ابن أوديـن

De cursed_writer

86.2K 4.8K 1.4K

انقلبت الموازين، وعلى لوكي الآن أن يواجه العواقب. لكن، هذه المرة...سيواجه عواقب ما لم يقترفه. :الرواية مقتبسة... Mai multe

آسغاردا
نيفلهايم
خَلَـل
جولة ليلية
الرجل النملة
شرارة بيضاء
رؤى
عودة
قطرات غضب
شعلة باردة
انكسار باهت
ومضة أخيرة

أول الغيث

6.3K 348 103
De cursed_writer

"ثم إنه لدي الكثير من الأصدقاء في صديق واحد"
-ويليام شكسبير.

.................

«هل عاد ثور؟»
هم هوجون بقطع الصمت المريب الذي يحوم حول الطاولة. كانت تصرفات صديقيه غريبة في الفترة الأخيرة، ولا يفهم لماذا. ڤولستج، عادةً، هو الأكثر صخبًا فيما يتعلق بالشراب والنساء، وڤاندرال ليس شخصًا هادئًا.

«لا»
قال ڤاندرال وڤولستج الذان يجلسان متقابلين، معًا باقتضاب.

حول هوجون نظره بينهما. بينما نظرا هما لبعضهما نظرة عابرة، ثم أشاح كل منهما نظره في اتجاه.

«ألا تلاحظان أنه يذهب للأرض كثيرًا في الآونة الأخيرة؟»
حاول مجددًا، ليجيبه الآخران بهمهمات مقتضبة.

شعر هوجون بالضجر من الجو الكئيب من الإثنين، فقال بجدية.
«أنتما يارفاق، مالذي يحدث معكما بالضبط؟»

«لا شيء»
مجددًا كرر كلاهما معًا، ليبتسم هوجون بسخرية قائلًا.
«هذا يؤكد لي أن هناك ما تخفيانه»

وقف ڤاندرال قائلًا.
«أنا سأغادر، لدي عمل أقوم به»
ثم سار خارجًا من الحانة غير عابئ بانتظار ردهما.

شيعه هوجون بنظراته رافعًا حاجبيه باستغراب، قبل أن يعيد نظراته لڤولستيج الذي وجده يتابع ڤاندرال بانزعاج.

قلب عينيه، وحرك يده أمام وجهه ليفيق ڤولستج وينظر له ببلاهة.
«أخبرني الآن»

قال هوجون، واثقًا أن الأخير لن يستطيع الفرار من الإجابة.
................

«للمرة الأخيرة أطلب منك أن تبتعد عن طريقي»
كان الجو مشحونًا بين ثور الذي يحمل لوكي بين ذراعيه، وسكوت لاينج الذي يقف أمامه كحاج، رافضًا تركه يخرج من المنزل بلوكي الفاقد لوعيه.

«أخبرتك أنك لن تخطوا خطوة به»

وكان الطفلين قد تركا هواشهما وانشغلا بلوكي وسقوطه، قبل أن ينضم أول لثور، وچون وقف جوار سكوت خائفًا من ذهاب لوكي، الوحيد الذي احتواه من التشرد واليتم. هو بالتأكيد لا يريد أن يخسره.

«ابتعد عن الطريق سكوت»
قال توني ستارك الذي وصل للتو ودلف عبر الباب المفتوح.

وضع يده على كتف صديقه لينظر له الآخر باحتقان.
«ماذا تعني؟ هل ستتركه يأخذه؟!»
حرك توني مقلتيه وكأنما يفكر قبل أن يجيبه.
«أجل، هذا أفضل له... ولنا»
فتح سكوت فمه غير مصدق لما تفوه به الأخير. دفع يده بعيدًا عنه وخطى للخلف خطوة.

