تصبح الأحلام لاشيء..
حينما نحتضن تفاصيل الحياة معا
حينما يعانقنا الفرح ذاته..الحزن ذاته،وحتى الهواجس ذاتها..
حينما تتعانق روحك وروحي معا هنا تصبح الأحلام لاشيء في عالمي.
..
"إنه صباح جديد في هذه السنة الجديده هيا صغيرتي استيقظي كي نحضر الفطور معا".قال زين وهو يقوم بفتح النوافذ لأفتح عيناي بتعب
"صباح الخير..".تمتمت
"صباح الخير صغيرتي..هيا انهضي أنا لاأحب الكسالى".قال لأبتسم له بتعب وأنا أحرك ذراعاي كي أشعر بالنشاط
"أهذا يعني بأنك لاتحبني أيها اللعين؟".قلت له بغضب مصطنع ليأتي نحوي
"ستكون كذبة ديسمبر إن قلت بأنني لاأفعل".قال وهو يتحسس خصلات شعري بين يديه لأبتسم بخجل
"ديسمبر!".قلت له بإستغراب
"أجل أجل..قومي بتسجيلها في قاموس كلمات زين الخاصة!".قال هو لأقوم بإلقاء الوسادة في وجهه
"لعينه!".قال وهو يعاود إلقائها في وجهي
"زين أشعر بالعطش".قلت وقد توقفنا عن المزاح
"أليس لديك قدمان؟".قال بسخرية لاقوم بصنع وجه الجرو لأجله
"ياإلهي لاتوجهي هذه النظرة إلي كي لاأقوم بأكلك كالكعكه..أنا..أنا سأذهب بسرعه!".قال وهو يركض لأقهقه عليه
بدأت أتأمل الكوخ بإبتسامة صامته..
فبالأمس زين قد أخبرني بأنه يخص أحد اصدقاؤه المقيمين هنا ولكنه قد سافر إلى كندا وأخبره بأن يحتفل ويقيم به كيفما يشاء،وقد قام بترتيبه لأجلي دون أن ينبس ببنت شفه..لازلت أجهل كيف أتمكن من إيجاد شخصا يشبه زين على صدر هذا الوجود!
"الماء حبيبتي..".قال وهو يساعدني على تجرعه
"قبل صديقك من أجلي..أنا أشعر بالراحه في هذا المكان كثيرا!".قلت فور أن أزاح زين الكأس من على فمي
"إن راحتك ياجولي هي أمنيتي المنشوده في كل الأوقات!".قال لأميل برأسي على صدره
"أنا أيضا..أحب رؤيتك سعيدا دائما".همست
"أتعلمين ماالذي سيسعدني حقا؟".قال
"ماذا؟".قلت
"السفر إلى سانت أنياس".قال لتتبدل ملامحي إلى الدهشه
"أتعني بأنك تريد السفر إلى فرنسا؟".سألت وقد أزحت رأسي من على صدره وأنا أواجهه بإستغراب
"تماما..إنني أود زيارة قبر أمي فأنا لم أذهب إلى هناك منذ فتره كبيره".قال لأقوم بزم شفتاي معا بشرود
"حسنا زين..لامشكلة في ذلك،متى تريدنا أن نذهب؟".سألته
"الآن..".قال لأشعر بالإندهاش
"لابد من أنك مجنون..من أين لنا بالتذاكر..الحجز المسبق..نحن..نحن حتى لم نجهز أنفسنا لذلك!".قلت بسرعه ليقوم زين بإمساك كتفاي بين يديه بلطف
"كل ذلك لايهم..مايهمني الآن هو رأيك..هل ستحبين مرافقتي إلى ذلك المكان الذي سيعيد في قلبي ألف ذكرى قد تدفعني إلى السقوط؟".همس مما جعلني أهدأ
"أجل..".قلت وتنهدت
"أنا سأمسك بيدك وأساعدك على النهوض..".تمتمت ليحتضنني
"إذا هيا لاوقت لدينا.. الطائره بعد ساعه..بسرعه تجهزي!".قال وهو يبعدني عن عناقه لأنظر له بإستغراب
"حجز مسبق!".قلت بإستغراب
"أنت حتى لم تخبرني بذلك!".قلت له
"أنا آسف..لقد حدث هذا سريعا وقد كنت أظن بأنك مثل جيجي لن تودي مرافقتي إلى هناك بحجة إنشغالك الدائم".قال بأسف لأتنهد
"أهذا يعني بأنك كنت تحبها؟".سألته بيأس
"كان حبا..ولكن ليس كحبنا نحن".قال وهو يربت على كتفي لأبتسم بخفه
"بضع دقائق وأكون جاهزه..".قلت وأنا أربت على كتفه وأرحل
بدأت بالإستحمام ثم أنتهيت وتوجهت لخزانة الملابس كي أرتدي شيئا ما..
