له، وهي تدفع له ثمن ما اشترت، أن يرى تلك العقدة من إصبعها، ولما كان المساء عاد زوجها إلى البيت، فتوضأ كعادته، ونهض إلى الصلاة واتجه نحو القبلة، وهو يتوقع أن يرى الكعبة، ماثلة أمامه، ولكنه لم ير شيئاً، فصلى ركعتين، وركعتين، وركعتين، وكان في كل مرة يرتجي رؤية الكعبة، ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فسارع إلى زوجته، يخبرها بالأمر، فمدت له أصبع يدها الصغرى، وناولته مدية، وقالت: "هذه أصبع يدي، اقطع منها عقدة، فترى ما كنت تراه من قبل"، فدهش العابد لما سمع، فألحت عليه أن يفعل، فلما سألها عن معنى ذلك، أخبرته بما كان، فأيقن أنه كان يحظى بما يحظى به، بفضل ورع زوجته وتقاها هي، لا ورعه هو، وتقاه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية دور المرأة ومسؤوليتها في البيت والمجتمع، فلا يكفي أن يكون الرجل تقياً صالحاً، فلا بد أن تكون المرأة كذلك كي يستقيم الصلاح والتقى، وهي بذلك تساوي بين الرجل والمرأة وتجعلهما ندّين.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تلجأ من غير شك إلى المبالغة من أجل التأثير والإقناع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

كل حال يزول

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد التجار صديق في بلد بعيد، وكان يزوره في العام أو العامين، إذا حملته الأسفار إلى بلده، وزاره مرة، فقصد متجره، فلم يجده فيه، فسأل عنه، فقيل له: "إن الزمان مال به، فأعلن إفلاسه"، ولما سأل عما صار إليه، وأين يلقاه؟ دله الناس على حمام قديم، فقد غدا يعمل فيه وقاداً، فمضى إليه، حتى إذا بلغ الحمام، دخل القمين، فوجد صديقه يعمل فيه، فسلم عليه، فرحب به، وأفسح له موضعاً فجلس فيه، حيث هو، بين أكوام الأوساخ والأقذار، ولما حاول صاحبه تعزيته ومواساته، على ما آل عليه، شكره، وأبدى جلداً ورضى، ولم يظهر عليه من الحزن أو الضيق شيء، ثم قال له:</P>

<P dir=rtl>كل حال يزول</P>

<P dir=rtl>ثم ودعه صاحبه، ومضى في سبيله.</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، وما هي إلا بضع سنين، حتى حملته الأسفار، في أثناء تجارته إلى بلد صاحبه، فقصد إلى الحمام، يبغي زيارته، ودخل القمين، فرأى فيه رجلاً آخر، غيره، فلما سأله، عنه، رحب به أعظم ترحيب، وأظهر له كل احترام وتقدير، ثم أخبره أن صاحبه غدا وزيراً عند السلطان، وليس له إلا أن يقصده في قصره.</P>

<P dir=rtl>ومضى التاجر إليه، فلما دخل عليه، هنأه وبارك له في منصبه الكبير، وأبدى له فرحاً كبيراً بما صار إليه، فشكر له صاحبه مشاعره، من غير أن يظهر عليه الفرح بمنصبه، ولا أن يظهر عليه الغرور، ثم قال له:</P>

<P dir=rtl>كل منصوب معزول</P>

<P dir=rtl>وقعد قليلاً عنده، ثم ودعه، ومضى في أسفاره.</P>

<P dir=rtl>ومرت بضع سنين أخرى قبل أن يمر التاجر ببلد صاحبه الوزير، في إحدى أسفاره، فلما كان في بلده، قصد إلى قصره، وطلب من الحرس الإذن في الدخول عليه، فاعتذروا له، وأخبروه أنه قد نقل إلى رحمة الله، فحزن أشد الحزن، وسألهم أن يدلوه على قبره، ليزوره، ويؤدي له حق الصداقة، فدلوه عليه، فقصده، فلما بلغه، وقف أمام القبر ليقرأ الفاتحة، فوجد مكتوباً عليه:</P>

<P dir=rtl>"كل حال يزول، وكل منصوب معزول، وكل ميت مسؤول".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية تقلّب الأحوال وتغيّرها وعدم ثبات شيء على ما هو عليه، إذ إن قانون التغير هو قانون الحياة، ثم تؤكد أن ذلك كله لا يضيع عبثاً، إذ ثمة مآل ومصير، حيث يسأله المرء أمام الله عما فعل، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهي بذلك تضع الإنسان أمام مسؤوليته تجاه الله، وتؤكد له أن الحياة مرحلة مؤقتة، عمادها التقلب والامتحان والتغير، من أجل غاية أبعد وأسمى.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقدم نموذجاً إيجابياً لرجل لا ييأس ولا يقنط أمام المصائب، ولا يضعف ولا يستسلم إذا نزل به مكروه، ولا يطغى ولا يستبد بما أوتي، ولا يفرح، مما يؤكد عدله وتوازنه، وإدراكه أن هذه جميعاً عروض مؤقتة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية ذات بناء ثلاثي وهو بناء هرمي متدرج يؤكد نمو الحياة وتدرجها من ضعف إلى قوة إلى ضعف، وهذه المراحل الثلاث تعبر عن مفاصل قاطعة في حياة الإنسان.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقوم على صيغة لغوية تنتهي بها لتصنع القفلة أو العبرة أو الختام في شكل مثل أو منظومة سجعية جميلة لا تكلف فيها.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على عادة شعبية، وهي كتابة بعض الآيات أو الأشعار أو الأقوال على شاهد القبر.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

سرّ الصندوق

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أخوان يعيشان معاً في بيت واحد، وكان لأحدهما صندوق عليه قفل، وضعه في زاوية من البيت، وكان كلما عاد من العمل، فتح الصندوق، وقعد أمامه، تاركاً ظهره لأخيه، وانكب على ما في الصندوق ساعة أو ساعتين، يتأمل ما فيه، ويتفقده، ثم يغلقه، ويحكم إقفاله.</P>

<P dir=rtl>وكان هذا دأبه كل يوم، وأخوه يرقبه بصمت، وضيق، ولكنه لا يسأله عما يخبئ في الصندوق، ولا يحاول إخراجه.</P>

<P dir=rtl>ومرت عليهما الأيام، وهما كذلك، فإذا هي أعوام وأعوام.</P>

<P dir=rtl>ثم كان أن مات الأخ صاحب الصندوق، فقام أخوه بواجبه نحوه، فدفنه، وأكرم مثواه، ثم بادر إلى الصندوق ففتحه، فإذا فيه قطع صغيرة من الحديد، عتيقة، صدئة ومسامير، ومفاتيح، وعجلات، وقطع لا أشكال لها، كلها صدئة صدئة.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف هذه الحكاية أنانية الإنسان، وفرديته، وعزلته، وجشعه، فهو ينطوي على نفسه، ويحتفظ بأشياء خاصة، تافهة، لا قيمة لها، لا يريد اطلاع أحد عليها، ويؤثر العيش مع تلك الأشياء على العيش مع أخيه، مؤكداً عزلته.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد سخف تلك الحياة وفراغها، إذ تتعلق بأشياء تافهة، وما هي في الحقيقة بحياة، لأنها لا تحقق شيئاً في الحياة، ولا تبقي شيئاً للآخرين بعد الممات.</P>

<P dir=rtl>والحكاية موجزة جداً، وهي تدل على مجتمع المدينة حيث البيوت والصناديق والأشياء المعدنية، والحكاية على الأغلب قريبة العهد، وليست عريقة ولا موغلة في القدم.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

من أجل أخي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أخوين اثنين كانا قد ورثا عن أبيهما قطعة أرض، فكانا يعملان فيها معاً، يزرعانها ويحصدانها، ثم يقتسمان غلالها، وكان أحد الأخوين متزوجاً، ذا عيال كثير، على حين كان الآخر ما يزال عزباً.</P>

<P dir=rtl>وفي أحد المواسم، اقتسما المحصول، وحمل كل منهما نصيبه إلى داره، وأودعه في مخزنه، وفي الليل، أوى كل منهما إلى فراشه، فقال الذي ما يزال عزباً يحدث نفسه: "إن أخي متزوج، وذو عيال، وهو يتحمل من الأعباء أكثر مما أتحمل، وأنا العزب، فليس من الإنصاف أن نقتسم الغلال، فمن حقه أن يكون نصيبه أكثر من نصيبي" ثم ما كان منه إلا أن نهض، ومضى إلى مخزنه، فحمل منه كيساً ومضى به إلى دار أخيه، فدخلها، وألقى بحمله في مخزن أخيه، ورجع إلى داره مرتاحاً مطمئن النفس.</P>

<P dir=rtl>وفي تلك الأثناء كان الأخ الآخر، يحدث نفسه، فيقول: "إن أخي ما يزال عزباً، وهو مقبل على الزواج، وعليه ستقع أعباء كثيرة، وليس من الإنصاف أن أقاسمه الغلال مناصفة"ثم ما كان منه إلا أن نهض، ومضى إلى مخزنه، وحمل منه كيساً، ومضى إلى دار أخيه، فدخلها، وألقى بحمله في مخزن أخيه، ورجع إلى داره مرتاحاً، مطمئن النفس.</P>

<P dir=rtl>وفي النهار رجع الأخوان إلى العمل الذي خلفه لهما والدهما، بتعاون، وصدق وإخلاص.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية ريفية جميلة، تعبر عن طبيعة العلاقات النقية في المجتمع الزراعي، وتؤكد ما بين الأخ وأخيه من حب وتعاون وإخاء صحيح.</P>

<P dir=rtl>وهي تؤكد ضرورة التعاون والتسامح كما تؤكد التضحية والإيثار، وتدل على التفكير في الآخر، لا في الذات، فكل أخ من الأخوين يفكر في أخيه، ولا يفكر في نفسه، كما تدل على صدق النية وسلامتها، وأن الأساس في الفعل هو النية، وليس محض الفعل.</P>

<P dir=rtl>وهي تؤكد أن المال لا ينقص من الزكاة أو الصدقة أو التعاون، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما نقص مال من زكاة قط".</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على الريف والمجتمع الزراعي، في صورته النقية، وهي حكاية موجزة مكثفة، عميقة الفكرة بعيدة الدلالة، وهي من غير شك عريقة موغلة في القدم.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

أيام السعادة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال، ويدعى"بكراً"، قد عاش عمره كله بائساً شقياً، لم يهنأ في حياته يوماً واحداً، لفقره وشقاء حاله، وذات يوم ارتحل كي يريح نفسه ويسليها، وبينما هو في سفره، رأى بلدة، فقصد إليها، وقبل أن يدخلها مر بمقبرتها التي كانت خارج أسوار البلدة، فلفت نظره ما هو مكتوب على القبور، فهذا قبر كتب عليه أن صاحبه عاش يوماً واحداً، وذاك قبر كتب عليه أن صاحبه عاش أربعة أيام فقط، وذلك قبر كتب عليه أن صاحبه عاش يومين، وكذلك سائر القبور، لم يعش أطول أصحابها عمراً، كما هو مكتوب على القبر، سوى بضعة أيام، على الرغم من أن القبور ذات حجوم كبيرة، تدل على أنها لرجال، وليست لأطفال، فدهش للأمر وتعجب، ثم مضى إلى المدينة فدخلها، فوجد الناس فيها مثل باقي الناس، فيهم الشاب والشيخ والطفل والكهل والولد، من نساء ورجال، فزادت دهشته، ولم يستطع صبراً، فاقترب من أحد الرجال وسأله عن سر ما كتب على القبور، فأجابه الرجل: "نحن نكتب على القبر عدد أيام السعادة التي كان الميت قد عاشها، لأنها هي عمره الحقيقي"، وعندئذ زفر"بكر" زفرة طويلة، ثم قال للرجل: "أنا غريب، دخلت بلدتكم، وأظن أني سأموت فيها، ولذلك أرجو إذا مت عندكم أن تكتبوا على قبري:</P>

<P dir=rtl><B><I>"هذا قبر المرحوم بكر<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>من بطن أمه إلى القبر"<BR><BR></I></B></P>

تعليق

<P dir=rtl>تدل الحكاية على شقاء الإنسان وبؤسه في الحياة، وهي تؤكد أن العمل الحقيقي لا يقاس إلا بأيام السعادة، ولكنها تؤكد أيضاً أن تلك الأيام قليلة، وبذلك تزداد قوة ورسوخاً دلالتها على شقاء الإنسان وبؤسه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية موجزة مكثفة، وعناصرها قليلة، اختيرت بدقة وعناية، وأبرزها القبر، وما كتب عليه من شعر، وهو تجسيد مادي لقصر عمر الإنسان وشقائه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تمتلك طاقة كبيرة على إثارة مشاعر الحزن واليأس والألم، وهي تعكس نظرة تشاؤمية لا تفسير لها، ولكنها على الأغلب ليست صادرة عن الموت، ولذلك يرجّ‍ح تفسيرها بالفقر والحرمان والقهر.</P>

<P dir=rtl>وإذا كانت الحكاية لم توضح بالمقابل مفهوم السعادة ولا معناها، فإن ذلك زاد في مساعدة الحكاية على إثارة الإحساس بالشقاء.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

وإذا سألت فاسأل الله

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن ملكاً ضاقت به نفسه ذات يوم، فخرج مع وزيره، وقد تنكر كل منهما في زي درويش، وسارا قاصدين البادية طلباً للنزهة، وتفريج الكرب.</P>

<P dir=rtl>ولاحت لهما من بعيد خيمة وحيدة، فمالا إليها، يلتمسان الماء والراحة، فخرج لهما رجل عجوز وزوجته، فرحبا بهما، وقدما لهما حليب عنزة، ويبدو أنهما لا يملكان غيرها، ثم أقدم الرجل على ذبحها، وقامت المرأة بإعدادها طعاماً للضيفين.</P>

<P dir=rtl>وأدرك الملك ضعف حال الرجل وفقره، وقد لاحظ كرمه وجوده، فدفع إليه بورقة وقال له: "خذ هذه توصية بك لدى الملك، إذا نزلت يوماً إلى المدينة فاقصده، فسوف يكرمك حين يطلع على الورقة، فإن لي حظوة عنده. " ثم شكر الملك للرجل كرمه، وحسن ضيافته، وخرج مع الزوير، من غير أن يعرفه إلى حقيقته.</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، وإذا سنة قاحلة قد حلت بالبلاد، عم فيها الجوع وكثر المرض والموت، وزاد الأمر نكدا العواصف والزلازل.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم هبت عاصفة هوجاء، اقتلعت خيمة العجوز، ولم تبق لديه شيئاً يملكه، فأوى إلى الكهف، ونصحت له زوجته بزيارة الملك، وذكرته بكتاب التوصية، وكان قد نسيه، ورفض الرجل الانصياع لطلبها، ولكنها ألحت عليه، وزينت له الأمر، فاستجاب، ومضى إلى المدينة في يوم جمعة، يقصد الملك.</P>

<P dir=rtl>وكان وصوله إلى المدينة وقت صلاة الجمعة، فدخل المسجد ليصلي، فوجد الملك وراء الإمام، فاجتاز الصفوف حتى صار وراءه، فقعد ينتظر حتى يتم صلاته.</P>

<P dir=rtl>وبعد أن أنهى الملك صلاته، رفع يديه إلى السماء، وأخذ يدعو الله بصوت مسموع، طالباً منه أن يرزقه، وأن يمنحه الصحة والعافية.</P>

<P dir=rtl>ولما سمع الرجل دعاء الملك، رفع يديه إلى السماء، وأخذ يدعو الله، ثم نهض وخرج من المسجد، ورجع إلى زوجته، فبادرت تسأله عما أعطاه الملك، فأجاب بأنه لم يسأله، فأنكرت ذلك، فأجابها: "رأيته يسأل الله، فعرفت أنه سائل مثلي، وأدركت أن علي إذا أردت السؤال أن أسأل الله وحده، وقد فعلت، فاستعنت بالله عنه، وهو حسبي".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن الرازق هو الله، وأنه هو المصدر الأول لكل الأفعال، وهو سبب كل الأسباب، وهو وحده الملجأ والملاذ، وهي تدل على العزة والأنفة، كما تدل على المروءة والوفاء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

سم الأفعى

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن عجوزاً فقيرة تهدّم جانب من جدار دارها، فاستدعت أحد البنائين، وطلبت منه ترميمه، على أن يمهلها في أجرته.</P>

<P dir=rtl>وأمضى الرجل نهاراً كاملاً في ترميم الجدار، ولما حل المساء رأت العجوز أن تقدم له طعام العشاء، فدخلت إلى المطبخ، وإذا أفعى قد تحلّقت فوق الوعاء الذي وضعت فيه كل ما لديها من طعام، فحارت في أمرها، وهي العجوز الفقيرة، فعزمت على تقديم الطعام للرجل، وليكن ما يكون، ولم تلبث الأفعى أن تحركت وانسلت زاحفة نحو جحر في الجدار غابت فيه، وحملت العجوز الطعام للرجل، فأقبل عليه، وهو التعب الجائع، فالتهمه كله، والعجوز ترقبه خائفة، ثم ودعته وهي تعده أن تعطيه أجره بعد أيام.</P>

<P dir=rtl>وبعد أسبوع أو أسبوعين قرع الباب، فخرجت العجوز لتفتحه، وإذا هي تفاجأ بالبنّاء، فذهلت، وضربت يدها على صدرها، وقالت: "أهذا هو أنت؟! أما متّ"، فدهش الرجل، وسألها: "ولماذا أموت. " فروت له ما كان من أمر الأفعى، وقبل أن تتم حديثها، سقط الرجل ميتاً.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد هذه الحكاية التأثير القوي للوهم في نفس الإنسان، فالرجل لم يمت بسبب طعام تناوله، كانت الأفعى ترقد فوقه، وهو لا يعلم، ولكنه مات بسبب توهمه وجود السم في ذلك الطعام الذي تناوله قبل أيام.</P>

<P dir=rtl>ومما لاشك فيه أن رقود الأفعى فوق الطعام لا يعني بالضرورة وجود السم فيه، كما لا يعني ضرره للإنسان، ولكن مفاجأة الإنسان بالخبر وتوهمه بوجود السم وذعره، كل أولئك أقوى أثراً من السم نفسه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد المثل القائل: "سم بني آدم أقوى من سم الأفعى"، وهو مثل يدل مثلما تدل الحكاية على شدة تأثير الكلمة في الإنسان، ولا سيما الكلمة المؤلمة، وقد تكون أكثر تأثيراً من السم نفسه.</P>

<P dir=rtl>وواضح لجوء الحكاية إلى المبالغة والإدهاش والمفاجأة لتحقيق التأثير الفني في المتلقي بالإضافة إلى ما فيها من تكثيف وإيجاز.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

نصف الحصير

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كانت إحدى الزوجات تضيق بحميها، والد زوجها، ضيقاَ شديداً، إذا كان لا عمل له، سوى القعود في البيت، والتدخل في الأمور جميعها، وكانت تشكو ذلك لزوجها، فكان يصبّرها ويواسيها، ويحامي عن أبيه، ولكنها كانت يوماً بعد يوم تزداد ضيقاً، حتى أصبحت لا تطيق وجوده، فوضعت زوجها أمام خيار: إما هي وإما أبوه.</P>

<P dir=rtl>واضطر الزوج إلى الانصياع، فحمل من البيت حصيراً، ثم قاد والده إلى مسجد قريب من البيت، وطلب منه أن يأوي إلى المسجد، ووعده أن يزوره كل يوم، ويقدم له ما يحتاجه من طعام.</P>

<P dir=rtl>وأدرك الأب أن زوجة ابنه لا ترغب فيه، وأن ابنه قد انصاع إلى رغبتها، فرضي بما هو مقدر له، وصمت.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم دخل عليه حفيده، وهو قاعد على الحصير في فناء المسجد، ففرح به، وضمه إليه، وأخذ يبكي، ولكنه دهش حين رأى حفيده يحمل مقصاً، أخذ يقص به الحصير، حتى قصمه إلى قطعتين ، ثم حمل إحدى القطعتين وهمّ بالذهاب، فازدادت دهشة الجد، وسأل حفيده عن سبب فعله، فأجابه الولد: "سأحتفظ بنصف الحصير هذا لأبي، كي أضعه عليه في المسجد، حين يكبر. "</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تصور هذه الحكاية ضيق الكنة ذرعاً بحميها، وضجرها من تدخله في حياتها الخاصة، بسبب مشاركته لها في السكن مع زوجها، ورغبتها في التخلص منه، واستقلالها بمعيشتها، لتحقق ذاتها بحرية.</P>

<P dir=rtl>ولابد من الاعتراف بحق المرأة في سكن خاص بها، وعيش مستقل، من غير أن يشاركها فيه غير زوجها، ولكن الظروف تقتضي في كثير من الحالات مشاركة والدي الزوج أو أحدهما لها في المسكن، من قبيل رعاية الزوج لوالديه، وههنا يظهر دور التضحية والعطف، ولكن ليس كل الناس قادرين على التضحية والعطف.</P>

<P dir=rtl>ولكن في الأحوال كلها لا يحق للمرأة أن تعامل حماها بمثل تلك القسوة التي تصورها الحكاية.</P>

<P dir=rtl>ومهما يكن، فالحكاية لا تلقي باللوم أو التبعة على الزوجة، وإنما تلقيها على الزوج، الذي أطاع زوجته، وعقّ أباه، مما يدل على ضعفه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد أن عاقبة ذلك الزوج ستكون من جنس فعلته، إذ تنبئ أن ولده سيعقه مثلما عق هو أباه، إذ يخبئ له ولده نصف الحصير، استعداداً لطرده في المستقبل من منزله.</P>

<P dir=rtl>وهكذا فالحكاية تؤكد أن الولد سيلقى من ابنه المعاملة نفسها التي عامل بها أباه، إنْ خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهي تقدم بذلك أمثولة، تربوية، تتوجه بها إلى الرجل ليحسن معاملة والده، كي يلقى مستقبلاً معاملة حسنة من ولده.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تنطلق من المنفعة، فهي لا تحض الولد على الإحسان إلى ولده لأنه يستحق الإحسان، وإنما تحض على الإحسان إليه بدافع من المصلحة، كي يحظى مستقبلاً من ولده بالإحسان الذي قدمه لوالده.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