«سكوت، إن وجود لوكي هنا يمثل خطرًا عليه قبلنا. كما أن ثور أخوه، وهو أقدر على حمايته. لذا دعه يغادر الآن، وسأشرح لك فيما بعد»

تدخل ثور ضجرًا ما يجري أمامه، قائلًا.
«إن لم تمانعا، هل تستطيعا إرجاء محادثتكما حتى أذهب؟ »
حرك سكوت حدقتيه بينهما. لو لم يكن يعرف ستارك جيدًا لفكر أنه ربما اتفق مع ذاك الغريب على لوكي.

أعاد نظره إلى لوكي وقد تحولت نظراته الحادة إلى أخرى حزينة. لا ينكر أنه كان بالفعل يشعر بالإعجاب نحو شخصيته الغريبة والغامضة.

تحرك ثور ببرود بينما يرمقه بحدة.
«أوْل...اتبعني»

نظر أول إلى ظهر ثور، ثم إلى چون. كان چون ينظر في أثر لوكي، ويبدو وكأنه يمسك نفسه عن البكاء.

......................

«دعنا أولًا نقر بقدرة المختار الإستثنائية على الصمود أمام قدرة الإيثر»
قال هيرمثرس بابتسامة شغوف، بينما يجلس فوق عرش نيفلهايم. وضع ساقًا فوق الأخرى، وابتسامته المائلة تزيد جلده الأزرق بشاعة.

«يبدو أننا في انتظار سيد استثنائي. سأكون آسفًا لو مات قبل أن يصل إلى هنا»

قال مالكيث الذي يقف بجانبه بصوت خافت.
«أما أنا فلن أكون كذلك»

أسند هيرمثرس يده أسفل ذقنه، وقد وصل لمسمعه صوت الأخير.
«مازلت تسعى بجنون نحو قوة الإيثر مالكيث! »

«أسعى لأحصل على حقي»
أجاب مالكيث وهو يخطو بضع خطوات أقرب.

«الإيثر يختار سيده مالكيث، أما آن لك بعد هذه القرون أن تقر بذلك!»
كانت نظرة هيرمثرس تجاه مالكيث مليئة بالفضول، خلاف نبرته الحادة.

«الإيثر يذهب خلف رائحة سارقه. وطالما نسله ممتد، فرائحته لن تزول»
نبرته الحانقة لم تكن تفتقر للمكر، مما جعل هيرمثرس يتسائل عما يفكر فيه.

«لا بأس رغم ذلك. طالما أنه يملك الإيثر، سنكون تحت إمرته. لكن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة مع الرعية»
تابع مالكيث، مخرجًا الآخر من شروده القصير.

نهض هيرمثرس، واضعًا يديه خلف ظهره.
«لم يبق الكثير. إما أن يأتي، أو أن الإيثر سيتولى أمره. وحينها، ربما يكون أوان حقبتك... مالكيث»
أنهى حديثه ضاربًا على كتف الأخير الذي شقت ابتسامته جانب وجهه الأيمن، وأخذ يتأمل لحظة اعتلائه عرش العولم. إنها لحظة انتظرها لألف عام تقريبًا...
......................

شهق لوكي شهقة مرتفعة أتبعها بفتح عينيه وانتفاضة جسده العنيفة.
لقد بدا وكأنه كان على وشك الغرق، وانتشله أحدهم في آخر لحظة.

كان يقبع فوق سرير ضخم، في جناح بدا مألوفًا له، رغم أنه لم يكن بكامل وعيه؛ كان جلده شاحب قد أصبح أكثر شحوبًا، وجسده أكثر هزالة، جزؤه العلوي كان عاريًا ومليئًا بالرسوم الغريبة.

ثور كان يقف متكتفًا أمامه بتعابير متحيرة. لم يكن يعلم بالضبط مايجري معه ليصبح بهذه الحالة المزرية.
هو نظر بقلق في عينه التي تحول بياضها للأسود القاتم، بينما زرقاوتيه قد أصبحا بلون الدم.

«أنت بخير لوكي؟»
جلس على طرف السرير، ولم يبعد عينيه عن خاصة لوكي الذي كان يرمقه بتعب.

