Something In The Rain | TK

By TaesEuphoria54

59.5K 4.7K 1.8K

"إذا كنتُ أنا بيكاسو، فأنتَ ستكون ديبوسي" -بيكاسو: رسام ونحات وفنان تشكيلي اسباني شهير. -ديبوسي: واحد من أهم... More

«prologue»
«one»
«two»
«three»
«four»
«five»
«six»
«eight»
«nine»
«ten»
«eleven»
«twelve»
«thirteen»
«fourteen»
«fifteen»
«sixteen»
«seventeen»
«epilogue»
«note»

«seven»

2K 225 75
By TaesEuphoria54

"شكراً" قال ونبرتهُ المريحة تثقبُ كل مقطعٍ لفظي، صدقهُ المؤلم ينزفُ من زوايا الكلمات، المَطر يجعل الهواءَ مُبتلاً، يضربُ أجسادنا مما يجعلُ خصلات شعرنا تلتصقُ بوجوهنا، يتدفقُ من حولنا بصَخب ليمحي الصمت المُخيم على الأرجاء.

المطر يحولُ كل شيءٍ إلى شكلٍ من اشكال الارتياح الحاد مما يجعل الألوان الصامتة أعمق وأكثر حيوية كما لو أنّ الأرض بأكملها مزدهرة، و ربما وضوح المَطر كان السببَ خلفَ أنّ كلانا أطلقَ نفسًا مرتاحًا وأطلقنا العنانَ لأنفسنا.

"منذُ متى؟" سألت "منذُ متى و أنتما معاً؟" حدقّ من خلفِ السور نحوَ الأرض "سنة" هَمس جونغكوك وكادَ المطرُ أن يُغرق كلماتهُ. سنة.

"لماذا لم تتركهُ؟ لماذا لم-"

"لأنني لم أستطع!" لم يَصرخ لكنّ صوتهُ يهيمنُ فوقَ صوت المَطر ويبدو أنّ كل الألم الذي كانَ يحملهُ يندلع "كنتُ أخاف أن أتركهُ! كنتُ أخاف مما سيفعلهُ" عندها هو اختنقَ بكلماتهِ بينما تنفجرُ منهُ تنهيدةٌ ضخمة كأنها صخرة، ارتعشَ جسدهُ ورمى يديهِ على وجههِ بيأس كما لو أنّه يشعر بالخجل.

إنّه يحاولُ أن يكتمها، كما اعتدتُ أنْ أفعل في المدرسةِ الثانوية، قبلَ أن أكتشفَ كيف أعبرُ عن مشاعري بإستخدام الطلاءِ والقِماش، بعدما سمحتُ لهم بتدميري كُل ليلة، بعد أيامٍ من معرفتي بأني مُختلف وبعدَ أيامٍ من تلقي المعاملةِ السيئة بسببِ ذلك.

"لا تَخف من البُكاء" أخبرتهُ "فقط ابكي".

وهوَ فعل، انتَحب و أصابعهُ شكلتْ قبضةً ضيقة، جسدهُ بالكاملِ بدأ في الإرتعاش حتى خفتُ أنّه سيتحطمُ إلى أجزاء، لذلكَ قمتُ بلفِ ذراعي حولهُ.

هو جفل وأنا ابعدتُ عنه على الفَور، لستُ واثقاً من منا الأكثرُ خوفاً، من الذي خلقَ هذه الفجوة المُفاجئة بيننا.

كنّا نُحدق في بعضنا البَعض، هُناك حاجةٌ مكتوبة على وجههِ وتتشابك مع قدميهِ المُتسمرة، قطراتُ المطر تتدلى من رموشهِ الطويلة وتحولُ عينيهِ الواسعة إلى ظلال.

شفتيهِ اللامعة مفتوحةٌ على إثرِ صدمتهِ كما لو أنّه يحملُ بينَ طياتِ جلدة زلازلَ مُصغرة، العالمُ يضيقُ بأكملهِ بحيث لا يبقى إلا هوَ، وأقسم أنني اسطيعُ عدَّ قطراتِ الندى فوقَ خدهِ، مثلَ النجومِ في السماء.

سقطتْ كُل جدرانهِ وأستطيعُ رؤية حزنهِ الصادق، لم أكنْ على استعدادٍ للطريقةِ التي جعلني أتحطمُ بها، لقد تحولتُ إلى فُتاتِ رَمل.

بعد ذلكَ اقدامُ جونغكوك بدأت بالتحركِ ليقفَ أمامي مُجدداً، مما جعلني ادركُ أنّ ردة فعلهِ لم تَكن سِوى مُجردَ عادةٍ مما جعلني اتألمُ كثيراً عندما فكرتُ بالأمر لكنني عانقتهُ مُجدداً على أيةِ حال.