مدينة لا يدخلها غزاة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك أراد غزو إحدى المدن، وإلحاقها بمملكته، فأرسل العيون لينظروا له أمرها، فرجعوا ليخبروه أنها مدينة لا يمكن أن يدخلها غزاة، فلم يصدق، وأخذ يرسل إليها العيون في إثر العيون، وكانوا جميعاً يأتونه بالجواب نفسه، فعزم على أن يدخلها متنكراً، ليستطلع أمرها بنفسه، فتزين بزي درويش سائح، ومضى إليها، فلمّا دخلها قصد إلى بائع فيها طلب منه رغيف خبز، وقطعة حلوى، فأعطاه البائع رغيف خبز فقط، فطلب منه قطعة حلوى، فأجابه البائع: "اشتر الحلوى من جاري، فلا يحق لي أن أبيع شيئين، على حين لا يبيع جاري شيئاً، ولما سمع الملك الجواب غادر المدينة، ولم يعد إلى التفكير في غزوها.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أهمية التعاون وتعاضد أبناء المجتمع وتماسكهم، وبعهدهم عن الأثرة وحب الذات، وهي تصور ما يدعى في العصر الحديث بالجبهة الداخلية، مؤكدة تماسكها، بحيث لا تسمح للغزاة بالطمع فيها.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تنطلق من الإيمان بأن الرزق مقسوم، وأن على المرء أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وهي تجافي بذلك منطق السوق، وقانون الاستغلال والمضاربة بالأسعار والاحتكار.</P>

<P dir=rtl>والحكاية بعيدة عن المباشرة، وتعتمد على التكثيف والإيجاز، ولا شيء فيها من النصح والوعظ، وهي أشبه ما تكون بحكايات المدن الفاضلة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الوالد والولد

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>تحت شمس تموز اللاهبة، وفي وقت الظهيرة، وقف أحد الرجال أمام البئر المحفورة في فناء الدار، ينزح الماء منها، ورآه والده العجوز في وقفته تلك، فعاتبه ولامه، ثم طلب منه اللجوء إلى الظل، خوفاً عليه من حر الشمس، ولكن الابن لم يستجب لطلب والده، وأنكر عليه عطفه وحنانه، وأكد أنه أصبح رجلاً.</P>

<P dir=rtl>أحس الوالد العجوز بالامتعاض لجواب ابنه، فمضى إلى أحد أحفاده، وهو طفل صغير، فأمسك به من يده، وجاء به إلى فناء الدار، ولما رأى الرجل والده وهو يجيء بابنه إلى الحر، ترك البئر، وأسرع إلى والده غاضباً، يرجوه أن يعيد ابنه إلى الظل.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ قال الجد لابنه، والد الوالد: "مثلما خفت على ابنك، خفت عليك، ومثلما هو ابنك، فأنت ابني أيضاً، فأحس الرجل بخطئه، واعتذر إلى والده.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تحمل هذه الحكاية دلالات كثيرة، مباشرة وغير مباشرة.</P>

<P dir=rtl>فهي تدل على نزوع الولد إلى عصيان أبيه تأكيداً لاستقلاله وتحقيقاً لشخصيته، على نحو ما يظهر من عصيان الرجل لأبيه العجوز.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على استمرار نظرة الأب لولده على أنه ولده مهما بلغ من العمر، على نحو ما يظهر من نظرة الأب العجوز إلى ولده الرجل، ولقد جاء في المثل: "من رآك صغيراً فلن يراك كبيراً".</P>

<P dir=rtl>كما تدل على اختلاف نظرة المرء إلى الأمر باختلاف موقعه منه، ويتضح ذلك من خلال عصيان الرجل لنصيحة أبيه العجوز، لأنه كان ينظر إليه من موقعه بوصفه رجلاً كبيراً لا تؤثر فيه أشعة الشمس، ولكن حين وضع هذا الرجل نفسه في موضع أبيه، ونظر إلى ولده، أدرك مصداق نصيحة أبيه له.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد ضرورة استمرار الاحترام للأب والطاعة لرأيه، كما تؤكد أن الأكبر هو على الأغلب الأكثر معرفة والأكثر رجاحة في الرأي بفضل التجربة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقوم على تسلسل تاريخي، وترتيب منطقي، وتبدو قوية الحجة والبرهان، وهي قوية الإقناع والتأثير، كما تدل أخيراً على مجتمع متماسك تتواصل فيه الأجيال، ويرتبط فيه بعضها ببعض.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

التجارة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>سُدَّت أبواب الرزق على أحد الرجال، ما عمل في شيء إلا خسر، وما تاجر في بضاعة إلا كسد سوقها، حتى ضاقت عليه نفسه، ويئس من كل شيء.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم سمع أن الموت كثير في إحدى المدن، فاشترى بضعة أكفان، وشد الرحال إلى تلك المدينة، يقصدها، لعله يبيع فيها الأكفان، أو يموت، حيث الموت كثير.</P>

<P dir=rtl>ولما اقترب من أبواب المدينة، رأى الرايات والأعلام وآثار الزينة، وسمع أصوات الأفراح، فدهش، وسأل أحد الخارجين من المدينة عن سبب ذلك كله، فأجابه: "لقد بطل الموت، ومنذ مدة لم يمت أحد، وكثير من الذين ماتوا رجعوا إلى الحياة".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية فقر الفقير، وبؤسه ويأسه، وهي تقوم على قدر كبير من السخرية، المرّة، والإدهاش العجائبي، الذي يبلغ حدّ اللامعقول، حيث يبطل الموت، وينهض الموتى من القبور.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تكتفي بالسخرية المرة، والتفسير القدري للفقير، دالة على غياب الوعي لدى الفقير، إذ يردّ فقره، إلى حظه العاثر وإلى قدره، ولا يدرك أن المسبب الحقيقي لفقره إنما هو استغلال الأغنياء وظلمهم.</P>

<P dir=rtl>فالحكاية إذن تقف عند التفريج عن النفس بالسخرية، ولا تولّد شيئاً من النقمة أو الحقد لدى الفقير، ولا تبصّره بواقع فقره وسببه الحقيقي، بل لعلها تؤكد له أن هذا هو حظه، ولابد من التسليم، حيث لا سبيل إلى التغيير.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الأمير كلمني

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>أسرع الولد إلى أبيه فرحاً يخبره أن الأمير كلمه، فسأله أبوه: "أين رآك الأمير؟! وماذا قال لك؟" فأجاب الولد: "كنت في ساحة القرية، ألعب مع الأولاد، ودخل الأمير إلى الساحة على جواده، فركضنا نحوه، واقتربت أنا منه، وحاولت لمس عنق جواده، فقال لي: "اذهب، يلعن أبوك."</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية تسلط الإقطاع على الريف وقهر الفلاحين وظلمهم وتركهم يعيشون وأولادهم في جهل وفقر.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تكشف غياب الوعي لدى ذلك الطفل البريء الذي لا يفقه معنى الشتيمة، لأنه محدود الأفق، محاصر بالقهر، مأخوذ بمظهر القوة والأبهة والسلطة لدى الأمير.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على شقاء الأطفال وبؤسهم، كما تدل على استمرار الشقاء أجيالاً، فالآباء خاضعون لسلطة الإقطاع، وأكثر منهم خضوعاً أطفالهم، لأنهم ولدوا في كنف الظلم ونشؤوا في ظله.</P>

<P dir=rtl>ومما لاشك فيه أن الحكاية تنطوي على إحساس مرّ بالظلم، وهي تفجر ذلك الإحساس، وتولّد الشعور بالرفض، من خلال الإشفاق على ذلك الطفل.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الحلاوة([5])

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن فلاحاً نزل مرة إلى المدينة، ولما رجع إلى قريته، أخذ يحدث الناس عما رآه في المدينة، مما بهر نظره، ثم قال لهم متعجباً:</P>

<P dir=rtl>"كم الحلاوة طيبة في المدينة؟!!"</P>

<P dir=rtl>فسألوه:</P>

<P dir=rtl>"وهل أكلت منها؟!"</P>

<P dir=rtl>فأجابهم:</P>

<P dir=rtl>"لا، ولكن عباءتي مسّت عباءة الذي أكلها."</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية الفرق الكبير في مراحل سابقة بين الريف والمدينة، وهوما ينعكس في مظاهر من الجهل والفقر والمرض والحرمان والقهر، وليس مرجع ذلك إلى بعد المسافة المكانية بين الريف والمدينة، وإنما مرجعه إلى الإقطاع وتسلط الأغنياء على الفقراء.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تكشف حرمان القروي وسذاجته، في قدر غير قليل من السخرية منه، ومن غير التعاطف معه، أو الإشفاق عليه، مما يزيد الأمر قهراً.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تروى أحياناً للدلالة على من يدعي المعرفة بالأمر على حين أنه لا يعرف منه شيئاً، سوى الادّعاء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

رأس القط

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أخوين اثنين خطبا أختين اثنتين، ثم كان زفافهما في ليلة واحدة، وكان لكل من الأختين، في بيت أهلها، قطة، تعنى بها، وتدللها، وتتسلى معها، وقد أبت كل واحدة منهما إلا أن تصطحب معها قطتها إلى بيت زوجها.</P>

<P dir=rtl>وفي الليلة الأولى دخل أحد الأخوين مع عروسه إلى غرفتهما، فرأى القطة معها، فسألها عنها، فقالت: "هي قطتي المدللة، لا أستطيع الاستغناء عنها"، فحاول إقناعها بضرورة الاستغناء عن القطة، وتركها، فقد جدّ في حياتهما ما سيشغلها عن القطة، وأنه من الأجدر بها أن تهتم به هو، لا بالقطة، ولكن العروس لم تقتنع، وأصرّت على الاحتفاظ بالقطة، فقال لها: "كما تشائين"، ثم غافلها، ودفع بالقطة إلى الباب، حتى إذا صارت بين مصراعيه، أغلقه بقوة، فقطع رأس القطة، وذعرت العروس لما رأت، ولكن وجدت نفسها أمام الأمر الواقع، فاستسلمت، وخضعت لمشيئة زوجها، والتفتت إليه، توليه اهتمامها، وقد عاهدته على ألا تذكر القطة بعد ذلك أبداً.</P>

<P dir=rtl>أما الأخ الثاني فقد دهش أيضاً لمرأى القطة مع عروسه، فسألها عنها، فأكدت له تعلقها به، ورغبتها في الاحتفاظ بها، فلم يمانع، وتركها تمرح في الغرفة.</P>

<P dir=rtl>وفي صباح اليوم التالي فوجئ بالقطة وقد تركت بعض القذر في أرض الغرفة، ثم كان عليه أن يسعى لتوفير الحليب لها، ولما كان الضحى عاتبته أمه، في قطة زوجته، فقد نبشت بأظافرها تراب أصص الزرع التي تعنى بها، وقلبت بعضها، وحطمتها، ولم يلبث أن عاتبه أبوه، ولامه لوماً عنيفاً على قطة زوجته، فقد ضايقت الببغاء الذي يطعمه كل صباح بيده، ويوماً بعد يوم كان الضيق بقطة الزوجة يزداد مع ازدياد عبث القطة، ففي يوم قلبت المزهرية وكسرتها، وفي آخر دخلت بيت الأم، وتركت فيه القذر، وفي ثالث طردها أبوه، فتذمرت الزوجة.</P>

<P dir=rtl>وهكذا بدأت الهموم والمشكلات بسبب هذه القطة، أبوه وأمه يتذمران من عبثها في البيت، وزوجته تضيق من زجر حميها لها، وهو عليه أن يوفر للقطة الحليب في كل صباح، واللحم الخاص بها، عند الظهيرة، وأن يسمع في المساء شكاوى أمه وأبيه، وتذمر زوجته.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم حدث الأخ الثاني أخاه الأول عما يعانيه من مشكلات بسبب القطة، وسأله عن حل، فقال له: "لا حل الآن، لو فعلت مثلي، وقطعت رأس القطة ليلة العرس، لما كان ما كان ".</P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تهكمية ساخرة، غالباً ما تساق في النيل من الزوج الذي لا يقدر على القيام بمسؤوليته تجاه زوجته ويضعف أمام رغباتها، وأحياناً تساق للتوجيه والوعظ والإلحاح على أهمية امتلاك الرجل ناصية الأمور في بيته، ولكن في قدر غير قليل من المبالغة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على مجتمع قمعي، تقوم فيه العلاقات على أساس من الإرهاب والسيطرة والاستبداد، ويتجلّى ذلك أبرز ما يتجلى في العلاقة بين الزوج وزوجته، وعلى مثلها يمكن أن تقاس باقي العلاقات، حيث لا احترام ولا تقدير، ولا قوانين ولا مبادئ ولا أعراف تحكم مثل تلك العلاقات وتوجهها.</P>

<P dir=rtl>وهي من غير شك تدل على تخلف اجتماعي وفساد في فهم حقيقة العلاقة السامية بين الزوجين وحقيقة كونهما معاً شريكين في حياة واحدة.</P>

<P dir=rtl>وتبرز القطة في الحكاية لتعبر عن نوازع المرأة ورغباتها الخاصة، وكأنها رمز للمرأة نفسها، والحكاية تلح على ضرورة قمع تلك الرغبات وخنق المرأة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية لا تخلو من مفارقة بيّنة، كما لا تخلو من قسوة واضحة، وهي تدل على غلظة وفجاجة في الطبع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

ظواهر الأمور

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد التجار يثني كثيراً على زوجته، ويحمد لها تقاها وورعها، ويعبر دائماً عن إعجابه بأخلاقها النبيلة، فهي لا تخرج من البيت، ولا تزور أحداً، ولا يزورها أحد، ولا تتزين، ولا تغادر سجادة الصلاة، ولكن، ذات يوم، أنكر عليه أحد أصدقائه حسن ظنه في زوجته، وثقته بها، ونصح له أن يختبرها، بادعاء السفر، ومراقبة البيت من بعيد، وعمل الزوج بنصيحة صديقه، فرأى شاباً يطرق باب داره، فتخرج له زوجته، فتستقبله أحسن استقبال، وتدخله إلى الدار، وعندئذ أدرك الزوج خطأه، وأصابه غم وحزن شديد، فقرر هجر زوجته وبيته وبلده، والزهد في الدنيا، والسياحة في البلاد، وعدم التفكير في شيء من متاع الحياة.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم، وهو في ارتحاله من بلد إلى بلد، نزل في بلدة، فقصد إلى دكان شواء، ليتناول غداءه، وإذا شيخ يقف أمام دكان الشواء، ويطلب بعض اللحم، فقطع له الجّزار قطعة من شقة خروف معلقة، فلم تعجبه، فقطع له غيرها، فلم تعجبه، فقطع له ثالثة، فلم تعجبه أيضاً، حتى قطع الجزار اللحم كله، وبينما هو يرقبه، إذا مناد ينادي معلناً سرقة خزينة الملك، طالباً من الناس الإخبار عن السارق، فنهض على الفور، وصاح بالمنادي وقال له: "أنا السارق"، فأحاط به رجال الشرطة، وهموا باقتياده، فقال لهم: "خذوا معي شريكي"، ثم أشار إلى الشيخ، فدهش رجال الشرطة، واستنكر الشيخ ذلك، ولكن الرجل أكد لهم أنه هو السارق، وأن الشيخ شريكه، فاقتادوهما معاً إلى الملك.</P>

<P dir=rtl>وهمّ الملك بالتحقيق مع الرجل، ولكنه طلب منه التحقيق مع الشيخ أولاً، لأنه هو السارق، فدهش الملك، ولكنه استجاب لرغبة الرجل، وما إن بدأ التحقيق، حتى اعترف الشيخ بأنه هو السارق، وأن الرجل ليس شريكه، وأنه بريء من التهمة، وازدادت دهشة الملك، وطلب من الرجل أن يوضح له كيف عرف أن الشيخ هو السارق، فسرد الرجل على الملك حكاية زوجته، ثم أضاف أنه بعد أن عرف الحقيقة التي كانت تخفيها عنه زوجته، أخذ يعرف جواهر الأمور، لا ظواهرها.</P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية اكتساب المرء الخبرة والمعرفة بالحياة والناس والعالم من خلال معاناته الشخصية وتجربته المباشرة، فقد كان الرجل مخدوعاً بظاهر زوجته، فلما عرف باطنها، بدأت الحقائق تتكشف له، وأخذ يعرف ما وراء الظاهر.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على مقدار ما في الحياة من زيف ورياء وخداع، فالزوجة تخون زوجها، والشيخ يسرق، وقد دلّ الشيخ على زيفه من خلال تفريمه اللحم.</P>

<P dir=rtl>والحكاية طريفة، وفيها قدر غير قليل من الذكاء، وهي تهدف إلى تربية الناشئة ووعظهم، وإن كانت لا تخلو من مبالغة وافتعال.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

شقة العصفور

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن أحد التجار كان غنياً وافر الغنى، ولكنه كان بخيلاً شديد البخل، يقتر على نفسه وعلى زوجته وعلى أولاده، وكان كل شيء عنده بقدر وحساب، وكان أصحابه من التجار في السوق يعاتبونه على بخله ويلومونه، ويطلبون منه دائماً، على سبيل المزاح، أن يدعوهم إلى طعام، وهو يتردّد، ويسّوف، ويؤجّل، حتى كان يوم صارح فيه زوجته بضيقه من إلحاح أصحابه، وتذمره منهم، فطمأنته زوجته، وطلبت إليه ألا يقلق، وأكدت له أنها تستطيع تدبير الأمر، فسألها كيف يمكنها أن تفعل ذلك، فأخبرته أنها تستطيع إطعامهم جميعاً من شقة عصفور واحد، فلم يصدق الزوج، فأكدت له ذلك، فتردد وحار في أمره، ولكنها طمأنته، فاقتنع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>وفي اليوم الثاني اشترى عصفوراً، وذبحه، ثم أرسل به إلى زوجته، ثم مضى إلى أصحابه من التجار في السوق، فدعاهم إلى تناول العشاء في بيته، أما زوجته فقد حملت أشياء من بيتها، وذهبت بها إلى السوق فباعتها، واشترت بثمنها الخبز والأرز واللحوم والفواكه والخضراوات، وكل ما لذ وطاب من ألوان الطعام والشراب، وهيّأت كل شيء، وأعدته أفضل إعداد، وبالغت في الألوان والأصناف، ولما انتهت من كل شيء، علقت شقة العصفور على باب الدار، وقعدت تنتظر الضيوف.</P>

<P dir=rtl>ولما كان المساء أخذ المدعوون يتقاطرون إلى الدار، زرافات ووحدانا، ومُدَّت الموائد، وبُسطت السماطات، والتهم القوم الطعام، ونعموا بالأطايب، وقد شفوا غليلهم من بخل التاجر، وهم لا يصدقون ما يرونه.</P>

<P dir=rtl>ولما انتهى العشاء، وانصرف المدعوون، سأل التاجر البخيل زوجته: "كيف فعلتِ هذا؟!" فأجابت: "كما وعدتك، من شقة العصفور"، ثم أشارت إلى شقة العصفور المعلقة على باب الدار، وكان قد عرف ما فعلت، فأقلع عن بخله، وصار إلى الكرم والسخاء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على ذكاء المرأة وحسن تصرفها في مواجهة بخل زوجها وشح نفسه. وتعمد إلى السخرية المرة والتهكم الفاجع، وتقوم على قدر غير قليل من اللامعقول، فهي تبالغ في تصوير قدرة المرأة على التصرف في مجتمع لا قدرة لها فيه على التصرف، كما تبالغ في إظهار قدرتها على الفعل أمام زوج يضيق عليها الخناق، وهذه المبالغة تمثل انتقاماً لوضع المرأة، وتعبر عن رغبة حالمة في تحقيق الخلاص، وتأكيد الذات.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

البحيرة والحمار

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن حمامة وبطة وحماراً اشتركت جميعاً في زراعة قطعة من الأرض، شعيراً، وتولتها بالرعاية والاهتمام، حتى نما الشعير، ونضج، وأوشك أن يستحصد.</P>

<P dir=rtl>ولقد خشي الثلاثة أن يُسرق الحقل، فكان الاتفاق على حراسته بالتناوب.</P>

<P dir=rtl>وفي الليلة الأولى حرست الحقل الحمامة، فلم تنم، وهي ترقبه، وتحلق فوقه، حتى كان الصباح، وفي الليلة الثانية، حرسته البطة، فلم تنم أيضاً وهي ترقبه، وتحوم حوله، حتى كان الصباح، وفي الليلة الثالثة، تولى حراسته الحمار، ولما طلعت الشمس، وقدمت الحمامة والبطة إلى الحقل، لتطمئنا عليه، شاهدتا الحمار مستلقياً على الأرض، منفوخ البطن، يغط في نوم عميق، والحقل لا سنبلة شعير فيه، بل لا عشبة واحدة، فعمدت الحمامة والبطة إلى إيقاظ الحمار، وبعد لأي نهض، ولما سألتاه عمن سرق الحقل، أبدى دهشةً وإنكارا.</P>

<P dir=rtl>ولم يكن للثلاثة سوى اللجوء إلى البحيرة، لكشف السارق، وبدأت الحمامة، فوقفت على طرف البحيرة، وقالت:</P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو أنا الحمامة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو أكلي قضامه<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو إن أكلتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو أو شربتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو أقع في البحيرة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>أُو أُو أغط ما أطلع<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>وغطّت في البحيرة، ثم خرجت، ترف بجناحيها المبللين، ترش عنهما الماء، مزهوة، مؤكدة صدقها، وعدم سرقتها الحقل.</P>

<P dir=rtl>ثم تقدمت البطة، فوقفت على طرف البحيرة، وقالت:</P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط أنا البطيطة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط أكلي حنيطة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط إن أكلتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط أو شربتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط أقع في البحيرة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>بط بط أغط ما أطلع<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>وغطت في البحيرة، ثم لم تلبث أن خرجت، بعنقها الطويل، ومنقارها الأحمر، منفوشة الريش، مزهوة، مؤكدة صدقها، وعدم سرقتها الحقل.</P>

<P dir=rtl>وأخيراً، تقدم الحمار، بطيء الخطا، منفوخ البطن، مطأطئ الرأس، فوقف على طرف البحيرة، متردّداً، ثم أخذ يقول:</P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء أنا الجحيش<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء أكلي حشيّش<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء إن أكلتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء أو شربتها<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء أقع في البحيرة<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl><B><I> </I></B></P>