«من المفترض أنني أنا من تأثر بهذا التعب، وليس أنت!»
أجابه لوكي بصوت متهدج، ساخرًا من سؤاله الذي رآه غبيًا مع حالته هذه.
«هل أبدو بخير أمامك؟»

تجاهل ثور سخريته تلك وقال.
«هناك قوة مهولة تؤثر عليك، قوتك تتلاشى بشكل سريع جدًا، ولا نستطيع حتى تحديد مصدر أو ماهية تلك القوة»
أمسك بكفه البارد بين قبضتيه وسأله مجددًا.
«ما الذي يحدث معك بالضبط؟ على هذا المنوال أنت لن تصمد طويلًا! »
شعر لوكي بقلبه يخفق بقوة من الدفء الذي غمره عبر يد الأخير. نظر إليه قليلًا، ثم إلى كفه الذي احتواه كفي ثور.

«أنت قلق حقًا!... »
همس لينظر له ثور باهتمام، منتبهًا لما سيقوله. تابع لوكي.
«أنت حقًا قلق؟ أم أنك تريد التأكد أنني سأتلاشى من هذه الحياة قريبًا»

بعد سؤال لوكي، والذي لم يكن ساخرًا كالعادة، ساد صمت ثقيل بين الإثنين، لوكي حول نظره للسقف، وفي الحقيقة هو لم ينتظر إجابة من الآخر، بينما ثور ترك يده وهو يقلب كلماته في رأسه.

لم يسبق لثور أن فكر يومًا في احتمالية أن يموت لوكي، سواء على يده أو حتى لأي سبب آخر، رغم أن طبيعة لوكي الخبيثة والمتمردة جديرة بجعله عرضة للموت أكثر من أي شخص آخر.

تذكر ثور إحدى المرات حينما كانا صغيرين، وحيث كان كل منهما هو الصديق الوحيد للآخر. كان لوكي على وشك أن يتعرض للدهس من قبل ثَوْر هائج بدلًا منه. لكن أودين كان بالجوار وسحبه في الوقت المناسب.

سرت قشعريرة غير محببة في جسد ثور، لم يعلم لماذا تسللت تلك الذكرى لعقله في هذه اللحظة بالذات.

لكنه يعلم أن شعوره في ذاك اليوم وهو يراه أمامه على بعد خطوة من الموت، لم يختلف عن شعوره وهو في حجره ينازع الموت في أرض البرودة والظلام.

رغم مافعله لوكي من أمور سيئة بين الحادثين، إلا أن ثور، رغم تظاهره بالعكس، لم تتغير مشاعره نحوه.

واكتشف ثور بينما يفكر أنه حتى لوكي، الطفل الصغير الذي دفعه من أمام الثور معرضًا نفسه للموت، هو نفسه لوكي الذي دفعه من أمام الجني المظلم الذي أراد قتله، وتلقى، تلك المرة أيضًا، الموت نيابة عنه.

ربما لو تعرض ثور لخطر حقيقي، لهب لوكي لإنقاذه متناسيًا أي شيء بينهما، وربما سيتألم ثور إذا فقد لوكي. ربما الألم هو شعور أقل بكثير مما سيشعر به.

أخرج نفسه من دوامة الأفكار التي أخذت تعصف برأسه وأعاد انتباهه للوكي، ليجده قد غط في النوم مجددًا.

مال بجسده أقرب نحو لوكي، أقرب بدرجة تجعله يشعر بأنفاسه المنتظمة وهي تضرب وجهه.

أخذ يتفحص ملامحه الشاحبة، ومد يده ليلامس انعقاد حاجبيه بعدم راحة. انفرج ذاك الإنعقاد أثر ملامسته له، فتحرك للأسفل نحو أنفه، نزولًا ببطء إلى شفتيه المنفرجتين بخفة.

كانت عيناه تتحركان مع أصابعه، ولم يكن ثور ليصدق أن المرض يمكن أن يجعل أحدهم أجمل. أو ربما لوكي هو الذي يزداد جمالًا طوال الوقت.

