بين الأمس واليوم

By may_smile

91.3K 1K 112

للكاتبة : أنفاس قطر More

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
22
23
24

21

2.4K 43 2
By may_smile


بدايات ليل الدوحة..

الليلة الجو حار.. مع رطوبة خانقة.. اختبأ منها الناس في أحضان التكييف..

ولكن من كانت الحرارة في جوفه.. وماهو أكثر لزوجة وأشد وطأة من الرطوبة يكتم على أنفاسه

فإلى أي أحضان يلجأ؟؟؟


*******************************


صالح يقف في باحة بيت عمه.. ينتظر.. وفي قلبه طبول حرب مسعورة ترتفع دقاتها بوجيب متراقص لا هوادة فيه


"ما الذي حدث؟؟ ما الذي جعلها تعود بهذه الطريقة؟؟"

في الداخل نجلاء تقبل رأس والدها ووالدتها.. ورغم عتبها العميق عليهما لكنها لا تستطيع التصريح ولا حتى مضايقتهما

أبو غانم يهتف بحزم: أنتي مقتنعة بالرجعة لصالح؟؟ ترا السالفة مهيب لعبة..


نجلاء بهدوء تحاول إخفاء غصاتها الموجوعة خلفه: أكيد مقتنعة.. أنا وأبو خالد صفينا اللي بيننا..

وصالح عشرة عمر وأبو عيالي.. ما أرخصه ولا يرخصني


أم غانم كانت تحتضن حفيديها ودموعها التي أبت اليوم أن تتوقف مازالت تسيل بغزارة..

عاجزة عن احتمال كل ضغوطات اليوم ومواقفه..


سميرة كانت تنظر لهم من الأعلى عبر حاجز الدرج

وهي تجلس على عتبات الدرج في زاوية مخفية وهي تكتم شهقاتها التي تكاد تمزق صدرها لرغبتها في الانفلات..

عاجزة عن التنفس.. تخشى أن يفضحها تنفسها فيرتفع عويلها المكتوم..

تكاد تموت من شدة الوجع..

تريد فقط أن تقبل خد نجلاء..أن تبعثر شعر خالد وعبدالعزيز وتقرص أنوفهم...

لِـمَ يبدو كل شيء كثيفا ومعقدا هكذا؟؟

لماذا لا تستطيع الركض للأسفل وتنفيذ كل ما تريد...

تُشبع روحها من رائحة نجلاء وطفليها..

تخبرها كم تحبها!! وكم ستشتاق لها!! وكم هي سعيدة أنها ستعود لتأديب صالح!!

تريد أن تقول لها (أدبي صالح حتى يبكي).. تريد أن تسخر منها وبها ومعها.. تريد لمسة من أناملها ونظرة من عينيها الحانيتين..

تريد أن تمسح على خصلات العسل.. وتقول لها: كيف يكون فطوري بدون عسل؟؟

تريد أن تثرثر كثيرا.. وتصرخ بجنون..

وتنثر ضوضاءها في مكانها!!


ولكنها بقيت تنظر لهما بجوع روحها الحاد.. حتى رأت نجلاء تخرج تشد طفليها

لتركض حينها لتنظر لهم عبر نافذة الصالة العلوية..

تشهق بوجع وعيناها تغيمان وهي ترى نجلاء تفتح الباب الخلفي لتركب أطفالها

ثم تركب بجوار صالح الذي وهبها نظرة عاشق أثقله الاشتياق!!


.

.

نجلاء ركبت بجواره وهي لا تشعر بشيء مطلقا

فوجعها من أسرتها اليوم غطى على كل وجع.. مشبعة بألم شفاف انغرز في روحها

كانت صامتة.. بينما الرجل بجوارها يشتعل..

لم يتحادثا مطلقا.. لم يسألها حتى لماذا عدتِ .. ولن يسألها...

يكفيه أنها عادت لأحضانه أخيرا ..فلن يكون أبدا كما المثل الشعبي (قالوا له هاك خير.. قال ماعندي ماعون)

فهو بأكمله (ماعون) ووعاء لها..


نجلاء وصلت لبيت عمها.. استقبلتها أم صالح بحفاوة غامرة.. حاولت أن تجامل أم صالح بدماثة

ثم اعتذرت أنها تريد ترتيب أغراضها

صالح طوال حوارها القصير مع والدته وهو جالس مشغول بمراقبة تعبيرات وجهها الذي أضناه الاشتياق لكل تفصيل صغير في ثناياه

ولم يفته ملاحظة تفصيل جديد.. (حزن جديد يرتسم على محياها)

بدت له حزينة جدا.. وكم آلمه أن تكون حزينة هكذا وهو لا يعرف السبب.. آلمه حتى العمق أنه لا يستطيع أخذها في حضنه..أو مسح حزن عينيها

فربما لم يكن لها من أسباب الحزن سببا عداه!!


حين وقفت.. وصعدت.. تمنى أن يصعد خلفها.. يفتش في روحها..يستكشف خباياها..

يريد أن يطمئن أنه مازال هناك..بأي صورة كانت.. المهم أنه هناك.. مازال ينقش اسمه في حناياها

ولكنه شعر بدون أن تتحدث أنها تحتاج للاختلاء بنفسها..

لم يكن يريد تركها وحيدة..


" أ تريد لها ملجأ سواي؟!! أ تريد صدرا ترمي عليه همومها عدا صدري؟!!

أ تخبئ حزنها حتى عني أنا ونحن من اعتدنا على اقتسام كل شيء حتى التجريح والحزن؟!!

أ تريد أن تهرب بحزنها عن مداي لتعانيه وحدها؟؟

أي قسوة هذه؟!!