<P dir=rtl><B><I>هيء هيء أغط ما أطلع<BR><BR></I></B></P>

<P dir=rtl>وغطّ في البحيرة، ولم يخرج.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية طريفة، شخصياتها من الحيوان، ولكن يراد بها الوعظ والتوجيه. وهي تؤكد ضرورة التعاون، والإخلاص للأصدقاء، والوفاء بالوعد، وعدم خيانة الصحب. كما تؤكد أن الجاني لابد من أن يكشف ويلقى العقاب، وفي الحكاية قدر كبير من الذكاء، إذ اختارت شخصياتها من الحيوان. فأحسنت الاختيار. وفي الأشعار التي تزين الحكاية عفوية وبساطة، تجعلها محببة للأطفال، وواضح أنها موجهة للأطفال الصغار.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

للملك قرون

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان في قديم الزمان ملك، ولا ملك إلا الله، وكان لهذا الملك قرنان نابتان في رأسه، مثل كل القرون، وكان يغطيهما بتاج الملك، فلا يراهما أحد، وكان إذا أراد أن يحلق رأسه، دعا إليه الحلاق، فاختلى به، ثم يأمر السياف بقطع رأسه.</P>

<P dir=rtl>وقد ظل الملك على هذه الحالة أمدا، كلما حلق رأسه، قطع رأس الحلاق، حتى لم يبق في البلد غير حلاق واحد، فأرسل وراءه، فمثل بين يديه، فقال له: "إني مطلعك على سرّ، أوصيك بألا تبوح به"، فوعده الحلاق أن يحفظ السر، فكشف الملك عن رأسه، فذهل الحلاق لما رأى، وأدرك أنه مقبل على امتحان خطير، فحلق للملك رأسه، وودعه، وخرج، وهو يعده أن يكتم أمر ما رأى.</P>

<P dir=rtl>ومضى الحلاق إلى بيته، وهو يفكر في أمر الملك، ويتذكر القرنين، ويعجب لهما، ويسأل نفسه كيف نبتا في رأس الملك، وظل على هذه الحالة أياماً، حتى ضاق بأمره، فعزم على أن ينسى، ومضى إلى دكانه يستقبل زبائنه، ولكن أمر القرنين ظل يشغله.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم مضى إلى بستان من البساتين، لعله يتسلى، وينسى، وبينما هو في البستان، مر بصفّ من شجر القصب، وكان عالياً، تميس أوراقه الرفيعة الطويلة، مائلة على ساقية جارية المياه، كأنها تناغيها، فارتاح لجمال المشهد، ولكنه ذكر القرنين، فتكدّر، وأحس بضيق شديد، وعندئذ قرر أن يبوح بما في نفسه، فهو في خلوة، ولا يسمعه أحد، فمال على شجيرات القصب، وأخذ يهمس: "للملك قرون، للملك قرون"، فعاد إليه الشعور بالارتياح، فقعد بعض الوقت، ثم رجع إلى البيت.</P>

<P dir=rtl>ولكنه ما إن صار أمام باب داره، حتى رأى رجلاً من رجال الملك في انتظاره، فقلق، واضطرب، ولم يلبث هذا الرجل أن أخبره أن الملك يطلبه في الحال، فاستأذنه في الدخول على زوجته وأولاده، فأذن له، فدخل عليهم، فودعهم، ثم مضى إلى الملك، فقد أدرك أنه مشرف على الهلاك.</P>

<P dir=rtl>ولما صار أمام الملك، أمر السياف بضرب عنقه على الفور، فرجا الملك أن يسمح له بالسؤال عن ذنبه، فقال له الملك: "لقد بحت بالسر"، فأكد للملك أنه لم يفعل، ولكن الملك قال له: "لا تنكر، فالمدينة كلها تذكر القرون"، فدهش الحلاق، وأقسم أنه لم ينطق بما رأى أمام أحد، ولا بينه وبين نفسه، إلا مرة واحدة، أمام شجيرات القصب، فبهت الملك، وأمر أحد وزرائه أن يذهب على الفور إلى الموضع الذي أفشى فيه الحلاق السر، فذهب الوزير، ورجع، ليخبر الملك أن القصب يميل بعضه على بعض، ويهمس: "للملك قرون، للملك قرون".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أدرك الملك أنه لا ذنب للحلاق، وأن سره لابد منكشف، فعفا عنه، وظهر للناس بقرنيه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية ظهور الحقيقة وانكشافها مهما طال الزمن، أو كثرت محاولات إخفائها.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على حرص الملوك على إخفاء ما يتعلق بهم من حقائق شخصية خاصة تضرّ بهم، لأنها تتناقض مع مظاهر القوة والأبهة التي يسعون دائماً إلى الظهور بها، وهي على الأقل حقائق لا تسرّ العامة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على مدى قسوة الملوك وعسفهم من أجل ستر مثل تلك الحقائق، إذ لا يتورع الملك في الحكاية عن قتل كل حلاق رأى قرونه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تختار بذكاء شخصية الحلاق، لما عرف به الحلاقون من ثرثرة وحب للكلام، ولإطلاعهم بحكم مهنتهم على الأشخاص ومعرفتهم بهم وبخصوصياتهم.</P>

<P dir=rtl>ونطق القصب بالحقيقة في نهاية الحكاية يؤكد قوة الطبيعة وانتصارها على أشكال الزيف والتغطية.</P>

<P dir=rtl>وتبدو القرون عنصراً فنياً متميزاً، وهي في الواقع المحور الذي بنيت عليه الحكاية، واكتسبت بها خصوصيتها.</P>

<P dir=rtl>ويمكن أن تدل الحكاية على ضيق الإنسان ذرعاً بالسرّ، وعدم قدرته على كتمانه، كما هو واضح في شخص الحلاق، وهذه الدلالة لا تردّ، ولكنها محدودة، وهي تقتصر على الحلاق، وتغفل دور الملك وقرونه.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الحماة حين كانت كنّة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن إحدى الزوجات كانت تقية ورعة، وعلى قدر كبير من الخُلُق الحَسَن، وكانت تحب حماتها وتحترمها وتقدرها،وتخلص لها، وترعاها خير رعاية، وكانت في ذلك مثل زوجها، الذي كان برّاً بأمه، مطيعاً لها.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم مرضت الحماة، بسبب الشيخوخة والضعف، فوصف لها الطبيب دجاجة مسلوقة، تتقوى بها.</P>

<P dir=rtl>وأحضر الزوج دجاجة مذبوحة، وطلب من زوجته أن تغسلها وتسلقها، وتقدمها لأمه، فأعدت الزوجة الدجاجة خير إعداد، وحملتها إلى حماتها في طبق، ووضعتها بين يديها، وإذا هي تفاجأ بأن في الطبق كلباً صغيراً لا دجاجة، فذعرت، وحملت الطبق، ورجعت به إلى المطبخ، مدعية أنها نسيت الملح.</P>

<P dir=rtl>ولما رجعت إلى المطبخ، زادت دهشتها، إذ رأت أن في الطبق دجاجة، فرجعت إلى حماتها، ووضعت الطبق بين يديها، وإذا الدجاجة تتحول إلى كلب أسود صغير، ومرة ثانية رجعت بالطبق إلى المطبخ، مدعية أنها نسيت البهار.</P>

<P dir=rtl>وفي المطبخ رأت أن في الطبق دجاجة، فعجبت للأمر، وذهبت بالطبق إلى حماتها، ووضعته بين يديها، وإذا في الطبق كلب، ولما حملت الزوجة الطبق، وهمّت بالعودة به إلى المطبخ، أوقفتها الحماة، وقالت لها: "لا، لا ترجعي به، تعالي، أعرف أن في الطبق دجاجة، ولكنها تتحول بين يديَّ إلى كلب".</P>

<P dir=rtl>ثم روت الحماة للكنة حكايتها، فأخبرتها أنها كانت تكره حماتها، وتكيد لها، وتتمنى موتها، وأن حماتها قد مرضت ذات يوم، فوصف لها الطبيب دجاجة مسلوقة، فأحضر إليها زوجها دجاجة مذبوحة، وطلب منها أن تسلقها وتقدمها لأمه، ولكنها عمدت إلى كلب أسود صغير، فذبحته، وسلقته، وقدمته إلى حماتها، بدلاً من الدجاجة.</P>

<P dir=rtl>وكانت الحماة تروي ذلك لكنتها، وهي مرهقة أشد الإرهاق، تعاني من سكرات الموت، والدموع تنحدر من عينيها، ثم استغفرت ربها، وأسلمت الروح.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن ما يزرعه الإنسان يحصده، إنْ خيراً فخير، وإنْ شراً فشر وهي حكاية وعظية، يبدو أنها موجهة إلى الفتيات، كي يعتنين بالحماة، ويخلصن لها، ولعلها من وضع أمّ تسعى إلى توجيه بناتها ووعظهن.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقوم على مفارقة واضحة بين الكنة الطيبة والحماة الماكرة، كما تقوم على العجب والإدهاش في تحولات الدجاجة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الأخت والكنز

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أخوين اثنين، ولداً وبنتاً، توفي أبوهما، ولم يتركا لهما شيئاً، وكانا ما يزالان صغيرين، وإن كانت الأخت أكبر من أخيها قليلاً.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم، كان الولد وأخته يلعبان على البيدر، في طرف القرية، مع أولاد آخرين، وحدث أن تعثرت الأخت ووقعت، وقبل أن تنهض رأت شيئاً ما، كأنه فوهة جرة، ونبشت التراب، فإذا هو ينكشف عن جرة صغيرة ملأى بالنقود الذهبية، فحملتها تحت ثيابها، وأسرعت بها إلى الدار، وحفرت في ركن من الفناء، ودفنت الجرة، ثم رجعت إلى أخيها، تتابع اللعب مع باقي الأولاد.</P>

<P dir=rtl>ولما انتهى اللعب، وحان أوان العودة إلى البيت، سألت أخاها: "إذا رأينا بعض النقود، فماذا تفعل بها؟! "فأجابها: " نشتري بها قطع الحلوى ونأكلها"، فقالت تحدث نفسها: "إن أخي ما يزال صغيراً، ويجب ألا أخبره بأمر الكنز".</P>

<P dir=rtl>ومرت أيام، تلتها شهور وأعوام، كبر الأخ فيها، وكبرت الأخت، وذات يوم، أعادت عليه السؤال، فأجابها: "نشتري الثياب الجديدة، والطعام اللذيذ"، فقالت تحدث نفسها: "إن أخي ما يزال صغيراً".</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام أيضاً، حتى صارت أعواماً، وذات يوم سألت الأخت أخاها السؤال نفسه، فأجابها: "أشتري قطعة أرض، وأعمر داراً، وأتزوج"، وأدركت أن أخاها قد كبر حقيقة، فقادته إلى حيث دفنت الكنز، ونبشت التراب عنه، ثم قدمته إليه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على روح المودة والإخاء والتفاهم بين الإخوة، كما تدل على وعي الفتاة، وقدرتها على اتخاذ القرار المناسب، وتدل أيضاً على الخبرة التي يكتسبها المرء مع تقدم العمر، وكما يقال في المثل: أكبر منك بيوم أخبر منك بسنة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية ذات رؤية إيجابية، تؤكد الثقة بالمرأة وتبرز دورها في تحمل المسؤولية، وهي حكاية تربوية ناجحة، قوية الدلالة والتأثير.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

العبادة أنواع

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أخوين اثنين كانا يتعبدان الله ويخافانه، ولكنه كان كل منهما يتعبد الله على طريقته، فقد كان أحدهما يتعبد الله على رأس جبل، اتخذ لنفسه فيه بيتاً، لا يغادره، اعتزل فيه العمل والناس، وقعد يعبد الله ويسبحه، وكان الآخر يتعبد الله وهو يعمل، ويبيع ويشتري، وقد اتخذ لنفسه زوجة ومسكناً، وكانت له دكان صغيرة، في أحد الأسواق، يبيع فيها ما تحتاجه النساء من الثياب والحلي وأدوات الزينة والعطور، وكان كل من الأخوين يدّعي أنه أكثر تعبّد! من الآخر، وأشد منه تقوى وورعاً.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم مرض الذي يعمل في السوق، فأرسل وراء أخيه، يرجوه أن يحل محله في الدكان، ريثما يشفى، فتمنّع الذي يتعبد في الجبل، ثم لم يلبث أن أجاب طلب أخيه، فقدم إليه، وأخذ منه مفاتيح الدكان، ومضى إلى السوق، وكان أخوه قد أوصاه بالحذر من فتنة النساء، وذكره بما لديهن من مغريات، ونبّهه إلى سلة معلقة في السقف، فوق رأسه، مليئة بالماء، والماء لا يتسرب منها، دليلاً على ورعه وتقواه، فأكد له الذي يتعبد في الجبل أنه أقوى منه عبادة، وأشد منه تقوى وورعاً، ووعده أن يجعل الماء في السلة متجمداً، زيادة منه في التقوى.</P>

<P dir=rtl>ومضى الأخ إلى الدكان، وقعد فيها، وأخذ يستقبل النساء، هذه تطلب ثوباً، وتلك تريد زينة، وثالثة تبغي عطراً، وكل واحدة منهن أجمل من الأخرى، وأكثر منها فتنة، ولكل واحدة أسلوب في الطلب والمساومة والشراء، وطريقة في المحادثة والمداورة والكلام، واحدة تغمز له بعينها، وأخرى تبسم، وثالثة تتغنج.</P>

<P dir=rtl>وهكذا تعرض الأخ الذي كان يتعبد في الجبل إلى الفتنة والإغواء، وأحس بنفسه تستجيب إلى بسمة من هذه، ولفتة من تلك، وإذا نقطة من السلة المعلقة فوق رأسه تسقط على وجهه، ورفع رأسه إلى السلة، ونظر، وإذا قطرة أخرى توشك على السقوط، وشيئاً فشيئاً أخذ الماء يتسرب من السلة.</P>

<P dir=rtl>وفي المساء رجع من الدكان، إلى أخيه، وأقر له بأنه أكثر منه عبادة وتقوى وورعاً.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن العبادة الحق إنما هي بين الناس، ومن خلال التعامل معهم والاختلاط بهم، وليست من خلال العزلة، كما تؤكد ضرورة العيش مع الناس.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على أن معدن الإنسان وجوهره وصدقه لا يظهر إلا عند الاختبار على المحك.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> <BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الديك والدجاجة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>طلبت الدجاجة من زوجها الديك أن يأخذها في نزهة، فاشترى الديك قصبة طويلة، وركبها، وأردف وراءه زوجته، وطارا بها، وفي الطريق صادفهما عصفور، فسألهما عن قصدهما، فأخبره الديك أنهما ذاهبان في نزهة، ثم دعاه إلى مصاحبتهما فركب العصفور وراءهما، وبعد قليل صادفتهم بطة، فسألتهم عن قصدهم، ولم تلبث أن انضمت إليهم، ثم صادفتهم حمامة، فانضمت إليهم، وظل الجميع في تحليق مستمر فوق القصبة، حتى صار المساء، فنزلوا فوق تل صغير، وقرروا البقاء فوق التل حتى الصباح، وأوصت الدجاجة زوجها ألا يصيح، حتى لا يسمع صوته الثعلب، فكتم الديك صوته، وظل صامتاً، ولما لاح الفجر حنّ الديك إلى الصياح، فصاح صوتاً، وإذا الثعلب، فهموا بالفرار، ولكنه كان أسرع منهم، فهجم عليهم، فالتهم الديك والدجاجة والبطة والحمامة، ولم ينج سوى العصفور، فقد طار هارباً، ولحق به الثعلب، وظل يطارده حتى تعب، فوقع في كومة قش، فدخل وراءه، فعلقت شوكة كبيرة ببطن الثعلب، فشقته، وخرج الجميع من بطنه سالمين: الديك والدجاجة والبطة والحمامة.</P>

<P dir=rtl>وفرح الجميع بالنجاة، وطلبوا من العصفور أن يحضر لهم شيئاً ليأكلوه، فطار العصفور، ورجع إليهم بالخبز، فقال الديك: الخبز وحده لا يكفي، فطار العصفور ورجع بالبيض، فقال الديك: هذا لا يكفي، فطار العصفور وأحضر السمن، فقال الديك هذا لا يكفي، فطار وأحضر النقود، فقال الديك هذا لا يكفي فسأله العصفور: ماذا تريد؟ فقال له الديك: هذا كله لا يكفي، لأننا لا نملك البيت لنحتمي فيه، فقال لهم العصفور: هذا شيء لا أقدر عليه، ثم طار، وتركهم بعيداً، ولم يرجع إليهم.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل هذه الحكاية على حاجة الكائن الحي إلى التجمع وما يكون في هذا التجمع من ائتلاف وتعاون لتحقيق حاجات الحياة ومتطلباتها المتعددة، ولمواجهة العدو المشترك.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على حاجات أساسية، منها التجمع والدفاع والطعام والمأوى، وتؤكد في الختام أهمية المأوى، الذي يحقق الحماية.</P>

<P dir=rtl>ولعلها تدل على التغنّي بالتخفف من أعباء الحياة ومتطلباتها، وهي متطلبات كثيرة، والذي يحقق ذلك التخفف أجمل تحقيق هو العصفور، وهو وحده الذي ينجو ويساعد الآخرين على النجاة، وهو وحده الذي يحلق بحرية.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

دقة بدقّة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الرجال زوجة صالحة، وذات يوم اضطر إلى السفر، فأوصاها أن تصون نفسها في غيبته، فأنكرت عليه هذه الوصية، وردّت عليه قائلة: "إذا أردت أن أكون مصونة في غيبتك، فصن أنت نفسك"، فوعدها بذلك، ثم ودّعها ومضى في سفره.</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، وهي في دارها تربّي الأولاد، وترعى شؤونهم، وتسهر عليهم، وما كان ليعن على بالها أبداً أن تفكر في شيء، وهي التقية الورعة.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم جاء السقّاء ليحضر لها الماء، كعادته، فناولته السطول، ليحملها، ويرجع بها مملوءة، ولما عاد، دعته كالعادة إلى الدخول، ليضع السطول المملوءة في فناء الدار.</P>

<P dir=rtl>ولكن السقاء رجاها أن تساعده في إنزال أحد السطول عن كتفه، فقد هدّه التعب، فأشفقت عليه، وخرجت إليه، ومدت يدها لتتناول السطل منه، فقرصها في ساعدها.</P>

<P dir=rtl>فنفرت منه، وطردته في الحال، وطلبت من أبيها أن يرسل إليها سقاء آخر، من غير أن تخبره بشيء، مدعية أن ذلك السقاء مريض.</P>

<P dir=rtl>ولما رجع زوجها من السفر، بادرته على الفور بالسؤال إذا كان قد صان نفسه في غيبتها، فلم يجب بشيء، فألحت عليه، فلزم الصمت، فاستحلفته بالله أن يصدقها القول.</P>

<P dir=rtl>فأخبرها أنه كان ذات مرة في السوق يعرض ما معه من أثواب على إحدى النساء، فلما مدت يدها لتلمس الثوب، وترى جودته، قرصها في ساعدها.</P>

<P dir=rtl>فقالت له على الفور: "دقة بدقة، ولو زدتها، كان زادها السقا".</P>

<P dir=rtl>ثم حدثته عما كان من أمر السقاء، ولامته على ما فعل، فاعتذر إليها، وتأكد لديه صدق قولها.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن المسؤول عن الخطيئة ليس المرأة، كما يظن غالباً، وإنما هو الرجل، بل إن الحكاية تبرّئ المرأة، وتؤكد نقاءها، وتحمل الرجل المسؤولية كلها.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على قانون العدل، إذ لكل جريمة عقوبة من جنسها، السنّ بالسنّ والعين بالعين، والعقوبة ههنا لا يوقعها القضاء، وإنما يوقعها قانون العدل، وهذا أقوى، لأن الجريمة قد لا تكشف ولا تعرف، وكذلك فإن عقوبتها قد تأتي من حيث لا يدري المجرم أو لا يتوقع، وهذا أدعى إلى إثارة الخوف من الجريمة، وأقدر على خلق رادع داخلي.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الثعلب المحتال

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان الثعلب يتجول في البيدر، وقد نال منه الجوع، فرأى ديكاً ودجاجة وحجلة، فهمّ بالوثوب على الديك، ولكنه فكّر قليلاً، ورأى أنه يحتال، حتى ينال الجميع. وهكذا أعدّ لنفسه مسبحة من بعر الغنم، وأخذ يمشي أمامهم بهدوء، مصطنعاً التقوى والورع.</P>

<P dir=rtl>وثار الفضول في نفس الدجاجة، فسألته: إلى أين أنت ذاهب؟ فأجابها إنه ذاهب لأداء فريضة الحج، فطلبت منه أن يصطحبها معه، فلم يوافق في الحال، وأخذ يعتذر إليها، لكي تتودّد إليه أكثر، وأخيراً وافق، فسارت في إثره.</P>

<P dir=rtl>ثم انضم إليهما الديك والحجلة، وأخذ الثعلب يصعد بهم جبلاً وينزل بهم وادياً، حتى نال منهم التعب، فطلبوا منه أن يستريحوا، فقادهم إلى وكر يعرفه، وأدخلهم فيه، ثم وقف أمام الباب، وصاح فيهم معبراً عن رغبته في التهام الدجاجة.</P>

<P dir=rtl>وخرجت إليه الدجاجة تسأله عن ذنبها، فقال لها: "أنت تضعين بيضة واحدة، ثم تملئين الدار صياحاً"، وقبل أن تجيب بشيء هجم عليها، وفصل رأسها عن جسدها.</P>

<P dir=rtl>ثم طلب من الديك أن يخرج إليه ليلتهمه، فسأله الديك عن ذنبه، فأجابه: "أنت تستيقظ مع الفجر، وتصيح، فتوقظ النائمين، فتزعجهم"، وجزاؤك الذبح"، وقبل أن يجيبه الديك بشيء، هجم عليه، وفصل رأسه عن جسده.</P>

<P dir=rtl>ثم نادى الحجلة، فلم تخرج له، بل سألته، وهي ما تزال في الوكر: "وما ذنبي حتى تأكلني، وأنا التي أعيش في الحقول، بعيداً عن الناس، ولا أؤذي أحداً؟". فأجابها الثعلب: "ذنبك أعظم إذ يجري في إثرك الصياد، فتقفزين غير بعيد عنه، ويحاول ثانية، وثالثة، ولا ينجح، فأنت لا تهربين بعيداً، إلى حيث لا يراك، فيرتاح، ولا تبقين قريبة منه، حتى يتمكن منك، وهكذا يظل وراءك في تعب، من غير جدوى".</P>

<P dir=rtl>وتفكرت الحجلة في أمرها، ثم قالت للثعلب: "إذا كان لابد من أكلي، فأرجو أن تقرأ الفاتحة قبل أن تلتهمني"، فردّ عليها الثعلب: "هذا أمر سهل".</P>

