روايات عبير / الفخ - جانيت دي...

By hontee5

22.6K 408 20

الملخص كل همسة حب كانت أكذوبة جارحة,ووجدت آلانا باول نفسها تخطو بكل نعومة في الفخ الكبير الذي كان ينصبه لها ر... More

1
2
3
4
5
6
8
9

7

1.7K 39 1
By hontee5

 صعدت الى غرفتها فكرت أنه لو أقترب منها ستغرز مخالبها في جلده , وعندما آوى الى فراشه دون أن يكلمها أصابتها الخيبة!
رحلت الشمس وتوارت أشعتها الذهبية وراء الأفق معلنة أنتهاء ذاك النهار الصيفي الطويل , وعلى زجاج الغرفة الواسعة , بقي نور الغسق يتحدى الظلام المداهم لدقائق قصيرة ثم أنحنى هاربا ولحق الشمس....
ومع أختفاء أشعة النور , شعرت آلانا بالضجر فأغلقت المجلة المملة التي كانت تقرأها ورمتها بأهمال على المقعد , ومع حركتها تلك أستدارت عينا رولت نحوها للمرة الأولى , أذ أنهما لم يتبادلا الكلام طوال تلك الأمسية.
كانت تتجنب الجدل العنيف بشأن الترتيبات التي أجرتها لتنام وحيدة في الغرفة المجاورة , فكرت بأنه لن يبدأ المناقشة في غرفة الجلوس وأنه يؤخر الأمر لمكان آخر , فنهضت عن الصوفا ورمقته بنظرة قائلة:
" طابت ليلتك يا رولت".
ومشت نحو الدرج في الردهة بعد أن أومأت له بأشارة متراخية من يدها .
أجابها بجفاء وسخرية:
"هل تنامين في هذا الوقت الباكر؟".
فتوقفت عند الدرجة الأولى وأسندت يدها الى الحائط وأجابت بخجل:
" لقد كان يوما طويلا".
بقي رولت صامتا حتى أنه لم يتمن لها ليلة سعيدة , فتنبهت للأمر وهي تصعد الدرج مما جعلها تتشدد أكثر في قرارها بالوم باكرا , دخلت الغرفة وأقفلت الباب من الداخل , ولأنها شكت في صلابة القفل , أسرعت الى الخزانة وجرتها حتى أصبحت أمام الباب.
عندها أحست بالأرتياح ثم تطلعت حولها وتوقفت نظراتها عند باب الحمام , كان لغرفتي الضيوف حمام واحد لذا أسرعت لأقفال هذا الباب أيضا بأن أسندت اليه كرسيا ,وهكذا أقتنعت أخيرا بأن جميع المداخل أصبحت مقفلة , فليعترض رولت الآن قدر ما يشاء .
خلعت ثيابها وأرتدت قميص نوم وعباءة فوقها من الحرير البراق بلون العاج مشبكة على الصدر , تلك القطعة كانت من جهاز عرسها الذي أصرت أمها على شرائه.
كانت تفضل أن ترتدي قميصها القطني العادي الواسع لكن الوقت لا يسمح لها الآن لتبحث عنه.
حاولت أن تخلد للرقاد لكن النوم كان بعيدا عن عينيها حتى أنها لم تقترب من السرير , كانت تدرك تماما أن الدفاع الذي أحكمته حول الغرفة ليس بالضرورة حصينا جدا , فأذا تمكن رولت من أختراقه فهي لا تريد أن تكون في السرير لأستقباله....
