الامير المنفي

De ZiziOmar

23.2K 1.2K 164

تدور احداث الرواية في حقبة من حقب الماضي في ارض السحر و الخيال ارض الاساطير حيث لا وجود للمستحيل { الرواية ا... Mais

مقدمة
توضيح
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
النهاية
قريباً
اعلان

الفصل الأول

3.3K 107 42
De ZiziOmar


شد إيروس على لجام حصانه و تطلع بالفرسان العشرة الذين معه انهم افضل الجنود بالجيش و قد تم تجهيزهم بأفضل الاسلحة ، انهم عبارة عن جيش صغير و رغم ذلك لم يستطع إلا ان يشعر ببعض القلق فـهم مقبلون علي تجربة خطيرة و غير مألوفة فهالين هي مملكة يلفها الكثير من الغموض و رغم انه بينها و بين اركيديا حدود مشتركة إلا انه لا توجد اي علاقة بينما او تواصل من اي نوع منذ ايام حكم جده ، لقد دخلوا حدود هالين منذ اكثر من ثلاث ساعات تقريباً و هم بحالة تائب لكل الظروف اسلحتهم معدة و لكنهم فضلوا ان يحتفظون بعنصر المفاجأة ، الضباب يلف الارجاء و النباتات المتسلقة تزيد من كثافة الغابة المظلمة التي تمتد لمسافة شاسعة .

في البداية لم يكن لديهم فكرة واضحة عن كيفية البحث فهالين مملكة كبيرة و قد يكونون كمن يبحث عن ابرة في كومة قش لكن كبير حراس جوهرة اركيديا اشار عليهم بالبداء من غابة الظلام القريبة من الحدود و قد سلمهم بلورة صغيرة احتوت على جزء صغير من طاقة جوهرة اركيديا و قد قال لهم ان البلورة ستكون كالبوصلة لهم و ترشدهم لمكان سايروس بلاك الذي ترقد بداخله قوة جوهرة اركيديا ... و ما ان توغلوا بالغابة لساعات حتى كان الحظ حليفاً لهم لدرجة انهم كادوا لا يصدقون اعينهم و هم يرون امامهم شاباً يبدو في منتصف العشرينات يرتدي معطفاً اسوداً طويلاً ، شعره الاسود مبعثر بفوضوية .

لم يحتج إيروس لزيادة توهج البلورة التي معه ليتأكد فقد تعرف علي الفور علي الشخص الذي امامهم و ان مرت السنوات لا يمكن له ان ينسي وجه شقيقه ... كانت مفاجأة يراه امامه الان لكن ما اذهلهم جميعاً بحق الطفل الذي يبدو انه لم يتجاوز الخمس سنوات المقيد بمجموعة من النباتات المتسلقة الي احدى الاشجار و هو يصرخ:- دعني ... انزلني .

لم يبدو علي سايروس الاكتراث بل اخذ يضحك باستمتاع علي محاولات الطفل اليأس للتحرر و هو يعلق بسخرية:- لا فائدة مما تفعله .

لم يحتج إيروس و من معه لأكثر من دقيقة ، هم يعرفون هدفهم لكن اولوياتهم تغيرت للوقت الراهن ، انشغل اثنان منهما بتجهيز المدفع بينما انتشر البقية ليحيطوا بـسايروس و هم يستغلون عنصر كثافة الحشاش و الاشجار لتخفى فعنصر المفاجأة هو سلاحهم الابرز ... هجم اربعة منهم علي سايروس بينما انشغل الاربعة الاخرين بقتل النباتات التي كانت تهاجمهم بشراسة لكن هجومهم سريعاُ ما تحول لدفاع عن انفسهم بينما كان الاربعة يواجهون صعوبة في الوقوف في وجه سايروس مجتمعين ، فقد بدا لهم فارساً محترفاً و هو يواجههم بسيف كبير مصنوع من معدن اسود و يستخدم الغمد لصدهم و يشير احيانا للنباتات المتسلقة كأنه يتحكم بها ، لم يكن لدي إيروس او من معه الوقت ليستفسروا كيف حصل بشري يفترض انه مثلهم علي هذه القوة ..! لذلك ابقوا امر التساؤل لوقت اخر .