<P dir=rtl>ثم تظاهر الثعلب بقراءة الفاتحة، وأخذ يتمتم ببعض الكلمات، ثم رفع يديه إلى وجهه مدعياً الانتهاء من القراءة، وهنا خرجت الحجلة من الوكر، ومرت أمام الثعلب، وأخذت تعدو، وقد نجحت بحسن ذكائها.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تكشف الحكاية ببساطة ما يصطنع القوي من حيل، وما يختلق من حجج للنيل من الضعيف، كما تؤكد بالبساطة نفسها إمكان نجاة الضعيف من براثن القوي بالحيلة والذكاء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

العجائز الثلاث

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>التقت ثلاث عجائز تحت شجرة الأمنيات، وهي شجرة إذا قصدها أحد وتمنّى شيئاً ما تحت ظلها تحقق له ما تمنّاه، وهكذا بدأت كل واحدة من العجائز تتمنى شيئاً.</P>

<P dir=rtl>وتمنت الأولى فقالت: أطال الله عمر ولدي، ليشتري لي الثوب والعصابة. وتمنت الثانية فقالت: أطال الله عمر ولدي ليشتري لي الخبز والكباب، وتمنت الثالثة فقالت: أطال الله عمر ولدي ليزوجني من شيخ الشباب، ثم رجعت كل واحدة منهن إلى بيتها.</P>

<P dir=rtl>واستجاب الله دعاء العجائز، فإذا ولد الأولى قد اشترى لها ثوباً وعصابة تعصب بها رأسها، وإذا ولد الثانية يدخل عليها ذات يوم وهو يحمل الخبز والكباب المشوي، وإذا ولد الثالثة يقول لها ذات يوم: "لقد علمت برغبتك يا أمي في الزواج من شيخ الشباب، فهيا لأحملك إليه".</P>

<P dir=rtl>ثم إن الولد حمل أمه على ظهره، ومشى بها، وهي تسأله من حين إلى آخر إن كانت قد وصلت، وهو يجيبها بأن الطريق ما تزال طويلة، ثم إنه وصل بها إلى مغارة كبيرة، أدخلها إليها، ثم أنزلها عن ظهره، وقال لها: "هذا هو بيت شيخ الشباب"، فعجبت الأم من العتمة التي فيه، فأجابها بأن الزوج الذي تنتظره سيأتي بعد حين يحمل قنديلين يتوهجان، فيضيء المكان، وستلحق به الطبول، ثم ودّعها وخرج.</P>

<P dir=rtl>وبعد قليل جاء الزوج المنتظر، ولم يكن سوى الضبع، ودخل المغارة، وعيناه تقدحان شرراً، فظنتهما قنديلين، وضرب الأرض بذيله، فظنته صوت الطبل، ثم أقبل عليها، فضربها بقدمه في صدرها، فظنت أنه يغازلها، ولكنه عاجلها بضربة ثانية فقضى عليها، ثم أخذ يلتهمها.</P>

<P dir=rtl>وفي اليوم التالي جاء الولد ليطمئن على أمه، فلم ير سوى ثيابها الممزقة وبقايا عظامها، فحزن عليها كثيراً، فحمل العظام، وواراها القبر، وهو يرجوها أن تسامحه.</P>

<P dir=rtl>وفي طريق العودة التقى بالعجوزين اللتين كانتا معها تحت شجرة الأمنيات، فلما سألتاه عن أمه، أخبرهما بمصيرها، فضحكتا كثيراً، وقالتا: "من كانت في مثل عمرنا فما عليها أن تتمنى سوى لقاء وجه ربها"، ثم أكدتا له أنه لم يخطئ فيما كان قد فعل.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية بشكل واضح على ازدياد التعلق بالحياة لدى بعض العجائز من رجال ونساء، وكلما تقدم بهم العمر، وأحسوا بدنو الأجل، وكأنهم يريدون أخذ نصيب أوفى من الدنيا، والتمتع بها قبل الزوال، فيكون هلاكهم في رغبتهم، لأنهم أضعف من أن يقدروا على تحقيقها.</P>

<P dir=rtl>وقد يبدو في الحكاية شيء من القسوة، إذ يسلم الولد أمه للضبع، ولكن تلك القسوة مبررة، لأنها في الحقيقة على مستوى الرمز والفن، وليست على مستوى الحياة والواقع.</P>

<P dir=rtl>إن الشجرة هي رمز الحياة بتجددها، وعطائها، ولذلك كانت شجرة الأمنيات المتحققة. أما الرغبة في الثوب والعصابة فهي رمز الاكتفاء بالستر والصون، وأما الرغبة في الرغيف والكباب فهي رمز الاكتفاء بالصحة والعافية، وقد تحققت الرغبتان للعجوزين، لأنهما رغبتان منطقيتان، وتتناسبان وعمرهما.</P>

<P dir=rtl>أما الرغبة في الزوج، رمز الخصب والولادة، فهي لا تناسب إلا الشباب القادرين على المنح والعطاء، أما حين يعلن عنها الشيوخ العجائز، فهي على الأغلب لا تدل إلاّ على شهوة غريزية تنحط بهم، ويكون بها هلاكهم، وهذا ما كان من أمر العجوز الثالثة.</P>

<P dir=rtl>ويلاحظ أن العجائز الثلاث لا تتمنى كل واحدة منهن تحقيق رغبتها بنفسها، وإنما بواسطة ولدها، مما يؤكد عدم قدرة الجميع على تحقيق أي من تلك الرغبات، إلا بوساطة الشباب، الذي له الدور، على حين انتهى دور العجزة.</P>

<P dir=rtl>وما المغارة إلا رمز للرحم أو القبر، فهي الرحم للشباب، والقبر للعجائز، ولذلك كان إدخال الولد أمه إلى المغارة، فعلاً صحيحاً، ووضعاً لها في المكان المناسب، على مستوى الفن والحكاية أيضاً.</P>

<P dir=rtl>أما الضبع، فهو رمز للجانب الحيواني الغريزي المنحط، ولذلك كان لقاء العجوز به، لأنها انحطت برغبتها إلى مثل هذا المستوى.</P>

<P dir=rtl>وهلاك العجوز بين يدي الضبع هو هلاك المرء في تهافته على محض اللذة، وإعدامه للجانب الروحي في وجوده الذي لا يتحقق باللذة وحدها، بل فيه يكون هلاكه، ولابد له من السمو الروحي.</P>

<P dir=rtl>ومما لاشك فيه أن تلك الرموز جميعاً لم تكن مقصودة، ولم يكن للمبدع الشعبي أن يعيها، وإنما هي كامنة في أعماق اللاشعور لدى الجميع، ويكون التعبير عنها وتلقيها لا شعورياً.</P>

<P dir=rtl>ومن هنا يكون هلاك العجوز بين يدي الضبع مسوغاً، لأنه هلاك فني، وليس هلاكاً في الواقع والحياة.</P>

<P dir=rtl>ولقد اتضح رمز الضبع من قبل في حكاية: "الضبع والشباب"</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الفأرات الثلاث

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن ثلاث فأرات شقيقات فرّق بينهن الزمان، فكانت واحدة تعيش عند جزار، والأخرى عند خباز، والثالثة عند حلاّق.</P>

<P dir=rtl>أما التي عند الجزار فكانت تشبع من العظم وبقايا اللحم، وأما التي عند الخباز فكانت تشبع من فتات الخبز، أما التي عند الحلاق فكانت دائماً جائعة، لا تشبع من شيء.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم التقت التي عند الجزار بالتي عند الخباز، وذكرتا أختهما الثالثة، وأشفقتا عليها، واتفقتا على دعوتها إلى نزهة، تتكفلان فيها بالطعام، لعل أختهما تشبع وتهنأ.</P>

<P dir=rtl>وهكذا أعدت الأختان حقيبة صغيرة، ملأتاها ببقايا اللحم، وفتات الخبز، ومرتا بأختهما التي عند الحلاق، ومضت الثلاثة نحو متنزّه قريب.</P>

<P dir=rtl>وفي الطريق صادف قط الفأرات، فسألها عن قصدها، ثم عرض عليها المساعدة، وتطوع بحمل الحقيبة.</P>

<P dir=rtl>ثم أخذ القط يسير بالفأرات في طرق متعرجة، حتى نال التعب من الجميع، وجلست الفأرات في ظل جدار طلباً للراحة، على حين خلا القط بالحقيبة، ففتحها وأكل كل ما فيها، ثم هجم على الفأرات.</P>

<P dir=rtl>وفرت الأولى إلى بئر اختبأت فيها، وفرت الثانية إلى بركة واسعة غطست في عمقها، على حين لجأت الثالثة إلى مجرى ضيق دخلت فيه.</P>

<P dir=rtl>وأتى القط إلى الأولى، فقال لها: "هيا اخرجي لألتهمك"، فأجابته: "لولا عقلك الصغير ما لحقتني إلى البير"، فتركها ومضى إلى الثانية، فقال لها: "هيا اخرجي لألتهمك، فأجابته: "منع الله أسنانك من الحركة، حتى لا تلحق بي إلى البركة"، فتركها وذهب إلى الثالثة، فقال لها: "هيا اخرجي لألتهمك"، فأجابته: "لعن الله أذنك البترا، لولا حظي العاثر، ما دخلت إلى المجرى"، فأخذ يمدّ يده إلى المجرى، ويطيل مخالبه، ويعاود المحاولة ثانية وثالثة، لعله يطالها، وهي تكاد تختنق في المجرى، إلى أن ملّ، فتركها ومضى في شأنه.</P>

<P dir=rtl>وخرجت كل فأرة من الفأرات الثلاث، وعادت إلى ما كانت عليه من عيش، واحدة عند الجزار، والثانية عند الخباز، والثالثة عند الحلاق.</P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر، مرت الفأرتان الأوليان بأختهما الفأرة الثالثة التي هي عند الحلاق، وقالتها لها: "يا أختنا العزيزة، لم نسعد في المرة السابقة بنزهتنا، حتى إن القط أكل طعامنا، وكاد يلتهمنا، فما رأيك بالانتقال من دكان الحلاق للعيش مع واحدة منا نحن الاثنتين".</P>

<P dir=rtl>وأرسلت الفأرة الثالثة زفرة حزن ثم قالت: "جربت النزهة فعرفت حظي، ولذلك سأبقى في محلّي، ألحس مسنّي، وأبات متهنّي".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>الحكاية واضحة الدلالة على البائس الفقير، الذي يخيب سعيه مرة، فيحس بالصدمة، ويصاب بالعجز، ويسلّم لحظه النكد، ولا يفكر في السعي أو المحاولة مرة ثانية.</P>

<P dir=rtl>ومما لاشك فيه أن الحكاية تصور حالة الخيبة والعجز والتسليم، لا لتقرّها وتدعو إليها، وإنما لتدينها وتنفّر منها.</P>

<P dir=rtl>واختيار القط والفأرة رمزاً للقوي والضعيف اختيار جميل، وقد وفّقت الحكاية في تصوير مناخ العلاقة بين القط والفأر، كما وقفت في جعله معادلاً لمناخ العلاقة بين القوي والضعيف.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

من سيعلق الجرس

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن مجموعة فئران كانت تعيش في أحد البيوت هانئة سعيدة بما تحظى به من بقايا الطعام، ولكنها فوجئت ذات يوم بقط كبير ينغص عليها عيشها، يحرمها الطعام، ويطاردها، ويوقع الأذى بها.</P>

<P dir=rtl>وتشاورت مجموعة الفئران فيما بينها، وقررت أن تشتري جرساً، لتعلقه في عنق القط، وهو نائم، حتى إذا ما غافلها ذات يوم، سمعت رنين الجرس، ركضت، لتنجو.</P>

<P dir=rtl>وهكذا تبرعت كل فأرة بما تملك، وتمّ شراء الجرس، وتحيّنت مجموعة الفئران فرصة نوم القط، لتعلق في عنقه الجرس، ولكن ههنا واجهتها مشكلة كبيرة، إذ من سيقوم من الفئران بمثل تلك المهمة الصعبة؟</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدلّ الحكاية دلالة واضحة على جبن الجماعة، الضعيفة، التي تقدر على القول واتخاذ القرار، ولكنها تعجز عن الفعل والتنفيذ، لضعفها وجبنها وعدم وجود من يضحي بذاته في سبيل الجماعة.</P>

<P dir=rtl>ومما يزيد الأمر سخرية أن جماعة الفئران تعجز عن محض تعليق الجرس في عنق القط، فكيف بها إذا كان عليها أن تقاومه؟</P>

<P dir=rtl>كما يزيد الأمر سخرية أن القط واحد على حين أن الفئران كثير.</P>

<P dir=rtl>ومهما يكن من أمر، فالحكاية موفقة في اتخاذ القط والفئران رمزاً للقوي والضعفاء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الحِكم الثلاث

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك قد خرج ذات يوم مع وزيره متنكرين، يطوفان أرجاء المدينة، ليروا أحوال الرعية، فقادتهم الخطا إلى منزل في ظاهر المدينة، فقصدا إليه، ولما قرعا الباب، خرج لهما رجل عجوز دعاهما إلى ضيافته، فأكرمهما.</P>

<P dir=rtl>وقبل أن يغادره، قال له الملك: "لقد وجدنا عندك الحكمة والوقار، فنرجوا أن تزوّدنا بنصيحة"، فقال الرجل العجوز: "لا تأمن للملوك ولو توّجوك"، فأعطاه الملك وأجزل العطاء، ثم طلب نصيحة أخرى، فقال العجوز: "لا تأمن للنساء ولو عبدوك"، فأعطاه الملك ثانية، ثم طلب منه نصيحة ثالثة، فقال العجوز: "أهلك هم أهلك، ولو صرت على المهلك"، فأعطاه الملك، ثم خرج والوزير.</P>

<P dir=rtl>وفي طريق العودة إلى القصر أبدى الملك استياءه من كلام العجوز وأنكر كل تلك الحكم، وأخذ يسخر منها.</P>

<P dir=rtl>وأراد الوزير أن يؤكد للملك صحة ما قاله العجوز، فنزل إلى حديقة القصر، وسرق بلبلاً كان الملك يحبه كثيراً، ثم أسرع إلى زوجته يطلب منها أن تخبئ البلبل عندها، ولا تخبر به أحداً.</P>

<P dir=rtl>وبعد عدة أيام طلب الوزير من زوجته أن تعطيه العقد الذي في عنقها كي يضيف إليه بضع حبات كبيرة من اللؤلؤ، فسرت بذلك، وأعطته العقد.</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، ولم يعد الوزير إلى زوجه العقد، فسألته عنه، فتشاغل عنها، ولم يجبها، فثار غضبها، واتهمته بأنه قدم العقد إلى امرأة أخرى، فلم يجب بشيء، مما زاد في نقمتها.</P>

<P dir=rtl>وأسرعت زوجة الوزير إلى الملك، لتعطيه البلبل، وتخبره بأن زوجها هو الذي كان قد سرقه، فغضب الملك غضباً شديداً، وأصدر أمراً بإعدام الوزير.</P>

<P dir=rtl>ونصبت في وسط المدينة منصة الإعدام، وسيق الوزير مكبلاً بالأغلال، إلى حيث سيشهد الملك إعدام وزيره، وفي الطريق مرّ الوزير بمنزل أبيه وإخوته، فدهشوا لما رأوا، وأعلن والده عن استعداده لافتداء ابنه بكل ما يملك من أموال، بل أكد أمام الملك أنه مستعد ليفديه بنفسه.</P>

<P dir=rtl>وأصرّ الملك على تنفيذ الحكم بالوزير، وقبل أن يرفع الجلاد سيفه، طلب أن يؤذن له بكلمة يقولها للملك، فأذن له، فأخرج العقد من جيبه، وقال للملك، ألا تتذكر قول الحكيم:</P>

<P dir=rtl>لا تأمن للملوك ولو توّجوك</P>

<P dir=rtl>ولا للنساء ولو عبدوك</P>

<P dir=rtl>وأهلك هم أهلك ولو صرت على المهلك</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أدرك الملك أن الوزير قد فعل ما فعل ليؤكد له صدق تلك الحكم، فعفا عنه، وأعاده إلى مملكته وزيراً مقرّباً.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية بادئ ذي بدء على غرور الحكام وصلفهم وعدم تصديقهم المواعظ على الرغم من طلبهم لها، وكأنهم يبغونها لمحض التسلية، بل لمخالفتها وعدم تصديقها، وإن كانوا في الواقع يحققون مقولاتها من غير أن يعوا.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تقدم ثلاث حكم، قد يأخذ المرء بها كلها أو ببعضها، ولكن على أية حال تبقى ذات دلالة على ثلاثة أمور: العلاقة بالحاكم، والعلاقة بالمرأة، والعلاقة بالأقارب، أي إنها تمس ثلاثة جوانب في المجتمع: السلطة والجنس والقرابة.</P>

<P dir=rtl>والبنية الثلاثية ظاهرة طاغية في الحكايات الشعبية سواء في الأقوال أو الأفعال أو الأشخاص.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

أبو الكنافة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك كان يتناول الكنافة مع وزيره، فسأله فجأة: "هل تظن أنّ في مملكتي من لا يعرف الكنافة: "فأجابه الوزير بعفوية:" من غير شك، هناك من لا يعرفها، يا مولاي"، فغضب الملك، وأقسم أن يأتي الوزير بمن لا يعرف الكنافة، أو يقطع رأسه.</P>

<P dir=rtl>وندم الوزير على ما فرط في القول، وما كان عليه إلا أن يجيب أمر الملك، فتنكر بزي رجل بسيط، واكترى حماراً، واشترى رطلين من الكنافة، ومضى يطوف القرى النائية، وما إن يدخل قرية حتى يسرع أهلها إليه فرحين، لعله يحمل إليهم بعض ما يحتاجون من أشياء اعتاد الباعة أن يحملوها على ظهور حميرهم. ولكن كانوا دائماً يحسون بالخيبة حين يجدون أنه لا يحمل سوى الكنافة.</P>

<P dir=rtl>وهكذا حتى يئس الوزير من وجود أحد لا يعرف الكنافة، وقفل راجعاً، وهو حزين بائس، ولكنه لمح من بعيد بضع خيام منعزلة، فقصدها، فخرج إليه رجل عجوز، ليسأله: "ماذا تحمل إلينا أيها الرجل؟"، فأجابه الوزير: "كما ترى"، ونظر العجوز في الخرج الذي على ظهر الحمار، ثم قال: "لماذا تحمل معك كل هذه الخيطان؟ وما حاجتنا إليها؟".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ سرّ الوزير السرور كله، وأخبر الرجل بأن هذه الخيوط تؤكل، فدهش الرجل، ثم إن الوزير طلب منه أن يحضر له اللبن والسمن والسكر، وصنع له ولعياله الكنافة، فأحبها الجميع، ولا سيما العجوز.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أغراه الوزير بالذهاب معه إلى المدينة ليطعمه المزيد من الكنافة، ففرح العجوز وأسرع إلى المضي مع الوزير، وهو لا يعرف حقيقته.</P>

<P dir=rtl>ولما وصل الوزير مع العجوز إلى المدينة، قاده إلى قصر الملك، فدهش لمرأى القصر، ولما رأى الحرس والخدم والأبواب والقاعات تملكه الذهول، وعندما دخل قاعة العرش، ورأى الملك في صدر القاعة متربعاً على كرسي العرش، والخدم من حوله، خاف وارتعش، ثم خرّ ساجداً، وهو يقول: "السلام عليكم يا الله"، فدهش الملك، وقال: "استغفر الله، انهض يا رجل، فأنا لست الله"، فنهض العجوز، ثم قال: "السلام عليكم يا محمد"، فازدادت دهشة الملك، وقال للرجل: "أنا لست بمحمد"، فقال العجوز: "السلام عليكم يا عيسى"، فتبسّم الملك وقال له: "لست بعيسى".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ التفت العجوز إلى الوزير مدهوشاً، ثم قال له: "إذا لم يكن هذا هو الله ولا محمد، ولا عيسى، فمن يكون؟"، فهمس له الوزير: "هذا هو أبو الكنافة"، وعندئذ اطمأنت نفس العجوز، وهمس للوزير: "صدقت"، ثم التفت إلى الملك، وقال له: "السلام عليكم يا أبو الكنافة"، ثم إنه هجم عليه، وأخذ يعانقه ويقبله وهو يقول: "أنا أحب الكنافة وأبو الكنافة".</P>

<P dir=rtl>وضحك الملك طويلاً، ثم قال للوزير: "طلبت منك أن تحضر لي رجلاً لا يعرف الكنافة، ولم أطلب منك رجلاً لا يعرف الله".</P>

<P dir=rtl>ثم أمر الملك الخدم بإحضار الكنافة، وأقام العجوز في قصر الملك سبعة أيام وثماني ليالٍ، وهو لا يريد مغادرته حباً في الكنافة.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على التفاوت الكبير بين مستوى معيشة الحكام ومستوى معيشة الرعية، كما تدل على جهل أولئك بواقع هؤلاء، حتى إن التفكير بهم كأنّه محض تسلية وتزجية للفراغ، وهي تدل أيضاً على مقدار ما يحيط الحكام أنفسهم به من مظاهر، يكاد يذهل بها المرء عن نفسه، فتختلط عليه الأمور.</P>

<P dir=rtl>وسؤال الملك للوزير عن قضية وتحديه بها عنصر شائع في كثير من الحكايات، وكذلك شخصية القادم من البادية، والذي لا يعرف شيئاً عن حياة المدينة.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

شفتك فوق وشفتك تحت

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن شحاذة فقيرة، قرعت الباب ذات مرة على قصر أميرة، فأطلت عليها الأميرة من نافذة قصرها، ثم قالت لها:</P>

<P dir=rtl>"آه، لو كنت في أسفل القصر، لأعطيتك، ولكن أنا فوق، كما ترين، ولا يمكنني النزول"</P>

<P dir=rtl>فتركتها الشحاذة ومضت.</P>

<P dir=rtl>وفي يوم آخر مرت بالقصر نفسه، فقرعت الباب، فخرجت لها الأميرة بنفسها ثم قالت لها:</P>

<P dir=rtl>"آه، لو كنت فوق لكنت أعطيتك، ولكن أنا هنا في أسفل القصر كما ترين، ولا يمكنني أن أصعد إلى فوق".</P>

