لم أدرك أني قد غفوت ألا بعد أن أيقظني صوت لمحرك سيارة توقف خارجاً.نهضت من فوق ألسرير ونظرت نحو ألباب بخوف.خطوات تقترب من ألباب وظهر هو من خلفه بعد ثوانٍ قليلة،أطلقت تنهيدة أرتياح وتواصلت أعيننا لجزء من ألثانية قبل أن ينظر للباب خلفي،باب ألحديقة.
أخذت وقتي بتفقد حاله،أبتداءاً بشعره ألذي كان مصفف بعناية نزولاً لملامحه ألتي لم تُمس بخدش وحتّى نهاية حذاءه ألذي كانت قاعدته تحوي ألقليل من الأتربة،أستوعبت بعد قليل أنّ عيناي تريد ألتأكد من أنه بخير!
"نحتاج لأرجاعكِ للمنزل"
قال ثم أتجه للباب مجدداً.
"ماذا حدث؟"
أوقفته عندما أعترضت طريقه وهو نظر ألي مباشرةً،نظرته لم تفشل بجعلي ضعيفه ولكنّي صمدت.
"لا تحتاجين لأن تعلمي"
أبعد عيناه وتخطاني يمشي،أزاح جدار ألنباتات وكشف عن سيارة الBMW ألبيضاء ألمركونة على جهة قريبة.
"أعلم أن شيئاً ما حدث هناك لقد سمعت شيئاً ما"
توقف ظهره يقابلني.أخذ ثانيتين بالضبط وأستدار نحوي
"ما ألذي سمعتيه؟"
أقترب مني وخطواته أربكتني،أكره كم يجعلني ضعيفة،أنا لم أعتد أن أكون ضعيفة أمام أحد.
"سمعت أصواتاً...غريبة"
أخذت شفتي ألسفلى بين أسناني في محاولة لأبعاد ألتوتر وهو نظر نحوها قبل أن يرجع عيناه لعيناي.
"لم تسمعي شيئاً،الآن أركبي ألسيارة"
"كُف عن توجيه الأوامر لي"
نبرتي أرتفعت وكنت غاضبة.
"أنا لست خادمتكَ"
تركته ومشيت خلال ألاشجار.قبضة يدي كانت متكورة بينما حذائي داس فوق أغصان عديدة وأنا اخطوا خطوات واسعة.هو يجب أن يعلم أنه لا يستطيع أستخدام أسلوبه هذا معي.ربما مع ألبقية ولكن ليس معي.لا أحد يفرض شخصيته عليّ.لا أحد.
شعرت بخطوات خلفي "لا تلحقني" أستدرت وقلت بأنزعاج ولكن لا أحد كان خلفي.أخذت نظرة للمكان حولي وكل ما يحيط بي كانت أشجار عالية،يبدو أنني كنت غاضبة لدرجة أنني مشيت مسافة طويلة دون أن ألحظ ذلك.شبح شيء خطف على يساري ولهثت وأنا أستدير نحوه بسرعة ومجدداً لا شيء هناك.توتر بدأ مفعوله داخل معدتي وأخذ رأسي يدور بكافة الأتجاهات.أشعر بوجود أحد بالمكان معي ولكنّي لا أراه.
"من أنتْ؟"
تحركت أغصان ألشجرة فوقي فجأة مسببة بسقوط بعض أوراقها علي.
"ماذا تريد مني؟"
لا شيء غير صوت تحرّك الأغصان بسبب ألرياح وبعض ألحركات ألطفيفة ألتي يخلفها تنقّل هذا ألشيء بين حين وآخر.سمعت هسهسة قريبة جداً خلفي لدرجة أن بعض خصلات شعري بجانب أذني تحركّت ولكن قدماي تصنما بمكانهما غير قادران على ألحراك،الأدرينالين أرتفع مسبب لضربات قلبي بألتسارع تدريجياً.
في تلك أللحظة تماماً،عندما أستدارت قدمي للخلف،ألجسد ألذي لم أملك أجزاء من ألثواني لملاحظته طار من أمامي نحو أحد جذوع تلك الأشجار بواسطة جسد آخر،تنفست بصوت عالي بينما تحرّك الأثنان بسرعة عالية يجعلان من جسدي،لا أرادياً،يأخذ خطوات بعيدة عنهما بينما نظري مصنّم نحوهما،قوّة ضرباتهما أستطعت ألشعور بها من مكاني رغم أن أحدهما لم يُلمس حتى الآن.كان ألجهة ألمسيطرة.
فجأة ودون سابق أنذار أصدر أحدهما صرخة قبل أن يسكن تماماً بعد أن سُحقت رقبته بواسطة الآخر.تنفسي وتنفس ألشخص ألذي خاض للتو عراكه كان يملئ ألمكان.جسدي كان مُتخذاً وضعية دفاعية بينما لم يرفع الآخر رأسه أمامي حتّى الآن.راقبته بتركيز شديد ولكّن خوفي وتوتري لم يكن يساعد في تلك أللحظة،كل شيء حدث بسرعة.