أن تحزن لوحدها دون أن تسمح لي ان أحمل الحزن معها؟!!

وأنا أعلم أنها ألتجأت إلي ختاما.. كنت أنا من خطرت ببالها عندما ضايقها شيء لا أعلم ماهو

ثم بعد ذلك كله أشعر أن كل ما تريده هو أن تختلي بنفسها

بينما أريد أن أكون بينها وبين نفسها

بينها وبين أنفاسها

بينها وبين عظامها "


ولكنه أجبر روحه على الإنسحاب.. قرر أن يأخذ ولديه ويذهب بهما ليعشيهما خارجا..بما أنهما في إجازة الآن..

أراد أن يلتهي بهما.. وأن يتيح لأمهما فرصة التنفس بعيدا عن الإنشغال بأي شيء..


وبالفعل وصلت نجلاء لغرفتها لتغلق بابها عليها.. وتنهمر في دموع مثقلة بالجرح والقهر..

(فجرح ذوي القربى أشد مضاضة... على النفس من جرح الحسام المهند) كما قال الشاعر..


صالح بعث لها رسالة يخبرها أنه أخذ الولدين.. ثم أغلق هاتفه.. لم يكن به رغبة للتحادث مع أحد..

لذا لم يتلق اتصال عمه الذي أراد إخباره بملكة سميرة.. وكذلك اتصالات والده الغاضبة بعدها..


***********************************


"ياي ياخالتي.. ما تخيلتها حلوة بذا الطريقة

مافيه حتى كلام يوصفها.. تجنن تجنن تجنن"


عفراء تبتسم بحنان لحماس مزون المتدفق وهما تركبان السيارة خارجتين من زيارة لعروس كساب بعد أن أحضرا لها شبكتها ومهرها

وتهمس لها بمودة: عجبتش يعني؟؟


مزون بذات الحماس: عجبتني وبس.. أنا انسطلت ودخت وسحت بمعنى الكلمة..

صدق إذا هذي ما تفكك عقد ولد أختش يكون خلاص مافيه رجا..

ثم أردفت بحذر: بس ما لاحظتي خالتي نهائي ما ابتسمت..


رغم أن عفراء لاحظت ذلك ولكنها قالت بهدوء: تلاقينها مستحية شوي..


مزون بذات الحذر: بصراحة ما أعتقد إنه سحا.. لأنه ماشاء الله من الجلسة الأولى تعرفين إن شخصيتها قوية وردها حاضر

صراحة هي كانت قمة في الذوق واللباقة ما أظلمها.. بس بعد ما أدري.. حبيت أشوف ابتسامتها


عفراء تهز كتفيها: يمكن عندها شيء شاغلها في شغلها وإلا حياتها... يعني بالش لا يروح بعيد...


مزون تبتسم: بس أشلون هذي أخت امهاب وإلا حتى أمها واختها كلهم ذوق..

سبحان الله من البصل يطلع عسل


عفراء بحنان: أول مرة أسمعش تقولين اسم امهاب وانتي مبتسمة..


مزون هزت كتفيها وهي تسحب نفسا عميقا ثم تزفره: تدرين خالتي.. امهاب بيظل من أسوأ ذكرياتي وعمر ذا الشيء ماراح يتغير

لكن عشانه صار نسيب كساب.. لازم أتعود على اسمه وأحاول أظهر تقبله مهما كان صعب علي..

ما أقدر ما أسوي كذا.. ما أبي شيء يحز بخاطر مرت كسّاب


.

.


وغير بعيد.. في داخل البيت..


صوت مزنة الغاضب: يعني كان صعب عليش تبتسمين للناس لو ابتسامة صغيرة من باب المجاملة

الناس ماباقي شيء ماجابوه لش.. ومتكلفين ومكلفين على نفسهم.. جامليهم.. بيني نفسش مبسوطة فيهم..


كاسرة بهدوء: قعدة وقعدت معهم.. وترحيب ورحبت.. وسوالف سولفت.. ماعاد باقي إلا الابتسامة تبين أغصب نفسي عليها..


مزنة تتنهد وهي تتماسك لتهمس بهدوء: يامش هذولا هم المرتين الوحيدتين اللي يقربون لرجّالش..

احترام له وتقدير وعشان إن شاء الله تكسبينه.. لازم تكسبينهم


كاسرة ببرود: الحين ذا الرجال اللي قبل كم يوم ما أعرفه حتى.. صار لازم أجامل حتى اللي يقربون له عشان سيادته يرضى

عنه ما رضى.. بالطقاق اللي يطقه... أنا أعامل الناس مثل ما أحب أنهم يعاملوني.. مهوب عشان أرضي أي أحد..


مزنة بنفاذ صبر: كل شيء لازم تحولينه لساحة حرب... الله يعين كسّاب عليش.. هذا وأنتي موافقة عليه برضاش

خليني أروح أشوف عشا الرياجيل أحسن...

تنهدت كاسرة بعمق..

لم يكن صعبا عليها مطلقا اصطناع ابتسامة مجاملة تظهر سيطرتها التامة حتى على ردات فعلها


" ولكني كرهت أن ابتسم أمامهما...

فربما ينقلون لذلك التافه الأرعن أنني كنت مبتسمة..

فيجن سعادة لأنه سيظن أني سعيدة به

بينما أنا أرثي لحالي الذي أوقعني بين براثن ذلك الطفل المتفاخر بعقله الخالي من أي تفكير أو تحكم...

يا الله أي حياة تنتظرني معه؟!!

هل هو شر ما كتبته لي أو خير؟!!

