Enjoy~ 🌌💫
-
"أحضِر إليّ قِماش الكِتّان بيكهيُون."
هَرول بسَاقيهِ القَصيرتَان مُسرِعاً إلى الجَانب الآخرِ مِن المَتجر الصّغير. يَسحب تِلك الكَومة الكَبيرة مِن القِماش المُلتف على بعضِه لِيركض بِها بصُعوبة لثُقلها على جسَدهِ النّحيل. وقعَ مرتّين بالفِعل أثناءَ سحبِه لهَا لِيستمِع لِصوتِ قهقهةٍ هادِئة تَصحبُها خُطوات تِجاه جسَده المُرمى أرضَاً. يدٌ مُدّت لَه لِيبتسِم بسَعادة شاكِراً ويمُد يَده هُو الآخَر يمسُك بألتِي أمامَه ويَستقيمَ بِمُساعَدتِه.
"شُكراً لكَ تشانيُولي~"
أومَأ تشانيُول لِينحَني ويحمِل كَومة القِماش بَدلاً عَنه ويتّجِه عائِداً إلى ماكِينة الخِياطةِ خَاصتِه يَلحقُ بِه بيكهيُن مِن الخَلف.
-
"هَيا هَيا أسرِع."
"إنتَظرنِي بيكهيُون."
ضَحِك الأصغَر ليَسير قافِزاً بينَ الأحجَار في طَريقِه، يسبِق الآخر. يتسَلق التّلة الصّغِيرة مِن أجلِ الوصُول الى مَكانِه المحبُوب.
"إنتَبه لِألّا تقَع."
"كُفّ عَن القلَق تشانيُول. لن يَحدُث شَيء."
إبتَسم بِوجهِه وتشانيُول رَفَع يدَه يَضعُها على جبهَته مِن أجلِ حجبِ أشعّة الشّمس عن عَينيهِ فقَط لِيرَى تِلك الإبتِسامة عَلى شِفاه الأصغَر الحَمراء وخُصلاتِ شعرِه التي أصبَحت تلمَعُ كالذّهب بَينما تُداعِبها الرّياح بِنعُومة، فالشّمس كَانت تحجُب عنهُ رؤيَته بِسبِب وقُوفِه هو أمامَها.
"لَن تستَطيع اللّحاقَ بِي!"
تشانيُول إبتَسم ليَبدأ بالقَفز هو الآخَر بَينما يرَى بيكهيُون يسيرُ بكُل أريحِية، يَثِق إنّ تشانيُول لَن يلحَق بِه.
أطلَق بيكهيُون صَرخةً صغِيرة حِينما أحاطَت بِه ذِراعَين فَجأة.
"أمسَكتُك."
إرتَعش بدنهُ جَراء الهَمس بِذَلك الصّوت العمِيق فِي أُذنه. إضطرَب حِينما قبَض الأطوَل على يَده يجذِبه إلى حيثُ مَكانِ بيكهيُون المُفضّل، تِلكَ الأُرجُوحة الصّغِيرة المُهترِئة والتِي صنَعهَا كِلاهُما وثبّتاها تَقريباً على حافّة الوَادي حيث منظَرُ قَرية سِيون يسحَر الأعيُن بجَمالِها.
إلتَقط تشانيُول بيكهيُون مِن خَصرِه يَرفَعه لِخِفّة وَزنِه يَجعَله يجلِس على الخَشبَة المُستَطِيلة. شَدّ عَلى الحِبال أكثَر مِن مرّة وتفَحّص الحَدائِد المُثبّتة بالأرض يَتأكّد إنّ الأُرجُوحة لَن تَرمِي بِالأقصَر لِلوَادِي لتَجعَل مِنه رَومِيو الذِي لَم يتَردّد بِزهقِ رُوحِه حِين عَلِم إن حَبيبَتهُ جُولِييت تُوفّيت بِسَببه.
وَقَفَ خَلفَ صَغِيره وبَدأَ الدّفعَ بِه وهُو يُراقِب تَعابِير بِيك السّعِيدة وضِحكَاتَه الرّقِيقة التِي تَملَأ أفُق السّماء معَ النسِيم البارِد الذِي يجعَل مِن خُصُلات شعرِه البُني تَبدُو كخِيوطِ ذهَبٍ مُنزّلة مِن الفِردَوس تحتَ ضَوءِ مَغيبِ الشّمسِ الذِي يَعشَقُه كُلّ كائِنٍ عَلى وَجهِ الأرض.
