جُثة في الحَقْل .

By reachil0

10.9K 1.5K 1.1K

عملي كمُحقق ورؤيتي للجُثث كُلّ يوم لم يقتل الطفل الذي يعيش بِداخلي، فأنا رُغم كُلّ ما واجهت، لا زِلتُ قادِرًا... More

جريمة في ليلةٍ ماطِرة|١|.
ما يقبع داخِل الاسطبل|٢|.
منزلٌ كالجحيم|٣|.
سرّ كاترين|٤|.
الشخص الذي ابتلع السلاح|٥|.
لكُلّ لحظةٍ مُعتمة جانبٌ مُشرق|٧|.

أسرارٌ دفينة|٦|.

833 179 94
By reachil0


"مهلًا مهلًا .. مالذي تتحدّث عنه!" نبَس تشارل وفي نبرتهِ براءةٌ مُزيّفة.

"أنت هوَ المُجرم يا تشارل، لقد قتلت إيميلي وهاجمت برنارد .. ولو لم ألحق في الوقت المُناسب رُبما كُنت ستؤذي كاترين أيضًا" تابعتُ وقد أصبح ينظر لي بِمعالمَ مُشتتة، ولا شكّ أنهُ الأن يبحث عن حلٍّ يُخرجهُ من هذا المأزق.

"أنت تتحدّث بِثقةٍ تامة أيُّها المحقق، لكن ما هوَ دليلك؟" تضخّمت نبرة صوتِه بثقةٍ مصطنعة.

"الدليل!! حسنًا في الواقع .. كُلّ ما سأذكرهُ بناءً على استنتاجات وتخميناتٍ مُسبقة، أعتقد أنّنا إن ذهبنا إلى البئر فسنجْد حُطام إحدى زُجاجات الساكي مُلقاةً هُناك، ولأنك لم تملك الوقت الكافي للتصرّف والعبث بالأدلّة كما فعلت سابِقًا، انتهزتُ أنا هذه الفُرصة وصعدتُ إلى غُرفتك لأتحقق من صحّة هذه الافتراضات" قُلت وأنا أقترب منهُ شيئًا فشيئًا، بينمَا هوَ يتراجع خطوةً خطوة.

"قُمتَ بِتعبئة إحدى زُجاجات الساكي بالماء، ومن ثُمّ تركتها لوقتٍ كافٍ داخل البرّاد، أفترض أنك كسرت الزُجاجة عبر لفّها ببعض قِطع القُماش لتفادي إحداث الضجة، لم يكن لديك الوقت لتُفكر في مكان أكثر أمانًا من البئر، ثمّ إن إلقاء قطعًا من الزُجاج في الماء لن يُحدث ضجيجًا .. ألا تتفق معي برنارد!" التفت لي برنارد مُتفاجِئًا ومعالم وجهه في كامل الدهشة.

"قُلت بأنك سمعت صوت مياهٍ غريب، ألا يتوافق ذلك مع نظريّتي!" أردفتُ ليومئ برنارد بالموافقة التامّة وينقلب وجه تشارل إلى قوس مطر.

بالطبع، هذا الوجه هوَ ما يصنعهُ المجرمون بعد إدراكهِم لمرارة الواقع وحقيقة أنّ أمرهم قد كُشِف، تمامًا كهذا الوجه الذي أحدثهُ تشارل بعد أن أصبح واقع للحقيقة المريرة.

وقف برنارد بعد سماعهِ لاستنتاجاتي وهوَ يُمسك بالضمادة التي تغطي الجُرح ليقول مُتألّمًا بعض الشيء "ليسَ علينَا إذًا سِوى التأكّد من البئر" همّ برنارد بالخروج لكنّه توقّف حال سماعهِ لأصوات سيّارات الشُرطة تقترب منّا وصوتها بدأ بالعلوّ أكثر فأكثر.

في هذه اللحظة يبدو أن الأدرينالين قد بدأ يلعب دورهُ لدى تشارل، فهوَ عِند سماعهِ لأصوات سيّارات الشرطة أحسّ بالخطر المُحدق يُحيط بِه، وبِما أنّ ليسَ لديه فُرصة للخُروج مع الباب فبرنارد كان يقف هُناك عائِقًا بالنسبة له، انطلق نحوَ النافِذة بِجانب الأريكة التي تجلس عليها كاترين.

