الشَيـطَـآن النَبِـيـل

By BaneenWu

1.4K 121 86

⚶تقَـدّم نحـوِي أرجُـوك فإنِـي لا أنــوِي عليـكَ إلا الخـلاص- هِـبنِـي إبتِسـامتكَ الدافِــئة الأخِـيرة قَـبل... More

START
Part 1 / إمتِنَـان
Part 2 / لحنٌ يبكِي
Part 4 / الضَجِيج الهَادِئ
Part 5 / الثروة

Part 3 / شِكُوك

109 14 8
By BaneenWu

" ومالذي من المُفترض أن يكون المغزى من كل هذهِ الأمور التي نعرِفها؟ "

قالها الضابِط الجالِس بمللٍ وينظُر الى الفتاة التي أمامَه يوحي بوضُوح بكونِها تضيّع وقتَه بلا فائِدة وهي تُلقي عليه بعض المعلومات العالقة في ذاكِرتها ، ماهذا؟ ألا يُوجد إحترامٌ للمُوظفِين الجدد؟ ثَار غضبُها بينما تحاوِل الإحتفاظ بالمزِيد من الإحترام فِي نبرتِها وهي تقول :

" أحاول أن أقول إن بعض حوادِث الإختفاء ترتبِط بطريقةٍ ما بالسيد وو ! بالأخَص مواعِيد معزوفاتِه على البيانو "

إختنق الرجُل الذي من المُفترض أن يكون ضابطاً بقهوتِه وهو يستمِع الى هُراءِها ، لينفجِر ضاحكاً بعدها بقوّة وهو يمسِك بطنهُ الكبيرة ، ثُم قال من بين ضِحكاتِه الهمجِية :

" أنجِيلا إلى أين تُريدين الوصول مع حماقتِك؟ "

بقِيت أنجيلا مُتمسكةً بموقفِها وهي تحدق فِيه بجديَة تامة ، ليُردِف صارِخاً في وجهِها بغضب عارِم :

" هل تُدركين عن مَن تتحدثِين؟ ذلك السيد يستطيعُ جعل حياتِك جحيماً أو جنة بفلسٍ واحد من جيبِه ! كيفَ تجرُؤين على إتهامِه بالجرائِم حتى؟ "

أجابتهُ أنجيلا بهدوء :

" انا لا أتهِمُه يا سيدي ، أنا أشارِكُك مُلاحظتِي الخاصة لا أكثر .. "

ثُم أردفت بسُخرية لاذِعة بينما تُلقِي عليه نظرَة إستِخفاف :

" بصفتِكَ ضابِطاً والنائِب العام لرئِيس الأمنِ الأعلى لهذا المركَز "

وتركتُه بينما بقِي يُحدق فِيها من الخلف بصدمَة ، جُرأتها لا تُصدق ، كيف سُمِح لها بالعمل مع الشُرطة حتى؟ إنها أول فتاةٍ بالفِعل تفعلُها في فرنسا حتى هذا الوقت ، ولا تخافُ أي أحد ، ثِقتُها تستطِيع تحطِيم أنفِ من يتحدّاها ، دائِماً مُتمسّكة برأيِها ، مالسِر وراء ذلك؟ قبُولها في وظِيفةٍ كهذِه كان مُجازفةً بسبب عِنادِها وإصرارِها ، بلا نفُوذ .. بلا إغراءات .. بلا رشوى .. بلا خُدع أو إستغلال .. كيف إستطاعَت فعل ذلك؟ ، لابُد من شأنِها العظِيم إذاً ، ولابُد من الإعتماد عليها والوثُوق بها ، لكِن الغالِبية لا يزالُون يسخرُون مِنها لإيمانهِم التام بأن المرأة لا مكانَ لها هنا وإن عملَها فقط إدارة المنزل وتربية الأطفال .. أمثال ذلِك الضابِط ذُو البطنِ الكبيرة عاشِقُ المَال .

°°°

تحتَ ضوءِ القمر كان لحنٌ كئِيبٌ ينسابُ في هذا القصر الخاوِي والمُظلِم ، الذي لا يسكنُه سوَى جسدٌ واحِد .... والعدِيد من الأرواح ، حسناً هذا ما يُؤمِن به سيّد البيانو هُنا ، يعزِف وتيرةً جدِيدة مليئَة بالألَم ، وجسدُه ينحني وينتفِض مُندمِجاً مع ألحانِه ، يُغمض عينيَه بينما تبتلِعُه يَد الماضِي ، وتقيّد أنفاسه تُجبره على رؤيَة حياتِه بأكملِها حتى هذهِ اللحظة وأنامِله لا تستطِيعان التوقف عن التراقُص على أزرارِ البيانو المُتعب طافِح الكيلِ هذا .