توقف سايروس لثواني ليشير بيده لنباتات التي كانت تبتعد و هي تحمل الطفل الخائف ليعود و يواجه فارسان رغم انه استغرب تراجع الاثنان الاخران اللذان يقفان دون فعل شيء مما ادخل الشك في نفسه لكنه لم يكن ليسمح لنفسه بالتهاون امام من يواجههم الان ، استوعب متأخراً تراجعهم لكن لم يكن لدي الكثير من الوقت ليتجنب الشعاع الناري الذي يتجه اليه ، كل ما استطاع فعله هو محاولة التصدي له بسيفه لعله يوقف الهجوم ، تلقى الضربة مباشرتاً ليندفع للخلف بقوة و يصطدم بمجموعة من الاشجار و يسقط ارضاً .. ايقن إيروس انها فرصته فـسايروس بدأ شبه غائب عن الوعى ، اخرج الخنجر المسموم و اخذ بالاقتراب منه بحذر لكنه تراجع بسرعه و هو يرى النباتات تشكل حاجزاً بينهم و بينه و رغم انه حاول قطعها لكنها كانت تزداد كثافة ففضل الانسحاب الان فقد بدأت العديد من الاصوات تقترب منهم و الاهم انه قد استطاع الفرسان الاربعة الاخرين انقاذ الطفل و ليأجلوا مهمتهم الرئيسية لأجل غير مسمي .

***

- اريد ان تجدوهم حالاً .

ارتفع صوت سايروس و هو يصرخ بينما الغضب يشع من عينيه ذات اللون الاخضر الزمردي ، كانت هناك مجموعة من الكائنات الاشبه بالظلال تحلق حوله تدخل و تخرج من القاعة التي كان بها بينما استمر هو بالنظر الي بلورة سحرية كبيرة .

اقترب منه عجوز غزت التجاعيد وجه و لحية طويلة مخفية معظم ملامح وجهه وهو يستند علي صولجان ليقول:- عليك ان تهدأ لأجل ان تفكر جيداً .

حاول سايروس كتم غضبه و هو يصير علي اسنانه بحقد:- لا اصدق كيف سمحت لذلك بأن يحدث ، لقد اخذوه امام عيني ..؟ .

اشار العجوز بصولجانه الي البلورة ليتغير لونها و ينتشر حولها ضباب اسود ليقول:- لقد تمت تغطية كل شبر من حدود هالين لن يدخل او يخرج احد إلا بعلمي و الباقي عليك ، هل علمت ايلير بالأمر ..؟ .

و قبل ان يجد سايروس وقتاً للإجابة هبت رياح قوية فتحت ابواب القاعة بعنف لتدخل فتاة شابة كانت ترتفع عن الارض عدت امتار بينما يديها تثيران الأعاصير بالمكان ، كانت عواصفها تطيح بكل ما بالمكان و تبعثر الاشياء ... سأل العجوز بعتاب حالما لمحها:- هل تريدان ان اجهز الجيش ..؟ .

هبطت الفتاة قربهما لتقول بغضب:- ابي .

وجه العجوز نظرة عتاب الي ابنته و اشار لها بعينيه لتنبه حينيها لحالة سايروس المزرية و الغبار و الاتربة التي تملا ملابسه و الخدوش التي بوجهه لكن ما اثار قلقها اكثر خيط الدماء الجافة في رأسه ... اجفلت عيني سايروس بشيء من الألم حين لامست اناملها الجرح الذي علي جبينه ليقرا القلق في عينيها ليطمأنها:- لا تقلقي انا بخير ساجدهم ولو اضطررت للبحث بكل شبر في هالين و سأستعيده....

قاطعه اضاءت البلورة فجأة و بدأ لون الدخان الذي بداخلها بالتغير ليقول سايروس:- اخيراً وجدتهم .

سار بخطي سريعة لخارج القاعة ، ظل يجوب الاروقة الخالية و الشر يتطاير من عينيه سيقتلهم جميعاً سيجعلهم يذوقون العذاب قبل ان يمنحهم ميتة بطيئة ، لم يوقف افكار السوداء سوى صوت انثوي خلفه .

- انتظر سآتي معك .

راقبها و هي تقترب منه مسرعة لتقف امامه لكنه بادر بالقول:- لا ياعزيزتي الامر خطر انهم مسلحون بأسلحة غير عادية .

- لكن انا قوية .

هو يشهد علي قوتها لكنه لن يخاطر فاين كان السلاح الذي استعملوه معه إلا انه يعترف انه لازال يعاني من عدم الاستقرار بقوته بعد اصابته به لكن ذلك لن يثنيه عن مواجهتهم و لن يسمح لاحد غيره بمحاسبتهم ليقول بصوت جاد:- ثقي بي سأعود قريباً .

راقبته و هو يبتعد بقلب واثق به و بقدراته بينما العزم يتقد من عينيها فـليست هي من يتم تنحيتها لتنادي:- فيرا استعدي .

ظهرت العديد من الظلال اخترقت الجدران لتبقي تدور حولها .

***

- بحق السماء ليخرسه احدكم .

