...
أصبحتُ الآن مجرد صورة باهتة على حائطٍ بمدينة مهجورة. مجرد
رفاتِ حلمٍ احترق بالفشل، فشل فى كل شئ؛فشل عائلى فشل عاطفى فشل اجتماعى و كللت هذه السلسلة من الفشل بالفشل الدراسى.
أغرق بين بحر يأسى حيث يطفو فوق امواجهُ حلمى و انا مطمورٌ تحت رمل قاعه و يتباعد عنى حلمى شيئا فشيئا و تتبعه مبالاتى كأن حياتى لم تعد تعنينى. ارى احلامَ الاخرين كالنجوم تجتذبهم و انا كوكب معتمٌ فى الفضاءِ هائما فى بلا مدارٍ حول نجمٍ يجتذبهُ و ينيره. أمشى ف كل طريقٍ خطوة، ولو اجتمعت الخطوات فى طريقٍ واحد لكانت كافية لعدو الألف ميل المنشودة.
ولكن كيف، كيف و هو سرعان ما يبدأ المشى يذوب الشغفُ من روحة و يتلون افقهُ بلونٍ رمادىٍ كئيب يفترُ كل وترٍ به اشتد، كيف و بالتدريج تتحول لوحة حياتهُ الى مجرد رسمٍ دون تلوين، كيف و الماءُ ماءٌ أمامه و يظنهُ سرابً لا منفعة فيه، كيف و اذا جاء الماء و به ظمأٌ يتسربُ من جوانحهِ ماعاد يرويه فما عاد يعنيه.
ليرجع الى حيثما بدأ فيأخذ نصيبه من مواجهته نفسه بفشله و معرفته بضئالة حجمه و ان خُدع الاخرين فيه أو كان ناجحا بمقاييسهم التى لا تغريه.
ثم تتجمع كل تلك الاحاسيس الدفينة فى مفردة الغربة، الغربة عن كل شئ كأنك سِكِّيرٌ فى حلقةِ ذكرٍ تمتدُ لآخر بلاد الله.
ورغم عمق ما أشعر به من أسى لا أظن أن هذا سيطول.
يوماً ما، يوما ما سأجد الرحلة المباركة، يوما ما سأنفخ رمادَ هذا اليأس عن جمر أملٍ فى جوفى متقدا و يهدرُ فوق شطآنى طوفانُ شغفٍ لا ينحسر، يوما ما سأجد الطريق الذى اعشقُ كل حبة رملٍ فى ثراه، طريقٌ اجد راحتى فى كدّ عدوه و كأنما ينطوى من تلقاء نفسه ليبلغنى منتهاه.
لأعانق هناك من بانتظارى، مصيرى، حلمى .. ذاتى.