<P dir=rtl>فرددت الشحادة قائلة:</P>

<P dir=rtl>"شفتك فوق، وشفتك تحت، هذه هي أنت"</P>

<P dir=rtl>ثم أشارت إليها بيدها، مؤكدة أن الأمرين سيان، ثم مضت تقرع أبواباً أخرى.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على ما يختلقه القويّ الغني المقتدر دائماً من أعذار كي لا يساعد الآخرين، وهي أعذار واهية.</P>

<P dir=rtl>والحكاية من حكايات الأمثال.</P>

<P dir=rtl>وشاف يشوف شوفاً: أشرف ونظر، واشتاف الشيء: تتبعه بنظره. وتشوَّف إليه: تطلّع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الراعي والذئب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرعاة يسعى على غنم قومه، يرعاه، ويسوقه مع الفجر إلى المرعى، ويرجع به مع المغيب، يخدم قومه، وقومه يحبونه، ويأتمنونه على أغنامهم، ويعطونه، فيجزلون له العطاء، وهو هانئ بعيشه سعيد، وهم مطمئنون إلى أمانته وحسن رعايته لأغنامهم.</P>

<P dir=rtl>ولكن ذات يوم أراد ذلك الراعي أن يختبر قومه، ليرى مكانته عندهم، ويعرف إن كانوا حقيقة يحبّونه، ويصدقون ما يقوله لهم، وما كان منه إلا أن صعد هضبة مشرفة على القرية، وصاح بالناس يستنجدهم: "الذئب، الذئب".</P>

<P dir=rtl>وهرع القوم إليه، يتراكضون من كل حدب وصوب، يحملون عصيهم وهراواتهم، ولكن ما إن وصلوا إليه، حتى أخذ يقهقه ضاحكاً، وهو يؤكد لهم أنه لا ذئب ولا خطر، وإنما هي رغبته في اختبارهم.</P>

<P dir=rtl>ورجع القوم خائبين، ناقمين على الراعي.</P>

<P dir=rtl>ومرة أخرى، فكر الراعي بالموضوع نفسه، ولجأ إلى الحيلة نفسها، وأخذ ينادي"الذئب"، "الذئب"، وأسرع إليه القوم أيضاً، ورجعوا خائبين، وهو يقهقه ويضحك فرحاً، بقدرته على خداع القوم، والكذب عليهم، وداخله الاطمئنان إلى أنه ذو مكانة عندهم، وأنه مصدّق لديهم.</P>

<P dir=rtl>ولكن ذات يوم، بينما هو يرعى الغنم، وإذا بذئب أغبر يقترب منه، فأسرع نحو الهضبة، يعتليها، وهو ينادي"الذئب، الذئب"، ولكن أحداً لم يجبه، واقترب منه الذئب، وحاول الراعي مقاومته، وهو ما يزال ينادي، ولكن ما من مجيب، لأنه عرف بكذبه، ولم يعد أحد يصدق كلامه، وهكذا افترسه الذئب، وذهب نداؤه أدراج الرياح.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أهمية الصدق، وتكشف خطورة الكذب، على الفرد والمجتمع، وهي تقدم مصداقاً للقول الشائع: "يمكنك أن تخدع إنساناً واحداً، ولكن لا يمكنك أن تخدع الناس كلهم، ويمكنك أن تخدع الناس كلهم مرة واحدة، ولكن لا يمكن أن تخدعهم في كل مرة".</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل أيضاً على حاجة الفرد إلى المجتمع، وضرورة انتمائه إلى المجتمع، وارتباطه به، وصدقه معه، كما تدل على خطر الغرور، وتوهم الفرد أنّ حياة القوم معلقة عليه، كما تدل أيضاً على خطأ الفرد حين يحاول امتحان قومه، واختبار مكانته لديهم، ولا سيما بالكذب والخداع.</P>

<P dir=rtl>والحكاية ذات عناصر قليلة، ولكنها قوية التأثير، وقد تبدو مفجعة، إذ يؤول الفرد فيها إلى الهلاك، ولكنها من خلال هذه الفجيعة تسعى إلى تأكيد فكرتها، وتحقيق التأثير القوي.</P>

<P dir=rtl>والحكاية كما هو واضح تنتمي إلى مجتمع رعوي، ولكنها تصح في كل مجتمع، وفي كل زمان ومكان، وهي معروفة، وواسعة الانتشار.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الرشيد والبهلول

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن هرون الرشيد أصيب مرة بحصر في البول، فأحضر الأطباء، فما أفلحت أدويتهم في علاجه، بل زاد المرض تفاقماً، وأحسّ بمثانته تكاد تنفجر.</P>

<P dir=rtl>وما كان منه إلا أن أرسل في طلب البهلول الذي كان يمازحه دائماً ويسليه، فسأله:</P>

<P dir=rtl>"هل عندك علاج لحالتي".</P>

<P dir=rtl>فسأله البهلول:</P>

<P dir=rtl>"وما حالتك؟"</P>

<P dir=rtl>فوصفها له الرشيد، فسأله البهلول:</P>

<P dir=rtl>"وإذا شفيتك فما هي مكافأتي؟"</P>

<P dir=rtl>فقال له هرون الرشيد، وهو ضائق ذرعاً بالألم الشديد:</P>

<P dir=rtl>"اطلب ما تشاء"</P>

<P dir=rtl>فأجابه البهلول:</P>

<P dir=rtl>"أطلب تاجك وعرشك"</P>

<P dir=rtl>فقال الرشيد:</P>

<P dir=rtl>"لك ما طلبت"</P>

<P dir=rtl>وعلى الفور أحضر البهلول زقاً مملوءاً بالماء، ثم بعجه، فجعل الماء يسيل منه، وهرون الرشيد ينظر مدهوشاً إلى الماء السائل من الزق.</P>

<P dir=rtl>ولكن ما هي إلا هنيهة، حتى أسرع هرون الرشيد إلى الخارج، ثم عاد بعد قليل وعلائم السرور والرضا بادية عليه.</P>

<P dir=rtl>ثم خلع هرون الرشيد التاج عن رأسه، وقدمه إلى البهلول؟ وهو يقول:</P>

<P dir=rtl>"هاك تاج الملك فخذه، وهذا عرش المملكة هو لك، فاحكم البلاد والعباد".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ ضحك البهلول، وقال:</P>

<P dir=rtl>"بحسبي الصحة والعافية، ولا أريد تاجاً وعرشاً".</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

تعليق:

<P dir=rtl>تبرز الحكاية أهمية الصحة والعافية، وتؤكد أنهما أغلى من التاج والعرش، حتى إن الرشيد ليتخلى عنهما في سبيل الصحة والعافية.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على ما يصطنعه العامة من مبررات لحرمانهم من ممارسة الحكم، وهي مبررات لإقناع الذات، وتقوم على قدر غير قليل من المغالطة، ولكأن الصحة والملك لا يجتمعان.</P>

<P dir=rtl>وفي الحكاية قدر غير قليل من الذكاء، إذا تصطنع موقفاً تنسبه إلى الرشيد ومثل هذه المواقف المصطنعة كثير، حتى أصبح للرشيد شخصيتان، إحداهما تاريخية حقيقية، والأخرى أسطورية متخيلة.</P>

<P dir=rtl>أورد الحكاية بأسلوب آخر ابن القارح في رسالته إلى المعري التي أجابه عنها برسالته الشهيرة:" رسالة الغفران".</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الطبيب وبغلته

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن أحد الأطباء دعي إلى معالجة مريض، فامتطى بغلته، ومضى إليه.</P>

<P dir=rtl>وبعد أن عالجه، دعاه أهل المريض إلى الطعام، فاعتذر، ولكنهم ألحوا عليه، فقبل،</P>

<P dir=rtl>وقعد إلى المائدة، وتناول ما يكفيه، ولكن أهل المريض ألحوا عليه كي يتناول المزيد، وكان كل منهم يدعوه، ويبالغ في دعوته، إكراماً له، واضطر الطبيب إلى الاستجابة، لما رأى من كرم القوم، وحفاوتهم به.</P>

<P dir=rtl>ثم قدموا له الشراب، وألحوا عليه في شرب المزيد، وهو يتردد، ولكنه أمام إلحاحهم، وجد نفسه مسوقاً إلى المزيد.</P>

<P dir=rtl>وبعد قليل أخذ الطبيب يحسّ بألم في معدته، ولكنه كان يحاول أن يخفي ما يحس، حتى لا يخجل أمام القوم.</P>

<P dir=rtl>ثم اعتذر إليهم، وطلب منهم أن يأذنوا له في المضي، وهم يلحون عليه بالبقاء لديهم، ولكنه أكد لهم أن هناك مرضى آخرين يحتاجون إليه.</P>

<P dir=rtl>وهكذا ودّعه القوم ومضى.</P>

<P dir=rtl>وفي الطريق اشتد به ألم في بطنه، من فرط ما تناول من طعام وشراب، فنزل عن ظهر بغلته، وأخذ يمشي لعله يجد في المشي ما يخفف من ثقل الطعام، ويذهب عنه الألم.</P>

<P dir=rtl>ثم مرّ بسبيل ماء، فمالت البغلة إليه، تريد الشرب، فأدناها من الجرن، وجعلت تشرب، ولما ارتوت واكتفت، همت بالمضي، ولكنه ساقها إلى الماء ثانية، وأخذ يلحّ عليها، ويحثها على الشرب، هي تأبى، وأخذ يبالغ في ذلك، ويلحّ والبغلة تأبى أن تشرب، بل أخذت تبتعد عن الماء.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ امتطاها ومضى، وهو يغمغم قائلاً: "والله أنت أعرف مني بما ينفعك أو يضرّك".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تنتقد الحكاية عادة شعبية سائدة وهي الإلحاح على الضيف كي يتناول المزيد من الطعام والشراب إظهاراً للكرم والحفاوة وحسن الضيافة، وهي عادة غير صادقة ولا أصيلة.</P>

<P dir=rtl>كما تنتقد بصورة غير مباشرة نهم بعض الأفراد. ولعل في الانتقاد بعض القسوة إذ تعتمد المفارقة بين الإنسان والحيوان، فتجعل الأخير أكثر وعياً من الأول.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ضربة أعمى

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد العميان يسير على الطريق وحده، وهو يتلمس مواقع خطاه بعصا طويلة، وصادفه رجل آخر، سليم البصر، ولكنه ادعى العمى، وعرض عليه صحبته، فرحب به، وسارا معاً.</P>

<P dir=rtl>وبعد قليل عرضت للرجل السليم حاجة، وكان يحمل صرة نقود، فأعطاها للأعمى، كي يحتفظ بها، ريثما يقضي حاجته.</P>

<P dir=rtl>وانتحى الرجل السليم جانباً، فاغتنم الأعمى الفرصة، وابتعد عن الرجل السليم، طمعاً منه بصرة النقود، ثم إنه تلمس خطاه بالعصا، فوجد حفرة، فنزل فيها وقبع في قاعها، مطمئناً إلى أن الرجل الآخر أعمى مثله، وأنه لن يكتشف مخبأه، مهما حاول البحث عنه.</P>

<P dir=rtl>وبعد أن انتهى الرجل السليم من قضاء حاجته، التفت يبحث عن الأعمى فلم يجده، ولكن بحثه لم يطل، وهو المبصر، فسرعان ما وجد الأعمى مختبأ في قاع الحفرة، فظل متظاهراً بالعمى، وأخذ ينادي موهماً الأعمى بأنه أعمى مثله، ثم حمل حجراً قذفه بعيداً عن الأعمى حتى لا يتنبه إلى أنه مبصر، وأخذ ينادي طالباً من الأعمى أن يعلن عن مكان وجوده.</P>

<P dir=rtl>ولما سقط الحجر بعيداً عن الأعمى، وهو قابع في أسفل الحفرة، اطمأن إلى أن ذلك الرجل أعمى مثله، ولن يراه، فلبث ساكناً لا يتحرك.</P>

<P dir=rtl>ولكن الرجل السليم حمل حجراً آخر، وقذفه قريباً من الأعمى، ثم حمل حجراً ثالثاً وقذفه أقرب.</P>

<P dir=rtl>وكان الأعمى في قاع الحفرة ما يزال مطمئناً إلى أن الرجل الآخر أعمى مثله، وأنه لن يصيبه، ولن يعرف مكانه، وأنه لابد يائس في النهاية منه، وعندئذ سينصرف، ويظفر هو بصرة النقود.</P>

<P dir=rtl>ولكن حجراً أصاب رأسه، فتزحزح من مكانه، وإذا بحجر آخر أيضاً قد أصابه ثانية في رأسه، فقال: "هذه والله ليست ضربة أعمى"، وأدرك أن الرجل الآخر بصير، وإنما كان يخدعه، فلما أراد هو أن يخادعه، فما أفلح.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أعلن الأعمى استسلامه، وردّ إلى البصير صرة نقوده، واعتذر إليه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية بسيطة تدل بعفوية على أن الإنسان ميال إلى الخداع بطبعه، فنزعة الشر كامنة فيه، سواء كان أعمى أم بصيراً، قوياً أم ضعيفاً، كبيراً أم صغيراً، كلّ يحاول أن يخدع بقدر ما يستطيع.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على أن كل مخادع لابد سيلتقي بمن هو أكثر منه خداعاً، فلا يبقى ثمة خادع أو مخدوع، فالكل في الخداع سواء، وأن طريق الحياة لا يحتاج إلى شيء من ذلك البتة، إنما يحتاج إلى الصدق والتعاون.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

حكاية لا تنتهي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك أرق ذات ليلة، فأيقظ الوزير، وطلب منه أن يقص عليه حكاية لا تنتهي، وإلا قطع رأسه.</P>

<P dir=rtl>وحار الوزير في أمره، أي حكاية لا نهاية لها؟ ثم ذكر حكاية كانت جدته تحكيها له لينام، فشرع في روايتها للملك فقال:</P>

<P dir=rtl>يحكى أنه كان في قديم الزمان وسالف العصر والأوان، ملك عظيم الشأن، أراد أن يأتي بأمر لم يأت بمثله أحد، فجمع قمح العالم كله، في مكان واحد، وجعله كومة عالية، ثم أمر البنائين، فبنوا على ذلك القمح قبة كبيرة، أحكموا بناءها، ولم يجعلوا فيها كوة ولا نافذة.</P>

<P dir=rtl>ولكن نملة من النملات اهتدت إلى ثغرة صغيرة جداً في تلك القبة، فدخلت فيها، ثم أخذت حبة، وخرجت لتدعو النمل إلى قبة القمح.</P>

<P dir=rtl>وهكذا بدأ النمل بالتقاطر، فدخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت، ودخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت، ودخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت، ودخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت....</P>

<P dir=rtl>وهكذا ظل الوزير يحكي للملك على المنوال نفسه، والملك يصغي إليه، مشدوهاً، فاغر الفم، إلى أن نام الملك، والحكاية ما تزال مستمرة:</P>

<P dir=rtl>دخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت، دخلت نملة، أخذت حبة، ثم خرجت، دخلت نملة، أخذت حبة، ثم...</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تقوم الحكاية على مبدأ الحكاية داخل الحكاية، فثمة حكاية خارجية هي حكاية الملك الذي أصيب بالأرق، وحكاية داخلية هي حكاية الملك الذي ابتنى قبة فوق كومة قمح العالم، والحكاية الأولى كالإطار بالنسبة إلى الحكاية الثانية.</P>

<P dir=rtl>وهذا المبدأ الفني قديم، أوضح مثال له حكايات ألف ليلة وليلة، وهي حكايات داخلية، تضمها كإطار خارجي حكاية شهر زاد وشهريار.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تؤكد انشغال الحكام في العصور القديمة بقضايا فردية مجرّدة بعيدة عن قضايا العباد والبلاد، فهذا يأرق فيطلب الوزير ليسليه، وذاك يبتني قبة فوق قمح العالم.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل من خلال النوم أخيراً على أن الملك سيزول، وكأن نومه هو موته، على حين تدل، من خلال النملات وحبات القمح، على أن الحياة سوف تستمر، كاستمرار الحكاية، التي هي رمز للحياة نفسها، مثلما أن النملات وحبات القمح هي رمز للشغل والقوت وحركة الحياة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية عفوية جداً وبسيطة، وتبدو كأنها محض حكاية تروى للأطفال كي يناموا، لكنها في عمق اللاشعور تحمل دلالات أبعد، ومن خلال هذا التوتر بين عفوية الظاهر وعمق الباطن، تتأكد جمالية الحكاية.</P>

<P dir=rtl>وتبقى الحكاية، بل الحكايات مستمرّة... كالحياة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

بين الذهاب والإياب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن أحد الطلاب قد درس الفقه والشريعة في بلده، ثم قرر أن يرتحل إلى الأزهر في مصر، ليتابع تحصيله العلمي.</P>

<P dir=rtl>وفي الطريق مرّ بقرية صغيرة نائية، فاستراح فيها يوماً، وصادف أن كان يوم الجمعة، فتوجه مع المصلين إلى المسجد الجامع، وأخذ يصغي إلى الخطبة، وإذا الخطيب لا يفقه شيئاً، يقع في أخطاء كثيرة، فنهض محتجاً، وصاح بالخطيب: "أخطأت أيها الرجل، ليس الأمر على نحو ما قلت".</P>

<P dir=rtl>وقبل أن يتم كلامه صاح الخطيب بالمصلين: "أسكتوا هذا الكافر"، فانهال عليه القوم بالضرب، حتى كاد يلفظ الروح.</P>

<P dir=rtl>وغادر القرية، وتابع طريقه إلى مصر، حيث الأزهر، وهناك روى لأحد زملائه الطلاب ما كان من أمره، فلامه زميله، وقال له: "تلك القرية نائية، وأهلها يحسبون خطيبهم أعلم العلماء، لا يمكن أن يحسبوه مخطئاً.</P>

<P dir=rtl>ثم دله على طريقة ينتقم بها لنفسه، لدى عودته إلى بلاده.</P>

<P dir=rtl>وبعد بضع سنين أنهى الطالب تعليمه، ورجع قافلاً إلى بلاده. وفي طريق العودة، مرّ بالقرية نفسها، فنزل فيها طلباً للراحة، وصادف نزوله يوم الجمعة، فقصد إلى المسجد واعتلى المنبر الخطيب نفسه، وأخذ يخطب بالمصلين، ووقع في مثل ما وقع فيه من أخطاء من قبل.</P>

<P dir=rtl>وقبل أن يتم الخطيب خطبته، نهض الطالب وقال للمصلين: "أنا أهنئكم بهذا الخطيب، فهو رجل مبارك، وأنصح لكل منكم أن يأخذ شعرة من ذقنه للتبرّك بها". وأسرع القوم إلى الخطيب، وقبل أن ينجو من بين أيديهم، كانوا قد نتفوا شعر ذقنه.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تشير الحكاية إلى بعض الخطباء ولا سيما خطباء القرى النائية وما يكون بعضهم عليه من الجهل، في مرحلة تاريخية غير محددة، كما تشير إلى استجابة العامة وردة فعلها للمؤثر. وهي تدل على ما يكون عليه الشباب من صراحة وفجاجة ومباشرة، ثم ما يمتلكونه من أساليب خلاف ذلك بعد تقدم العمر.</P>

<P dir=rtl>وغاية الحكاية الطرافة المتولدة من المفارقة بين حالة الشاب في الذهاب وحالته لدى الإياب، وما امتلكه من قدرة على الاحتيال والإيقاع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

جرّة السمن

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لرجل عجوز بضع غنمات، كان كل يوم يأخذ حليبها ويصنع منه بعض السمن، ويخبئه في جرة، وظل على هذه الحال أياماً، حتى امتلأت الجرة، إلا قليلاً، عندئذ حملها ومضى بها إلى المدينة، وهناك باع السمن، وقبض ثمنه ليرة ذهبية، وضعها في الجرة، وكان التعب قد نال منه، فاستلقى في ظل شجرة وأسند الجرّة إلى قطعة حجر، واستغرق في نوم عميق.</P>

<P dir=rtl>ولما استيقظ العجوز، حمل جرّته، ومضى بها إلى السوق ليشتري بعض الحاجات، ولكنه مدّ يده في الجرة ليطمئن إلى الليرة الذهبية، فلم يجدها، عندئذ تألم أشد الألم، وقرر المضي إلى قاضي البلاد يشكو له الأمر.</P>

<P dir=rtl>ولما سمع القاضي حكاية الفلاح العجوز، أرسل المنادي في المدينة يدعو الناس إلى حضور محاكمة الحجر السارق، وعندما عقدت المحكمة حضر ناس كثير، وكانت على منصة القضاء قطعة حجر، وكان الناس يتأملونها وهم يغمغمون متسائلين هل سرق الحجر؟ وكيف ستكون محاكمته.</P>

<P dir=rtl>وتأخر القاضي عن قصد، ولما دخل، أعلن أنه سيحاكم هذا الحجر، وعندئذ ضج الناس في قاعة المحكمة ساخرين، فأظهر القاضي غضبه، وحكم على الحاضرين أن يدفع كل منهم ليرة غرامة.</P>

<P dir=rtl>ثم أمر الحرس أن يقف بباب المحكمة، ووضع قدراً مملوءة بالماء، وكان على كل خارج من المحكمة أن يلقي في تلك القدر ليرته، ووقف القاضي يرقب الخارجين واحداً واحداً، وكاد يخرج الجميع، ولم يبق سوى عدد قليل، ثم تقدم أحد الرجال، متثاقل الخطا، وألقى بليرته متردداً، وبعد أن ألقاها، صاح القاضي بالحارس: "أمسك اللص"، فتعجب الرجل وسأله: "وكيف عرفت أني اللص"، فأجاب القاضي: "انظر إلى السمن الطافي على وجه الماء".</P>

<P dir=rtl>وأقرّ الرجل بذنبه، فسيق إلى السجن، وأعاد القاضي إلى الفلاح العجوز ليرته، فشكره، ومضى إلى السوق، فاشترى بعض حاجاته، ثم رجع إلى قريته سعيداً.</P>

تعليق

<P dir=rtl>تكشف الحكاية بساطة الفلاح وخبث السارق وذكاء القاضي، وهي تؤكد العدل بوصفه قيمة مطلقة، تأخذ على يد الجاني، وتعيد الحق إلى صاحبه.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على نقاء الريف، فالفلاح ينام ويترك الجرة إلى جانبه مطمئناً كعادته في الريف، ولا يعرف شيئاً عن فساد المدينة، مما يؤدي إلى سرقة الليرة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على أن المال الحلال لا يضيع.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الفأس الذهبية

