إبتسمي لعلَّ الحربَ تخجل

By nurse_author

188K 18.8K 21.7K

" ابتسمِـي لعل الحرب تخجل لعلّها من جمال ابتسامتكِ ترحل .." •••• حين بدأت الحرب العالميه الدولية الثانية في... More

المقدمة
|١| الرسالة المبلله بالدموع
|٢| قائد السريّه البريّه
|٣| حُمّى الحب
|٤| نجمي الساطِع
|٥| آلةُ الهارمونيكا
|٦|سأُحِبّك بدلاً عنّا كِلانا
|٧| طفلةٌ ممله
|٨| الوطن
|٩| أخي المفضل
|١٠| الجندي الأعمى
|١٢| جنديُّ ظلال الموت
|١٣| شريطُ الذكريات
|١٤| حبل النجاة
|١٥| قافلةُ الموت
|١٦| نيران الغضب
|١٧| برقية تهديد
|١٨| يا عيناي
|١٩| حين أموت
|٢٠| مهمة تخفي
|٢١| عرين الأسد
|٢٢| الشريحة
|٢٣|الهجوم المضاد
|٢٤|حوليني إلى وردة
|٢٥| حقل الدماء
|٢٦|خائن
|٢٧|إبتسمي بأمان

|١١| حلمٌ دافئ

5.5K 650 1.6K
By nurse_author


**

توسّعت عينا هاري بدهشة وهو يرى مدى ثبات الجندي سيباستيان رغم ان سلاحا يوجّه امام جمجمته ، وكان غير مسلح بالاضافة الى انه اعمى ' فأكمل سيباستيان كلامه وهو يدير رأسه يميناً ويساراً يحاول تقدير مدى الصمت المحيط بهما لينفث ساخراً

" ماذا فعلت بالجندي الذي أرسلتُه الى الخارج ؟ "

همس هاري بإبتسامةٍ واسعه

" إنه يرقد بالقرب من جانبك الأيسر "

إبتلع سيباستيان ريقه وقال بتوتر واضح

" انت مجنون ، جنودنا قد قبضوا على جنودكم ، نحن نملك الجانب الأقوى في هذه الجزيرة ، أنكم كفئران تحاول مقاتلة اسود "

قال هاري بتملل وهو يسحب العكّازه من يدا سيباستيان رغماً عنه ويرميها بعيدا

" إنك ثرثار أيها الأعمى "

" هل تنوي ان تختطفني ؟ .. انت لا تعرف من انا .. "

" ولكنك تعرف من انا ، أليس هذا صحيحاً ؟ انني فأر التجارب الذي عذّب به الباحث هاك دون رحمه .. انا ذلك الجندي الذي تركَ رسالةً غرامية لمحبوبته يعِدُها فيها بأنه سيتزوج بها ما ان يعود ، ولكن كيف لي ان أعود إليها وانا لم انتقم مِمن سلب مني إنسانيتي وطموحي ورغبتي بالعيش ؟  "

اكتفى هاري دردشة فقام بإحاطة ذراعه حول رقبة سيباستيان الذي شعر بإرتباك رغم انه لم يقاوم او يصرخ البته ، بل قام بالانصياع لهاري الذي يوجه سلاحا امام رأسه .

مشى هاري وهو يرغم سيباستيان على مماثلة خطاه وسط مراقبة المتدربين لهما بصمت وترقب ، تفاجئ هاري برصاصة كادت تصيب قدمه ليضطر الى الاختباء  خلف اقرب شجرة يجرُّ سيباستيان معه وهو يهمس بغيظ

" سحقاً ! اخبرني أين ذلك القناص ؟! "

انبطح المتدربين مذعورين فقال سيباستيان بهدوء مبتسماً بهزو وهو يتصبب عرقاً بسبب ذلك المسدس الموجه نحوه

" هل نسيت بأنني اعمى عاجز ؟ كيف لي ان اعرف ؟ .. "

أغمض هاري عينيه بعصبيه ومن ثم اخرج رأسه يحاول اكتشاف مكان القناص المختبئ ولكن طلقة مسرعه اخترقت ساق الشجره مما جعل هاري يختبئ مجدداً يشتم وهو يتنفس بتسارع .

" أظن انك قتلت جندياً اخر ، فهذا القناص هو الجندي المسؤول عن حمايتي "

" اصمت .. "

" بإشاره واحده .. سيموت رفاقك الجنود .. "

" لن التفاوض معك ، ان انتقامي أهم من المتدربين الحمقى ، انك تحاول عبثا "

" هل انت متأكد من إجابتك النهائيه ؟ "

وضع هاري المسدس أسفل ذقن سيباستيان يقول بلهجة غاضبه وقد نفذ صبره

" لست في موقف يسمح لك بطرح الأسئلة "

رغم التعب الواضح في عينا سيباستيان ولكن نبرة الوعيد طغت على تعبه حين قال جاداً

" إياك ان تنسى هذا اليوم يا هاري ريدج .. انه يومٌ لن ينسى بالنسبة لك مهما حاولت إخراجه من بئرِ ذكرياتك "

بقي هاري مختبئاً لا يملك خطةً مدروسه ، لوهلةٍ شعر بأنها نهايته ، هناك قناص ينتظر ويترقب خروجه ليرديه قتيلا ، وهدوء من في الخيام يثير ريبته ، لا يستطيع الهروب ولا يستطيع حتى إستجواب احد الأطراف المتسببه بسرقة كليته وتعذيبه .. ولكن لم يجد سوى حلّاً واحداً ، وهو ان يرتجل !

