الحقيبة والفتاة .
أتصل إليكساندر بديميتري :
- خُذ دانييل وتعاليا إلى السيارة، جثة جوزيف معنا .
نظر ديميتري لدانييل الذي كان يفكر بعمق
ثم قال من سماعة الهاتف :
- سنأتي على الفور !
قال ديميتري وهو يشخر ساخراً :
- أيها المحقق كونان أستيقظ من تفكيرك الخارق
قال دانييل وهو ينظر لشاشة هاتفه بتركيز :
- دعني أيها العجوز
قال ديميتري مدافعاً عن نفسه :
- فقط لأنني بالثلاثين من العمر لا يحق لك نعتي بالعجوز !
تآفف دانييل لأن شقيقه الساذج قاطعه من تركيزه
- ما اللعنة ديميتري ؟!
قال ديميتري ببساطة :
- إليكساندر يريدنا
- ولِمَ ؟ ألم تكن مهمتنا هنا ؟
قال ديميتري وهو يستدير راحلاً :
- انتهت المهمة ، عثر إليكس على جوزيف
عقد دانييل حاجباه وهو يلحق بديميتري
إنه مشتت للمرة الأولى .
وقف دانييل أمامه قائلاً بتعجب :
- أين وجده وكيف ؟!
رفع ديميتري حاجباه بظرافة بـ لا اعلم
سار الشقيقان معاً خارج المشفى . حتى قابلهما إليكساندر داخل سيارة اليموزين البيضاء
دخل دانييل أولاً ثم قفز ديميتري بحماس
- كم أحب هذه السيارة ، عليك أن تجعلني أقودها !
قلب دانييل عيناه ثم قال بجدية :
- لدي شكوك
قال إليكساندر :
- وأنا أيضاً ! لقد وجدنا جثة جوزيف عند زقاق شارع
تنهد ديميتري بأرتياح :
- وأخيراً سأنام براحة ، فتياتي إشتقن لي
نظر له دانييل بتقزز .
لقد كان ديميتري الفتى اللعوب الذي يحب السيارات والنساء .
بينما إليكساندر كان الرجل الجدي ذو الخمسة وثلاثون عاماً ، هو كالأب لأخوته ، لديه علاقة عاطفية مع فتاة واحدة طوال حياته ، هي أحد أعضاء العصابة ، منذ خمس سنوات . وهما الأن مخطوبان .
لا حاجة لنا لذكر دانييل هو فتى جُل همه تجميع المجوهرات . والرسم . فتى ذو إحساس عالٍ ، بارد . يكره الخوض في العلاقات . لا يمتلك أحداً في حياته سوى ما يلمع .
الجميع يعامله كطفل لأنه الأصغر رغم إنه بالخامسة والعشرون من العمر أو ربما لأنهم يرونه أحمق لا يكترث إلا للرسم .
أكمل إليكساندر متنهداً :
- فتشناه ، لم تكن الحقيبة معه . كان وحيداً مع دمائه العفنة .
قال دانييل مبتسماً :
- شكوكي في محلها ، هو تلقى مساعدة بدل الذهاب للمشفى ، لأنه ملاحق ، هو استغل فرصة أن تساعده فتاة ساذجة وبريئة بالوصول للشرطة
عقد الشقيقان حاجبهما بعدم فهم
فتح دانييل هاتفه بالبصمة
ثم أراهما الصورة -الصورة التي التقطها -
كان بصورة صورة فتاة تحتضن الحقيبة لصدرها وهي تنظر أمامها بغير إطمئنان
أتسعت عينا إليكساندر
بينما قال ديميتري وهو يأكل مارشميلو :
- لا أرى شيئاً سوى حقيبة وفتاة وجهها مألوف
قال دانييل ساخراً :
- كل الفتيات وجههن مألوف بالنسبة لك !
قال إليكساندر وهو يكبر الصورة بأصبعاه :
- اللعنة هذه هي الحقيبة
أومأ دانييل :
- لقد وجدتها مع تلك الفتاة .
أضاف بغرابة :
- لكن الحقيبة كانت فارغة .
قال ديميتري متذكراً وهو ينظر للصورة :
- أوه نعم هذه الفتاة هي نفسها التي كانت تتشاجر مع شقيقها ، عائلة مثيرة للشفقة ، كنت أظنهم أغنياء !
قال إليكساندر :
- علينا إيجاد كل معلومة بشأن هذه الفتاة وعائلتها، واللحاق بها قبل فوات الآوان
أضاف قائلاً بعجلة :
- انا وديميتري سنجمع المعلومات عنها عبر الجواسيس ونضع رجالاً عند عائلتها ونقوم بإستجوابهم . إنما أنت دانييل .. أنت ستخطف الفتاة الحمقاء .
