ظُلمة النفس

By amalelshiref

2.3K 207 251

تحذير: يجب قراءة رواية اضطراب أولًا قبل قراءة هذه الرواية. ... "هُناك جثة امرأة تجثو في الباحة الخلفية للمنزل... More

مقدمة/تمهيد
الفصل الأول - ذكرى
الفصل الثاني - تصرُفات مُريبة
الفصل الرابع - مقابلة غير مرغوبة
الفصل الخامس - شكوك
الفصل السادس - آديل

الفصل الثالث - غيرة

169 22 18
By amalelshiref

إنتهت أوليفيا ليلًا من عملها في الجريدة، وقررت أن تفاجأ آدم في معرضه؛ فهي لم تذهب إلى هناك منذ فترة طويلة، وأيضًا تشعر بالإشتياق الشديد له، فهي لم تراه منذ أن تركته في المنزل صباحًا، وحتى لم تستطع أن ترد على مكالماته الهاتفية نظرًا لإنشغالها الشديد في المقال الذي تشترك في كتابته مع جيمي، فهذا المقال سيتم ترجمته إلى عشر لغات من حول العالم، وبالطبع هذه فرصة لن تستطيع أن تحصل عليها مجددًا، فيجب أن تهتم بها وتجعلها أولوية قصوى في حياتها.

إستقلت سيارتها وإتجهت مباشرة إلى المعرض، وصفت سيارتها أمامه، كان المعرض في مبنى ضخم. وتتكون جميع حوائط المعرض من الزجاج، وكان هناك لوحة زجاجية أعلى الباب مكتوب عليها (معرض أوليف، لوحات آدم ديلان) وأصر آدم عندما قرر إفتتاح هذا المعرض أن يطلق عليه هذا الإسم وحجته أنه يريد أن يرى اسمها كل يوم في مكان عمله وهذا سيُشعرهُ بالسعادة البالغة.

دخلت أوليفيا وكانت هناك موسيقى صارخة في الأرجاء ولكنها كانت بصوت يُحتمل سماعه، قلبت عينيها على ذلك، فكم من مرة قد شكت أمر هذه الموسيقى إلى آدم، ولكنه، يستمر بإخبارها أن ذوقه الموسيقى أعلى منها شأنًا لذا فهي لن تفهمه أبدًا.

كان هناك القليل من الناس في المكان، البعض منهم ينظر للوحة بوله، والآخر ينظر بتمعن، وكان هناك ثلاثة أشخاص يتناقشون حول لوحتين كان آدم قد رسمهما وتكملان بعضهما.
جالت عينيها في المكان تبحث عنه، ولكنها توقفت بإنزعاج، فقد كان واقفًا هناك يرتدي بنطال وسترة سوداء، وقد صفف شعره للأعلى ليجعله ذلك يبدو في منظر جذاب للأعين، وكان واقفًا مع إمرأة تزينت بكل زينة الحياة تقريبًا وتنظر له بإهتمام. هرولت اوليفيا بغضب تجاههما، فهو أولًا يقف مع إمرأة تبدو أنها معجبة به، وثانيًا أرتدى تلك السترة التي منعتهُ أن يرتديها لأنها تظهر وسامته أكثر.
تذكرت عندما أخبرته، أو أمرتهُ أن لا يرتديها مجددًا وأخبرته السبب، أخذ يضحك عليها ويسخر منها حينها، ولكنها أجبرته على أن لا يرتديها على أي حال.

«مرحبًا»

قالت أوليفيا ما أن وصلت أمامهما، وتأبطت ذراع آدم الذي يبدو أنه مصدوم من قدومها، فهو لم يتوقع ذلك أبدًا، لذلك أرتدى تلك السترة وهو واثق أنها لن تراه وأنه سيعود للمنزل قبلها ممثلًا البراءة.

نظف آدم حلقه وتدراك الوضع سريعًا وعرف أوليفيا على المرأة التي تقف معه، وأخبرتها الأخيرة أنها أحد معجبات آدم، وأنه لم يأثرها أي رسام آخر مثلما فعل هو، وهذا ما زاد من غيرة أوليفيا وشعورها القوي بأن تختلع رأسها، ولكنها حافظت على إبتسامتها الزائفة، والتي يعرفها آدم جيدًا، وهمس في نفسه:

«يبدو أنه سيكون يومًا طويلًا.»