سرعان ما نهض من مكانه وهو يستخدم الجندي سيباستيان درعاً له بينما كان يوجه السلاح في وجهه قائلا بلغة ألمانيه وبصوت عالي

" أخرج من مكانك أيها القناص  .. وإلا أرديتهُ قتيلاً ! " 

لم يدرك هاري أن جندياً خلفه يوجّه سلاحه نحوه ينتظر أمر إطلاق الرصاص ، ولكنه قبل ان يسمع الأمر سقط قتيلاً خلف هاري

والذي التفت مذعوراً عن سبب موت جندي ألماني خلفه  وكيف لم يلاحظ وجوده خلفه .. توقع  بأن ثيّو هذه المره لم يرحل تاركا هاري خلفه مجددا كسابقته ..

كان مشغولاً بالتحديق خلفه وغفل عن القناص الذي يتربصه ، وبسبب محاولة سيباستيان الهروب وهو يتفلّت من ذراع هاري أخطئ القناص العدو بالتصويب نحو رأس هاري ولكنه أصاب كتفه بدلا عن ذلك  .

فسقط كلاهما معاً ، أراد سيباستيان استغلال الفرصه والهروب ولكن إصرار هاري كان اكبر من ذلك الألم الذي يشعر به

يعلم بأن كل شيء سينتهي ان مات ، وايضاً ان هرب منه سيباستيان ، احد مفاتيح معرفة الخفايا والغموض التي يحتاجها ، كان هروب سيباستيان والموت نفس الشيء بالنسبة له .

كان المتدربين ينظرون اليه بحزن شديد ، أملهم الأخير بالهروب ، قد أصيب ، ومصيره الموت وهم مدركون بأنهم سيموتون كذلك ، في أسوء الحالات سيعذبون بهم الألمان قبل قتلهم .

هاري ريدج يعلم بأنه اصبح مكشوفاً للقناص ، وبأن الموت يقف أمامه تماماً ، تسارعت نبضات قلبه واغمض عينيه منتظراً ان  تثقب الرصاصة رأسه ، ولا زال يمنع سيباستيان من الهروب رغم نزيف كتفه .

صرخ سيباستيان ساخطاً وهو يحاول الإفلات موجها كلامه للقناص

" كدت ان تقتلني أيها الأحمق !! "

فقام بمحاولة النهوض يرفع ذراع هاري بكل ما أوتي من قوه يقول ساخراً

" لن اسمح لك بالموت ، لا زلنا بحاجة الى جسدك أيها الفار ، فأنت تملك ما يخصنا "

ليفلت نفسه بصعوبة وينهض رغم التعب والدوار اللذان اجتاحاه ..فوقف امام هاري الذي يشعر بالوهن والألم .. يقول

" دون ان تعلم شيئا ، كونك على قيد الحياة هي اكبر مساعده تعطيها لنا نحن كجنود وشعب ألمانيين "

سرعان ما إستدار يبحث بيديه عن عكازته وإذ به يتفاجئ بيد وضعت عكازته بين يديه وصوتها الأنثوي ظهر حين قالت

" سيدي ، لمَ لم تطلب من الملازم الاول مساعدتك على التخلص من هذا الجندي الصغير ؟ انه لا يزال غاضبا في الخيمه ، يقول بأنك قد قللت من احترامه لنفسه ولقدراته "

كانت تلك الممرضه ، نفث سيباستيان بسخريةٍ أبرزت كاريزما حاده تحوم حول هالته السوداوية ، وكأنما إبيضاض عينيه زاده هيبة ، فمسح عن غبار كتفيه قائلاً

" انه فقط يرغب بالتدخل بشؤوني كي يظهر امام قادتي بمظهر ملازم مغوار وشجاع " 

أغمي على هاري ريدج طريح الارض ، ولم يستيقظ سوى على رائحة دخان القطار الذي وجد نفسه على متنه ، كان مربّطاً في غرفةٍ صغيره محكمة الإغلاق  بجانبه نافذه وكان مستلقٍ على أريكه غير مريحه  ، و صوتٌ شبه هامس ، دافئ ورقيق دفعه الى فتح عينيه الخضراوين بصعوبة

" هاري .. استيقظ "

يدٌ ناعمه مسحت على شعره ، وانفاسٌ دافئه داعبت أذنه ، واستمر ذلك الصوت الهامس بقوله 

" حبيبي .. لقد وعدتني بأنكَ ستعود سالماً إلي ، وبأنك ستنثر ربيعك في قلبي ، ولكنك لم تنثر فيه سوى الألم "

توسعت عينيه دهشة ما إن رأى ملامح وجهها وهي تحدق فيه بكل انوثه وجمال تقول باستياء بينما كانت جالسة على حافة السرير ترتدي ثوبا بنفسجي حريري وطويل ، بينما شعرها الأصهب مربوط كذيل حصان .

" انها الظهيره ولا زلت نائماً ، ما خطبك ؟ "

نظر حوله بدهشة ، انها غرفة هيلدا القديمه والتي كانت مفتوحة النوافذ دائماً ، لانبثاق منها أشعة الشمس ولكي يكون هاري قادراً على تسلق السور والدخول بسهوله،  نهض من على سريرها الوردي مذهولا وسط أستغرابها من تصرفه .

كان هو يرتدي زيه العسكري ، وشعره البندقي مسرّح بجانبيه ، كان يشعر بشعور غريب ، وكأنه يعي بان هذا حلم ، ولكنه كان يحدق فيها مدهومشا غير مصدق .