بهدوء وتعب , جلست تنتظر , فسرح خيالها الى البعيد وحاولت أن تحفظ الأشياء المقرفة القاسية التي سوف تقولها له, سوف تذكره بكل شيء قام به... بالطريقة الجارحة التي عامل بها أخاه وكيف أحتال عليها هي....
أذا تجرأ على الأقتراب منها , سوف تغرز أسنانها وأظافرها في وجهه وجسمه كهرة مفترسة , أنتابتها نوبة من الفرح وكبرت ثقتها بنفسها , فشعرت أنها مستعدة للقتال وقد أستحضرت كل أسلحتها لهذا الغرض , وجلست تنتظر الفرصة المناسبة وعيناها تتأججان بالغضب.
..... وطال أنتظارها.... العاشرة والنصف, الحادية عشرة, الحادية عشرة والنصف ولا حركة وراء الباب ولا صوت...
ومن خلال نافذتها , كانت ترى النور مشعا في غرفة الجلوس في الطابق السفلي , وحين أكتسح الضجر مفاصلها بدا لها السرير مشوقا أكثر فأكثر لكنها صممت على البقاء ساهرة رغم أن التوتر بدأ يتعب أعصابها المشدودة.
أقتربت من النافذة للمرة الألف وأتكأت على أطارها , ما الذي كان يفعله زوجها في الأسفل؟ لم ينتظر؟ هل يحاول أن يتعبها ويرهق أعصابها وحسب؟
حدقت في الظلام ثم أنتفضت غير مصدقة , لقد أنطفأ النور , يبدو أن رولت سوف يصعد الدرج الآن , وأخذت تحدق بالباب مرتجفة ثم ضغطت أصابعها على أطراف عباءتها وشدتها الى جسمها , وتخيلت فجأة أن رولت يقتحم الباب وهو يضحك من سوء معاملتها له, وأنه سوف ينتزع العباءة عنها ويرميها على السرير , حتى أبعدت تلك الصورة عن مخيلتها , فالأمر لن يحدث أبدا ولن يضمها رولت اليه , لن يأخذها الى أحضانه دون أن تشعره أولا بغضبها أتجاهه , أطفأت النور بسرعة فغرقت الغرفة في ظلام حالك , ثم حبست أنفاسها وجلست تنتظر بصمت وترقب.
وصل رولت الى أعلى الدرج وتحرك نحو الردهة , وفتح باب ثم أغلق ففكرت آلانا أنه باب الغرفة الرئيسية , وحين تابعت أصوات الحركات في الغرفة خيل اليها أنه يستعد للنوم , وسمعت خرير ماء ثم عم المكان صمت شامل.
مرت دقائق وآلانا تراقب الباب , كان الصمت مخيفا في الغرفة الكبيرة وعرفت أن رولت أوى الى فراشه فأشتعلت فيها نار الخيبة!
كيف يجرؤ على ذلك؟ أنها ليلة عرسهما والمفروض أن يأتي الى غرفتها , كيف أمكنه الذهاب الى الفراش؟
رمت نفسها على السرير وراحت تعض الوسادة من شدة الغضب.
بعد أن أنقضت ساعة كاملة , أقتنعت آلانا تماما أن رولت قد أوى الى الفرا وأستسلم للنوم , لكنها كانت قلقة تتقلب كثيرا في فراشها وتفتح عينيها عند سماع أي ضجة , وأخيرا عند الفجر غرقت في سبات عميق.