"اللعنه،كيف نسيت ذلك!".قلت لنفسى وأنا اصفع جبهتي ناسية أمر أن جميع ملابسي موجوده في منزل جدتي
"رائع جولي..والآن كيف ستذهبين إلى غرفة النوم لتحضرين ملابسك التي أتيت بها بينما زين يتجهز هناك".تمتمت لنفسي
"أسرعي جولي..سنتأخر".صاح زين لتنكمش معدتي
"زين..أنا أواجه بعض المشكلات هنا!".صحت بالمقابل كي يسمعني
"ماالأمر؟".قال وقد بدا صوته أقرب لأتخبئ بالمنشفه جيدا
"هل بإمكانك أن تعطيني ملابسي التي قد أتيت بها..إنها في غرفة النوم،فلحسن الحظ أنا لم أحضر أي قطعة معي".قلت بسخرية لأستمع إلى قهقهاته من على الطرف الآخر
"أنت ذكيه..لدرجة تدعني.. أندهش من ذكائك في كل مره!".قال بتقطع وهو يقهقه لأشاركه
"هل إنتهيت؟".قلت ببرود وأنا أنظر له بملامح صارمه بعد أن توقفت عن الضحك وقمت بفتح الباب
"آ..آسف".قال وهو يبتلع ريقه بصعوبه لأنفجر ضاحكة على شكله الخائف
"لابأس فقط أحضرها لنذهب سريعا".قلت ليحدق بي مطولا
"تبدين جميله..".قال بشرود لأداعب انفه بخفه وأشاهد ملامحه تعود للطبيعه
"كفى دراما..بإمكانك التغزل بي فيما بعد..هيا".قلت ليومأ لي وقد ابتسمت له بخفه ليرحل
"هاك الملابس..".قال وهو يطرق الباب لآخذها منه بهدوء وأبدأ بالتجهز
"لقد نسيت..أمي في فرنسا الآن ربما علي الإتصال بها والإطمئنان عليها فأنا لم أسمع لها صوت منذ الأمس".تمتمت لنفسي وأنا ألتقط هاتفي وأتصل بها
"أجل جولي..".قالت أمي من على الطرف الآخر
"أمي هل وصلت؟".سألتها
"أجل عزيزتي أنا أعمل الآن..لقد ظننت بأنني سأسافر لأجل أن أجد الراحه ولكن هاهم يطلبون مني تصميم فستان لايقدر بملايين لفتاة مدلله سترتديه ليوم واحد فقط".قالت أمي لأقهقه ضاحكه
"اللعنه عليهم..مارأيك بالهروب خلسة عن أعينهم اظن بأن ذلك حل مثالي !".قلت لتقهقه ضاحكه بالمقابل
"وهل ترينني طالبة لاترغب في حضور الدرس فتهرب منه؟،أنا في عمل عزيزتي أي ان هربت لن أجني النقود وهم يعتمدون علي كليا".قالت أمي لأصفع جبهتي على غبائي
"أتعلمين أمرا..".قلت
"همم..".همهمت وقد بدا لي بأنها مشغوله في عمل ما
"أنا متوجهه إلى فرنسا بعد ساعه..".قلت لأستمع إلى شهقاتها من على الطرف الآخر
"أتمزحين!".قالت
"البته..".قلت
"أسرعي جولي!".صاح زين من الخارج
"وماالسبب؟".سألت
"أنا برفقة زين..لدينا عمل هناك إطمئني!".قلت
"هكذا إذا..لا مشكله أنتبهي لنفسك!".قالت لأبتسم بإطمئنان
"أمي سأغلق الآن فأنا لم أتجهز بعد".قلت
"حسنا..ولكن لاتنسي الإتصال بي حين وصولك وإن أردت بإمكانكم المجيء إلي.. إلا إذا كنت تريدين بعض الخصوصيه حتما لا مشكله في ذلك".قالت
"سأفعل..الوداع".قلت وقد أغلقت الهاتف وأرتديت ملابسي بسرعه
"لست بحاجة إلى مساحيق التجميل هكذا أفضل..".قلت لنفسي عبر المرآة ثم إبتسمت برضا وخرجت
"لقد كاد الشيب يغزوني وأنا أنتظرك!".قال زين بسخريه وقد بدا وسيم للغايه إنه يجعلني أذوب في جماله كل يوم أكثر من الذي قبله!