أراد لمس وجهها ليتأكد ، فرفع يده نحوها وضم وجنتها بيد مرتجفه يقول بخيبة امل وهو يتأمل عينيها التي تلخص معنى السلام

" لا اشعر بلمستك يا هيلدا "

ابتسمت برقّه تقول وهي تضم باطن يده الرجولية براحة يدها البيضاء

" لأنني من نسج خيالك .. لذا انهض من أحلامك وواجه واقعك يا حبيبي ، رفاقك يحتاجونك ، وانا انتظرك بفارغ الصبر "

زفر بضيق وقال حين فاجئها بوضعِ رأسه فوق حضنها يغمض عينيه وهو يعقد ذراعيه معاً حول صدره

" إنني متعب يا هيلدا .. اليوم كان اول حلم دافئ اعيشه بعد كوابيس ، سأواجه واقعي المخيف لاحقا بعد ان انام .. "

إبتسمت حتى برزت أسنانها البيضاء فمسحت بهدوء على شعره تمرر أصابعها حول خصلاته الناعمه ، كان وقتاً مشمساً ودافئ ، قامت هيلدا بغناء ترنيمة لينام هاري جيدا ، وشعر بالأمان والاطمئنان ، نسي للحظات ان الحرب قائمه واختار النوم بسلام ورأسه فوق حضن هيلدا .  

اغرورقت عيناه المغمضه  بالدموع ولكنها تمردت تعانق وجنيته مروراً من فوق جسر انفه حتى انزلقت ولامست أذنه . .

نهض وهو يرمش لتتساقط دموعه العمالقه في محاجر عينيه التي تسببت بإحمرار عينيه الجميلتين البائستين  وهو ينظر حوله بضيق . لا يدري مالذي فعل بنفسه ليصل الى هذه الحال ، مالذي استحقه ليصيبه كل هذا العذاب ؟

لا زال شابا ، بينما وجعه مسن وثقيل . كانت أقصى امانيه هو ان يتزوج من امرأة أحلامه وان يجنب طفلةً تشبهها ، أراد ان يستيقظ على راحةِ طعام شهي في منزله الخاص به هو وعائلته الصغيره ، ينهض من على السرير والدفئ يغمره .

ولكن الحرب تواصل سلبه كل ما يشعره بالرغبة بالعيش ، تجرده من إنسانيته او ما تبقى منها ، ولم يستفد منها سوى مشاعر الحقد الدفين ورغبة الانتقام . والألم المرير وً الوحده والجوع .

لوهلة شعر بالندم ، ندمُ عدم استغلاله لفرصة عيشه ، والفرصة لوجود هيلدا بجانبه ، تلك التي تجعله يتشبث بما تبقى من أسباب عيشه وً بذكرياته الدافئة .

وجد نفسه في نفس تلك المقطوره  الباردة ، كان القطار يمشي بسرعة قصوى مرورا من الاراضي الألمانية التي تغطيها رقاقات الثلج ،حيث انه لا زال شهر ديسمبر قد حل لتوه ، وبرودة الجو جعلت عظام هاري  ترتجف.

نهض بصعوبة ولاحظ بأن قدميه مربوطه وجانبي كتفه تحت إصابته ، بينما كتفه المصابه قد عولجت .. هناك سبب يدفع هؤلاء الألمان الى عدم قتله وتضميد جراحه ، سبب يجعل عدم معرفته قشعريرة تسري في أرجاء جسد هاري .

فُتح باب المقطوره وأول ما رأته عينا هاري كانت عكازة حديدية ، ليرفع رأسه محدقا بالجندي سيباستيان الذي ابتسم بلباقه قائلا

" شكرًا لانك أتيت على قدميك ، كنت أخطط للبحث عنك ، اوه بالمناسبة كيف هربت من المشفى ؟ "

صرخ هاري وهو يحاول فك قيده بعنف

" أقتلني! .. لا اريد العودة الى هناك ! .. "

ضرب سيباستيان عكازته على الارض مرتين وبعدها قال بلغة انجليزية ولكنها ذات لكنة ألمانية

" تؤتؤ .. هذا ليس عادلاً ، ان تموت بسلام بينما رفاقك من يتعذبون احياء ، كما انك ثمين بالنسبة لنا يا هاري ريدج ، قتلك ممنوع "

وخرج بعدها تاركا هاري مغمضاً عينيه بتعب يهمس

" يا الهي إرحمني ، أرجوك . لا اريد العودة الى هناك ، لا اريد .. "

فقال بصوتٍ مبحوح ومرتعش وهو يتكئ ينظر بحزن ناحية زجاج النافذة يراقب بذعر هادئٍ هطول الثلج اثناء مرور القطار السريع ..

" هيلدا .. انا أسف لأنني أواصل نثر الخريف في قلبك ..  ولكن أتعلمين ان الشتاء يُنثر في قلبي انا  ؟ .. قلبكِ يذبل ويجف بينما قلبي  يتألم ويتجمد .. كلانا يعاني ولكن في فصول مختلفه في دواخلنا .. "

مرّت ساعة وهو يترقب الوصول مذعوراً ، حتى غفى من شدة التعب والجوع .. ولم يدرك بأن القطار قد توقف ووصل الى وجهته ..


استيقظ مرعوباً من صوت احد الجنود الألمانيين الذين كانوا يشتمون  ، فتحت مقطورته ولم يستغرب من وجود جنديان مسلحان خلف سيباستيان الذي لا يبدد ابتسامته اللبقه المخيفة حتى حين قال

" لقد وصلنا الى مشفى هونبيرد للأبحاث ، سأعيدك الى قفصك وأذهب "

قال هاري بارتباك رغم التعب الواضح في ثنايا عيناه .