 اليوم التالي , أستيقظت على نور شمس الظهيرة .
أفاقت ببطء وبأرتباك وهي مستغربة من الغرفة التي لم تعتد بعد عليها , ثم تذكرت أين هي , فتجمدت عن الحركة وأسترقت السمع , لم يكن هناك غير الصمت.
أين رولت؟ سمعت ضجيجا خارج نافذتها , فأنزلقت من فراشها وراحت تفتش عن مصدره .
تحتها في الحديقة , رأت رولت يتجه نحو زاوية البيت وهو يحمل قصبة وبكرة وعلبة لعدة الصيد ثم لمحته يختفي وراء المنزل بأتجاه البحيرة.
أغتنمت فرصة وجودها وحدها فأزاحت الكرسي عن باب الحمام , رأت مغطس البورسلين وهي تدخل ففكرت بأن أفضل ما تقوم به هو أن ترخي نفسها في الماء الساخن لتزيل آلام عضلاتها المتشنجة.
غرقت في الماء حتى عنقها , وأحست بعد فترة وجيزة بالنعومة والأسترخاء , كانت فقاعات الصابون تتصاعد وتتلاشى حولها والمياه الدافئة تهدىء أعصابها , فأسندت رأسها على ظهر المغطس وأغمضت عينيها متلذذة بهذه الأحاسيس اللطيفة.
وفجأة فتح باب الغرفة الثانية ! لقد نسيت أن تغلقه, فأنتصبت في المغطس ثم وقفت وأرتدت ثوب الحمام المحتشم مرتعدة , لكن الباب أنفتح فأنغرزت صورته في خيالها الى الأبد.
صرخت غاضبة:
" أخرج من هنا".
" لماذا؟".
كانت عيناه تلتمعان مرحا بينما هي ترتجف من الخوف.
أجابت:
" لأنني أستحم".
فألتوى فمه باسما وقال:
" لقد لاحظت ذلك".
" أفضل أن أبقى وحدي".
وعضت على شفتيها وهي تفكر أنه يحسن بها ألا تفقد أعصابها في هذه اللحظة.
" وهل يزعجك أن أراقبك؟".
فأجابت بجفاء:
" تعرف أنك تزعجني!".
لكنه بدل أن يخرج , كتف ذراعيه وقال:
" هذا مزعج حقا!".
كان يتحداها بوضوح ليحثها على دفعه خارجا , ثم قال:
" هل ستبقين هنا وقتا طويلا ؟ لقد بدأت أشعر بالجوع".
أجابته بكراهية :
" أذهب وتناول فطورك وحدك".
فرد ساخرا:
" لا أستطيع حرمانك من هذا الأمتياز".
" هكذا أذن.... أمتياز؟!".
وأنفجرت :
" لقد جعلت الرجل الذي يحبني يعتقد بأنني بخسة وأنني أطمع بالمال , ثم أبتززتني للزواج بأستعمال أهلي كوسيلة , وتجرؤ الأن على القول بأن تحضير الفطور أمتياز لي؟ أنت الأنسان الأكثر حقارة على الأرض .... أنت لست حتى أنسانا بل أنت شيء!".
وتجمدت نظراته فأصبحت قاسية وهو يقول:
" هل كنت تستعدين لهذا الحديث في عقلك من قبل؟ هل لديك المزيد من الكلمات التي تمرنت عليها؟".
" الملايين منها!".
" لا تتوقفي أذن , أسمعيني كل ما تعرفين , فلدي متسع من الوقت".
لم تعرف آلانا ما أذا كانت مياه المغطس قد بردت أم أن حرارة جسمها هي التي أرتفعت الى درجة الغليان , لكنها شعرت فجأة بقشعريرة وتمنت لو تخرج وتلف نفسها بقماش سميك.
فسألته بغضب:
" هل ستخرج من هنا؟".
فعاد للكلام ثانية:
" تعالي الآن يا حوريتي الصغيرة , فأنت لم تستعملي بعد كلمة (مقرق) و(كريه) ماذا عن(ثقيل) ربما وجدتني ثقيلا , أليس كذلك؟".
صوته الخشن ونظراته الملعونة ذكرتها بتلك اللحظة التي أرتخت فيها يديه , كان ثوب الحمام الآخر غارقا في الماء على مقربة من يدها , فضغطت بيدها على القماش المبلل ثم رفعته بغضب شديد ورمته في وجهه , فأنتشر الماء على الأرض وعلقت بعض نقاط الصابون بوجهه البرونزي , وصرخت بصوت مرتجف:
" أخرج من هنا!".
رد بلا مبالاة:
" بالأضافة الى أنك لم تصيبي الهدف , كان من الأفضل لك أن ترمي شيئا قاسيا ومؤذيا أكثر من ثوب الحمام".