أرجوك يا آلهي ألهمني الصواب.. القلق يأكلني.. أشعر كما لو أن حياتي تقف على شفير الهاوية

فهل يكون مصيري أن تلقيني فيها يارب؟!! "


*******************************



المجلس محتشد.. عشاء ملكة تميم..


زايد استغرب موافقة كسّاب أن يأتي معه للعشاء.. حتى وإن كانوا أصبحوا أنسبائه..

لم يكن يعلم أن هناك موال في رأس كسّاب جاء لتنفيذه

وهاهو ينفذه بالفعل.. وهو يميل على أذن مهاب يحادثه بصوت منخفض.. فيقف مهاب وهو يهز برأسه..


زايد بتساؤل يهمس لكساب الجالس جواره: وش قلت لامهاب؟؟


كساب بهدوء يخفي خلفه ابتسامة خبيثة: قلت له أبي أسلم على عمتي..

مالحقت أسلم عليها عقب الملكة.. وعيب في حقي لحد الحين ماسلمت عليها...

فقلت له يفضي لي درب ويعلمها..


لا يعلم زايد أي شعور ملتبس شعر به...

" أ حقا سيراها ابنه؟؟.. بل قد يطبع قبلاته على رأسها كما هو مفترض.."


شعور كثيف شديد التعقيد بدأ يخترم روحه... كان بوده لو أستطاع أن يمنع كسّاب من رؤيتها

لا يعلم لِـمَ يشعر أن رؤيته كساب بعد أن يراها قاسية على روحه..

أن يعلم أن ابنه استطاع أن يرى من لم يرها منذ أكثر من 30 عاما مضت..

وما زالت في ذاكرته هي ذاتها الصبية المشتعلة حسنا في بخقنها المطرز بالزري..


"هي ذاتها ذلك الحسن الذي لا مثيل في ذاكرتي :

خداها المحمران على الدوام..

عيناها الذكيتان المشبعتان سحرا وسوادا وشقاوة..

شفتاها النديتان التي تميلان بكسل مهيب حين تنفث سحر كلماتها أو حتى مجرد غضبها الشقي الدائم

إلى أي مدى تغيرت؟؟

ماذا أخذت منها السنوات؟؟ وماذا أضافت لها؟؟

أ يعقل أن نظرة التمرد المتدفقة بالحياة تلك التي كانت تضيء عيناها قد انطفئت؟؟

أ يعقل أن ذلك اللسان السليط المتفجر بمقذوفات العبارات قد أُلجم؟!!

أ يعقل إن تلك الحيوية التي تسري في عروقها حد التشظي قد تضاءلت وذبلت؟!!

ماذا بقي منكِ يامزنة؟؟ ماذا بقي؟؟ "


مهاب عاد لكساب وهو يشير له بعينيه.. ليخرج معه لمقلط الرجال ثم إلى داخل باحة البيت..

وعينا زايد تتبعانهما ومشاعر كثيفة معقدة تطوف بجوانحه..


في الداخل.. قبل دقيقتين ..

وضحى تقتحم غرفة كاسرة وهي تطل مع نافذتها وتهتف بحماس:

تعالي تعالي.. ما تبين تشوفين رجّالش؟!!

امهاب توه كان عند أمي.. يقول إنه بيجي يسلم عليها..


كاسرة كانت تمسح زينة وجهها التي بقيت من أثر تزينها لمقابلة خالة كسّاب وأخته

همست بدون اهتمام: ما أبي أشوفه.. خله يسلم ويتسهل...


وضحى باستغراب: معقولة ما تبين تشوفينه؟؟ تعرفين شكله على الأقل


كاسرة بنبرة عدم الاهتمام ذاتها: شفته اليوم الصبح.. وشكله ماشي حاله.. مقبول..


وضحى باستغراب شديد: وين شفتيه؟؟ ومتى؟؟


كاسرة بهدوء بارد: هو جاني بنفسه في مكتبي..


وضحى بصدمة كاسحة: معقولة؟؟؟ من جدش؟؟.. بصراحة حركته جريئة واجد..

ثم أردفت بحماس وهي تعاود التمركز عند النافذة المطلة على الباحة: شوقتيني أشوفه أبو الجرائة ذا...

بصراحة خطير وما عنده وقت أبونا ذا


وضحى تركز نظرها على الرجل الذي يعبر الباحة بجوار مهاب متجهين لمجلس الحريم الذي بابه يفتح على الباحة..

وظلت عيناها معلقتان به حتى غاب عن مدى بصرها

لتلتفت لكاسرة وهي تضيق عينيها وتهمس بنبرة ذات مغزى:

أنتي متأكدة أن اللي شفتيه اليوم الصبح هو رجالش نفسه؟؟


كاسرة وقفت وهي تستخرج روبها من الخزانة حتى تستحم وتهتف بدون أدنى اهتمام: قلت لش شفته هو نفسه.. خلاص سكري السالفة


ابتسمت وضحى: بس هذا ما ينقال عليه أبد ماشي حاله..

أنا من يوم شفتش تقولين على منصور آل كساب ماشي حاله

وأنا عارفة إنش عندش خلل في النظر..


حينها هتفت كاسرة بحزم: وضحى عيب.. احترمي أني أختش الكبيرة..


وضحى مازالت تبتسم: أنتي ماعندش تايم آوت..ما تعبتي من الجد..

خليني أعبر عن رأيي في رجّال أختي.. صحيح عمه أحلى بواجد على مستوى الوسامة..

بس هذا يأختي موت موت مووووووووت.. جذاب زيادة عن اللزوم..

أشلون استحملتي تشوفينه من قريب؟!!


حينها وجدت كاسرة نفسها مجبرة على الابتسام: صدق ما تستحين.. تغزلين في رجّالي وأنا أسمع..