سمحتُ لهُ بالإرتعاشِ بينَ ذراعي كما سمحتُ للمطرِ بأن يُذيبنا ويحولنا لشخصٍ واحد، أخذتُ بعضاً من كآبتهِ وأرفقتهُ إلى خاصتي كي أحملهُ بدلاً منه.

"لا أعرفُ ماذا أفعل" همسَ، ولا يسعني إلا أن أفكر كيفَ أنّ صوتهُ الغني؛ الصوتُ الذي خلقَ لأجلِ الكلمات العالية فقط يبدو باهتاً للغايةِ هكذا.

"لماذا نحنُ نلتقي فقط عندما تُمطر؟" سألتْ عندما لم أستطع كبحَ هذا السؤال، ابتعدَ جونغكوك عن ذراعي بلطفٍ وأخرج ضحكةً جافة.

كنا نقفُ على مَقربة من بعضنا البَعض "لأنهُ يكره المَطر" أجابَ جونغكوك بحيثُ اختفى كلُ أثرٍ للمَرح من وجههِ ثُمّ التفتَ مُبعداً أنظارهُ نحو الشريط الأسودِ الفراغ على الشارعِ مرةً أخرى.

"لطالما كرههُ، وكانَ الأمر هو أنني لم استَطع اجبارَ نفسي على كُرههِ، ظللتُ أتشبثُ بذكراهُ عندما التقينا للمرةِ الأولى، كم كانَ نبيلاً ولطيفاً، عندما بدأت علاقتنا بالإنحدارِ لم استطع تصديقَ الأمر؛ لذلكَ لم أسمح لنَفسي، تظاهرتُ بأنّه كانَ يصرخُ ويلقي اللعناتَ على شخصٍ آخر شخصٌ ليسَ أنا، ليسَ أنا من كانَ يتلقى تلكَ اللكمات والركلات، ليسَ أنا من كانَ يقفُ أمامَ مرآةِ الحمام ويضمدُ نفسهُ بنفسه" كُسِرَ صوتهُ.

"هو لا يستطيعُ أذيتكَ بعدَ الآن" قلتُ رغمَ أنّ كلماتهُ تجعلني عاجز عن النُطق، أحترقُ غضباً على ذلكَ الرَجل، كيفَ يمكنُ لأي شخصٍ أن يعاملَ جونغكوك بهذهِ الطريقة؟

أريدُ مواساتهُ بشدةٍ لكنني لستُ أرنست هيمنغواي، كلماتي لا تَنجح، أنا احاول لكنّ محاولاتي ليستْ كافية.

"لقد كنتُ احبّه ذاتَ مرةٍ" قالَ جونغكوك بهدوء، بدا كما لو أنّ الليل قد أخذَ نفساً كبيراً، تنفسَ الصعداء كما لو أنّه كان ينتظرُ هذا الإعتراف والآن بإمكانهِ أن يمضي قُدماً لكنّهُ تركَ جونغكوك خلفهُ، عالقٌ في كلماتهِ و عيناهُ تبحث عن خاصتي.

"ليسَ غلطتكَ أنّك أحببتهُ، لا يُمكننا اختيارُ من نقعُ في حبهِ" انني أتخيلُ كلماتي مصبوغةٌ باللونِ الأزرق الداكن، تضربُ الفرشاةُ على قماشِ اللوحة لتظهر أخيراً بطريقةٍ كما لو أنّها مُتعمدة.

"البشرُ بأسرهم عادةً ما يتوقونَ للحُب، ومن الصَعب أن تواجهِ وحشاً بعد أن اعتدتَ على أنّ هذا الوحش سيفعلُ أي شيءٍ لأجلك، لكن يجبُ عليكَ أن تعلم أنّه لا يُحبك، ليسَ بعد الآن."

ارتعشَ جونغكوك، "الحُب ليسَ اساءة" قُلت وصدحَ صوتي بشكلٍ مفاجئ عبرَ هذا الليل الفارغ، حاولتُ التحكم في مستوى الصوت الخاص بي "الحبُ ليسَ كما وصفتهُ أنتَ لي، لذا من فضلكَ لا تعتقد أنّه كذلك، لا تضع الحُب في ذاتِ الكفة مع الطريقةِ التي عاملكَ بها ذلكَ الرجل لأنني متأكد من أنّك لا تستحقُ ذلك."

 
حدقتُ في عينيهِ حتى تمكنتُ أخيراً من رؤيتهِ يتقبلُ كلماتي، حتى تمكنت من رؤية ذلكَ المُضطرب يهدأ، حتى أصبحَ المطر لطيفاً وعندها عُدنا للداخل.


قُمنا بتجفيف أنفسنا وقدمتُ له ملابساً احتياطية، عيناهُ تبدو منتفخة تحتَ الضوء، لكنّهُ يبدو أكثرَ سلاماً.

