دوى صوت خطواتها أرجاء الردهة، بينما سارت خلفها وصيفتيها بكل رصانة، حتى أصبحت أباب الباب الذهبي، حالما رآها الحارسان إنحنيا إحتراماً لها.
- صاحبة الجلالة!
نظرت نحوهما بتعالٍ، وسرعان ما فتحا لها الباب. الغرفة فسيحة بالنسبة لم أعلمت عنه، الستائر البيضاء والفرش الأبيض يعطي جواً من النقاء والبهجة، أخذت تجول بنظرها نحو الغرفة عيناها لا تخفيان التعالي والاستحقار الذي يجول داخلها، ثم وجهت نظرها نحو الأميرة التي تجلس أمام مرآتها تزيل أقراطها دون مبالاة بحضورها. كشفت الملكة عن أسنانها، ارتسمت على إثرها ابتسامة مشمئزة، "لمَ على تلك العاهرة أن تكون مرتبطةً بابنها؟"
فتحت مروحتها القماشية، مزركشة بأبهى الزخارف الذهبية، بينما صنعت من المخمل الأرجواني، ثم خرج صوتها متهكماً:
- يبدو أن سمو الأميرة لم تتعلم الاحترام في بيتها الصغير.
كانت تقوم أميليا بوضع قرطها الناعم حين توقفت قليلاً وابتسمت، ثم أخذت المشط تسرح شعرها، ثم قالت ببرود:
- رباه! أولست هنا لأتعلم الاحترام؟
ثم نظرت نحوها بعينيها الناعستين، وبحركات فمها البطيئة:
- أم تخبرينني بالاحترام الذي طرقتِ فيه باب غرفتي!
صكت الملكة أسنانها، وحاولت بجهد أن تكتم غيظها، لكن أميليا لم تبالي وتابعت تسريح شعرها، حين خرج صوت الملكة مهدداً:
- لعلمك فقط سمو الأميرة، أنتِ لستِ في مولافي بعد الآن، عليكِ بالتصرف طبقاً لقوانينا.
- أوه! حقاً!
وضعت المشط على المنتضدة بهدوء، فابتسمت الملكة بمكر وقالت بعجرفة:
- أم علي تذكيرك بأن مملكتك الصغيرة بين يدينا الآن!
هزت أميليا قدمها التي تضعها فوق قدمها الأخرى بلا مبالاة، ثم سألت بسخرية:
- تقصدين أنكم نلتم منا هذه المرة؟
شدت الملكة على أسنانها ما جعل عضلات وجهها تهتز، لذا لم يعد للمروحة -التي تستعين بها لإخفاء وجهها- فائدة. بطئ أميليا في نطق كلماتها، كياستها اللامتناهية تجعل المرء يريد أن ينقض عليها ويقطعها بأسنانه.
نهضت أميليا ببطئ ورشاقة، ثم توجهت نحو النافذة غير عابئة بوجود الملكة أمامها، ثم خرج صوتها البارد:
- دعيني أذكركِ صاحبة الجلالة ...
ثم التفتت نحوها وانحنت برشاقة:
- أن الجليد يصبح أشد صلابة عندما يوضع في مكان بارد.
رفعت رأسها لتكشف عن ابتسامة خفيفة، خرجت على إثرها تنهيدة ساخرة من الملكة، وقالت باستخفاف:
- تظنين أنني سأجعل ذلك يمر!
رفعت أميليا حاجبها الأيسر مستفهمة، فرفعت الملكة رأسها بغرور، وسارت نحوها وهي ترفرف بمروحتها، وقالت:
- تذكري أن أحداً لن يهتم بإختفاءك.
ثم غطت وجهها بالمروحة ونظرت نحوها بعينين حادتين، وأردفت:
- أليس ذلك لأمر محزن؟
وجه أميليا البارد لم يتغير، لم تبتسم ولم يبدو عليها أي شعور، عيناها الناعستين استمرتا التحديق بعيني الملكة في تحدٍ، وجهها الغير مفهوم جمد الملكة مكانها، شعرت بجسدها يرتعش، ما إن ظهر عليها الارتباك، حتى ابتسمت أميليا بلطف، انحنت برشاقة وقالت:
- أتطلع لذلك مولاتي!
قبضتها كادت تحرك المروحة بشكل يكشف عن غضبها، التفتت بسرعة وهمت تخرج من الغرفة، وهي تصك أسنانها:
- أيتها ...
ما إن رأت الحارسان أمامها، حتى صرخت:
- ما الذي تفعلانه؟
هم الحارسان ينحنيان على عجل، ويعتذران، ثم رفعت مروحتها وصرخت:
- شددا الحراسة، إياكم وأن تغيب عن ناظركما لحظة واحدة ... هل فهمتم؟!
- حاضر صاحبة الجلالة!
صرخ الحارسان بتلقائية، ثم همت تغادر المكان تتبعانها وصيفتانها اللاتان بدتا قلقتين، وأخذا يعتذران بعشوائية، إلا أن الملكة لم تكن في مزاج يسمح لمخاطبتهما.
...
في غرفة الدراسة، تتطاير الستائر المخملية خلف المكتب بهدوء، بينما يجثي رجل ملثم غارق في القماش الأسود أمام المكتب، ما إن أنهى تقريره حتى خرج صوت عميق جاف من خلف الكرسي الذي يواجه ظهره الحارس:
- يمكنك الانصراف.
شعر الحارس بجسده يرتجف، تلك النبرة يعرفها تماماً، سيده ليس راضياً، لكنه لم يستطع سوى أن يحني برأسه ويختفي في لمح البصر ، ما إن إختفى حتى ارتسمت على وجه الرجل الجالس على الكرسي ابتسامة غير مفهومة.
...
هدا نمط جديد عم حاول أكتبه بعيد عن الفنتزايا ... لهيك هتكون الفصول قصيرة شوي لحد ما أتعود (^^"
أرجو أن تنال إعجابكم !!