هتف احد الفرسان بحنق بينما حك إيروس رقبته بتوتر فهذا الطفل لم يتوقف عن البكاء رغم كل محاولتهم معه ، لم يستطيعوا اسكاته او تخفيف خوفه منهم .. ليقول بابتسامة لطيفة:- ارجوك اهدأ سنعيدك لوالديك ، ما هو اسمك ياصغير ..؟ .

لكن حتي هذه المحاولة لم تفلح ليعود إيروس ليقول موجهاً حديثه للفرسان:- ليون تولي امر اخراج الطفل من هالين بينما سنكمل نحن مهمتنا الرئيسية .

اندفع ليون معترضاً بسرعة:- انا فارس و لست جليسة اطفال كيف تتوقع مني الاهتمام به و هو لم يصمت لثانية واحدة منذ انقذناه .

- ما الذي تظنون ان سايروس يريده بهذا الطفل البكاء .

- ربما سيستعمله لأجل طقوس سحرية فهو يمتلك قوة غريبة لابد انه يستعمل السحر الأسود فلا شيء اخر يفسر صموده في هالين كل هذه السنوات.

- علينا الان ايجاد خطة بديلة لمواجهة سايروس بعد ان فقدنا عنصر المفاجأة لابد انه سيأخذ احتياطاته الان .

كان إيروس يستمع لنقاش الجنود و مع ذلك هو ليس نادماً علي فشل محاولتهم الاولي لأجل انقاذ ذلك الطفل لكن ينتابه شعوراً غريب حين ينظر الي عيني الطفل الزمرديتان كأنهما مألوفتان لديه او تذكرانه بشخص ما .

انتبه للضباب الذي يزداد كثافة و الظلال التي بدأت تنتشر من حولهم ليشهر سيفه و هو يقول بجدية:- استعدوا، اننا نتعرض لهجوم .

من خلال الضباب ظهر لهم سايروس مشهراً سيفه و الغضب يحتل ملامحه و العديد من الظلال تحلق حوله ليتقدم سايروس و هو يقودهم حاملاً سيفه الاسود و سريعا ما اشتبك الطرفان ، كان إيروس و من معه في وضع صعب فهذه الظلال لا يمكنهم مهاجمتها بسيوفهم و لا وقت لديهم لتجهيز اسلحتهم الثقيلة ، ان الظلال تحاصرهم من كل الجهات و لا يستطيعون هزيمتها بسيوفهم فقط ، اما سايروس فقد كان يواجه اثنان من الجنود و احياناً ثلاثة بكل سهولة كأنه يتسلى قبل ان يطيح بهم .

انتبه إيروس لاحد الظلال التي حملت الطفل و بدا بالطيران به بعيد و بالتأكيد لم يكن سيسمح ذلك ، اخرج الخنجر المسموم و هو يدعو ان تكون كلمات والدته صحيحه و ان الخنجر يؤثر فعلاً علي مخلوقات هالين .. اندفع بسرعة بتجاه الظل ليطعنه بكل قوته و قد نجح الامر فالظل يبدو انه يتألم و بدأ بالتذبذب و التشكل علي هيئة فتاة كاد يظن انها من البشر لولا شعرها الفضي و اذانها المدببتان .

رمي سايروس ما بين يديه و اسرع لالتقاطها قبل ان تسقط علي الارض و هو يصرخ بذعر:- ايلير .

تراجع إيروس مصدوماً مما يحدث ، شقيقه الذي يحتضن الفتاة و هو يبدو منهاراً و الطفل الذي يبكي بجانبه منادياً امي .

لم يستطع عقله ان يقدم تفسيراً منطقياً لما يحدث امامه و حاول ان ينفي بشتي الطرق صورة العائلة التي تشكلت امامه لكن يقينه يزداد كلما نظر الي عيني الطفل فهما نسخة طبق الاصل عن عيني شقيقه ، كان إيروس شبه واعي لما يحدث حوله فقد ظلت عيناه مثبتتان علي تلك العائلة غافلاً عن الظلال و النباتات التي اطاحت به و قيدته هو و جنوده و اقتادتهم بعيداً حتي غاب عنه كل شيء .

***

لم يكونوا يعرفون اين هم تحديداً فقد تم بطريقة ما نقلهم خارج الغابة الي هذا المبني الذي يجهلون موقعه ، كانوا في قاعة كبيرة تحتوي علي نقوش غريبة تحيطهم بهم هالة من الظلام تجعلهم بالكاد يرون الجدران الشيء الوحيد الظاهر لهم هو العرش الذي علي منصة مرتفعة عن سطح الارض و يجلس عليه رجل عجوز مغمض العينين و قد كان ساكناً كأنه نائم ، و هذا ما زاد من غضب فرسان اركيديا و زاد الضغط علي اعصابهم .. ليصرخ احد الفرسان:- ايها العجوز استيقظ و فك وثاقنا .

