في الشقة المقابلة

4

رأت قطتها السوداء ذات الأعين التركوازية واقفة على النافذة لذلك صرخت "لوبوس صغيرتي!!"

ركضت إليها بلهفة وحملتها على ذراعيها، عانقتها بقوة وقبلت فروها لتتلفظ حابسة دموعها "يا إلهي لا أصدق كيف جئتِ إلى هنا؟ آمل أن أمي لم تلحق بكِ... لا يهم فأنتِ هنا الآن لقد اشتقت لكِ كثيراً!"

قبلتها من جديد وقالت "لا بد أنكِ جائعة لذا لنذهب للمتجر ونشتري الطعام لكِ" خرجت للشارع حاملة لوبوس واشترت كيس طعام خاص بالقطط.

ثم وضعت الطعام لها وأخذت تراقبها بينما تأكل ٠"لوبوس يجب أن أضع ملابسي في الغسالة أتعلمين ألاحظ وجود شعيرات رمادية على ملابسي كل صباح... وأنتِ فروكِ أسود لذا بالتأكيد لستِ صاحبته"

نهضت ووضعت الملابس في الغسالة وأخذت حماماً سريعاً ثم جلست تدرس بينما تتذمر كل لحظة لأن هذا الدرس صعب.

أغلقت الكتاب ومسحت العرق الوهمي عن جبينها لتتلفظ "أشعر أني خسرت من وزني بعد حل كل هذه الواجبات"

أتعلمين لنشاهد فيلم رعب سوياً، جلست أمام التلفاز ووضعت لوبوس بحضنها، وبينما تشاهد سألتها "هي لوبوس! هل أمي بخير؟"

تنهدت لتتابع "لا بد أنها لم تترك أي مكان لم تبحث به عني لذا يجب أن أتدبر المال لأسافر من هنا… فقط أتمنى أن لا أراها رغم أني افتقدتها!"

رفعت صوت التلفاز لتستمر بالمشاهدة، لكن أوناي كان يسمع كل شيء لذلك شكك بأمرها وقرر أن يستفسر عن الأمر عندما تسنح له الفرصة.

**★***★**

استيقظت كريستل بسبب لعق لوبوس لوجهها، ابتسمت بخفة لتتلفظ "حسناً يكفي لقد نهضت" وقفت أمام المرآة لتتسع عينيها وتصيح بغضب "طفح الكيل لم يكن هناك فرو علي أمس... حسناً لن أنام الليلة لأعرف من هو صاحب هذه الشعيرات"

جهزت نفسها بسرعة ووضعت الطعام للوبوس وغادرت المنزل بركض كي لا تقابل أوناي، لكنها رأته في الطريق وقد كان يلوح لها، تخطته وتوقفت بعدها لتتنفس لتجد أوناي يقف بجانبها، لذلك استغربت من سرعته.

تحدث أوناي ببرود "لا بد أنكِ تواجهين مشكلة معي... أتساءل لماذا!؟"

زفرت كريستل أنفاسها لتتلفظ "لا إطمئن لا أواجه مشكلة معك أنا فقط مزاجية باختيار الأصدقاء"

رفع أوناي حاجبه بعدم تصديق ليتلفظ "إذاً لماذا تتجاهلين تحياتي وتتجاهلين النظر لي رغم أننا جيران وزملاء في المدرسة وقمتِ بمساعدتي ذات مرة و قمتِ بمقلب علي!"

نظرت له كريستل ببرود مصطنع لتتلفظ "حسناً سأرد لك التحية ولن أقوم بمقلب مرة أخرى هل أنت راضٍ الآن!؟"

أطلق أوناي ضحكة ليصرح "بالطبع فلا أريد أن تحقد علي ساحرة تكفيني مشاكلي"

شهقت كريستل بتفاجؤ لتتحدث بغضب "ماذا تقصد!؟"

كتم أوناي ضحكته وأكمل سيره فقامت كريستل بصفع رقبته من الخلف وركضت هاربة.

تأفف أوناي وتمتم "طفلة بكّاءة" ثم استمر بالسير....

دخلت كريستل الصف بينما تلهث وما أن جلست على مقعدها رمى لها أوناي ورقة من جديد ففتحتها بملل فقد اعتادت على سرعته لتجد محتواها "حمقاء لقد تبعثر شعركِ لأنكِ ركضتِ"

نظرت له بعبوس غاضب لتصرّح "ليس من شأنك!"  ثم رَمَت الورقة بوجهه ليقوّس أوناي فمه بغضب ويتحدث "شريرة! الحق علي أنا من لفتت انتباهكِ على حماقتك!"

شهقت كريستل لتصرّح "أنا حمقاء يا ذو الوجهين!؟" مزقت ورقة من دفترها وكوّرتها لتقذفها على أوناي بقوة.

ثم أخذ الآخر يرمي عليها كرات الورق، ليدخل الأستاذ ويراهما بحالة حرب الورق المكوّر.