 
 الباب وتوجه نحوها منذرا بشؤم هدفه , فتناولت وبسرعة البرق قوالب الصابون ورجمته بأثنين منها , لكنها لم تتمكن من ألقاء الثالث لأن أصابعه كانت قد أمسكت ذراعها بقسوة.
" أتركيها الآن".
ثم أدار يدها الى الوراء حتى أنزلقت الصابونة من يدها المتألمة , فغرزت أصابعها في اليد التي تمسك ذراعها لكنه أطبق يده على يدها الثانية وجرها الى خارج المغطس.
أنتشرت المياه والصابون في كل مكان , بينما كانت تحاول مقاومته , لكن أرض المغطس كانت تعرقل مقاومتها فتنزلق كلما حاولت أن تشد أكثر.
لف رولت ذراعيه وراء ظهرها وضمها اليه وشد بكل قواه , فتوقفت آلانا عن المقاومة مجبرة كي لا تزيد من ألم يديها , ثم أعادت رأسها الى الوراء وعيناها تلتمعان من الغضب مثل عينيه , وتمتمت له بسخط ظاهر وهي غير قادرة على التنفس:
" أتركني!".
أجابها بقسوة:
" بكل سرور".
ثم تركها كليا دون أن يمد لها يد العون كي تتمكن من الوقوف على البلاط المبتل , ثم أنتزع المنشفة الكبيرة المعلقة وقال لها:
" خذي!".
لفها حول جسمها غير آبه بالخشونة التي يمسكها بها وربط أطرافها حول صدرها , وقال:
" أن عفتك وحشمتك لم يمسا بعد".
كانت بقع الصابون تلطخ قميصه القطني وقد أبتلت ثيابه , وبعد أن نظر اليها نظرة متعجرفة أخيرة , هم بترك المكان.
لكن آلانا المرتبكة الخجولة والحانقة لم تستطع أن تتركه يرحل بسلام , فلم يكن يكفيها أن يغادر دون أن توجه له كلمتها الأخيرة:
" أياك أن تقترب مني ثانية , أبدا".
وبحركة طفولية , ضربت قدمها على الأرض الرطبة.
توقف عند عتبة الباب دون تأثر للحظة الأولى , ثم أستدار كالعملاق فأدارت آلانا ظهرها وأتجهت نحو غرفتها بينما تابع رولت وصوته يرتجف من الغضب:
" أذا أتيت أو لم أفعل مرة ثانية , فهذا شأني وليس بناء علىأوامرك".
فقالت آلانا بشجاعة وهي تتراجع خشية أن يتقدم منها:
" لا تكن واثقا جدا من ذلك".
وسخر منها محتقرا:
" أحقا؟ وهل شعرت بالأطمئنان ليلة البارحة وراء الحواجز التي أقمتها؟".
وألقى نظرة ساخرة على الخزانة أمام باب الردهة .
فتعمدت آلانا ألا تزيح نظرها عنه وهي تتراجع فلم تلاحظ أنها وصلت الى أرض الغرفة المغطاة بالسجاد.
كانت تتساءل هل عرف بوجود الخزانة وراء الباب منذ الليلة الماضية أم أنه لم يرها ألا الآن؟".
وكأن السؤال ظهر في عينيها فذكرها رولت قاطعا أفكارها:
" أن غرفة الجلوس تقع تحت هذه الغرفة تماما , وقد سمعتك تجرين الأثاث ليلة البارحة وكنت أشك بأنك ترتبينه في ذاك الوقت المتأخر من اليل".
فقالت :
" لقد عرفت أذن!".
" طبعا , ولكن هل تعتبرين أن التدابير تستطيع منعي من الدخول لو أردت ذلك؟".
أجابته منذرة:
" كنت أقتلعت عينيك لو نجحت بالدخول".
فضجك بخشونة وأجاب:
" أشك في ذلك".
ودون أن تنتبه الى كلامها , هزت آلانا رأسها بكبرياء وتحد وأجابت:
" حاول مرة".
ثم قفز نحوها بقوة وأدركت أنه أصبح أمامها فرفعت يدها لتضربه لكنه ألتقطها في الوقت المناسب فأصابت الصفعة كتفه دون أن تسبب له أي أذى , ثم أمسك بذراعيها من أعلى وراح يشد على جلدها الناعم بقسوة.
كانت ترفس بأصابع قدمها وتضرب بقبضتها لمنعه من جرها اليه , وبعد محاولات متكررة نجحت في ضغط يدها على يده ومنعه من أن يمسك ذراعها فأجبرته على أن يحيط جسمها بيديه تاركا يديها حرتين لضربه وهي تتلوى وتتخبط داخل حصاره الحديدي.
لكنه لم يتأثر من وابل ضرباتها على صدره وكتفيه , فوجهت قبضتها نحو فمه , نحو تلك الشفاه الساخرة , وأصابته في وسط الشفة فأنهمرت الدماء على أسنانه البيضاء.