لكن العجوز ظل علي حاله ليستمر تذمر الفرسان قبل ان يقاطعهم فتح البوابة الضخمة ليدخل منها سايروس الذي ظل يتقدم حتي وصل الي جانب العجوز .

- كيف حال ايلير ..؟.

انتبه الجميع للصوت الذي صدر من العجوز ليجيبه سايروس:- انها بخير لم تكن اصابتها خطيرة و قد اختفي كل اثر للسم بعد أن عالجتها .

انهي كلماته ليتقدم من إيروس و جذبه من ياقة قميصه بعنف و صرخ في وجهه:- ايها الوغد .

تدخل العجوز قائلاً بهدوء:- سايروس اهدأ لا شيء يحل بالغضب .

عقد إيروس حاجبيه عاجزاً عن فهم الوضع لكنه قال بضيق:- انا قائد هؤلاء الفرسان و انا متأكد من وجود سوء تفاهم .

افلته سايروس و هو يدفعه اتجاه بقية الفرسان معلقاً بسخرية:- انا فعلا ارغب بسماع تفسيرك لسوء الفهم هذا .

اشار العجوز بيده لتفك القيود عن جميع الفرسان ليصرخ احدهم و هو يشهر سيفه في وجه العجوز:- اسمعني جيداً ياهذا نحن مبعوثون باسم ملك اركيديا لقتل الامير المنفي سايروس بلاك.

خلال ثواني احاطت قوة مغناطسية بذلك الجندي لتجذبه للأرض حتي كاد يلتحم معها وتتحطم عظامه ليأتيهم صوت احد الظلال التي اخترقت الجدران:- اظهروا احترامكم انتم في حضرة فرانز ايزنهايم ازرال ملك مملكة هالين .

ابتلع إيروس ريقه فالوضع يبدو انه يزداد تعقيداً و كأنهم بحاجة لهذا ، كيف انتهي بهم الامر امام ملك هالين ثم ما الذي يفعله شقيقه هنا معه ..؟! اسئلة محيرة لكنه يدرك ان العشر سنوات التي نفي فيها سايروس ليست بالفترة القليلة .

اخذ فرانز يمسح لحيته و هو يقول:- دعني افهم الامر جيداً هاجمتم زوج ابنتي و اختطفتم حفيدي و حاولتم قتل ابنتي و الان تعربون عن نيتكم الواضحة في قتل مستشاري الاول و صهري ، اين سوء التفاهم الذي تتحدث عنه ..؟! .

اعتلت الصدمة وجهه إيروس و من معه و لم يستطيعوا استيعاب ما سمعوه فكيف يمكن ان يكون سايروس زوج لابنة ملك هالين ..؟! فهذا امر لم يتوقعوه و لم يكن ابداً ضمن حساباتهم .

تجاهل سايروس تعابيرهم المصدومة ليقطب حاجبيه محاولاً تذكر لما يبدو وجه هذا الشخص الذي يقودهم مألوف ..؟! اخذ دقائق و هو يحاول اعتصار ذاكرته و سريعاً ما اعتلت الصدمة وجه و تراجع خطوة للخلف ، لم يكن عقله يستوعب كيف يمكن لهذا ان يحدث او لما هذا الشخص هنا ..؟! و حالما حاول قول شيء اندفعت رياح قوية فتحت البوابة علي مصرعيها لتدخل ايلير و اعاصيرها باندفاع لكنها وقفت بهدوء ظاهري بجانب سايروس و هي توجه نظرات حادة الي إيروس تحديداً كأنها مستعدة للانقضاض عليه و تمزيقه .

مما جعل إيروس يبتلع ريقه متعجباً هو و من معه فهذه الفتاة التي تستطيع اثارة الرياح بمجرد تحريك يديها ... ما ان استوعب سايروس صدمته حتي حاول ان يجمع افكاره المتشتتة و عليه تدارك الموقف فهو يقف بين زوجته الغاضبة وشقيقه الذي لم يره منذ عشر سنوات ، تساؤلات كثيرة تزاحمت في عقله لكن ظل السؤال الابرز ، لماذا يأتي شقيقه بعد كل هذه المدة من نفيه ليهاجمه و يحاول قتل زوجته و اختطاف ابنه ..؟! ألا يكفي كل الألم الذي تلقاه من والده و اركيديا .

تقدمت ايلير باتجاههم و الشر يتطاير من عينيها و هي تركز علي إيروس ليتقدم سايروس بسرعة:- انتظري لازلنا لم نفهم الوضع جيداً .

صرخت ايلير بعصبية:- عن ماذا تتحدث يجب ان يقتلوا جميعاً .