صرخ لهما "توقفا!!" لكنهما لم يهتما واستمرا برمي الورق لذلك استدعى المدير، دخل المدير للصف وأمسك بيد أوناي قبل أن يرمي الورقة، فنظرت له كريستل بصدمة لتتمتم "يا للهول!"

رفع المدير إحدى حاجبيه "أتعلمان من سينظف الصف في نهاية الدوام!؟"

زفر أوناي ليتلفظ "أنا والحمق_ أقصد كريستل"

أومأ له المدير ليتابع "ومن سيعتذر من الأستاذ لأنه أفسد حصّته!؟"

تنهدت كريستل فتحدثا بوقت واحد "نحن آسفان" نظرا لبعضهما بغيظ

ليتفوه المدير "آمل أن لا تكررا هذا مرة أخرى وإلا ستنظفان الحمامات في المرة المقبلة"

خرج المدير ليكملا الحصة بهدوء ولكن خلف هدوء الصاخبين أفكار خطيرة...

انتهى الدوام وجلَب عامل المدرسة أدوات التنظيف لكريستل وأوناي.

فضّلت أن تبدأ بتنظيف قضبان النافذة، وأوناي يلتقط الأوراق المكوّرة السابقة، نظر لها بينما تنظف ليتمتم "لست أنا من أستسلم!" ليتجه شيئاً فشيئاً نحو باب الصف.

وخلال ذلك سقطت أول حبة مطر لتتبعها الكثير من قطراته فشهقت كريستل لتتحدث "لوبوس!! يا إلهي ستكون خائفة الآن!!"

استدارت لترحل لكن أوناي خرج بسرعة من الصف وأقفل عليها الباب.

صرخت به "لا أوناي إفتح لي!! أوناي أرجوك إفتح قطتي تخاف المطر يجب أن أذهب إليها أرجوك!!"

وأوناي في الخارج يكتم ضحكته ويتلذذ بالإنتقام.

أخذت تضرب الباب بقبضتها بقوة وتصرخ "أوناي أرجوك إفتح!!!"

حدثها أوناي من خلف الباب ببرود "لن أفعل"

حاولت كريستل فتح الباب بتعويذة لكنها فشلت تماماً،نظرت للمطر في الخارج لتجده يشتد أكثر ويلحق به البرق، لا يمكنها الفرار من المكان فلم يسعها سوى أن تبكي، إنها تكره ذلك ولكن دموعها تحبس نفسها لوقت طويل وتخرج في المكان الخطأ.

صرخت بقوة "أرجوك إفتح قطتي تحتاجني أرجوك!!"

إتسعت عينا أوناي عندما سمع صوت شهقاتها، لسبب مجهول كره نفسه على هذه الفعلة، فتح لها الباب ليراها تحاول أخذ أنفاسها من بين الشهقات

اقترب إليها بقلق وتحدث إليها لكنها لم تجبه، عانقها بعفوية ليتحدث "أنا_ أنا آسف"

دفعته كريستل عنها لتصرخ من بين أنفاسها "إبتعد عني أنا أكرهك!!" خرجت تركض بأقصى سرعة للمنزل ولكنها لم تعلم أنها تركت ذئب محطم ورحلت.

طأطأ أوناي رأسه في الأرض ليهمس بغضب "لكني قلت أني آسف!... لماذا قلتِ هذا!؟"

تنهد ليمسك أدوات التنظيف وأخذ ينظف المكان لوحده.

أما عند كريستل

فعندما فتحت باب شقتها بحثت عن لوبوس في كل مكان لكنها لم تجدها، همست بشهق "أين من الممكن أن تكون يا إلهي" أخذت تردد إسمها لكنها لم تأتي.

مسحت دموعها لتتحدث بخاطرها "أيعقل أنها عادت لأمي... حسناً ستعود مرة أخرى أنا متأكدة ولن أدعها تذهب هذه المرة...."

للحظة شعرت بالذنب نحو أوناي، لقد قست عليه بكلامها لذا قررت أن تكتب رسالة اعتذار وتمررها أسفل بابه.

أخذت قلم وورقة وكتبت "أنا آسفة أوناي سامحني لم أقصد ذلك وأنا لا أكرهك يا صاح"

قامت بطيّ الورقة مرة واحدة واتجهت لمنزله لتلاحظ أن الباب مفتوح، كان الشيطان الملائكي على كتفها يخبرها أن تفعل شيء حيال هذا، مستحيل ان يترك أوناي بابه مفتوح هكذا، لذا لا بد أنه لص وعليها هي أن تنقذ الوضع.

دخلت ووجدت ثلاث غرف أمامها وأحدها موصدة الباب؛ إنه الباب الذي تسبب بكل تلك العدوانية بينهما منذ أيام.

لذلك بدأ الفضول يتلاعب بها وقررت أن تكتشف سر أوناي المخبأ خلف هذا الباب فهي ستلقي نظرة وستذهب بسرعة، وقفت على أطراف أصابعها ووضعت يدها على حافة الباب من فوق لتجد المفتاح فابتسمت باتساع لأنه اتضح أنها تجيد التخمين، فتحت الباب ودخلت الغرفة لتجد بها....