صاح برنارد موجّهًا سِلاحهُ نحوه "توقف يا تشارل، مكانك وإلا سأُطلق النّار" لم يكُن لذلك الأخر التفكير فيما يتفوّه بِه برنارد، فتَح شطر النافِذة وهمّ بالخُروج، كان أسرع مِن أن يكون لديّ فُرصة للإمساك بِه.

وعلى حين غرّة وقبل أن يتمكّن من إخراج جسدهِ الرياضيّ ذاك سقط أرضًا إثر الضربة العنيفة التي تلقّاها من كاترين، فقد كانت تُمسك باللوحة المُعلّقة فوقها ويبدو أن تِلك الأُخرى تحرّك الأدرينالين لديها أخيرًا وفعَلت شيئًا جيّدًا ينفعنا.

كان تشارل يتأوّه مُصارِعًا ألم الضربة التي على ظهره، وأمّا برنارد فقد قام بدورهِ بسرعة البرق وأخرج الأصفاد من جيب بنطالهِ الخلفيّ وقام بتقييد ذلك المُلقى على الأرض.

"أتركني .. سحقًا لك .. أنا لم أفعل شيئًا" صاح تشارل وهوَ يحاول بشتّى الطُرق أن يُفلت من قبضة برنارد، لكن يستحيل عليهِ ذلك فحتى لو كان برنارد مُصابًا، هوَ أقوى من أن يستطيع تشارل التغلّب عليه.

"دعني وشأني .. هيَ السبّب، هيَ التي كان من المُفترض بِها أن تموت وليست إيميلي" عاود تشارل الصُراخ وعروق جبينهِ بدأت بالبروز .. لكنّ ما لفَت انتباهي هوَ ما يتفوّه بِه الأن.

اقتربتُ منهُ وسألتهُ بارتياب "كان من المُفترض بِها أن تموت؟ أتقصد أنّك قتلت إيميلي بدلًا عن كاترين؟" وقف تشارل بعدما ساعدهُ برنارد على النهوض وجلس على الأريكة وأصبح محطّ أنظارِ الجميع، في حين نبَست كاترين لتقطع الصمت الذي أحاط بِها مُنذ بُرهة "كان يُريد قتلي أنا وطفلي، ولكنّ إيميلي منعته".

وضعت راحة كفّها على أسفل بطنها الصغير وبدأت بذرف الدمُوع من محاجرها التي تختبئ خلف شعرها المُنسدل على وجهها .. بينمَا السيّدة بيرين فتحت فاهها جِراء ما سمعته، والعجوز الخرساء سيسقط قلبها في أيّ لحظة، فقد بات ذلك واضِحًا على ملامحها.

قُرِع باب المنزل من قِبل أفراد الشرطة، وثب جان مُسرعًا ليفتح لهم الباب وأثنَاء ذلك سأل برنارد متفاجِئًا "متى قُمت بالاتصال بِهم رايزل؟" قهقهت قليلًا ثم أجبت "قبل مجيئي إليكم بِلحظات، عِندما كُنت في الأعلى" نظرتُ إلى تشارل والذي كان بِدورهِ يرمقني بشراسة.

"حسنًا إذًا .. ليسَ لديك فُرصة للإفلات، ألا يُستحسن بك—" قاطعني وهوَ يقول بِحنق "مُنذ متى؟".

تسلّقت قسمات وجهي علامات التعجّب فلم أكُن أدري عن ماذا يتحدّث.

"مُنذ متى وأنت تعرف أننّي القاتل؟" عاود سؤالي وقد اتضح مقصدهُ الأن، همهمتُ مُجيبًا "حسنًا في الواقع .. لم أكن قادِرًا في البداية على تخمين هويّة المُجرم، لذلك كُنت أراقب تحرّكاتكم بِدقّة مُنذ جلوسنَا سويًا على مائدة الطعام".