"يُمكنكَ النَوم في سريري، سوفَ آخذ الأريكة" قُلت وبدا كما لو أنّه سيحتج لكنّهُ تثاءب وأومئ.

"تُصبح على خير تايهيونغ" أردفَ بهدوء ولستُ مُتأكداً من السبب لكنّه في تلكَ اللحظة بدا صوتهُ كصوت المَطر.

أشرقَ صباحُ اليوم التالي ببطء، بشكلٍ هادئ ورمادي، استيقظتُ على أنفاسٍ عميقة ونهضتُ بحثاً عن مصدرِ هذا الصوت.

جونغكوك.

كانَ نائم بينما يتوسد الأرض وتلتفُ حولهُ بطانيتهُ،  ينتثرُ شعرهُ على الوسادة فيما يُعانق وسادةً أخرى، يبدو لطيفاً ومسالماً للغاية.

وجههُ غير مُتجهم، مُسترخي ويوجدُ أثرٌ لإبتسامةٍ صغيرة على شفتيهِ الوردية الشاحبة، أشعرُ بإنشراحِ صدري لهذا المَشهد كما لو أنني داخلَ الغرفةِ التي اعرضُ فيها روسوماتي العَقلية و صوتي المُرتفع حيثُ يزالُ القفل عن رأسي الكَبير.

انّ الوقتَ بالكاد اقتربَ من السابعةِ صباحاً لكنّ هذا الشعور الجديد في داخلي منعني من العودةِ للنَوم مُجدداً.

أشعرُ بالكثير من الإلهام والأمرُ بدا غريباً للغاية، كما لو أنّ هناكَ هواءً بداخلي، والرياح هي تيارٌ يمكنه سحبي معهُ بسهولةٍ.

نهضتُ من فوق الأريكةِ ومددتُ جسدي المُتصلب بينما استمتعُ بصمتِ الصباح، بعدها قمتُ بإعداد حامل اللوحات والأصباغ والفرشِ وأكوابِ الماء في المَطبخ المجاور حيثُ يمكنني رؤية جونغكوك نائماً بينما أرسم.

أرسمُ المساحة داخلَ صدري، أنا بلا وجه، افتحُ جلدي ليتشربَ قطراتَ المطرِ والأزهار وجوهر الفضاء ينسكبُ فوقه.

ارسمُ جونغكوك وسوكجين، الأرض والسماء، ارسم العالمَ كما رأيتهُ في الليلة الماضية؛ المطرُ الذي يُحيط بنا داخلَ بُعدنا الخاص ويلتفُ حولنا بأمان.

أرسمُ جونغكوك، جونغكوك الذي لا نهايةَ لهُ تماماً مثل الامتداد اللانهائي للسماءِ نفسها، أرسمُ شفتاهُ الوردية ذاتُ لونِ الماء وأرسمُ المطرَ حولَ جسدهِ.

ارسمهُ في حركةِ الليل، وأرسمُ الشارع الضبابي وهو يقفُ في نهايتهِ بينما يرفعُ ذراعهُ بإتجاهي كما فعلَ في السوبر ماركت، لكنّه ذو ألوانٍ دافئة بإبتسامةٍ تزين وجههُ، اللون البُرتقالي المُصفر ينبثقُ منهُ وينزفُ نحو اللون الأزرق والأخضر المحيطين بهِ.

هو لن يغرق.

لأنّه السماء وأنا بيكاسو.

-






Continue Reading

You'll Also Like

358K 24.8K 20
{ Sexuel contact} جنيرالٌ مخدرمٌ أنتَ أوقعتنِي بينَ سلاسلِ عشقكَ الأبدية و أنا مجردُ أنثى عذراء سقيتُ بعسلِ علاقتناَ الآثمة و بللت إطار علاقتنا بدمو...
1.7K 127 7
انيّ عبرتُ لكَ بكلَ حوُاسيّ الخمِس فُمن، شّفتي مِا يتذوُق رحيّق جَوفك، ومنٌ عَيني ارَيح نٌظري بمفاتنكَ، ومنٌ عطرَك شّممت الَحب وقَد سنيتُ نٌحو شّفتيك...
141K 5.7K 27
-مَا رأيكِ في أن نتحَدث في مَكتبي على إنفِراد؟ 'لكِنّي طالبتك أستاذ جُيون،ألا تَعتقد أنّ هَذا مُثير للشّكوك؟' -لَن يُلاحِظ أَحد هَذا عَزيزتي،هَذا بَي...
264K 14.9K 22
و هل يستطيع الإنسان الهَرب من الحُب؟ تقول لهُ دعني و شأني لأستريح قليلاً، يَتشَبثُ بكَ عناداً.. تهربُ إلى الطرف الآخر من الدُنيا فَيتبَعّكَ.. يهدأُ...