 اللحظة شعرت آلانا بالخوف مما فعلت , فجحظت عيناها حين رفعها بيديه , ورماها بغضب الى الوراء فأرتج السرير من وقع جسمها وأنطلقت صرخة دهشة من فمها , ونظرت الى وجه رولت الغاضب العابس غير قادرة على الحراك بينما هم بالأنحناء فوق على السرير.
عادت الى وعيها لحظة , وبدأت تجر نفسها الى الجهة الثانية من السرير لتبتعد عنه , لكنه كان أسرع منها فأنتشل أحدى ذراعيها وأدارها ووضعها في موقف حرج.
حاولت يداها مصارعته وأبعاده عنها لكنه كبل يديها فوق رأسها , حدقت به وعرفت أنها وقعت في الفخ , كانت عيناها ترفان من الخوف عندما واجهت عينيه القاسيتين.
كانت تقاوم برأسها علها تتخلص منه لكنها أحست أخيرا بالضعف والأنخذال , أما قبضة يده المطبقة على كتفها فحطمت قوة دفاعها , وحين أكتملت مخاوفها أحس رولت أنها باتت تحت أرادته.
لكنها بقيت باردة متجاهلة لمشاعرها.
يجب ألا تستسلم له بعد ما فعل بها وبأخيه وبأهلها.
وعندما أحست بأن آخر وسائل دفاعها قد سقطت بين أحضان عاطفته الثائرة , وعرفت أن كل قرارتها باءت بالفشل وتلاشت آخر مقاومة لديها , رفع رولت رأسه وأبتعد عنها وفي ملامحه غضب وأشمئزاز ووقف قرب السرير , فمدت يدها المرتجفة , وأمسكت بأطراف المنشفة وهي غير أكيدة أذا كان أبتعاده عنها نهائيا أو مؤقتا , فقال لها بغضب:
" هكذا ستستمر القصة , أليس كذلك؟ عراك وصراخ, سوف نرى من سيرضخ أولا؟".
وأدار ظهرهبسرعة وأتجه نحو الباب المسدود بالخرانة فخرج منه الى الردهة , وتجمدت آلانا في مكانها أذ أنتابها شعور جامح ومفاجىء بالحاجة الى عطفه برغم قسوته , فنادته بصوت خافت:
" رولت".
فتوقف وأستدار سائلا:
" ما بك يا آلانا؟".
كان جوابه قصيرا وخشنا.
غص حلقها للحظة وكادت تستسلم لعاطفتها وتنسى كرامتها وأفتخارها بأنها تكره رولت , فصرخت بأعلى صوتها:
"أذهب الى الجحيم".
أبتسم أبتسامة باردة وأجاب:
" لن أذهب ألا برفقتك يا زوجتي!".
وأزاح الخزانة بسهولة فأعادها الى مكانها ثم فتح الباب وتوقف ليلقي نظرة أخيرة ويقول:
" ليس ضروريا أن تعيدي وضع هذا الحاجز في كل ليلة فأنا لا أرغب بأن يتطم وجهك الجميل هذا".
بعد أن أغلق الباب وراءه , أطبقت أصابع يديها وضربت بقبضتها على فمها ثم أستدارت ودفعت وجهها في السرير .
كانت أغطية السرير مبتلة , فشعرت بالخجل من نفسها لأنها كادت تستسلم لو أن رولت أصر على البقاء دقائق قليلة بعد, وفكرت يائسة بأنها لن تترك نفسها تقع في حبه؟!.
كانت العبارة سهما حادا جعلها تقفز من السرير .
هذه حماقة!
كيف يمكنها حتى التفكير بذلك؟
أذا شعرت بأحاسيس لذيذة تعلو في داخلها كلما أقترب منها رولت أو كلما أمسك بها , هل يعني ذلك الوقوع في الحب؟
ساورها الشك في تلك اللحظة , لذلك وبسرعة ذكرت نفسها بالأساليب الوقحة التي أستعملها رولت لدفعها الى الزواج منه , وفكرت بأنه لا يمكنها أن تحب رجلا يتجاهل مشاعر أخيه بهذه الطريقة, يجب أن تكرهه! يجب أن تفعل!
قامت وأرتدت ثيابها ونزلت نحو الردهة فأنعشتها رائحة الطعام عندما وصلت الى أسفل الدرج.
كانت قد أبعدت عن خيالها كل المخاوف والشكوك لكنها عندما دخلت المطبخ , نظرت الى رولت بحذر وهي خائفة من أن يكون قد تنبه لأزدواجية مشاعرها أتجاهه.
رأته واقفا أمام الموقد يدير لها ظهره الطويل المنحني ذا الأكتاف العريضة , فأقشعر جلدها عندما تذكرت الأحاسيس التي أنتابتها وهو قربها , وأرتجفت رافضة أن تخافه , فكرت بالفرار من الغرفة لو لم ينظر اليها في تلك اللحظة بالذات ويسألها:
"كيف تحبين البيض؟".
لم يكن في صوته أي أنفعال أو أثر لما جرى في غرفتها , لذلك حاولت أن تجعل صوتها يبدو طبيعيا وأجابت:
" مقليا جيدا". كسر بيضتين فوق المقلاة وحركها مع الزبدة ورمى القشور وأكمل:
" الفطور جاهز , في البراد عصير برتقال والكؤوس على الطاولة".
تناولت أبريق العصير من الثلاجة وجلست الى المائدة في المطبخ , توقعت آلانا أن تبدأ الحرب الباردة فيما بينهما , وأن رولت سوف يلقي عليها نظراته الشائكة المتهكمة , لكن لم يحصل ما توقعت .



