في تلك الليلة المحاطة بصقيع لندن القاسي..
كنت متكورة في غطائي القطني الثقيل تحاوطني كل من أمي ولورين،وتقابلنا مدفئة من الحطب صممت على الطراز الكلاسيكي،كانت رائحة القهوة تنبعث في أركان المكان..
لقد كان الشعور بالدفئ ينتابني حينها،فليس هناك أفضل من أن تحاط بأشخاص يبعثون الدفئ في حياتك في عالم بات الصقيع فيه أمرا إعتياديا!
حدقت في سواري الذي قد أهداني إياه زين كثيرا،وكأنه الهدية الوحيدة التي حصلت عليها طوال عمري، كان كلما يضيء تضيء عيني معه!
"حسنا؟..لست الوحيدة التي قد أهداها حبيبها هديه".قالت لورين بسخريه لأدحرج لها عيني
"لورين..اهتمي بشؤونك الخاصه حسنا؟".قلت لتزفر الهواء
"ألايستطيع أحدكم تقبل مزاحي هنا!".قالت بضجر
"أووه..أحاول التصميم هنا كفا عن الإزعاج!".قالت أمي وهي تلوح بالقلم في الهواء
"أنظرا هنا..أيهما أفضل؟".أدرفت أمي وهي تقرب ورقتان قد رسم بهما فستانين زفاف إلى نظرينا
"وااو..".قالت لورين بنبرة حالمه
"أمي..أنا لايسعني الإختيار فالإثنان جميلان بحق..أنا أحسد من سترتديهم..".قلت بإبتسامة وقد رسمت صورة في مخيلتي بأحد الفستانين..
~
"وكأنك زهرة يحرك الهواء أوراقها بخفه جولي..".همس زين بأذني لأبتسم خجلا بينما كنا نؤدي رقصة الثنائي وسط كل الحضور
"تبدين كشخصيات أحد الحكايات الخيالية بفستانك الساحر هذا".أردف
"همم..ترا أيهم أشبه؟".تسائلت
"بيلا..أنت كالجميلة بيلا وأنا هو الوحش،ما رأيك حبي؟".سأل لأطلق ضحكة ساخرة وسط هذا الجو المتوتر
"أنا سعيدة زين..".همست له
"بينما أنت سعيدة..أنا أشعر وكأن السماء تعانقني".قال لأبتسم ونعاود الرقص من جديد
"زين مالك..هل تقبل بجولز رود زوجة لك في السراء والضراء..في الصحة والمرض في السعادة والحزن،دون أي قيود منك أو إجبار؟".قال القسيس لتسري القشعريرة في جسدي
"أقبل".قال زين بثبات وإبتسامة تعلو شفتاه وهو يعانق يدي
"جولز رود..هل تقبلين بزين مالك زوجا لك في السراء والضراء..في الصحة والمرض في السعادة والحزن،دون أي قيود منك أو إجبار؟".قال القسيس لتغرق عيناي بالدموع لقد انتظرت هذه اللحظة طويلا..طويلا!وهاهي أخيرا تعرض أمامي.
"أنا..أ..أقبل".قلت وسط تشحرجات بكائي ليعتصرني زين بين أحضانه
"أعلنكما الآن زوجا وزوجه،يمكنك تقبيل العروس!".قال لتعلوا صفقات جميع الحضور
قام زين برفع ذقني بين يديه بخفه وهو يمسح دموعي،ثم هم بتقبيل شفتاي برقة لأغمض عيناي وكأنني لم أكن متواجدة آنذاك في هذا العالم..
.
.
"أغلقي فمك يافتاة سيعبر طيرا داخله دون شعور منك".قالت لورين بسخريه لأهز رأسي خجلا،لقد كان هذا مجرد خيال..
الفستان،الموسيقى وزين،القسيس والحضور..
جميعهم قد كانوا لحظة خيالية عبرت مخيلتي..
لم أكن من ذلك النوع من الفتيات المبتذلات التي تبني كل آمالها على فستان أبيض،زوج مثالي وأطفال يحملون مزيج من ملامحها وملامح شريك حياتها..