" لمَ ستأخذوني وحدي ؟! .. ماذا عن رفاقي المتدربين ؟! ماذا فعلتم بهم ؟! "

تثائب سيباستيان بغير اكتراث وقال

" لقد تركتهم في حال سبيلهم ، لأن الباحث هاك من طلب هذا مني "

توسعت عيناه الخضراوان دهشة وتفاجئ يقول

" لماذا سيطلب منك شخص عديم الإحساس والإنسانية مثله شيئاً كهذا ؟! "

" انها مكافئةٌ لفأره المفضل ، لانك عدتَ اليه دون ان تسبب مشاكل ، فقد طلب مني ان اترك الجنود الصغار لانه لم يعد يحتاجهم بعد الان "

همس هاري وهو يهز رأسه نافيا

" انا لست فأرا ، انا إنسان ! "

حاول النهوض دون جدوى يقول برجاء للجندي سيباستيان

" سأكون فتى مطيع ، اخبره ان يتركني انا أيضاً ، لا اريد العوده .. أفضل الموت على رؤية معطفه الأبيض الملطخ بدماء رفاقي ،  ووجهه المجعد مرة اخرى .. لا اريد حتى ان انظر الى عيناه التي تفتقد الى الحياة "

استدار سيباستيان وراقب هاري ظهره وهو يبتعد وآخر ما قاله هو

" انه قدرك يا هاري ريدج ، خذوه الى المشفى "

فاقترب الجنديان من هاري ، احدهما يفك وثاقه والآخر يوجه سلاحه في رأسه .. وما ان فُك وثاقه ليدفعهما عن طريقه ويخرج من المقطوره وهو ممسكٌ كتفه المصابه ، لا يكترث ان اردوه قتيلا او لا ، وبينما كان يصطدم بأبواب المقطورات من الدوار الذي اجتاحه..

حاول الخروج من احد الأبواب التي تؤدي الى الخارج ولكنه تفاجئ بالجنود ينتظرون قدومه دون ان يدركوا انه هرب .

وقبل ان يلحظو وجوده  .. تراجع الى الخلف بحذر ، ما ان التفت ليجد مقطورة تلك الممرضة ذات الشعر الأسود والعيون الزرقاء مفتوحه ، وسرعان ما دخل يغلق الباب خلفه فالتفتت اليه مرعوبه ، ولكن ما لبثت تحدق فيه بهدوء ومن ثم قالت بصوت منخفض بقلق وهي تراقب الدماء تقطر على الأرضية

" أنت تنزف " 

تنفس بتثقال وهو يرفع إصبعه امام شفتيه يرجوا منها التزام الصمت ، فأدركت بانه هارب ، لتومئ له بطاعه ومن ثم همست

" اعرف مكاناً للاختباء "

فتقدمت نحوه مما جعله يتراجع بتوتر ، ابتسمت بلطف ومدت يدها تمسك بذراعه تكمل كلامها

" انا أيضاً أتمنى الهروب منهم ، انت تعلم بأنني ممرضة بريطانيه ، وهذا يعني بأنني اعمل لديهم رغماً عني ، لقد اختطفوني وقتلوا الجنود الذين كنت أعالجهم  " 

سحبته خلفها وأجبرته على الاستلقاء على السرير تهمس مبتسمه كالملائكه

" انا أعدك ، بأنني لن اسمح لهم بأن يمسكوا بك ، ثق بي ، انت ابن بلادي ، ليقتلوني قبل ان يؤذوك ايها الجندي الشجاع هاري ريدج "

سرعان ما قامت بتغطية وجهه ما إن فتح احد الجنود مقطورتها يقول بغضب وهو ينظر حوله

" هل رأيتِ الأسير البريطاني ؟! لقد هرب لتوه "

أعتصرت قبضتها حتى أبيضت راحتها تقول بابتسامة ساخره مبتذلة ومصطنعه

" أنتم عاجزون عن الإمساك بجندي مصاب ، لا عجب ان بلادكم تخسر هذه الحرب "

كلماتها كانت من العيار الثقيل ، وعيناه لا يسبر غورهما ، ليتوجه نحوها ويضربها بمؤخرة بندقيته لتسقط على السرير بجانب هاري الذي تمالك نفسه ان لا ينهض ليدافع عنها ، لم يكتفي الجندي من ضربها بسلاحه ، بل أمسك بشعرها بخشونة وسط تأملها يجبرها على الوقوف قائلا ببرود

" لولا سيباستيان لكنتِ جثة هامده يا إيميلي ، يبدو انه هائمٌ بغرامك لهذا السبب يمنعنا من قتلك ، ولكن يوماً ما يا إيميلي ، سأكون قادراً على وضع رصاصتي في جمجمتك "

لم يحتمل هاري هذا الوضع ليكشف نفسه من أسفل الغطاء ويغلق فم الجندي وبلحظة خاطفه اصبح خلفه يخنقه ببطء وو يهمس

" الان لن تكون قادراً حتى على العيش "

سقط الجندي صريعا امام الممرضة إيميلي ليأخذ هاري سلاحه وينحنى على ركبته أمامها وهو يفحص جرح جبينها النازف قائلاً بأسف

" انا أسف ، لنعُد الى الوطن آنسه إيميلي ، حيثُ كرامتك لن تهان ، حيث هناك جنود سيحمونكِ من تلك النيران "