تحدثَ ذلك الطِفل الهزِيل ذُو الثمانِ سنوَات ، جاثِياً على رُكبتيه أمام جُثة والِدته الراقِدة على الأرض منذُ مايُقارب الثلاث وخمسُون ساعة ، فقال :

" أمي هذا يكفِي .. لقد نِمتِي كثيراً ..... أنا خائِف جداً .... وجائِع "

ذِقنُه كان يهتز مُرتجفاً بخَوف ، نظرَ إلى الطِفل الرضِيع الذي بينَ يدَيه بقلَق ليهتَز صوتُه كذلِك بينمَا عيناهُ تومِضَان بالذُعر ، إبتلعَ شهقتَه أثر رغبتِه بالبُكاء قائِلاً بنبرةٍ مُتحشرِجةٍ يائِسة :

" إن أخِي مريِضٌ يا أمي "

رقَدَ هذا الطِفلُ أرضاً بينمَا يُحدِق بعَيناهَا الساكِنتان ، جسدُها جامِد والزُرقة تحتلُ أجزاء بشرتِها من رأسِها لأخمصِ قدمَيها ، بينمَا الدِماءُ الجافة والقاتِمة تغمُر الأرض جرّاء ذلِك الثَقب العمِيق الذي في عنُقها ، عبِس الطِفل وفي داخِله شعورٌ بإحباطٍ شديد ومُؤلِم ، مالذي حلّ بوالدتِه وأخِيه الصغِير ليغدُوا هكذا بلا نفسٍ أو حرَاك؟

°°°

رفعَت أنجيلا عينيها العسليتين المُتعبتين لتُقابلها هيئة ضخمة ، في البداية كانت الرؤية مشوّشة إلا إنها تستطيع معرفَة هوِية هذا الشَخص ، فركَت عيناهَا بإبهامِها والسبَابَة حتى إتضَحَت الرُؤيَة لها فتَأكدَت من كَونِه الشُرطِي ماثيو الأصهَب ذُو الشَعر المُجعَد الذي يبلُغ الحادِي والأربعُون من عمُرِه ، فإرتفعَت إبتسَامتُها لتِقف إحتِرامَاً له وهي تُصافِحه ليُبادلها قائِلاً بتساؤل بوِد :

" أرى إنكِ هُنا الى وقتٍ مُتأخِر يا أنجيلا؟ "

أخفضَت رأسهَا قليلاً لتبتسِم وتقُول بينمَا تمرِر سبابتهَا تحتَ أرنبَة أنفِها كالصِبيان :

" لديّ عمَلٌ هام "

جوابٌ مُوجَز للغايَة ، إبتسم ماثيو لِذلك ليجلِس على الأريكة الجلدِية المُقابِلة لأريكتِها ثم أومأ لها بيدِه سامِحاً لها بالجِلُوس فجلسَت ليقول بتأني وهدُوء :

" لقَد وصلتنِي أخبارٌ بأنكِ تُحققِين في قضيّة الإختِفَاءَات التي ترتبِط مواعِيدُها بمَوَاعِيد معزُوفات السيّد كريس وو "

إرتفَع حاجبيّ أنجيلا قليلاً في دهشة ، ألَن يستطِيع صاحبُ البطنِ الكبيرة التوقّف عن الثرثرَة والإستِهزاء ولو لمرَّة؟ إنهُ مُثير للسُخريَة ، تقَابلت أعيُن أنجيلا أمام عينا ماثيو لتقول بثقة ونبرةٍ حازمة جادة :

" نعم سيد ماثيو ، أنا أقومُ بالتحقيق في هذا الموضوع لأنني لديّ شعورٌ راسِخ تِجاهه "

أومأ لها ماثيو بهدوء ليقول :

" يبدو ذلك جاداً على تعابيركِ أكثر من أي وقتٍ مضى ، ولكنكِ تعرفين ماهي العوائِق والمصاعب التي تترتب على شكوككِ تجاه السيد كريس وو  ، أنتي ترين كيف أن الجميع يعشقُونه وهائِمُون في مُوسيقاه ، ولن أنكِر إنني من ضِمن هؤلاء فعزفُه لا يُستهان به ، وعلى كلٍ فأنا لن أعترِض رغبتكِ في التحري فمِن كامل حقكِ أن تؤدي واجبكِ كمُحققة وتبحثين خلفَ المخاطِر التي تشعرين بها "

عقدت أنجيلا ذراعيها إلى صدرها بينما تقول له :

" سيكون ذلك سرياً ، ولن أدع أحداً يعلم بمخططاتي حتى أتأكد من شكوكي وأبدأ في البحث عن الدلائل "