أسند جبهته ضد جبهة الأخير، وسمح لتنهيدة عميقة أن تنسل من بين شفتيه، أصابع يده اليسرى قد شقت طريقها بين خصلات لوكي.
«آه لوكي، ما الذي يجري معك؟»

على الجانب الآخر، ابتسم أول سعيدً بما يراه، متمنيًا لو كان لوكي مستيقظًا ليرى حقيقة ما يخفيه ثور عنه.
كان قد أتى لغرفة ثور ليطمئن على لوكي. لكنه وجد أن العودة في وقت لاحق خيار جيد. لذا فضل الإنسحاب بهدوء حتى لا يشعر به ثور.
‹ربما اللعب مع چون قرار جيد بعد كل شيء›
قال في نفسه وهو يشق طريقه في الممر.
.....................

«مازلت لا أرى الفائدة العظيمة من إعادة لوكي إلى آسغارد؟ بحق لحية أودين!»
صرخ ڤاندرال، ليقلب هوجون عينيه ويرفع رأسه لينظر لينظر نحو هايمدال الذي يشاركهم الجلوس في قاعة الإجتماعات. مرت أيام على عودة لوكي، ومازال ڤاندرال لا يستسيغ الفكرة.

«ولا أنا أرى خطرًا عظيمًا من عودته كذلك!»
أجاب هايمدال بحياديته المعتادة.

نظر له ڤاندرال بغير تصديق.
«حتى أنت هايمدال! لا تقل لي أنك خدعت بتمثيله هذا أنت أيضًا! »
نظر ڤولستج وهوجون بصدمة لفاندرال، وقالا في نفس الوقت.
«تمثيل!»

ولم يستطع هايمدال المساعدة، لكنه ابتسم.
"ماذا؟! لقد فعلها من قبل وجعلنا نظنه قد مات، ألن يستطيع التظاهر بالمرض أيضًا؟»

«اجترار الشفقة ليس من طباع لوكي. إنه يكره أن يكون في موقف ضعف، أو مصدر شفقة. كما أنني لا أرى أي سبب مقنع لأصدق بأنه يمثل»
أجابه هايمدال مجددًا، وبنبرته المحايدة ذاتها.

فتح ڤاندرال فمه ليجيبه. لكن نظره وقع بالصدفة على ڤولستج الذي ينظر له بهدوء مريب جعله يرتبك وينسى ماكان على وشك قوله. أغلق فمه، ثم قال بعد برهة.
«لا أعلم. لكني مازلت لا أرى أن عودته قرارًا حكيمًا»

«سيد العوالم لا يفعل شيئًا دون سبب»
قال هايمدال، وساد الصمت بين الأربعة، كلٌ منهم يفكر بذاك السبب الخفي الذي يملكه ثور..!
......................

مر يوم آخر ولم يتغير شيء، غير أن وضع لوكي يزداد سوءًا، وثور مازال يحاول مساعدته. لكنه لا يعرف من أين عليه أن يبدأ.

أوْل الصغير كان يقبع برفقة چون في جناح لوكي، وقد كان لوكي منوّمًا في جناح ثور بسبب مرضه. ولأن أول قد أصر على ثور لإحضار چون إلى أسغاردا ريثما يتعافى لوكي، فقد وافق ثور متعللًا بأنه لا يريد أن يحزن صغيره أوْل. لكنه في الحقيقة كان يعلم بتعلق لوكي بذاك الصغير چون. لذا أراد أن يقوم على رعايته من أجله.

الأمر بهذه البساطة. لكن كبرياء ثور لن يدعه يعترف بذلك بشكل مباشر!

«هل تعلم كيف حال لوكي؟ ولماذا يمنعنا والدك صاحب المطرقة ذاك من رؤيته؟!»
قال چون الذي يجلس أرضًا ويستند بظهره للسرير، لأوْل الذي كان يمسك سيفًا خشبيًا ويطوحه بمهارة، وكأنه يقاتل شخصًا وهميًا. كان تمكنه من السيف احترافيًا بالنسبة إلى طفل بعمره، مما أشعر چون بالإنبهار وإن حاول إخفاء ذلك بتصنع اللامبالاة.