مسحت دموعها تبتسم وأمسكت بذراعه لتنهض بصعوبه ، أغلق باب المقطوره بإحكام ليكسر النافذه بالسلاح ويساعدها على الخروج اولاً ،  وحين وطئت قدميها الارض المتكدسه بالثلج أفلت يديها فقالت بخوف

" هاري ريدج ! لا تتركني هنا وحدي "

نزل هو الاخر بعد ان سمع صوت ارتطام بالباب يعلن اكتشاف أمرهما ..وأمسك بكتفيها يقول بهدوء رغم ارتجاف جسده من شدة البرد والنزيف الذي لا يتوقف ، والذي عكر بياض الثلج بإحمراره وهو يقطر بسخونته على الثلج البارد

"  هيلدا ، يجب ان تهربي اولاً ، سوف أقوم بتشتيتهم كي يتسنى لكِ الاختباء "

قالت بصوتٍ متعب وهي تنظر حولها بخوف

" ربما سيموت كلانا هنا ، لذا لا اريدك ان تناديني بإسم لا ينتمي لي هاري ريدج "

أمسك بيدها ودفعها لتصبح خلفه ، فقام بتلقيم سلاحه وهو يتراجع الى الخلف بحذر وقال مازحاً

" أنتِ تذكرينني بزوجتي  .. ربما سيموت كلانا هنا لهذا  أردت مناداتها بإسمها للمرة الاخيره..رغم انها ليست بجانبي ولكن نطق وسماع إسمها يهدئ من روعي قليلا  "

فالتفت نحوها قائلا بإبتسامه جانبيه.

" أهربي .. إيميلي "

فقالت بصوت مرتعش توشك عل البكاء وأنفها احمرّ من شدة البرد 

" ماذا عنك ؟ سيعذبون بك يا هاري ريدج "

تنهد بإبتسامه قائلاً

" إن هذا قدري الذي أواصل الهرب منه ، لا تقلقي فأنا فأرهم المفضل ، لن يقتلونني "

فأدارت ظهرها ليتطاير شعرها بفعل الرياح البارده فركضت بأقصى سرعه لديها تاركة هاري ريدج يختبئ خلف القطار مترقباً بقلب مسن مذعور متجاهلا نزيف كتفه الذي يفضح وجوده .

تفاجئ بجندي يشهر سلاحه من النافذه ينوي اخبار البقية بمكان هاري ، ولكن هاري تدارك الوضع وأطلق رصاصة في رأسه أجبرت الطيور على الهروب من أعشاشها وسط الأشجار .

سرعان ما تراجع هاري الى الخلف لأن إطلاقه الرصاص قد كشف أمره ، فتفاجئ بجندي اخر يرفع سلاحه في وجهه .

ما إن رفع هاري يديه مستسلما .

ليتفاجئ بالممرضة إيميلي ترمي صخرة على رأس الجندي ليسقط امام أقدام هاري الذي ضحك من شدة ارتباكه . 

فهرب كلاهما معاً ، وكان احد الجنود قد اخبر سيباستيان بشأن هروب إيميلي وهاري ريدج معا ، كان قد جن جنونه من الغضب وسقط على مؤخرته يضم رأسه هامسا بعد صراخ هيستيري 

"  إيميلي لا ترحلي .. لا تتركيني هنا وحدي " 

وقف أمامه الملازم ديفيد يقول برسمية وبدى غاضباً

" كان عليك التفكير بشأن هروب هاري ريدج ، ماذا سنخبر قادتنا؟! ، من يكترث بشأن ممرضة قد هربت ؟ سنجد لك اخرى ، ولكن ماذا بشأن هاري ريدج ؟! " 

" ليذهب هاري ريدج الى الجحيم ! لقد اختطف ًإيميلي ، استعيدوا إيميلي وقوموا بقتل هاري فوراً ! "

" انت لا تفكر بعقلانية ، هاري ريدج سيغير مصير بلادنا ، وليس ممرضة تافهه ، سيقوم الجنود بقتل الممرضة وإستعادة هاري .. لن يطيع احد أوامرك وانت بهذه الحاله يا سيباستيان "

ثم أشار بابتسامة نصر للجنود قائلاً

" قوموا بحبس سيباستيان في غرفته ريثما نحل هذه المشكله " 

التقطوا عكازة سيباستيان وقاموا بسحبه معهم رغماً عنه وهو يصرخ راجياً

" ديڤيد ! أرجوك لا تمس ًإيميلي بأذى ! أرجوك ! "

خرج الملازم ديفيد الى الميدان ومعه ٢٠ جندياً مسلح ضد جندي مُصاب وإمرأه ! 

كان هاري يركض بصعوبه بسبب إصابته فسقط أرضاً فتوقفت ًإيميلي وهرعت نحوه مذعوره تحاول مساعدته على الوقوف ليدفعها وسط دهشتها وتسقط على الارض  قائلا بصوت مبحوح وهو يتنفس بتثاقل

" كان يجب ان تهربي اولاً ، انا اعرقلك ! "

نهضت وحاولت مساعدته على الوقوف تقول بحزم

" أنا لن أتركك .. فأنت لم تتركني ، كيف لي ان اهرب وحدي ؟! "

صرخ هاري بعصبيه في وجهها حين لم يستطع النهوض

" حباً بالله فالتذهبي !! لقد فعلت العديد من الأمور الشنيعه في حياتي ، اريد ان يكون إنقاذي لك اخر عمل جيد افعل قبل ان تسحبني ظلال الموت ، اذهبي هيلدا "

ضحكت رغم سقوط دموعها التي لامست وجنتيها الباردتين  تقول

" انك خائف لهذا ذكرت اسم زوجتك ، هاري ريدج ، اما ان تنهض او سنموت معاً "

حاول النهوض ولكنه قام بالصراخ من شدة الألم فقالت بقلق وهي تنهض

" سأبحث عن حبل أستطيع ربطك وسحبك فيه ، لا تفقد وعيك حسناً ؟ "

أغلق عينيه بتعب ، وقام بفتحمها وانتظر مجيئها ولكنها تأخرت ، فأغلق عينيه مستسلماً ، أغمي عليه ، لتغطي جسده الثلوج بسبب العاصفة الثلجية ..