لم أكن هكذا!
كنت أختلف عنهم..كنت أبحث فقط عن الحب..
الحب أولا ثم تأتي الشراكة الحياتيه،بدون الحب نحن لاشيء..
كمثل حيوان أليف..
وضعوه في قصر وقدموا له بيئة مناسبه..وطعام جيد،ولكنهم لم يدللوه أبدا،لم ينظروا في وجهه حتى، لقد إستطاع الانسجام مع حياته المثالية،ولكنه مات بعد فترة..مات ولم يحظى بالحب ودفئ المشاعر مات وهو لم يشعر بالحياة!
لن أقبل يوما أن أكون مجرد زوجة،تضحي بسعادتها لأجل أسرتها،وتنسى قلبها مكشوفا تتآكله عواصف الحياة بلا مبالاة..لن أقبل أن أعيش حياة إعتيادية..لن أقبل سوى بحياة يملؤها الحب..لاشيء سوى الحب!
كنت أفكر بكل هذا غير مبالية بأحاديث أمي ولورين،أردت في تلك اللحظه محادثة زين..لاأعلم كيف يمكن أن تكون له القدرة على سرقتي من وسط أفكاري هكذا،كيف يمكن له أن يسرق مشاعري بهذا الشكل الغريب،كنت أشعر أحيانا وكأنه يخترق جسدي لقدرته على العبور في تفكيري في كل وقت وحين.
"سأخرج..".قلت لهم مستأذنه
"إلى أين؟".سألت أمي
"إلى ستاربكس..".قلت
"أنت تهملين دروسك كثيرا..أخشى أن تحرمي من أحد المواد".قالت بإستياء لأتنهد
"أمي..هذا لن يحدث".قلت وأنا أقبل خدها
"لاتتأخري لديك جامعة غدا ولن تتغيبي!".قالت بصرامه لأدحرج عيناي
ألقيت نظرة على لورين المنشغلة بهاتفها ثم توجهت للخارج ليضرب الصقيع جسدي..
كنت أتأمل شجرات الميلاد الموضوعة أمام أبواب المنازل،في غضون أسبوع ستبدأ السنة الجديدة،سيهطل الجليد وسيأتي سانتا محملا بالهدايا والالعاب للصغار..
أنا أتمنى لو يكون زين متواجد معي في ذلك الحين..
وصلت إلى ستاربكس وقمت بدفع الباب بخفه ليصدر الجرس صوت،معلنا عن دخول زبون جديد..
"تفضلي آنستي..ماهو طلبك؟".قالت لي النادلة الشقراء النحيلة
"آيس موكا بنكهة التوفي".قلت مبتسمة لتبادلني
"في مثل هذا الجو..الناس يطلبون منا تحضير الاسبريسو عادة،أنت أول من يطلب الموكا".قالت
"الإختلاف مطلوب عزيزتي..هيا أنا بإنتظارك".قلت وأنا أربت على كتفها لتومئ لي وترحل
جلست على الطاولة المطلة على النافذة الضبابيه،تفقدت هاتفي لأتجاهل كل الرسائل الواردة بإستثناء زين..
رسالة واردة من "زين🌙❤"
حبي جولي أنا أفتقدك كثيرا هلا تحادثنا..(yesterday 10:00pm)
إذا أخبريني كيف كان يومك؟(Today12:00 am)
إبتسمت أثر تفقدي رسائله القصيرة اللطيفه،التي بدأت أشعر مؤخرا وكأنها تضيف نكهة جديده ليومي.
إتصلت به ليجيب بعد غضون دقيقة..