توقف أُوْل عما يفعله والتفت نحوه. حدق به لبعض الوقت قبل أن يهز كتفيه بغير علم.
«لا أعلم، آخر مرة رأيته فيها كان...»
توقف عن الحديث فجأة حين تذكر الوضعية التي وجد ثور ولوکی علیها آخر مرة. عقد چون حاجبيه من صمته المفاجئ.
«كان؟..»

خرج أول من شروده. نظر لچون ثم ابتسم.
«كان بخير»

توجه نحو المكتبة الصغيرة في الزاوية، وأخذ يتفحص الكتب بهدوء، ثم أضاف.
«ولا تجعل أبي يسمعك تتحدث عنه هکذا، لا تنسی أنه السید هنا»
تأفف چون بضجر وتوجه نحو الشرفة بنفاذ صبر. فكر أنه يجب أن يكون أكثر حرصًا، وإلا سیعیدونه للأرض.

راقبه أوْل بهدوء لبعض الوقت، قبل أن يعود لاستئناف ما يفعله.

...............

كان مالكيث یقف فی الخواء برفقة مساعده، وقائد الجيش آيدون.
سماء نيفلهايم المعتمة إلا من النجوم القليلة، كانت تعطي انطباعًا من الوهلة الأولى أنها لا تحوي تحتها أشخاص صالحين.

«لم يتبقى وقت طويل آيدون، تأكد من أن يكون كل شيء جاهز»
قال مالكيث بمکر، لیومئ له آیدون، قبل أن یقول بصوته الغليظ.
«لا تقلق، سنتأكد هذه المرة أن تختفي سلالة أودين تمامًا»

هز مالكيث رأسه، وشرد بفكره بعيدًا يتأمل اللحظة التي يصل فيها لمراده، وابتسامته الشغوف تكاد أن تصل لحلقه.
«لكن سيدي، ما الذي يجعلك توقن أن الإيثر سیختارك؟»
تسائل آيدون، مخرجًا سيده من شروده.

احتدت نظرات مالكيث واختفت ابتسامته.
«لأنني مالكه الأصلي، أنا من عثرت علیه!»

...................

«وكيف أصبح الإيثر مع فاربوتی إن کان مالکیث من وجده؟»
سأل ثور هایمدال متعجبًا. نظر هايمدال بهدوء في ملامح لوكي الشاحبة، ثم أجابه.

«إن الإیثر مادة أزلية الوجود، وقد دخلت في تكوين كل شيء، من العوالم إلى من يعيشون داخلها. الآلهة والمحاربين، حتى البشر الفانون يملكون حظًا من الإيثر داخلهم»
أومأ ثور متفهمًا ثم استفاض قائلًا.
«علمت من أبي أيضًا أنها تمثل الجانب المظلم من العوالم؛ ولأن نیفلهایم هی بدایة العوالم، كان وجود الإيثر أکثر تأثيرًا هناك عن البقية، لكن...»
تكتف مقابل هايمدال، ورغم شعوره بعدم الراحة أمام فارق الطول بينهما، إلا أنه أزاح الفكرة بعيدًا وتابع.
«لم أفهم، ماعلاقة هذا بسؤالي؟!»
تنهد هايمدال من تسرع الأخير، ومال برأسه لينظر إليه.
«أودين العظيم أحد الأوائل الذين وُجِدوا في الكون، وقد وصل إلى معرفة لم يسبقه إليها أحد. حتى الإيثر، عرف بوجوده ورآه رأي العين. لكنه كان قلقًا من الاحتفاظ قريبًا منه. لذا خبأه في نيفلهايم وتناسى أمره. مالكيث بالصدفة المحضة، عثر علی الإیثر بعد قرون قرون عديدة. ورغم إنه لم یعلم ماهیته تمامًا. لکنه لم يكن غبيًا، فقد علم تمامًا بقوة تلك المادة»

«ابتعد...»
التفت ثور وهایمدال نحو لوكي حين سمعا صوته، لكن ثور أعاد نظره بخیبة من جديد، حين أدرك أنه فقط يهذي في نومه.