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الحطابين قصد الغابة كعادته كل يوم ليجمع من الحطب ما يبيعه ويشتري به طعاماً لعياله. وبينما هو يضرب جذع الشجرة طارت الفأس من يده وسقطت في النهر، فخلع ثيابه، ونزل في إثرها يبحث عنها، وغاص إلى قاع النهر، ولكنه لم يجدها، فخرج مغتمَاً حزيناً، ثم أخذ يدعو ربه أن يساعده على استرجاع فأسه.</P>

<P dir=rtl>وبينما هو كذلك إذ خرج من النهر ملك يحمل فأساً ذهبية، وقال للحطاب: "أهذه فأسك؟"، فأجاب الحطاب: "لا"، فغاص الملك في النهر، ثم خرج، وهو يحمل فأساً فضية، ثم قال للحطاب: "أهذه فأسك؟"، فأجاب الحطاب: "لا"، وغاص الملك ثانية، ثم خرج، وهو يحمل فأساً حديدية، ثم قال للحطاب: "أهذه فأسك؟"، فأجاب الحطاب: "نعم، هذه هي فأسي"، وعندئذ أعطاه الملك الفؤوس الثلاث، جزاء صدقه وأمانته.</P>

<P dir=rtl>وفرح الحطاب بعودة فأسه إليه، كما فرح بالفأسين الأخريين، وتابع جده في جمع الحطب، ثم حمل كومة كعادته كل يوم، ومضى بها، وقد شدّ الفؤوس الثلاث بالحبل إلى طرف الكومة.</P>

<P dir=rtl>وفي الطريق صادفه تاجر غني، فلما رأى التماع الفأس الذهبية والفأس الفضية، ذهل، وسأله كيف حصل عليهما فحدّثه الصياد عما حدث.</P>

<P dir=rtl>وفي صباح اليوم التالي أسرع ذلك التاجر الغني، وهو يحمل فأساً حديدية، ولما بلغ النهر، رمى بالفأس، وأخذ يدعو ربه، أن يعوضه عنها، فخرج له الملك من النهر، وهو يحمل فأساً حديدية، ثم سأله: "أهذه فأسك؟"، فأجابه التاجر الغني"لا" ليست هي، فأسي من ذهب، ولا أريد عنها بدلاً"، فردّ عليه الملك، "لا ضرورة للكذب أيها الرجل، فهذه هي فأسك، وعلى كل حال فأنت لست بحاجة إليها، والأفضل أن ترجع الفأس إلى قاع النهر، وأن تعود أنت خائباً، جزاء طمعك وكذبك"، ورمى الملك الفأس بالنهر، ثم غاب.</P>

<P dir=rtl>ورجع التاجر الغني إلى بيته خائباً.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تنتصر الحكاية للصدق، الذي يقود إلى الحق والخير، على حين تدين الكذب الذي يؤدي إلى الخسران والخيبة.</P>

<P dir=rtl>وهي تظهر بساطة الفقير وقناعته وصدقه، كما تكشف خبث الغني ومكره وجشعه، كما تدل على عناء الفقير في تحصيل رزقه، وقناعته بالقليل، على حين تدل على طمع الغني وبحثه دائماً عن المزيد.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تنتهي مثل سائر الحكايات نهاية مرضية، فتعاقب الخبيث، وتكافئ الطيب.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

كل السبب في فرخ السمك

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن عجوزاً سمعت بائعاً ينادي معلناً عن السمك، فاشتهت أن تأكل وجبة سمك، فطلبت من كنتها أن تخرج لتشتري منه فرخاً، ولكن كنتها اعتذرت، وذكرتها بأنها لم تخرج إلى السوق قط، ولم تشتر شيئاً من قبل.</P>

<P dir=rtl>ولكن حماتها ألحت عليها، وأخبرتها أنها ستموت إذا لم تأكل السمك، فحارت الكنة في أمرها ثم أكدت أنها لا تملك شيئاً من ثمنه، فاقترحت الحماة أن تمنح البائع قبلة مقابل فرخ واحد. فذهلت الكنة مما سمعت، ولكن حماتها هددتها بأنها ستشكوها إلى زوجها. وستتهمها بأنها تخرج كل يوم في غيابه للقاء عشيق لها، ووجدت الكنة الحماة جادّة كل الجد فيما تقول، فاضطرت لتنفيذ رغبتها.</P>

<P dir=rtl>وهكذا منحت الكنة البائع قبلة، وحصلت على فرخ السمك، ورجعت إلى البيت، فنظفته وغسلته، ثم وضعته في المقلاة، وجاء الزوج، فسألها عن مصدر السمك، فأشارت إلى أمه، فنظرت إليها حماتها، ثم أخرجت مغزلها، وأخذت تخاطبه قائلة: "دور يا مغزلي دور، أقول إلا ما أقول"، وتشاغل الزوج عن كلام أمه، ولكنها أعادته مرة ثانية، وثالثة، وعندئذ تنبه إليها، فقال لها غاضباً: "قولي".</P>

<P dir=rtl>وفي تلك اللحظة علا في الخارج صوت رجل ينادي الزوج، فخرج إليه ينظر ما يريد، فالتفتت الكنة إلى حماتها، وقالت لها: "كيف يطاوعك قلبك، حتى تخبري ابنك بما فعلت"، فردّت عليها الحماة مؤكدة: "والله سأخبره، حتى يفرمك مثل فرخ السمك".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أسرعت الكنة إلى السمك، فحملت قطعة كبيرة، وحشت بها فم حماتها، فغصت بها الحماة، ثم أسرعت تنادي زوجها، ولما رجع، رأى أمه ميتة، فلما سألها عن سبب موتها، قالت له: "كل السبب في فرخ السمك".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تعكس الحكاية حالة اجتماعية تتمثل في الخصام التقليدي بين الحماة والكنة، وهو خصام يظهر غالباً في البيئات المتخلفة.</P>

<P dir=rtl>ويظهر الخصام في هذه الحكاية في شكل حاد جداً وبصورة غير معقولة، وينتهي نهاية لا تخلو من قسوة تؤكد لا معقولية الحكاية ومبالغتها.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تحمل دلالات نفسية بعيدة تكشف عن أغوار العجوز، التي تغلبها شهوة الطعام ولا سيما السمك فتدفع كنتها إلى ما تدفعها إليه.</P>

<P dir=rtl>وللسمك في عمق اللاشعور دلالات شائعة، إذ يرمز إلى العضو المذكر، وغالباً ما تكني العامة عنه بفرخ السمك، وبصيغة التذكير"فرخ"، وبذلك يمكن أن تدل الحكاية على غيرة من الكنة من جهة، وعلى حرمان من جهة أخرى، ومما لاشك فيه أن هاتين الحالتين غائرتان في عمق اللاشعور.</P>

<P dir=rtl>ومهما يكن فإن شهوة الطعام ليست أقل من شهوة الجنس، بل لعلها أقوى منها وأبقى، وحسب الحكاية بناؤها في الظاهر على تلك الشهوة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تنتهي نهاية فنية محكمة وقوية، إذ يتم إلقام العجوز بالسمك الذي تشتهيه نفسها ويكون موتها في إشباع شهوتها.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

البيع بمئة والشراء بعشرين

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>ضاقت الأحوال بأحد القرويين، فحمل ديكاً لم يكن عنده غيره، ليبيعه، فأخذ يطوف به الأسواق والأحياء، ولا أحد يسأله كم ثمنه، فمضى إلى بعض الحارات، وأخذ ينادي، وكان في الشرفة سيدة تتأمل الغادين والرائحين، كي تسلّي وحدتها، فرأت الفلاح وهو يحمل الديك، فأعجبتها سمرته الريفية، وقوته، فنادته، وأشارت إليه كي يصعد إليها، ثمْ أخذت تساومه في ثمن الديك، وهو على بساطته وعفويته، لا يفهم شيئاً مما تريد، ثم إنّها دعته إلى الداخل، وهيأت مائدة فيها مالذ وطاب من الطعام والشراب، ودعته إلى المأدبة، فأدهشه الأمر، ثم أخذت تتودد إليه وتلاطفه، وهو ذاهل لا يعي من الأمر شيئاً.</P>

<P dir=rtl>وبينما هما على هذا الحال إذ قرع الباب، فقالت له: "ويلي، لقد جاء زوجي، والله لو رآك لذبحك" حار في أمره ما يفعل؟ ثم اقترحت عليه أن يختبئ في خزانة الثياب، فأدخلته الخزانة، وأغلقت الباب.</P>

<P dir=rtl>وكان القادم في الحقيقة عشيقها، لا زوجها، فقعد إلى المائدة، وأخذ يشاركها الطعام والشراب، ويتودد إليها ويغازلها، والقروي البائس محبوس داخل الخزانة، وبينما هما على هذه الحال، إذ قرع الباب، فقالت للعشيق مثل ما قالت للقروي ثم أدخلته إليه في الخزانة، وأغلقت الباب.</P>

<P dir=rtl>وعندما رأى القروي الرجل، وسمع وهو في الخزانة صوت الزوج في الخارج، أدرك عندئذ جلية الأمر، وعرف ما هو واقع فيه، وعندئذ همس للرجل: "هل تشتري مني هذا الديك؟"، فدهش الرجل وهمس مجيباً: "وهل هذا وقت البيع والشراء؟"، فقال الفلاح: "إذ لم تشتر الديك مني رفعت صوتي وفضحتك" واضطر الرجل للقبول، وسأل: "بكم تبيعني الديك؟" فأجابه: "بمئة ليرة"، فرد الرجل: "ولكنه لا يساوي عشرين"، فهمس الفلاح: "إذا لم تشتر بمئة صحت وفضحتك"، واضطر الرجل إلى شراء الديك، فدفع للقروي مئة، وناوله هذا الديك فوضعه في حجره، وقعد لا يتحرك.</P>

<P dir=rtl>وبعد برهة سأل القروي: "هل تبيعني الديك؟"، فردّ الرجل: "منذ قليل اشتريته منك"، فأضاف القروي: "إذا لم تبعني الديك فضحتك"، فقال الرجل: "لا بأس، أبيعك الديك، هات مئة وخذه"، فقال القروي: "أشتريه منك بعشرين"، فدهش الرجل وقال: "كيف أبيعك الديك بعشرين، وأنا الذي اشتريته منك قبل قليل بمئة"، فقال القروي: "إذا لم تبعني الديك بعشرين فضحتك"، فاضطر الرجل إلى بيع الديك إلى القروي بعشرين.</P>

<P dir=rtl>وهكذا اشترى القروي الديك بعشرين، ثم ما لبث أن باعه إياه بمئة، وعاد واشتراه بعشرين، وهكذا دواليك، بين بيع وشراء، والزوج في الخارج مع زوجته يتناولان الطعام والشراب.</P>

<P dir=rtl>ثم أشفقت المرأة على القروي وعلى العشيق، فتظاهرت بالدوار، وطلبت من زوجها أن يسرع إلى السوق لشراء دواء لها، وما إن خرج حتى فتحت الخزانة، ثم قالت للقروي وللرجل: "هيا، أسرعا بالهروب، قبل أن يعود".</P>

<P dir=rtl>ورجع القروي إلى قريته يحمل الديك، وقد امتلأ جيبه بالنقود، فعاش بضعة أيام هانئاً سعيداً، ولكن لم تلبث تلك النقود أن نفدت، فحمل الديك مرة أخرى، وأخذ يطوف الأسواق ينادي لعله يحظى بمن يشتري الديك، وبينما هو كذلك إذ مرّ بمحل فخم، رأى في صدره رجلاً عليه ملامح الوقار، وقد اجتمع من حوله القوم، والخدام يطوف عليهم بالقهوة، وأعاد النظر إليه، فعرفه، إذ إنه ذلك الرجل الذي التقى به داخل الخزانة، فسأل عنه، فعلم أنه كبير التجار، فدخل عليه، وألقى السلام، ثم سأله أمام القوم: "هل تشتري الديك مني؟".</P>

<P dir=rtl>فأحس الرجل بالإحراج، فأجابه: "نعم، أشتريه"، ثم أخرج من جيبه مئة ليرة، وناوله إياها، ولكن القروي قال: "لا، ثمنه الآن خمسمئة"، فتململ الرجل في موضعه وأحسّ بالضيق، فقال القروي: "إذا لم تشتر الديك بخمسمئة"، وقبل أن يتم الكلام، نقده الرجل خمسمئة ليرة، وهو يقول له: "ولكن لتعلم أنني لن أبيعه بعد ذلك ولا بخمسة آلاف".</P>

<P dir=rtl>فضحك القروي، وأخذ النقود ورجع إلى قريته هانئاً سعيداً.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية مرحة، لا غاية لها سوى التسلية والإمتاع، وهي بسيطة جداً، وتمتاز بالعفوية، ولكنها تدل بصورة غير مباشرة على نقاء الريف وفساد المدينة، فهنا الغنى والعهر والتجارة والبيع والشراء، وهناك البراءة والفقر والطيبة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

مطعم الهناء

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>افتتح أحد الأشخاص مطعماً أسماه"مطعم الهناء"، وأعلن عن تقديمه"الشوربة" مجاناً.</P>

<P dir=rtl>ورأى الإعلان رجل فقير، فحمل رغيف خبز يابساً، ودخل المطعم، ولما سأله النادل، طلب صحن"شوربة"، ثم فتّ فيه رغيفه اليابس، وأكل وهنئ، وخرج من غير أن يدفع شيئاً.</P>

<P dir=rtl>وكان هكذا دأبه كل يوم، إلى أن ضجر منه النادل، فشكاه إلى صاحب المطعم فأوصاه أن يضع في صحنه مادة"مسهلة".</P>

<P dir=rtl>وهكذا قدم الفقير كعادته كل يوم، وطلب صحنه المعروف، وفتّ فيه الخبز، وأخذ يلتهمه، وقد وجده هذه المرة أشهى.</P>

<P dir=rtl>ولكن ما إن أتى على الصحن، حتى أحسّ بمغص في بطنه، ثم بحركة شديده في أمعائه، ثم برغبة كبيرة في الإفراغ فنهض، وأسرع إلى الباب، وإذا بسرواله قد امتلأ، وأخذ يسيل على الرصيف، وحثّ الرجل الخطا نحو مأواه.</P>

<P dir=rtl>واعترضه شخص سأله عن مطعم"الهناء"، أين يكون؟، فالتفت الفقير وراءه، ونظر إلى خط على الرصيف كان يسيل من سرواله، ثم قال له: "اتبع هذا الخط، فهو يدلك إلى معطم الهناء".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية مرحة، تمتاز بالبساطة والعفوية، ولا غاية من ورائها سوى الإضحاك، وإن كانت تدل على بؤس الفقير وبخل الغني، وهي تعكس بصورة غير مباشرة حال مجتمع المدينة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الشجاعة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن رجلاً سأل عنترة: "ما الشجاعة، وكيف تعلمتها؟". فطلب منه عنترة أن يضع إصبعه في فمه، ووضع هو أيضاً إصبعه في فم الرجل، ثم قال: "سيعض الآن كل منا إصبع الآخر، والأكثر شجاعة هو الذي يصبر أكثر على تحمل الألم".</P>

<P dir=rtl>وهكذا أخذ عنترة يعض إصبع الرجل، على حين كان الرجل يعض إصبعه، وكل منهما يتحمل الألم، ولكن بعد هنيهة صاح الرجل، من شدة الألم، وترك إصبع عنترة.</P>

<P dir=rtl>وهنا قال له عنترة: "هل رأيت؟ هذه هي الشجاعة".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية عفوية بسيطة جداً، تدل على أن الشجاعة في الصبر والقدرة على تحمل الألم.</P>

<P dir=rtl>والحكاية على ما يبدو موجّهة إلى الشباب لتعلمهم الصبر وقوة الإرادة والقدرة على التحمل، وهي تعتمد على تجسيد مفهوم مجرّد في شكل محدود قوامه عض الإصبع، وغالباً ما يقصد بالحكاية ما هو أبعد من مفهوم الشجاعة والقدرة على التحمل الجسدي، من نحو الصبر والشجاعة والقدرة على تحمل آلام الحياة.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

فردة الحذاء

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الأتقياء كان على خلق حسن، وكان جاره سكّيراً، وفي كل ليلة كان هذا الجار يرجع إلى داره متأخراً، وهو في حالة من السكر يرثى لها، حتى إذا مرّ بدار جاره التقي، خلع حذاءه، ورمى به من فوق الدار.</P>

<P dir=rtl>وكان التقي يصبر على جاره، ويعامله بالحسنى، ففي صباح كل يوم يحمل إليه فردتي حذائه، فيقرع عليه الباب، ويناوله إياهما فيعتذر إليه الجار السكير، ويأسف أشد الأسف، ويؤكد أنه في حالة من السكر لا يعي فيها ما يفعل، وأنه لم يكن يقصد إلى الإيذاء أو الإزعاج.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم ضجر التقي، فعاتب جاره، وذكّره بحق الجوار، ونصح له، فوعد السكير ألا يعود إلى فعلته.</P>

<P dir=rtl>ونام التقي مطمئناً إلى وعد جاره، ولكن فوجئ بفردة الحذاء تسقط كالعادة في فناء الدار، فاستيقظ غاضباً، ولكنه أمسك نفسه، وتذرع بالصبر.</P>

<P dir=rtl>وكان السكير قد ثمل ونسي وعده، فلما مرّ بدار جاره قذف فردة حذائه كعادته، ولكن بعد أن قذفها تنبّه إلى وعده، فدخل داره وهو نادم، وأخذ يفكر كيف يعتذر إلى جاره.</P>

<P dir=rtl>وقعد الجار التقي، وقد جافاه النوم، وهو يتوقّع بين برهة وأخرى أن تسقط فردة الحذاء الثانية، ولكن انتظاره طال، حتى ضجر، فما كان منه إلا أن مضى إلى جاره، وقد قرّر أن يصطنع الوسيلة الحسنة.</P>

<P dir=rtl>ولما خرج إليه السكير، قال له: "أقلقتني أيها الجار، وشغلتني لأجلك، وقد جئت لأطمئن عليك".</P>

<P dir=rtl>ثم قدم إليه فردة الحذاء، وهو يقول: "هذه فردة حذائك، ولكن أين الأخرى؟ أرجو أن لا تكون قدمك قد أصيبت بمكروه".</P>

<P dir=rtl>وعندئذ أسف السكير، واعتذر عن كل ما كان منه، ووعد جاره التقي أن يقلع عن الخمرة، وتوسّل إليه أن يقبله صاحباً وصديقاً، كما رجاه أن يوافق على لزومه له، كي ينهج نهجه في التقى وحسن الخلق.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تربوية تعلم الصبر وحسن الخلق واصطناع الوسيلة الحسنة في معاملة الناس، وتحث على مراعاة حق الجوار، كما تظهر مساوئ الخمرة وما تقود إليه من شرور وفساد، وتدعو بصورة غير مباشرة إلى هجرها.</P>

<P dir=rtl>والحكاية واضحة وجميلة ومختصرة، وهي على ما يبدو مستوحاة من سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إذ يروى أن جاراً له كان يهودياً، وكان يضع الأوساخ كل يوم أمام داره فكان الرسول يرفع الأوساخ ولا يعاتب جاره، وذات يوم لم يجد الرسول الأوساخ أمام داره، ثم علم أن جاره اليهودي مريض، فعاده في مرضه، فارتدع الجار اليهودي، واعتذر إلى الرسول، ودخل في الإسلام.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

لقمان الحكيم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يروى أن لقمان الحكيم علم أن عمره سينتهي مع انتهاء رزقه، فطمع في طول العمر، فصار يأكل في النهار مرة واحدة بدلاً من مرتين، حتى لا ينفذ رزقه، ثم صار يقسم كسرة الخبز إلى كسرتين، واللقمة الواحدة إلى لقمتين، ويؤجل طعام اليوم إلى الغد، ثم لم يبق له من الرزق سوى حبة حمص واحدة، أدرك أنه متى أكلها فسوف يموت، فوضعها تحت لسانه أربعين يوماً يتبلّغ بها، حتى رقت وذابت، ولم يبق إلا قشرتها، وعندئذ عرف أنه لا مفر من الموت، فلفظها من فمه، وتمنّى لو أنه استنفذ رزقه من قبل، ولم يعمّر ما عمّر.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل هذه الحكاية على طمع الإنسان في طول العمر، حتى إنه ليبخل على نفسه، كي يطول عمره، ولكن طول العمر لا ينفعه في شيء، إذ ليست القيمة في المدة التي يعيشها الإنسان، سواء طالت أم قصرت، وإما القيمة في الأفعال التي يملأ بها تلك المدة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على خطل التعلق بالدنيا، والعيش لمحض العيش المؤقت، دونما نظر إلى هدف أسمى، وغاية أبعد.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

أشدّ الناس حمقا

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الملوك ولد وحيد، رباه خير تربية، وعني به، ولما كبر، وأصبح شاباً، أراد أن يعرفه إلى البلاد والعباد، ليكتسب خبرة، فأعطاه صرة نقود، وزوّده بكلّ ما يحتاجه في السفر، ثم طلب منه أن يجول في البلاد، وأوصاه أن يعطي صرة النقود لمن يراه أشد الناس حمقاً.</P>

<P dir=rtl>وهكذا أخذ الفتى ينتقل من بلد إلى بلد، يراقب الناس في الحقول والأسواق، يراهم يبيعون ويشترون، ويزرعون ويحصدون، وكلما رأى رجلاً أحمق همّ بإعطائه صرة النقود، ولكنه كان يتريث، لعله يرى من هو أشد حمقاً منه.</P>

<P dir=rtl>مرة رأى رجلاً يرعى بقرة على سطح الدار، وأخرى رأى رجلاً يصب السكر في البحر ليعذب ماؤه، وثالثه رأى رجلاً يصنع للجمل جناحين على أمل أن يطير، ولكنه ذات مرة رأى رجلاً يركب حماراً بالمقلوب، وجهه إلى مؤخرته، وهو يمسك بذيله، والناس من حوله يقرعون الصحون بالملاعق، وهم يصخبون ويضجون شاتمين لاعنين الرجل، فسأل عنه، فعلم أنه كان مختاراً للقرية، ثم انتهت ولايته عليهم، فإذا هذه هي عاقبته.</P>

<P dir=rtl>ثم إن الفتى دخل القرية، فرأى قوماً يدخلون منزلاً، متزاحمين، وآخرين يخرجون منه، فسأل عن الأمر، فعرف أنهم يدخلون ليباركوا للمختار بتسلّمه عمله مختاراً جديداً للقرية.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ تنبه الفتى إلى الأمر، ودخل على المختار الجديد مع الداخلين، ولما صار بين يديه، قدّم له صرة النقود، فسأله المختار الجديد عن سبب تقديم الصرة له، فأجابه:</P>