- الامر اكثر تعقيداً مما تظنين .

- لا اهتم سأقتلهم جميعاً .

- لن يحصل ذلك .

لهجة سايروس كانت حادة كأنه لا نقاش في الامر لتتجمع الدموع في عيني ايلير لكنها لم تسمح لها بالهطول لتخرج من القاعة كما دخلت عاصفة تطيح بكل ما امامها و غضبها ظاهر للجميع .

تنهد سايروس بيأس ليقول فرانز:- لا يجب ان تتشاجرا انت تعرف طباعها الصعبة .

دلك جبينه محاولاً تهدئة اعصابه فهو لم يقصد ان يصرخ في وجهها ثم انه عليه مراعاة ما عانته و خوفها بعد ما حدث مؤخراً ... اعطي نظرة اخيرة الي شقيقه و من معه قبل ان يخرج و يتبعها املاً ان يستطيع تهدئتها .

***

وصل الي الرواق الذي يحوى غرفتهما ليلاحظ التوتر السائد بين الخدم المجتمعين بالخارج بينما اصوت قوية من داخل الغرفة ، اشار للخدم بأن ينصرفوا بينما ابتلع ريقه و هو يحاول الحفاظ علي اعصابه ، لم يفكر بطرق الباب فهو ليس احمقاً ليكشف وجوده دخل الي الغرفة ليجد الاعاصير تعيث فوضى بها ، و كم كان ممتناً انه طلب ان يتم تثيبت الاثاث بالأرض و إلا لما صمد شيء في مكانه امام قوتها ، اخذ يقترب منها بحذر و هو يحاول تفادي كل الاشياء التي تطير من حوله .

كانت تطفو في الهواء فوق السرير معطيتاً اياه بظهرها و لم يبدو انها انتبهت له و حين لم يفصل بينهما سوى امتار ندائها:- حبيبتي .

التفت اليه ليأتيه صوتها الغاضب صادحاً:- من حبيبتك..؟ لقد اهنتني امامهم و لم تسمح لي بفعل ما اريد .

تفادا باللحظة الاخيرة المزهرية التي كاد تصيب راسه و حين صار قريباً منها قفز باتجاهها ليسقطا كلاهما علي السرير ، رسم ابتسم خفيفة و هو يرها تحاول التحرر بعد ان ثبتها بيديه لكنها لم تستطع فأشاحت بوجهها محاولة اخفاء دموعها فهي لا تريد ان تبدو ضعيفة امامه إلا انها فشلت ليبدأ بمسح دموعها بأصابعه ليقول برقة:- انتِ تعلمين كم احبك .

حاولت الحفاظ علي ثبات صوتها وهي تقول بنبرة باكية:- لقد كنت خائفة من ان اخسرك او اخسر اليوت لن اسمح لأي شيء يهددكما بأن يبقي في هذه الحياة .

ضمها اليه و اخذ يمرر يده في شعرها الفضي و هو يقول:- لا تغضبي مني يا اميرة قلبي انا افهم خوفك لكن ثقي بي لن اسمح لأي شيء بأن يبكي عينيكِ .

ابعدته لتهرب من بين يديه لتجلس امام الطاولة الزينة و تمسك بالفرشاة لتبدا بتسريح شعرها المستل علي كتفيها و هي تقول بمرح:- انا غاضبه منك و عليك فعل اكثر من هذا كي اسامحك .

استرخي علي السرير و هو يدرك ان المشكلة التي بينهما قد حلت لينظر اليها بحب:- انتِ و اليوت شمس حياتي و سعادتي لا يمكنني تخيل حياتي بدونكما .

نهض من السرير و هو يتجه اليها و امسك كلتا يديها ليطبع قبلة عليهما قائلاً:- لدي بعض الاعمال سأنجزها و اعود اليك حبيبتي .

خرج من الغرفة ليتركها في حيرة من الحزن و الانكسار الذي لمحته في عينيه لكنها اتخذت قرارها لن تدعه ينام هذه الليلة في سلام ما لم تعرف سبب حزنه .

***

تململ راسها علي الوسادة التي تناثر شعرها عليها ، استيقظت من نومها لتجد السرير فارغ لقد حاولت البقاء صاحية الليلة الماضية ليغلبها النعاس و تغفو قبل ان يعود زوجها ... كانت ايلير تعد الساعات و الدقائق منتظرة عودته الي غرفتهما لتقنعه انها لا يمكن ان تغضب منه و تثبت له انها تثق به ليتخذ القرار المناسب بشأن البشر الذين اختطفوا ابنهما ... كانت تشعر بوخز في قلبها ينبئها بأن هناك امر سيء سيحدث لكنها لم تدري ما هو ..؟! تملكها الحزن و كادت ان ترمي رأسها علي الوسادة و تبدأ بالبكاء فقد مضت سنوات منذ شعرت بالهجر و الوحدة ... لكنها ظلت تذكر نفسها بأنها قوية و زوجها يحبها و لن يؤثر خلافهما بالأمس في علاقتهما رغم انها لم تفهم ردة فعله الغريبة ..! .

