دون تفكير أو تخطيط مسبق حجزت لي مقعدا بالقطار كم انتابني شعور الخجل من نفسي لوهلة وانا ابصر وراء نوافذ القطار اعمدة الاضاءة تتراجع للخلف وتتلاحق فيتلاحق شريط ذكراياتي هو الآخر، داهمني رعب الشهور الماضية وقضى هذا الاخير على كل ذرة خجل اشعرتني بحقارتي سابقا
"ما كنت تستحق كل ذلك يا حاتم!" كانت تتكرر العبارة برأسي مع كل دورة من دورات عجلات القطار
مرت ساعة تقريبا منذ بدء الرحلة ،الرحلة التي لا اعرف اين تنتهي
كان علي أن أسأل وقت شراء التذكرة لكن هناك مواقف لا تستطيع أن تسال فيها نفسك عن ماذا تريد وماذا تنوي ؟
مدفوع الى الهرب حتى لو كان القطار يؤدي إلى هاوية السيل ،فم التمساح ...إلى الجحيم!
ماكنت استطيع البقاء
تذكرت الشيخ فاتح حين وجدته بالمحطة ينتظر متى يقلع القطار سألته عن السبب الذي دفعه للسفر؟
تدافعت كلماته لاذني "اريد ان ارى البحر..ابحث عن نفسي، انظر اليَّ واقضي على جميع اموالي، لا اريد ان ابقي منها فرنكا واحدا "
اما حين اعلمته ببحث ابناءه عنه اكتفى بتصحيح قولي " بل اعدائي "
ومنذ ذلك النهار لم ارَ و الحي وجه الشيخ فاتح
لا فرق بيني وبين الشيخ فاتح الا اني اهرب قبل أن ينبت لي اعداء
اخذت دفتر الرسم وقلم رصاص من جيب معطفي الذي كان اشبه بالديشمبر وسرحت بنظري ابحث عن شيء ارسمه وانتبهت اخيرا إلى الفوضى التي كانت من حولي فانا لا انصت عادة الا اذا فرض علي ذلك .
واذا بي المح فتاة ليست بعيدة بكثير عن مقعدي ذات ملامح وجه فاتنة تميزها حسنة وشعر حريري واهداب طويلة يمكن ان توضع على غلاف مجلة مارى كلير اتكأت على الوراء واخذت تنظر في فراغ
جعلتني اطبع دموعا، وجوا، وشجرة خشخاش وبيتًا جميلاٍ وقطةً وديعةٍ، وزرعا وحصانا والكثيرا من الحمام الابيض ،على الواقع طبعت قصة حبي الكبير
وفهمت الرحلة والى اين كان يأخذتي القطار .