عادت ًإيميلي تبحث عنه بذعر وهي تنادي بإسمه بينما الحبل بين يديها ، فتح عينيه ولا يرى سوى نصف جسدها أسفل الثلج الذي يغطيه ، أراد مناداتها لتعرف مكانه ولكن صوته لا يخرج

وإذ برصاصة تخترق صدرها الأيمن فسقطت على ركبتيها متوسعة العينين ، حينها خرج صوت هاري وهو يصرخ حتى انتفخت اوداجه

" لا !!! "

فخفضت ًإيميلي رأسها ببطء تنظر الى دماءها التي تخرج مصدومه ..

نهض هاري يزحف نحوها وهو يعض شفته السفلية من شدة الألم ودموعه اختلطت بالثلج الذي تجمد في وجهه ..

ما إن وصل اليها لتتلعثم  بصوت مرتعش

" هاري .. لقد .. لقد جلبت الحبل "

نهض بصعوبه رغم تجمد أطرافه يبتسم بحزن وهو يساعدها على الاستلقاء ورأسها على حضنه قائلاً

" احسنتِ ، انتِ فتاة يعتمد عليها "

ارتجف جسدها ليحني رأسه باكياً ،  يهمس بحزن ودموعه تتساقط على وجنتها

" إيميلي انا آسف .. انا آسف .. لو لم تهربي معي ما كان هذا ليحدث  " 

فقالت بصعوبه وهي تبتسم وعيناها الزرقاء تكاد تنطفئ .

" هاري ريدج ، انا لست نادمه على الموت هكذا .. لطالما خفت ان اموت وحيده ولكنني لست خائفه بعد الان ، لأنني لا احتضر وحدي في زاوية موحشه ومظلمه في زنزانة ما ، انني اموت بجانب جندي من جنود وطني ، انا فخوره بأن جنديا سيتذكرني ، سيتذكر بأنني لم انصاع للأعداء  "

مسحت دموعه بأصابع مرتجفه تهمس

" وطنك ، رفاقك ، زوجتك .. بقاءهم وفناءهم يعتمد على ما في داخلك يا هاري ريدج .. لا تسمح لهم بأخذ تلك الـ- "

لم تكمل كلامها لان نور عيناها قد انطوى ، كانت ستقول شيئا سيساعد هاري بمعرفة احد مفاتيح المعرفة ، ولكنها قد ماتت بين ذراعيه وسط هذا الصقيع دون ان يعرف احد الغاز هؤلاء الألمان ..

لم تمضي سوى دقيقه على موت ًإيميلي ليسقط هاري بجانبها مغمياً عليه ، فاقترب ٤ من الجنود بحذر من هاري ليتأكدوا انه غير قادر على مقاومتهم ، وقبل ان يستطيعوا لمس جسده بأسلحتهم ليتأكدوا وأذ بأربعتهم يسقطون أمواتا امام هاري النائم .

انبطح البقية وبعضهم يقفون مدهوشين ليصرخ الملازم مرعوبا  يختبئ وهو يوجه بسلاحه باحثاً عن القناص المجهول

" هناك قناص يقف بجانب هاري ريدج !! هناك قناص يحمي الهدف !! احموا رؤوسكم "

قبل ان يكونوا قادرين على حماية رؤوسهم قام القناص الغامض بقتلهم جميعها واحدا تلوى الاخر ..

كان يختبئ فوق الشجره ممسكا بقناصته المصبوغة ، مغمضاً عينه اليمنى وبعينه الاخرى ينظر الى عدسة قناصته

وبفمه علكة ينفخها ما ان يحدد الهدف ويقوم بتفجيرها ما ان يفجر رأس العدو الذي يقترب من هاري .

كان ذو بشرة بيضاء ويملك عينان زرقاوان ، يملك شامه فوق شفته اليمنى و ًشعره البني محلوق ولكنه يرتدي قبعه سوداء . وزي عسكري شتوي.  

فقال ضاحكاً بسخريه  وهو يراقب هروبهم من المكان مذعورين

" هل يظنون بأن هروبهم بهذه الطريقه سيمنعني من إصابتهم ؟ لقد إستهانوا بي ، جوشوا ؟ ما رايك ان تلقنهم درساً أيها الكئيب ذو المتفجرات المتنقله ؟ "

التفت مستغرباً من عدم رد رفيقه ولم يجده بجانبه كما يفترض ان يكون فتنهد بتملل قائلاً

" سوف يفجر الجميع دفعة واحده ولن يعطيني فرصة لقنصهم باحترافية ، كعادة هذا الجندي الكئيب ،  مختلف عني بكل شيء ! كم يثير غيظي " 

نزل رفيقه من فوق الشجره يمشي بحذر ، كان يرتدي زياً عسكري بريطاني ويرتدي خوذه عكس ذلك الأحمق القناص الذي لم يكترث بهذا الشأن ، خوذته كانت تخفي شعره البندقي الحريري ، كما انه هو الاخر يملك عينان زرقاوان كجوهرةٍ نادره ، وبشرةٍ بيضاء ووجهاً بيضاوي ، ملامحه بريطانيه فذّه .. يضع بين شفتيه الورديتين سيجارةً غير مشتعله .