أشرتُ بيدي إلى كاترين وتابعت "كانت كاترين مُثيرةً للريبة وقد شككتُ بها في بادئ الأمر، لذا اضطررتُ لكسر الكأس آنذاك لِصُنع بعض التوتّر بينكم، وبعد ما حدث ذلك الوقت بدأت بمراقبتك عن كثب" فتح عينيه على مصراعيهما وصاح بي بغضب "لكنك!... لكنك أبعدتها عن الشُبهة!! قُلتَ ذلك بنفسك عندما كُنت في الخارِج" التفت لهُ برنارد وقال بنوعٍ من التهكم "كُنت أنت إذًا !!".

تبادلنَا النظرَات لثوانٍ ثم قُلت موضِحًا للأمر "عِندما كنت أتحدث مع برنارد في الخارج شعرتُ بوجود شخص ما بالجِوار يحاول التنصّت، لذا قُمت بانتهاز هذا الموقف لِصالحي وقلت ذلك بهدف تحريضك لا أكثر".

-الشخص الوحيد المُستثنى من هذه الجريمة هي كاترين، ألا ترى أنها ثملة أغلب الوقت! هيَ بالكاد تستطيع التحرّك، فكيف لها أن تقوم بجريمةٍ شنيعة كتلك!-

ما قُلتهُ سابِقًا عِندما أحسستُ بوجود شخصٍ ما، كُنت أتوقع أن يكون تشارل فقد لفت انتباهي عِندما تعرّضت كاترين لِتلك النوبة على مائدة العشاء.

"إذًا .. لقد كانت خُدعة" نطق تشارل بخيبة أمل، لقد باتَ موقِنًا بمرارة الموقف، ولا مجال ليتخلّص من ذلك.

أطلقتُ تنهيدة تخلّلها شعوري بالملل، تحدّثنا كثيرًا وأنا إلى الأن لم أعرف السّبب الذي دفَع تشارل لقتل إيميلي.

"لو أنكِ قُمتِ بإجهاض الطفل لمَا حدث كُلّ هذا، أنتِ السبّب .. كاترين عليكِ اللعنة" صرخ تشارل بين مُحاولاته الضائعة في مُهاجمة كاترين، الفضل يعود إلى قبضة برنارد التي تُثبّتهُ في مكانه.

"بِما أنّك تُسبّب المشاكل هُنَا، سنقوم بإكمال التحقيق في قسم الشرطة" قال برنارد وقد دفع تشارل أمامه ليقوم بتسليمه إلى رِجال الشرطة الذين حضروا الموقف مُنذ وهلة، وقبل أن يُغادر رمقنَا جميعًا بازدراء ثم نبَس قائِلًا بنبرةٍ تخلّلها الغضب والتهديد "سأنتقم منكم جميعًا، سأُلقي بِكم للجحيم" ما إن تفوّه بهذه الكلمات حتى وقفت العجوز إليزا ونطقت أخيرًا وهي تضع النظارات خاصتها نُصب عينيها "تشارل أيها اللعين، لا زِلت تنبح بتهديداتٍ فارِغة بعدما فعلت فِعلتك، فلتذهب أنتَ إلى الجحيم".

سار تشارل على مضض برفقة رِجال الشرطة، وجّهتُ نظري إلى كاترين التي تقف بجانبي ببِضعة أشبار، انتفضت هيَ فجأةً وبدأ القلق يلعب دوره ويأخذ مجراهُ داخل عروقها، كادت أن تذرف مزيدًا من الدموع لكنّ يدي كانت أسرع منها لِترتكز على كتفها وقُلت مُطمئِنًا لها "لا تقلقي، كل شيءٍ سيكون على ما يُرام".

أبعدت شعرها عن وجهها بأناملها النحيلة حتى أصبحتُ قادِرًا على رؤية عينَاها الواسعتان وقالت بتلعثم "بدأ الأمر مُنذ سبعة أشهر، وتحديدًا في مُنتصف يوليو عِندما أصبحنَا نتواعد أنا وتشَارل" فوجئ الجميع واعتلت ملامحنَا الدهشة، باستثناء جان طبعًا فقد كان على علمٍ بالأمر.

كنت موقِنًا أنّ خلف كاترين أسرارٌ دفينة حالما تقوم بالإفصاح عنهَا ستُحَلّ عُقد وألغاز تخصّ هذه القضية.