<P dir=rtl>"طلب مني أبي أن أقدّمها إلى أشدّ الناس حمقاً".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد هذه الحكاية حمق من لا يتعظ بغيره، ولا يستفيد من تجارب الآخرين، ويظهر هذا مرتين، مرة بصورة سلبية، ساخرة، تتمثل في المختار الجديد الذي لم يتعظ بمصير المختار القديم، ومرة ثانية بصورة وعظية غير مباشرة تتمثل في الفتى الشاب الذي عليه أن يتعظ بما يرى، ويستفيد من تجارب الآخرين.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدل على النهاية البائسة التي ينتهي إليها الوالي عند انتهاء ولايته، وهي بذلك تقدم عظة لكل والٍ، حتى يدرك أنه لابد ذات يوم معزول، فيحسن إلى الناس، حتى لايسيئوا إليه عند نهاية ولايته.</P>

<P dir=rtl>وعلى كل حال، فالحكاية ترتبط بشكل بدائي من أشكال الولاية، حيث لا قانون ينظم العلاقة بين المختار وأهل القرية، سواء لدى توليته أو لدى خلعه، وحين تكون ثمة قوانين ناظمة فلا شيء يحصل مما ورد في الحكاية.</P>

<P dir=rtl>والحكاية محكمة البناء، مكثفة، نهايتها مدهشة، ومفاجئة، وفيها قدر غير قليل من الذكاء، وإرسال الفتى، ولا سيما ابن الملك، في رحلة يتعرف فيها إلى البلاد والعباد عنصر متكرر في كثير من الحكايات.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الولد الذكي والشمعة

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الرجال ولدان اثنان، ربّاهما خير تربية، وعني بهما، وذات يوم أراد امتحان ذكائهما، فأعطى كل واحد منهما بعض النقود، وطلب منه أن يشتري ما يملأ به غرفة من غرف الدار.</P>

<P dir=rtl>وذهب الأول إلى السوق، وبعد طول تأمل وتفكير، وتجوال في السوق، وسؤال عن الحاجات والأسعار، رأى التبن أرخص شيء، فاشترى بكل ما أعطاه والده من نقود أكواماً من التبن، وملأ بها إحدى غرف الدار.</P>

<P dir=rtl>وذهب الثاني إلى السوق، فاشترى شمعة واحدة، ولم يدفع فيها سوى بعض ما أعطاه والده من نقود، ووفّر قدراً غير قليل.</P>

<P dir=rtl>وفي المساء رجع الأب من عمله، فرأى الأول قد ملأ إحدى الغرف بالتبن، على حين ملأ الثاني غرفة أخرى بالنور.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية تفاوت الناس في الذكاء، حتى بين أخوين نشأا في بيئة واحدة، وتلقيا تربية واحدة، مما يؤكد التفاوت والاختلاف، ويؤكد أن الذكاء موهبة، وإن كان للتربية دور في تنميته وتوجيهه.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على الفارق بين من ينفق نقوده فيما هو رخيص في سعره وتافه في قيمته، التبن مثلاً، وهو رمز لكل ما هو مادي منحط، لأنه محض غذاء للحيوان، وبين من ينفق نقوده فيما هو نافع وله قيمته الكبرى، كالشمعة، وهي رمز للنور والتضحية والمعرفة، لأنها تحترق كي تضيء، فتملأ الدنيا نوراً وهداية، وهي رفيقة طلاب العلم.</P>

<P dir=rtl>ويظهر المال في الحكاية قوة محايدة، يمكن أن يوظف فيما هو تافه حقير، كما يمكن أن يوظف فيما هو نافع، وفرق بين هذا وذاك، والقيمة ليست للمال، وإنما للإنسان، وعليه أن يحسن التصرف.</P>

<P dir=rtl>والحكاية ذات هدف تربوي، فهي تسعى إلى حض الناشئة على الاهتمام بالأسمى، والترفع عما هو مادي زائل، وهي موجزة مكثفة، واضحة الدلالة، قوية التأثير.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

الملك والمجنون

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الملوك أرق ذات ليلة، فأخذ يفكر في لذة النوم، كيف تكون؟ ولم يشأ أن يوقظ الوزير ليسأله، بل قرر أن يذهب إلى مستشفى المجانين، ليسأل أحدهم.</P>

<P dir=rtl>وفي حديقة المستشفى رأى أحد المجانين وهو غارق في التأمل، فقال: "لابد أن أجد عند هذا المجنون الجواب".</P>

<P dir=rtl>واقترب الملك من المجنون، فسأله: "متى تشعر بلذة النوم؟ "فأجاب المجنون" أشعر بلذة النوم عندما أحسّ بالنعاس، وتثقل أجفاني، ويتسرّب إليّ الخدر، فأشتهي النوم".</P>

<P dir=rtl>فقال الملك، "ولكنك ما تزال في مرحلة ما قبل النوم، فكيف يمكنك أن تشعر حقيقة بلذته؟" ففكر المجنون قليلاً، ثم قال: "أنت على حق، إنما أشعر بلذة النوم عندما أستلقي على الفراش، وأستسلم للرقاد، وأمضي في سبات عميق، مستغرقاً في النوم".</P>

<P dir=rtl>فقال له الملك: "ولكن لا يمكنك أن تشعر بلذة النوم، وأنت نائم لأن كل قواك معطلة".</P>

<P dir=rtl>دهش المجنون، وفكر قليلاً، ثم قال: "أنت على حق، وإنما أحسّ بلذة النوم عندما أصحو من النوم، ويكون صحوي هادئاً، بطيئاً، فأستيقظ، ثم أنهض، وأنا نشيط".</P>

<P dir=rtl>فقال الملك: "أنت في هذه الحالة تكون قد غادرت النوم، وأصبحت بعيداً عنه، فكيف يمكنك أن تشعر بلذته؟".</P>

<P dir=rtl>دهش المجنون: وفكر قليلاً، ثم قال: "أنت على صواب، إنما أجد لذة النوم، عندما أحرم منه، وأمتنع عنه، فأطلبه فلا أجده، وأنا قلق أرق".</P>

<P dir=rtl>فصاح الملك غاضباً: "هذا غير صحيح، كيف ذلك، وأنت محروم من النوم؟ كيف يمكنك أن تجد لذة النوم وأنت لا تجد النوم نفسه".</P>

<P dir=rtl>فصاح المجنون بالملك، وهو يبتعد عنه: "ابتعد، ابتعد عني، أنت مجنون، وتريد أن تجعلني مجنوناً مثلك". وتنبه الملك إلى كلام المجنون، ثم قال له: "حقيقة، المجنون هو أنا، لا أنت، وما أحراك أن تكون خارج هذا المستشفى، وأكون أنا داخله".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تقوم الحكاية على استيفاء حالات أربع، استناداً إلى المنطق، وهي حالات تتفاقم شيئاً فشيئاً، حتى تبلغ الذروة. كما تجعل الحكاية الحوار بين الملك والمجنون، لإظهار المفارقة، إذ من المفترض في الملك أن يكون في أقصى درجات التعقل، وأن يكون الثاني خلاف ذلك، ولكن العكس هو المتحقق.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تعبر عما كان يعيش فيه الحاكم في العصور القديمة من فراغ فكري، يدفعه إلى التفكير في قضية ذهنية مجرّدة، يوحي بها أرقه، ويعالجها بأسلوب السؤال والتفنيد، استناداً إلى المماحكة، كالسؤال عن الدجاجة والبيضة، أيهما أسبق، ولا يفكر في شيء من قضايا البلاد والعباد.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على عدم ثقة الحاكم بأحد، فهو لا يستعين بوزير أو مستشار، إنما يقصد مستشفى المجانين، الذي هو صورة خارجية عن عالمه الداخلي بل كأنه مرآة ذاته.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تنتهي بإقرار الملك بأنه مجنون، مما يؤكد أنه يعرف حقيقته، ولكنه ينكرها، ويتنكر لها، يقرّها بينه وبين نفسه، ويقرّها بمحض القول، على حين لا يعلنها، ولا يعمل بها، مما يؤكد تفرّده.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

خسرنا اليوم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كانا جارين في السوق، دكان هذا لصق دكان ذاك، وكلاهما كانا يبيعان الثياب، وهما على قدر كبير من الودّ والوفاق.</P>

<P dir=rtl>وكل يوم مساء، وقبل الانصراف، يسأل أحدهما الآخر: "كيف الحال؟"، فيجيبه: "خسرنا اليوم"، وكان هذا دأب الثاني، كلما سأله الأول السؤال، أجابه الجواب نفسه، مع أنه يرى المشترين يقبلون عليه، بل يتزاحمون.</P>

<P dir=rtl>وذات مرة، أغلق الأول دكانه عشرة أيام، عن عمد، لم يأت فيها إلى السوق، وفي اليوم الحادي عشر، فتح الدكان، وفي آخر النهار سأله جاره السؤال نفسه: "كيف الحال؟" فأجابه: "خسرنا اليوم".</P>

<P dir=rtl>وذهل الرجل لجواب جاره، وقال له: "أمرك غريب، عشرة أيام أغلقت دكاني، وتركت لك السوق كله، وأنا أرى المشترين يتزاحمون عليك، فكيف تقول: "خسرنا اليوم؟"، فأجابه جاره: "حقيقة، نحن نكسب المال، ولكننا نخسر اليوم الذي يمضي من عمرنا".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد هذه الحكاية نموذجين مختلفين الاختلاف كله للإنسان، أحدهما لا يفكر بغير المال والكسب والربح، فهو لا يرى من الحياة إلا جانباً واحداً، هو المال. والآخر يرى الحياة بغناها وسعتها وامتدادها، ومالها من قيمة، فيتألم لانقضاء اليوم، لأنه مضى من عمره، وكان فيه حبيس دكانه، وأسير البيع والشراء، ولم يحقق فيه شيئاً. فهو يرى الحياة من زاوية واسعة شاملة، على حين يراها الأول من زاوية ضيقة، فلا يدرك سوى اللحظة الراهنة.</P>

<P dir=rtl>والحكاية موفقة في اختيارها بائعين في السوق، حيث تطغى المادة، ويسيطر التفكير بالكسب، وتكاد تضيع القيم والمثل، ويكاد يغيب مثل ذلك التفكير بالحياة خارج إطار اليوم العابر والسوق الضيق.</P>

<P dir=rtl>ويبدو البائع الواعي المدرك لغنى الحياة وقيمتها نموذجاً نادراً بين تجار السوق.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الملك وصناديق الكتب

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>توفي أحد الملوك، فورثه ولده، وكان في نحو العشرين من العمر، فدعا إليه العلماء والحكماء، وطلب منهم أن يؤلفوا في تاريخ الملوك والممالك وفلسفة الحكم، حتى يتمكن من حكم البلاد والعباد.</P>

<P dir=rtl>وانصرف العلماء والحكماء إلى التأليف، فأمضوا عشرين عاماً، عادوا بعدها إلى الملك بسبعة صناديق مملوءة كتباً، فدهش الملك، وأخبرهم أنه مشغول بالحكم وليس لديه من الوقت ما يساعده على قراءة هذه الكتب، ولذلك طلب منهم أن يختصروها.</P>

<P dir=rtl>ومضى العلماء بالصناديق السبعة، وأخذوا باختصار ما وسعته من كتب، واستغرق منهم ذلك عشر سنين، وعادوا إلى الملك بثلاثة صناديق مملوءة كتباً، وكان الملك قد بلغ الخمسين من العمر، وزادت أعباء المملكة، فأخبرهم أنه ليس بوسعه قراءة ما في الصناديق الثلاثة، وطلب منهم اختصارها.</P>

<P dir=rtl>ومضى العلماء بالصناديق الثلاثة، ورجعوا إليه بعد خمس سنوات ومعهم صندوق واحد، مملوء كتباً، فقال لهم الملك: لقد بلغت الخامسة والخمسين، وحكمت ما حكمت، وتعلمت أضعاف ما ستعلمني هذه الكتب، ولم أعد بحاجة إليها.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية مركبة، تحمل دلالات كثيرة، فهي تدل على جهل أبناء الملوك، وعدم استعدادهم للملك، وعدم أهليتهم له، وهم يحكمون البلاد والعباد لا عن جدارة وأهلية واستعداد، وإنما بحكم الوراثة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على انشغال الملوك بأمور الحكم عن الثقافة والاطلاع وامتلاك المعرفة، فهم دائماً في شغل، وليس عندهم وقت، ويريدون الحكمة سهلة جاهزة مختصرة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على المفارقة الكبيرة بين الملوك الجهلة الذين يحكمون والعلماء والحكماء العالمين الذين لا يحكمون، بل يضطرون إلى العمل في خدمة الملوك وتقديم الحكمة لهم مبسطة ميسّرة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على مقولة تتلخص بأن الحياة تعلّم أكثر مما تعلم الكتب، وهي مقولة قد تصح، ولكنها لا تعني ألبتة إلغاء دور الكتب، كما قد يفهم منها أول وهلة.</P>

<P dir=rtl>والدلالة الأخيرة تبدو هي الأكثر وضوحاً في الحكاية، ولذلك تبدو الحكاية خطيرة، لأنها تصطنع التناقض بين خبرة الحياة، وثقافة الكتاب، وكأنهما على طرفي نقيض، مع أنهما في الواقع ليسا كذلك، فهما مترابطان ومتكاملان.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

شر الحاسد إذا حسد

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كانا أخوين، ولكنهما كانا في خصام دائم، دكان هذا إلى جوار دكان ذاك، وكل يوم يجتمع أهل السوق ليفضوا ما ينشأ بينهما من نزاع، هذا يقول أنت بعت أكثر مني، وذاك يقول أنت بعت الأكثر، ولا ينتهي بينهما الخصام.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم أرسل إليهما الحاكم، فمثلاً بين يديه، وقد عرف حسد كل منهما للآخر، فأراد أن ينهي هذا الخصام، فقال لهما:</P>

<P dir=rtl>"سأعطي الثاني ضعف ما سيطلب الأول"</P>

<P dir=rtl>وحارا في الأمر، وتردّدا كثيراً، ثم تقدم أحدهما، وقال للحاكم:</P>

<P dir=rtl>"أطلب أن تقلع إحدى عينيّ، لكي تقلع لأخي كلتا عينيه".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على قوة الحسد وخطورته، فهو يفرّق بين الأخ وأخيه، ويؤدي إلى إيقاع الأذى بالنفس وبالآخرين، ولا يقدر على نزعه أحد، لأنه مستقر في أعماق النفس.</P>

<P dir=rtl>والحكاية قصيرة وعناصرها قليلة وهي قوية التأثير.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

الوزير وسائس الخليل

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>يحكى أن أحد الوزراء ضجر ذات ليلة، وأحسّ بالأرق، ولم يجد من يؤانسه، أو يسلّيه، فأرسل وراء سائس الخيل في القصر، فلما مثل بين يديه، دعاه إلى ملاعبته في الشطرنج كي يتسلّى. فدهش سائس الخيل، كيف يدعوه الوزير إلى ملاعبته؟ واضطر إلى النزول عند رغبته.</P>

<P dir=rtl>وكان سائس الخيل في حالة من القلق والاضطراب، وهو بين يدي الوزير، لا يعرف كيف يلاعبه، وكان ينظر في البيادق، ويفكر، ويتأمل، ويطيل التفكير، وإذا الوزير يقول له:</P>

<P dir=rtl>- تفضل باللعب يا مولاي</P>

<P dir=rtl>فذهل السائس، واعتذر إلى الوزير، ثم حرك أحد بيادقه، ومرة أخرى عاد إلى التأمل، وطول التفكير، وإذا الوزير يقول له ثانية:</P>

<P dir=rtl>- تفضل باللعب يا مولاي</P>

<P dir=rtl>فخجل السائس، واعتذر إلى الوزير، وذكَّره بأنه محض سائس للخيل في القصر، ورجاه أن يناديه باسمه، فأجابه الوزير:</P>

<P dir=rtl>- لقد تعوّدت على مثل ذلك الخطاب، وأنا ألاعب الملك، وأخشى أن أتعوّد على خطاب آخر، فيزلّ لساني إذا ما لاعبت الملك.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تدل الحكاية على فراغ الحياة في قصور الملوك، وتحولها إلى محض مظاهر تتكرّر من غير ما صدق، وما هي إلاّ تعبيرات جاهزة يحفظها اللسان ويرددها، من غير أن تنبع من القلب.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على غياب العلاقات الإنسانية الصحيحة في قصور الملوك، إذ يضجر الوزير، ولا يجد من يؤانسه، وتظل العلاقة بينه وين سائس الخيل محض علاقة عابرة، لا عمق فيها، ولا تحمل أي شيء من القيمة الإنسانية، إذ ليس السائس سوى أداة بالنسبة إلى الوزير مثلما أن الوزير نفسه هو محض أداة بالنسبة إلى الملك.</P>

<P dir=rtl>إن الحكاية تكشف الخواء في قصور الملوك والحكام، حيث تمحى شخصية الإنسان الفردية، ويغيب استقلاله، وتنعدم كرامته، وحيث السائد هو التكرار والمظاهر الخادعة وأساليب الخطاب الجوفاء والثابتة التي لا تحمل شيئاً من صدق، فالخداع والملق والرياء هي الأمور السائدة، حتى إن المرء ليخشى أن يخرج عن مثل ذلك الإطار فيسقط.</P>

<P dir=rtl>والحكاية قصيرة، ودالة، وقوية التأثير، وجريئة في الانتقاد.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

المال الحلال

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان أحد الرجال يعمل في صناعة السروج، وكلما باع سرجاً خبأ جزءاً من ثمنه في سرج عتيق كان يضعه بجواره، وهو يريد أن يدّخر من المال ما يعينه على شيخوخته.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم ترك المحل لولده، وذهب لشراء بعض الحاجات، وفي غيابه جاء رجل وسأل الولد عن أسعار السروج، ثم عرض عليه أن يشتري منه السرج العتيق، بسعر لا يقل عن السرج الجديد إلا بقدر قليل.</P>

<P dir=rtl>ورجع الرجل إلى المحل، فأخبره الولد ببيعه السرج العتيق، وناوله ثمنه وهو فرح، فجن جنون الرجل، لأنه كان قد خبأ فيه تعب عمره.</P>

<P dir=rtl>وأخذ السرّاج يصنع السروج كعادته، وكلما غرز في السرج غرزة كان يقول: "ماراح راح، ماراح راح، ماراح راح"، والناس يمرّون به، ويسمعونه وهو يكرر ذلك، ولا يعرفون قصده.</P>

<P dir=rtl>ومرت السنون والأعوام، وإذا رجل على حصان مطهم، يقف أمامه، ويطلب سرجاً من أجود الأنواع، فأعطاه السراج أفضل ما عنده، فمنحه الرجل ثمنه، ثم رفع عن ظهره جواده سرجاً قديماً وهو يقول:</P>

<P dir=rtl>"منذ بضع سنين اشتريت من محلك هذا السرج العتيق، واليوم، وقد رزقني الله ثمن سرج جديد، فإني أترك لك هذا السرج العتيق".</P>

<P dir=rtl>ثم ناوله إياه، ومضى في حال سبيله، ونظر السراح إلى السرج العتيق، وإذا هو السرج نفسه الذي كان يخبئ فيه النقود، وأسرع إلى فتق جانبه، فرأى النقود فيه على ما كانت عليه، فسرّ بذلك أبلغ السرور، وأخذ كلما غرز في السرج غرزة يقول: "ما هو لك لك، ما هو لك لك".</P>

<P dir=rtl>والناس يمرّون به، ولا يعرفون القصد مما يقول.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد هذه الحكاية أن المال الحلال لا يضيع، وأنه لابد عائد إلى صاحبه، مهما طال الزمن، وأن على الإنسان ألا ييأس أو يقنط، بل عليه أن يعمل دائماً بجد وصبر، وأن يظل معلقاً بالأمل.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على عهد كان الإنسان يدّخر فيه المال نقداً، لما كان للمال النقد من قيمة ثابتة، ولم يكن من وسيلة للإفادة منه أو استثماره، فلا مصارف ولا مشروعات.</P>

<P dir=rtl>كما تدل على عهد كان الإنسان فيه يعمل في المجتمع وحيداً، فلا مؤسسة تحميه، أو تضمن له عيشه في شيخوخته، فكان المرء يضطر إلى إدّخـار المال، وغالباً ما كان الوقت يدرك المرء ويظل المال مخبوءاً حيث هو، ولا أحد يدري به حتى يتم العثور عليه بعد زمن مصادفة، ويقال عن المال المكتشف عندئذ إنه كنز.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ابن الحرامي

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>توفي أحد الرجال وترك لزوجته ولداً وحيداً، ولم يترك لها شيئاً تعيش عليه، فقد كان لصاً، ولم يكن يملك شيئاً، وقد صبرت زوجته عليه، وعلى حياة البؤس والفقر والشقاء، وقد آلت على نفسها أن تربي ولدها خير تربية، فلا يصبح مثل والده، لصاً.</P>

<P dir=rtl>وأخذت تلك المرأة تعمل في خدمة البيوت كي تعيل ولدها، وأرسلته إلى الكتاب كي يتعلم القراءة والكتابة، وكانت دائماً تتعهده بالعناية والرعاية، وتوصيه بالسلوك الحسن، وتعلمه مكارم الأخلاق، وتحدثه أحاديث الصدق والوفاء، وتذكره بالله والثواب والعقاب.</P>

<P dir=rtl>وكان الولد على قدر من النباهة والذكاء، وكان متفوقاً على أقرانه في الكتاب، حتى إنه كان أسرعهم إلى حفظ القرآن الكريم، وأكثرهم تقوى وورعاً، وأحبهم إلى قلب الشيخ الإمام.</P>

<P dir=rtl>ولما أتمّ تعليمه في الكتاب، سأله الشيخ عما يمكنه أن يعمل، فأجابه الشيخ الإمام أن اعمل في مهنة والدك، وأسرع الفتى إلى أمه يسألها عن مهنة أبيه، فترددت الأم، وحارت في أمرها، ثم رأت أن تصدقه القول، فأخبرته بأن والده كان لصاً، لا عمل له، سوى تسوّر الجدران، وفتح الأبواب والأقفال وسرقة البيوت، ثم لما ألح عليها في السؤال، دلته على صندوق كانت تخبئ فيه عدة أبيه، وهي سلسلة حبال، ومجموعة مفاتيح وأقفال.</P>