وبعدين تعالي.. من هو ذا اللي ما استحمل شوفته؟؟؟..

الغوريلا اللي تحت... اللهم لك الحمد والشكر... إذا وصل لمواطي أرجيلي هذاك الوقت فكرت أصلا أشوفه من أساسه


وضحى تبتعد عن النافذة باستعجال: هذا هو طلع... بأروح أشوف رأي أمي فيه...

أنتي أصلا لا يعجبش العجب ولا الصيام في رجب .. على قولت المثل



قبل دقائق

في مجلس الحريم.. مزنة ترتدي عباءتها وبرقعها استعدادا للسلام على كسّاب..

طرقات حادة على الباب ثم دخل مهاب وهو يهتف بحزم:

كسّاب جا..


ثم أزاح له طريقا.. كساب دخل بهدوء وعيناه تبحثان عن المرأة التي قادته للزواج من ابنتها..

أي امرأة هذه التي أحكمت سيطرتها على قلب زايد حتى الآن؟؟

أي سحر تتسربل به هذه المرأة جعلها عصية على التجاهل والنسيان؟؟


تقدم وهو ينظر لها..

تمنى بكل العمق لو استطاع النظر لها بدون برقع.. والعجيب أنه لم يتمنَ نفس الأمنية مع ابنتها التي رأها اليوم صباحا

فرغم أنه لم يرَ وجه كاسرة ولكنه لم يشعر مطلقا بأي رغبة في رؤيته كما يشعر برغبة عميقة لرؤية وجه مزنة..

عيناها الظاهرتان من فتحي برقعها بدتا له مرسال حسن فاتن لم يندثر بعد...

والذي آلمه حتى النخاع فيهما كم الحنان المهول المتبدي منهما..

مطلقا لم تكن نظرة أنثى..كانت نظرة أم صافية...

شعر بالحنين يجتاحه لأمه بعنف موجع..

انحنى ليقبل رأس مزنة.. بينما تمنى لو أخذها في أحضانه.. ووسمية تحضر في ذاكرته بكل الوجع..

كم هو مشتاق لأحضان أمه..!! مشتاق!! مشتاق!!


هتف باحترام: مساش الله بالخير يمه..

سامحيني ماجيتش ليلة الملكة.. انشغلت بالعشا عقبها...وعقبه السالفة اللي صارت لي..


مزنة باحترام ودود: الحمدلله على سلامتك يأمك.. مجار من الشر..


كساب ابتسم: الله يجيرش من الشر.. وتراني الحين عدت ولدش.. مثل امهاب وتميم..


مزنة ردت له الابتسامة بابتسامة: أكيد يأمك مابه شك... وترانا عطيناك شختنا.. الله الله فيها يأمك..


لم يرد عليها كساب.. فهو لن يعد بشيء قد لا يستطيع الوفاء به..

لذا هتف بحزم: تمسين على خير يمه.. وإذا قاصركم شيء تراني حاضر


مزنة بمودة: أنا أشهد إن خالتك وأختك ماقصروا.. جعلكم من زود في زود يأمك..




*****************************



قفزت من مكانها وهي تمسح دموعها حين سمعت رنين هاتفها ..

" أ يعقل أنها نجلاء..و رضيت سريعا هكذا؟!!"


كانت شعاع هي المتصلة والتي هتفت بحماس مصطنع

لأنها بداخلها حزينة وتشعر بالعزاء بل الشفقة العميقة على سميرة

فمهما كان تميم يبدو رائعا وأوضاعه المادية متينة.. فعيب الكلام والسمع لا يمكن تجاوزهما أبدا:

مبروك ياعروس مبروك.. كذا يالخايسة أنتي ووضوح تطبخون السالفة بدون ما تشركوني معكم


سميرة كانت تحتاج أن ينقرها أحد ما فقط.. لذا انهارت في عويل مفجوع لم تعتده منه شعاع مطلقا..

بل شعاع لم يسبق أن رأت سميرة تبكي حتى.. فكيف بهذا العويل الجنائزي الممزق..

هتفت شعاع بقلق وعبراتها بدأت تخنقها: سميرة أشفيش؟؟ هم غاصبينش على تميم؟؟


سميرة بين شهقاتها: لا لا... بس نجلا زعلانة علي عشان ماقلت لها قبل.. ماقلت لها إلا عقب الملكة..

وحتى عالية زعلانة وجرحت فيني بكلام يوجع..ما تخيلين أشلون

ليه يسوون فيني كذا.. والله إني كنت أبي أفرح معهم.. خربوا علي فرحتي كلها..

حسسوني كني مسوية جريمة في حقهم..


شعاع تتنهد وهي تحاول منع نفسها حتى لا تبكي مع سميرة التي كانت تتكلم وهي تشهق بحرقة:

ياقلبي يا سميرة... نجلا أنتي عارفتها... أطيب من قلبها مافيه.. بس عطيها كم يوم وتروق..

صعب عليها إنه أختها الوحيدة تملك بدون هي ماتدري وهي عندكم في البيت

أما عالية تعرفينها بعد.. لسانها متبري منها.. بس صدقيني الليلة بتلاقينها متصلة تتعذر.. هذا سنعها أصلا


سميرة مازالت تشهق: تخيلي نجلا من زعلها علي.. رجعت لرجّالها اللي هي زعلانة عليه.. يعني زعلها علي أكبر من زعلها عليه..


شعاع رأت أن وضع سميرة مأساوي فعلا.. لذا همست بصوت مختنق من التأثر: تبين أجي لش شوي؟!!


سميرة بسرعة موجوعة: يا ليت!!