 , متعاليا بعض الشيء , مما جعلها تحس أنه أكثر خطرا من قبل....
مر شهر العسل , أي نهاية الأسبوع على المنوال نفسه , سبحا , تنزها في الزورق وأستلقيا في الشمس ومشيا في الغابات.
كانت دعوات رولت تستجاب بالسكوت وكان يدعوها ببرودة ويقول:
" أهلا بك أذا أردت مرافقتي أو البقاء هنا".
لم يتكلما, لم يضحكا كثيرا".
كانا غريبين يترافقان لعدم وجود رفيق ثالث , لكن آلانا كانت تشعر بكل لمسة من لمساته .
عندما ذهبا في القارب , حملها من رصيف المرفأ الى الزورق , وأنزلها عند العودة فأعانها على صعود السلم وكانا قد ذهبا يسبحان في البحيرة.
كان يمسك بيدها أحيانا وهما يمشيان في الغابة لمساعدتها على أجتياز الأمكنة الوعرة ,وعندما أستلقت في الشمس دلّك زيت الشمس على ظهرها , وقد صعب عليها أن تنسى ذلك بسهولة .
وفي كل لحظة , كانت تعلم بأن أشارة منها يمكنها أن تبدل اللمسة غير المبالية الى مداعبة حميمة , وكانت تحس بالرغبة في ذلك كل مرة , لكنها لم تفعل.
أستيقظت صباح الأثنين حين سمعت طرقا على الباب , فطردت النعاس من عينيها وجلست في السرير , لفت الأغطية حول جسمها وأجابت:
" نعم؟".
فتح رولت الباب لكنه بقي خارج العتبة , كان يرتدي بذلة أنيقة فاتحة اللون , وفكرت آلانا بالذوق الرفيع الذي يملكه , تطلعت عيناه الزرقاوان الى شعرها الأشقر وراقبتا وجهها الهادىء ثم قال بفتور:
" أنني ذاهب الى المكتب , وسأعود في حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف للغداء .... من الواجب أن أتناول طعام الغداء معك في الأسابيع الأولى .... أذا سمحت الظروف".
أجابته :
" طبعا".
" سأراك ظهرا".
ثم ترك الغرفة , وبعد لحظات سمعت صوت محرك سيارته وهو يبتعد.
في ذاك الأسبوع عاد ثلاث مرات الى المنزل ظهرا وتناول وجبة الطعام معها , كما زارت آلانا والديها مرتين في المدينة , وحاولت أن تذكر أسم رولت بقدر ما يجب أن تفعله عروس جديدة , وتشابهت نهاية الأسبوع الثاني مع الأولى بأستثناء دعوة الى العشاء عند شريك لرولت في العمل , لم يكن صعبا على رولت أدعاء السعادة والتظاهر بعبادة زوجته الحبيبة خاصة أنه يمثل دور الزوج المحب.
جلست آلانا على شرفة المنزل تستمتع بلهيب الشمس وحين أحرق النور جلدها الناعم , أخذت تمسحه بالزيت الواقي.
وبينما هي تمرر الزيت على ساقيها كانت تفكر برولت ,وأعترفت لنفسها بأنها قد تقع في حبه , لكنها سرعان ما أبعدت هذه الفكرة عن ذهنها وتذكرت أخلاقه السابقة...
لكنه كان من الصعب عليها أن تعيش على العداوات القديمة بينما هو يتصرف بشكل طبيعي ويثير شوقها.
لو أجبرها على حبه , لكان ذلك سببا جديدا يجعلها تكرهه , لكنه لم يفعل.
تنهدت وهي تصب مزيدا من السائل على كف يدها وتفكر بأن حياتها أصبحت مستحيلة , فكيف تعيش تحت سقف واحد مع رجل يتمتع بكل مواصفات الرجولة والقوة مثل رولت وتبقى جامدة بلا شعور نحوه ؟ ليس طبيعيا أن يعيش رجل وأمرأة زوجين ومنفصلين في آن واحد , تذكرت نظراته وهو يتطلع اليها وأدركت أنه لا يزال يريدها وأن شعوره نحوها لم يتبدل!