"حبي..".قال فور أن أجاب
"زين..".همست
"كيف هو حالك صغيرتي لقد أفتقدتك أنا وجزر هاواي".قال لأبتسم
"أنا بخير حبيبي..ماذا عنك؟".سألته ليتنهد
"أنا بحاجتك..".قال
"أنا معك دائما..أخبرني ماالأمر؟".سألته ليتنهد
"لقد حاولت جيجي بالأمس الإنتحار..لاأعلم ماالذي يجب علي فعله".قال لأتنهد بإستياء
"أنقذتها بصعوبه..لقد اوصاني والدها قبل موته بحمايتها،ولكن انظري أنا ماذا فعلت بها وإلى أي حال أوصلتها..".أردف
"لست مجبرا على حب شخص لاتريده..أنت تفعل الصواب زين،لقد قمت أنت ووالدك بعمل نبيل لأجلها جعلتموها تقنط وسطكم بعد رحيل عائلتها".قلت ولكني كنت أشعر بالغيرة داخلي ماذا لو كنت مكانها الآن ،أعيش برفقة زين وأستطيع رؤيته بإستمرار..
ولكنه القدر يفعل مايريد ويترك أهواءنا جانبا.
"جيجي تمتلك قصرا ونقود لاتحصى،ولكنها تحبني..لهذا السبب هي تركت قصرها وأتت لزيارة قصري بعد خطبتنا لقد كانت تظن بأنها ستقنط لأيام معدودة حتى فترة زفافنا ولكنها شعرت بالصدمه عندما إتصل بها والدها مخبرا إياها بخبر وفاة والدتها..".قال لتغرق عيناي بالدموع لايستحق أي شخص في العالم أن يحدث معه كل هذا
"طلبك..".قالت النادلة وهي تضعه وترحل
"عندما ذهبت هي إلى القصر وبالطبع ذهبت معها..وجدت والدها يهمس لي بأنه يرجو مني حمايتها..توفي هو أيضا بعد فترة حزنا على والدتها..لذا أنا أشعر بالذنب لأجلها".قال لأتنهد
"لست قاسية..ولكنني أكره فكرة أن يشاركني أحدهم بك".قلت بصراحه ليتنهد
"لهذا السبب ساعديني لأجد حلا لأجلها..أنا أود أن نمضي طريقا في حبنا بدون أية جسور تعيقنا".قال لأبتسم بتعب
"سنجد..".قلت بهدوء عكس مابداخلي
"ثقي أنني لم أحب يوما غيرك،لم أشعر بهذا الحب تجاه أي شخص سواك".قال
"صدقني زين..أنا أشعر أيضا بنفس شعورك تجاهي".قلت
"أحبك..".همس
"أحبك..".همست بالمقابل
"لدي مفاجأة لأجلك..".قال
"بسرعة أخبرني".قلت بحماس ليقهقه لكم أعشق ضحكته تلك التي تتخلل إلى مسامعي كسمفونية عذبه
"طفله!..حسنا سأخبرك،لكن بشرط.."قال
"هيا أطلب ماتريد يامفسد اللحظات".قلت بضجر
أن تصرخي بالمكان الذي أنت متواجدة به بأنك تحبيني..".قال
"هل جننت!أنا في ستاربكس الآن".همست
"لاشأن لي".قال بلامبالاة بينما أنا يكاد الفضول يقتلني لمعرفة المفاجأة
"حسنا..زين أحبك!".قلت بصوت بالكاد يسمع
"أووه أنت تغشين..هيا ارفعي صوتك قليلا".قال
"هيي..سأبدو كالمجنونة!".قلت
"إذا لا مفاجئات".قال ببرود
"زين أنا أحبك!".صحت بصوت عال ليلتفت لي جميع من هم بالمقهى ويتهامسون بالتأكيد يظنون بأني مجنونه!
"أتنفسك صغيرتي..أنت حبي الأبدي".قال بصوت عال لأضع رأسي على طاولة المقهى بخجل
"غدا سأعود إلى إنكلترا..".قال بجدية لأشعر بقلبي يحلق بين السحاب
"أأنت جاد؟".سألته
"أنا بكامل جديتي،إذا..هل ستكونين بإنتظاري؟".همس
"سأكون بإنتظارك دائما..".قلت بإبتسامة عميقة وأنا أنظر للبعيد..
لو كان بإمكاني تمني أمنية الآن..
فسأتمنى لو يتوقف الزمن هنا،
أن يتوقف حيث هذه اللحظه..حيث شعوري حاليا وللمدى البعيد.