●●●

وبعد انصراف الجميع استقل آدم وأوليفيا سيارتها متوجهان للمنزل، ولم يجرأ آدم أن ينطق بحرف، يعرف أنه ما أن يفعل ذلك فالقنبلة المتمثلة في أوليفيا ستنفجر في وجهه.

نظرت له أوليفيا بإنزعاج، ولكنه تظاهر أنه لا يراها ونظف حلقه. إلتفت أوليفيا تنظر أمامها حتى وصلا إلى المنزل، وما أن توقف آدم حتى خرجت أوليفيا سريعًا وأغلقت الباب بقوة خلفها.

تنهد آدم ولكنه ما لبث أن ابتسم بسعادة، فعلى قدر ما يكره إنزعاجها منه، على قدر ما يحب رؤية غيرتها عليه، فلا شيء غيره يثبت له أنها مازالت تحبه.
نزل سريعًا ليلحق بها، واستقل معها المصعد وصولًا لشقتهما.
ولم ينتبه كلاهما إلى وينتر التي تجلس أمام شقتها وهي ترتدي فستان باللون الوردي، وتضحك وهي تغني للدمية التي في يدها.

«أول...»

وقبل أن يكمل اسمها كانت أوليفيا قد رمت حقيبة يدها بقوة على الأريكة ونظرت له بسخط.

«حسنًا حبيبتي لن ارتدي هذه السترة مجددًا..»

كان آدم سيضحك على طريقتها في تقليده، ولكنه كتم ضحكته وحاول السيطرة على نفسه حتى لا تقتله.

«أوه، هل أنتِ خطيبته! أنتِ محظوظة جدًا به، أنه من أفضل الرسامين بالنسبة لي، أليس رائعًا...»

وأكملت أوليفيا سخريتها وهي تقلد تلك المرأة التي كان يقف معها في المعرض، توقف صامتًا ينتظر منها أن تنتهي من نوبة غضبها حتى يبدأ أن يسحرها بكلماته كالعادة.

إتجهت إلى الغرفة وكانت تخلع سترتها وهي مازالت تقول بحدة:

«ثم لماذا كل تلك السعادة التي كانت على وجهك وأنت تتحدث معها! ماذا هل ترى أني أبالغ! انظر لنفسك عندما يرمقني أحدهم حتى بنظرة عادية، تتحول إلى هولك وتذهب لتنتقم منه، هل من غير المسموح لي أن أشعر بالغيرة أيضًا!»

«أوليفي، أعلم أنكِ لا تبالغين، ولكن ماذا أفعل مع الزائرين! هل أشرح لهم وأتناقش معهم بوجه مقتضب! هل أضربهم مثلًا إن مدحني أحدهم! أو إحداهن، لا يفرق كلا الجنسان أمامي في شيء، لا أراهم حتى، أنتِ تعرفين أني لا أرى غيركِ.»

حاولت أوليفيا أن لا تلين بسبب كلماته المعسولة والتي تجعله دومًا يفوز في أي جدال بينهما، ليس لحلاوة الكلمات فقط، وإنما لأنه يعني كل كلمة يقولها، وكل كلمة يقولها يلحقها أو يسبقها بفعل يُثيت صحتها.
تقدم منها عندما رأى بعض اللين الذي حاولت إخفاؤه، وحاول أن يمسك يدها المعقودة على صدرها.

«أنا آسف بشأن السترة، ولكن أنا لا أعتقد أن ما ترينه بشانها صحيح.»

«ولكن، عندما أرتدي أنا شيء جيد تظل تجادل معي حتى لا أرتديه.»

«أعلم، ولكن هناك فرق بيني وبينكِ...»

«ماذا!..»