شعاع بصوتها المبحوح لمغالبتها للبكاء: خلاص بأكلم عبدالرحمن أول مايخلص عشاء في بيت عيال خالي يجي يوديني عندش شوي




***********************************




فور انتهاء عشاء الرجال.. تميم يعود لغرفته.. اليوم كان مستنزفا له تماما

يشعر كما لو كان سينهار

يريد الإلتجاء لغرفته.. والاعتصام بصمته.. إراحة جسده المرهق وعقله المنهك..


كان على وشك خلع ملابسه حين أضاء جرس الباب.. فتح الباب.. كانت وضحى تشير له بمودة:

وش فيه عريسنا يبي ينام بدري؟؟


تميم يشير بإرهاق: تعبان حدي..


ابتسمت وضحى: زين.. مبسوط؟؟


هز كتفيه: المهم أنتو مبسوطين.. وأمي راضية


وضحى قالت بضيق: ليش تقول كذا.. والله العظيم سميرة مافيه مثلها


تميم بضيق مشابه أشار: تكفين وضحى ما أبي موال مدح في صديقتش

أدري مافيه مثلها.. بس أنا مالي مزاج الليلة لشيء

تكفين.. خليني بروحي


وضحى بألم: تميم تدس عني أنا؟؟ طول عمري أنا وإياك واحد...


حينها انفجر تميم باشارات غاضبة ولون وجهه يتغير: لا ما احنا بواحد

أنا واحد ما أسمع ولا أتكلم... أشلون وحدة تسمع وتتكلم تصير شيء واحد مع واحد أصم أبكم

قولي لي أشلون؟؟


وضحى تنهدت بعمق... علمت أنه لا يعنيها بكلامها هذا.. ولكنها بعتبها عليه نقرت قشرته الرقيقة

فهو متضايق منذ علم بالخطبة.. ومحتاج للانفجار.. وهي يستحيل أن تسمح له أن يكتم ألمه في داخله..

تريده أن ينفجر فيها حتى يرتاح.. ليبدأ يعتاد على فكرة زواجه من فتاة لا تماثله في وضعه..

لذا أشارت له بهدوء عميق حنون: وزين كوني أسمع وأتكلم هل وقف حاجز أني أتفاهم معك


تميم الغاضب المجروح والموجوع: لا ماوقف حاجز بيننا.. أشلون يوقف وأنتي تكرمتي وضيعتي من عمرش شهور وشهور

عشان تنزلين من برجش العالي وتأشرين للأصم الأبكم..

وش بيضرش؟؟ دامش تتكلمين وتسمعين.. تنازلي شوي رحمة فيه وشفقة عليه لا يعيش طول عمره ما حد درا عن اللي في خاطره


وضحى أمسكت كفه بحنو لكي تجلسه وتجلس جواره.. لكنه انتزعها منها بعنف..

حينها علمت وضحى أنه غاضب بالفعل وخصوصا هو ينفجر بمزيد من الإشارات:

أنا ما أنا ببزر تبين تقعدينه وتهدينه... حتى لو كنتو أنتو شايفيني بزر

وتبون تجيبون لي لعبة تتكلم وتسمع عشان تسليني..

بس الظاهر أنكم نسيتوا أني لا أسمع ولا أتكلم... واللعبة بتقعد تتكلم لين تخلص بطاريتها وتموت روحها ما حد درا عنها

أنا الحين أبي أعرف صديقتش ليش توافق علي؟؟ وش اللي في رأسها خلاها توافق؟؟

وإلا لا يكون غصبوها علي مثل ما أنتو غصبتوني عليها


وضحى بألم: تميم .. سميرة ماحد غصبها عليك.. مثل ما أنت ماحد غصبك عليها.. ليش تقول كذا


تميم بسخرية: وضحى تلعبين علي وإلا على نفسش... أنتي دارية عدل إن أمي غصبتني من يوم رفضت مجرد فكرة ارتباطي ببنت في مثل حالتي..


وضحى بذات الألم: أمي تبي لك الزين يا تميم.. والله سميرة مافيها منها.. وهي تبيك ومقتنعة فيك..

تميم ماشاء الله أنت وضعك ممتاز وأخلاقك عالية.. الوحدة وش تبي أكثر من كذا..


تميم تنهد بعمق وهو غاضب من نفسه لانفجاره في وضحى.. كان يريد الاحتفاظ بغضبه لنفسه

أشار وهو يجلس على سريره: وضحى لو سمحتي.. خليني بروحي..





**********************************






 



اجتماع غاضب في مجلس خالد آل غيث.. خالد وابناءه الثلاثة

والغريب أن أكثرهم ثورة كان هزاع وحماسة الشباب تجرفه بعيدا:

أنا بنت عمي تملك من ورانا.. والله ما يصير ولا يكون.. وليتها خذت حد يستاهل..

عمي مالقى يرميها إلا لأطرم.. ليه هي وش ناقصها؟؟


أبو صالح بغضب: ناقصها طول لسانك أنت وأخيك ذا؟؟ (قالها وهو يشير لفهد)

توكم البارحة معذربين فيها في مجلسي ذا وأبيها يسمع

صدق مافي وجيهكم سحا.. حديتوا راشد على أقصاه.. ووالله لو أني مكانه لأسوي سواته...

أزوجها لكلب حتى ولا أزوجها لرخمة مثلكم..


فهد يهتف بهدوء: أنت الحين وش اللي يرضيك... تبينا نروح لولد آل سيف ونقول له يطلق بنت عمنا.. حاضرين؟؟


هزاع بغضب: وتقولها وأنت بارد مثلج كذا.. أكيد هذا اللي لازم يصير...