 البداية كانت تريد أن تفسد حياة رولت أما الآن فهي تبل كل جهدها كي لا تقع في الفخ الذي نصبته لنفسها , لكن حظها في النجاح بات يتضاءل يوما بعد يوم , أحست كم هي مخذولة وكم هي ضعيفة.
راحت تتأمل خضرة الطبيعة من أعلى الشرفة وتحاول أن تبعد تلك الأفكار عن رأسها , بينما يدها تبدد السائل على جسمها , وحين أرتفعت اليد لتنشرالزيت على كتفها سمعت صوتا يقول لها:
" تمهلي , سأقوم أنا بذلك".
وأنتفضت آلانا عند سماع الصوت وألتفتت فرأت واقفا وراء زجاج الباب المؤدي الى غرفة الطعام , كان قد خلع سترته وحملها بأصبعه وراء ظهره.
فنظرت بسرعة الى ساعة يدها الموضوعة على الطاولة قرب كرسيها وقالت له:
" لم أتوقع قدومك قبل ساعة , ألم تقل لي الساعة الواحدة ؟".
فتح الباب الزجاجي وأجابها :
" خرجت باكرا ولم أكن أتوقع ذلك".
ثم تابع سيره نحوها بعد أن ألقى سترته على ظهر كرسي .
بينما كان يتقدم نحوها وضعت آلانا زجاجة الزيت على الأرض وشعرت بالأضطراب لوصوله الباكر وقالت:
" لم أبدأ بتحضير الطعام و....".
ثم همت بالوقوف لكنه وضع يده على كتفها وأقعدها من جديد , وهمس:
" هذا لا يهم , فأنا لست جائعا....".
ثم توقف فترة وأكمل كلمته:
" .... للغداء".
عند هذه الكلمة الأخيرة قفز قلب آلانا وأنزلت رموش عينيها بسكوت يعبر عن الشوق الذي تحسه.
جلس وراءها على الكرسي فشعرت ببرودة الزيت على جسمها وأرتعشت للتدليك القاسي على جلدها....
وأشتعلت النار في داخلها وأرتفعت حرارة جسمها , فحركت كتفيها بلا أنتباه وكأنما تريد أن ترفض لمساته , وقالت وفي صوتها غصة خفيفة :
" هذا يكفي".
لكنه لم يتوقف بل قال:
" أن مفعول الزيت يزداد أذا ما تشرب ه الجلد".
فبدا صوته جذابا في خشونته أكثر مما بدت يداه.
لكنها ردت:
"لا تفعل!".
كانت تحاول أن تخفي تنفسها المضطرب , فأزاحت ظهرها عن الكرسي وتقدمت الى الأمام محاولة الأفلات من يديه , لكن يده الثانية أنطوت حول كتفها وأدارت جسمها حتى أصبحت تواجهه.
لم تكن قادرة على النظر الى عينيه , فتطلعت الى أعلى قميصه المفتوح لكنها شعرت بأثارة أكبر , وحين لاحظ تصرفها السريع مد يده الى طرف عنقها ووضع أصبعا تحت ذقنها , كانت عيناه متأججتين تفصحان عن الرغبة المشتعلة فيه.
سألها عابسا:
" هل ما زال الجواب لا, أليس كذلك؟".
" نعم , هذا هو الجواب".
وأدارت عنقها رافضة أصابعه لكنها لم تستطع أن تخفف خفقات قلبها , فتحت شفتيها لاشعوريا وكأنها تدعوه اليها رغما عنها , حدق بها بصمت فتمنت تلك اللحظة لو أن يتجاهل جوابها ويستغل الموقف لكنه بقي جامدا من دون أن يظهر أي أضطراب , وقال لها بحنان:
" أعتقد أنه من الأفضل أن تحضري الطعام كي أعود الى المكتب".





























Continue Reading

You'll Also Like

350K 30K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
512K 14.2K 17
كان القلب فارغ وحاضري اراه يشبه ماضي،، الحب لم اعرفه ولم اعشه اتاني فجأه كهديه من السماء وعرفت ان العمر هو مجرد رقم لايتحكم بالقلب ولا بالروح عندما...
515K 11.9K 40
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
7.5M 368K 72
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...