انتهت من روتينها الصباحي سريعاً بمساعدة مرافقتها فيرا و خرجت من الغرفة و هي عازمة علي الذهاب الي زوجها لتسير خلال الاروقة و هي تتأمل صفاء السماء من خلال النوافذ .

انتبهت ان هناك شخص يجلس على حافة النافورة و ما ان ميزة هويته حتي احست بالاطمئنان و شيء من السعادة ... تقدمت اليه و رغم استغرابها لثواني من وجوده ساكناً مغمض العينين كأنه نائم ، إلا أنها اسرعت لتقف امامه و تقول بانفعال:- كريس ان سايروس لم يعد الي غرفتنا مع انه وعدني انه سيعود ..!.

لم تتغير ملامح كريس الجامدة و لم يتعب نفسه بفتح عينيه حتي و هو يجيبها:- لما اتيتي الي و انتِ تعرفين انه في مكتبه ..؟ ثم ان حل مشاكلك الزوجية ليس ضمن تخصصاتي .

فترت حماستها و قطبت حاجبيها الدقيقين في ضيق واضح فلم تكن هذه هي الاجابة التي ترجوها فقد كانت تتوقع ان ينزل عليها بحل ما ولو اته به من السماء رغم أنه اعرب مراراً عن عدم رغبته في التدخل امور علاقتها بزوجها لكنها تحتاج الى تدخله الان انها حالة خاصة مما جعلها تبرر بتوتر:- لقد حاول احدهم قتلي و هاجموا سايروس و اختطفوا اليوت لكنك لم تكن موجوداً.

فتح كريس عينيه الحادتان التان تنافسان الرماد في قتامته ليقول بجدية:- سايروس قادر على الاهتمام بنفسه ثم انكِ تثقين بي صحيح و تعرفين اني سأكون حولك دائماً حتى ان لم ابدو كذلك .

اومأت موافقة بتلقائية فالثقة التي تراها في عينيه الرماديتين تجعلنها مستعدة لتجاهل كل استفساراتها و اسئلتها لتستمع اليه و هو يكمل:- كل ما استطيع اخبارك به ان ماضي سايروس عاد ليطارده و الشخص الذي كان يحاول قتلك هو شقيقه الأصغر من جهة والده و يبدو ان هناك بعض المشاكل في اركيديا و لها علاقة بسايروس.

اتسعت عيناها و اخذت تهز رأسها غير قادرة علي التصديق لقد كانت اركيديا صفحة و انطوت منذ زمن في حياة سايروس فما الذي يريدونه منه الان بعد مرور كل هذه السنوات و الاسواء انهم يريدون إيذائه تمتمت بصوت خافت:- ماذا على ان افعل ..؟ .

رمقها بصرامة و هو يقول بحزم:- لست انا من سأعلمك كيف تحافظين علي زوجك و والد ابنك.

كلماته جعلتها تقبض علي يديها بعزم لتلتفت مغادرة بسرعة بينما ظل كريس يراقبها حتى اختفت عن مرمى البصر مذكراً نفسه انه لا يجب ان يفعل شيء و كالعادة لن يتدخل في قراراتهما المتناقضة الي ان يتفق الاثنان على راي واحد ... لم يكن كريس يوماً شخص يتردد عند اتخاذ قراراته او ينتظر راي احد قبل ان ينفذ ما يريده لكن الرسالة التي وصلته من سايروس تطلب منه عدم التدخل الان و يعده بتفاصيل اكثر قريباً تجعله يفكر مرتين قبل ان يتصرف شخصياً لكن هذا لا يعني ان ايلير لا يمكنها ان تتصرف.

خلال ثواني تحول دخان اسود و اختفي مقرراً اللحاق بأميرته و مراقبتها عن قرب فهذا هو عمله ، ان يكون ظلاً لها .