"أنا آسفه..كنت أتحدث إلى أمي،إنها في فرنسا الآن تصمم أحد الفساتين المهمه".قلت وأنا ألوح بيداي في الهواء ليقبل زين خدي بحركه مفاجأه
"أرغب كثيرا برؤية الملاك الذي إستطاعت إنجاب فتاة في مثل جمالك!".قال لأبتسم بخجل
"أنت تراني جميله..بينما أنا أبحث عن الجمال فيني ولاأراه!".قلت ليكوب وجهي بين يديه
"لا أحد يتمكن من رؤية نفسه جميلا ولكن أنت..عليك معرفة هذا وبشده!".قال وهو يقوم بإزاحة يده من على وجهي وتحرير ربطة شعري لينساب على كتفاي
"أنظري هنا..لديك شعر حريري فحمي اللون،وبشرة برونزيه ساحره،وشفتان ممتلئتان صغيرتان الحجم،أنف صغير وطويل،أم عيناك وحاجباك فقد عجز الكلام عن الكلام جولي".قال لأميل برأسي على صدره
"منذ هذه اللحظه..سأظن نفسي فتاة جميله للغايه فقط لأنك أخبرتني بهذا".قلت له بإبتسامه
"ليس عليك أن تظني..بل تأكدي من ذلك!..".قال وهو يشبك أصابعنا معا لتبدأ معدتي بالإنكماش
"والآن هيا ستفوتنا الطائره..".قال لأومأ له ونرحل
..
كعادتي..كنت أجلس بجانب النافذه،أراقب الغيوم بنظرة حالمه،ولم أنفك عن التفكير
للحظة واحده بأنها تشبه الحلوى القطنيه..ذلك التفكير كان يعانقني منذ الصغر وسيبقى معي حتى المشيب ربما..
إتكئت على ضلع زين وقد أغلقت جفوني تلقائيا،ليحاوطني بين ذراعيه متمتما لي بأحد الأغنيات التي أجهلها..
..
"حبي..عليك أن تستيقظي لقد وصلنا".همس زين في أذني لأتثائب بخفه
"كم الساعه؟".سألت وأنا أنهض من على حجره
"لقد حل الغروب".قال ليلفت نظري الركاب الذين بدأوا بمغادرة الطائره
"زين لاأصدق بأننا في فرنسا،لقد إشتقت لها كثيرا شكرا لك!".قلت وأنا أعانقه ليمسح على شعري بخفه
"السعاده بالنسبة لي هي رؤيتها فيك..والآن هيا لأريك المكان الذي عاشت به أمي،ولنتنزه في أركان باريس معا".قال لننهض ونعانق أيدينا معا
تنفست هواء فرنسا بعد غربة طويله..
وقد عانقتني نسماتها مرحبه..
من قال بأن الأوطان قد خلقت لأبنائها فقط!
فأنا لا أنتمي لفرنسا عرقا..ولكنها كالوشم قد حفرت في دمائي..
الآن فقط أستطيع القول بأنني فرنسية حتى النخاع..
وبأن قلبي قد ضاع مابين إنتماء وهوى.