قاطعته وهي تنفض يديها من بين يديه ليقاطعها هو الآخر وهو يضع إصبعه على فمها:

«لم أكمل بعد.. نعم هناك فرق، ملابسي لا تفرق في شيء أوليفيا، لا تجعلني جذاب ولا أكثر وسامة كما تقولين، النساء لن تنظر لي كما تعتقدين.. ولكن أنتِ.. عندما ترتدين أيًا من تلك الملابس التي تظهر أنوثتكِ وجمالكِ من الطبيعي أن أغير، وأن أرغب أن يكون هذا الجمال لي وحدي، وبالطبع لن أتحمل نظرة إعجاب أي رجل آخر لكِ، أنتِ أي شيء تفعليه ولو صغير يزيد من جمالكِ وجاذبيتك أمام الجميع، أنا بالكاد استطيع تمالك نفسي عندما أراكِ بدون زينة وملابس المنزل، فكيف ستكون نظرتهم لكِ وأنتِ في كامل حُلتكِ.. صدقيني أنا لا أبالغ هنا، ولكن هذا ما تراه عيناي فيكِ.»

«أنت مزعج.»

قالت أوليفيا وبالطبع قد لان قلبها وجميع أوصالها له، كيف لا وهي تشعر بكل كلمة يقولها تدغدغ كيانها جميعه! ولكنها منزعجة أنها حتى لا تستطيع أن تكمل إنزعاجها منه، إن كان هذا منطقيًا حتى، وهي تعلم أن هذا الإنزعاج سيختفي بعد ثوانٍ فحبها له اقوى من اي شيء.

«حسنً، ولكنك لن ترتدي تلك السترة مرة أخرى.»

قالت في عناد طفولي، فابتسم ثم خلع السترة وأخبرها أنه سيرميها للخارج إن كان هذا سيريحها، ولأنها أوليفيا فقد صرخت فيه قبل أن يفعل ذلك مباشرةً وأخبرته أنها تحب تلك السترة عليه لذا سيرتديها أمامها فقط.

وطبعًا بعد ذلك سخر منها آدم لتركض خلفه وهي تتوعد له بالموت.

●●●

كانت وينتر تجلس في مقعد من المقاعد العالية، وأمامها كأس من الصودا المثلجة، وعينيها تجوب المكان إلى أن وقعت على أحدهم لتبتسم ما أن لاحظها، بادلها الإبتسام، ثم وقف ليتجه لها.

«هل تجلسين وحيدة؟»

أومأت وينتر وهي تتفحص الواقف أمامها، ولكن طبعًا هذا زاد من غروره، فجلس أمامها وسألها أن تخبره عن نوع مشروبها المفضل فأشارت على الصودا التي أمامها.

«ما رأيك في مشروب حقيقي؟»

«أنا لا أشرب الكحول.»

رفع حاجبًا بتعجب، ولكنه جعل الأمر يمر، فكل ما يهمه هي، وأنه سيحصل على ما يريد منها.

«هل تريدين الرقص؟»

أومأت وينتر وإتجه كلاهما لمكان التجمع وأخذا يرقصان. بعد قليل كان ذلك الشخص يستأذن منها ليذهب إلى الحمام، فأومأت مبتسمة ثم إتجهت لطاولتها لتنتظره، وعندما أطال عليها قررت ان تذهب لتبحث عنه، ولكنها لم تجده هناك، فعقدت حاجبيها وقررت الرحيل.
وما أن خرجت من المبنى حتى وجدته واقفًا مع فتاة أخرى ويضحكان بشدة وهما يتوجهان لسيارة ما.
إختبأت وينتر إلى أن أنطلقا أمامها، وأوقفت سيارة أجرة وأمرته أن يذهب خلفهما.

مر على صعوده مع تلك الفتاة ساعتان كاملتان، كانت وينتر تجلس أمام المبنى على مقعد من المقاعد العامة، وهي في إنتظار أن ينزل أحدهما.

كانت تنفخ دخان السيجارة التي تدخنها في الهواء وتنظر للدخان الذي يتكون على شكل دوائر في تفكير عميق. وبعد نصف ساعة أخرى نزلت الفتاة وإستقلت سيارتها وغادرت.
وقفت وينتر ودهست على السيجارة، ثم صعدت لشقة ذلك الشاب، فهي بالفعل تعرف مكانها، لأنها تتبعتهما إليها، وبعدها نزلت لتجلس في المكان الذي كانت تجلس فيه منذ للحظات.

طرقت الباب ليفتح لها وتوسعت عيناه قليلًا في إندهاش، فكيف من الممكن أن تعرف مكان سكنه بدون أن يخبرها عنه! إبتسمت له إبتسامة ليست بريئة تمامًا، وقررت الدخول بدون حتى أن يدعوها.