" وماذا عن الضابط الثرثار؟ لقد فضح أمركِ لأول شخصٍ إلتقى به بعد ذهابكِ بدقيقتين ولحُسن الحظ كنتُ أنا ، وتذمر بشأنِ وقاحتكِ وبقي يسخر منكِ حتى شاء القدر أن يُسكته بوصول بريدٍ هام من الكونت بيرنارد "

إبتسمت أنجيلا بسخرية وقالت :

" صاحب البطن الكبيرة ذاك .. غبيّ بما فيه الكِفاية لكي يفكر في أمرٍ عظيمٍ كهذا "

ثم أضافت أنجيلا بينما تنتقل للموضوع الأكثر أهمية قائلةً بحزم :

" إذا تحققت شكوكي .. سوف أعرض كل ما لدي من التوضيحات والدلائل بحيث لن يتمكن أحدهم من إعتراضي أو التفوّه بحرفٍ واحدٍ ضدي ، وستكون جميع النقاط لصالحي وألقي القبض على السيد كريس وو إن كان له شأنٌ في إختفاء بعض الأشخاص "

ضحك ماثيو قليلاً ليقول بدهشة :

" مهلاً يا فتاة تبدين متحمسةً للغاية ! لا أقصد الإساءة ولكن من الواضح كونكِ تحملين ضغينةً تجاه ذلك الرجل "

" أنا لا أحمل ضغينةً تجاه أحد ، هذا هو عملي وهذا هو واجبي وكما إن قضايا مثل هذهِ خاصة مع الرجال فاحشين الثراء تحتاج الى الحذر المُتكامل و وضع الإستراتيجيات من كل النواحي و توقع الإحتمالات السيئة والجيدة معاً "

اومأ ماثيو مُستجيباً لحماسها فأخذ ينظُر الى فوضى الأوراق والمخطوطات والكتب المُتناثرة من حولها على الأريكة وعلى الطاولة الفخارية الصغيرة التي أمامها ، وفناجين القهوة الأربعة اللتي تصطف بفوضوية على الأرض ، فقال :

" إذاً ماذا عن قضية إغتيال مكتبة براسان تحت الجسر التي تم تكليفكِ بها؟ "

رفعت إحدى حاجبيها بإستنكار لتجيبه بلامبالاة :

" هذه لغز أطفال كلفوني به لإختبار مهاراتي للمرة الثامنة عشر ، انا أخصص وقتاً لها خلال الفطور لأفكر فيها ، إنهم يظنون بأنني أحللها خلال هذا الوقت بينما الواقع كما ترى انا مشغولة بأمر السيد وو ، لذلك قضية براسان تشكل ساتراً لي وانا أقوم بعملي بشكلٍ جيد وأموري يسيرة .. وقريباً انا افكر في تنفيذ خطوةٍ ما بشأن السيد وو "

اومأ ماثيو مجدداً ببطئ بينما يتأمل في حزمها وقدرتها في القبض على زمام أمورها ، وكيفية سيطرتها على كل هذه التفاصيل المعقدة وكم إنها جريئة بما فيه الكفاية لتُقحم نفسها في قضية خطيرة كـ تلك ، إنه فقط يدعو الإلـٰـه أن تتيسر أمورها فهو يرى جانباً عظيماً من شأنها لا يُعوَض ، فإبتسم إليها وقال متنهداً بينما ينهض وهو يمسح بنظرِه هذهِ الغرفة الصغيرة :

" إنتي تحتاجين مكتباً خاصاً بكِ بالفعل أنجيلا ، إن مكتب دانييل غير مريح على الإطلاق "

وقفت أنجيلا مقابلةً له لتقول بثقة :

" قريباً سيد ماثيو ... قريباً "

صافحها وقال بإبتسامة :

" سررتُ بلقائكِ اليوم والإطمئنان عليكِ ، كوني بخير وأتمنى لكِ حظاً جيداً "

إبتسمت له في المقابل وأومأت له بتحية :

" بالتوفيق سيدي "

_

يتبع ...

ملاحظة : ستجدون إجابة لجميع أسئلتكم مع مرور الأحداث :) .

Continue Reading

You'll Also Like

24.3M 1.2M 56
صغيرةٌ فاتنة تخرج من قاع و تدخل آخر تَلف بها الدُنيا تقع بغرام تاجر أسلحة برَقبته ثأر مُخيف
34.6K 1.3K 14
الكاتبه/اديام اذا فيه مشكله بالسرد او القصه كلموني و ماراح اقصر معكم 🌷 اتمنى تعجبكم رواياتي او سردي بشكل عام
212K 5.9K 55
حياةٌ اعيشها يسودها البرود النظرات تحاوطني أواجهُها بـ صمود نظراتٌ مُترفة .. أعينٌ هائمة ، عاشقة ، مُستغلة ، عازفة ! معاشٌ فاخر ، صوتٌ جاهِـر اذاق...