***

لم يستطع الوفاء بوعده فقد ظل طول الليل حبيس مكتبه الي ان باغته شروق شمس اليوم التالي ، فقد كان يحتاج للهدوء ليعيد الثبات الي نفسه ، في البداية دهش و فقد تركيزه حين هاجمه مجموعة من البشر في الغابة لكن رؤية شقيقه بعد كل هذه السنوات زلزلت كيانه و جعلته مشتتاً لكن ظل متمسكاً بالحقيقة الوحيد الثابتة في حياته هو زوج و اب جيد ، لا اهمية لأي شيء اخر ، لديه عائلة يحبها و حياة سعيدة ، عليه دفن الماضي و التخلص من تلك الذكريات فكل شيء مثالي بطريقة خيالية ، اذاً لماذا يشعر بالألم في قلبه كلما نظر الي عيني شقيقه ..؟ هل لانهما تذكرنه باخر لقاء له بوالده الذي اكتفى بإعطائه نظرة حملت خيبة الامل به و الغضب قبل ان يصدر قرار نفيه بطريقة مذلة خارج اركيديا .

عادت اليه الذكريات الأليمة دفعة واحدة لتذكره بأصله و ماضيه و بالأخص حياته السابقة .

لم يكن سايروس سوى طفل تائه ، ماتت والدته اثناء والدته اما والده فهو الملك كارلاين ملك مملكة اركيديا بأكملها و طبعاً لديه من الاشغال ما يمنعه من رؤية ابنه لأكثر من اسبوع احياناً ، نشأ بين المربيات و الخدم الذين كان يتم تغيرهم كل حين فلم يسعفه الوقت ليتعلق قلبه بأحد و قبل ان يتدارك الظروف تزوج والده من احدى النبيلات اثر اقتراح مجلس المستشارين ان اركيديا تحتاج الي ملكة لقد احاول ان يتعامل بلطف مع زوجة ابيه لعلها تعامله بلطف ايضا لكنه لم يفهم الملكة ادوريا يوماً لقد كانت دائماً جامدة الوجه و باردة و مشغولة بمهامها الملكية و لم يغير وجودها من حاله شيئاً لكنه سعد من قلبه حين علم انه صار لديه شقيق من والده حتي ان لم يكن يحظى بوقت يمضيه مع إيروس فقد كانت الملكة تتعذر دائماً بأن إيروس نائم او مشغول بدروسه و هذه هي الحجة التي ظل يسمعها منذ تعلم إيروس المشي .

لكنه لا يمكنه ان يخفي سعادته من اللحظات العائلية التي كانت تحدث بين الملك و زوجته و ابنه إيروس رغم شعور الضيق الذي كان يختلج صدره فقد كانوا يتعاملون معه كأنه غير موجود ، كأنه لم يكن جزء من تلك العائلة .

حين بلغ العاشرة بدأ بالتدرب علي حمل السيف و المبارزة و بين الفرسان و الجنود امضي خمس سنوات ، وجد فيها ذاته ، كان يتعامل معهم كأصدقاء و ليس كأمير لقد كان يمضي كل وقته في مقر الفيلق يتدرب حتي بات يعده بيته الثاني .

لكنه لن ينسي تلك الليلة التي قلبت حياته راساً علي عقب ، انه يذكرها جيداً كان قد تدرب لوقت متأخر فقرر النوم في غرفته بمقر الفيلق ليستيقظ بذعر حين اقتحم الحرس الملكي غرفته كان مذهولاً و هو يراهم يقبضون عليه بتهمة محاولة تسميم الملك و يخرجون من خزانته اوراق و خطط لانقلاب عسكري ، صدم ما يردده الجميع حوله و كيف يتهمونه بالانقلاب علي والده و محاولة قتله ..! .

محاكمته كانت عبارة عن مهزلة كادت تدفعه للضحك بهستيريا لولا ان مصيره متوقف عليها ، استمع لساعه الي مجموعة من الشهود اعترفوا ضده و حتي افراد من الفيلق اعترفوا انه كان يحرضهم لانقلاب علي حكم الملك لكن الطعنة الأقسى التي تلقاها كانت من شريكه و رفيقه بالتدريب حين اعترف ان سايروس كان يسعي لانقلاب علي حكم والده و يقتله ليستولي علي حكم اركيديا ، حاول ان ينفي اتهاماتهم لكن لا احد صدقه و لم يتقدم شخصا واحد للوقوف معه و الدفاع عنه ، الجميع كانوا ضده حتي والده لم يصدقه بل اصدر بكل قسوة حكم نفيه و لم يعطه فرصة ليثبت براءته او حتي محاولة ذلك ، رمي في زنزانة تحت القصر لمدة يومين دون طعام او ماء ظل يصرخ انه برئ لكن لا احد استمع اليه و الحراس لم يلتفتوا اليه حتي بقي يحدث الجدران و كاد ينهار و يصاب بالجنون .. اخرج بعدها بعربة كالقفص مرت من خلال شوارع اركيديا و كان الناس الغاضبين يشتمونه و يرمونه بالحجارة حتي ادمته ، رموه خارج الحدود ، قرب احدى غابات هالين ، لم يكن لديه القوة للوقوف بالكاد جر نفسه ليجلس تحت شجرة قريبة ، حلقه جاف كصحراء قاحلة ، جسده ينزف من جروح متفرقه و الضعف يجتاحه .. لكن ذلك كان اخر اهتماماته و هو يرى مجموعة من الكائنات الشفافة الشبيه بالأشباح تحوم حوله ، لم يكن يمتلك القوة لدفاع عن نفسه و عينيه بالكاد يبقيهما مفتوحتان ، بدأت الاشباح باختراق جسده و المرور من خلاله ، كان الألم شديداً حتي شعر ان روحه تكاد تخرج في كل مرة ، ايقن ان هذه هي نهايته انه يحتضر ببطء ... بدأ بإغماض عينيه تدريجياً باستسلام و خيل اليه ظل رجل عجوز يقترب منه ، ظن في البداية انه يتخيل ذلك لولا الصوت الذي وصل لمسامعه .