أوقَف الأُرجُوحَة ليتَقدّم واقِفَاً أمامَ الأصغَر الذِي حدّق بِه بِمُقلتَيه اللّامِعتينَ بِسَبب ضَوء الشّمس. أسنَد يدَه عَلى الحِبال المُهتَرِئة لينَحنِي بِجَسدِه العُلوي تِجاه الأصغَر الذِي وسّع عَيناه بِصَدمَة.
نسيجُ شفاهه الغليظَة الحمراء تلتَحِم مع الشّفاه الرفيعة الزهرية للمَلاك النقيّ الجالِس امامه على الأُرجوحة. أدرَك القَصِير مَا يحدُث ليُغمِض عَيناه بهُدوء بينَما يحاصِره الأطوَل بين يدَيه ويتبادَلان لعق شفاههِما ببُطئٍ.
عجيجُ قلبَيهُما بوَجف يعكس جمود بدنهُما السّاكن. لا يقدِران على سمَاع شيء، وكأنّ العالَم قد لُجم حولهُما. يُعمّقان ألسِنتهُما داخِل جَوف فَاهِما مُستغلّين لحَظات السّكينَة حَولَهُما.
فصَل تشانيُول لَحَظاتِ المُتعَة جاذِباً مَعه خَيطاً رفِيعاً مِن اللّعَاب الوَاصِل بَينَ فَمِه وفَم الأقصَر. أخرَج لِسانَه لاعِقاً شِفاه بيكهيُون ويمُد ذِراعَه يُمسِكُه ويجذِبُه إلى قلعَة توربيُون باسِماً بينَما الآخَر يغلِي خجَلاً.
دَلفَا إليهَا لِيتجِها إلى حيثُ القاعَةِ المَلكِية. إتجّه بيكهيُون إلى القاعَة سابِقاً تشانيُول. ولَج إليهَا ليَخطو عَلى البِساط الأحمَر الذِي صنَعَه هُو والأطوَل إلى حيثُ عرشِ المَلك البالِ ذو القِماش الأحمَر المُمزّق.
"أتودّ لَو تكونُ ملِكاً؟"
نظَر الأقصَرُ إلى تشانيُول الذِي ولَج هُو الآخَر وسألَه. إبتسَم بيكهيُون ليَنفِي وقَد لاحَظ نظَرات الإستِغراب المُوجهة لَه.
"ليسَت لِي الرّغبة فِي أن أكونَ ملِكاً. سأودّ أن أكُون أمِيراً أكثر."
أراحَ بيكهيُون جسَده على العَرش تحتَ نظراتِ تشانيُول المُعجَبة. أرادَ تشانيُول أن يُعلّق عَلى كَلامِه لَكنّه جفَل حِينما قفَز الأصغَر عن العَرش بهَلع.
"شَيءٌ مَا يتحرّك على جسَدي!!!"
هرَع إلى تشانيُول بِذُعر لِيرتَمي فِي كنَفِه بينَما أحسّ بِأذرُع الآخَر تَتلمّس جسدَه صُعوداً ونُزولاً. إرتجَف إثرَ إهتِزاز صدرِ الأكبَر إشارَةً ألى ضِحكَتِهِ المَكنُونة.
أدرَك مُتأخّراً أنّه كَان قد رمَى بِنفسِه على صَدِيقِه وإنّ وضعِيتهُما الآن تجعَلهُ أكثَر عُرضَةً لفَضحِ مَشاعِره عن طَريقِ نبضِ وِجدانِه الصارِخ داخِله، لِذا هُو دفَع بِنفسِه بعِيداً لِيجفِل وهُو يُحدّق بِما بين إبهَام وسبّابة الأطوَل.
"إنّه مُجرد عنكَبوت صَغِير."
عبِس الأقصَر جَراء تخبِأة تشانيُول لِبسمَته.
"بِحقّ خالِقك تشانيُول إنّه لأمرٌ مُزعِج سَيرُ تِلك الأرجُل الرّفيعَة المُشعِرة على جسدِك."
أطلَق الأكبَر مَا كَان يسِرّه مِن ضَحِكات على تَذمّر بيكهيُون اللطِيف. أخلَى سبِيل العنكَبُوت يضَعه على الأرْض ويشقّ طريقَه إلى إحدَى زَوايا القاعَة المَلكِية مُنحنِياً لِيعتدِل بعدَها ويلتَفِت مُواجِهاً الآخَر حامِلاً بين يدَيه كُرة جِلديةً.
"لِنمرَح!"
إنطَلقا إلى حَدِيقَة القَصر تُحِيط بِهم جُدرانُ السّور من كُل مكَان وبَدآ باللّعبِ كأطفَالٍ فِي طَورِ النّمو.