«كان خطأ مالكيث الأول، أنه لم یبقی أمر الإیثر سرًا، والثانی هو أنه أخبر عنه للشخص الخاطئ»
قال هايمدال ونظره مازال على لوكي.

«فاربوتي؟»
قال ثور بتخمین محض، لیعید هایمدال نظره إلیه، ثم یومئ.

«كان فاربوتي أكثر اطّلاعًا من رفیقه مالکیث، والصداقة التي بينهما جعلت الأخير يظن الأخیر أنه قد یساعده»

ابتسم ثور بسخریة.
«أستطيع تخمين ما حدث بعدها»

ابتسم هايمدال، ولمعت عيناه الصفراوتين.
«كان فاربوتي بحاجة الوقت فقط، فلم يكن ليستطيع سحب الإيثر لجسده قبل تراصف العوالم التسعة فوق بعضها؛ فالإیثر یكون ضعيفًا في ذلك الوقت. لذا ترك مالكيث یظن أنه یحاول مساعدته؛ لیضمن أنه لن یبحث فی مکان آخر. وفی الوقت المناسب، استولی فاربوتی علی الإیثر»
عقد ثور حاجبیه.

«ولماذا لم يحاول الإنتقام؟ لقد رأيت بنفسي أن قتل ذاك المدعو فاربوتي ليس صعبًا جدًا»
وقد كان ثور کان شاهدًا علی المعرکة الضارية التي قتل لوكي فيها المدعو فاربوتي، والذي من المفترض أنه أبيه.
«كل شخص يمتلك جانبين، يتفاوت كل جانب منهما حسب المحيط الذي ينشأ به، بمفهومنا نحن، الخير والشر، الشر ليس سوى جزء من الإیثر فی الحقیقة. ولأن تأثیره قوي فی نیفلهایم، فإن أبناء الظلام یصل الشر بداخلهم للذروة، غير أن عرقهم يتميز بظلاميته بسبب البيئة التي خلقوا فيها»

أشار برأسه للوكي.
«لوكي رغم أنه لم ينشأ في عالمه، فإنه يحمل من صفات عرقه وهو ما دفعه للتمرد مرة بعد مرة. هوسه بالعرش كان محفزًا قويًا لجانبه المظلم.

لكن الإيثر لم یکن لیخضعه بسهولة؛ هو لم ینشأ فی أرض الظلام، ولم تستشری فیه برودتها، -وربما كان هذا أحد الأسباب التي ساعدت لوكي في قتال أبيه، لا يسعني تأكيد ذلك؛ فكل ما أملكه مجرد تخمينات لا أكثر-.
بينما مالكيث فعل، لذا کأی شخص من شعب نیفلهایم، کان على مالكيث أن یخضع، مرغمًا، لقوة حامل الإیثر الجدید»

شرد ثور مفکرًا فی کلمات هایمدال. إن کان الأمر کذلك، فإن لوكي يعتبر بطلًا. فمع کل الحقد والتمرد اللذَین کانا یسوقانه، إلا أنه فی نهایة المطاف كان يتراجع، دائمًا كان يملك ذلك الجانب النقي الذي فشل دنس عرقه أن يخفيه.

«إن كان لوكي هو السيد الآن، لماذا يحاول الإيثر قتله؟»
همس ثور مفکرًا ناسیًا وجود هایمدال معه. لکن الأخیر، قد أجابه ببساطة لیخرجه من شروده.

«الإيثر لا یحاول قتله، بل هو یقتله فعلًا»
التفت نحوه ثور بصدمة، لم يستوعب ماقاله لدقيقة، فكرر.
«ما الذي قلته؟»

«على ما يبدو. لوكي يرفض العودة لنيفلهايم وتقبل الإيثر داخل جسده لیقودهم کأبیه. لذا، الإیثر یقوم بسحب قوته شیئًا فشیئًا حتی یقتله، وبعدها سیذهب لمستقبِل جدید»

شد ثور علی کفه، غاضبًا من نبرة هايمدال التي تجبره على التسليم ببساطة بما يقوله. هو بالتأكيد لم يكن ليقبل أن يخسر لوكي بهذه البساطة.