قال دانييل وهو يشهق :
- اللعنة لما أنا المهمة الأسهل ؟
ابتسم ديميتري وهو يعبث بشعر دانييل المستاء .
قال إليكساندر :
- لأنني لا أثق بديميتري ،خاصةً إنها فتاة وعقله يعمل بطريقة خاطئة إتجاه الفتيات .
غمز ديميتري مما جعل دانييل يتقيء داخله .
قال ديميتري ضاحكاً:
- أحياناً أشك إنك طبيعي ، اعني أنت تكره الفتيات وتكره الرجال وتكره حتى الحيوانات ، أحياناً أعتقد إنك تحظى بعلاقة سرية مع مجوهراتك .
نظر له دانييل بقرف
بينما قال إليكساندر:
- لهذا أنا لا أطلب من چاسمن أن ننجب الأطفال ، يكفيني هذان المعتوهين .
قال دانييل متنهداً :
- حسناً سأوقف الفتاة . هي مهمة سهلة ، ولكنها لا تثق سريعاً وتخاف .
قال ديميتري ضاحكاً :
- خافت بسبب قباحة وجهك
قلب دانييل عيناه
قال إليكساندر هو يضرب ديميتري :
- كف عن السخرية من أخاك ، نعم ليس هو الأجمل ، لكنه اذكى منك
قال دانييل وهو يخلع خاتمه الالماسي ويعيده مكانه :
- المعذرة ؟ حسناً لا بأس لست جميلاً ولكن ليس عليك قول ذلك أمامي مباشرةً
قال إليكساندر مغيراً الموضوع :
- حسناً أيها الذكي لقد أستدعيت سيارة من أجلك الأن ، سيارة سريعة وجديدة . أتمنى أن لا تخيب ظني دي .
ابتسم دانييل وهو يعبث بخاتمه وقال بثقة :
- لن أفعل .
—-
أنا الأن في سيارة الأجرة
- كم يبعد مركز الشرطة عنا ؟
أجاب السائق مباشرةً :
- حوالي ثلاثة كيلومترات
هو لم يسأل عن السبب فجميع الفتيات يذهبن لمركز الشرطة كل يوم . حالات السرقة ، النهب ، الإختطاف . الإغتصاب .. كل شيء ممكن أن يحدث لِفتاة
نظرت للنافذة وأغلقت عيناي .
شعورٌ ببطني من الراحة ، يجعلني أشعر أن بعد تحقيق أمنية الرجل ، ستتحقق كل إمنياتي . كان بإمكاني الرفض . مهنة الطب تجعلك بارداً ، شخصاً يرفض بسهولة . ولكنني كنت كاتبة أيضاً . لذلك البرود لم يسيطر علي ، فقط الإنسانية فعلت .
أشعر بالإستياء بشأن المال ، أشعر إنه مال محرم
يمكننا حل الأمور من دون المال ، أنا أؤمن بهذا
لكن عائلتي لا تصدق بخيالي الواسع
لا احد يصدق بي ،
هذا كان الدافع الأكبر لرحيلي
لطالما كان يسخر الجميع مني لمخيلتي الخصبة
لأحلامي الوردية
حتى أصبحت بفضلهم شخصاً كالآلة . حزين . مكتئب
لكن إن حققت اليوم شيئاً بإرادتي للمرة الاولى
حققت مُراد ذلك الرجل
أن أحقق العدالة ، ربما ...
ربما ، سيفتخر بي أبي أخيراً
ستستيقظ أمي أخيراً
سيهتم شقيقي بي أخيراً ..
صوت السائق العميق إيقظني من أحلامي :
-وصلنا
نظرت من النافذة
ابتسمت بإتساع
اشعر بالإيجابية
وكأنني بطلة خارقة ، إشعر بالسذاجة من نفسي ، ولكنني سعيدة .. حتى لو أخذ أبي وأخي مالاً ليس لنا
على الأقل معي نصف أمانة ذلك الرجل . وهي تلك الحقيبة الغريبة .
دخلت مركز الشرطة وأنا أحتضن الحقيبة لصدري بقوة ، وكأنها أمل . أمل لروحٍ صعدت السماء حديثاً .
لقد خاطر بحياته من أجل هذا . هذه الحقيبة . لذلك أشعر بالسرور إنني سأكمل المهمة عنه
قال الشرطي بتململ لي :
- نعم ، أنستي ، أستبلغين عن مشكلة ؟ صفي بذلك الدور
- كلا أنا سأعطيك هذه الحقيبة ، هذه الحقيبة من رجل مات من أجلها . واظن إنها تهمكم .
اتسعت عينا الشرطي وقام بإستدعاء النقيب .
ابتسمت براحة ونظرت للسماء . إرتح الأن