- ألم يجد جنود اركيديا اين يرمون الخونة إلا هنا ..؟! .

اشتعل القهر و الغضب بداخله و ظل يسأل كيف ..؟ و لماذا حدث له كل هذا ..؟ لم يدري من اين اتته القوة في تلك اللحظة حتي وقف علي قدميه صارخاً باعلي صوته:- لست خائناً .

و سريعاً ما انهار ليسقط ارضاً و يفقد الواعي لم يدري كم من الوقت مر عليه او ان كان بين الاحياء او الاموات و رغم انه لم يستطع الحركة او فتح عينيه لكن بقية حواسه ظلت تعمل لتنبأه بالحركة التي حوله و الاصوات التي لم يستطع تميز شيء منها .

- هل طردتك ايلير من الغرفة ..؟! .

استفاق سايروس من شروده و ذكرياته ليرفع راسه بسرعة علي سؤال عمه المتعجب و يرسم ابتسامة صغيرة و هو يجيب:- لا ياعمي لقد تصالحنا ، فقط احتاج لبعض الوقت لأنجز بعض الاعمال .

قال كلماته و هو يقوم بجمع الاوراق المتناثرة علي مكتبه بتوتر لم يخفي عن فرانز الذي عاد ليسأل:- هل انت حزين بسبب رؤية شقيقك ..؟ .

لم يملك سايروس اجابة فعلية ففضل الصمت ليعود فرانز ليقول:- سامح ابنتي فقلبها يعمي عينيها و دائماً تتبع مشاعرها قبل عقلها .

اخرج سايروس تنهيدة عميقة ليسترخي علي كرسيه و يقول بشرود:- ان قلبها صادق و هي تعرف ما الذي تريده دائماً ، انا فقط من لا اعرف ماذا اصابني ..؟ لقد عادت لي الذكرات دفعة واحدة .

- لا تدع الماضي و الذكريات تمزقك كن واثقاً بنفسك ، نحن عائلتك الان و سنكون حولك دائماً .

كلمات عمه لطالما ادخلت الدفيء لقلبه لكنها لم تستطع محو الطعنة التي تلقها في صدره من والده الذي اتهمه بالخيانة العظمي و التآمر لقتل الملك و الان بعد ان نفاه لسنوات طويلة ارسل شقيقه ليقتله و كادوا ان يقتلوا زوجته و يأخذوا ابنه منه .

- اذهب لرؤية شقيقك حاول الحديث معه و توضيح الماضي .

ختم فرانز كلماته بابتسامة مشجعة قبل ان يخرج من الغرفة .


***

Continue lendo

Você também vai gostar

2.4K 357 65
هل يجب على البشر إتباع ما يملى عليهم فقط ؟ هل ستملى عدالة من هم أعلى مرتبة منا علينا ؟ ماذا لو كانت خاطئة ؟ ماذا لو كانت تؤدي بنا إلى الهاوية ؟ فلسف...
233K 20.5K 98
عامان كاملان لم يعشهما غيره! حبيبة رقيقة لا يعرفها احد سواه! قالوا له هلوسات ولكن هل للهلوسة ان تترك في يده مايراه الجميع؟! قصة تدور بين الواقع وال...
65.9K 3.6K 28
تم نبذي من قبل الجميع ونعتي بالقاتلة، كنت فقط طفله ابحث عن الحب من عائلتي، عدت لعالمي لانقاذ الاشخاص الذين نبذوني . رحلة ساحرة الظلال السوداء بين الع...
26.9K 1.3K 10
إنها بشريه أو هاذا ماكانت تظنه إلا عندما أكتشفت قوتها بيوم من الأيام ياترى من رفيقها....... قطعه من القصه...: وعندما اقترب منا شممت رائحته المهدئه لأ...