ليخرج قنبلة صغيره كانت معلقة على خصره ، رمى سيجارته ارضاً ومن ثم قام بتقبيل القنبله و رمق الجنود الألمان ببرود يقول

" فجريهم يا عزيزتي "

ليركض نحوهم يرمي قنبلته بخفه بينما كانت هناك خلفه دبابه حربيه تطلق الرصاص من فوهتها بشكل جنوني وتبيد الجنود .

ليفتح مارك فمه بدهشة يحاول التعبير عن مدى غيظه من جوشوا وصاحب الدبابه بسبب الفوضى التي تسببا فيها ولكنه لم يستطع التعبير بل اكتفى بفتح فمه وهو يراقب افعالهما .

ليهمس بغيظ وهو ينظر الى التفجير الذي يحصل 

" هذا الكئيب .. وذلك المجنون ، افسدا متعتي! انهما يدمران بهمجيه !  "

مات جميع الجنود ال٢٠ على يد القناص مارك الذي ييلغ من العمر ٢٨ 
، هذا القناص الذي لا يكترث سواء اكانت الحرب قائمه ام لا ، يستمتع بكل لحظه ويضحك متى أراد ، شخصيه ساخره كوميديه يطغي عليها الحنان واللطف .

ومفكك القنابل الذي يحمل قنابل .. جوشوا الذي يصغر مارك بثلاث سنوات . عمره ٢٥ .. شخصيته سوداويه وسلبيه اغلب الاحيان .. هو عكس مارك في كل شيء تقريباً ! انسان تغلب عليه العاطفه ولكنه ينال نصيبه من القوة والعزم .

ودبابه خرج منها جندي واحد  يكبر الآخران فهو بال٣٠ من عمره ، فهو الاخر مجرد جندي شاب بريطاني ، ما ان خرج من الدبابه ليتحدث بثقه وهو يرفع سلاحه بينما مشط من الطلقات يحيط بذراعه 

" كان هذا عجيباً ! نحن اروع من ان نعيش في كوكب الارض الا توافقانني ؟ "

شفتيه ممتلئان ، وفكّه حاد ، يملك عيون خضراء داكنه ولكمن حنونه رغم انها تعطي انطباع الغضب ..

العصبي الملقّب بالمجنون هو توم ميرڤ استراتيجي قذائف .. دائماً ما يمدح نفسه ، هو اجدر شخص بلقب صاحب الولاء . فهو يملك ولاءً عظيم لقادته الكبار .. شخصيه واثقه على الرغم من حماسه المفرط في ميدان القتال .

ظهر الملازم الألماني من مخبئه يهدد الثلاثيْ بقتله لهاري ريدج الذي لا زال مغمياً عليه يصرخ في وجوههم وهو يوجه سلاحه في مؤخرة رأس هاري
بلغة ألمانيه غير مفهومه بالنسبه لهم ..

التفت الجندي توم نحو جوشوا الذي يرمق الملازم بحقد وقال

" جوشوا ، ايها الطفل ! ماذا يقول هذا الحثاله ؟ هل يهدد بقتل هاري ريدج ؟ "

أومئ له جوشوا وهو يقول بإبتسامةٍ جانبيه سوداويه هازئه

" هذا الحثاله .. لن يلمس شعرةً من هاري ريدج مجدداً .. نحن هنا لنحرص على هذا "

فرفع يده فجأه وكانت اشارةٌ للقناص مارك .. لتخترق رصاصته جبين ذلك الملازم الذي سقط بجانب هاري .

كان القطار قد اكمل طريقه ، ومن تبقى من الجنود الالمان بالإضافه الى سيباستيان قد فرّوا .

إستيقظ هاري بتثاقل ليجد نفسه متكئاً على شجره اوراقها قد تساقطت ولم يتبقى منها سوى اغصان عاريه .

ليجد امامه ثلاث جنود خلفهم دبابه  حربيه .. وجنود موتى .

نظر بتفاجئ لجرحه .. وقد عولج .. وهناك ثلاث سترات فرو تغطي جسده !

فأيقن ان هؤلاء الثلاثه هم من انقذوه من مصيره المحتوم .

رفع يده المصابه بصعوبه وألقى التحية لهم يقول بصوتٍ متعب

" الجندي هاري ريدج .. من السريه التدريبيه .. لم أتطوع بعد .. هل انتم فقط من قاموا بهذه الفوضى ؟ اين بقية سريّتكم ؟ "

ضحك مارك رغماً عنه ليركل جوشوا ساقه بإنزعاج .. فقال توم مبتسماً بلطف في وجه الفتى

" نحن اعضاء السريّه الحربيه .. ينقصنا واحد ولكنه مشغول .. لذا قمنا وحدنا بهذه الفوضى بدونه .. سوف ينزعج إن علم "

فابتسم الاخران بينما هاري كان مدهوشاً يقول بتلعثم

" هذا المكان يبدو كما لو أنه قتال بين جنود متكافئين .. "

مسح مارك جسر انفه يقول وهو يشعر بالإطراء

" لقد تم إعطائنا مهمة انقاذك لأننا ذوي قدرات ومهارات تكافئ ٢٠ رجل "

فقال جوشوا بقلق وهو يراقب ساعة يده بنفاذ صبر

" من المفترض أن تصل الطائرة  بحلول دقيقتين .. لقد تواصلت معهم لا سلكياً وقالوا بأنهم في طريقهم الى هنا "

تحدث هاري وهو ينظر حوله

" اين هي .. اين ايميلي ؟ "

إقترب منه جوشوا وربت على رأسه يبتسم بدفئ قائلاً

" لا تقلق بشأنها .. سوف نأخذها معنا "

خفض هاري رأسه بخزي يهمس

" لا يليق بشخصٍ مثلي أن يصبح جندياً .. لم أستطع حتى حماية إيميلي .. كيف سأكون قادراً على حماية وطن ؟! " 

رفعوا رؤسهم ما إن سمعوا اصوات المروحيات في كبد السماء .