أبو خالد بغضب كاسح: تلايط أنت وإياه.. هذا اللي قاصر.. أطلق بنت أخي من رجّالها عشان لحاكم اللي ما تسوى

ياقهري منكم... مافيكم من يبرد الخاطر... راحت عليكم بنت عمكم.. وش عاد الحكي فيه... قوموا فارقوني في السعة..


هزاع بقهر: وأخينا الكبير ليه ساكت؟؟


صالح بهدوء: أختها عندي.. ما أقدر أقرع ولا أسوي شيء..

والله هذي مسؤوليتكم..أنتو اللي أزعلتو عمي وحديتوه يزوجها من وراكم


هزاع بذات قهره: وانا مأنا بساكت.. بس خل أبيك يرخص لي


أبو صالح وقف وهو ينتفض بغضب: والله لا أدري إن حد منكم تعرض لراشد وإلا بنته إن قد يشوف شي ما شافه

أنا ما جمعتكم أبي حد منكم يسوي مثل جهل أول... ويطلق مرة صارت في رأس رجّال

لكن بغيت أفضي حرتي فيكم.. لو أنكم حشمتم راشد وبنته ماكان ذا كله صار..


فهد يتنهد: والله يبه جعلني فداك إنك كبرت السالفة.. وعمي زعل على غير سنع..

ووالله لو أنه بلغنا بالملكة قبلها إنه ما نرخصها لأحد

بس هذا أنت قلتها.. وش عاد الحكي فيه.. البنت وصارت في رأس رجّال..


أبو صالح يمنحهم ثلاثتهم نظرة غضب متزايد.. ويتركهم ويتجه لداخل البيت..


بينما صالح يتنهد بحنين: الله يرحمك ياعبدالله.. ماكان حد يعرف لأبي مثله..

لو أنه موجود الحين كان عرف أشلون يرضي إبي..

الحين الله يعينا على زعله ذا الأيام اللي بتأتي كلها...




***************************************




في سيارة زايد التي يقودها كسّاب عائدين للبيت..

زايد يهتف بعدم اهتمام احترافي: عمتك وش هي قايلة؟؟ وش هي من النسوان؟؟

أربها مهيب قشراء بس؟؟


كسّاب يبتسم بخبث فهو يعلم منذ عاد من السلام على عمته أن والده كان يتحرق للاختلاء به وسؤاله

لذا أجاب بذات نبرة عدم الاهتمام المحترفة التي استخدمها والده: ماشي حالها.. عجوز من جيز العجايز..


زايد كان بوده أن يمنحه كفين

( أ يقال عن مزنة عجوز؟!! بل ولا تختلف عن ما سواها؟!!

مزنة ليست كسواها.. ليست كسواها..)


" وما أدراك يازايد.. قد يكون هذا ماحدث فعلا

ثلاثون عاما مرت.. تصنع المعجزات.. أفلا تحول الصبية لعجوز؟!!

أ ليس هذا هو المتوقع والمفروض؟!!"


بعدها هتف زايد ببروده المحترف: المهم بنتها.. إذا قد جازت لك البنت.. ماعليك من حد..


كساب قطب جبينه قليلا.. يبدو أن الحوار سينحدر لختامه.. وليس هذا ما هدف له.. يريد اللعب قليلا مع والده..

فمؤخرا لا يعلم أي تغيير اجتاحه.. فهو بات يستمتع بهذا اللعب المغطى.. فلا ند لذكائه إلا ذكاء والده..


حينها هتف كسّاب بهدوء مدروس: بس يبه المثل يقول (اقلب القدر على ثمها تطلع البنت لأمها)

يعني عمتي الحين تمثل لي مرتي أشلون بتكون في كبرها..


رد عليه حينها زايد بذكاء: يعني عجوز من جيز العجايز..


ابتسم كسّاب: بس العجايز أشكال وألوان..


ابتسم زايد ابتسامة مشابهة: وعمتك من أي لون؟؟


كسّاب لا يجيبه.. لكن يسأله: يبه دامهم كانوا جيرانكم أول.. أشلون كانت عمتي في شبابها

عشان أحاول أتخيل شكل مرتي الحين..


زايد يبتسم غصبا عنه وذاكرته تحلق للبعيد: والله لو كانت مرتك الحين تشبه أمها في شبابها إنه ربي عطاك من أوسع أبوابه..


كساب يستدرجه بنبرة مقصودة: لذا الدرجة؟!!


زايد ينتبه لمقصد كسّاب في استدراجه.. يبتسم وهو يقطع عليه مقصده: أشوفك مشغول بعمتك زيادة عن اللزوم..


حينها أنتقى كسّاب عبارته بعناية: والله عمتي شكلها تشغل البال أول وتالي..


زايد يتنهد دون أن يريح كسّاب أويسمعه اعترافا ما: خلك من الأول والتالي.. وركز في حياتك أنت..

الله الله في مرتك عقب.. وأتمنى أنك توقف التعامل مع حياتك كأنك في ساحة حرب لازم تكون أنت الربحان فيها




*********************************




"من وين جاية ذا الحزة؟؟"


صراخه الغاضب تعالى من مكان قريب.. انتفضت بعنف وهي تراه يقترب.. جفت الكلمات على لسانها

كانت تريد أن تتكلم تبرر.. تخبره.. لكنها لم تستطع وكل الكلمات تموت وتتخشب وهي ترى عيناه تطلقان شررا ناريا غاضبا

انكمشت وغاص رأسها بين كتفيها وهو ينشب كفه في عضدها النحيل ويصرخ بغضب كاسح:

أقول لش من وين جايه ذا الحزة؟ مالش والي أنتي؟؟ أشلون تطلعين ذا الحزة؟؟


"طالعة معي أنا .. جعلني فداك" هتافه الهادئ العميق...