شجاعتي صدمتني عندما أخذت خطوة نحو ذلك ألشخص ألذي لا يزال يجلس فوق ألجسد ألساكن مُنزلاً رأسه ويحاول أن يُهدأ من تنفسه،كنت أبعد عنه ثلاث خطوات فقط.كهرباء سرت بجسدي عندما ميّزت وشوم ذراعه ألظاهرة من تحت قميصه،خط فكّه وشعره،ربما خوفي كان يحجب ملاحظتي لهذا قبل.
"لا تقتربي"
قال بصوت متشحرج،كان خشناً جداً حتى أنّك تستطيع ألقول أنه لا يعود لأنسان طبيعي.تصريحه ذاكَ زاد من رغبتي في الأقتراب أكثر،كذّبت عيناي ألتي لاحظت أنيابه ألتي برزت من فكّه ألعلوي.
يداي بجانب جسدي،لم أُسيطر على أرتجفاهما،رفع رأسه أخيراً نحوي،كان سواد بؤبؤه أحمر داكن،بدت حاجبيه ورموشه أكثر دُكنة،منطقة محيط عينيه تبدو أكثر حدّة بشكل عام وشفتيه أكثر حُمّرة.
أعتدل واقفاً من فوق ألجسد ألذي لا يزال يتوسد ألارض و وقف أمامي "أخبرتكِ ألا تقتربي"
لا أعلم لِم لم يستطيع تنظيم تنفسه حتى الآن
"أخبرتكِ أن تركبي ألسيارة،أخبرتكِ أن تبتعدي" بدأت خطواته تجبرني على ألعودة للخلف،هناك ألكثير من ألمشاعر تضاربت بداخلي ولكني تأكدت أن ألخوف لم يكن من ألحاضرين.
"لماذا لا تستمتعين!"
جذع ألشجرة خلفي أوقفني من ألتراجع أكثر وجسده أغلق ألمساحة أمامي.
"أنا لست خائفة من هذا ألمنظر"
عقلي نبهني أنّي يجب أن أنظّم تنفسي أنا الأخرى ولكنّي تجاهلته.أنا أخبره أنّي لست خائفة للمرة ألثانية منذ لقائنا.
"يجب أن تكونِ كذلك،هذا ألكائن أمامكِ بأمكانه قتلكِ قبل أن ترمشي حتى"
"لن تؤذيني"
بدى متفاجئاً أكثر مني بتصريحي.يدي بخطوات بطيئة جداً أرتفعت نحو ملامحه،عكّر حاجبيه لِما أفعل وأطراف أصابعي أرادت لمس بشرته ألتي بدت بيضاء حد ألشحوب.لاحظت جسده ألذي أرتعش فور أتصال بشرتي بخاصته وحوّل نظره من يدي لعيناي،فعلت أنا ذلك أيضاً.بشرته كانت شديدة ألبرودة.ألسواد ألطفيف ألذي كان يُحيط عيناه بدأ يتلاشى،حمار بؤبؤه بدأ يأخذ لوناً أكثر دكنة حتّى تحوّل تقريباً للأسود،أنيابه لم تختفي.قبضته فوق لحاء ألشجرة ألتي أستند عليها خلفي حفرت داخل ألخشب وبدى يقاوم شيئاً ما.أغمض عينيه بشدّة ثم،فقط عندما رمشت،أختفى هو من أمامي.
نظرت بفزع حولي وكأني أستيقظت مما حدث للتو،ألمكان كان فارغ عدا ألجسد ألذي يستلقي يبعد عني بمترين.سيارة آليس ظهرت من بين ألاشجار فوراً وتوجهت نحوي راكضة،
"هل أنتِ بخير؟"
تفقدتني بعد أن نظرت للجسد أمامي.
"كـ—نعم أنا فقط أقصد،تفقديه هو لا يبدو بخير"
تسارعت كلماتي وأنا أؤشر لها نحوه بينما هزت رأسها.
"سينقله ألفتيان بعد قليل،لنذهب من هنا الآن"
أومئت لها لأني أردت ألجلوس بشدة بعدما حدث وهي أركبتني ألسيارة بعد أن مسحت ألمكان بعينيها قبل أن تحرّك ألسيارة مبتعدة عن ألموقع.
حدقة عيناي كانت تنظر ألى ألطريق أمامي بفراغ بينما عقلي لم يستطع تركيب أستنتاج منطقي واحد،رُكنت ألسيارة أمام منزل جدّاي ولم أعلم ذلك حتى نبهتني آليس.
"سنتكلم عما حدث لاحقاً،خذي قسطاً من ألراحة الآن"
أومئت دون أي أضافات وخرجت من ألسيارة متجهة للداخل مباشرةً.
"أين كنتِ؟"
أمي واجهتني فور دخولي.
"في منزل آليس"
يدي أشارت خلفي وكأنّي أدلها على ألمكان وهي نظرت لي ثم أبتعدت نحو ألمطبخ.
"هل تناولتي غدائكِ؟"
سألتني بينما صنعت ضوضاء صغيرة للأواني من خلف ألباب.
"سآخذ قسطاً من ألراحة أولاً"
أردت ألابتعاد عن أي أحد.أردت لمّ شتات نفسي قبل أن أفقد عقلي.دخلت غرفتي وأغلقت ألباب خلفي.
"هل تدرك معنى أنّك الشخص
الوحيد الذي أستطاع الاستمرار
في قلبي دُون ملل؟"
#...