تحرك بغضب ليقف عند رأس لوكي، نظر إليه بحنق، ولم يعلم ماذا عليه أن يفعل.

للمرة الأولى منذ وقت طويل، ثور شعر بالخوف. کان یشعر بقلبه الذی یرتجف بین أضلعه.

بغضب جمّ، هو سحب الإبریق الزجاجی من فوق الطاولة المجاورة، وقذفه ليرتطم بالحائط البعيد متفتتًا لأشلاء.

نظر هایمدال بصمت نحو خطوط المیاه التی سالت علی الأرض، ثم لثور الذي یعلو صدره ویهبط بهیجان. وقرر ترکه والمغادرة؛ فشخص مثل ثور، مؤازته الوحیدة في موقف كهذا، هي تركه وحده.

قبض ثور کفه وضرب جانب صدره الأیسر عدة مرات، لعل ذاك الذي ينبض باضطراب أن يهدأ.

خطى أقرب نحو لوكي، وجلس على طرف السرير وهو يفكر، أنه سيتلاشى من بين يديه، وهو الذي فعل، ويفعل، كل شيء من أجل حمايته!

كان كافيًا بالنسبة له أن يراقبه من بعيد، ولم يمانع يكون أمامه الشخص القاسي الذي كسره ونفاه من آسغاردا، والذي لن يترك فرصة ليشعره بمدى الكراهية التي يحملها نحوه. فقط... فقط ليحميه من غضب الأسغارديين عليه.

«ليس الآن...»
همس للأخير النائم، ثم قبض على كتفيه وهزه بحنق صارخًا بيأس.
«لا يجب أن تموت، ليس بعد كل ما مررنا به»

لم يحصل على استجابة من الأخير، فاندفع نحو شفتيه ليطبع قبلة عنيفة مليئة بالشغف واليأس. خفف قبضتيه ضد كتفي لوكي، وكأنما يخشى أن ينكسر.

طالت القبلة وكأنه ينوي أن يلفظا فيها آخر أنفاسهما. لكن، لصدمته، شعر بشفتي الأخير تجاريانه في القبلة. وتحولت القبلة لحرب بين الإثنين، ولا رابح على ما يبدو....
.........................

أطول تشابتر في الرواية.

آراؤكم للآن؟

طبعًا الرواية على وشك الانتهاء كما تعلمون. بقي ثلاث فصول. لذا كونوا بالقرب.

تعليقاتكم لا تنسوا

Continuă lectura

O să-ți placă și

179K 5.3K 27
"سببان جعلاني مضطرباً طوال الستة أشهر الفائتة لكن كل شيء انتهى الان انا سأنهي الامر بطريقة صحيحة اليوم هو يوم الحسم يوم اعلان قراري النهائي" جيكوك...
57.6K 4.1K 30
انتهت حرب السحره، لقد فاز الثلاثي الذهبي، انتصر الفتى الذي عاش، و مات الشر انتهى فولدمورت و لكن من الغباء ان تجزم ان الشر قد انقطع، فتوم اذكى من ان ي...
2.4M 84.3K 22
أن تُسَجن في عُمرِ الزُهور وِسط أسوارٍ كوَّنها حُبّ مُتمّلك مَنع عَنها الحَياة ..! صَبيَّة في مُقتبلِ العُمر تُطارَد مِن قِبل أقرَبُ الناس اليها أن ت...
252K 9.6K 27
[ ADULT CONTENT ]. _ كنت سعيدة انني سأكمل دراستي وأدخل الجامعة حتى تلقيت صدمة غيرت كل مخططاتي. _ _ العد العكسي لنهاية حياتكِ قد بدأ.. احذري. _ _...