وهو يخلص عضد شعاع الهزيل من قبضة والده ويشدها ليخفيها خلف ظهره العريض

وشعاع تلتصق بظهره تماما وهي ترتجف..


توقع أن والده سيهدأ فورا كالعادة حين يكون هو من يواجهه.. ولكن هذا لم يحدث.. فوالده استمر بصراخه الغاضب:

طالعة معك على رأسي وعيني.. بس تبلغني.. بنتي ما تكون برا البيت لذا الحزة وأنا ما أدري وينها..

ما فكرتو فيني.. ولا حتى جا على بالكم تعلموني؟!!

تدري إني بغيت أستخف يوم طليت في غرفتها ومالقيتها نايمة في سريرها.. وأدق على جوالها ما ترد علي

ومابغيت أروع أمك وإلا جوزاء أنشدهم منها.. وانا أدور في البيت كني مسكون... وكل الطواري الشينة تطري علي


فاضل أنهى صراخه الغاضب وانسحب فورا لغرفته دون أن يسمح لهما أن يردا عليه

بينما عبدالرحمن وشعاع تبادلا نظرات مدهوشة..

تبعتها أنامل عبدالرحمن الحانية وهو يمسح دمعة تعلقت على أهداف شعاع.. ومن شدة خوفها لم تنزل حتى

وعبدالرحمن يهمس لها بابتسامة: ابيش الليلة ياجايه انفصام في الشخصية.. وإلا شكله بدأ يشيب وقلبه يصير رقيق..




***********************************




يشعر بتوتر عارم وهو يصعد بخطوات هادئة لغرفته... عاد قبل أكثر من ساعتين بأولاده..

الولدان كانا سعيدان جدا بعودتهما لبيتهما وكانا يريدان البقاء معه..لكنه طلب منهما التوجه للداخل لأمهما

بينما توجه هو للمجلس لمقابلة والده الغاضب بعد أن فتح هاتفه وتلقى اتصالاته..

ثم بقي بعد ذلك مع شقيقيه محاولا امتصاص غضب هزاع وتهدئته..

فأخر مايريده شيء يشغل بال هزاع وهو في فترة امتحانات..

بينما فهد كان لا مباليا بصورة غريبة..


" أ يعقل أن الأمر برمته لم يحرك فيه شيئا؟!!

لا حمية ولا غيرة ولا حتى أدنى شعور بالغضب...؟؟"


تنهد صالح وهو ينفض كل هذا عن رأسه.. فهناك مشكلة أكبر تنتظره في الأعلى

لا يعلم لماذا ربط بين ملكة سميرة وعودتها..

ربما لأن المنطق يقول هذا.. فلم يحدث شيء الليلة عداها..

هل يعقل أنها كانت رافضة أن يكون تميم زوجا لأختها؟؟ أو ما الذي حدث؟؟

فهي لم تخبره.. ويعلم أنها لن تخبره..


توجه أولا لغرفة ابنيه.. وجدهما نائمين.. تنهد بعمق أكبر وهو يعود لغرفته...ليصدم بمنظر الغرفة..

فالغرفة يبدو كما لو كان عبرها إعصار ما.. فكل الأثاث مقلوب.. ونجلاء تدعك وتنظف


صالح بدهشة: نجلا شتسوين؟؟


نجلاء دون أن تنظر ناحيته: شوفت عينك.. أنظف


صالح بدهشة أكبر: أدري تنظفين.. بس حد ينظف ذا الحزة؟؟ انتظري لبكرة وخلي الخدامات يساعدونش


نجلاء مازالت تنظف بحركة سريعة وهي تدعك الأرض بقوة: ما فيني نوم.. وأبي أنظف


صالح تنهد بعمق.. يعرف الآن أنها غاضبة بشدة.. فهذه عادتها حين تكون غاضبة

تشغل نفسها بعمل شاق تدفن فيه غضبها وحزنها وضيقها..


صالح أمسك بعضديها من الخلف وهو يديرها ناحيته ويهتف بحزم: بسش تنظيف..

نجلا حطي عينش في عيني.. وقولي لي وش اللي مضايقش؟؟


حينها انهارت نجلاء جالسة على الأرض المبلولة وشهقاتها ترتفع.. فكل القوة التي تسلحت بها انهارت..

وكل الدموع التي حاولت حبسها وهي تنظف انسكبت بدون مقياس..


صالح فُجع من بكائها حاول أن يشدها إليه..يأخذها في حضنه

ولكنها منعته وهي تدفعه عنها وتهمس بين عويلها:

تكفى صالح تكفى.. انسى إني موجودة.. اعتبر إني مارجعت..

تكفى لا تزيدها علي




*****************************



صباح اليوم التالي

نهار جديد.. أي شيء يخبئه بين ثناياه؟؟


.

.


"أصب لك كأس بعد؟؟"


كسّاب يشير بيده علامته الرفض: لا خالتي خلاص.. قومي أوصلش المدرسة وعقبه أروح لشغلي..


عفراء بمودة: لا فديت عينك.. أنا مابعد خلصت.. بألبس وعقب سواقتي توديني

إلا أنت اللي ماشاء قايم بدري..

البارحة أنا نمت وأنت عادك سهران.. وعقب جيت أصحيك لصلاة الفجر لقيتك قدك متوضي خالص..

وعقبه خذت لك كم دورة ركض حوالين البيت العود

متى تريح جسمك يأمك؟؟


كسّاب يبتسم: إذا نمت ساعتين تكفيني..

وأنا نمت أكثر من ساعتين..