-
سقَط كِليهِما عَلى العُشب الأصفَر الباهِت أمَام القَلعة. يستَلقِيان بِجَانب بعضَيهِما يتأمّلانِ النّجوم المُتلألأة في السّماء حالِكة السّوَاد.
"مَا الذِي تُفكّر بِه حِينمَا تنظُر إلى السّماء؟"
أدارَ بيكهيُون رأسَه تِجاه الآخَر تَزامناً مع سُؤالِه.
"هِمم. مُستقبَلي."
أدارَ تشانيُول رأسَه هُو كَذَلك تِجاه بيكهيُون، يُبادِله التّحدِيق بِملامِحِه.
"أُفكّر بكَيفَ سأقضِي باقِي حَياتِي. هَل سأبقَى أعمَل بالخِياطَة هُنا في كلّ مرّة يَتغيّب بِها وَالدِي. أم إنّني سأُغادِر القَرية وأُحقّق حُلمِي بأن أُصبِح مشهُوراً وأعِيش بِرفاهِية كَالأغنِياء."
أعَاد تشانيُول نَظَره إلى السّماء فِي حِين إنه غفَل عَن نظرَة الحُزن التِي إتخذَت مسَاحةً كَافِية مِن وجهِ الأقصَر.
"لكِن تشانيُول. أنتَ لطِيف ولَا يُناسِبك أن تُصبِح ضِمن مُجتَمع الأغنِياء. سيُفسِدونك بِأخلاقِهم وغُرورِهم."
"أعلَم إنّهم مغرُورُون بِيك. لكِن أُنظُر إلى حَياتِهم وأنظُر إلى حَياتِنا. هُم يحصُلونَ عَلى كُلّ مَا يُريدُونه ونَحن نكِد ونَقوم بِعمَلنا الشّاق وبالكَاد نحصُل عَلى مَا يكفِي مِن المَال لِيَجعلَنا نعِيش لأُسبُوع إن لَم يكُن لِخمسَة أيَام. لِذا أودّ تحقِيق حُلمِي وأن أصبِح غنيّاً مهمَا كلّف الأمْر."
قوّس بيكهيُون شِفاهَه بحُزنِ أكبَر لِتلمَع حُدقتَيه الخَضراوتَين تحتَ ضَوء القَمَر المُشِع.
"لكِن- لكِن أنَا لستُ مُستعِداً لِمواجَهة تشانيُول المَغرُور. أنَا أحبّ تشانيُول اللطِيف المُراعِ الذِي يُخفّف عنّي كُربِي ويُزيحُ لِي هُمومِي ويُلاعِبُني ويعتَني بِي. لَا- لَا أُرِيد تشانيُول الغنِي المغرُور الذِي سيَسخَر مِن كَوني فقِيراً ويُقارن طَبقَتَه مِن الأرستُقراطِيين بِطبَقتِي مِن الفُقَراء، أو يَنثُر بِمَاله عليّ مُتباهِياً أمامَ العامّة، أو ينسَاني بَعد سنَواتِ حيَاتِي معَه. فقَط كَما فعَل العَمّ جونسُن."
عقَدَ تشانيُول حَاجبَيه.
"لكِن بيكِي، العَمّ جونسُن لَم يكُن يحِبّنا أساسَاً. نحنُ كُنّا مُشاغِبَينِ جِداً ونجلِب لَه المَشاكِل. لِما قَد يتذَكّرنا؟"
نَظر بيكهيُون إلَيه بإستِيعَاب لِيتحَمحَم ويتذمّر.
"فهِمت قصدِي~"
ضَحِك تشانيُول على غَباء الآخَر الذِي لطَالمَا ظهَر فِي الأوقَات الخاطِئة.
"أووه بيكهيُوني~ أنتَ تَعلَم إني مَهمَا تركتُك وإبتَعدتُ عَنك، لَن أُقدِم على نِسيانِك مَا حَييت. فَأنتَ عائِلتِي وكُل شيءٍ بِالنّسبةِ لِي. حتّى إنّ وَالِدي لن يَصِل إلى مكَانتِك عِندِي."
البَسمَة شَقّت وَجه الأصغَر لِيُسنِد بدنَه بِذِراعَيه على الأرْض وينقَلب على تشانيُول، يبدَآن بِدغدغةِ بعضِهما وأصواتُ الضّحِك والقَهقهاتِ تَملئ المَكان.
-
"السَيد سانرَام غادَر مَع إبنِه إلى زِيورخ!"
حيثُ وقَعت أنبَاء هَذَا الخَبَر كالمَاء المُجمّد على بيكهيُون.
-
Hope you enjoyed~ 🌌💫