وما إن انخفضت الطائره لينزل من على متنها تيموثي الذي ينظر حوله بإرتعاب من تلك الجثث المتكدسه فوق بعضها .. وخلف ثيو الذي يمسك بيده يخفف من ذعره وهو ينظر حوله يحاول تمييز مكان هاري .

ما إن نزل براد وإذ بالجثث تستقبله وسرعان ما قام بالعوده الى الطائرة يمنع هيلدا من الخروج قائلاً بلهجه آمره

" الجثث في كل مكان ، لن اسمح لكِ بالخروج "

تنهدت بتملل تقول

" براد .. لم أعد طفله .. لقد تأقلمت على هذه المشاهد منذ ان اصبحت ممرضه "

فقال بقلق وهو ينظر الى الجثث التي عكرت بياض الثلج

" ولكن .. إن شعرتِ بالذعر نادي بإسمي .. "

أومئت له بإنزعاج فتركها تنزل لو لم يستوقفها الجنرل كيڤين الذي وقف أمامها قائلا بجديه

" هل تظنينَ نفسكِ قويه ؟! "

عانقت أنامله خاصتها وسط تحديقة براد الهازئه وسحبها خلفه ينزل الدرج بغطرسه بينما هيلدا تضع يدها على قلبها وهي تنظر الى الجثث .

ما إن لمحت هيلدا هاري المتكئ على الشجره لتفلت اصابعها عن كيڤين الذي نفث بسخريه يراقب توجهها نحو هاري وقال

" هل تركت يدي للتو ؟ .. هل فقدت عقلها ؟ كيف لإمرأةٍ ان تتجاهل جمالي الأمريكي وتفضّل بريطانياً احمق ومغطّى بالدماء النتنه ؟ "

سرعان ما عانق تيموثي هاري وهو يكاد يبكي من شدة فرحته يقول وهو يراقب وجهه المتعب

" لماذا ؟ لماذا فعلت هذا بنفسك ؟! لماذا تواصل التضحيه ايها الأحمق ؟! لم يمت احد منا بفضلك ولكن انظر الى حالتك .. لقد عانت بما فيه الكافيه يا صديقي "

إتكئ هاري برأسه على الشجره مغمض العينين يستمع لعتابات تيموثي التي لا تنتهي .. وكان سعيداً لاول مره لسماع تلك العتابات . بينما ثيو يراقبه بابتسامه واسعه دون ان يكون قادراً على سؤاله ان كان حقاً بخير ام لاً.

شعر هاري بيدانِ دافئتان  تضمّان وجهه ، وما إن فتح عينيه ليرى هيلدا جالسه امامه مباشرةً تراقبه بإستياء ممتزج مع اريحيه ..

سرعان ما عانقها بلطفٍ مغمض العينين يتنهد براحه .. ويهمس

"  هيلدا .. هيلدا .. "

لتقول هي بإبتسامة رغم الدموع التي تنذرف من عينيها الجميلتين وهي تبادله العناق بينما تمسح على شعره برقّه ولطف غير مصدقه لسماع صوته المبحوح مجدداً.

" ظننتُ أنني خسرتكَ مجدداً  .. أرجوك كفَّ عن نثر الحزنِ في قلبي يا هاري ريدج .."

_____

- مساحه لله

- انطباعكم عن الفصل بشكل عام ؟

- وش فهمتوا من التلميحات بالفصل ذا ؟

- وش رايكم بالثلاثي مارك جوشوا تؤم 😂❤️ هذولا ابنائي بالتبني ☹️💙💙 وش انطباعكم عنهم ؟

- افضل مشهد ؟

- كلمة او جمله تحزن ؟

- موقف بحزن لهاري ريدج ؟

- انطباعكم الحالي عن الروايه ؟

اتمنى تتفاعلون (: ❤️ مع السلامه .

Continue Reading

You'll Also Like

995K 66K 36
انتصف المسرح ووقف أمام منصة المايكروفون بينما يحافظ على هدوء اعترفت لنفسي انه قطع شوطاً كبيراً في قدرته على اتقانه وتقمصه! شبكت كلتا يداي أحدق اليه...
3.6K 206 9
اللعبة ما تزال في أوجها الجنون يتواصل دون هوادة و معركة الدهاء بعيدة عن النهاية صراع بين أكثر من عقل فلما ستكون الغلبة؟
418K 27K 36
انا السَيدُ جُيون ، السَيد الذي اُئتُمِنَ عَلى حَريمِ مَولاهُ و غَضَّ عَلى بَصرِه عَنهُنَّ سِواك ~ آمنتُ بِمقولَةٍ حَللها عَقليَ قَبل القَلب { مَن خَ...
Lelice By جيمي

Historical Fiction

15.7K 1.2K 29
علاقتنا علاقة زمن طويل روبي اعرفكِ منذ كنتي في الثامنه لقد غبت عنكِ كثيراً هل سوف تسامحيني لغيابي اثنتا عشر عام ؟ جيون جونكوك روبي ماكبرايد