ثم أردف بنبرة مقصودة: خلينا مني ومن نومي.. أنتي وش مسوية في عمي... كلمته البارحة لقيته مفول منش..

تقولين نار شابه.. حمدت ربي إني مكلمه تلفون ماشفته وجه لوجه.. وإلا كان كلني بقشوري


عفراء ابتسمت: الظاهر عمك على أقل سبب يولع.. ما قلت له إلا أني ما أبيه

هذا سبب يخليه يولع يعني؟؟؟


كساب بابتسامة: طبعا سبب يخليه يولع... واحد صار له أكثر من 10 سنين وهو معترض على فكرة الزواج

ويوم ربي هداه وخطب.. تردينه...


عفراء بهدوء: والله الشغلة كلها قسمة ونصيب.. وإذا عمك له خاطر في العرس أنا من عيوني أخطب له أحسنها وحدة..

أصغر وأحلى مني..


كساب بذات الإبتسامة: والله أنش عجيبة ياخالتي.. حد يقول عن نفسه كذا.. أصغر وأحلى؟؟

خالتي انت وش قاصرش؟؟ عادش صغيرة وحلوة؟؟


عفراء بذات الهدوء العميق: يامك السالفة مهيب صغر ولا حلاة.. أنا خلاص مالي نفس أتزوج.. مهوب جبرية يأمك..


كساب بهدوء ساكن: والله يا خالتي لو بغيتيها غصيبة.. خليناها غصيبة..

لأنه مستحيل أخليش ترجعين تقعدين بروحش عقب اللي صار


عفراء تنهدت لترد بعدها بحزم: إذا شايفني ثقيلة عليك يأمك.. سافرت لبنتي ورجّالها.. لكن إنك بتغصبني.. بتبطي يأمك.. بتبطي


كسّاب تنهد وهو يعاود تغيير الاستراتيجية: يا خالتي لو ما تبين عمي.. اخذي أبي..

تكفين لا تحرقين قلبي كذا.. توش يا خالتي على إنش تسكرين حياتش بذا الطريقة..

جميلة تزوجت.. وبكرة لا تشافت بتجيب عيال وتلهى فيهم.. تبين تقعدين عالة على رجال بنتش..

الحياة قدامش.. ومن حقش تزوجين.. أنتي عبارة ما تزوجتي.. كل اللي قعدهم عمي خليفة الله يرحمه كم شهر عقب الزواج..

ويمكن لو علي أنا بأقول يا ليت تأخذين ابي عشان تقعدين عندي في البيت... بس عمي منصور فرصة ما تنتفوت..

وسامحيني خالتي.. إذا على سالفة العيال.. صدقيني عقب ما يعرفش بتضيع علومه.. وقتها اقنعيه باللي تبينه واقنعيه يتعالج..


عفراء تقاطع كلامه بوقوفها لتجمع الأطباق وهي تهتف بنبرة هدوء مقصودة:

تأخرت واخرتني... توكل على الله يا ولد أختي.. وانسى ذا السالفة الغثيثة...




***************************




" يبه أشلون تسوي كذا؟!!

حتى أنا مالي احترام.. ماكني باخيها الكبير.. يعني وش ضرك لو انتظرت يوم واحد لين أرجع"


أبو غانم ينظر لغانم الذي كان يصرخ بغضب عارم ليرد عليه بحزم: قصر حسك يا ولد.. بنتي وكيفي أنا وياها..

إذا مت.. تيك الساعة حلل وحرم على كيفك


غانم موجوع بالفعل.. موجوع: يبه العمر الطويل لك..

بس ترمي سميرة ذا الرمية.. أدري إن تميم ماعليه قاصر أخلاق ولا دين ولا فلوس

بس يبه ما يسمع ولا يتكلم... أشلون بتتفاهم معه..

هذي عشرة عمر.. عشرة عمر.. حرام عليك يبه سواتك فيها


أبو غانم يسترخي في جلسته ويمد يده ليرتشف فنجان قهوته التي بردت وبدت له شديدة المرارة كمرارة روحه وهو يهتف بذات الحزم:

سميرة موافقة عليه.. وصلت استخارة كم مرة.. اسألها بنفسك


غانم المنهك العائد لتوه من المطار يتجه لداخل المنزل وهو يحمل حقيبته الصغيرة ويهتف لوالده بحزم موجوع:

والله العظيم لو كانت سميرة مهيب مقتنعة لو واحد في المية إني ما أخليها على ذمته لو على قص رقبتي




.

.

.

Continue Reading

You'll Also Like

11.8M 834K 62
‏كـ الحرباء داهيةٌ في الذكاء نكدية في بعض الأوقات حنونة دائمًا ومثل عود كبريتٍ سريعةُ الاشتعال هـي مثل جيش احتلال مثل لُغم موثوق مثل قضية اغتيال هـي...
1.9M 73.6K 50
اميرة بين النساء انت لااسيره تركت لك الفصل والخطاب في الاختيار بين مماتي وعشقي نعم هاذه هو الاختيار بيدي سأمحو مر الذكريات الاليمه وستكون لنا بدلا م...
383K 20K 68
قصه حقيقه القصه تحجي عن بنيه ابوه داعشي او وعد أمه انو يطلعه بس هوا ضحك عليه ولعب بيه او جابت منه لبوه او ملاذ او ضرغام جانت أمه عباله هاذه مو داعشي...
1.8M 214K 47
مملكة سفيد ..القلب النابض للممالك الأربع، الاقوى بينهم، لكن تلك المملكة ورغم أنها امتلكت كل مقومات القيادة، إلا أنها افتقدت لشيء هام؛ " ملكة " تحكم ع...