<P dir=rtl>ولما صار آخر الليل، حمل الفتى سلسلة الحبال، ومجموعة المفاتيح، ومضى يبحث عن دار يسرقها، حتى إذا رأى داراً معتمة لا ضوء فيها ولا نور، تسوّرها، متسلقاً الحبال، ثم نزل فناء الدار، ودخل إحدى الغرف، فرأى صندوقاً، عالج قفله ببعض ما يحمل من مفاتيح، فانفتح، فإذا هو أمام أكوام من الليرات الذهبية، فأخرجها من الصندوق، وأخذ يعدها، وجعل يوزعها مئات مئات، ثم جعل يخرج من كل مئة مقدار ما عليها من زكاة.</P>

<P dir=rtl>ثم تناهى إلى سمعه من بعيد صوت الأذان للفجر، فخرج إلى فناء الدار، فتوضأ وصلى ركعتين، ثم أخذ يؤذن للفجر، ثم جعل يقرع أبواب الغرف وينادي الناس إلى الصلاة.</P>

<P dir=rtl>فخرج إليه صاحب الدار مع أولاده ذاهلين، ولما سألوه عن أمره، أخبرهم أنه جاء يسرقهم، فلم يصدقوه وازدادوا ذهولاً، فأكد لهم، ثم قادهم إلى الغرفة، وأخبرهم بمقدار ما لديهم من مال، ومقدار ما يستحق من زكاة، ووضع بين يديهم سلسلة الحبال والمفاتيح وأكد لهم أنه تسوّر عليهم الدار بقصد السرقة، وحكى لهم حكاية الشيخ وأمه وأبيه، وأخبرهم أنه يريد أن يعمل في مهنة أبيه.</P>

<P dir=rtl>وعندئذ قدّر صاحب الدار صدق الفتى وأخلاقه، فصلّى وراءه مع أولاده، ثم أكد له أنه ليس من الضرورة أن يعمل في مهنة أبيه التي ما هي بمهنة، ثم دعاه إلى العمل عنده في مخزنه.</P>

<P dir=rtl>وعمل الفتى في مخزن الرجل مع أولاده بمثل ما ربي عليه من صدق ووفاء، وتقوى وإيمان، فكسب المال الحلال، وازداد إعجاب الرجل به، فعرض عليه الزواج من إحدى بناته، وكان له ذلك، فسعدت به أمه، وقرت عيناً، واطمأنت إلى حسن تربيتها، وعوضها الله عما لقيت مع زوجها من بؤس وفقر وشقاء.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن الأخلاق ترجع إلى التربية والتعليم والتوجيه، وليس إلى الوراثة، وكما يقال في المثل: "وردة خلفت شوكة"، ويضرب للرجل الصالح يخلف ولداً شقياً.</P>

<P dir=rtl>كما تؤكد قدرة المرأة على تربية الولد وإعداده للمستقبل خير إعداد، ولو في غياب الأب، وذلك بخلاف المثل القائل: "المرأة ربت ثوراً فما حرث"، ويضرب للمرأة لا تقدر على إعداد الولد للمستقبل، وهو ما تنفيه الحكاية.</P>

<P dir=rtl>وتؤكد الحكاية أيضاً أن العلم والصدق والأخلاق القويمة والتقوى هي جميعاً طريق الإنسان إلى الخلاص، ونفي الفساد والشرور، والانعتاق من واقع البؤس والفقر.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تدلّ من طرف خفي على مسؤولية الغني عن الفقير، لو أنه كان يخرج زكاة أمواله، ويتعرف إلى الفقراء، لما كانت السرقة ولا الجريمة.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على صدمة الشباب عندما يتم تحصيله العلمي، ويخرج إلى الحياة حاملاً علمه وثقافته، فيصدم بالواقع، حيث لا يجد ما يعمل، ولكن ينقذه من التردي في مهاوي السقوط علمه وأخلاقه القويمة وإيمانه، ويكون له بها جميعاً الخلاص.</P>

<P dir=rtl>وتدل الحكاية على دور المرأة في المجتمع وفعلها فيه وتأثيرها، فهي صانعة الأجيال وبانية المستقبل.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تحمل قدراً غير قليل من البراءة والفكاهة، وهي محكمة البناء، قوية التأثير، وتهدف إلى التربية والوعظ والتوجيه، ولعلها من إنشاء المرأة تنتصف بها لنفسها، وتؤكد مكانتها في المجتمع.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

كل يد فوقها يد أقوى

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>قدم أحد القرويين إلى المدينة، وهو يجر وراءه فرسه، وقصد إلى دكان حداد، وطلب منه حدوة لحصانه، فقدم له الحداد حدوة، أخذها الفلاح، تأمّلها قليلاً، ثم ثناها بيده، وطلب غيرها، وقدم له الحداد حدوة ثانية، ففعل بها مثلما فعل بالأولى، وقدم له ثالثة، فثناها أيضاً، وعندئذ انتقى الحداد حدوة غليظة، وناوله إياها، فحاول القروي ثنيها فلم ينجح، وعندئذ نالت رضاه.</P>

<P dir=rtl>ثم إن القروي ناول الحداد قطعة نقد معدنية ثمن الحدوة، فتناولها منه الحداد، وفركها بإصبعيه، فمحا رسومها، ثم أعادها إليه قائلاً: "نقودك هذه لا تصلح"، وناوله القروي قطعة نقد أخرى، ففعل بها الحداد مثل الأولى، وهكذا فعل ببضع قطع أخرى حتى شفى غليله منه، ثم قال: "كل يد فوقها يد أقوى".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية أن القوة نسبية، وأن كل قوي فوقه أقوى منه، وأن على المرء ألا يخدع بقوته، وأن يعامل الناس معاملة حسنة.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على الفرق بين قوتين، الأولى زراعية والأخرى صناعية، أو ريفية والأخرى مدنية، وتؤكد في الحالتين أن الثانية هي الأقوى.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

درس في الظلم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>كان لأحد الملوك ولد وحيد، وكان يتعهده بحسن التربية، ويعدّه ليرث الملك من بعده، وكان يجلب له دائماً كبار الأساتذة والمربين، ويوصيهم أن يحسنوا تعليمه وتربيته، وألا يترددوا في عقوبته إذا قصّر أو أخطأ.</P>

<P dir=rtl>وكان الولد ذكياً، وذات يوم، وبينما هو أمام أستاذه، يصغي إليه، ويحسن الإصغاء، وإذا بالأستاذ يضربه بعصا كانت في يده، من دون ذنب، فدهش الولد، واستاء كثيراً، ولكنه كظم غيظه، ولم يظهر استياءه، كما لم يخبر والده بالأمر.</P>

<P dir=rtl>ومرت الأيام، تلتها السنون والأعوام، وتوفي الملك، وورث من بعده العرش ولده، وأصبح ملكاً، يسوس البلاد والعباد.</P>

<P dir=rtl>وذات يوم ذكر أستاذه، فأرسل في طلبه، ولما مثل بين يديه، ذكّره يوم ضربه من غير ذنب اقترفه، وسأله عن سرّ ذلك؟ فأجابه الأستاذ: "لقد ضربتك ظالماً، حتى تعرف معنى الظلم، فلا تظلم أحداً".</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية تنضح بالمرارة والألم، وتدل على معاناة المظلوم، كما تدل على أن الملوك لا يعرفون طعم الظلم، لذلك لا يتورعون عن ظلم الناس.</P>

<P dir=rtl>وهي تدل على حاجة الملوك إلى إعداد وتربية قبل توليهم الملك، كما تدل على دور الأستاذ التربوي وقدرته على التأثير بفضل ذكائه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تعبر عن إحساس بالظلم من جهة، كما تعبر عن هدف تربوي من جهة ثانية، وهي مكثفة، قوية التأثير، محكمة البناء.</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

التاجر البخيل

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>أضاع أحد التجار كيس نقوده، فحزن أشد الحزن، ونصح له صحبه من التجار أن يرسل منادياً في المدينة، يعد من وجد الكيس، ويعيده إليه أن يمنحه نصف ما فيه، وتردد التاجر في الأمر، ثم لم يجد سوى ذلك من حل.</P>

<P dir=rtl>وما هي إلا ساعة حتى تقدم رجل فقير من التاجر يخبره أنه عثر على كيسه، وأنه في حوزته، ففرح التاجر، وطالبه به، ولكن الفقير طلب منه أن يمنحه نصف ما في الكيس، فرفض التاجر ذلك، وأكد أنه لن يعطيه أي شيء، فأبى الفقير أن يرد إليه الكيس.</P>

<P dir=rtl>وأسرع التاجر يشكو أمره إلى القاضي، وادعى أن في الكيس جوهرة ثمينة، وحضر الفقير، ودهش عندما سمع ادعاء التاجر، وأكد أنه لم يعثر في الكيس على غير النقود.</P>

<P dir=rtl>وسأل القاضي التاجر عن الجوهرة، ما شكلها وما حجمها وما لونها؟ فتلجلج التاجر واضطرب وهو يخترع أوصافاً لجوهرة غير موجودة، وألح القاضي على الفقير، فأقسم هذا أنه لم يجد في الكيس غير النقود، وعندئذ قال القاضي للتاجر بأن ذلك الكيس الذي عثر عليه الفقير ليس بكيسه؟ وإنما هو كيس آخر غيره، وأمر بصرف الفقير.</P>

<P dir=rtl>وندم التاجر على ما فعل، واعترف للقاضي بكذب ادعائه، ووعد أن يعطي الفقير نصف ما في الكيس إن هو ردّه إليه، ولكن القاضي رفض تصديقه، وطلب أن يحتفظ الفقير بالكيس عنده أربعين يوماً، فإن لم يجد صاحبه أصبح حلالاً له، ثم أمر بعقاب التاجر البخيل لأنه ادعى كذباً على رجل بريء.</P>

<P dir=rtl>وما كان من الرجل الفقير إلا أن ردّ الكيس إلى التاجر، ورفض أن يأخذ أي ردهم، لأنه لا يريد مال رجل بخيل مثله.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>تؤكد الحكاية بخل التاجر، وتكشف أساليبه في الكذب والغش والخداع، كما تؤكد عفة نفس الفقير وصدقه وسماحة نفسه.</P>

<P dir=rtl>والحكاية تربوية، تحث على الصدق والوفاء بالوعد والتسامح، ويرجح أن تكون من ابتكار إنسان فقير.</P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

ذكاء الحكيم

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>أرسل أحد الملوك وراء حكيم، وسأله:</P>

<P dir=rtl>"متى أموت، أيها الحكيم؟"</P>

<P dir=rtl>وحار الحكيم في الجواب، ثم فكر في الأمر، وتدبر، ورأى الملك عجوزاً شائخاً، قد أكلته العلل والأمراض، فقال له:</P>

<P dir=rtl>"تموت قبلي"</P>

<P dir=rtl>فغضب الملك، وأمر بسجن الحكيم.</P>

<P dir=rtl>وما هي إلا أشهر وأيام، حتى مات الملك، وورث من بعده ولده الملك، وكان قد سمع قول الحكيم، فأخرجه من السجن، وسأله السؤال نفسه:</P>

<P dir=rtl>وتفرّس الحكيم في وجه الملك الشاب، فرأى فيه ملامح الغضب، وأدرك أنه يضمر له الشر، وأنه على وشك قتله، فأجابه:</P>

<P dir=rtl>"تموت بعدي"</P>

<P dir=rtl>فعفا عنه، وأطلق سلاحه، وأمر بتعهده ورعايته، وأحاطه بالعناية والتكريم.</P>

تعليق:

<P dir=rtl>حكاية طريفة، تؤكد تعلّق الملوك بالحياة، وخوفهم من الموت، كما تدل على ضعف تقديرهم، وحاجتهم دائماً إلى الحكماء والعرافين.</P>

<P dir=rtl>كما تدل الحكاية على ذكاء الحكيم، وضرورة تحلّي الإنسان بالذكاء، وحسن التصرف والجواب.</P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all><BR clear=all><BR clear=all><BR clear=all></P>

المحتوى

<P dir=rtl class=MsoToc2>مقدمة............................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>مدخل............................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>التراث الشعبي.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحكاية الشعبية................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2><B><I>دهاليز.............................................. </I></B><B><I></I></B></P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عود على البدء................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بنت الجيران.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>فرش معكوس.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2><B><I>الحكايات الطويلة.................................... </I></B><B><I></I></B></P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ساقية من عسل................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>وساقية من سمن................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفتى نديم الملك................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>التاجر حسن.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عمود من الذهب................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الأخوات الثلاث................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفأرة والذهب................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حكاية الصديق................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حماة من خشب............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>علبة الأضراس............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ذكاء الزوجات................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حماة ولو من غير كنه........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الكأس والمنديل............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ثمن الذهب.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الوصية....................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الخمخوم...................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الطائر الأبيض................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>قلعة من رؤوس.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بنت الملك..................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفقير والوزير................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الغزالة........................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحلاق........................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>المال والبنون................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحظ المقسوم................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الغولة والإخوة الثلاثة........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ليلة الغنجة.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ابن الحطاب.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>شعر العجوز.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>وحصان ابن الملك............................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>قفل ومفتاح.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفعل يدل على الأصل........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>البغي الطهور................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الشقي والتقي................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عقدة الإصبع.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الزوجة الوفية................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>كل إنسان يعمل بأصله........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>صالحة........................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الضبع والشاب................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أبو عيشة..................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أمك الشمس وأبوك القمر..................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ست الحسن والمارد........................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الزيت والقرد.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الصياد والمارد................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بنت الداية..................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بنت البازركان................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الأمير حسن والغول.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>فطوم بنت الشحاذين.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الولد الأقرع.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أجير الصائغ.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>قسمة ونصيب................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حكاية الكذب.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عروس بجاموس.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أرزة وقنبر.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الملك وابن أخيه.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الشحاذ وبنت الملك........................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفقير والبئر................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ابن الملك..................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>جحا وزوجة أبيه.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بركة الذهب................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ابن الملك وبنت الراعي...................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الجمل والأخوات الثلاثة...................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أولاد الملك................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الغول والأخوات الثلاث...................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الخرزة الزرقاء............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحطاب والأفعى............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الملك وبنت الحمّامي.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حكاية مئة موال............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>غرائب الأقدار................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عصفور وجرادة.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الملك الظالم.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc1><STRONG>حكايات قصيرة............................................................... </STRONG></P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الوطنية....................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ماذا يقول الماء؟.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أنف القاضي.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الذي يسرق بيضة............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>يسرق جملاً................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>كرة من الذهب................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الغني والفقير.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>اعدل.. عدلوا................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>صديق العمر.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الصيف والشتاء............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>طفح الكيل.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>قلب الأم...................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الأخذ والعطاء................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>عيش القصور................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>قطعة من حديد................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>العسل......................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ثمن الحمام.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>في بركة القصر............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الرشح أصعب................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ابن العم....................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ديوان العسكر................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحنين إلى الأصل............................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الخوف من البرد.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الولي والفتاة.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الشقي ومحراك التنور........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بيت من الملح................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ضعاف السمع................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>العابد وزوجته................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>كل حال يزول................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>سرّ الصندوق................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>من أجل أخي................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أيام السعادة................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>وإذا سألت فاسأل الله.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>سم الأفعى.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>نصف الحصير................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>مدينة لا يدخلها غزاة.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الوالد والولد.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>التجارة........................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الأمير كلمني.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحلاوة....................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>رأس القط..................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ظواهر الأمور................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>شقة العصفور................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>البحيرة والحمار.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>للملك قرون................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحماة حين كانت كنّة......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الأخت والكنز................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>العبادة أنواع.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الديك والدجاجة............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>دقة بدقّة....................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الثعلب المحتال................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>العجائز الثلاث................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفأرات الثلاث................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>من سيعلق الجرس............................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الحِكم الثلاث.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أبو الكنافة.................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>شفتك فوق وشفتك تحت....................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الراعي والذئب............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الرشيد والبهلول.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الطبيب وبغلته................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ضربة أعمى.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>حكاية لا تنتهي................................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>بين الذهاب والإياب........................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>جرّة السمن................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الفأس الذهبية................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>كل السبب في فرخ السمك.................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>البيع بمئة والشراء بعشرين................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>مطعم الهناء................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الشجاعة...................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>فردة الحذاء................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>لقمان الحكيم.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>أشدّ الناس حمقا............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الولد الذكي والشمعة.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الملك والمجنون.............................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>خسرنا اليوم................................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الملك وصناديق الكتب........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>شر الحاسد إذا حسد........................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>الوزير وسائس الخليل........................................................ </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>المال الحلال.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ابن الحرامي.................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>كل يد فوقها يد أقوى.......................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>درس في الظلم............................................................... </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>التاجر البخيل................................................................. </P>

<P dir=rtl class=MsoToc2>ذكاء الحكيم................................................................... </P>

<P dir=rtl align=center> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

المؤلف

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>* من مواليد مدينة حلب عام 1949</P>

<P dir=rtl>* تخرّج في قسم اللغة العربية وآدابها من جامعة حلب عام 1972.</P>

<P dir=rtl>* نال الماجستير في الأدب العربي الحديث من جامعة حلب عام 1981</P>

<P dir=rtl>* حاز الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من جامعة دمشق عام 1984</P>

<P dir=rtl>* عضو اتحاد الكتاب العرب بدمشق منذ عام 1983</P>

<P dir=rtl>* عضو هيئة تحرير جريدة الأسبوع الأدبي منذ عام1996.</P>

<P dir=rtl>* رئيس قسم اللغة العربية في جامعة حلب منذ عام1998.</P>

<P dir=rtl>* أستاذ لمادة الأدب العربي الحديث في جامعة حلب</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr</P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

مؤلفاته المنشورة

<P dir=rtl>- حركة التأليف المسرحي في سورية،(دراسة):</P>

<P dir=rtl>     اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1982، 430 صفحة، قطع كبير</P>

<P dir=rtl>- يوم لرجل واحد، (مجموعة قصص قصيرة)</P>

<P dir=rtl>     اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1986، 200 صفحة، قطع وسط</P>

<P dir=rtl>- المسرحية التاريخية في المسرح العربي المعاصر،(دراسة)</P>

<P dir=rtl>     دار طلاس، دمشق 1989، 374 صفحة، قطع كبير</P>

<P dir=rtl>- حجارة أرضنا،(مجموعة قصص قصيرة)</P>

<P dir=rtl>     مطبعة عكرمة، دمشق، 1989، 109 صفحات، قطع صغير</P>

<P dir=rtl>- الكوبرا تصنع العسل، (رواية)</P>

<P dir=rtl>     دار القلم العربي، حلب، 1996، 145 صفحة، قطع كبير</P>

<P dir=rtl>- بدر الزمان، (مسرحية)</P>

<P dir=rtl>     اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1996، 335 صفحة، قطع وسط</P>

<P dir=rtl>- عريشة الياسمين، (مجموعة قصص)</P>

<P dir=rtl>     دار القلم العربي، حلب، 1996، 256 صفحة، قطع وسط</P>

<P dir=rtl>- دراسات في المسرحية العربية، (دراسة):</P>

<P dir=rtl>     مطبوعات جامعة حلب، حلب، 1997، 185 صفحة، قطع كبير</P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>rvr<BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>رقم الايداع في مكتبة الأسد - الوطنية </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl><B>حكايات شعبية </B>: قصص/ أحمد زياد محبّك -دمشق اتحاد الكتاب العرب، 1999- 768ص؛ 20سم </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>1- 3980.20956 م ح ب   ح</P>

<P dir=rtl>2- 813.01 م ح ب   ح         3- العنوان.</P>

<P dir=rtl>4- محبك </P>

<P dir=rtl><B>ع -22/1/1999                مكتبة الأسد</B></P>

<P dir=rtl align=center>r</P>

<P dir=rtl> </P>

<P><BR clear=all></P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl align=center>هذا الكتاب </P>

<P dir=rtl> </P>

<P dir=rtl>للحكاية الشعبية قيمةٌ كبيرة، فهي مادة خصبة لبحوث شعبية واجتماعية و-تاريخية وفكرية ودينية وأدبية وثقافية وإنسانية، وقد عنيت بها شعوب كثيرة، جمعاً وتوثيقاً ودراسة، وتكاد في العصر الحاضر تنسى بسبب ما استجد من وسائل الترفيه والتسلية والتعليم، ولقد كانت إلى وقتٍ غير بعيد الوسيلة الأولى لذلك كله.</P>

<P dir=rtl>وليست الغاية من تدوين هذه الحكاية إحياءها، وإنما حفظها وتوثيقها، ووضعها مادةً أمام الدارسين، فقد يتيح هذا الحفظ إمكان توظيفها في أشكالٍ جديدة ولذلك قد تبدو في بعض الحكايات عناصر أو مفاهيم أصبحت غير مناسبة لهذا العصر، ولكن هذا لا يحول دون حفظها تدويناً وتوثيقاً لما لها من أهمية وقيمة.</P>

<P dir=rtl align=center>q</P>

<P dir=rtl> </P>

<BR clear=all>

<P dir=rtl class=MsoFootnoteText><EM>(<B>[1]</B>)</EM><EM> خنيفسة: تصغير خنفساء. والطنيفسة: تصغير طنفسة، وهي السجادة. </EM></P>

<P dir=rtl class=MsoFootnoteText><EM>(<B>[2]</B>)</EM><EM> النقد: المهر.</EM></P>

<P dir=rtl class=MsoFootnoteText><EM>(<B>[3]</B>)</EM><EM> هكذا تروى، ومثلها الصفات جميعاً.</EM></P>

<P dir=rtl class=MsoFootnoteText><EM>(<B>[4]</B>)</EM><EM> عاطول باطول: عاطل عن العمل يعيش في بطالة، إمام طابور: قائد سرية من الجيش، لمّام عسكر: يجمع الجند.</EM></P>

<P dir=rtl class=MsoFootnoteText><EM>(<B>[5]</B>)</EM><EM> نوع من الحلوى الرخيصة، تصنع من السمسم.</EM></P>

Continue Reading

You'll Also Like

124K 7.6K 86
كنت معي منذ اول نبض لقلبي.ولدنا معآ ومازلنا معآ .انت لست تؤامي فحسب سعادتي هي انت إيرين .. وحياتي هي انت ليفاي الثنائى ليفاي وايرين في دور جديد لهم...
45.8K 536 12
الكاتبه : جوان 💋✨💀
10.2K 527 24
إنني لم اطلب فقد حريتي!!!
2.2M 121K 76
في وسط حقل الشوك يامن رميتني مع روحي وقلبي في الهموم اغرقتني حافيا ستعود في درب الالم ستموت ندمانا كما موتّني بقلمي✍️ الكاتبة بحر