"كانت علاقتي جيّدة جِدًا مع إيميلي، لم نكن نُخفي عن بعضِنَا أيّ شيء .. باستثناء علاقتي مع تشَارل؛ لأنهُ هوَ من طلب منّي إخفاء الأمر عن الجميع، والتزمتُ أنا بذلك" تابعت حديثها وهي تعبث بأصابعهَا والتوتّر واضِحًا عليها.

"لاحظتُ أن تشارل بدأ يبتعد عنّي شيئًا فشيئًا، كان يُقدّم لي أعذارًا سخيفة كُلّما أردتُ مقابلته، رُغم هذا أنا لم أفقد ثقتي بِه .. بل كُنت أصنع لهُ داخل عقلي أعذارًا أُخرى، وفي إحدى الليالي اتصلت بي إيميلي لمُقابلتي، قالت أنّها تُريد تعريفي على أحدِهم، ظننتُ في بادئ الأمر أنهُ حبيبها، وتحمّست جِراء ذلك وكُنت أنوي إخبارها بأمر تشارل أيضًا، ولكن عِندما ذهبتُ إلى مكان اللقاء رأيتهُ نصب عيناي! يجلس بِجانبها على طاولة الطعام ويتبادل معهَا ضحكاتٍ مُزيفة، كان منظرهُ مُقزّزًا، ويدفع بي إلى الجنون" .

حالما أنهت جُملتها تِلك صرخ جان مُستفَزًّا "كاترين!! أيتها الكاذبة—" لم يستطع إكمال حديثهِ فقد قاطعهُ برنارد بنوعٍ من الصرامة "أخرس! دعهَا تشرح لنَا التفاصيل، ليسَ من الضروريّ أن تُعجبك الحقيقة .. يُمكنك الخروج إن أردتَ" ما نطَق بِه برنارد كان كافيًا لِجعل جان يُطبق على فمهِ مُرغمًا على ذلك.

أكملت كاترين حديثها بعدما هدأ الجميع "في تِلك الليلة استسلمتُ للواقع ومثّلتُ الدور جيّدًا في أنها المرّة الأولى التي أقابل بِها تشارل، كانت إيميلي سعيدةً حينها، لم أستطع إفساد سعادتها بِسببه، رُغم صعوبة الأمر .. أنا استمرّيت في تِلك الكذبة .. وقرّرتُ التخلّي عن مشاعري تِجاهه، وقبل خمسة أشهر مرِضت إيميلي فجأةً مرضًا شديدًا واشتدّ عليها الاعياء، فبقيت في المشفى لأكثر من أسبوع .. وفي ليلةٍ ما عندما كُنت عائِدةً من المشفى رأيتهُ يخرج من الحانة التي اعتدنا الذهاب إليها سويًا، كان يمشي بترنّح ويستند على الجِدار .. منظرهُ مُثير للشفقة".

بقيت العجوز إليزا تلزم مكانها بصمت .. رُغم كُلّ ما يحدث أمام ناظريها .. وكأنها تتلقّى صفعاتٍ صادمة وتكتم ألم فُقدان حفيدتها داخل خُلدها.

____________
الفصل السادس|انتهى.
سبحان الله وبِحمده، سبحان الله العظيم.

Continue Reading

You'll Also Like

604K 35.5K 41
قصه حقيقيه لثلاثه ريحانات لكل ريحانه قصه مختلفه تأخذنا لنغوص في عالم مختلف
4K 567 5
يجلسُ أمامَ البركَة وحيدًا ، مُسندًا ذقنه لركبتيه الضّئيلتين ، تائة التّفكير ، يتيم الحيلة ، يسترجعُ أمورًا عدّة : كصوتِها عندما قالتْ «يصنعُكِ من ا...
2.3K 419 16
لطالما كان أليستر حائراً منذ ولادته؛ وهذه المرة هو حائر بين "عجوز غنية" و "شابة ذات سمعة مشبوهة" ! - رواية ساخرة (جانبية) من سلسلة "مسرح الدمى- كرهت...
1.3M 60.2K 68
سنكتشف الحقيقة معآ...🤝