كانت الشقة صغيرة جدًا، وهناك إضاءة فسفورية تضيء باللون الأزرق والأحمر، وكان 'البار' الرخامي الخاص بالمطبخ قريب جدًا من باب الدخول، لذا أخذت تمشي ببطء وهي تتلمس سطحهُ لتبحث عن شيئًا ما.

«كيف عرفتي أين اسكن؟»

سأل الشاب في شيء من الرهبة، ولم يحاول حتى أن يغلق الباب، ردت عليه وينتر بكل بساطة:

«تتبعتُك.»

ثم نظرت له فجأة بإبتسامة كبيرة. عقد الشاب حاجبيه، وأخذ خطوة للخلف.

«ماذا!»

«ماذا!»

كررت كلمته وهي تميل برأسها للجانب، ومازالت نفس الإبتسامة مرسومة على شفتيها.

«ألن تغلق الباب؟»

لم يرد الشاب للحظات، ولكنه أغلق الباب بعدها في شيء من الجمود، فالفتاة التي أمامه لا تشعره بشعور جيد، كل شيء من حوله يصرخ فيه أن يهرب سريعًا بينما لديه الفرصة.

«ألن تقدم لي شيئًا لأشربه؟»

«ألم تخبريني أنكِ لا تشربين!»

جلست وينتر على مقعد من المقاعد المرتفعة، وأجابته بنفس الإبتسامة الواسعة:

«أفعل الآن.»

نظر لها في شك، ولم يتحرك من مكانه، فمثلت البراءة في سخريتها المتخفية:

«ماذا! لا تقُل لي أنك تخاف من فتاة صغيرة صحيح!»

حاول تمالك نفسه ونفي ذلك بتحريك رأسه للجهتان، إتجه لثلاجته على مضض، وفتحها ليخرج منها زجاجتان، ولكنه لم يلبس أن فعل ذلك حتى حدث الكثير في لحظة واحدة، إلتقاط وينتر للسكين، وإقترابها منه، ودفعها للسكين في ظهره.
أمسك في باب الثلاجة من الألم وليمنع نفسه من السقوط، وإلتف لها بعينان جاحظة.

«تعلم! كان الممكن أن نحظى بوقت جيد.. ولكن..»

سحبت السكين من ظهره ليصرخ ألمًا محاولًا أن يصل لها بعد أن وقع على ركبتيه.

«أنتم الرجال هكذا! كل ما يهمكم هي غرائزكم فقط.»

ثم بدم بارد نحرت عنقه ليمسك به ويقع أرضًا. تنهدت وينتر، وأمسكت فوطة المطبخ ومسحت بها السكين، وكانت على وشك الخروج لولا أنها إلتفتت له وجثت على ركبتيها لتهمس بنبرة شيطانية:

«إستمتع في الجحيم.»

ثم قهقهت بصوتٍ عالٍ، وغادرت بالسهولة التي أتت بها.

●●●

Continue Reading

You'll Also Like

872K 51K 60
من أرضِ الشجَرة الخبيثة تبدأ الحِكاية.. "العُقاب 13" بقلمي: زاي العَنبري. لا اُحلل اخذ الرواية ونشرها كاملة في الواتباد 🧡.
85.4K 5K 41
فتاه يتيمه الاب والام تمت تربيتها عند عمها اخ اباها ولكن بوسط الكره والحقد تذهب أسيرة إلى داع١١ هل يا ترى يأتي شخص ويخرجها من هل عذاب؟ ام القدر لها ق...
4.9M 105K 58
داخل أعماقِ قصص الهويْ،،دائمآ ما تكون البداياتِ أفضل وألطف،،بعدها يبدأ الشغف بالتلاشي رويدآ رويداْ،،حتي يصبح الأمر عادي،،وبقصتي مع زوجي وحبيبي لم يكن...
1.8M 107K 56
في إحدى البيوت العراقيه من الزمن القديم وفي ضواحي بغداد الهادئه .. هناك اسرار تختبىء خلف جدران البيت تخفي بداخلها مشاعر أفراد هذا البيت ايا تكن هذه ا...